الورقات لابي المعالي عبدالملك ابن عبد الله الجويني الشافعي فصل ومن شرط المفتي ان يكون عالما بالفقه اصلا وفرعا خلافا ومذهبا وان يكون كامل الالة في الاجتهاد عارفا بما يحتاج اليه في استنباط الاحكام من النحو واللغة معرفة الرجال وتفسير الايات الواردة في الاحكام والاخبار الواردة فيها. ومن شرط المستفتي ان يكون من اهل التقليد فيقلد المفتي في الفتوى. وليس للعالم ان يقلد. وقيل يقلد بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين. اما بعد اه انتقل الماتن رحمه الله للكلام عن ما يتعلق بشروط المفتي والمجتهد وشروط المستفتي فقالوا من شرط المفتي سيتحدث هنا عن شرط المفتي وشروط المفتي متوافقة مع شروط المجتهد عند الاصوليين. يعني الشروط لهما واحدة. قال ومن شرط المفتي تقدم معنى ان هذه الصيغة يستعملها المؤلف رحمه الله تعالى للدلالة على انه على ان المفتي له بشروطا اخرى غير هذا الشرط المذكور وان هذا بعض شروط المفتي قال ومن شرط المفتي المفتي هو المخبر بحكم الله لمعرفته بدليله فهذا هو اه المفتي ثم بدأ بالشروط فقال ان يكون عالما بالفقه عالما بالفقه يعني عالما بمسائل الفقه مع حصول الملكة. اذا المقصود بمعرفة الفقه معرفة امرين. مسائل الفقه مع تحصيل الملكة التي يستطيع من خلالها من خلالها ان يفهم الفروع الفقهية ويستنبطها كما سيأتي. ومقصود المؤلف ان يكون عالما اه بالفقه مقصود معرفة جملة من المسائل وليس كل المسائل لكن مع شرط التمكن من استخراج المسائل الباقية التي لم يعرفها. فيكون جزء من المسائل معروفة له وجزء يسهل عليه استخراجها ومعرفتها ثم قال ان يكون عالما بالفقه اصلا وفرعا. يعني يقصد ان يكون عالما بقواعد وفروع الفقه يعني يكون عالما بالقواعد الفقهية والقواعد الاصولية للفقه مع فروعه وقوله اصلا وفرعا يعني فيه تشابه مع ما سبق من قوله بالفقه. ثم قال خلافا ومذهبا خلافا يعني يكون عارفا بخلاف حتى لا يخرق الاجماعات وحتى لا يولد قولا جديدا لم يقل به احد في مسألة اختلف الفقهاء فيها على قولين فلابد ان يكون عارفا بالخلاف. كما ان معرفة الخلاف هي بنفسها تولد الملكة هي بنفسها تولد الملكة فقوله خلافا ومذهبان الخلاف هذا يدل على انه يشترط على المفتي ان يعلم ان ما افتى به لا يخالف الاجماع لا يخالف الاجماع وقوله ومذهبا يقول خلافا ومذهبا ومذهبا يعني يعرف ما يسوغ الذهاب اليه من الاقوال وما لا يسوغ. او يكون مراده يعرف قواعد مذهب امامه. اذا كان مجتهد مذهب اما ان يكون هذا او هذا والامر يسير في معرفة المقصود المؤلف بكلمة ومذهبا ثم قال رحمه الله تعالى وان يكون كامل الالة في الاجتهاد. يعني يشترط في المفتي ان يكون ذو ملكة. يدرك بها الاحكام تام من خلال ادوات الاجتهاد. ويتمكن من النظر باختلاف اه الادلة من غير ان يتشوش ادراكه بسبب اختلاف الادلة التي ينظر فيها. فهذا كله من يعني الشروط التي تشترط في المفتي والمؤلف لما قال كامل الالة في الاجتهاد شرح هذه العبارة بالعبارة التالية وهي قول عارفا بما يحتاج اليه في استنباط الاحكام من النحو واللغة ومعرفة الرجال الى اخره. يعني قول وعارفا بما يحتاج اليه في استنباط الاحكام يعني ان من جملة الالة التي يحتاج اليها في الاجتهاد هذه الامور وانما افردها بالذكر اهتماما بها وانما افرادها بالذكر اهتماما بها يقول رحمه الله تعالى عارفا بما يحتاج اليه في استنباط الاحكام من النحو. النحو هو عبارة عن معرفة احوال من البناء والاعراب ويحتاج اليه المجتهد او الفقيه لكي يعرف معاني الكلام الذي يريد ان يستنبط منه الاحكام وقوله واللغة يعني يشترط ان يكون عالما باللغة لان شرعنا نزل بلسان عربي ولا يعرف الا بمعرفة كلام العرب. وبناء على معرفة كلام العرب سيعرف معاني الالفاظ وايضا به يعرف العموم والخصوص والاطلاق والتقييد والحقيقة والمجاز فهذه من الامور التي يتوقف معرفتها على معرفة اللغة ولذلك اشترطها الماتن ثم قال ومعرفة الرجال اي معرفة احوال رواة الاخبار من حيث الجرح والتعديل الى اخره. لانه