الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله الامين نبينا محمد عليه وعلى اله وصحبه افضل الصلاة واتم التسليم تسنيم اما بعد. اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه ولمشايخه وللمسلمين. قال العلامة ابن سعدي رحمه الله تعالى في مصنفه من نهج السالكين باب نواقض الوضوء وهي الخارج من السجنين مطلقا والدم الكثير ونحوه وزوال العقد بنوم او غيره اكل لحم الجزور ومس المرأة بشهوة ومس الفرج وتغسيل الميت والردة. وهي تحبط الاعمال كلها لقوله تعالى او جاء احد منكم من الغائط او لامستم النساء. وسئل النبي صلى الله عليه وسلم نتوضأ من لحوم الابل؟ فقال نعم رواه مسلم. وقال في الخفين ولكن من غائط وبون ونوم. رواه النسائي وصححه لما فرغ المصنف رحمه الله من باب صفة الوضوء. وما يتبعها من المسح على الخفين والجبيرة اتبعه بباب في نواقض الوضوء هو في بيان ما ينحل به الوضوء الذي انعقد لايجاد صفته الوضوء له جهتان. احداهما جهة وجود. وهي المذكورة في باب صفة في وضوء احداهما جهة وجود وهي المذكورة في باب صفة الوضوء والاخرى جهة عدم. وهي المذكورة في باب نواقض الوضوء. والاخرى جهة عدم وهي المذكورة في باب نوافظ الوضوء. فان العبد اذا توضأ على الصفة المذكورة في الباب السابق انعقد وضوءه وصار موجودا فاذا طرأ عليه ناقض او اكثر مما هو مذكور في باب نواقض الوضوء انحل وضوءه وصار عدما. فنواقض الوضوء هي مبطلاته. وهي الاصطلاح الفقهي ما يطرأ على الوضوء فتتخلف معه اثار المترتبة على فعله. ما يطرأ على الوضوء فتتخلف مع الاثار المترتبة على فعله. اي ما يعرض للعبد طارئا على وضوءه. فتزول معه الاثار المرتبة على الوضوء كاستباحة الصلاة او مس المصحف او الطواف او غيرها مما يؤمر بالوضوء له امر ايجاب او امر استحباب. وعدى المصنف نواقظ الوضوء ثمانية. فالناقض الاول في قوله وهي الخارج من مطلقا. وقوله وهي متعلق بالترجمة اي نواقض الوضوء. ثم ما بعده شروع في عد تلك النوافظ واحدا واحدا فالناقض الاول الخارج من السبيلين. والسبيل هو المخرج من قبل او دبر. فكل انسان له سبيلان. احد هما سبيل في قبره. هو مخرج البول من عادة ومخرج البول والدم من المرأة عادة. والاخر سبيل دبر وهو مخرج الغائط منهما عادة. والجاري بلسان الفقهاء ايراده بالافراد بقولهم الخارج من سبيل فالتثنية للافصاح عن حقيقته. اذ كل انسان كما تقدم له سبيلان المراد بالخارج المباين المفارق للمخرج. والمراد بالخارج المباين فارقوا للمخرج لا يريدون به ذات الخارج. لا يريدون به ذات الخارج فالبول مثلا لا يكون ناقضا الا اذا باين مخرجه وخرج منه. فاذا كان محبوسا في جوف العبد فلا يعد ناقضا فالتعبير بالخارج اشارة الى وقوع الخروج بالمفارقة المزايلة لا لارادة الخارج نفسه من جهة ذاته وقوله مطلقا اي على اي حال كان. قليلا او كثيرا معتادا او غير معتاد. طاهرا او نجسا. فكلما خرج من سبيل في قبر او دبر فانه يكون ناقضا. فلو قدر انه وخرج من دبره خرزة دخلت في جوفه بغلبة حال او نحوه فانها اذا خرجت من دبره تعد ناقضة ام غير ناقضة؟ تعد ناقضة باندراجها في قولهم خارج من سبيل مطلقا. وكذا لو كان الخارج طاهرا كمني فانه ينقض الوضوء وهو معدود في موجبات الغسل الذي هو اعظم من الوضوء لتعلقه بالحدث الاكبر لا الاصغر. والجاري في لسان الفقهاء عند ذكرهم مطلقا شمول جميع الافراد. والجاري في لسان الفقهاء عند ذكرهم مطلق شمول جميع الافراد. والناقض الثاني في قول والدم الكثير ونحوه. فاذا خرج من العبد دم كثير ونحوه انتقض وضوءه دون ارادة ما خرج من سبيل فقط. فان النافض هنا هو بروز الدم مباينا جسد العبد. فلو خرج من انفه او رأسه او غير ذلك فانه ينتقض وضوءه. ومراد المصنف بقوله ونحوه اي ما كان محكوما عليه بالنجاسة كالدم. اي ما كان محكوما عليه بالنجاسة كالدم. ومنه قيء وصديد. فالخارج النجس من البدن ينقض الوضوء. ومعنى قوله الكثير اي الفاحش. الذي يحكم بكثرته ومذهب الحنابلة انه يفحش في نفس كل احد بحسبه. انه يفحش في نفس لاحد بحسبه. اي يعول على حكم العبد نفسه في كون الخارج النجس منه كثير او غير كثير. وهذا الناقد يشير اليه بعضهم بقوله الخارج النجس من البدن اذا كان فاحشا. الخارج النجس من البدن اذا كان فاحشا فالخارج من البدن سوى السبيلين ناقض عند الحنابل بشرطين فالخارج من البدن سوى السبيلين ناقض عند الحنابلة بشرطين. احدهما ليكون نجسا كدم وقيء. فلو كان طاهرا كعرق ودمع لم ينتقض وضوءه به. والاخر ان يكون كثيرا وكثرته في حق كل احد بحسبه. وهذا الناقظ المعدود هنا من جملة النواقض المذكورة في كلام المصنف مما ترجح عنده خلافه فانه ذكر في المختارات الجلية ان الخارج النجس الكثير من البدن لا ينقض الوضوء. فترجيح المصنف ان هذا لا ناقضا والعمدة في تعيين ترجيحه هو ما ذكره في كتاب المختارات الجلية وعول على كون ما في المختارات الجلية هو المعتمد عنه لامرين وعول على ما في المختارات الجلية انه المعتمد عنه لامرين. احدهما تأخر وضعه تصنيفا تأخر وضعه تصنيفا فان تصنيفه كتاب المختارات الجلية متأخر عن كتاب منهج السالكين. والاخر ان كتاب المختارات نية موضوع اصلا لبيان ترجيحاته خلاف المذهب. ان كتاب المختارات الجلية موضوع اصلا لبيان الترجيحات على خلاف المذهب. وبهذا مما سيأتي يتبين للمتفقه ان كتاب منهج السالكين لا يصح القول بان ما فيه هو الترجيحات المعتمدة عن مصنفيه فمصنفه وضع الكتاب اصلا وفق مذهب الحنابلة. واختار في مواضع يسيرة باعتبار ما تدعو اليه حاجة المتعلم. وترك مما يقوى فيها النزاع حررها في كتابه الاخر المختارات الجلية فمن مواضع ما ينبغي تحريره المسائل التي طه المصنف في منهج السالكين والراجح عنده هو خلافها. لان من الناس من يتوهم ان كل ما في منهج السالكين راجح عند مصنفه. وليس الامر كذلك باعتبار من اليه امره. فان الشيء يكون راجحا عند الفقيه في زمن ثم يترجح له خلافه وصناعة الفقه صناعة وعرة المسلك يقع التردد فيها للفقيه. وقد عن الواحد من الفقهاء سبعة اقوال. كالمن قول عن احمد في الروايات السبع والست والخمس وما دونها. فان هذه الروايات المنقولة عنه باعتبار تنازع الادلة او ما احتف بتلك المسألة في زمان او او فاعل. وهي لا تقضي بضعف النظر الفقهي. بل تؤكد اصالة نظر الفقر وانه يلاحظ فيما يختاره ما يؤثر في المسألة من دليل او حال كزمان او مكان او فاعل. والناقض الثالث في قوله وزوال العقل بنوم او غيره. والمراد بقوله او غيره ما في معناه. كالاغماء او التخدير ببنج او سكر فاذا زال العقل انتقض الوضوء وتسمح المصنف بالعبارة المؤدئة المؤدية عن هذا المعنى بقوله وزوال العقل ودقق غيره وهم جمهور الفقهاء بذكرهم هذا الناقد بقولهم زوال العقل او تغطيته. زوال العقل او تغطيته. والفرق بين الزوال والتغطية ان العقل في الزوال يكون مفقودا حقيقة او حكما. ان العقل في الزوال يكون مفقودا حقيقة او حكما. فحقيقته كمجنون. وحكمه كصغير فحقيقته كمجنون وحكمه كصغير. واما في التغطية فيكون العقل موجود واما في تغطيته فيكون العقل موجودا. لكن سطى عليه ما ما اذهب حكمه في تلك الحال كالنوم او الاغماء او السكر والناقد الرابع في قوله واكل لحم الجزور والجزور اسم للابل. سميت جزورا باعتبار ما يقطع منها ويفصل. باعتبار ما يقطع منها ويفصل فهي اشد بهائم الانعام في محاولة فصل لحمها عن عظمها وقولهم رحمهم الله لحم الجزور يريدون به ما دخلته بالجزر فصلا للحم عن العظم. دون ما لم يكن كذلك. فلا نقض عندهم برأس او كبد او كرش او مصران. فهي لا تسمى ها لحما لعدم دخول الجزر فيها. فالنقض عند الحنابلة وتبعهم المصنف هنا مختص باللحم الذي يجزر بقطعه وفصله مما تعلق بعظم. اما ما كان منفصلا لا يحتاج عادة الى محاولة فصله بسكين لقطعه فهذا لا ينقض عندهم. واختار رحمه الله في كتابه الاخر المختارات الجلية ان النقض يقع بجميع اجزاء الابل واختار المصنف في كتابه الاخر المختارات الجنية ان النقض يقع بجميع اجزاء الابل فلو اكل رأس بعير ففي المذهب ووفى ما ذكره تصنف هنا لا ينتقض وضوءه. وفي الرواية الثانية وهي التي اختارها المصنف في المختارات الجلية فانه ينتقض وضوءه. والناقض الخامس في قوله ومس المرأة بشهوة والشهوة هي الذي لذة وشرط المس ان يكون بلا حائل. وشرط المس ان يكون بلا بان يفضي ببشرته الى بشرتها بان يفضي الى ببشرته الى بشرتها والبشرة اسم لظاهر الجلد. اسم لظاهر الجلد فالنقض بمس المرأة له شرطان عنده. فالنقض بمس المرأة له شرطان عندهم احدهما الافضاء بالمباشرة بلا حائل. الافضاء بالمباشرة يا حائل. والاخر وجود الشهوة. وهي التلذذ وجود الشهوة وهي التلذذ. فلو قدر ان رجلا يلبس قفاز في يدي. مس بشرة امرأة. فان وضوءه لا ينتقض وكذا لو انه مسها مفضيا اليها ببشرته بلا شهوة فانه لا ينتقض ايضا. والمرأة هنا تشمل كل ذات محرم او اجنبيته تشمل كل امرأة ذات محرم او اجنبية فلو مس زوجته بشهوة بلا حائل انتقض وضوءه وكذا لو كان مع اجنبية يحرم عليه مسها فمسها مفضيا الى بشرتها مع وجود الشهوة فانه ينتقض وضوءه والناقض السادس في قوله ومس الفرج والفرج اسم للقبل والدبر معا. اسم للقبل والدبر معا ومحله من الرجل ذكره ومحله من الرجل ذكره دون غيره. ذكره دون غيره. ومن المرأة موضع الوطء منها. ومن المرأة موضع الوطء منها. دون ما احاط به دون ما احاط به. ومنه ما معا في دبر حلقته منهما معا في دبر حلقته. فاذا وقع المس بيد فاذا وقع المس بيد باطنا او ظاهرة فاذا وقع المس بكف يد باطنا او ظاهرا. لما ذكرنا انتقض الوضوء. فلو قدر ان المس تعلق بالخصيتين لم ينتقض الوضوء وكذا لو لمس من دبر غير موضع الحلقة. فانه لا ينتقض وضوء واطلق المصنف المس فلم يقيده بوجود الشهوة وهذا هو الفرق بينه وبين سابقه. ففي مس المرأة يشترط وجود الشهوة واما في مس الفرج فلا يشترط ذلك. ويشتركان في كون المس بلا حائل ويشتركان في كون المس بلا حائل اي بالافضاء مباشرة ويعم الفرج فرج نفسه وغيره تعم الفرج فرج نفسه وغيره. والناقض السابع في قوله وتغسيل الميت. والغاسل هو المباشر للميت بدلكه والغاسل هو المباشر للميت بدلكه وتقلي به لا من يصب الماء عليه. فانه لا يسمى غاسلا لا من يصب الماء عليه فانه لا يسمى غاسلا. واختار المصنف في المختارات الجلية ان الوضوء لا به واختار