بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد فقال المؤلف رحمنا الله واياه الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام الاتمان الاكملان على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. وبعد فان كتاب الورقات في علم اصول الفقه للشيخ الامام العلامة. صاحب التصانيف مفيدة امين معالي عبد الملك الامام الحرمين كتاب صغر حجمه وكثر علمه. وعظم نفعه وظهرت بركته وقد شرحه جماعة من العلماء رضي الله تعالى عنهم فمنهم من بسط الكلام عليه ومنهم من اختصر ذلك ومن احسن جروحه شرح شرح شيوخنا العلامة المفيد. جلال الدين ابي عبدالله محمد بن احمد. المحلي الشافعي. فان كثير الفوائد والنكت وقد اشتغل به الطلبة وانتفعوا به الا انه لفرط الايجاز قارب ان يكون من جملة الالغاز فلا ايبتدى لفوائده الا بتعب وعناية. وقد ضعفت الهمم في هذا الزمان وكثرت فيه الهموم والاحزان. وقل فيه المساعد من الاخوان فاستخرت الله في شرح الورقات بعبارة واضحة منبهة على نكت الشرح المذكور وفوائده بحيث يكون هذا الشرح شرحا للورقات وللشرح المذكور. ويحصل بذلك الانتفاع للمبتدئ وغيره ان شاء الله تعالى ولا اعدل عن عبارة الشيخ المذكور الا لتغييرها باوضح منها قول زيادة فائدة. وسميت قرة العين بشرح ورقات الحرمين. والله سبحانه هو المسؤول في بلوغ المأمول وهو حسبنا ونعم الوكيل. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذا الكتاب ما دعاه الى الاعتناء بشرح الورقات في علم اصول الفقه لابي المعالي الجويني فان كتابه موصوف بصفات مذكورة في قول المصنف كتاب صغر حجمه وكثر علمه وعظم نفعه وظهرت بركته. فاجتماع هذه المعاني الاربعة دعا المصنف الى شرحه فانه صغير الحجم كثير العلم. عظيم النفع ظاهر البركة. والمراد بظهور البركة حصول الفتح به لمن دخل علم اصول الفقه من بابه فان من تفتح تعلمه بكتاب الورقات سهل رحمك الله. سهل عليه فهم هذا الفن والكتب التي تواطأ اهل العلم على اتخاذها جادة في تحصيل العلم هي الجديرة بالاهتمام مهما كان فيها من خلل او خلاف الراجح ومن جملة هذه الكتب هذا الكتاب كتاب الورقات لابي المعاني الجويني. وقد اغرب الدلجي في كتاب الفلاكة والمفلوكون بنفي هذا الكتاب عن ابي المعالي الجويني. فذكر ان كتاب الورقات ليس للجويني وعلل ذلك بشيئين اثنين. احدهما خلوه من عبارته الفائقة المعروفة عنه وتانيهما مخالفته لكتاب البرهان في اصول الفقه للجويني فلاجل هذين الامرين يرى الدلجي انه ملصق بالجويني ابتغاء في هذه فان الجويني امام مقبول في هذا الفن. فالصق به هذا الكتاب ليروج ويقبل. وهذا الذي اليه الدلجي في كتاب الفلافة والمفلوكون من الغرابة بمحل فانه لم يزل اهل العلم متواطؤون على نسبته الى ابي المعالي الجويني وقد شرحه جماعة من قدماء الشافعية منهم ابو عمرو ابن الصلاح وهم اعرف بكتب اصحابهم بل اشبه ان الكتاب له. وقد كثرت الشروح على هذا الكتاب. بسطا واختصارا. ومن احسن شروحه شرح المحلي المعروف بشرح الورقات فهو كتاب مع وجازته كثير الفوائد والنكت الا انه موجز جدا حتى شبيها بالالغاز التي لا يهتدى لفوائدها الا بتعب. فلما اقترن ذلك بضعف الهمم وقلة المساعدين استخار المصنف ربه في شرح الورقات بعبارة واضحة ضمنها شرح المحل الا احرفا يسيرة ولم يعدل عن عبارة المصنف وهو الجانب المحلي الا في مواضع قليلة. غيرها باوضح منها او زادها فائدة وبذلك يحصل الانتفاع للمبتدئ وغيره كما قال المصنف. واهل العلم انما يصنفون رجاء انتفاع الخلق بكتبهم فهم يحولون ويغيرون ويزيدون وينقصون باعتبار نفع الخلق. وهذا كان محل العناية فيما سلف واما اليوم فتحولت الاحوال فصار من الخلق من يطول العبارة ليتضخم الكتاب فيزداد سعره اعظم ربحه ولا ريب ان هذا بمنأى عن النية الصالحة في التأليف والتصنيف. فما اكثر تأليف المتأخرين وما اقل بركتها وما اقل