من المعلوم ان سبيلنا لمعرفة الاخبار هؤلاء الرواة. فنحن نحتاج الى معرفة احوالهم لتثبت الاخبار التي نستنبط منها وقال ثم قال رحمه الله تعالى وتفسير الايات الواردة في الاحكام والاخبار الواردة فيها. معرفة الايات والاحكام شرط لان الايات والاحاديث يعني احاديث الاحكام هي محل الاستنباط وقول المؤلف ومعرفة كذا وكذا وتفسير الايات الى اخره اشتراط المعرفة يدل على ان الماتن لا يشترط الحفظ بل يشترط المعرفة يعني ان يكون عارفا بها وبمواقعها بحيث يستطيع الكشف عنها متى اراد وذلك حتى يرجع اليها ما تحتاج ان يستنبط وينظر في الادلة. وبهذا الشرط الاخير ختم المؤلف شروط المفتي وعلم من هذا انه لا يشرط للمجتهد ولا للمفتي معرفة علم الكلام وهذا صحيح لان الاستنباط من ايات واحاديث الاحكام لا يتوقف على معرفة علم الكلام. فلذا فهو لا يشترط في الاجتهاد والفتوى. هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين ثم انتقل الماتن رحمه الله تعالى الكلام عن شرط المستفتي فقال ومن شرط المستفتي ان يكون من اهل التقليد. تقدم معنى التعليق على قول المؤلف ومن شرط وانه يدل على انه ترك شروطا اخرى اه لم يذكرها في هذا المختصر. يقول ومن شرط المستفتي ان يكون من اهل التقليد يعني انه لا يجوز لكل واحد ان يقلد ويستفتي بل يجب ان يكون من اهل التقليد. فان كان من اهل الاجتهاد بان اجتمعت فيه شرائط الاجتهاد فانه لا يجوز له ان يقلد ثم قال فيقلد المفتي في في الفتيا قوله فيقلد المفتي في الفتيا معناه انه لا يجوز للانسان ان يقلد كل احد. بل لا يجوز ان يقلد الا من هو اهل للتقليد من اهل الفتيا التي تحققت فيه الشروط السابقة. فلا يجوز ان يقلد اي احد او ان يسأل اي احد بل يجب ان يسأل من هو من اهل الفتيا فهذا معنى قول ماتن فيقلد المفتي في الفتيا وقوله في الفتيا يدل على انه لا يجوز ان يقلد عمل المفتي لان عمل المفتي قد يكون صدر منه لسبب او لاخر. او قد يكون له عذر فيه الى اخره فالواجب ان يقلد فتواه النطقية اللفظية. ولا يقلد عمله. فهذا ما يشير اليه الماتن بقوله في الفتي فيقلد المفتي في الفتيا. ثم قال رحمه الله تعالى وليس للعالم ان يقيد البيت. قوله فيقلد المفتي في الفتي وجوب تقليد المفتي محل اجماع ودل عليه قوله تعالى فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون. بمعنى ان العامي يجب عليه ان يسأل اذا لم يعلم. ويقلد الاعلم او العالم وجوبا اجماعا. نعم. نرجع يقول وليس للعالم ان يقلد يعني ليس للعالم الذي اكتملت فيه شروط الاجتهاد ان يقلد. وذلك لتمكنه من الاجتهاد وهذا على قسمين. القسم الاول ان يكون بعد ان يجتهد. يعني اذا اجتهد العالم المجتهد في مسألة او في واقع اجتهد وعرف الحكم فانه لا يجوز بعد اجتهاده ان يقلد غيره بالاتفاق بالاتفاق. اما اذا كان قبل ان يجتهد يعني نظر في النازلة ولم يجتهد فهل يجوز ان يقلد غيره؟ الجمهور لا يجوز ان يقلد مطلقا لتمكنه من الاجتهاد. وقيل يجوز لمن هو منه من العلماء فقط وقيل يجوز مطلقا فيجوز للعالم ان يقلد العالم مطلقا وهذا نسب لاحمد واسحاق والثوري لكن الطوفي ظعف هذا المنقول عن احمد وقال المشهور عن احمد انه يقصد الصحابة انه يقصد الصحابة ليس مطلقا ولعل الراجح في هذه المسألة مسألة هل يقلد العالم العالم؟ انه لا يجوز الا في احوال يعني في احوال معينة مثل لو كان الوقت ضيقا. لا يتسع للبحث او لو تردد في حكمها. نظر واجتهد ولكنه لم تتضح له تماما فمثل هذه ففي مثل هذه الاحوال يجوز للعالم ان يقلد العالم. والحقيقة انه لا يمكن ان ينفك عالم من تقليد عالم مطلقا لانه لا يتمكن كل عالم من ان يبحث جميع المسائل بحث اجتهاد وينظر فيها ويجمع الادلة يتأمل ويستنبط ويقارن هذا يعني قد يكون فيه شيء من التعذر فالغالب انه يجتهد في طائفة من المسائل وينظر في كلام اهل العلم ويأخذ عنهم بما تشبه التقليد يعني بما يشبه انه يقلد العالم العالم في اه فتواه وكلامه وتحريراته. هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد