الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين قال المؤلف الحطاب الرعيني رحمنا الله واياه. والفقه بالمعنى الشرعي المتقدم ذكره. اخص ومن العلم بصدق العلم على معرفة الفقه والنحو وغيرهما. فكل فقه علم وليس كل علم فقهاء. وكذلك المعنى اللغوي فان الفقه هو الفهم والعلم المعرفة وهي اعم. والعلم في الاصطلاح معرفة المعلوم اي ادراك ما من شأنه ان يعلم موجودا كان او معلوما. على ما هو به في الواقع. سيجرى في الانسان اي تصوف بانه حيوان ناطق وكإدراك ان العالم وهو ما سوى الله تعالى حالف. وهذا الحج للقاضي ابي بكر الباقيان وتبعه المصنف بالتخفيف الباقلاني. وهذا الحج القاضي ابي بكر الباقلاني. وتبعه المصنف وفيه لو لان المعلوم مشتق من العلم فلا يعرف المعلوم فلا يعرف المعلوم الا بعد معرفة العلم لان المشتق مشتمل على معنى المشتق منه معنى منه مع زيادة وبانه غير سام لعلم الله سبحانه انه لا يسمى معرفة اجماعا. لا لغة ولا اصطلاحا. وبان قوله على ما هو به زائد لا حاجة اليه لان المعرفة لا لا تكون الا كذلك. فلما فرغ المصنف رحمه الله تعالى من بيان الاحكام الشرعية ذكر استطردة جرت العادة عند الاصوليين بذكرها. وهي ذكر ما بانواع الادراك ومبتدأها العلم فما دونه. والموجب لذكرها عندهم انهم اذا عرفوا الفقه ذكروا ما بينه وبين العلم من الفرق ثم ذكروا ما يتعلق بانواع المدركات وابتدأ المصنف رحمه الله تعالى بيان هذا بقوله والفقه بالمعنى الشرعي المتقدم وهو الاحكام الشرعية الطلبية فان الفقه هو الاحكام الشرعية الطلبية اتفاقا. وزاد الاصوليون شرط الاجتهاد بخلاف الفقهاء فانهم لا يشترطون ذلك. وهو بهذا المعنى اخص من العلم. لصدق العلم على معرفة الفقه والنحو وغيرهما فكل فقه علم وليس كل علم فقها. فالعلم يتعلق بجميع المعلومات. والفقه يتعلق بامر خاص من تلك المعلومات وهي الاحكام الشرعية الطلبية سواء المكتسبة او غير المكتسبة فالفقه بعض العلم وهو نوع من انواع المعلومات يختص بالوصف المتقدم ثم قال وكذلك ذلك بالمعنى اللغوي فان الفقه هو الفهم. والعلم المعرفة وهي اعم. وهذا ذكر لوجه ثان من الفرق بين العلم والفقه. وهو من جهة الوضع اللغوي فذكر ان الفقه في اللغة الفهم. واما العلم وباللغة المعرفة وهي اعم. والصحيح ان العلم في اللغة هو الادراك. اي بلوغ الغاية يقال علم الشيء اذا ادركه فيتحصن من هذا ان بين الفقه والعلم فرقين احدهما من جهة الاصطلاح والاخر من جهة اللغة على ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى. ويبقى بينهما فرق باعتبار الوضع الشرعي. فان العلم هو ادراك خطاب الشرع. واما الفقه فهو ايش؟ ادراك خطاب الشرع والعمل به. وقد نقل ابن القيم رحمه الله تعالى في مفتاح دار السعادة ان اسم الفقه لا يقع الا مع العمل. فالفقه علم وزيادة وهو واعلى درجة من العلم فقط. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى تعريف العلم والمراد به التعريف الاصطلاحي ولذلك قال والعلم في الاصطلاح اي في اصطلاح الاصوليين هذا المعنى الاصطلاحي معنى مشترك بين المتكلمين في العلوم العقلية. فسواء في الاصول او في طب او بالفلسفة مرده الى اصل واحد. وقد عرفه الجويني رحمه الله تعالى بقوله معرفة المعلوم على ما هو به في الواقع. فهو على الحد الذي ذكره الجويني رحمه الله تعالى. مركب من شيئين احدهما معرفة المعلوم وقد بينه الشارح بقوله اي ادراك ما من شأنه ان