بسم الله الرحمن الرحيم. يسر اخوانكم في مشروع كبار العلماء ان يقدموا لكم قراءة لكتاب الجامع لفوائد وتقريرات الشيخ ابن باز رحمه الله على منسكه. التحقيق والايضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب والسنة. قال ابن باز رحمه الله فصل في احكام الزيارة وادابها وتسن زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم قبل الحج او بعده. لما ثبت في الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة في مسجدي هذا خير من الف صلاة فيما سواه الا المسجد الحرام وعن ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال صلاة في مسجدي هذا افضل من الف فيما سواه الا المسجد الحرام. رواه مسلم وعن عبدالله بن الزبير رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة في مسجدي هذا افضل من الف صلاة فيما سواه الا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام افضل من مائة صلاة في مسجدي هذا اخرجه احمد وابن خزيمة وابن حبان وعن جابر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلاة في مسجدي هذا افضل من الف صلاة فيما سواه الا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام افضل من مائة الف صلاة فيما سواه اخرجه احمد وابن ماجة والاحاديث في هذا المعنى كثيرة. السنة لمن زار المدينة المنورة ان يبدأ بالمسجد النبوي. فيصلي في فيه ركعتين والافضل ان يكون فعلهن في الروضة اذا تيسر ذلك. من ناحية المساجد الموجودة بالمدينة المعروفة لي فكلها حادثة ما عدا مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ومسجد قباء وليس لهذه المساجد غير المسجدين المذكورين خصوصية من صلاة او دعاء او غيرهما. بل هي كسائر المساجد من ادركته الصلاة فيها صلى مع اهلها اما قصدها للصلاة فيها والدعاء والقراءة او نحو ذلك لاعتقاد خصوصية فيها. فليس لذلك اصل بل هو من البدع التي يجب انكارها. لا يجوز تتبع اثار الانبياء ليصلي فيها. او ليبني عليها مساجد لان ذلك من وسائل الشرك ولهذا كان عمر رضي الله عنه ينهى الناس عن ذلك ويقول انما هلك من كان قبلكم بتتبعهم اثار وانبيائهم وقطع رضي الله عنه الشجرة التي في الحديبية التي بويع النبي صلى الله عليه وسلم تحتها. لما رأى بعض الناس يذهبون اليها ويصلون تحتها حسما لوسائل الشرك وتحذيرا للامة من البدع وكان رضي الله عنه حكيما في اعماله وسيرته. حريصا على سد ذرائع الشرك وحسم اسبابه. فجزاه الله عن محمد خيرا ولهذا لم يبني الصحابة رضي الله عنهم على اثاره صلى الله عليه وسلم في طريق مكة وتبوك وغيرها مساجد لعلمهم بان ذلك يخالف شريعته. ويسبب الوقوع في الشرك الاكبر ولانه من البدع التي حذر الرسول منها عليه الصلاة والسلام. بقوله صلى الله عليه وسلم من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد. فاذا وصل الزائر الى المسجد استحب له ان يقدم رجله اليمنى عند دخوله ويقول بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم اللهم افتح لي ابواب رحمتك كما يقول ذلك عند دخول سائر المساجد وليس لدخول مسجده صلى الله عليه وسلم ذكر مخصوص ثم يصلي ركعتين فيدعو الله فيهما بما احب من خيري الدنيا والاخرة وان صلاهما في الروضة الشريفة فهو افضل لقوله صلى الله عليه وسلم ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ثم بعد الصلاة يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه ابي بكر وعمر رضي الله عنهما فيقف تجاه قبر النبي صلى الله عليه وسلم بادب وخفض صوت. ثم يسلم عليه عليه الصلاة والسلام قائلا السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته. لما في سنن ابي داوود باسناد حسن عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من احد يسلم علي الا رد الله علي روحي حتى ارد عليه السلام وان قال الزائر في سلامه السلام عليك يا نبي الله السلام عليك يا خيرة الله من خلقه السلام عليك يا سيد المرسلين وامام المتقين. اشهد انك قد بلغت الرسالة واديت الامانة. ونصحت امة وجاهدت في الله حق جهاده فلا بأس بذلك لان هذا كله من اوصافه صلى الله عليه وسلم ويصلي عليه عليه الصلاة والسلام. ويدعو له لما قد تقرر في الشريعة من شرعية الجمع بين الصلاة والسلام