الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فقال المؤلف الحطاب الرعيني رحمنا الله واياه ثم عرف الجزء الثاني من لفظ اصول الفقه فقال والفقه الذي هو الجزء الثاني من لفظ اصول الفقه له معنى لغوي وهو الفهم ومعنى شرعي وهو معرفة الاحكام تميز التي طريق والدتها هذه. كالعلم بان النية في الوضوء واجبة. وان الوتر مندوب وان تبيت النية في الصوم وان الزكاة واجبة في مال الصبي غير واجبة في الحلي المباح. وان القتل بمثقل موجب للقصاص ونحو ذلك من مسائل الخلاف بخلاف ما ليس طريق الاجتهاد. كالعلم بان الصلوات الخمس واجبة. وان الزنا حرم والاحكام الاعتقادية بالله سبحانه وصفاته ونحو ذلك من المسائل القطعية فلا يسمى الفة ذلك بالقاء لان معرفة ذلك يشترك فيها الخاص والعام. فثقوا بهذا التعريف لا يتناول الا عند ولا يضر في ذلك عدم اختصاص الوقف. ولا يضر في ذلك عدم اختصاص الوافق على الفقهاء الوقف الوقف اي نعم يعني من وقف وقتا على الفقهاء. ولا يضر في ذلك انه اختصاص الوقف على الفقهاء بالمجتهدين ان المرجع في ذلك للعرف وهذا اصطلاح خاص والمراد بالمعرفة هنا العلم بمعنى الظن. واطلقت المعرفة التي بمعنى العلم على الظن لان المراد بذلك ظن المجتهد الذي هو لقوته قريب من العلم. وخرج بقوله احكام الشرعية الاحكام العقلية. كالعلم بان الواحد نصف اثنين والحسية كالعلم بان النار محرقة والمراد بالاحكام في قوله معرفة الاحكام الشرعية. جميع الاحكام الالف واللام للاستغراق والمراد بمعرفة جميع الاحكام التهيؤ لذلك. فلا ينافي ذلك قول الامام مالك رضي الله عنه وهو من اعظم المجتهدين في اثنتين وثلاثين مسألة من ثمان واربعين مسألة سئل عنها لا ادري. لانه متهيأ للعلم باحكامها بمعاودة النظر. واطلاق العلم على مثل هذا التهيؤ سائق. سائر يرفى تقول فلان ان يعلموا النحو ولا تريد ان جميع مسائله حاضرة عنده على التفصيل. بل انه متهيأ لذلك تقدم ان المركبات الاضافية تعرف اولا باعتدال مفرديها ثم تعرف ثانيا باعتبار صيرورة ذلك التركيب لقبا بجملة من المسائل. وقد عرف المصنف رحمه الله تعالى الجزء الاول من المركب اضافي اصول الفقه. فعرف الاصل ثم ذكر مقابله وهو الفرع. ثم ذكر في هذه الجملة تعريف الجزء الثاني وهو الفقه. فقال والفقه الذي هو الجزء الثاني من لفظ اصول الفقه له معنى لغوي وهو الفهم والمعاني اللغوية مدخل لفهم الحقائق الشرعية والاصطلاحية. ومن هنا دأب اهل العلم على تقديم التعريف اللغوي وان كان غيره باعتبار الوضع اولى فان من اصول الفقه مثلا ينبغي ان يعتني بالنظر الى العلم الذي يدرسه بالحدود الاصطلاحية قبل اللغوية ومن يدرس الفقه مثلا ينبغي له باعتبار وضع الفن ان يدرس الحدود الفقهية قبل اللغوية. لكن لما كانت المعاني اللغوية للألفاظ مدخلا فهم تلك الألفاظ في الحقائق الشرعية والإصطلاحية درج اهل العلم على وتقديم التعريف اللغوي ليتوصل به الى الشرعي والاصطلاحي بتحقق وجود مناسبة بينهما فان كل لفظ اصطلاحي او شرعي له تعلق بالوضع اللغوي. ذلك ان هذا الدين عربي فالشريعة عربية كما قرره الشاطري تقريرا بسط القول فيه في كتاب الموافقات. فلما