المصنف في المختارات الجلية ان الوضوء لا ينتقض به. والناقض الثامن في قوله والردة. والمراد بها الخروج عن الاسلام الى الكفر. والمراد بها الخروج عن الاسلام الى الكفر سميت ردة باعتبار رجوعه عن الاسلام. سميت ردة باعتبار عن الاسلام فمن ارتد انتقض وضوءه. وقوله وهي تحبط الاعمال كلها للدلالة على ان واحد من تلك الاعمال فيبطل بها للدلالة على ان الوضوء واحد من تلك الاعمال فيبطل بها والمذهب ان الردة تحبط الاعمال كلها عند الموت عليه ان الردة تحبط الاعمال كلها عند الموت عليها قال الله تعالى ومن يرتدد منكم على دينه فيمت وهو كافر. فاولئك حبطت اعمالهم في الدنيا والاخرة. فشرط حبوط العمل المذكور في الاية اثنان احدهما الردة والاخر الموت عليه. احدهما الردة والاخر الموت عليها فان ارتد ثم رجع الى الاسلام لم يحبط عمله. فان ارتد ثم رجع الى الاسلام لم يحبط امله وذكر المصنف ثلاثة ادلة توضح صحة التقرير المتقدم الدليل الاول قوله تعالى او جاء احد منكم من الغائط او لامستم النساء وفيه بيان ان الخارج من السبيلين مطلقا ومس المرأة ناقض للوضوء وفيه ان الخارج من السبيلين مطلقا ومس المرأة ناقض للوضوء. فالاول في قوله من الغائط. وهو اصلا اسم موضع قضاء الحاجة. ثم جعل اسما للحاجة نفسها. فالغاية هو المتسع من الارض. وكانوا يقصدونه لقضاء حاجاتهم. ثم سمي الخارج نفسه من قبل او دبر بهذا الاسم. فكلما خرج من السبيل قبلا او دبرا فهو ناقض للوضوء. والثاني في قوله اولى مستم النساء فهو عند الحنابلة المس للمرأة فهو عند الحنابلة المس للمرأة وقواه عندهم القراءة الاخرى او لمستم النساء عندهم القراءة الاخرى. او لمستم النساء. وهي قراءة حمزة والكساء وخلف العاشر وهي قراءة حمزة والكسائي وخلف العاشر. والدليل الثاني حديث ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل ان اتوضأ من لحوم الابل؟ فقال نعم رواه مسلم اي من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما. وفيه بيان ان اكل لحم الجزور ناقض للوضوء. للامر بالوضوء انه وتقدم ان الحنابلة عبروا عن هذا الناقض بقولهم اكل لحم الجزور مع ورود الاحاديث بلحوم الابل لانهم النقض بما جزر. لا بمطلق لحم الابل. والدليل حديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في الخفين ولكن من غائط وبول نوم رواه النسائي والترمذي وصححه. واخرجه ابن ماجة ايضا فهو مما رواه اصحاب السنن الا النسائي. من حديث صفوان بن عساف رضي الله عنه انه قال قال امرنا النبي صلى الله عليه وسلم اذا كنا في سفر الا خفافنا ثلاثة ايام ولياليهن. الا من جنابة ولكن من غائط وبول ونوم. ومعنى قوله وصححه اي الترمذي اي حكم عليه بقوله حسن صحيح او بقوله صحيح. فالعلماء متفقون ان تصحيح الترمذي هو الواقع بقوله حسن صحيح او بقوله صحيح. وان اختلفوا اختلافا كثيرا في معنى قوله صحيح فها هنا مسألتان مفترقتان احداهما العبارة التي يحكم بها الترمذي بالصحة. وهي حسن صحيح او صحيح والاخرى معنى تلك العبارة. اي وجه الجمع بين قوله او صحيح. ودلالة الحديث على الناقض في قوله ولكن بالغائط وبول ونوم. فان النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم نزع الا من الجنابة ان ينزعوا خفافهم ويغتسلوا. واما في هؤلاء المذكورات فانهم يمسحون هن من نواقض الوضوء. ففيه بيان ان الخارج من السبيلين وما يزول به العقل او يغطى انهما ينقضان الوضوء