بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. والعاقبة للمتقين. والصلاة والسلام على عبده ورسوله وصحوته من خلقه. وامينه على وحيه. نبينا وامامنا وسيدنا محمد بن عبدالله وعلى اله واصحابه سبيله واهتدى بهداه الى يوم الدين. اما بعد فاني اشكر الله عز وجل على ما من به من هذا اللقاء من اخوة في الله وابنائي الاعزاء اسأله عز وجل ان يجعله لقاء مباركا وان ينفعنا جميعا بما نقول وبما نعلم بما نعمل وان يصلح قلوبنا واعمالنا وان يعيننا وسائر المسلمين من صدور انفسنا ومن سيئات اعمالنا ومن مضلات الفتن. واسأله عز وجل ان على كل خير وان يبارك في جهودنا واعمالنا جميعا وان يحفظ علينا وقتنا وان يعمره بما يرضيه وان يعيذنا وسائر المسلمين من كل ما يغضبه سبحانه انه جواد كريم. ايها الاخوة في الله ايها الابناء الكرام عنوان المحاضرة حفظ الوقت واهميته. مما لا يخفى على كل ذي ذب. وكل ذي ادنى ان نسكه من علم وبصيرة اهمية الوقت وان الواجب حفظه حتى يشقى بما ينفع. وحتى يسلم مما يضر ومن تأمل الكتاب العزيز والسنة المطهرة وكلام اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكلام العلماء بعدهم علم اهمية اذا هذا اهمية لهذا الامر وحرص اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والعلماء بعدهم على حفظ الوقت والله جل وعلا انما خلق الثقلين ليعبد وحده لا شريك له بضاعة الاوامر وترك النواهي كما كما قال سبحانه وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون وهذه العبادة تحتاج الى علم والى بصيرة باصولها وانواعها وتفاصيلها وادلتها ولا سبيل الى فالقيام بذلك الا بحفظ الوقت ومن اضاع وقته جاء عليه امور وضاعت عليه العلوم وضاعت عليه المناسبات التي يحصل فيها الاكياس الخير الكثير وقد قال الله عز وجل في كتابه العظيم ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد قال سبحانه وان عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون ومن كانت اقواله محفوظة واعماله واقواله مكتوبة كيف يضيع الوقت القول محفوظ العمل محفوظ وكل شيء محصى ومكتوب فليجير لمن هذا شأنه ان يحفظ وقته وان يصونه مما يفسده عليه يقول بعض الناس ان الوقت اعز من ان الوقت من الذهب. ولكن الحقيقة انه اعز من الذهب فالذهب قد يستغنى عنه ولكن الوقت لا يستغنى عنه بل هو السبيل والطريق الى كل ما يرضي الله ويقرب لديه. وهو ظرف لك فيه يا عبد الله ما جعلت فيه من خير وشر فجدير بك ان تنظف هذا الظرف والا تخزن فيه الا ما ينفعك فالليل والنهار مضيتان وخزانتان يسجن فيهما الخير والشر ويوصلان العبد الى النهاية فجدير به ان يصونهما وان يحفظهما والا يخزن فيهما الا ما ينفعه من قول او عمل وقد قال الله عز وجل غسلت الجنة للمتقين غير بعيد هذا ما توعدون لكل اواب حفيظ من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب مبين ادخلوها بسلام ذلك يوم القيود لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد اخبر سبحانه ان الجنة المتقين غير بعيدا يوم القيامة لان قبل ذلك قوله تعالى قال قانونه ربنا ما اعطيته ولكن كان في ضلال بهين. قال لا تختصبوا لدي وقد قدمت اليكم الوعيد ما يبدل قول لدي وما انا بظلام الى ميت. يوم نقول لجهنم هل ان ثلاث وتقولها لنزيل كل هذا يوم القيامة وانزلت الجنة للمتقين ان قربت للمتقين يوم القيامة على رؤوس الاشهاد غير بعيد لان المكان غير بعيد يرونه ويشاهدونه هذا ما توعدون بهذا المرئي وهو الجنة ما توعدون بكم بأواب حفيظ فلو وعدتم به ونعود به كل اواب حفيظ والاواب هو الرجاع لطاعة الله هو التواب هو كثير العمل الصالح والاستغفار والتوبة هذا معنى كلام اهل التفسير الاوابون هم التوابون. هم الرجاء الى طاعة الله عز وجل هم ينيبون اليه هم يستقيمون على طاعته لكل اواب حفيظ والحفيظ هو الذي حفظ اوامر الله بالامتثال وحفظنا الله بالاجتنان وحفظ قلبه وجوارحه فصان ذلك عما يغضب الله وحفظ وقته فشغله بالخير ولم يضعه بل شغله بالخير وامره بالخير. هذا معنى كلام سلف الامة في تفسير الحكيم فالحبيب هو الذي حفظ اوقاته فعمرها بطاعة الله وصام جوارحه عن محارم الله وامر وقته بما يقربه الى الله ويرضيه سبحانه وتعالى. ولم يشغل وقته بما يضره. او بما يكدر عليه وقته او بما يشغله عما هو اهم من حفظ الوقت فصامه عن كل ما يؤذي وعن كل من يضر وشمله بما شرع الله وكفل نفسه عن محارم الله وحفظ حدود الله هذا هو الحفيظ الذي جمع الخير وابتعد عن الشر لكل اواب حفيظ ثم في الصلاة فقال من خشي الرحمن بالليل وجاء بقلب منيب ومن حفظه انه خشي الرحمن بالغيب مع انه لم يره بل امن به واتقاه وخشي عقابه وغضبه فعمر الوقت بطاعته. وابتعد عن معصيته وجاهد نفسه لله وحفظ حدوده سبحانه ثم جاء بقلب منيب مع كثرة حدود الله مع حفظه لاوامر الله مع حفظه لجوارحه عما يغضب الله اتى بقلب المؤمن وجابه منيب هو المقبل على الله. الخاشع المخبت السليم المخلص لله فالمنيب هو الرجاء الى الله يقبل عليه المثبت بين يديه الخاشع له سبحانه. هكذا المتقي لله. هكذا متقي لله هكذا المتقون من الرجال والنساء ومن العرب والعجم ومن الجن والانس هؤلاء هم متقون حقا الذين انابوا الى الله وحفظوا جوارحهم من معاصي الله وصانوها عما لا ينبغي وابتعدوا عن محارم الله وحفظوا الاوقات يشغلوها بما يضرهم ولم يخزنوا فيها ما يغضب الله عليهم بل حفظوها حتى خزنوا فيها ما ينفعهم وحتى طهروها عما يضرهم مؤامرة قلوبهم بخشية الله. فصارت هذه القلوب زيادة لامر الله. معمورة بحب الله وخشيته بعيدة عن كل ما يغضبه سبحانه والقلب هو الاساس متى صلح القلب وامر بخشية الله والاخلاص اليه والصدق في طلب رضاه استقامت الجوارح وحفظ الوقت كما قال المصطفى عليه الصلاة والسلام متفقين على صحته من حديث النعمان ابن بشير رضي الله تعالى عنهما الا وان هذا في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله الا وهي القلب. فالقلب هو الاساس والمحور. ومن وامر بالاخلاص لله ومن خشية الله وتعظيم امره ونهيه واستقامت احوال العبد وصان وقته وصار جوارحه وامر وقته بما يرضي الله ويقرب لديه محافظا لحدود الله القلب مش ممكن والمعاصي والنفاق من قادة الجوارح ما في القلب وهي تابعة للقلب ومقادة لما فيه وهكذا الحديث الثاني الذي رواه مسلم في صحيحه رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله لا ينظر الى صوركم ولا الى اموالكم ولكن ينظر الى قلوبكم وباللفظ الاخر ولكن انظروا الى قلوبكم واعمالكم فالقلوب هي محل نظر والاعتبار اما واموال فلا قيمة لها وليست محل نظر. ولكن محل النظر هو القلب والعمل. والقلب هو الاساس كما تقدم بهذه فمن تصلح القلب صلح العمل ومتى خبث القلب خبث العمل اما الصور والاموال فيتبع ذلك فاصبر والاموال ان استعمل في طاعة الله نفعت والا ضرت. ومن استعمل صورته يعني جسده. واستغل قوته وجماله وما اعطاه الله من دكائن وفهم ونحو ذلك فيما يرضي الله استفاد من ذلك ونفعه ذلك ومن استغل ذلك فيما يضره ضره ذلك. وصار عليه وبالا هذا هذا الجسد او هذه الصورة وهكذا المال كما علم في القلب وتصلح القلب استعمل المال وحفظ الوقت وصار المال عونا لصاحبه فيما يرضي الله. وفيما ينفع العباد. لانه يصرف على ما في القلب من العلم والهدى ولهذا قال عليه الصلاة والسلام ان الله لا ينظر الى صوركم ولا الى اموالكم ولكن ينظر الى قلوبكم واعمالكم فالواجب على ذي البصيرة وعلى من تعز عليه نفسه ان يعنى بقلبه وعمله والا يشغل عن ذلك بحقوق هذه هذه العاجلة وزخارفها ولذاتها فانها متاع قليل زائل وقد يضر ولا ينفع ولكن متى شغل بقلبه وباسباب صلاحه من الاخلاص لله وخشية لله والتعظيم لاوامره ونهيه وحفظ الوقت عما يضر هذا القلب من الاقوال والاعمال والغفلة انقاد كل شيء لهذا القلب ومن تغافل عن هذا القلب فاستولت عليه الغفلة واستولى عليه الشيطان انقادت الجوارح الى كل شر مما يملى عليها من جهة القلب فجدير بالمؤمن والمؤمنة ان تكون عنايتهما بالقلب اكبر عناية وان يحفظ اوقاتهما عن كل ما يضر هذا القلب. وعن كل ما يشغله عما يرضي الله وعن كل ما يعيقه عما يقربه من الله. وعن ما يفسد عليه حاله مع الله وان يعتدل الوقت امانة عظيمة يجب ان تصان عما يضر. يقول الله سبحانه يا ايها الذين امنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا اماناتكم وانتم تعلمون. ويقول عز وجل والذين هم لامانات وعهدهم راعون. فعليك يا عبد الله ان ترعى هذه الامانة. وهكذا جوارحك كلها امانة فعليك ان ترعاها وان تصونها عما يسبب عذابها يوم القيامة واذكر هذه الاية كثيرا وهي التي سبق ذكرها يقول سبحانه واسلمت الجنة للمتقين غير بعيد ما توعدون من كل اواب حكيم. حاسب نفسك هل انت اواب حفيظ؟ هل انت رجاء لله كلما احسست بذنب او تقصير بادرت بالتوبة بادرت بالاياب الى الله والرجوع اليه حاسب نفسك. يقول سبحانه والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا. ومجاهدة حساب النفس وجهادها لله والذين جاهدوا فينا ان جاهدوا انفسهم وجاهدوا الشيطان وجاهدوا الكفار وجاهدوا العصاة وجاهدوا كل ما يعوقهم عن مهمتهم ولهذا اطلق الجهاد وحدث مفعول اليوم والذين جاهدوا فينا ما قال انفسهم ولا قالوا ولا قال الكفار الاطلق ان يعم هذا الجهاد نفسه وشيطانك وعدوك الكافر والمنافق والعاصي ايضا يجاهد حتى يستقيموا. وقال تعالى يا ايها الذين امنوا اتقوا الله. وان تنظروا نفس ما قدمت لغد. واتقوا الله ان الله خبير بما تعملون. فقوله سبحانه وانتظروا نفس ما قبلكم لغد المحاسبة. في حفظ الوقت المعنى ان ينظر كل واحد ما قدم لاخرته. حتى لا تضيع اوقاته وحتى لا يخسر دنيا هو فالواجب هو العناية به وحفظه عما يضرك في دنياك انه مما فيه اضاعة لما ينفعك او ايقاع فيما يضرك فالوقت عظيم وهو اعز في الحقيقة من المال سواء كان ذهبا او غيرة لمن عقل وعرف فضل الوقت وما فيه من الفائدة العظيمة لمن حفظه. الفائدة العظيمة لمن في الوقت تعلم العموم وتحفظ في وقته جهاد النفس فيما ينفعها وصومها عما يضرها. في الوقت يهد الكفار في الوقت جهد منافقين جهاد العصاة في الوقت المراجعة