كانت هذه الشريعة عربية لزم ان تكون حقائقها الشرعية واصطلاحات علمائها في فنونهم مبنية على تلك اللغة فبين ان معنى الفقه في لسان العرب الفهم. وهذا احسن ما قيل في معناه لغة. ثم اتبعه ببيان معناه الاخر. فقال ومعنى شرعي وهو معرفة الاحكام الشرعية التي طريقها اجتهاد اذا اعطني ما ذكر والمعاني الشرعية يشترط ان تكون تلك الحقائق موجودة في الشرع. فنقول الصلاة شرعا والصيام شرعا. والحج شرعا. ولا نقول انه شرعا. واصول الفقه شرعا نحو شرعا بل نقول التجويد اصطلاحا واصول الفقه اصطلاحا والنحو اصطلاحا. لان قول شرعا يلزم ان تكون له حقيقة شرعية وقولنا اصطلاحا يلزم ان تكون له حقيقة اصطلاحية او صناعية يعني باعتبار صناعة العلم. والناس يخلطون بين هذا وهذا وهو من الغلط في العلم كما بينه. ابو زكريا ابن فارس في في الكتاب الصاحب وكذلك شيخنا بكر ابو زيد في كتاب المواظعة في الاصطلاح. واذا كان كذلك فاذا كان حقيقة شرعية فانها ينبغي ان تبين بحسب ما هي مجعولة له في الشرع. فمثلا قول من قال في حد الصلاة طبعا هي اقوال وافعال مخصوصة مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم على صفة مخصوصة. فان هذا المعنى الذي ذكره موجود في الشرع لكن قول المصنف الفقه شرعا معرفة الاحكام الشرعية التي طريقها اجتهاد هل هذا موجود في الشرع ام غير موجود غير موجود. والفقه شرعا هو الفقه شرعا هو ادراك خطاب الشرع والعمل به هو ادراك خطاب الشرع والعمل به. يعني قول النبي صلى الله عليه وسلم من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين يعني وفقه لماذا؟ للعلم والعمل. وليس فقط ادراك خطاب الشرع. وقد نقل ابن القيم رحمه الله تعالى هذا اجماع السلف على ان اسم الفقه لا يقع لاحد حتى يكون عاملا بما يعلم. ذكره في مفتاح دار السعادة وقد تقدم بيان هذه المسألة في مواضع عدة والمقصود ان تعرف ان الفقه شرعا هو ادراك خطاب الشرع والعمل به وحينئذ يكون ما ذكره المصنف شرعي ام اصطلاحي؟ اصطلاحي. فنقول الفقه اصطلاحا بحسب ما ذكره المصنف معرفة الاحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد. ومثل ذلك بقولك العلم بان النية في الوضوء واجبة وان الوتر مندوب الى اخر ذلك قال ونحو ذلك من مسائل الخلاف. اي التي طريقها الاجتهاد. فاسم الفقه لا يقع اصطلاحا الا على المسائل الاجتهادية. ولذلك قال المصنف بخلاف ما ليس طريقه الاجتهاد. كالعلم بان الصلوات الخمس واجبة وان الزنا محرم فهذا لا يدخل في حقيقة الفقه اصطلاحا. وهذا التقرير باعتبار اصطلاح الاصولية فالفقه عند الاصوليين يختص بالاحكام الاجتهادية بخلاف الفقه عند الفقهاء فان الفقه عند الفقهاء اسم يطلق على المسائل الاجتهادية وغير الاجتهادية. ويظهر الفرق بين انهما باعتبار ما ليس اجتهاديا. فمثلا الصلاة اعني الصلوات الخمس واجبة. هذا عند الاصوليين ثقة ام ليس بفقه؟ ليس بفقه لان المسألة غير يعني وعند الفقهاء فقه لانهم لا يشترطون شرط الاجتهاد طيب مسألة اخرى الوتر سنة عند هذا يسمى فقه عند الاصوليين ام لا يسمى تسمى لماذا؟ لانها مسألة وعند الفقهاء يسمى ايضا فقه. فايهما اوسع؟ فاصطلاح الفقه عند الفقهاء عند من؟ ام عند الاصوليين؟ عند الفقهاء لاستيعاب المسائل الاجتهادية غير الاجتهادية وحقائق الفنون يوضع في بيان حد كل منها الى اهله. واهل الفقه هم الفقهاء الاصوليون الفقهاء. يقول ابن عاصم في ملتقى الوصول يقول وكل فن فله مجتهد عليه في تحريره يعتمد. هذه المسألة نعتمد تحرير من؟ الفقهاء من اصوليين؟ الفقهاء. فقول الفقهاء اقوى الوجوه لكن المقصود ان تعرف ان الاصوليين خصوا الفقه باسم المسائل الجهادية. ثم قال المصنف والاحكام الاعتقادية اي بخلاف الاحكام الاعتقادية فهي معطوفة على قوله بخلاف ما ليس طريقه اجتهاد. فالاحكام الاعتقادية لا تسمى فقها قال كالعلم بالله سبحانه وصفاته ونحو ذلك من المسائل القطعية فلا يسمى معرفة ذلك فقها لان معرفة ذلك يشترك فيها خاص والعام فالاحكام الاعتقادية لا تسمى فقها باعتبار الاصطلاح لكن المصنف ذلك بقوله لان معرفة ذلك يشترك فيها الخاص والعام. وفي هذا نظر. وانما التعليل المعتد به هو ان الاحكام الاعتقادية تتعلق بالخطاب ايش؟ الخبري هو ان الاحكام الاعتقادية تتعلق الخطاب الخبري وان الاحكام الفقهية تتعلق بالخطاب الطلبي. فهذا هو موجب التفريق بينهما ثم قال فالفقه بهذا التعريف لا يتناول الا علم المجتهد على ما اختاره الاصوليون ولا يضر في ذلك عدم اختصاص الوقت للفقهاء بالمجتهدين لان المرجع في ذلك للعرف وهذا اصطلاح خاص. اذا اوقف امرؤ وقفا على الفقهاء فعلى قواعد الاصوليين يكون الفقهاء هنا من؟ ايش؟ المجتهدون فقط وهنا اسقط بيد الاصوليين. لماذا؟ لان الاصوليين عامتهم يقرروا ان الاجتهاد الكامل قد انقطع وانما بقي الاجتهاد المتجزئ فاذا لا يقع في هذا الوقت في احد بل اذا اوقف على الفقهاء انصرف الى احمد والشافعي ومالك ابي حنيفة وهم قد ماتوا فيكون لمن؟ لذريتهم. فيحتاجون يبحثون عن ذريتهم. والا يبطل هذا الوقت. فقالوا لا الفقهاء اذا اطلق في وقت لا يختص بالمجتهدين. قالوا لان المرجع في ذلك للعرف وهذا اصطلاح خاص. عرف من؟ لا عرف الفقهاء او في الفقهاء لان باب الوقف عند من؟ عند الاصوليين ام عند الفقهاء؟ عند الفقهاء والفقهاء ذكروا فانه اذا اوقف فعلى الفقهاء دخل فيه من يعلم المسائل الاجتهادية وغير وغير الاجتهادية. ثم قال والمراد بالمعرفة هنا العلم بمعنى الظن يعني في قولهم معرفة الاحكام قال المراد بها هنا العلم بمعنى الظن واطلقت المعرفة التي هي بمعنى العلم على الظن لان المراد بذلك ظن مجتهد الذي هو لقوته قريب من العلم. فقولهم معرفة الاحكام يشمل شيئين اثنين. احدهما العلم المتيقن والثاني الظن الغالب. لان الظن الغالب يندرج في جملة اسم العلم. فظن المجتهد لقوته جعل قريبا من العلم المعرفة تشمل هذا وهذا. الا ان هذا الحد يرد عليه ان العلوم تعرف باعتبار قواعدها لا باعتبار خارج عنها. المعرفة بالعلم تتعلق بقواعده ام بخارج عنه؟ المعرفة وصف من نصف العلم او وصف المتعلم اصول المتعلم يقول فلان له معرفة ولا نقول النحو له معرفة؟ فلان له معرفة المعرفة وصف متعلق بمن في المتعلم والعلوم تعرف باعتبار قواعدها لا باعتبار خارج عنها. فلذلك اذا اردنا ان نعرف المصطلح نقول معرفة التي يعرف بها القبول والرد ان نقول القواعد التي يعرف بها القبول والرد نقول القواعد ان نعرف العلوم باعتبار قواعدها باعتبار خارج عنها ومن جملة ذلك مما شاع عند المتأخرين. وصف الم تعلم بالمعرفة مثلا. فينبغي اضطراحه وهذا اللفظ من الحد. فينبغي ان يكون باعتبار ما تقتضيه صناعة العلم ان يقال الفقه اصطلاحا الاحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد. الا ان هذا يشكل عليه لان قولنا الاحكام الشرعية فيه الخبر والطلب فلا بد من قيد فلا بد ان نزيد فنقول الاحكام الشرعية الطلبية فالفقه عند الاصوليين الفقه اصطلاحا عند الاصوليين الاحكام الشرعية الطلبية التي طريقها الاجتهاد الاحكام الشرعية الطلبية التي طريقها الاجتهاد. والفقه سلاحا عند الفقهاء الاحكام الشرعية الطلبية ايش؟ نمسك الاحكام الشرعية الطلبية الاحكام الشرعية الطلبية لانهم لا يشترطون لا يشترطون الاجتهاد ثم قال المصنف رحمه الله تعالى وخرج بقوله الاحكام الشرعية الاحكام العقلية والاحكام الحسية. فخرج بهذا نوعان من الاحكام. هما الاحكام العقلية كالعلم بان الواحد نصف الاثنين والاحكام الحسية كالعلم بان النار محرقة والمراد بالاحكام العقلية ما عرف من قبل ايش؟ العقل وبالاحكام الحسية ما من طريق الحواس وهي الحواس الخمس وما الحق بها. وبقي من الاحكام الاحكام ها المنسوبة الى العرف. الاحكام العادية المنسوبة الى العرف. والاولى ان نقول الاحكام العرفية. فالاحكام اربعة اولها الحكم الشرعي. وثانيها الحكم العقلي. وثالثها الحكم الحسي ورابعها الحكم العادي من العرف العرف لماذا يا فندم تقدمت هذه المسألة ذكرنا لماذا؟ ما الجواب؟ احسنت لان العرف هو الوارد في خطاب الشرع. قال الله عز وجل خذ العفو وامر بالعرف. ولان العرف هو المستقيم بخلاف العادة فالعادة توصف بالقبح والحسن فيقال عادة حسنة وعادة قبيحة لكن العرض ما يقال عرف حزن وعرض قبيح ومن الفقهاء من سوى بينهما كما قال ابن عاصف في الملتقى والعرف ما يعرف بين الناس ومثله العادة دون بأس. والمختار ان العرف هو المقدم شرعا ولذلك انا اقول العرف محكم ولا نقول العادة محكمة لان العادة ليست محكمة الا بشروط عدة وضعها الفقهاء ولو انه قال العرفي ومحكم لا استغنوا عن هذه الشروط. فصارت الاحكام كم؟ اربعة. طيب قال قائل قد ظلمتم النحو واللغة لان ندرس الان المبتدأ مرفوع. هذا حكم او ليس بحكم. حكم ام ليس بحكم؟ لان الحكم اثبات لشيء لشيء او نفيه عنه فاين هذا؟ لابد ان تزيدوا فتقولوا الحكم اللغوي. ويندرج فيه النحوي. يسلمون ولا ما تسلمون؟ لماذا ما يسلم لماذا احسنت لانه يرجع الى العرف فانه النحو عرف قوم خاصين هم من؟ النحاة والصرف عرف قوم خاصين هم اهل الصرف علماء الصرف الصرفيون والبلاغة حكم البلاغة مثلا الاحكام البلاغة مثل المجاز الكناية وغيرها هذا حكم حكم عليها. هذا حكم مختص بمن؟ بعلماء البلاغة البلاغيون. فيكون راجعا الى هذا. ثم قال والمراد بالاحكام في قوله معرفة الاحكام الشرعية جميع الاحكام فالاف واللام للاستغراق. يعني جميع احكام الشرع ثم قال والمراد بالمعرفة التهيؤ لذلك. يعني ان يكون متهيأ لذلك. لان الفقه له طريقان اثنان احدهما فقه بالفعل وهو الاطلاع على مسائله والثاني فقه بالقوة القريبة من الفعل وهو التهيؤ لمعرفة الاحكام. طيب مثلا لو سألت الان مثلا احد الاخوان سألته عن حكم الوتر قال سنة. لقول النبي صلى الله عليه وسلم خمس صلوات في والليلة فدل هذا على ان ما زاد عن الخمس فهو سنة. هذا عنده فقه في الفعل او بالقوة القريبة للفعل طيب سألته عن حكم المرابح؟ فقال الان ما يحضرني لكن تبيني ابحثها؟ ارد لك جواب؟ ابشر عنده فقه ولا ما عنده فقه؟ عنده فقه بايش؟ بالفعل ام بالقوة القريبة؟ بالقوة القريبة اي التهيئ لذلك ولذلك اذا قيل معرفة الاحكام يعني اما بالفعل او بالقوة القريبة. قال فلا ينافي ذلك قول الامام مالك وهو من اعظم الفقهاء المجتهدين في اثنتين وثلاثين المسألة من ثماني واربعين المسألة سئل عنها لا ادري لانه متهيأ للعلم باحكامها بمعاودة النظر فهو اذا نظر فيها وبحث عنها ابدأ فيها قال واطلاق العلم على مثل هذا التهيؤ سائغ عرفا يعني يجوز عرفا تقول فلان يعلم النحو ولا تريد ان جميع مسائلهم هي حاضرة عنده على التفصيل بل انه متهيأ لذلك. والعلم بجميع مسائل العلوم متعذر ان النقص طبع الانسان. وقد ذكر ابو عبدالله الشافعي وابو زكريا ابن فارس الاول في الرسالة والثاني في الصاحب وابو بكر ابن خزيمة في صحيحه ان الاحاطة بالمنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم من الحديث متعذرة يدل على ان علما واحدا وهو علم السنة تتعذر الاحاطة به لواحد من الخلق كما ذكره هؤلاء الائمة. ومثله سائر العلوم فانه يتعذر الاحاطة بها تفصيلا. ولذلك فليس العالم شرطه ان يعلم جميع مسائل العلم. لان ايش؟ متعذر وانما شرطه ان يعلم جمهور مسائل العلم. يعني جمهور مسائل العلم اما بالفعل واما بالقوة القريبة من الفعل. واذا ادرك طالب العلم هذا اندفع عنه هم كبير فان من الطلبة من يذكر انه يدرس ويحصل ولكنه لا يرى اثار ذلك سريعا. وهذا من الغلط. فانه صار يطلب من العلم لا يتعلق بالفعل دون ما يتعلق بالقوة القريبة. واول ما يبتدأ بالطالب في العلم هو القوة القريبة دون الفعل. لان الفعل لا يكون الا بعد التهيؤ. فمبادئ الطلب تعينك على تحصيل التهيئ لذلك وما تمضيه فيه من حفظ واستشراح يهيئ لك الطريق لحصول القوة. ثم اذا تمادى بك الطلب وصلت الى علم وقد تمضي خمس سنوات او عشر سنوات في التهيؤ ثم تظهر عليك الآثار وهذا اشبه شيء بمن اراد ان يزرع ارضه فان من اراد ان يزرع الظن قام اولا بتنظيفها. ثم قام ثانيا بحراستها واستخراج ما يعلق فيها ثم قام ثالثا بحراستها مرة اخرى ليستعين بهذه الحراسة على الزرع ثم يقوم بعد ذلك بدر ثم يقوم بعد ذلك بالسقي ثم يقوم بعد ذلك بملاحظة الزرع وصيانته من الاثام ثم يخرج الثمر المرتبة ست حتى وصل الى الثمرة. فالعلم كذلك في تحصيله. فان الانسان يمضي فترة في التهيؤ. فاذا الى الفعل ظهرت اثار التهيج. ورجعت اليك تلك المسائل التي كانت طائعة منك. فهذا حال الطلب. ومن لم هذه الحقيقة ينقطع عن الطلب. فيظن انه قد امضى شيئا من وقته وما حصل. وهذا غلط. بل انت قد حصلت. لكن تحصيل باطن وليس تحصيلا