تآليف المتقدمين وما اكثر بركتها. وانظر الى هذه المختصرات التي لزمها اهل العلم في الابتداء بالفنون كالورقات في اصول الفقه والاجر الرامية في النحو ونظائرها وقابلها بما اكثر منه المتأخرون من التأليف. تجد البون الشاسع في البركة بين كلام هؤلاء نعم. ولنقدم التعريف للمصنف على سبيل الاختصار فنقول هو شيخ الامام رئيس الشافعية واحد اصحاب الوجوه وصاحب التصانيف المفيدة. ابو المعالي عبدالملك بن الشيخ ابي محمد عبدالله بن يوسف بن محمد الجويني لضم الجيم وفتح الواو وسكون الياء المثناة التحتية وبعدها نون. نسبة الى جويم وهي ناحية كبيرة من نواحي يلقب بضياء الدين ولد في المحرم سنة تسع عشرة واربع مئة. وتوفي بقرية من اعمال نيسابور يقال لها اشتقال ليلة الاربعاء الخامس والعشرين من شهر ربيع الثاني سنة ثمان وسبعين واربع مئة وجاور بمكة والمدينة اربع سنين يدرس العلم ويفتي فلقب بامام الحرمين. انتهت اليه رئاسة العلم بني صبور. وبنيت له المدرسة النظامية وله تصانيف التي لم يسبق الى مثلها تغمده الله تعالى برحمته. واعاد علينا من بركاته امين. قال المصنف رحمه الله تعالى ترجمة لطيفة مصنفي المتن المشروح وهو ابو المعالي الجويني فذكر من اوصافه انه احد اصحاب الوجوه والمراد بذلك انه ممن عرف بتخريج الوجوه في مذهب والمراد بالوجه المخرج هو ما يستنبط من كلام امام المذهب ولا يؤخذ منه تصريحا وانما يستخرج استخراجا بان يلحق فرد بنظيره او يقاس على غيره. فما كان كذلك سمي وجها وسمي مخرجه من اصحاب الوجوه وفي الشافعية جماعة من هذه الطبقة منهم الصخر والجويني والبلخي وابن ابي هريرة في اخرين ووراء هؤلاء طبقة دونهم. واصحاب الوجوه يعدون من المجتهدين في المذهب هم قد بلغوا اجتهاد لكن اجتهادهم مخصوص في المذهب. ذكر هذا المعنى ابن الصلاح في فتاويه وابن حجر الهيثمي في فتاويه الكبرى وختم المصنف ترجمته بقوله واعاد علينا من بركاته. والمراد بها البركة الفعلية لا البركات الذاتية. ومن البركات الفعلية العلم الذي ورثه. فان العلم مبارك وقد ورث الجويني كتبا في الفقه والاصول عظيمة النفع. نعم. قال المصنف رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم. اصنف وكذا ينبغي ان يجامع متعلق التسمية. مما جعلت التسمية مبدأ له يقدر الاكل بسم الله اكل والقارئ بسم الله يقرأ فهو اولى من تقديره ابدأ لافادته تلبس الفعل كله بالتسمية وابدؤوا لا يفيدوا الا تلبس ابتدائي وتقدير متعلق متأخرا. لان المقصود الاهم البداءة باسم الله تعالى فادت الحصر وابتدى المصنف ذكر المصنف رحمه الله تعالى من ما يتعلق ببيان معنى البسملة ان ذات فعل يتعلق ببيان معناها فان الجار والمجرور يفتقران الى ما يبين معناه والمبين لمعناه هو الفعل او ما كان ملحقا به كاسم الفاعل. كما قال الناظم لا بد للجار والمجرور من تعلق بفعل او معناه ونحو مرتقي وقد بين المصنف ان متعلق الجاد بالمجرور هنا فعل قدره بقوله اصنف ورجح وجه تقديره بهذا الفعل بقوله وكذا ينبغي ان يجعل متعلق التسمية مما جعلت التسمية مبدأا له اي من الشيء الذي جعلت التسمية مبدأ له في قدر الاكل بسم الله اكل والقارئ بسم الله اقرأ فهو اولى من تقديره ابدأوا وعلل ذلك بقوله لافادته تلبس الفعل كله بالتسمية وابدأ لا يفيد الا تلبسا ابتدائه فذكر ان المرجح لجعل الفعل مناسبا لما جعلت التسمية مبدأا له انها اذا قدر بذلك فقيل بحق المصنف باسم الله اصنف وفي حق الاكل بسم الله اكل وفي حق القارئ بسم الله اقرأ افاد ذلك تلبس الفعل كله بالتسمية فطول اكله يكون متلبسا بالتسمية وطول تصنيفه يكون متلبسا بالتسمية وطول قراءته يكون متلبسا بالتسمية بخلاف اذا قدر بابدأ فانه لا يفيد الا وجود التلبس بالتسمية في الابتداء فقط دون تمام الفعل. ثم بين ان هذا المتعلق متأخر وليس متقدما فيكون فعلا متأخرا وعلل ذلك بشيئين اثنين احدهما ان المقصود الاهم هو البداءة بسم الله. فاذا قدم الفعل فصار اقرأ باسم الله واكل بسم الله فهذا المقصود والاخر ان تقديم الجار والمجرور يفيد الحصر. فاذا قلت بسم الله ابدأ فانك قد قدمت ما حقه التأخير ويكون ذلك مفيدا للحصر كما هو معلوم في علم المعاني. وعلى هذا فالاولى في تقدير متعلق بسم الله الرحمن الرحيم هو ان يكون فعلا خاصا متأخرا فيتصف بثلاث صفات احدها انه فعل لا اسم لان الاصل في الاعمال الافعال والثاني انه فعل خاص اي مناسب الفعل الذي جعل التسمية بين يديه فان كان اكلا صار اكل وان صار تصنيفا صار اصنف وان كان قراءة صار اقرأ والثالث انه متأخر للامرين الذين ذكرنا. نعم. وابتدى المصنف بالبسملة اقتداء بالقرآن العظيم. وعملا في حديث كل امر ذي بال لا يبدأ فيه بسم الله الرحمن الرحيم فهو ابتر. رواه الخطيب في كتابه الجامع بهذا اللفظ بالبسملة عن الحمدلة اما لانه حمد بلسانه وذلك كاف او لان المراد بالحمد معناه لغة وهو الثناء بسملة متظمنة لذلك او لان المراد ذكر الله كما في رواية مسند الامام احمد كل امر في بال لا يفتتح بذكر الله فهو ابتر او قال اخطأ على التردد. وقد ورد الحديث بروايات متعددة. قال النووي وهو حديث حسن بعد ان بين المصنف ما سلف من معنى بسم الله الرحمن الرحيم مقتصرا على بيان متعلق الجاد والمجرور الحكمة من ابتداء المصنفين بالبسملة فذكر ان المصنف ابتدأ بالبسملة لامرين اثنين اولهما الاقتداء بالقرآن العظيم وتانيهما العمل بحديث كل امر ذي بال لا يبدأ فيه بسم الله الرحمن الرحيم فهو ابتر. ما معنى الاقتداء القرآن الكريم سم صار مهوب اقتداء بالقرآن الكريم اقتداء بالصحابة اه ايه وعلى كل الاثنين لا يصح. انت وصلت للنتيجة وقولهم اقتداء بالقرآن الكريم الاقتداء بالقرآن الكريم وباحد شيئين اما ان يكون اقتداء به في تنزيله او اقتداء به في تدوينه. فاما تنزيله فانه ليس اول النازل باسم الله الرحمن الرحيم وانما اول النازل ايش؟ اقرأ باسم ربك الذي خلق. واما الاقتداء بتدوينه فان المصحف لم يكن على هذا النحو في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وانما وقعت كتابته في عهد ايش؟ الصحابة رضي الله عنهم يكون الدليل هو الاقتداء بمن؟ بالصحابة رضي الله عنهم في استفتاح كتابتهم القرآن الكريم ببسم الله الرحمن الرحيم. واما الدليل الثاني وهو الحديث المذكور فقد اخرجه الخطيب في كتاب الجامع لاخلاق الراوي واداب السامع بسند ضعيف جدا وروي هذا الحديث بالفاظ اخرى امثلها كل امر ديبال لا يفتتح الحمد لله وقد حسنه ابن الصلاح والنووي بهذا اللفظ. والصحيح انه لا يثبت وان الصواب فيه مرسل فالحديث على درجتين من الضعف احداهما كل امن ديبال لا يفتتح بذكر الله او بالحمد فهذا ضعيف. ودرجة الثانية لا يبدأ في بسم الله الرحمن الرحيم فهذه شديدة الضعف بل شبيهة بالوضع. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان الجويني اكتفى بالمسألة عن الحنبلة فلم يحمد الله سبحانه وتعالى بعد التسمية. وذكر له اعذارا ثلاثة اولها انه حمد بلسانه وذلك يكفي عن كتابته وثانيها ان يكون مراده بالحمد معناه لغة وهو الثناء. والبسملة متضمنة للثناء فاغنت عن اعادة التصحيح بالحمدلة وما ذكره في تعريف الحمد لغة متعقب بان الصحيح ان الحمد هو ها احمد يعني دخلتنا في آآ شوي تبي لها سرح الذكر والوصف اخبار الاخبار عن محاسن المحمود مع حبه وتعظيمه. هذا هو معناه السالم للمعارضة كما شيخ الاسلام ابن تيمية في مناظرته مع ابن المرحل وكذلك تلميذه ابن القيم في بدائع الفوائد فهو الاخبار عن محاسن المحمود مع حبه وتعظيمه والبسملة من جملة الاخبار عن محاسن المحمود. وثالثها ان يكون المراد من الامر في الاستفتاح هو مطلق ذكر الله البسملة هي من ذكر الله فتغني عن الحمدلة واورد الرواية الثانية للحديث ولا تصح وبهذا التقرير على هذا الكتاب وبالله التوفيق