والمذاكرة فيما ينفعك في الوقت نسب الرزق الحلال في وقت كل ما تريد من خير الدنيا والاخرة وهو تريد للدفاع لكل ما يضرك ولكل ما تخشى عاقبته وبين سبحانه ان المتقي والاواب والحفيظ انما يكون كذلك اذا اتصف بالصفتين الاخيرتين من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب ميت. المتقي على الحقيقة والاواب الحفيظ هو الذي الله لولا خشية الله ما كان هكذا. لكن خشية الله حملته على ان يتقي الله فاذا دعا محرم ويراقبه سبحانه في السر والعين ويحفظ وقته جعلته يشعر في هذا الوقت محارمه وتعظيم اوامره والحفاظ على حدوده مقبل على الله معظم لامره ونهيه فالعاقل وصاحب القلب المنيب هو الذي يقدر هذه الامور لاقباله على الله ولتقديره ما في وقت من الخير العظيم لمن حفظه وما فيه من الخطر العظيم لمن اضاعه فالعاقبة بعدها قال ادخلوها بسلام الجنة هذا شأن من حفظ وقته واتقى ربه واناب اليه هذا جزاؤه وعاقبته. ادخلوها بسلام للجنة. يعني بسلام في جنات وعيون يلبس فيها بكل فاكهة امنين ان الموتة الاولى ووقاهم عذاب الجحيم. فضلا من الامن في موضعه ان المتقين في مقام امين. الجنة مقام امين. لا تخرب ولا يعتريها نقص بل هي دائمة الوجود ودائمة النعمة والحضرة والسوء واهلها ويشربون ويتنعمون وهم امنون من الامراض في الدنيا فهم يأكلون ويشربون بكل ما يشتهون ومع ذلك ولا موت ولا كدر ولا حزن ولا مؤذي ولا مكدر. هذا فضل الله سبحانه وتعالى جزاؤهم لما حفظوا اوقاتهم عن الله وادوا في هذا الوقت حقه الخير وتباعدوا عن الشر. هذا جزاؤهم ان وصلوا الى هذه الدار العظيمة. دار السلام التي قال يا سبحانة والله يدعو الى دار السلام. وقال فيها جل وعلا انهم ان المتقين في جنات وعيون. ادخلوها بسلام امنين وانزعنا ما في ما في صدورهم من غل اخوانا المتقابلين لا يمسهم فيها نصب وما هم منها مجيء وصح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام انه قال اذا دخل اهل الجنة جنة ينادي مناد يقول ان تحيوا فلا تموتوا ابدا بدأ واياكم ان تشدوا فلا تحرموا ابدا. وان لكم ان تنعموا فلا تبتأسوا ابدا. هذه الجنة صحة وحياة طيبة ونعيم نائم وشباب دائم لا هرم ولا شيخوخة كلهم رجالهم ونسائهم في شباب دائم وصحة نائمة وحياة طيبة امينة. وفي دار كريمة ابد الاباد ولهذا قال بعد سبحانه ذلك يوم الخلود يوم البقاء الدائم. لهم ما يشاؤون ففيها فان النعيم ولدينا مزيد مما يظنون بما يتوهمون يعطون مزيدا لا يخطر ببالهم كما في الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل اعددت لعبادي في الجنة ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. ثم قضى تتجافى المضاجع يدعون ربهم ومما رزقناه ينفقون فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة اعين جزاء بما كانوا يعملون هكذا اعد الله لعباده المؤمنين في الجنة. ومن المزيد النظر الى وجه الله في الاخرة المزيد الاخرى للذين احسنوا الحسنى وزيادة. فالحسنى الجنة وزيادة النظر الى وجه الله. من جميع هذا النعيم فمن احسن في الدنيا نعيم اهل الجنة فانهم متى نظروا الى الله النظر الى وجهه سبحانه وتعالى هذا جزاء من اتقى ربه عن محارم الله وان يصلح ترزقنا جميعا حفظ الوقت وشغله بطاعة الله والاستعانة به على كل ما يرضي الله ويقربه سبحانه يصلح احوال المسلمين في كل مكان وان يولي عليهم خيارهم