ظاهرا. ومعرفة طريق العلم ومسلك اخذه مما يؤمن لك المسير به مما يقطعك عن الاستمرار فيه. ولذلك فان النصح للناس في هذا الباب هو من اهم المهمات. والتعرف اليه يا طالب العلم من اولى ما ينبغي ان تعتني به. واسترشاد اهله العارفين به هو العروة الوسطى واما من ينعت الطريق وهو لم يسلكها فانه بمنأى عن معرفتها. وهذا واقع كثيرا فان من تأثر اسم العلم لمنصب او اسمي عائلة او جاهل او رئاسة لا يصلح ان يكون مستشارا فيه. بل لا يصلح للاستشارة الا من امضى زمانه فيه وابلى عمره فيه وعرف باخذه كما قال عبد الله ابن عوف رحمه الله لا يؤخذ العلم الا عن من عرف بالطلب انتهى كلامه فلا تستطيع ان تنتفع بنعتناعك ولا وصف واصف الا رجلا سلف طريق العلم وعرف مآخذه ثمان هذا السالك ينبغي ان يكون عاقلا. فان من السالكين من يحصل لكن لا يكون له عقد. وقد اسف الفضاء رحمه الله على رجلين منهما رجل له علم وليس له عقل ذلك ان من له علم ولا عقل له يضر متعلمين وهذا تراه في اناس قد لبغوا اما في علم القراءات او في علم الفقه او في علم الحديث فاذا طلب منهم الارشاد قال ذلك المقرئ ابدأ بالشاطبية. فاذا قال الطالب انا اريد ان ابدأ بتحفة الاطفال قال تحفة الاطفال للصغار والبذلان وهذا من الجهل هذا شيء سمعته باذني لا اقول انه من مع الخيال ولعلكم سمعتم بعضا هذا من الجهل لانك ينبغي ان تنظر الى الناس باعتبار المبادئ لا باعتبار ما انتهيت اليه. فانت في المنتهى لك ولم تكن لك تلك القوة بالمبتدع. ولعلك ابتدأت بتحفة الاطفال. او ابتدأت بهداية الصبيان قبلها ايضا. واذا جئت الى الفقيه فقلت اريد ان اقرأ عليك احكام الصلاة او شروط الصلاة واركان واجباتها؟ قال هذه سهلة تفهمها من القراءة الكتب التي اكبر منها اقرأ في او بزاد مستقرع. فتذهب الفائدة على الطالب. او جئت الى المحدث فقلت اريد ان اقرأ عليك البيقونية او نخبة الفتن او الموقظة قال لا تتعرف المصطلح في هذا ولا تعرف الرواة واحوالهم واحكامهم بهذا ولكن نقرأ في الترمذي او وفي ابن ماجة وفي النسائي ونمر على قواعد المصطلح وبين احوال الرجال. وهذا نعت باعتبار ما انتهوا اليه. وهذا غلط. فانما ينبغي ان باعتبار مبادئ الامر. ودائما اقول لكم ايها الاخوان حاكموا قولي واقوال الناس في نعت العلم الى جادة العلماء السابقين. انظروا الى ما قيده العلماء السابقون في جادة العلم. وعملوا به فترسموه. فان اللاعب قد يخطئ باعتبار امر ما فيوقعك في الزلل. وهذا رأيناه وقد رأينا من كان يعيب الحفظ اي حفظ المتون نقول نحفظ الكتاب والسنة واذا به بعد ان انفق في العلم من عمره خمسة عشر سنة او يزيد واذا به يرجع الى حفظ المتون لان الامر كما قال لي الشيخ محمد بن سلمان ابن جراح واشار الى متنه قال قال لي احمد عطية اثري واشار الى متنه قال حفظ المتون ايش؟ يشد المتون حفظ المتون يشد المتون يعني يقصد المثون المعنوية واشار الى المتن الحسي تقريبا للمعنى. فرأى انه بعد ان امضى عمرا طويلا انه قد انفق في العلم وقتا لم يستفد منه لانه لم يأخذ العلم باصوله. ففاته من العلم بقدر ما ضيع منه تلك الاصول والمبادئ وبهذا ينتهي التقرير على هذا الكتاب