ايها الاخوة الكرام قد سمعت عنوان المحاضرة وهو الايمان الحق وصفات المؤمنين فهي ذات شقين احدهما تعريف الايمان الحق والثاني تعريف صفات المؤمنين. وسأتكلم ان شاء الله على الشقين جميعا اما الشرك الاول فهو الايمان الحق وتعريفه هو التصديق بكل ما اخبر الله به من رسوله قولا وعملا وعقيدة. هذا هو الايمان الحق. التصديق بكل ما اخبر الله به ورسوله وبكل ما شرعه الله لعباده من قول وعمل وعقيدة هذا هو الايمان الحق قد دل على ذلك ايات كثيرات من كتاب الله عز وجل منها قوله جل وعلا الف لام ميم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون. والذين يؤمنون بما انزل اليه وما انزل من قبلك وبالاخرة هم يوقنون. اولئك على هدى من ربهم واولئك هم المفلحون قوله جل وعلا ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب. ولكن البر بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين واتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين ومن السبين والسائرين في الرقاب واقام الصلاة واتى الزكاة والموفون بعهده اذا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس. اولئك لصدقوا واولئك هم المتقون جل وعلا في هذه الاية الكريمة صفات المؤمنين. وبين المؤمن حقا وانه من امن بالله وملائكته الى اخره. كما بين للايات السابقات في اول البقرة ان المتقين هم اهل الايمان بالله واليوم الايمان بالاخرة والايمان بما انزل على محمد عليه الصلاة والسلام. والايمان بما انزل على من مع اقامتهم الصلاة ومع ادائهم الزكاة ومع ايمانهم بالغيب. والايمان بالغيب وبما انزل على النبي صلى الله عليه وسلم وبما انزل على الانبياء مع العمل هذا هو الامام الحق الذي يتطابق فيه القلب واللسان وتنقاد له الجوارح هذا هو الايمان الحق ولهذا قال في اهله اولئك على هدى من ربهم واولئك هم المفلحون. المعنى ان هؤلاء قد ثبتوا على الهدى واستقروا علينا واتصفوا بالفلاح لايمانهم الصادق وعملهم الصالح وقولهم بالالسنة ما يطالب القلوب وما تصدقه الاعمال. وهكذا قوله جل وعلا ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من امن بالله المعنى ولكن ذا البر من امن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين واتى المال على حبه ان امن بقلبه وصدق عمل وهات المال على حب ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل. والسائر في الرقاب واقام الصلاة واتى الزكاة بعهدهم اذا عاهدوا اذا عاهدوا صدقوا فهم مؤمنون قولا وعملا وعقيدة والصابرين في البأساء والضراء هذا من عمل القلب ويصدقه الجوارح وصبر القلب الصادق تصدقه الجوارح ويصدقه الكلام وصانا البأساء والضراء. المأساة حين الفقر والحاجة. والضراء حين الامراض والجراح. وحين البأس حين حرب ولقاء الاعداء. هؤلاء المؤمنون صبروا في البأساء والظراء في الشدة والرخاء. وفي في حال لقاء الاعداء. هذا من دلائل صحة الايمان وان ايمانه حق ليس كايمان المنافقين الذين يقومون بالالسنة ما ليس في القلوب ولهذا قال بعد ذلك في ختام الاية اولئك الذين صدقوا اولئك الذين صدقوا واولئك هم المتقون هؤلاء الذين قالوا وعملوا وصدقوا بالقلوب هم اهل الصدق وهم اهل التقوى وهم اهل الايمان فالايمان الحق عقيدة يصدقها اللسان وتصدقها الجوارح. وذلك هو الايمان بالله. وبرسله وبكتبه وبالملائكة وباليوم الاخر وبالقدر خيره وشره. هذه اصوله وهذه اركانه وهذه مبادئه ومبانيه. كما قد جاء في الحديث الشريف حديث عمر رضي الله عنه حين سأله جبرائيل عليه الصلاة والسلام حين سأل جبرائيل النبي عليه الصلاة والسلام عن الايمان. وقال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وبالقدر لغيره وشره. فهذه الستة هي اصول الايمان. وهي مبانيه وعليها مداره. ويتبعها التصدير بكل ما اخبر الله به ورسوله. فهو من فروع الايمان بالله من تحقيق الايمان بالله الايمان بكل اخبر الله به ورسوله من اهل الجنة والنار والحساب والجزاء وامن الرسل الماضين وما جرى عليهم وما جرى لاممهم وما يكون يوم القيامة الى غير ذلك. فهو كله داخل في الايمان. وهكذا تفاصيل الايمان بالرسل والملائكة وباليوم الاخر كله داخل في الايمان وهكذا الايمان بالقدر يشمل امور اربعة يشمل الايمان بعلم الله لما يقع في العالم من خير وشر ومن ظهور ممالك وسقوط اخرى ومن اجال وارزاق ومن اعمال وصحة وامراض وغير ذلك. هو يعلم كل شيء سبحانه وتعالى لتعلموا ان الله على كل شيء قدير وان الله قد احاط كل شيء علما ان الله بكل شيء عليم. الامر الثاني انه كتب كل شيء سبحانه وتعالى. كما قال عز وجل الم تعلم ان الله يعلم ان ذاك في كتاب ان ذلك على الله يسير. قال سبحانه ما اصابهم مصيبة في الارض ولكن الا في كتاب من قبل ان نبرأها ان ذلك على الله يسير. والامر الثالث ان ما شاء الله كان وما لم يشاء لكم وان دل على هذا ايات كثيرات كما قال جل وعلا لمن شاء منكم ان يستقيم وما تشاؤون الا ان يشاء الله رب العالمين وقال عز وجل ولو شاء ربك ما فعلوه لذرهم ما يفترون. قال عز وجل ولو شاء ربك لامنوا كلهم جميعا افا ان تدخله الناس حتى يكونوا مؤمنين. قال عز وجل لمن شاء ذكره وما يذكرون الا ان يشاء الله هو اهل التقوى اهل المغفرة والامر الرابع فرقه للاشياء وايجاده لها بمحض مشيئته وقدرته الكاملة سبحانه وتعالى وعلمه التام كما قال عز وجل الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل. قال سبحانه هل من خالق غير الله فهذه الامور الاربعة هي خلاصة الايمان بالقدر ومجموع المراد من ذلك. ان تؤمن بان الله علم الاشياء كلها من اعمال واجال وارزاق وغير لذلك وكتب ذلك عنده سبحانه وتعالى وانه سبحانه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وانه على كل شيء وانه الخلاق العليم ليس ليس هناك خالق سوى سبحانه وتعالى. فالايمان بهذه الاصول الستة هو اصل الايمان بما جاء فيه الرسل عليهم الصلاة والسلام من شظايا واخبار وعلى رأسهم امامنا وسيدنا محمد ابن عبد الله عليه الصلاة والسلام فالايمان الحق والايمان الصادق والايمان بهذه الاصول الستة والايمان بما يلتحق بها من كل بما اخبر الله ورسوله مما كان وما سيكون في اخر الزمان وفي يوم القيامة وبالجنة والنار وغير ذلك ويلتحق بذلك ايضا الايمان بكل ما شرعه الله ورسوله من اعمال واقوال وعقائد. كله داخل في الايمان الصادق الحق وهذا يوجب على العبد ان يستقيم على امر الله وان يحاسب نفسه وان يجاهدها لله حتى يؤدي ما اوجب الله على بصيرة وحتى يدع ما حرم الله على بصيرة وحتى صدق بكل ما اخبر الله به ورسوله عن علم وهدى وبصيرة وهذا الايمان بالحق يزيد وينقص عند اهل السنة والجماعة تزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي. وقد جاء في السنة الصحيح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ما يدل على ان كل ما اخبر الله به وكلما شرعه الله يسمى ايمانا كما تقدم من هذا قوله عليه الصلاة والسلام في حديث عبد القيس في الصحيحين عن ابن عباس قال امروكم بالايمان بالله اتدرون ما الايمان بالله؟ شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وان تؤدوا خمس ما غنمتم فسمى هذه ايمانا ودل ذلك على ان يطلق على كما يطلق على التصديق بالقلب وكما يطلق على التصديق باللسان. وجاء ايضا عنه عليه الصلاة والسلام في الصحيحين انه قال عليه الصلاة والسلام الايمان بضع وستون شعبة. وفي لفظ المسلم بضع وسبعون شعبة فافضلها قول لا اله الا الى الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق والحياء شعبة من الايمان. فسمى جميع ما لا الدين سمى جميع اعمال الدين سمى ايمان سماها ايمانا ومن جملتها الشهادتان. شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. سمى ذلك ايمانا في قوله فافضلها قول لا اله الا الله. يعني مع الشهادة بان محمدا رسول الله. لان هاتين الشهادتين لا تغني احداهما الاخرى ولا تنفك احداهما عن الاخرى بل لابد منهما جميعا ولا اسلام ولا ايمان الا بهما جميعا وجعل جميع ما شرعه الله ايمانا فدل ذلك على ان الايمان يطلق على القلب على ما يكون في القلب وعلى ما الجوارح وعلى ما ينطق به اللسان مما شرعه الله ورسوله. وكذلك سمى اماطة الاذى عن الطريق ايمانا وهي من اعمال الجوارح. وسمى الحياة ايمانا وهو من اعمال القلب. فعلم بذلك ان ما يقوله الانسان مما شرعه الله وان تصديقه بما اخبر الله به ورسوله كله يسمى ايمانا كما ان اعماله الشرعية من صلاة وصوم من حج وزكاة وجهاد وامر بالمعروف ونهي عن المنكر كله يسمى ايمانا. وهكذا قالوا من المعروف ونهى عن المنكر واذكار ودعوة الى الله عز وجل كل ذلك يسمى ايمان فالايمان الحق هو الذي يتطابق فيه القلب واللسان والجوارح على ما شرعه الله سبحانه وتعالى وعلى غفر الله به ورسوله يسمى يسمى ايمانا ويسمى ايمانا حقا لانه تطابق فيه القلب واللسان وصدقته الجوارح هذا هو الايمان الحق الذي جاء به الرسل ونزلت به الكتب وجاء به كتاب الله القرآن وجاءت به سنة الرسول عليه والسلام وضد ذلك الايمان الباطل الايمان الكاذب وهو الايمان باللسان القلب وهو ايمان اهل النفاق. فانهم يقولون بالالسنة ما ليس في القلوب. يقولون بالافواه ما ليس في القلوب هؤلاء هم اهل النفاق الذين كذبوا بقلوبهم وصدقوا بالالسنة مجاملة ومراعاة الحاضرة ومقاصدهم الدنيوية. كما قال عز وجل في كتابه الكريم اولما اصابتم مصيبة مثليها قلتم ان هذا قل هو من عند انفسكم ان الله على كل شيء قدير وما اصابكم يوم التقى جمعان وباذن الله الذين قالوا لو نعلم قتالا لمعناكم هم يقولون بافواههم ما ليس في قلوبهم. والله اعلم ما يكتبون سبحانه وتعالى. قال عز وجل سيقول المخلفون من الاعراب شغلتنا اموالنا واهلونا فاستغفر لنا. يقولون بالسنتهم معنى في قلوبهم. هذه حال المنافقين. يقولون بالافواه ما ليس في القلوب لانهم مكذبون بقلوبهم غير مصدقين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وغير المؤمنين بكتاب الله عز وجل فهم كاذبون في دعوى الايمان غير صادقين. ولهذا قال الله سبحانه عنهم ومن الناس من يقول وامنا بالله وباليوم الاخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين امنوا وما يخدعون الا انفسهم يحشرون في قلوبهم نار فزادهم الله مرضا ولهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون. قال عز وجل ان المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم. واذا قاموا الى الصلاة قاموا كسالى فيراؤون الناس ولا يذكرون الله الا قليلا مذبذبين بين ذلك لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء ليس عندهم ايمان عندهم التردد وعندهم الكذب وعندهم الشك والريب هذه حال المنافقين وهذا ايمانهم الكاذب الذي بينه الله عنه جل وعلا انهم يدعونه باللسان ويخالفونه بالاعمال والقلوب. فالمؤمن الصادق هو الذي امن بالله حقا وامن بما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام وما دل عليه كتاب الله عز وجل من اقوال واعمال وعقائد ما في قلبه ما قاله لسانه وما عملت به جوارحه. هكذا الايمان الصادق هكذا الحق الذي بعث الله به الرسل وانزل به الكتب وعلق عليه الجنة والسعادة والكرامة في الدنيا والاخرة. قال جل وعلا والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض. يأمر بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله اولئك ترحمهم الله ان الله اعز حكيم. وعد الله به والمؤمنات جنات تجري من تحتها انهار من تحتها نار. خالدين فيها ومساكن طيبة هي النافعة ورضوان من الله اكبر ذلك هو الفوز العظيم. هذا هو الامام الصادق وعد الله اهله بالرحمة والجنة جيرانا وقال عز وجل فامنوا بالله ورسوله انظروا للذي انزلنا والله بما تعملون خبير في اياته الكثيرات كلها تدل على وجوب الايمان كما قال سبحانه يا ايها الذين امنوا امنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل رسوله الكتاب الذي انزل من قبل هو ان يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله والهم واليوم الاخر فقد ضل ضلالا بعيدا. الايمان بالحق يتضمن الايمان بالله وبملائكته وكتبه ورسله وباليوم الاخر وبالقدر خيره وشره كما تقدم. وتقدم ان هذه الاصول الستة هي اصول الايمان. وهي اركان ويلتحق بها ويتفرع عنها الايمان بكل ما اخبر الله به ورسوله. فان ذلك ذاكر في الايمان بالله في ذلك ايضا كل ما يتعلق باخبار الاخرة واخبار الجنة والنار واخبار الحساب والجزاء كله داخل في الايمان باليوم الاخر اخر ويتعلق بذلك ايضا كل ما يتعلق بالقدر وسؤل القدر كله داخل في الايمان بالقدر وكل ما يتعلق بالايمان من في اخر الزمان وما مضى به الزمان كله داخل في الايمان بالله سبحانه وتعالى. واذا صدق مروا بلسانه وقلبه وصدق بجوارحه فهو المؤمن حقا وهو الايمان الذي درج عليه صحابة النبي صلى الله عليه وسلم واتباعهم باحسان وهو يزيد وينقص. يزيد بالاعمال الصالحات من صلاة وصوم وجهاد وامر ونهى عن المنكر وصدقات وقراءة القرآن واذكار ودعوة الى الله الى غير ذلك. وينقص بالمعاصي والمخالفات ويوقف بذلك كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لا يستنز الزاني حين يزني مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق ولا يشرب الخمر حين يشربها الظهر مؤمن ولا ينتهب نهمة ذات شرف يرفع الناس منه الابصار اليه في الابصارهم حين ينتهبها متفق عليه وفي رواية لمسلم وان صلى وصام وزعم انه مسلم فهذا يدل على ان الايمان انتزع بهذه المعاصي الكبيرة ويبقى اصله فقط. فان اصله باق مع المؤمن مع المسلم لكن كماله وتمامه بهذه بهذه الفواحش من الزنا والسرقة وشرب الخمر وغصب اموال الناس ونحو ذلك. هذا ينافي الايمان الواجب ينافي الايمان الواجب وينتزع منه الايمان الواجب الذي الذي يمنعه مما حرم الله. فلو كان ايمانه كاملا ولو كان ايمانه الواجب حاضرا لمنعه من هذه المعاصي ومن هذه الكبائر. ولهذا قال عليه الصلاة والسلام لا يزني الزاني حين فدل ذلك على ان الايمان يضعف وينقص حتى لا يمنع من الزنا وحتى لا يمنع من شرب الخمر وحتى لا يمنع من السرقة وحتى لا يمنع من اصل اموال الناس لضعفه وما خالطه من شهوة جامعة وغرابة في الدنيا وشهواتها ومن موافقة