يعلم موجودا كان او معدوما وبعبارة واضحة هو المدرك الذي تعلق به العلم فهذا هو المعلوم هو المدرك الذي تعلق به العلم. والثاني ان تكون تلك المعرفة للشيء على ما هو به في الواقع اي على ما هو في الامر نفسه اي الحقيقة. معرفة الشيء على ما هو به في الواقع اي في الامر نفسه وهو الحقيقة. ومرجع هذه الحقيقة الى شيئين اثنين. احدهما الشرع والثاني القدر. الثاني الاول الشرع والثاني القدر فمثلا صلاة العصر اربع ركعات هذا معرفة المعلوم على ما هو به في الواقع القدر ام الشرعي؟ الشرعي السماء فوقنا والارض تحتنا هذا ادراك المعلوم على ما هو في الواقع في الشرع ام في القدر؟ في القدر. وهذه النكتة اللطيفة في هذا الحد قل من تعرض لها من المتأخرين. فانهم يذكرون على ما هو وفي الواقع ثم لا يبينون ما معنى على ما هو به في الواقع. وقد ذكر العطار في حاشيته على المحل شرح جمع الجوامع ان معناه على ما هو في علم الله. وهذا صحيح يمكن توجيهه في ان يقال على ما هو في علم الله الذي علمنا باعتبار القدر او باعتبار الشرع لان متعلق العلم هنا هو علمنا نحن هي معرفة واقعة لنا. ثم ذكر المصنف قال كادراك الانسان اي تصوره بانه حيوان ناطق اي جعل ذلك المدرك مقصودا بهذه الحقيقة وهو الحيوان الناطق وكادراك وكادراك ان العالم وهو ما سوى الله حادث اي موجد ليس قديما ثم ذكر المصنف الشارح ان هذا الحد للقاضي ابي بكر الباقلاني وتبعه المصنف وفيه دور ومعنى الدور ان يذكر في الحج ما هو من جنس المحدود ان يذكر في الحج ما هو من جنس محدود. وبعبارة اوضح لكم ان يذكر في التعريف ما هو من جنس المعرف ان يذكر في التعريف ما هو من جنس معرف. فالمعلوم من العلم. فحينئذ لا ينبغي ان يقال معرفة المعلوم لان المعلوم من العلم وانت تريد ان تعرف العلم فكيف تعرفه بشيء يتعلق به وهو لم يتبين وهذا قادح عنده في الحدود ثم قال وبانه غير شامل لعلم الله سبحانه وتعالى لانه لا يسمى معرفة اجماعا لا لغة ولا اصطلاحا. فعلم الله عز وجل لا يسمى معرفة لا يسمى معرفة لان المعرفة عندهم تسبق بجهل. والله سبحانه وتعالى علمه لم يسبق بجهل. فحين اذ لا يصلح ان يكون هذا حدا له ويجاب عن هذا الايراد بان المسائل المتعلقة بعلومنا باعتبار ما يتعلق بصفتنا واحوالنا دون ما يتعلق بربنا سبحانه وتعالى. فما يتعلق بصفات الله عز وجل يعرف باعتبار الوضع اللغوي ليس غير لان ما زاد عن ذلك لا اطلاع لنا عليه فحينئذ يكون هذا الايراد فيه نظر. ثم قوله وبان قوله على ما هو به زائد لا حاجة اليه لان المعرفة لا تكون الا كذلك. وهذا فيه نظر لان المعرفة قد تكون كاملة فتكون على ما هو به وقد تكون ناقصة فعند ذلك لا يصح ان يقال على ما هو به. لانه سيأتي معنا من انواع الادراك ما يكون فيه اصل المعرفة موجودا. لكنه ليس تاما كما يكون في الظن. والشك و الوهم والمناسب القواعد المنطقية في هذا الموضع ان الماء هو ادراك الشيء ادراكا مجزوما به. ان العلم اصطلاحا هو ادراك الشيء ادراكا مجزوما به ومعنى قولنا ادراكا مجزوما به اي على ما هو عليه في الواقع والمراد بالواقع ما يرجع اما الى الشرع واما الى القدر. فمثلا اذا قيل سعد ابن ابي وقاص اسم سعد بن مالك هذا علم يتعلق بصحابي من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في اسمه. هذا ادراك للشيء ادراك ايش؟ مجزوما به لان المتكلم يقول هو سعد بن ما لك. طيب على ما هو عليه في الواقع ام ليس كذلك؟ بل هو ما هو عليه في الواقع فيكون حينئذ علما. فالعلم حده ادراك الشيء. ادراكا مجزوما به على ما هو وفي الواقع نعم. والجهل تصور الشيء على خلاف ما هو به في الواقع. وفي بعض النسخ على خلاف ما هو عليه. تصور الانسان بانه حيوان صاهل. وكإدراك الفلاسفة ان العالم ان العالم وما سوى الله قديم. فالمراد بالتصور هنا التصور المطلق الشامل التصور الساذج وللتصديق. وبعضهم وصف هذا بالجهل المركب وجعل الجهل البسيط عدم العلم بالشيء كعدم علمنا بما تحت الأراضين بما في بطون البحار وهذا لا يدخل في تعريف المصنف فلا يسمى عنده جهلا. والتعريف الشامي للقسمين يقال الجهل انتفاع العلم بالمقصود. اي ما من شأنه ان يقصد فيدرك. اما بان لم يدرك اصلا وهو البسيط او او بان يدرك على خلاف ما هو عليه في الواقع وهو المرتب. وسمي مركبا بان فيه جهل بين جهل بالمدرك وجهل جهل بالمدرك وجهل بانه جاهل. والعلم الحادث وهو علم المخلوق ينقسم ذكر المصنف رحمه الله تعالى تعريف العلم ذكر تعريف الجهل باعتبار كونه مقابلا له وعرف الجويني رحمه الله تعالى الجهل بقوله والجهل تصور الشيء على خلاف ما هو به وفي بعض النسخ على خلاف ما هو عليه. وقد فسر المصنف رحمه الله وقد فسر الشارح رحمه الله تعالى التصور هنا بالتصور المطلق الشامل للتصور الساذج وللتصديق. والمقصود بالتصوف هنا هو انطباع صورة الشيء في النفس. فقوله والجهل تصور الشيء اي انطباع صورته في النفس وهذا الانطباع عام. يشمل التصور المطلق الشامل للتصور الساذج وهو عندهم ادراك المفردات وللتصديق وهو عندهم ادراك المركبات. فالمصنف اطلق التصور ويريد به ما يتعلق بادراك المفردات مما يسمونه هم تصورا ويتعلق ايضا بادراك المركبات مما يسمونه هم تصديقا. فالتصور هنا جار على معنى غير المعنى الذي اصطلحوا عليه فان تصور عندهم ادراك المفرد والتصديق ادراك المركب وهنا شمل هذا وهذا والمراد به ما سبق هو انطباع الصورة في النفس. ولو انه عبر بالادراك لكان اصدق في مأخذ المسألة لان العلم والجهل مردهما جميعا الى الادراك. فلو قال ادراك الشيء على خلاف ما هو به في الواقع لكان اصدق في صحة وقوعه حدا للجهل وهذا يسمى كما قال المصنف بالجهل المركب وجعل بعضهم الجهل البسيط عدم العلم قال كعدم علمنا بما تحت الارضين وبما في بطون البحار وهذا لا يدخل في تعريف المصنف فلا يسمى عنده جهلا ما ذكره الشارح فان الجهل عندهم ينقسم الى قسمين. احدهما جهل وهو عدم الادراك بالكلية. والثاني جهل مركب وهو ادراك الشيء على خلاف ما هو وبه في الواقع. وقد مثل المصنف لكيفية هذا الادراك قال كتصور الانسان بانه حيوان صاهل وهذا وصف للفرس واما الانسان فهو عندهم الحيوان الناطق. فهذا ادراك للشيء على خلاف ما هو به في الواقع فهو جهل وكم؟ قال وكادراك الفلاسفة ان العالم وهو ما سوى الله قديم. فهذا ادراك للشيء على خلاف ما هو به في الواقع لان العالم حادث وليس قديما. فيكون جهلهم جهلا مركبا وقد ابتغى المصنف رحمه الله تعالى ايجاد تعريف شامل للقسمين فقال والتعريف الشامل للقسمين ان يقال الجهل انتفاء العلم بالمقصود. اي ما من شأنه ان يقصد فيدرك. اما بان لم يدرك اصلا وهو البصير او بان يدرك على خلاف ما هو عليه في الواقع وهو المركب وسمي مركبا لان فيه جرين جهل بالمدرك وجهل بانه جاهل وقد جعل المصنف رحمه الله تعالى هذا الحد اختيارا وهو الجهل انتفاء العلم بالمقصود ليدخل فيه كلا القسمين الجهلي البسيط والجهل المركب والصحيح ان الجهل المركب لا ينبغي ان يسمى جهلا لانه ليس ادراكا للكلية وانما هو قيل فان الجهل المركب هو ادراك الشيء على وجه متوهم لا حقيقة له ادراك الشيء على وجه المتوهم لا حقيقة له. وهذا هو التخيل. فمثلا عندما تسأل انسانا كم عمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي مات عنه؟ فاذا اجاب عن سؤالك بقوله عمره مئة فهذا يسمونه جهلا مركبا لانه جاهل بالمدرك وجاهل انه جاهل بالمدرك وفي الحقيقة هذه المئة التي حكم بانها عمر النبي صلى الله عليه وسلم وتعلق بها ادراكه لها وجود خارجي ام ليس لها وجود؟ ليس لها وجود وانما هي تخيل منه ولذلك ذكر الله سبحانه وتعالى لما ذكر سحر هؤلاء الذين سحروا من سحرة فرعون قال ايش يخيل اليه يعني يخيل اليه هي في الواقع ليست كذلك ولكن هو يراها بهذا المشهد وليس فنأخذ هذه المسألة السحر ليس له حقيقة او خيال هذا مأخذ اخر. لكن المقصود ان هذا يطلق على ما يتوهم ومنه ايضا في الحديث حتى يخيل اليه انه احدث اذا جاء الشيطان وعبث بمقعدته كما في الحديث فيخيل اليه انه احدا اي يتوهم شيئا لا وجود له. فذلك الذي يقع في الجهل المركب ليس ما وقع فيه ادراكا بالكلية بل هو توهم لخيال. وحينئذ لا يكون الجهل الا شيء واحد وهو عدم الادراك. الجهل هو عدم الادراك. واما الذي يسمونه جهلا مركبا فانه تخيل وليس وليس جهلا وانما هو وليس جهلا ولذلك نقول ان القسمة الجامعة لهذا المبحث ان يقال ان تعلق النفس بالمعلوم يقع على قسمين اثنين. ان تعلق النفس بالمعلوم يقع على قسمين اثنين احدها تعلق النفس بالمعلوم على وجه ما تعلق النفس بالمعلوم على وجه ما كعلم او جهل او شك او ظن او وهم او اعتقاد والثاني عدم تعلقها بالكلية وهو التخيل. عدم تعلقها بالكلية وهو التخيل. وانا اضرب لكم مثالا يتضح به المقال. فمثلا هذا الذي ترونه هو ايش؟ كتاب. طيب هذا الكتاب تعلق نفوسكم به في ادراكه قد تكون مختلفة فهذا لا يدري ان هذا كتاب هو يراه من الخلف يقول ربما لوحة فعنده نوع تعلق بالادراك يسمى جهلا لانه لا يدركه بالكلية. والاخر يقول انه كتاب نحو والاخر يقول انه كتاب اصول. والاخر يقول ربما يكون نحوه وربما يكون اصول متردد والرابع يقول اشك في داري او اتردد في ذلك لكن الذي يظهر انه كتاب اصول فهذا ظن والاخر عكسه فهذا وهم فهذا فيه نوع تعلق بالمعلوم على اختلاف جهة التعلق واما القسم الثاني وهو ان لا يوجد تعلق بالكلية فهو ان يقول قائل هذه سيارة هل يوجد هنا تعلق؟ على الحقيقة يوجد تعلق؟ لا ولكن هو يتخيل يتخيل هذا فهذا التخيل لا حقيقة له ولا وجود له. فليس هناك تعلق بين النفس والمعلوم وانما هو تخيل يقع في ذهن هذا الناظر فيبدي مثل هذا المعنى الذي ذكرناه لكم. وهذا المبحث من المباحث العقلية التي ذكرها الاصوليون لما ذكروا تعريف الفقه والفرق بينه وبين العلم فاستطردوا بذكر انواع الادراك. فعددوا انواع الادراك ادراك وهي العلم والجهل والشك والظن والوهم وزاد بعضهم سادسا وهو الاعتقاد. وقل من ذكره من الاصول من الاصوليين وانما يذكره علماء العقليات لماذا لان الاصوليين بحثهم في الحكم طلبي ولا الخبري؟ في الحكم الطلبي في الحكم الشرعي الطلبي والاعتقاد يتعلق بالحكم الشرعي شرعي الخبري ولهذا اغفل ذكره بعض الاصوليين ومن ذكره منهم فانما اخذه من علماء العقليات فادخله في هذا البحث هذا اخر التقرير على هذه الجملة من الكتاب وبالله التوفيق