تفسير ابن كثير

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبدالرحمن العجلان | 5- سورة الإسراء | من الأية 15 إلى 16

عبدالرحمن العجلان

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم من اهتدى فانما يهتدي لنفسه ومن ظل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر اخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا يقول الله جل وعلا - 00:00:00ضَ

من اهتدى اطاع الله ورسوله وعمل الصالحات واجتنب المحرمات واخذ بكتاب الله جل وعلا وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فان ثواب فعله يعود على نفسه ثواب هدايته واستقامته وفعله الطاعات - 00:00:33ضَ

واجتنابه المحرمات يعود على نفسه لان الله جل وعلا لا تنفعه طاعة المطيع كما لا تضره معصية العاصي ومن ظل هذا عن الصراط المستقيم ولم يمتثل امر الله جل وعلا - 00:01:13ضَ

ولا امر رسوله صلى الله عليه وسلم وتكبر وتعاظم وفعل المحرمات فان عقوبة فعله هذه تعود على نفسه لان الله جل وعلا لا تضره معصية العاصي وانما الضرر يعود على نفسه - 00:01:47ضَ

وهذا بيان من الله جل وعلا لعباده لان طاعة المطيع له ومعصية العاصي عليها انت تجتهد في الطاعات لنفسك اجتهادك بالطاعات اعمل لنفسك لصالحك تعمل لسعادتك تعمل لراحتك تضع لك - 00:02:37ضَ

رصيدا عند ربك بالاعمال الصالحة امتثال اوامره واجتناب نواهيه ومن اعرض وتكبر وتهاظم على العباد وانتهك المحرمات وعمل الاعمال السيئة تضرر عمله عليه من اهتدى فانما يهتدي لنفسه ومن ظل فانما يضل عليها - 00:03:21ضَ

ولا تزر وازرة وزر اخرى لا تحمل نفس خاطئة واقعة في الهجر لا تحمل وزر غيرها بل لا تحمل الا وزرها ولا تزر تقع في الازر وازرة نفس خاطئة عاملة - 00:04:06ضَ

من معاصي لا تحملوا وزر غيرها وانما كل نفس تحمل وزرها فقط ولا تزر وازرة وزر اخرى قد يقول قائل ورد قوله صلى الله عليه وسلم ومن سن سنة سيئة - 00:04:51ضَ

فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة من غير ان ينقص من اوزارهم شيئا قد يقول قائل هذا الحديث لا يتفق مع الاية ولا تزر وازرة وزر اخرى - 00:05:29ضَ

فهذا الذي سن سنة سيئة عليه وزرها ووزر من عمل بها نعم نقول الحديث صحيح ولا معارضة بينه وبين الاية فمن سن سنة سيئة عليه وزر عمله ومثل وزر من عمل بمثل عمله - 00:05:51ضَ

من غير ان ينقص من اوزارهم شيء وهذا بعمله لانه عمل السوء وتسبب لغيره عمل هذه السيئة فاقتدي به فعليه مثل وزر من اقتدى به من غير ان ينقص من وزر العامل شيئا - 00:06:25ضَ

ولم يظلمه الله جل وعلا وانما حمل مثل اوزارهم لانهم فعلوا هذا الفعل بسببه كما ان من سن سنة حسنة فله اجرها واجر من عمل بها الى يوم القيامة من غير ان ينقص - 00:07:01ضَ

من اجلهم شيء لانه له اجر عمله وله مثل اجر من عمل بمثل عمله لانه السبب مثل ذلك من دعا الى هدى فله مثل اجر من تبعه المتسبب والداعي الى الشيء - 00:07:34ضَ

اجر او اثم بفعله السبب فهو تسبب بالخير فاجر وتسبب في الاثم ومثل ذلك قوله جل وعلا ولا يحملن اثقالهم واثقالا مع اثقالهم هؤلاء المجرمون الدعاة الى الضلالة فيحمل سيئاته - 00:08:16ضَ

ويحمل مثل سيئات من اقتدى به في السوء وكما قال الله جل وعلا ومن اوزار الذين يضلونهم بغير علم. لانهم اضلوهم فتسببوا في ضلالهم فحملوا فحملوا مثل اوزارهم ولا تزر وازرة وزر اخرى - 00:09:05ضَ

ومثله قوله جل وعلا وان تدعو مثقلة الى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا يقول الله جل وعلا بانه يحكم جل وعلا فيعدل - 00:09:40ضَ

وهو اعدل الحاكمين وهو جل وعلا لا يظلم الناس شيئا ولا يعذب احدا الا بذنبه ولا يعذب احدا الا بعد قيام الحجة عليه وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا لا يعذب الخلق - 00:10:11ضَ

الا اذا قامت عليهم الحجة بارسال الرسل المنزلة عليهم الكتب وكما اخبر الله جل وعلا في كتابه عن اهل النار حينما يلقون فيها يقول جل وعلا في سورة تبارك الذي بيده الملك - 00:10:44ضَ

كلما القي فيها فوج سألهم خزنتها الم يأتكم نذير قالوا بلى قد جائنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء ان انتم الا في ضلال كبير ويقول جل وعلا - 00:11:17ضَ

موسيقى الذين كفروا الى جهنم زمرا حتى اذا جاءوها فتحت ابوابها وقال لهم خزنتها الم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم ايات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين - 00:11:46ضَ

وكل من القي في النار تسأله الخزنة؟ الم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقال لهم خزنتها الم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم ايات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا - 00:12:25ضَ

قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين واخبر الله جل وعلا عنهم بقوله وهم يصطلحون فيها اي في النار ربنا اخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل اولا نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر - 00:12:47ضَ

يرد عليهم حينما يسألون الرجعة لقوله اولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فما للظالمين من نصير والله جل وعلا لا يعذب امه ما في الدنيا للهلاك والعذاب - 00:13:20ضَ

ولا في الاخرة في جهنم حتى يرسل الرسل وتقوم الحجة على الخلق وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا يقول الامام ابن كثير رحمه الله هنا مسألة قد اختلف الائمة رحمهم الله تعالى فيها قديما وحديثا - 00:13:55ضَ

وهي الولدان الذين ماتوا وهم صغار واباؤهم كفار وكذا المجنون والاصم والشيخ الخرف ومن مات في الفترة ولم تبلغه الدعوة هؤلاء اختلف العلماء رحمهم الله فيهم وللعلماء رحمهم الله ثلاثة اقوال - 00:14:29ضَ

في اولاد المشركين هم في الجنة فيها منعمون او هم خدم لاهل الجنة وقيل هم في النار وقيل يمتحنون في عرصات القيامة فمن سبقت له السعادة في علم الله جل وعلا اطاعا - 00:15:06ضَ

ودخل الجنة ومن سبقت له الشقاوة في علم الله جل وعلا عصى ودخل النار وكذا غيرهم ممن مات في الفترة او كان مجنونا لم يعقل او اصمنا يعي او كان - 00:15:52ضَ

شيخا كبيرا خرف لا يعقل ادركه الاسلام وهو كذلك وساق الامام ابن كثير رحمه الله احاديث كثيرة عشرة استدل بها العلماء رحمهم الله وهي متفاوتة في مأخذ الاستدلال منها كل فريق استدل - 00:16:32ضَ

بما يلائم قوله وذكر رحمه الله ان جمهور العلماء اتفقوا على ان اولاد المسلمين الذين ماتوا قبل الحلم انهم في الجنة وذكر خلافا لبعض العلماء لان هؤلاء وان كانوا من اولاد المسلمين فانهم يمتحنون - 00:17:17ضَ

والله جل وعلا اعلم بما كانوا عاملين ورجح رحمه الله التوقف وان الامر الى الله جل وعلا فهو اعلم بما كانوا عاملين وانه ممكن ان يمتحنوا في عرصات القيامة نبين - 00:17:50ضَ

وتظهر المطيعة من العاصي فمن اطاع ظهرت طاعته واستحق الجنة وقد سبق له في علم الله جل وعلا انه من اهل الجنة ومن عصى امر الله استحق النار وقد سبق له في علم الله جل وعلا - 00:18:27ضَ

انه يعصي الله ولا يطيعه فيدخل النار بمعصيته الظاهرة الواضحة فالاقوال ثلاثة انهم في الجنة او خدم لاهل الجنة اولاد المشركين او انهم في النار مع ابائهم او انهم يمتحنون - 00:18:59ضَ