لنفسي وهواها على الوقوع فيما حرم الله عز وجل. وهذا هو قول اهل السنة والجماعة ليس معناه انه يكفر كما تقوله الخوارج لا ولكنه ينتزع منه ايمان كامل وينتزع منه الايمان الواجب ويبقى معه اصل الايمان الذي كان به مسلما فيرتفع هذا الايمان الواجب ويزول هذا الايمان الواجب بما وقع منه من هذه الفواهد والمنكرات واذا تاب ورجى تاب الله عليه ورجع اليه ايمانه الواجب الكامل ويدل على هذا انه عليه الصلاة والسلام لم يحكم على الزاني بالردة ولا على السارق بالردة فيقتل ولا على شر الخلق فيقتل لا بل جاء في هذا حدود فالزاني يرجى من كان محصنا ويقضى يجلد ان كان غير محصن مئة جلدة ويغرب ولو كان الزنا ردة وكفرا لقتل كما قال النبي عليه الصلاة والسلام من بدل دينه فاقتلوه. وهكذا بالسارق رأوا يده ولا يقتل فدل ذلك على ان اسلامه باقي وان اصل ايمانه باقي ولكنه اتى جريمة اوجبت قطع يده تعزيرا وتنكيلا وردعا على هذه المنكرات. وهكذا شارب الخمر لم ينظر بقتله بل امر بان يجلد بدل ذلك على ان شرب الخمر لا ينافينا بالكلية ولكن ينافي كماله وينافي الايمان الواجب ويبقى معه اصل دينه الذي به صح اسلامه. ولهذا لم يؤمر بقتل من شرب الخمر بل يحد حده الشرعي. بل يحد حده الشرعي وهو لاربعين جلدة او ثمانين جلدة كما رأى عمر رضي الله عنه وارضاه وتبعه جمهور اهل العلم بذلك. وهكذا الغاصب الاموال لا يقتل ولا يكن مرتدا ولكن يعزر ويؤدب ويرجع بما يراه ولي الامر من جلد وسجن نحو ذلك حتى يرتدع عن اموال الناس. وهكذا المحارب الذي يحارب يقطع الطريق. لا يكون مرتدا اذا لم يستحل ذلك ولكنه يكون ناقص الايمان وضعيف الايمان ويستحق ان يعاقب بما شرع الله به عقوبته من قتل وصلب وتقرير والايدي والارجل والنفي من الارض. وبهذا تعلم ان الايمان الحق وان الايمان الصادق هو الايمان بكل ما اخبر الله ورسوله والايمان بكل ما شرعه الله ورسوله من قول وعمل وعقيدة. وانه يزيد بالطاعات وينقص المعاصي. كما قال اهل السنة جماعة هم اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم باحسان. اذا اطعنا واستقمنا زاد الايمان. واذا عصينا وضيعنا نقص الايمان كما سمعت بالدلائل كما قال جل وعلا انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم اياته زالت وعلى ربهم يتوكلون. في ايات كثيرة قال سمعت الحديث المؤمن الحديث فعلم بذلك ان الايمان يزداد بالطاعات وينقص بالمعاصي والمخالفات. وهو قول وعمل وعقيدة. هكذا قال اهل جماعة وهكذا دل كتاب الله ودل سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام انه قول وعمل وعقيدة وعبادة اخرى وبعبارة وانه التصديق باللسان والعمل بالجوارح والتصديق بالجنان. هكذا الايمان الصادق قول وعمل يطابقان ما في قلبك من الايمان بالله ورسوله ومن الايمان بكل ما شرعه الله ورسوله. وانه يزيد وينقص الناس خلافا للخوارج ومعتزلا فانهم قالوا لا يجد ولا ينقص. بل اما يوجد مرة واما ان يذهب. وعندهم الازاني والسارق ونحوهما قد خرجا من الايمان وصار الى الكفر والضلال عند عند الخوارج وصار الى جاء بينهم اثنتين عند المعتزلة واتفقوا جميعا على انه في النار مخلد فيها كسائر الكفار. فهذا قول باطل من قول الخوارج والمعتزلة اما اهل السنة والجماعة فيقولون انه ناقص الايمان انه ضعيف الايمان ولم يخرج الايمان بالكلية بل ايمانه ناقص وايمانه ضعيف وليس من الكفار وليس مخلدا في النار اذا فعل ذلك عن شهوة وغلبة الهواء لا عن تكذيب ولا عن استحلال فانه يكون ظعيف الايمان وما حكم اهل الاسلام؟ وموعود بالجنة؟ وان جرى عليه ما يجري من عقاب يوم القيامة ومن تعذيب باسباب اعماله السيئة فان مصيره الى الجنة ولا يخلد في النار ابدا وانما يخلد في النار الكفار بالله والمنافقون الكفار المنافقون النفاق الاكبر هؤلاء هم الذين يخلدون في النار. اما العصاة فمن دخلا منهم وهو مؤمن مسلم موحد لا لم يستحل المعاصي وانما فعلها لهوى وشهوة وطمع ونحو ذلك فهذا لا يخلد في النار اذا دخلها بل هو مؤمن ناقص الايمان مسلم ضعيف الايمان اذا دخل النار بمشيئة الله فانه لا يخلد. وقد يعفى عنه والنار لان ما دون الشرك تحت مشيئة الله سبحانه وتعالى. كما قال عز وجل ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وهو سبحانه وتعالى حكم على اهل الشرك بانهم لا يغرهم اذا ماتوا عليه اما العصاة فهم تحت مشيئة الله ان شاء عفا عنه سبحانه في اسلامهم واعمالهم الصالحة وان شاء عذبهم على قدر جرائمهم التي ماتوا عليها غير تائبين من زنا او سرقة او غير ذلك. ومآلهم على التطهير والتمحيص الى الجنة. وقد تواترت الاخبار عن رسول الله عليه الصلاة والسلام انه يؤخذ من النار من كان في قلبه مثقال حبة خردل من ايمان مثقال ذرة من ايمان بنار من ايمان الى غير ذلك. هذه النصوص المتواترة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام تدل على ان العاصي لا يخلد في النار ولا لكنه يعذب اذا دخلها يعذب ما شاء الله على قدر المعاصي التي مات عليها غير تائب ثم بعد تطهيره ولا تنفيذه من الخبث يغنيه الله من النار الى نهر الحياة كما جاء في كما جاء في هذه النصوص عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فينبتون في كما تموت الاحبة في حامل السير فاذا تم خلقه ادخلهم الله الجنة سبحانه وتعالى وبهذا علمنا الايمان الصادق الحق وعلمنا الايمان الكاذب. والايمان الصادق هو الذي فيه تطابغ القلب واللسان وتصديق الجوارح وانه يزيد وينقص ويضعف ويقوى وان العصاة وان كانوا دخلوا في الايمان الصادق وهم من اهله لكن ان العاصي ينقص ايمانه ويضعف ايمانه ويضعف ايمانه بقدر المعاصي التي اقترفها. ومن ادى الواجبات وتباعد عن محرمات كما لا ايمان واذا توسع في الطاعات والاعمال الصالحات صار من السابقين المقربين وصارت السنته هي اعلى منزلة وبهذا نعلم حقيقة الايمان الصادق وحقيقة اعمال اهله وانهم هم الصفوة وهم الخلاصة من هذه الامة وهم الذين صدقوا في اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم واستقاموا على طريقه قولا وعملا وعقيدا. هؤلاء هم اهل الايمان الحق وهم اهل الايمان الصادق يرى منهم شيء من السيئات والمعاصي صار بذلك ايمانهم ضعيفا وصار ايمانهم بذلك ناقصا فعليهم ان يحققوا ايمانهم بالتوبة الصادقة بالرجوع الى الله والاجابة اليه وباتباع التوبة بالعمل الصالح وبهذا يعود اليهم ايمانهم وكمال ايمانهم بالتوبة الصادقة صالح اما صفات المؤمنين فكثيرة قد اشار اليها سبحانه مجملة ومفصلة في قوله عز وجل والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض. يأمر بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله هذه من صفات اهل الايمان التفصيلية انهم اولياء فيما بينهم يتحابون في الله ينصح بعضهم بعضا و يوالي بعضهم بعضا لا يخون بعضهم بعضا ولا يغش بعضهم بعضا ولا يسب بعضهم بعضا بل هم اولياء بينهم يتحابون في الله ويتواصون بالحق والصبر عليه ونتعاون على البر والتقوى اينما كانوا لا غشا ولا حقدا ولا حسد بينهم ولا غير هذا من ما حرم الله واذا وجدت من نفسك شيئا من هذه المعاصي فاعرف