الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. اما بعد فقال الحطاب الراعني امن الله واياه والنهي استدعاء الترك بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب على وزن ما تقدم في الامر الا يقال هنا قوله استدعاء الترك مخرج للامر. وقوله هنا لا سبيل وجوب. اي بأن لا يجوز له الفعل. مخرج للنهي على سبيل القراءة بان يجوز له الفعل. ولا يعتبر فيه ايضا علو ولا استعلاء. الا ان النهي المطلق للفول والتكرار فيجب الانتهاء في الحال واستمرار الكف في جميع الازمان. لان الترك المطلق انما يصدق ويدل النهي المطلق على فساد المنهي عنه شرعا على الاصح عند المالكية والشافعية. وسواء كان المنهي عنه عبادة كصوم يوم العيد او عقدا كالبيع المنهي عنها كالبيوع المنهي عنها. واحترزنا المطلق عما اذا اقترن به ما يقتضي على من فساده. كما في بعض سور البيوع المنهي عنها. وسقطت هذه المسألة من نسخة محلي. وترد صيغة الامر والمراد به اي بالامر الاباحة كما تقدم. او التهديد فاعملوا ما شئتم او التسوية نحو فاصبروا او لا تصبروا. او التكوين نحو كونوا قردة المصنف رحمه الله تعالى فصلا اخر من فصول اصول الفقه وهو مقابل الامر. واسمه النهي ودرج الاصوليون على اتباع الامر بالنهي لتقابلهما. فان الامر المتقدم يقابله النهي. ولهذا جاء بعده وعرف المصنف رحمه الله تعالى النهي بانه استدعاء الترك بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب وهو نظير قوله المتقدم في الامر استدعاء الفعل بالقول ممن هو دونه الى اخره. فالفرق بينهما ان الامر يشتمل على استدعاء الفعل. وان النهي يشتمل على استدعاء الترك. وما ذكر بعده من قوله على سبيل الوجوب ليس كما نحى اليه الشارح من ارادة بان لا يجوز له الفعل مخرج على سبيل الكراهة بان يجوز له الفعل بل هذا مبني كما تقدم على طريقة الاشاعرة في الكلام النفسي وتفريقهم الكلام النفسي وبين الكلام اللفظي. فمخرج المسألة عندهم واحد. وسبق ان ذكرنا ان المختار في حد الامر انه الخطاب الشرعي الطلبي المقتضي لايش فيكون حينئذ النهي هو الخطاب الشرعي الطلبي المقتضي للترك فإن هذا الحد هو السالم من الاعتراض الدال الدال على المقابلة بينهما ثم قال ولا يعتبر يعتبر فيه علو الاستعلاء وتقدم بيانهما بان العلو حقيقة موجودة والاستعلاء مدعى يتطاول اليه من نسب نفسه اليه ثم ذكر ما بينهما من الفرق على ما اختاره فيما سبق فقال الا ان النهي المطلق مقتض للفور والتكرار بخلاف الواجب على ما نحى اليه وعلى ما ذكرنا سابقا من ان الراجح ان الامر تجو فيه الفورية وكذلك النهي يقتضي الفور والفور هنا هو المبادرة الى الترك في اول وقت الامكان المبادرة الى الترك في اول وقت الامكان. ثم هو للتكرار اي مستمر دائم لا ينقطع فيجب الانتهاء في الحال ويستمر الكف في جميع الازمان بخلاف التكرار في الامر فانه مفرق بين احواله بحسب ورود الدليل على ما سبق تقريره. ثم ذكر رحمه الله تعالى ما يقتضيه النهي فقال ويدل النهي المطلق على فساد المنهي عنه شرعا على الاصح عند المالكية التابعية الى اخر ما قال وهذه المسألة من كبريات مسائل اصول الفقه وهي عنده تسمى اقتضاء النهي الفساد فان العلماء مختلفون في كون النهي مقتضيا لفساد منهي عنه ام لا؟ وذكرنا بما سلف خلاصة المسألة ان ذلك يكون على اربعة اقسام باعتبار متعلق النهي ان ذلك يكون على اربعة اقسام باعتبار متعلق النهي اولها ان يكون النهي راجعا. الى حقيقة الشيء وذاته ان يكون راجعا الى حقيقة الشيء وذاته. فان النهي حينئذ يقتضي الفساد. فان النهي القوي حينئذ الفساد. مثاله النهي عن بيع الكلب. النهي عن بيع الكلب. فان النهي متعلق بذات الكلب. فيقتضي فسادا بيعه والثاني ان يكون النهي عائدا الى شرط الشيء ان يكون النهي عائدا الى شرط الشيء. فان النهي يكون حينئذ للفساد ايضا كالنهي عن بيع الغرض. لان من شروط البيع العلم بالثمن والمثمن والثالث ان يكون النهي راجعا الى الوصف الملين لازم لهم ان يكون النهي راجعا الى الوصف الملازم له. مثل قوله تعالى لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى فحين اذ يقتضي فساد صلاة السكران لان النهي هنا عائد الى ماذا؟ الى الوصف الملازم للمصلي حينئذ وهو السكر وهو السكر والبعد بالسكر ذهاب عقله بالكلية. واما نشوته ففيها خلاف ليس هذا قلبه. والرابع ان يكون النهي خارجا عائدا الى امر خارج ان يكون النهي عائدا الى امر خارج عن الفعل غير مرتبط به كالنهي عن ان يصلي العبد وهو حاقن. او بحضرة طعام فان النهي حينئذ لا يقتضي الفساد. فان النهي حينئذ لا يقتضي الفساد. فصار على الراجح في المحرر ان النهي يتعلق باحد اربعة اشياء هي التي عددناها. ففي ثلاثة منها يكون النهي مقتضيا للفساد. وذلك اذا تعلق بحقيقة الشيء وذاته او تعلق بشرطه او تعلق بالوصف الملازم له. اما ان تعلق بامر خارج عن ذلك فانه لا يكون مقتضيا للفساد. هذه مسألة افرزت بالتصنيف قديما وحديثا فصنف فيها من الاوائل العلائي رحمه الله وصنف فيها جماعة من المعاصرين ثم ذكر بعد ذلك ان صيغة الامر ترد لا على المعنى المتقدم من استدعائه الفعل بالقول بل ترد على معان اخرى. وهذا المبحث متعلق بالامر. لكن لاتصال الفصل جعل المصنف ذلك بعد النهي فذكر ان الامر قد يأتي للاباحة كقوله تعالى فاذا حللتم واصطادوا او التهديد نحو اعملوا ما شئتم او التسوية نحو فاصبروا او لا تصبروا او التكوين نحو كونوا قردة تم وهذا الامر عدل به عن حقيقته المرادة شرعا وهي طلب الفعل الى هذه المعاني باعتبار ما دل عليه تفسير كتاب الله سبحانه وتعالى. فان هذه المواضع لم يدل فيها قول العارفين بكلام الله عز وجل تفسيرا وبيانا ان المراد بها طلب الفعل اذ لا قدرة للعباد على ذلك وانما المراد بها احد هذه المقاصد التي ذكرت اما الاباحة او التهديد او التسوية او التكوين. وهذا اخر البيان على هذه الجملة من الكتاب ونشرع ان شاء الله تعالى في دلالات الالفاظ واولها العام والخاص الى ما بعدها وبالله التوفيق