عليه عملا بقوله تعالى ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ثم يسلم على ابي بكر وعمر رضي الله عنهما. ويدعو لهما ويرضى عنهما وكان ابن عمر رضي الله عنهما اذا سلم على الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه لا يزيد غالبا على قوله السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا ابا بكر. السلام عليك يا ابتاه. ثم ينصرف وهذه الزيارة انما تشرع في حق الرجال خاصة اما النساء فليس لهن زيارة شيء من القبور كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه لعن زوارات في القبور من النساء والمتخذين عليها المساجد والسرج. واما قصد المدينة للصلاة في مسجد الرسول الله عليه وسلم والدعاء فيه ونحو ذلك مما يشرع في سائر المساجد. فهو مشروع في حق الجميع لما تقدم من الاحاديث في ذلك ويسن للزائر ان يصلي الصلوات الخمس في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم. وان يكثر فيه من الذكر والدعاء وصلاة النافلة اغتناما لما في ذلك من الاجر الجزيل ويستحب ان يكثر من صلاة النافلة في الروضة الشريفة. لما سبق من الحديث الصحيح في فضلها وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة اما صلاة الفريضة فينبغي للزائر وغيره ان يتقدم اليها. ويحافظ على الصف الاول بما استطاع وان كان في الزيادة القبلية لما جاء في الاحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم من الحث والترغيب في الصف الاول مثل قوله صلى الله عليه وسلم لو يعلم الناس ما في النداء والصف الاول ثم لم يجدوا الا ان يستهموا عليه لاستهموا. متفق عليه ومثل قوله صلى الله عليه وسلم لاصحابه تقدموا فاتموا بي وليأتم بكم من بعدكم ولا يزال الرجل يتأخر عن الصلاة حتى يؤخره الله اخرجه مسلم واخرج ابو داوود عن عائشة رضي الله عنها بسند حسن ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يزال الرجل يتأخر عن الصف المقدم حتى يؤخره الله في النار وثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه قال لاصحابه الا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها قالوا يا رسول الله وكيف تصف الملائكة عند ربها قال يتمون الصفوف الاول ويتراصون في الصف رواه مسلم والاحاديث في هذا المعنى كثيرة وهي تعم مسجده صلى الله عليه وسلم وغيره. قبل الزيادة وبعدها وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يحث اصحابه على ميامن الصفوف ومعلوم ان يمين الصف في مسجده الاول خارج عن الروضة. فعلم بذلك ان العناية بالصفوف الاول وميامن الصفوف مقدمة على العناية بالروضة الشريفة وان المحافظة عليهما اولى من المحافظة على الصلاة في الروضة. وهذا بين واضح لمن تأمل الاحاديث الواردة في هذا والله الموفق. ولا يجوز لاحد ان يتمسح بالحجرة او يقبلها او يطوف بها. لان بك لم ينقل عن السلف الصالح بل هو بدعة من كرة ولا يجوز لاحد ان يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم قضاء حاجة او تفريج كربة او شفاء مريض او نحو ذلك لان ذلك كله لا يطلب الا من الله سبحانه. وطلبه من الاموات شرك بالله وعبادة لغيره. ودين الاسلام مبني على اصلين احدهما الا يعبد الا الله وحده والثاني الا يعبد الا بما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا معنى شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. وهكذا لا يجوز لاحد ان يطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم الشفاعة. لانها ملك الله سبحانه فلا تطلب الا منه كما قال تعالى قل لله الشفاعة جميعا. فتقول اللهم شفع في نبيك اللهم شفع فيا ملائكتك وعبادك المؤمنين. اللهم شفع في افراطي ونحو ذلك. واما الاموات فلا يطلب منهم شيء. لا الشفاعة ولا غيرها. سواء كانوا انبياء او غير انبياء. لان ذلك لم يشرع ولان الميت قد انقطع عمله الا مما استثناه الشارع وفي صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا مات ابن ادم انقطع عمله الا من ثلاث صدقة جارية او علم ينتفع به او ولد صالح يدعو له وانما جاز طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم في حياته ويوم القيامة لقدرته على ذلك فانه يستطيع ان يتقدم فيسأل ربه للطالب اما في الدنيا فمعلوم وليس ذلك خاصا به. بل هو عام له ولغيره فيجوز للمسلم ان يقول لاخيه اشفع لي الى ربي في كذا وكذا. بمعنى ادع الله لي ويجوز للمقول له ذلك ان يسأل الله ويشفع لاخيه. اذا كان ذلك المطلوب مما اباح الله طلبه واما يوم القيامة فليس لاحد ان يشفع الا بعد اذن الله سبحانه كما قال الله تعالى من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه واما حالة الموت فهي حالة خاصة لا يجوز الحاقها بحال الانسان قبل الموت ولا بحاله بعد البعث والنشور لانقطاع عمل الميت ورتهانه بكسبه. الا ما استثناه الشارع وليس طلب الشفاعة من الاموات مما استثناه الشارع فلا يجوز الحاقه بذلك لا شك ان النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته حي حياة برزخية اكمل من حياة الشهداء ولكنها ليست من جنس حياته قبل الموت ولا من جنس حياته يوم القيامة بل حياة لا يعلم حقيقتها وكيفيتها الا الله سبحانه ولهذا تقدم في الحديث الشريف قوله عليه الصلاة والسلام ما من احد يسلم علي الا رد الله علي روحي حتى ارد عليه السلام فدل ذلك على انه ميت. وعلى ان روحه قد فارقت جسده. لكنها ترد عليه عند السلام. والنصوص على موته صلى الله عليه وسلم من القرآن والسنة معلومة وهو امر متفق عليه بين اهل العلم. ولكن ذلك لا يمنع حياته البرزخية. كما ان موت الشهداء لم حياتهم البرزخية المذكورة في قوله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا. بل احياء عند ربهم يرزقون وانما بسطنا الكلام في هذه المسألة لدعاء الحاجة اليه بسبب كثرة من يشبه في هذا الباب. ويدعو الى الشرك وعبادة الاموات من دون الله فنسأل الله لنا ولجميع المسلمين السلامة من كل ما يخالف شرعه. والله اعلم واما ما يفعله بعض الزوار من رفع الصوت عند قبره صلى الله عليه وسلم. وطول القيام هناك فهو خلاف المشروع لان الله سبحانه نهى الامة عن رفع اصواتهم فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم. وعن الجهر له بالقول كجهر بعضهم لبعض وحثهم على غض الصوت عنده في قوله تعالى يا ايها الذين امنوا لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي. ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ان تحبط اعمالكم وانتم لا تشعرون ان الذين يغضون اصواتهم عند رسول الله اولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة واجر عظيم ولان طول القيام عند قبره صلى الله عليه وسلم والاكثار من تكرار السلام. يفضي الى الزحام وكثرة الضجيج وارتفاع الاصوات عند قبره صلى الله عليه وسلم. وذلك يخالف ما شرعه الله للمسلمين في هذه الايات المحكمات وهو صلى الله عليه وسلم محترم حيا وميتا فلا ينبغي للمؤمن ان يفعل عند قبره ما يخالف الادب الشرعي وهكذا ما يفعله بعض الزوار وغيرهم من تحري الدعاء عند قبره. مستقبلا للقبر رافعا يديه يدعو فهذا كله خلاف ما عليه السلف الصالح من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم واتباعهم باحسان بل هو من البدع المحدثات وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ واياكم ومحدثات الامور فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة اخرجه ابو داوود والنسائي باسناد حسن وقال صلى الله عليه وسلم من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد اخرجه البخاري ومسلم. وفي رواية لمسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد ورأى علي بن الحسين زين العابدين رضي الله عنهما. رجلا يدعو عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فنهاه عن ذلك وقال الا احدثك حديثا سمعته من ابي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال لا تتخذوا قبري عيدا ولا بيوتكم قبورا. وصلوا علي فان تسليمكم يبلغني اينما كنتم اخرجه الحافظ محمد بن عبدالواحد المقدسي في كتابه الاحاديث المختارة. وهكذا ما يفعله بعض الزوار عند السلام عليه صلى الله عليه وسلم من وضع يمينه على شماله فوق صدره او تحته كهيئة المصلي فهذه الهيئة لا تجوز عند السلام عليه صلى الله عليه وسلم. ولا عند السلام على غيره من الملوك والزعماء وغيرهم لانها هيئة ذل وخضوع وعبادة لا تصلح الا لله. كما حكى ذلك الحافظ بن حجر رحمه الله في الفتح عن العلماء والامر في ذلك جلي واضح لمن تأمل المقام. وكان هدفه اتباع هدي السلف الصالح واما من غلب عليه التعصب والهوى والتقليد الاعمى وسوء الظن بالدعاة الى هدي السلف الصالح فامره الى طاء ونسأل الله لنا وله الهداية والتوفيق لايثار الحق على ما سواه. انه سبحانه خير مسؤول وكذا ما يفعله بعض الناس من استقبال القبر الشريف من بعيد وتحريك شفتيه بالسلام او الدعاء فكل هذا من جنس ما قبله من المحدثات ولا ينبغي للمسلم ان يحدث في دينه ما لم يأذن به الله وهو بهذا العمل اقرب الى الجفاء منه الى الموالاة والصفاء وقد انكر الامام ما لك رحمه الله هذا العمل واشباهه وقال لن يصلح اخر هذه الامة الا ما اصلح اولها ومعلوم ان الذي اصلح اول هذه الامة هو السير على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم. وخلفائه الراشدين وصحابته المرضيين واتباعهم باحسان ولن يصلح اخر هذه الامة الا تمسكهم بذلك وسيرهم عليه وفق الله المسلمين لما فيه نجاتهم وسعادتهم. وعزهم في الدنيا والاخرة. انه جواد كريم تنبيه حكم زيارة قبر النبي عليه الصلاة والسلام ليست زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم واجبة ولا شرطا في الحج. كما يظنه بعض العامة واشباههم بل هي مستحبة في حق من زار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم او كان قريبا منه اما البعيد عن المدينة فليس له شد الرحل لقصد زيارة القبر. ولكن يسن له شد الرحل لقصد المسجد الشريف فاذا وصله زار القبر الشريف وقبر الصاحبين. ودخلت الزيارة لقبره صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه تبعا لزيارة مسجده صلى الله عليه وسلم وذلك لما ثبت في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تشد الرحال الا الى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا. والمسجد الاقصى. ولو كان شد الرحال لقصد قبره عليه الصلاة السلام او قبر غيره مشروعا لدل الامة عليه وارشدهم الى فضله. لانه انصح الناس واعلمهم واشدهم له خشية وقد بلغ البلاغ المبين ودل امته على كل خير وحذرهم من كل شر. كيف وقد حذر من شد الرحل لغير المساجد الثلاثة؟ وقال لا تتخذوا قبري عيدا ولا بيوتكم قبورا. وصلوا علي فان صلاتكم تبلغني حيث كنتم والقول بشرعية شد الرحال لزيارة قبره صلى الله عليه وسلم يفضي الى اتخاذه عيدا ووقوع المحظور الذي خافه النبي صلى الله عليه وسلم من الغلو والاطراء كما قد قع الكثير من الناس في ذلك بسبب اعتقادهم شرعية شد الرحال لزيارة قبره عليه الصلاة والسلام. واما ما يروى في هذا الباب من الاحاديث التي يحتج بها من قال بشرعية شد الرحال الى قبره عليه الصلاة والسلام. فهي احاديث ضعيفة الاسانيد بل موضوعة كما قد نبه على ضعفها الحفاظ كالدار قطني والبيهقي والحافظ ابن حجر وغيرهم فلا يجوز ان يعارض بها الاحاديث الصحيحة الدالة على تحريم شد الرحال لغير المساجد الثلاثة. واليك ايها القارئ شيئا من الاحاديث الموضوعة في هذا الباب لتعرفها وتحذر الاغترار بها الاول من حج ولم يزرني فقد جفاني والثاني من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي والثالث من زارني وزار ابي ابراهيم في عام واحد ضمنت له على الله الجنة والرابع من زار قبري وجبت له شفاعتي فهذه الاحاديث واشباهها لم يثبت منها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الحافظ ابن حجر في التلخيص بعدما ذكر اكثر هذه الروايات طرق هذا الحديث كلها ضعيفة وقال الحافظ العقيلي لا يصح في هذا الباب شيء وجزم شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ان هذه الاحاديث كلها موضوعة وحسبك به علما وحفظا واطلاعا ولو كان شيء منها ثابتا لكان الصحابة رضي الله عنهم اسبق الناس الى العمل به. وبيان ذلك للامة ودعوة بهم اليه لانهم خير الناس بعد الانبياء واعلمهم بحدود الله وبما شرعه لعباده وانصحهم لله خلقه فلما لم ينقل عنهم شيء من ذلك دل ذلك على انه غير مشروع ولو صح منها شيء لوجب حمل ذلك على الزيارة الشرعية التي ليس فيها شد الرحال لقصد القبر وحده. جمعا ام بين الاحاديث والله سبحانه وتعالى اعلم. المكتبة الصوتية لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن ابني باز رحمه الله