بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. قال المصنف رحمه الله وغفر له ونفعنا بعلومهما. الدرس الثالث عشر وقوع المعرب والغريب في القرآن الكريم. اعلم ان المعرض الميم وفتح العين والراء مشددة. واللفظ الذي يوجد في اللغة العربية استعمال. ويوجد ويوجد له استعمال في العجمية بان كان اصله اعجمية ثم نقل الى العربية اعلاما ومنها اسماء غالب الانبياء واسماعيل واسحاق وغير ذلك. وقد اختلف العلماء في المعرب هل ورد في القرآن الكريم ام لا؟ والصحيح انه خرج في هلاك بقلة جدا وهذا لا ينافي قوله تعالى قرآنا عربيا لان المراد الغالب او ان اعجمي الذي فيه صار عربيا باستعمال العرب له وتناسي اصله او انه من توافق اللغات فمثال ذلك اواب من قوله تعالى ان ابراهيم لاوام حليم فان معناه الموقن بلغة حبش وكذلك الكفر من قوله تعالى يكن له كفل منها. وقوله تعالى يمسيكم كفلين من رحمته ان معناه الضعف بكسر الضاد بلغة الحبشة. وكذلك القصاص بمعنى العدل وغير ذلك. اما الغريب فهو هنا اللفظ الذي يطلق على معنى لا يعرف الا بالتفتيش والبحث عنه. اذ لا يعرف الا بالتفتيش والبحث عنه في اللغة ولا مدخل للرأي فيه كالقسورة اسم للاسد والاب من قوله تعالى والاب من تعالى وفاكهة وغير ذلك مما لا يعرف معناه الا العلماء المطلعون. ولنقلة الباحثون والله واعلم ذكر المصنف رحمه الله تعالى درسا اخر من الدروس المتعلقة بعلم اصول التفسير وهو وقوع المعرب والغريب في القرآن الكريم. ولو ان المصنف فرحمه الله تعالى ترجم بقوله المعرب والغريب في القرآن الكريم لكان احسن لان القطع بالحكم في التراجم في المسائل المختلف فيها مما يضعف به نظر بعض الناظرين. فان من الناظرين من يكون متعصبا لقول او قد امتلأت نفسه به دون الاحاطة بغير فاذا بوشر بترجمة تدل على خلاف ما عنده نفر منها. فالاولى ان تقع التراجم ان تقع التراجم على وجه الابهام في كان في هذا المحل ولا يحسن بمن صنف في المسائل الخلافية ان يترجم لها في اسماء كتبه فيما يدل على اختياره فان وضع ذلك في اسم الكتاب يقلل الاخذ به ويضعف النظر في وكان شيخنا بكر ابو زيد رحمه الله تعالى يقول لي اني لا كتب فلان وسماه قال لانه يعرب عن اختياره في اسم كتابه ثم يحشر الادلة انتصارا لاجله. ومن اراد ان ينتفع الناس بعلمه في المسائل القلابية فانه يعرض الادلة ثم يبين رجحان الراجح ويزيف ادلة القول المرجوح فان هذا انفع للخلق. وملاحظة مدارك الخلق من مسالك الشرع ابتغاء نفعهم ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى في ضمن بيانه هذا الدرس ان المعرب هو اللفظ الذي يوجد في العربية استعماله ويوجد له استعمال في العجمية. فحينئذ يكون المعرض هو لفظ اعجب ادخل في لغة العرب. هو لفظ اعجمي ادخل في لغة العرب وبيان ذلك في قول المصنف بان كان اصله اعجميا. فاصله بغير اللسان عربي. ثم نقل الى عربيته اعلاما اي اعلاما به فللدلالة عليه والاعلام به جعل ونقل الى العربية ومن الاعجمي اسماء غالب الانبياء كابراهيم واسماعيل واسحاق وغيره ذلك ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى اختلاف العلماء في المعرب وهل ورد في القرآن ام لا؟ وفي ذلك قولان احدهما النفي والاخر الاثبات. فاكثر اهل العلم على نفي معرب في القرآن للادلة المستفيضة في اثبات عربيته ومنها قوله تعالى في وصفه قرآنا عربيا والقول الثاني اثبات وقوع ذلك. والقائلون بالاثبات هم جمهور متأخرين وهذا لا يناقض ما ذكرناه من ان القول الاول هو قول الجمهور فان جمهور المتقدم وقليل من المتأخرين على هذا. اما جمهور المتأخرين كالسيوطي في الاتقان والمهذب. ومن تبعه كالزرقاني في مناهج العرفان وكالمصنف ها هنا فانهم يقولون باثبات وقد ورد عند المثبتين بقلة واجاب المصنف عن ما تمسك به النفات بقوله وهذا لا ينافي قوله تعالى قرآنا اعربيا عربيا لان المراد الغالب او ان الاعجمي الذي فيه صار عربيا باستعمال عربي له وتناسي اصله او انه من توافق اللغات فهم يحكمون بان القرآن عربي باعتبار الاغلب وما كان فيه من اعجمي فقد صار عربيا باستعمال العرب له ما في اصلي او انه من توافق اللغات اي مما استعمل عند العرب واستعمل عند غيرهم للدلالة على المعنى وهذه المسألة كما ذكر الشاطبي رحمه الله تعالى في الموافقات لا ينبني عليها حكم شرعي ولا عمل ديني وانما قد ينبني عليها اعتقاد في مسألة كلامية اي مما اختلف فيه المتكلمون في اصول الدين في القرآن منها وهو اهل القرآن عربي محض ام فيه اعجمي واهل العلم رحمهم الله الله تعالى مجمعون على ان الاعلام المذكورة في القرآن اعجمية كابراهيم واسماعيل واسحاق لا يختلفون في هذا كما انهم مجمعون على براءة القرآن من التراكيب الاعجمية فليس فيه تركيب الا وفق سند كلام العرب. وانما اختلفوا في وقوع ما ليس علما ولا تركيبا والاختلاف بينهم يشبه ان يكون لفظيا فانهم لا يقولون بان الاعجمي المثبت هو اعجمي محض. وانما يقول المثبتة انه صار عربيا باعتبار نقله الى كلام العرب او ان ذلك من توافق اللغات. وحينئذ فان الاعجمي المحض الصرف ليس عند النفاة المثبتة موجودا في القرآن الكريم. وانما عندهم الخلاف فيما كان اصله اعجميا ثم حصل عليه تغيير واما الاعجمي الباقي على اصله فانهم جميعا لا يقولون بكونه في القرآن الكريم وحينئذ فان الخلاف لفظي وليس معنويا باجماعهم على براءة القرآن من الكلمات الاعجمية المحضة. وحينئذ فانما فيه هو عربي كله. سواء اعرابي محض او عربي مما استعمله غير العرب ثم حكم عليه العرب بحكم لغتهم وادخلوه فيها. والدليل على ان العرب حكموا عليه بلغة بلغتهم ما ذكره الشاطبي رحمه الله تعالى ان ما اخذوه من كلام غيرهم فانهم لم يثبتوا منه الا ما كان على اوزانهم المعروفة وبالصفات والمخارج المؤتلفة عندهم. واما ما كان خارجا عن ذلك فانه لا يجعلونه انهم لا يجعلونه عربيا. فمثلا حكموا على بهلول باعجمية لان فعلول ليست في كلامهم. وكذلك حكموا على عصر بالاعجمية لانه لا تجتمع هذه الحروف والمخارج في كلمة عندهم. فحينئذ رجع القول الى ان هذا الخلافة لفظي ولا ينبني عليه كبير امر في الاحكام كما سلف. ثم ذكر امثلة مما تنازع فيها اهل العلم في ذلك ذلك اواه فان معناه الموقن بلغة الحبشة وقيل الرحيم عندهم. وكذلك الكبل فان معناه الضعف بلسانهم وكذلك بمعنى العدل في اللغة الرومية وغير ذلك وللسيوطي رحمه الله تعالى كتاب مفرد في ذلك اسمه المهذب. في معرفة المعرب ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى الغريب بعد المعرض فقال اللفظ الذي يطلق على معنى لا يعرف الا والبحث عنه في معاجم اللغة الى اخر ما قال. والمراد بغريم القرآن ما خفي معناه من ما خفي معناه من كلماته ويحتاج للكشف عنه الى الرجوع الى لسان العرب للبحث في معاجم اللغة كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى ثم قال ولا مدخلا للرأي فيه اي لا يعرف بقياس العقل وانما يعرف بالنقل. قال كالقسورة اسم للاسد اي في قوله تعالى فرت من قسورة وهذا احدهم المعنيين فيه وذكر ايضا انه اسم للرامي وكالاب من قوله تعالى وفاكهة وابى وغير ذلك مما لا يعرف معناه الا العلماء المطلعون والاب ذكر انه الحشيش وغير ذلك مما لا يعرف معناه الا العلماء المطلعون والنقلة الباحثون وهذا النوع من القرآن هو اولى ما ينبغي ان يشتغل به طالب علم التفسير بعد الفراغ من دراسة كليات التفسير. فاذا فرغ طالب التفسير بالدراسة كليات التفسير وهي التي تقدمت مثلها من قول ابن عباس رضي الله عنه مثلا فيما رواه ابن اليبي بسند صحيح عنه كل سلطان في القرآن فهو حجة فاذا اتقن هذا الباب وفيه منظومة للعلامة عبد الهادي ابن رضوان نجا الابياري الازهري رحمه الله تعالى فانه بعد ذلك يدرس غريب القرآن الكريم. وهي الالفاظ التي تخفى معانيها من لغة العرب وتحتاج الى الكشف اهل العلم مكثرون من التصنيف في ذلك واحسن التصانيف في ذلك وهو الذي ينبغي ان يدرسه طالب العلم هو كتاب ابي حيان الاندلسي رحمه الله تعالى واسمه تحفة الاليم في معرفة الغريب الا ان الانتفاع به قل. لانه رتبه على مواد اللغة الكلمات ولم يرتبوا على الالفاظ الواردة في القرآن. فلم يبتدئه بسورة الفاتحة مثلا ثم سورة البقرة الى اخر ترتيب القرآن وانما رتبه على المواد اللغوية. فمثلا كلمة قسوة تجدها في حرف القاف. فهذا قلل الانتفاع به ولو رتب على الكلمات نفسها فانه يكون انفع وقد رتبته على الكلمات نفسها وسندرسه ان شاء الله في مقامه اللائق به. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله الدرس الرابع عشر المشترك والمرادف اعلم ان المشترك ينقسم الى قسمين مشترك معنوي وهو ما اتحد فيه اللفظ والمعنى ولكن يختلف باختلاف ما يصدق عليه. فينزل في كل بحسب ما يليق به من ذلك المعنى. ومشترك لفظي وهو المقصود هنا وهو ما اتحد لفظه وتعدد معناه بحسب الوضع. نحو القرب فانه مشترك بين القطب والحيض والاصح انه هو والمرادف واقعان في القرآن الكريم نحو القرب في قوله تعالى يتربصن بانفسهن ثلاثة ونحو ويل فانه فانه اسم لواد في جهنم وكلمة عذاب. ونحن المولى ونحو فانه اسم للسيد والعبد وتواب فانه اسم للتائب وقابل التوبة وغير ذلك واما المرادف فهو عكس المشترك فهو عكس مشترك. فهو عكس المشترك اللفظي اي ما اتحد معناه وتعدد لفظه الانسان والبشر واليمن والبحر والعذاب والرزق ونحو ذلك. ذكر المصنف رحمه الله تعالى درسا اخر من الدروس المتعلقة بعلم اصول التفسير وهو معرفة المشترك والمراد فيه. وقد ذكر فيه رحمه الله تعالى ان المشترك ينقسم الى قسمين. اولهما مشترك معنوي والثاني مشترك لفظي. والثاني هو المقصود بالبحث هنا ثم بين الفرق بينهما بذكر معناهما والمشترك المعنوي هو ما اتحد فيه اللفظ والمعنى ولكن يختلف باختلاف ما يصدق عليه فينزل في كل بحسب ما يليق به من ذلك المعنى فهو لفظ يطلق على افراد مختلفة لوجود قدر مشترك بينها. كالحيوان مثلا فانه يطلق على الانسان والفرس والحمار والغزالي والبقري وغيره. لاجل وجود معنى الارادة المشتركة بينها. فالانسان بهذا الاعتبار يسمى حيوانا و البرص كذلك والغزال كذلك الى اخر افراده. واما المشترك اللفظي هو ما اتحد لفظه وتعدد معناه. فيكون اللفظ واحدا ويكون المعنى متعددا وهذا التعدد اوجبته اللغة وهذا معنى قول المصنف بحسب الوضع اي حسب ما وضعته العرب في لسانها. ومثل له بالقرؤ فانه