في عرصات القيامة فيظهر المطيع ويستحق الجنة ويظهر العاصي فيستحق النار والعياذ بالله يقول الله جل وعلا واذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوا فيها وحق عليها القول فدمرناها تدميرا - 00:19:33ضَ

هنا قراءتان في قوله امرنا واذا اردنا ان نهلك قرية امرنا امر وقراءة اخرى امرنا للتشديد وفي قوله جل وعلا امرنا مترفيها امرناهم بالطاعة وامتثال الامر ففسقوا تستحق العقاب قول ثاني لبعض المفسرين - 00:20:08ضَ

امرناهم امرا قدريا الفسق ففسقوا فاستحقوا العقاب امرا قدريا لا امرا شرعيا لقوله جل وعلا انتهى امرنا ليلا او نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالامس بمعنى سلطنا الاشرار الذين هم المترفون - 00:20:56ضَ

الواقعون في النعمة والترف والرئاسة تتسلق بالافساد في الارض تستحق الجميع الهلاك لان المعصية اذا خفيت فانها لا تضر الا صاحبها واذا ظهرت المعصية ولم تغير عمت الصالح والطالح وكما قالت ام المؤمنين رضي الله عنها ميمونة - 00:21:42ضَ

يا رسول الله الصالحون قال نعم اذا كثر الخبث فاذا كثر الفساد من المترفين اولي النعمة والسلطان وافسدوا في الارض وانتشرت المحرمات فان الله جل وعلا يغار وكما قال عليه الصلاة والسلام - 00:22:36ضَ

لا احد اغير من الله فيسلط الله على القوم وينزل بهم العذاب الاليم ويبعثون على نياتهم واذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها او امرناهم بالطاعة فلم يمتثلوا بل فسقوا فحق عليها القول. استحقت العذاب - 00:23:13ضَ

البلاد يستحق العذاب بالفسق والفجور اذا فسق اهلها اذا كثر فيهم اظهار المنكر وقل مغير المنكر سلط الله جل وعلا على اهل البلاد وهذا شيء واضح يدركه كل انسان عنده ادنى - 00:23:55ضَ

شيء من عقل ترى البلاد امنة مطمئنة فيها الرغد والعيش الوفير والاستقرار وتوفر الخيرات والامان فاذا عصوا امر الله جل وعلا وانتهكوا محارمه واعرضوا عن كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم - 00:24:33ضَ

وجعلوهما وراء ظهورهم لم يرجعوا اليهما بشيء بين عشية وضحاها تنقلب الحال ويسوء الامر ويحل الرعب والخوف بدل الامن ويحل الفقر والجوع بدل الرخاء وسعت العيش والرزق انظر يمينا وشمالا - 00:25:09ضَ

النعم تدوم بالشكر والمحافظة عليها والاستعانة بها على مرضاة الله جل وعلا وصرفها فيما وجدت له وتفر وتذهب للكفر والاستعانة بها على المعصية وصرفها في معصية الله جل وعلا والله جل وعلا يقول - 00:25:50ضَ

واذ تأذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم ان عذابي لشديد والله جل وعلا ليس بينه وبين احد من خلقه نسب من اطاع الله جل وعلا فله الخير والسعادة في الدنيا والاخرة - 00:26:33ضَ

ومن عصى الله جل وعلا فلا يلومن الا نفسه يعجل الله العقوبة في الدنيا قبل الاخرة واذا اردنا ان نحرك قرية فالقراءة الاخرى امرنا مترفيها ففسقوا فيها امرناهم جعلنا المترفين - 00:26:59ضَ

هم ولاة الامر وبيدهم السلطة والامر والنهي فيفسقون ويعرضون عن طاعة الله ويصرفون الناس عن الحق بفعلها والله جل وعلا لا يظلم عباده وانما العباد يظلمون انفسهم وحق عليها القول فدمرناها تدميرا - 00:27:28ضَ

وفي معنى امرنا جعلنا لهم الامارة او امرنا كثرنا يعني يكثر الفساق في البلاد وتستحق العقوبة لكثرة الفسق ولعدم انكار المنكر والمنكر يوجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم - 00:28:01ضَ

من وقع في المحرمات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وجد من رجم في الزنا ومن جلد في الخمر ومن قطعت يده في السرقة ووجود المنكرات في البلاد سنة الله جل وعلا في خلقه وامره - 00:28:38ضَ

سنة الله جل وعلا لكن المصيبة اذا وجد المنكر فلم يغير واما اذا وجد المنكر فغير اخذ على يد الظالم خطر على الحق اطرا الناس في خير الرسول صلى الله عليه وسلم رجم في الزنا - 00:29:11ضَ

وقطع يد السارق في السرقة وجند شارب الخمر وانما المصيبة اذا وجدت المنكرات فلن تغير وهو الذي وهو السبب الذي اهلك الله فيه بني اسرائيل مما انتشرت المنكرات ولم تغير - 00:29:43ضَ

سلط الله عليهم ومقتهم ولعنهم على السن انبيائهم صلوات الله وسلامه على انبيائه ورسله الواجب اذا رأى المسلم المنكر من يسعى في تغييره في الرتبة التي هو من اهلها ان الله جل وعلا لطف بعباده - 00:30:15ضَ

ولم يجعل تغيير المنكر على مرتبة واحدة يأثم المرء بعدم الاخذ بها وانما جعلها على مراتب وكل مكلف بالقدر الذي يستطيعه الانكار باليد وهذا لولاة الامر ولمن فوضوا ذلك اليه - 00:30:54ضَ

ممن اسند اليه الامر والنهي لو كان في تحت ولاية المرء وفي بيته التغيير باليد فان لم يستطع باليد فليغير باللسان بالكلمة الطيبة بالنصيحة للتأثر الانفعال والانزعاج من المنكر ومناصحة من وقع فيه - 00:31:23ضَ

وايصال الامر الى من يستطيع تغييره وازالته وهذا التغيير يكون باللسان اذا خشي المرء على نفسه ان غير بيده او غير بلسانه فليغير بقلبه يكره المنكر وصاحبه ويبغضه ويبتعد عنه - 00:32:05ضَ

ولا يجالسه ولا يوانسه اول ما دخل النقص في بني اسرائيل ان المرء يرى صاحب المنكر فينصحه ثم يلقاه من الغد على حاله فلا يمنعه ذلك ان يكون وقعيده وشريبه - 00:32:33ضَ

جليسة وهو في الاول لكن لما نصح ولم تمتثل نصيحته لم يجتنب صاحب المنكر من خالطه وجالسه واكله وشاربه الله جل وعلا وتغيير المنكر على ثلاث مراتب من قدر على - 00:33:05ضَ

اعلى فلا يكفي منه الادنى ولا تبرأ ذمته من قدر على تغيير المنكر باليد فلا يكفي منه اللسان ومن لم يقدر باليد وجب عليه باللسان فان غير بالقلب وهو يقدر على التغيير باللسان فلا تبرأ ذمته - 00:33:40ضَ

فاذا لم يستطع باليد ولا باللسان الواجب عليه التغيير بالقلب كراهية المنكر وصاحبه ولا يكن صاحب المنكر وصاحب الحق عندك سواء والله جل وعلا يحذر عباده من اسباب الهلاك والفسق والفجور - 00:34:04ضَ

والنبي صلى الله عليه وسلم نرشد امته الى ما فيه سعادتهم واستقامتهم واستقرارهم وهناء العيش عندهم من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان - 00:34:38ضَ

التغيير بالقلب ليس بعده شيء وفي رواية ليس بعد ذلك من الايمان حبة خردل اذا لم يغير المنكر بقلبه اذا لم يكره المنكر ودليل على ان قلبه خال من الايمان والعياذ بالله - 00:35:04ضَ

والنبي صلى الله عليه وسلم كان يغير المنكر بيده وبلسانه وهو عليه الصلاة والسلام لما رأى بعض النسوة خرجنا تابعات للجنازة قال عليه الصلاة والسلام رجعنا مأزورات غير مأجورات ولم يؤخر صلى الله عليه وسلم البيان - 00:35:23ضَ

عن وقت الحاجة بل ارجعهن في اثناء الطريق ولم يتركهن على طريقهن ليغير لينبه على ذلك فيما بعد وتغيير المنكر في الحال على حسب الاستطاعة والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد - 00:36:02ضَ

وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:36:35ضَ