بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله يجزي باللاقط منه. صلى الله وسلم على نبينا محمد قال المصنف رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده من يهده فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اما بعد فهذا كتاب مختصر في الفقه. جمعت فيه بين والدلائل لان العلم معرفة الحق بدليله والفقه معرفة الاحكام الشرعية الفرعية بادلتها من الكتاب من الكتاب والسنة والاجماع والقياس الصحيح واقتصرت على الادلة المشهورة خوفا من التطوير. واذا كانت المسألة اقتصرت على القول الذي ترجح عندي تبعا للادلة الشرعية. الاحكام خمسة الواجب وهو ما اثير فاعله وعوقب تاركه والحرام ضده. والمسنون وهو ما اثيب فاعله ولم يعاقب تاركه. والمكروه ضده والمباح وهو الذي فعله وتركه على حد سواء. ويجب على المكلف ان يتعلم منه كل ما يحتاج اليه في عباداته ومعاملاته. قال صلى الله عليه وسلم من يرد الله به خيرا يفقهه بالدين. متفق عليه ابتدأ المصنف رحمه الله كتابه بالبسملة. ثم قال وبه نستعين مفسحا عن مقصد جليل من مقاصد مصاحبة بسم الله وهو حصول اعانته. ثم ثنى بالحمدلة ثم ثلث بالشهادتين. الشهادة لله بالتوحيد. ولمحمد الله عليه وسلم بالعبودية والرسالة. وهؤلاء الثلاث من اداب التصنيف اتفاقا فمن صنف كتابا استحب له ان يستفتحه بهن. ثم ذكر نعت كتابه فقال فهذا كتاب مختصر في الفقه جمعت فيه بين المسائل والدلائل. لان العلم معرفة الحق بدليله وهذه الجملة من القول مشتملة على امور. اولها في قوله فهذا كتاب مختصر في الفقه فالمختصر هو ما قل مبناه وجل معناه فيكون اللفظ قليلا والمعنى جليلا ووضع المختصرات هو المناسب للمبتدئين مختصر وسيلة الوصول الى الانتهاء. وهذا المختصر موضوع في علم الفقه وسيأتي بيان معناه في كلامه. وتقدم ان الكتاب معدود في كتب فقه الحنابلة فتكون ال في قوله الفقه عهدية فيراد به الفقه الحنبلي. وهو الفقه المنسوج على مذهب الامام ابي عبد الله احمد ابن محمد ابن حنبل الله المتوفى سنة احدى واربعين ومائتين. وثانيها في قوله جمعت فيه بين المسائل والدلائل. فالكتاب الموصوف بكونه بمختصرا في الفقه جاء جامعا بين جهتين يتعلق بهما الفقه احداهما جهة المسائل. والاخرى جهة الدلائل فاما الجهة الاولى وهي جهة المسائل فالمسائل جمع مسألة وهي الخبر المدلول على صدقه. وهي الخبر المدلول على صدقه باسم المسألة يجمع وصف الخبرية فليست انشاء وكونه وكونها مشهودا بصدقها اي قام الدليل عليها. فشهد بصدقها وصحتها. واما الجهة الثانية وهي جهة الدلائل فالدلائل جمع دليل. والدليل هو ما يتوصل بصحيح النظر فيه الى تصديق خبري. ما يتوصل النظر فيه الى تصديق خبري. والمثال الجامع للجملة مذكورة قولنا الاصل في الماء الطهارة لقوله صلى الله عليه وسلم ان الماء لا ينجسه شيء. فالجملة الاولى من القول الاصل في الماء الطهارة هي مسألة وقولنا لقول النبي صلى الله عليه وسلم ان الماء طهور لا ينجسه شيء هي ايش؟ هي دليل وسلك المصنف رحمه الله في المسائل الاقتصار على رؤوسها وفي الدلائل الاقتصار على اصولها. وهذان مشهوران في صناعة الفقه. احدهما رؤوس البسائل والاخر اصول الدلائل. فاما الاسم الاول وهو رؤوس المسائل المراد به امهاتها. من المسائل التي يكثر ذكرها يحتاج اليها. ويستعمل هذا الاصطلاح غالبا في مسائل الخلاف بين المذاهب المتبوعة. كالحنفية والشافعية او الحنابلة والشافعية فتجد كتابا اسمه رؤوس المسائل يختص بالخلاف بين مذهبيه. وتارة يكون هذا اسما بكتاب يشتمل على امهات المسائل. وربما استعمل هذا الاصطلاح في غير علم الفقه. فمن المصنفين في النحو من صنف ابا سماه رؤوس المسائل. اي في صناعة النحو. واما الاسم الثاني وهو اصول دلائل فالمراد به اكثر الادلة ذكرا واوسعها دلالة اكثر الادلة ذكرا واوسعها دلالة كالواقع في المختصرات المشهورة في احاديث الاحكام عمدة الاحكام وبلوغ المرام. فهذان الكتابان لم يستوعبا احد الاحكام واقتصر على اصولها. ومن انفع الكتب التي اصول الدلائل من القرآن والسنة كتاب اصول الاحكام للعلامة عبدالرحمن بن قاسم رحمه الله. فانه عمد الى جمع اصول الدلائل من القرآن والسنة في الكتاب المذكور ثم شرحه في كتابه المعروف باسم الاحكام. والجملة الثالثة في قوله لان العلم معرفة الحق بدليله. اي ان المعرفة التي يحكم بكونها علما هي المعرفة المصحوبة بالدليل متى اقترن الدليل بتلك المعرفة صارت علما. وقد نقل ابو عمر ابن عبدالبر في جامع بيان العلم وفضله وابو عبدالله ابن القيم في اعلام بالموقعين الاجماع على ان العلم هو معرفة الحق بدليله واشار الثاني الى هذا المعنى بقوله في الكافية شافية والعلم معرفة الهدى بدليله ما ذاك والتقليد يستويان وهذا الوصف الذي ذكره المصنف في الجمل الثلاث مذكورة لكتابه بكونه مختصرا في الفقه جامعا بين المسائل والدلائل لان علم معرفة الحق بدليله كاف في حصول ابتداء تصور الفقه للمتفقه. فان المتفقه عند الابتداء يؤخذ فشيئا ولا يثقل كاهله بما يعسر عليه علم الفقه ووفق هذا النعت فالكتاب المذكور كالمفتاح للفقه فلا يترشح الاخذ به لحصول ملكة تامة. لكنه حببوا اليه الفقه. وهذا مقصود المصنف. فانه وضعه للمبتدئين من الطلبة لتحبيبهم في علم الفقه وتعليمهم ما يلزم من مسائله في اكثر ابوابه. ومتى كان هذا هو وضع الكتاب فالمناسب حينئذ ان يسير الشرح وفق ما يسامي هذا النعت فلا يتوسع في ذكر الاقوال والادلة ويكتفى بما ذكر من دليل او قول فمن اهم المهمات عند ابتداء التفقه الحرص على تصور المسائل. مع معرفة ما يحتاج اليه من مهمة ما في الدلائل دون استيعاب لها. ووقع في كلام المصنف في قديمة زيادة بيان توضح وصف هذا الكتاب ثم حذفها بعد لعدم احتياج المبتدئين اليه. فانه قال في نسخة قديمة كما سلف واقتصرت فيه على اهم الامور واعظمها نفعا لشدة الضرورة الى هذا الموضوع وكثيرا ما اقتصر على النص اذا كان الحكم فيه واضحا. لسهولة حفظه وفهمه على المبتدئين. انتهى كلامه. ونظيره ايظا قوله في رسالة بعث بها الى ابن عقيل في الثالث من جمادى الاولى سنة ستين وثلاثمائة والف قال وحرصت على وحرصت على الاتيان باوضح ما يقدر عليه من العبارات. واذا كان الحديث على حكم واحكام اقتصرت او على حكم واحكام انتصرت على ايراده لان عبارات الشارع اوضح من كل العبارات. انتهى كلامه. وقال ايضا في رسالة قبلها بعثها في الثالث عشر من شهر المحرم سنة ستين وثلاث مئة والف لما ذكر ترتيب قراءة المبتدئين عند كبار طلابه وما يتلقونه من العلوم قال والفقه بكتاب اختصرناه فصار اقل من جميع المختصرات اللي تعرفونه اي التي تعرفونها من مختصر المقنع ومن العمدة وافصل المختصرات اصغر منها كله هكذا ولعله كلها. ثم قال ليس ذلك لكثرة مسائل وتمكنا من تقليل لفظ انما هو اقتصار على ما يحتاج اليه في كل باب. ولهذا على اختصاره فهو واضح. وايضا مشتمل على الدليل. وقد تكون المسائل هي الدليل من غير ان نأتي بكلام غير كلام الشارع انتهى كلامه. وفيه من زيادة البيان المحتاج اليها في فهم الكتاب ان المصنف ربما ساق الدليل مكتفيا به عن ذكر المسائل. لما بينه من ان الشارع اوفى من عبارة غيره. فمتى امكن الاتيان باللفظ الوارد في الشرع فهو المقدم اشار الى هذا ابن القيم في اعلام الموقعين والشاطبي في الموافقات واسم الشارع يراد به واضع الشرع. وهو يصح خبرا عن الله سبحانه وتعالى. اما النبي صلى الله عليه وسلم فلا يسمى شارعا. في اصح قولين اهل العلم. وهذه الرسائل وغيرها تفيد ان المصنف الف هذا الكتاب اخر سنة تسع وخمسين وثلاث مئة وقال في شهر ذي القعدة او شهر ذي الحجة. فانه ذكر في لتلميذه ابن عقيل مؤرخة في التاسع من ذي القعدة سنة تسع وخمسين وثلاثمائة والف انه يرغب ان يضع عن المبتدئين من اصحابه مختصرا في الفقه يأخذونه عن كبارهم. ثم ذكر له في رسالة اخرى مؤرخة في الثالث عشر من شهر المحرم سنة ستين وثلاث مئة والف انه صنف هذا الكتاب. وهو رحمه الله كان في يوم الرابع من محرم من المحرم سنة ستين وثلاث مئة والف في مكة المكرمة. فيكون قبلها باربعة ايام في الطريق فلا يكون في شهر المحرم في بلده عنيزة. فيكون تصنيف هذا الكتاب قطعا سنة تسع وخمسين وثلاثمائة والف. في شهر ذي القعدة او شهر ذي الحجة ويكون قد مضى عليه منذ صنفه ثمانين سنة ومدة يسيرة تكون شهرا او ازيد بقليل. ثم ذكر المصنف حقيقة الفقه الذي جعل هذا المختصر فيه فقال والفقه معرفة الاحكام الشرعية فرعية بادلتها. وهذا حد للفقه يجمع امرين يجمع ثلاثة امور. اولها انه معرفة. اولها وانه معرفة اي ملكة قائمة في نفس المتلقي. اي ملكة قائمة في نفس المتلقي. والملكة هي الهيئة الراسخة في النفس والملكة هي الهيئة الراسخة في النفس. وتانيها ان هذه معرفة تتعلق بالاحكام الشرعية الفرعية. والمختار كما تقدم في شرح الورقات تسميتها الاحكام الشرعية الطلبية. وثالثها ان هذه المعرفة مقرونة بادلتها فالباء في قوله بادلتها للانصاف. والمعنى المناسب هنا من الالصاق هو المصاحبة. فتكون تلك الاحكام الشرعية الطلبية مصحوبة بادلتها. والمشتغلون بالفقه باعتبار علمهم بالدليل نوعان احدهما من يعلم كونه دالا على مسألة فقهية. من يعلم كونه دالا على مسألة فقهية والاخر من يعلم كونه مستدلا به على مسألة فقهية من يعلم كونه مستدلا به على مسألة فقهية اياك والفرق بين المقامين ان الاول مستنبط حكم من الدليل ان الاول مستنبط للحكم من الدليل. وهذا وصف المجتهد والاخر عنده علم بكون الدليل مستدلا به على تلك المسألة. عنده علم بكون الدليل مستدلا به على تلك المسألة وتقدم في شرح الورقات ان المختار في حد الفقه عند الفقهاء انه ايش؟ يعني ها يا صالح الاحكام الشرعية الطلبية. الاحكام الشرعية طلبية. فاذا اطلق اسم الفقه عندهم دل على هذا. فتندرج فيه المسائل الاجتهادية وغير الاجتهادية خلافا للاصوليين الذين يخصونه بالمسائل الاجتهادية ثم ذكر امهات الادلة عند الاصوليين والفقهاء فقال من الكتاب والسنة والاجماع والقياس الصحيح فالثلاثة الاولى مجمع عليها. فهي حجة واما جعل القياس دليلا فهو قول الجمهور وهو الصحيح. واما جعل القياس دليلا هو قول الجمهور وهو الصحيح. وقيد المصنف القياس بقوله القياس الصحيح ليش؟ الجواب لاخراج القياس الفاسد لاخراج القياس الفاسد. اذ لا يعد دليلا قال الله تعالى الله الذي انزل الكتاب بالحق والميزان فالميزان منه القياس الصحيح. ذكره ابن تيمية في مواضع من كتبه وابن القيم في اعلام الموقعين والمصنف في القواعد والاصول الجامعة. وقال الاول منهم وهو ابن تيمية الحفيد في اقامة الدليل لما ذكر الاية فالكتاب هو النص. والميزان هو العدل ومنه القياس الصحيح. فالكتاب هو النص والميزان هو العدل ومنه الصحيح انتهى كلامه. ثم ذكر جادته فيما ينتخب من الاديان التي فقال واقتصرت على الادلة المشهورة خوفا من التطويل فالحامل له على ذكر بعض الادلة دون بعض ارادته الاعلام بالادلة المشهورة. فانها كما تقدم اكثر واوسع استدلالا. فيكثر ذكرها في كلام المتكلمين في الفقه ويكون الواحد من تلك الادلة مشتملا على مسائل كثيرة ويمنع هذا الاقتصار من التطويل. لعدم المبتدئين فالتطويل للمبتدئ يفسد علمه ما تصنيفا او تدريسا. فمن اراد نفع مهتدين حمله على الصلاة ولقنه مسائلها شيئا فشيئا بما يناسب قواه في الفهم والادراك ثم اشار الى طريقته في المسائل الخلافية والمراد بها في كلامه المسائل الاجتهادية. فان اسم الخلاف اوسع من اسم الاجتهاد. فالمسائل الخلافية كل ما اختلف فيه والسائغ الاختلاف فيه هو المسائل الاجتهادية فقط. اشار الى هذا ابن تيمية الحفيد وصاحبه ابو عبد الله ابن القيم وامام الدعوة في رسالة القواعد الاربعة التي تدور عليها الادلة الا وهي رسالة في الفقه غير الرسالة المعروفة باسم القواعد الاربع فهذه في العقيدة فاذا وقع في كلام الراسخين قولهم المسائل الخلافية فان عندهم عهدية يريدون بها الاجتهادية. لان الخلاف المقبول هو ما تعلق بها اما المسائل التي ليست اجتهادية فان الخلاف فيها غير مقبول وقال المصنف في بيان طريقته في تلك المسائل الخلافية الاجتهادية. واذا كانت المسائل خلافية على القول الذي ترجح عندي تبعا للادلة الشرعية انتهى كلامه وهذا القول الذي اثبته وان كان في تلك مواضع خلافا للمشهور في المذهب فهو قول مذكور في المذهب ترجيحه غير خارج عن الترجيح في المذهب. واسم الترجيح يراد به اصلا تقديم شيء على شيء. ومورده في صناعة فقه شيئان. احدهما ترجيح دليل على دليل وهذا مبحوث عند من الاصوليين في باب التعارض وهذا مبحوث عند الاصوليين في باب التعارض والترجيح. والاخر ترجيح قول على قول وهذا مبحوث عند الفقهاء وهذا مبحوث عند الفقهاء وهو متعلق كلام المصنف. وترجيح قول على قول في الفقه نوعان. احدهما ترجيح مطلق اي غير مقيد بشيء. فلا مذهب ولا زمان ولا مكان ولا فتي وهذا للمجتهدين. وهذا للمجتهدين اجتهادا مطلقا والاخر ترجيح مقيد. ترجيح مقيد وهو نوعان ايضا الاول ترجيح مقيد بمذهب كان يقال الراجح في مذهب الحنابلة كذا وكذا والاخر ترجيح مقيد بفتيا. ترجيح مقيد بفتيا. فلا ينسبه مرجحه. الى مطلق لانه ليس من المجتهدين اجتهادا مطلقا. ولا يجعله من ترجيح المذهب وانما ترجيح فتيا باعتبارها بحال او زمان او مكان. ومنه الترجيح في النوازل اليوم. ومنه الترجيح في النوازل يوم كالتلقيح الصناعي او بنوك اللبن او غيرها من المسائل الطبية او المالية. المتعلقة باحوال الناس فالترجيح هنا غالبا يكون ترجيح فتيا المتكلمون فيه لا يصلون الى مرتبة الاجتهاد المطلق ولا هم ايضا يجعلونه راجحا باعتبار اذهب وانما باعتبار فتيا احتيجا اليها في زمان او مكان اوحال والترجيح بين الاقوال مركب صعب لا يسوغ شرعا الا للقادر عليه. المتأهل فيه واهله اليوم وسط بين طائفتين. طائفة تتجرأ على الترجيح مع فقد الته وطائفة تمنع لمن ملك عمن ملك اهليته. وفي كتابه بالبحر المحيط للزركشي. والفروق للقرافي. واعلام الموقعين لابن القيم مسألة كلام بعضهم يشبه فيها بعضا. وكأن بعضهم اخذ عن بعض في ذكر من يصح له الاجتهاد من غير اهل الاجتهاد المطلق ولا من اهل الاجتهاد المقيد من اصحاب الوجوه. والاقوال ولا من دونه بل من دون دون ذلك يفهم الواقف فيها ان هذه المسألة مرتبة على نحو يبقيه في الناس محفوظا دون تهور في وبالاجتهاد ولا تقعر وجمود في المنع منه. ويعرف به معيار اهل العلم فيما يجتهدون فيه وما لا يجتهدون. ثم ذكر المصنف رحمه الله قسمة الاحكام. والمراد بها هنا الاحكام الطلبية التي يسميها عامة الاصوليين بالتكليفية. واقتصر عليها المصنف. لان الحاجة اليها واقتصر عليها المصنف لان الحاجة اليها اشد والحكم بها اكثر. فدوران الفاظ هذه الاحكام الخمسة اكثر من غيرها اذ تقدم ان الحكم الشرعي الطلبية نوعان احدهما الحكم التكليفي والاخر الحكم الوضعي. وذكرنا حينئذ في شرح الورقات ان اسم الحكم معدول عنه فانه مبني على اعتقاد خلاف اعتقاد اهل السنة والجماعة فينظر من الموضع المذكور. وهذه الاحكام الخمسة يعبر عنها بالف من جملتها المذكور في كلام المصنف وهو الواجب والحرام والمسنون والمكروه والمباح. فهذه الصياغة هي اسم للحكم الشرعي اي باعتبار تعلقه بالعبد. يسمن للحكم الشرعي باعتبار تعلقه بالعبد وتقدم ان المقدم هو التعبير عنها باعتبار تعلقها بمن بالله الذي هو الحاكم سبحانه وتعالى. فيقال الايجاب والنفل والكراهة والتحريم والاباحة او التحليل. واختار المصنف وغيره وهم عامة الفقهاء. الالفاظ المذكورة هنا للتعبير بها لانها اوضح وابين في الدلالة على حكم العبد. لانها اوضح وابين في الدلالة على حكم فعل العبد. فالمراد في الفقه بيان احكام افعال العباد آآ والمراد بالافعال هنا ما يقع منهم ويصدر عنه. فالفعل هو الايجاد الفعل هو الايجاد سواء كان اعتقادا او قولا او عملا وسلك رحمه الله في بيان هذه الاحكام الخمسة مسلكا قريبا المأخذ للمبتدئين بعبارة تقرب لافهامهم حقائق هذه الاحكام. فهي مناسبة للابتداء. واما من جهة تحقيق القول فيها فقد سبق بيانه في شرح الورقات. فالحكم الاول هو الواجب وقال فيه وهو ما اثيب فاعله وعوقب تاركه اي باعتبار اصل ذلك. فكل واجب توجد فيه اثابة اعينه ومعاقبة تاركه. اما من جهة فان فاعله يكون موعودا ويكون تاركه متوعدا بايش؟ بالعقاب. ثم ما لا بد من وجود الامتثال فيه بان يفعله عن نية ارادة التقرب من الله سبحانه وتعالى. ثم بين الحكم الثاني وهو الحرام فقال والحرام ضده. اي ما اثيب تاركه وعقب فاعله ثم بين الحكم الثالث فقال والمسنون ما اثيب فاعله ولم يعاقب تاركهم. فالفرق بينه وبين الواجب هو تخلف عقاب تاركه فتارك المسنون لا يعاقب بخلاف تارك الواجب فانه يعاقب. والمراد بعقابي هنا توعده بذلك. اذ قد يقوم مانع يمنع من عقوبته ثم بين الحكم الرابع فقال والمكروه ضده اي ضد المسنون فهو ماء اثيب ايش؟ تاركه. وايش؟ ولم يعاقب فاعله. ثم بين الحكم الخامس فقال والمباح وهو الذي فعله وتركه على حد سواء. اي ان العبد ده مخير بين الفعل والترك. وهذه الجملة من معاني هذه ما هي كما تقدم بما يناسب حال المبتدئين في الفقه ويقربهم من فهم الاحكام التي تذكر فيها هذه الالفاظ بانه اذا قيل ويجب او ويحرم او ويسن او ويكره او ويباع فالمراد وبه هذه المعاني القريبة المأخذ وتقدم بيان انواع الاحكام الشرعية واسمائها ومعانيها في شرح الورقات. ثم ذكر اصنف حكم تعلم الفقه. فقال ويجب على المكلف ان يتعلم منه كل ما يحتاج اليه في عباداته ومعاملاته. قال صلى الله عليه وسلم من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين والمكلف هو من هو البالغ العاقل فالجامع وصف العقل والبلوغ يسمى عند الاصوليين والفقهاء مكلفا الموضوع له شرعا هو ايش؟ هو العبد والاسم الموضوع له شرعا هو العبد. اذ اسم التكليف لم يرد في القرآن والسنة على المعنى الذي طلع عليه الاصوليين صلح عليه الاصوليون والفقهاء وفيهما فيه من اعتقاد مخالف اهل السنة كما تقدم. والمقصود انه يجب على العبد ان يتعلم يقرأ ومقدار ما يجب منه هو المذكور في قوله كل ما يحتاج اليه في عباداته فتعلق الوجوب بالعبد مناط بايش؟ بعمله به مناط بعمله به. فاذا اراد ان يعمل بشيء في عباداته او معاملاته فان تعلمه احكام ذلك يكون واجبا. وهذا احسن الاقوال فيما يجب من العلم. وهو ان كل ما وجب العمل به فانه يجب تقدم العلم عليه. ان كل ما يجب العمل به فانه يجب التقدم العمل العلم عليه. ذكره جماعة منهم الاجري في فظ طلب العلم وابن القيم في اعلام الموقعين والقرافي في الفروق وهذا الايجاب له ونوعان احدهما ما يجب ابتداء ما يجب ابتداء. كطهارة العبد وصلاته والاخر ما يجب لملابسته ما يجب لملابسته والاشتغال كعلم احكام البيوع لمن اشتغل ايش؟ بالتجارة. فان لم يكن تاجرا فلا تجب عليه احكام البيوع وذكر المصنف الدليل وهو حديث معاوية ابن ابي سفيان رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين. متفق عليه. اي رواه البخاري ومسلم فالفقه الذي هو علم من مشهولات اسم الفقه شرعا. فان الفقه شرعا اوسع من اسم الفقه اصطلاحا. فالفقه شرعا وايش سم ما شاء الله. يعني بعبارة احسنت. هو ادراك خطاب الشرع مع العمل به. هو ادراك الشرع مع العمل به. من ذكره. ايش ذكره ابن القيم في مفتاح دار السعادة وابن سعدي في مجموع الفوائد. ونقل الاول اجماع السلف على ان اسم الفقه لا ايكون الا باجتماع العلم والعمل؟ ونقل الاول اجماع السلف على ان اسم الفقه لا يكون الا باستماع العلم والعمل. اما الفقه اصطلاحا تونا ذكرنا الاحكام الشرعية الطلبية. اما الفقه اصطلاحا فالاحكام الشرعية الطلبية فقوله صلى الله عليه وسلم يفقهه في الدين ان يرزقه العلم والعمل به ومن افراد ذلك اسم الفقه اصطلاحا. وهو الاحكام الشرعية الطلبية