مشترك بين الطهر والحيض. فلفظ متحد وهو يطلق على الطهر ويطلق على الحيض ايضا. ثم ذكر وقوعه في القرآن هو المرادف وكان ينبغي ان يذكر حكمه بعد ذكر حد المراد. فاذا فرغ منه ذكر بعد ذلك حكمه فقال مبينا حكمه قال والاصح انه هو والمرادف واقعان في القرآن الكريم فالمراد فجميع المذكورين من المشترك والمراد فيه كلاهما واقعان في القرآن الكريم في الاصح عند المصنف والصحيح في هذه المسألة المختلف فيها بين العلماء ان المشترك واقع في القرآن وهو قول جمهور اهل العلم واما المرادف فلا يقع في قال كما سيأتي موجب ذلك عند بيان معناه. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى امثلة على المشترك قال نحو القرى ونحوين ونحو الموالي وتواب الاول وهو القرء يقع على الظهر والحيض كما سبق وويل يقع اسما لواد في جهنم وكلمة عذاب على مسيرين المنقولين فيهما. والصحيح النويل كلمة وعيد. ولم يثبت كونه واد في جهنم بل العرب جعلت هذه الكلمة للدلالة على الوعيد هي واخواتها وهن ويل وويل وويس وويك وويب. فهؤلاء خمس كلمات كما ذكر ابن في كتاب ليس على هذا الوزن والمعنى. يراد بها الوعيد والتهديد. ويل وويح وويس بالسين وويك بالكاف وويب للباء. ومنه المواد فانه اسم للسيد المالك وللعبد المملوء. وتواب فانه اسم للتائب الذي يتوب. واسم من يقبل التوبة وهو الله الله سبحانه وتعالى ثم ذكر تعريف المرادف بقوله فهو عكس المشترك اللفظي اي ما اتحد معناه وتعدل لفظ فالمرادف يكون المعنى واحدا ولكن اللفظ متعدد والصحيح ان كل كلمة من كلمات العرب تتضمن معنى تزيد به على غيرها. واذا اطلق الترادف على ارادة اصل المعنى فهذا ربما صحح واما على كمال المعنى فلا. فتشترك كلمتان او اكثر في اصل المعنى لكنهما يختلفان في كماله. والامثلة دالة على ذلك. قال نحو الانسان والبشر فالانسان والبشر مترادفان وهما على ما ذكروا متحدان معنى متعددان لفظا صحيح اختلافهما معنى فان الانسان سمي انسانا باعتبار وسمي بشرا باعتباره فسمي انسان لكونه ينسى او يأنس بغيره. وسمي بشرا نسبة الى بشرته جلدته الطاهرة. واليم والبحر يشتركان في اصل المعنى. لكن بينهما فرقا. فليموا اسم لما غمر من الماء والبحر اسم لما اتسع فما غمر من الماء يسمى يما وما اتسع منه يسمى بحرا. والعذاب والرجس كذلك في اصل ما اناهما مفترقان فان العذاب سمي عذابا لانه ايش؟ يقطع الخلق عن ومنه سمي الماء ماء عذبا لانه يقطع ايش؟ العطش والظمأ وسمي رجسا باعتبار كونه مستقبحا. فان الرجس اسم لما ينجس ويستقبح لما ينجس ويستقبح. وهذه القاعدة التي ذكرتها لكم من وجود في اصل المعنى مع اختلاف في كماله هي التي اوجبت منع الترادف المطلق الكلي. فاذا اطلق الترادف على قادة الاطلاق بان يستوي اللفظان في المعنى فهذا لا يصح وقد انتصر له ابو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في ابطاله وان يريد اصل المعنى مع اختلاف في كمال المعنى فهذا هو الواقع سواء منعنا التراث او قلنا اننا نثبته باعتبار المعنى واختلاف كماله. ومما يعينك على فقه هذا الباب احاطتك بالفروق اللغوية. ومن احسن كتب جاء كتاب ابي هلال العسكري المسمى بالفروق اللغوية. كما ان من اجمل النظر في الكتاب والسنة حصل له في كيفية التفريق بين معاني الالفاظ كما مر معنا في الاتيان والمجيء وغيرها من الكلمات التي مرت عليه قيل في ما سلف من الدروس وهذا اخر البيان على هذه الجملة من الكتاب وبالله التوفيق