ان هذا نقص في ايمانك ونقص في دينك وضعف في ايمانك وانك لهذا خرجت عن كمال الايمان وعن تمام الايمان الى ما انت اليه والى ما انتصرت اليه من نقص وظعف بسبب المعاصي التي اقدمت عليها. ومن صفاتهم انهم يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. هذه من اهل ومن صفاتهم ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين اصابعه انهم يتعاونون ويدعو يدعو بعضهم بعضا ويعين بعضهم بعضا على الخير. ومن صفاتهم قوله عليه الصلاة والسلام لا يؤمن احدكم حتى يحب من صفاته انه كامل النصيحة كامل المحبة لاخيه يحب له كل خير ويكره له كل شر ومن صفاتهم ما جاء في الحديث الصحيح قوله عليه الصلاة والسلام مثل المؤمنين في تواده وتراحمهم وتعاطفهم كما في الجسد اذا اشتكى الفرعون قاله سائل والحمى كل هذا من صفات اهل الايمان ومن صفاته مما دل عليه قوله جل وعلا انما المؤمنون الذين اذا ذكروا الله اني اذكرهم واياكم اياته ايمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون اولئك هم الحق. لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم. هذه من صفاتهم العظيمة. من صفاتهم العظيمة انهم لله توجع قلوبهم وعند تلاوة كتابه يزداد ايمانه وعلى ربهم يتوكلون في كل امورهم على ان يعتمدون والى مع الاخذ بالاسباب ومع الاخذ بالاعمال التي شرعها الله. من تمام التوكل الاخظر بالاسباب بالاعمال فلا توكل الا باسباب ولا اسباب الا بتوكل. فالمؤمن يجمع بينهما يعتمد على الله بقلبه. ويفوض اليه سبحانه وتعالى نورة مع الاخذ بالاسباب مع تعاطي اسباب الجنة والبعد عن اسباب النار ومع الاخذ باسباب الشرعية في الكسب وبالحلال والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك. اهل الايمان صادقون صابرون على ربهم يتوكلون وبالاعمال الصالحة يأخذون وعلى يسيرون وبترك الاعمال السيئة يعتمدون ايضا ويغاظبون ويحافظون وهكذا يأخذون بكل مع الله وبكل ما اباح الله من الاسباب ولا يضيعونها. فالتوسل من دون اسباب عجز. والاسباب التوكل عجز ايضا التوكل الذي شرعه الله لعباده هو الذي يجمع بين الامرين بين الاعتماد على الله الاخذ بالاسباب والاعمال التي شرعها الله وامر بها سبحانه وتعالى ومما ورد في صفات المؤمنين قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح رواه الشيخان عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه ان النبي عليه السلام قال المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه. ومن كان في حاجة اخيه كان الله في حاجته من فرج عن موسى كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. ومن ستر مسلما ستر الله يوم القيامة. والاحاديث بهذا المعنى كثيرة. والايات كثيرة ويكفينا ما اشرنا اليه من ايات واحاديث في بيان صفات المؤمنين واخلاقهم واعمالهم الطيبة وفي يعني الايمان الحق الذي ان الله على اهله ومدحهم ووعدهم الجنة وكرامة والايمان الباطل الكاذب الذي ذم الله اهله وعابهم ووصلهم بالنفاق ووعدهم عليه الدرك الاسفل من النار. بهذا علمنا الامام الصادق الايمان الحق واعمال اهله وصفاتهم وعلم الايمان الباطل الكاذب وصفات اهله وان الله اهل النفاق اهل الكذب والخيانة والغش والخداع نسأل الله من صفاتهم واخلاقهم واسأله سبحانه ان يوفقنا واياكم لما فيه لما فيه رضاه وان يحقق ايماننا جميعا وان يرزقنا الصدق والعمل وان يقيذنا من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا انه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان