بسم الله الرحمن الرحيم. يسر اخوانكم في مشروع كبار العلماء ان يقدموا لكم قراءة لكتاب الجامع لفوائد وتقريرات الشيخ ابن باز رحمه الله على منسكه. التحقيق والايضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة. على ضوء الكتاب والسنة. قال ابن باز رحمه الله فصل في حكم من وصل الى الميقات في غير اشهر الحج اعلم ان الواصل الى الميقات له حالان. احداهما ان يصل اليه في غير اشهر الحج كرمضان وشعبان فالسنة في حق هذا ان يحرم بالعمرة فينويها بقلبه ويتلفظ بلسانه قائلا لبيك عمرة او اللهم لبيك عمرة ثم يلبي بتلبية النبي صلى الله عليه وسلم. وهي لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ويكثر من هذه التلبية ومن ذكر الله سبحانه حتى يصل الى البيت فاذا وصل الى البيت قطع التلبية وطاف بالبيت سبعة اشواط وصلى خلف المقام ركعتين ثم خرج الى الصفا وطاف بين الصفا والمروة سبعة اشواط ثم حلق شعر رأسه او قصره وبذلك تمت عمرته وحل له كل شيء حرم عليه بالاحرام الثانية ان يصل الى الميقات في اشهر الحج وهي شوال وذو القعدة والعشر الاول من ذي الحجة فمثل هذا يخير بين ثلاثة اشياء وهي الحج وحده والعمرة وحدها والجمع بينهما لان النبي صلى الله عليه وسلم لما وصل الى الميقات في ذي القعدة في حجة الوداع خير اصحابه بين هذه تنساك الثلاثة لكن السنة في حق هذا ايضا. اذا لم يكن معه هدي ان يحرم بالعمرة. ويفعل ما ذكرناه في حق من وصل الى الميقات في غير اشهر الحج لان النبي صلى الله عليه وسلم امر اصحابه لما قربوا من مكة ان يجعلوا احرامهم عمرة واكد عليهم في ذلك بمكة فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا. امتثالا لامره صلى الله عليه وسلم الا من كان معه الهدي فان النبي صلى الله عليه وسلم امره ان يبقى على احرامه حتى يحل يوم النحر والسنة في حق من ساق الهدي ان يحرم بالحج والعمرة جميعا لان النبي صلى الله عليه وسلم قد فعل ذلك وكان قد ساق الهدي وامر من ساق الهدي من اصحابه وقد اهل بعمرة ان يلبي بحج مع عمرته والا يحل حتى يحل منهما جميعا يوم النحر وان كان الذي ساق الهدي قد احرم بالحج وحده بقي على احرامه ايضا حتى يحل يوم النحر. كالقارن بينهما. وعلم بهذا ان من احرم بالحج وحده او بالحج والعمرة وليس معه هدي لا ينبغي له ان يبقى على احرامه بل السنة في حقه ان يجعل احرامه عمرة فيطوف ويسعى ويقصر ويحل. كما امر النبي صلى الله عليه وسلم من لم يسق الهدي من اصحابه بذلك الا ان يخشى هذا فوات الحج لكونه قدم متأخرا فلا بأس ان يبقى على احرامه. والله اعلم. وان خاف المحرم الا يتمكن من اداء نسكه. لكونه مريضا او خائفا من عدو ونحوه استحب له ان يقول عند احرامه فان حبسني حابس فمحلي حيث حبستني لحديث ضباعة بنت الزبير انها قالت يا رسول الله اني اريد الحج وانا شاكية فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم حجي واشترطي ان محلي حيث حبستني. متفق عليه وفائدة هذا الشرط ان المحرم اذا عرض له ما يمنعه من تمام نسكه من مرض او صد عدو جاز له التحلل ولا شيء عليه. فوائد وتقريرات مهمة سوق الهدي معناه ان يسوق معه ناقة او اكثر او بقرة او اكثر او شاة او اكثر هدية ليذبحها في مكة فليس له التحلل حتى ينحر هديه. سواء ساق الهدي من بلده او من اثناء الطريق لان النبي صلى الله عليه وسلم امر من كان معه هدي الا يحل من احرامه حتى ينحر هديه يوم العيد او في ايام التشريق. اجمع العلماء على صحة الاحرام باي نوع من الانساك الثلاثة والقول بان الافراد والقران قد نسخا قول باطل لكن التمتع افضل في اصح اقوال العلماء في حق من لم يسق الهدي اما من ساق الهدي فالقران افضل تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم والفسخ في هذه الحالة سنة مؤكدة. من قال في تلبيته لبيك اللهم عمرة متمتعا بها الى الحج. وهو لا يريد الا العمرة. فلا يضره ذلك وليس عليه الا العمرة فقط ولا يلزمه البقاء الى الحج ولا يلزمه فدية بل ذلك كله لاغ لا يترتب عليه شيء. من اهل بالحج والعمرة وضاعت نفقته ولم يستطع الهدي فليس له ان يغير نيته الى مفرد بل يبقى على تمتعه واذا عجز عن الهدي يصوم عشرة ايام والحمدلله ثلاثة ايام في الحج وسبعة اذا رجع الى اهله. يصح التمتع والقران من اهل مكة وغيرهم لكن ليس على اهل مكة هدي وانما الهدي على غيرهم من اهل الافاق. المشروع لمن احرم بالحج من مكة ان يتوجه الى منى قبل الطواف والسعي فاذا رجع الى مكة بعد عرفة ومزدلفة طاف وسعى لحجه ويدل لذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم امر المهلين بالحج ان يتوجهوا الى منى من منازلهم في حجة الوداع ولم يأمرهم بالطواف ولا بالسعي قبل خروجهم الى منى. القران لا يفسخ الى حج ولكن يفسخ الى عمرة اذا لم يكن معه هدي. اذا كان قدومه الى مكة قبل دخول شهر شوال فان المشروع له ان يحرم بالعمرة فقط. الاحرام بالتمتع له وقت محدود هو شوال وذو القعدة والعشر الاول من ذي الحجة هذه اشهر الحج فليس له ان يحرم بالتمتع قبل شوال ولا بعد ليلة العيد ولكن الافضل ان يحرم بالعمرة وحدها فاذا فرغ منها احرم بالحج وحده. هذا هو التمتع الكامل وان احرم بهما جميعا سمي متمتعا وسمي قارنا. وفي الحالتين جميعا عليه دم يسمى دم التمتع تع من اخذ عمرة في رمضان ثم احرم بالحج مفردا في ذلك العام فانه لا فدية عليه من اعتمر في اشهر الحج ورجع لاهله ثم احرم بالحج مفردا فليس عليه دم التمتع لانه في حكم من افرد الحج وهو قول عمر وابنه عبد الله رضي الله عنهما وغيرهما من اهل العلم. اما ان سافر الى غير بلده كالمدينة او جدة او الطائف او غيرها ثم رجع محرما بالحج فان ذلك لا يخرجه عن كونه متمتعا في اصح قولي العلماء. وعليه هدي التمتع. ذهب بعض العلماء الى ان خروج المتمتع من مكة الى مسافة قصر كجدة والطائف وامثالهما يخرجه عن كونه متمتعا ويسقط عنه الدم ويجعل احرامه بالحج في حكم المفرد وفي هذا نظر ولا اعلم دليلا شرعيا يدل على هذا المذهب والصواب ان الدم لا يسقط عنه. لان الرسول صلى الله عليه وسلم واصحابه لما قدموا مكة لحجة الوداع وامر من لم يكن معه هدي ان يتحلل ويهدي لم ينهاهم عن الخروج من الحرم. ولم يقل لهم من خرج من الحرم سقط عنه الهدي ولو كان ذلك مسقطا للهدي لبينه عليه الصلاة والسلام لان الخروج لا بد ان يقع من الناس لكثرتهم وتنوع الحاجات فلما لم ينبههم على هذا الامر علم ان خروجهم الى جدة واشباهها لا يخرجهم عن كونهم متمتعين بالعمرة الى الحج ولعموم قوله تعالى فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدي. ورد عن عمر وابنه رضي الله عنهما في حق من رجع الى وطنه بعد التحلل من العمرة ثم رجع الى مكة واحرم بالحج مفردا. انه لا دم عليه ذكر ذلك ابو محمد ابن حزم وغيره وهذا وجهه ظاهر والقول به قريب لا سيما وهو قول الخليفة الراشد عمر رضي الله عنه. وقول الجمهور يوافقه ولا مانع من ان يكون مخصصا لعموم الاية الكريمة السابقة. اما اعتبار جدة من حاضر المسجد الحرام اذا قلنا لا يسقط الدم عن من ذهب اليها فليس بظاهر وليس بين القول بعدم سقوط الدم وبين تحديد المكان الذي يعتبر سكانه من حاضر المسجد الحرام. اوليسوا منهم ارتباط في اصح الاقوال. من خرج جدة بعد تحلله من عمرته ثم عاد وحج ولم يفدي فالظاهر انه لا يجب عليه الا دم واحد. وهو دم التمتع وعليه التوبة والاستغفار عما حصل من التأخير واما قول من قال ان على من اخر دم التمتع حتى خرجت ايام التشريق اما مطلقا او بغير عذر دما اخر فلا اعلم له وجها شرعيا يحسن الاعتماد عليه. والاصل براءة الذمة ولا يجوز شغلها الا بحجة واضحة المكتبة الصوتية لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله