تفسير ابن كثير | جزء الذاريات

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبدالرحمن العجلان | 8- سورة القمر | من الأية 47 إلى 55

عبدالرحمن العجلان

رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ان المتقين في ضلال وسعر ان المجرمين في ضلال وسحر يوم يصحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس صقر - 00:00:01ضَ

ان كل شيء خلقناه بقدر وما امرنا الا واحدة كلمح بالبصر ولقد اهلكنا اشياعكم فهل من مدكر وكل شيء فعله في الزبر وكل صغير وكبير مستقر ان المتقين في جنات ونهر - 00:00:39ضَ

في مقعد صدق عند مليك مقتدر هذه الايات الكريمة هي خاتمة سورة القمر جاءت بعد قوله جل وعلا اكفاركم خير من اولئكم ام لكم براءة في الزبر ام يقولون نحن جميعا منتصر - 00:01:13ضَ

يهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة ادهى وامر ان المجرمين في ظلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر الايات يقول جل وعلا ان المجرمين - 00:01:45ضَ

الذين بالغوا في الاجرام واجرم الجرم واجرم الاجرام واعظم الظلم هو الاشراك بالله جل وعلا ان المجرمين في في ظلال وسعر. ظلال رواية وهلاك وبعد عن الحق وسعر في نار - 00:02:17ضَ

استعروا بهم هم في ضلال في الدنيا يا ماهون وفي الاخرة مآلهم الى النار ان المجرمين في ضلال وسعر اي في ذهاب عن الحق وبعد عنه وفي نار تسعر عليهم - 00:02:47ضَ

وقيل في ضلال في الدنيا وفي نار مسعرة في الاخرة ولا منافاة وقيل في ضلال عن طريق الجنة وسهر اي عذاب الاخرة يوم يسحبون في النار على وجوههم الكائنون في هذا متى - 00:03:15ضَ

يوم يسحبون في النار يجرون في النار على وجوههم لان في هذا اهانة واحتقار وشدة عذاب لان الحرارة التي تصيب الوجه اعظم من غير الوجه حرارة الوجه اعظم من غيره في مكان اخر من الجسد - 00:03:43ضَ

وكلما كانت الاهانة في الوجه كانت اشد اهانة واعظم ولهذا قال جل قال يوم يسحبون في النار على وجوههم. ويقال لهم ذوقوا الشقر عذاب النار كما يقال وجد مس الحمى - 00:04:11ضَ

او قالوا ذاق طعم الضرب اي انهم يذوقون ويتجرعون حرارة العذاب والنار يوم القيامة جزاء ما اشركوا بالله جل وعلا اقرأ نخبر تعالى عن المجرمين انهم في ضلال عن الحق وسعر - 00:04:41ضَ

مما هم فيه من الشكوك والاغتراب في الاراء وهذا يشمل كل من اتصف بذلك من كافر ومبتدع ومن سائر الفرق ثم قال يوم يسحبون في النار على وجوههم اي كما كانوا في سعر وشك - 00:05:12ضَ

وتردد اورثهم ذلك النار وكما كانوا ضلالا سحبوا فيها على وجوههم لا يدرون اين اين يذهبون ويقال لهم تقريعا وتوبيخا ذوقوا مس صقر وشقر علم لجهنم غير منصرف للعالمية والتأنيث - 00:05:35ضَ

لانه مؤنث مجازي على النار ولذا قال استوقوا مشى سقر ولم يقل سقر لانه غير منصرف وقوله جل وعلا ان كل شيء خلقناه بقدر هذه الاية اية عظيمة وفق للصواب - 00:06:03ضَ

فيها اهل السنة والجماعة وظل عنها طوائف كثيرة منحرفة عن الصراط المستقيم ويعرفون بالقدرية الضالون نفاة القدر وقد سماهم النبي صلى الله عليه وسلم مجوس هذه الامة ومعنا الاية واضح والحمد لله - 00:06:34ضَ

يقول الله جل وعلا انا كل شيء خلقناه بقدر كل شيء قدره الله جل وعلا وقضاه قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة وعرشه على الماء جل وعلا فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما - 00:07:09ضَ

قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كتب الله مقادير الخلائق كلها قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة رواه مسلم وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال - 00:07:37ضَ

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يؤمن احدكم حتى يؤمن بالقدر خيره وشره والاية الكريمة دلت على ان الله جل وعلا قدر الامور ازلا قبل ان يخلق الخلائق - 00:08:01ضَ

لان الله جل وعلا عالم ما العبادة عاملون يعلم ما يعملون فهو جل وعلا يعلم ان هذا يعمل خيرا ويستمر عليه. ويعلم جل وعلا ان هذا يعمل شرا ويستمر عليه. وهذا يعمل خيرا ثم ينكث عنه ويموت على شر - 00:08:30ضَ

وهذا يعمل شرا ثم يتوب منه ويعمل خيرا والله جل وعلا يعلم ما العباد عاملون قبل ان يخلقهم قال الامام الخطابي رحمه الله وقد يحسب كثير من الناس ان معنى القضاء والقدر - 00:09:04ضَ

اجبار الله العبد وقهره على ما قدره وقضاه وليس الامر كما يتوهمون وانما معناه الاخبار عن تقدم علم الله تعالى بما يكون من اكساب العباد وصدورها عن تقدير منه قالها خيرها - 00:09:32ضَ

وخلق لها خيرها وشرها والقدر اسم لما صدر مقدرا عن فعل القادر والقضاء والقدر كما قال بعض السلف كلمتان اذا اجتمعتا افترقتا واذا افترقتا اجتمعتا كما سبق ان قلنا في الاسلام - 00:10:06ضَ

الايمان والعمل الصالح في الاسلام والايمان اذا ذكر الاسلام وحده شمل الاسلام والايمان واذا ذكر الايمان وحده شمل الاثنين واذا ذكرا معا ولكل واحد منهما معنى يختلف عن المعنى الاخر - 00:10:46ضَ

وذلك انه يراد بالاسلام الاعمال الظاهرة اعمال البدن ويراد بالايمان عمل القلوب القدر في اللغة بمعنى التقدير كما قال جل وعلا ان كل شيء خلقناه بقدر وقال تعالى فنعم القادرون - 00:11:16ضَ

والقضاء في اللغة الحكم ويطلق على الخلق كما قال تعالى فقضاهن سبع سماوات في يومين يعني خلقهن ولهذا نقول ان القضاء والقدر متباينان اذا ان اجتمعا ومترادفان ان تفرقا فاذا قيل - 00:11:47ضَ

هذا قدر الله فهو شامل للقضاء اما اذا ذكر جميعا فلكل واحد منهما معنى فالتقدير ما قدره الله تعالى في الازل. وهذا القدر ما قدره الله في الازل لانه لا بد ان يكون في خلقه. واما القضاء فهو ما قظى به سبحانه وتعالى - 00:12:20ضَ

في خلقه من ايجاد او اعدام او تغيير او غير ذلك على ان يكون التقدير سابقا للقضاء. يعني اولا التقدير والقدر ثم يكون القضاء بعد ذلك ان كل شيء خلقناه بقدر - 00:12:54ضَ

وقد سبق وعرف في علم الله جل وعلا وهو مكتوب في اللوح المحفوظ قبل وقوعه والله جل وعلا علم عدد الخلق قبل ان يخلقهم وعلم اعمال العباد قبل ان يخلقهم - 00:13:24ضَ

وليس العبد مجبر على عمله على هذا العمل وانما هذا العمل باختياره وسبق علم الله جل وعلا في ان هذا العبد يعمل كذا فلا يقول قائل ما دام ان الله جل وعلا حكم عليه بهذا العمل السيء - 00:13:51ضَ

فكيف يدعوه الى الطاعة والايمان ويعذبه على معصيته يقول الله جل وعلا وهب العبد العقل وارسل الرسل وانزل الكتب تدعو الى طاعة الله واتباع شرعه وتحذر من معصية الله ومخالفته - 00:14:15ضَ

فهذا العبد قضي الحق واستقام عليه وصار من اهل الجنة وهذا العبد رد الحق ولم يقبله وصار من اهل النار الله جل وعلا يعلم ازلا ان هذا يقبل وهذا يرد - 00:14:45ضَ

وهذا قبل الان باختياره وهذا رد باختياره ما اجبر على الرد ولا منع ولا وضع امامه في الطريق موانع تمنعه من سلوك طريق الحق بل بين له طريق الحق وطريق السعادة وبين له طريقا الشقاوة والهلاك فاختار طريق الهلاك - 00:15:12ضَ

ان كل شيء خلقناه بقدر عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شيء بقدر حتى العجز والكيس الجد والعمل والاجتهاد قدره الله جل وعلا لهذا العبد وعلمه - 00:15:41ضَ

والفصل والخمول علمه الله جل وعلا من هذا العبد قبل ان يخلقه ان كل شيء خلقناه بقدر وكما عرفنا اهل السنة والجماعة يقولون ان الله جل وعلا قدر مقادير الامور قبل ان يخلق الخلق. كما هو ثابت في الكتاب والسنة - 00:16:06ضَ

ويعلم ما العباد عاملون هناك طوائف ضالة تسمى القدرية نفاة القدر يقولون الله جل وعلا لا يعلم ما العبد عامل حتى يعمله اذا عمله العبد علمه الله جل وعلا تعالى الله عما يقولون - 00:16:36ضَ

ويلزم من قولهم هذا ان الله ما خلق افعال العباد ولا يعلم ما العباد عاملون حتى يعملوها ولهذا سماهم النبي صلى الله عليه وسلم مجوسا هذه الامة لم لان المجوس - 00:17:06ضَ

يقولون بخالقين النور خالق الخير والظلمة خالق الشر والقدرية يقولون الله يفعل الخير والعبد هو الذي يفعل الشر والله جل وعلا ما خلق افعال العباد في زعمهم. وانما العباد هم خلقوها. فاثبتوا خالقا غير الله. والله - 00:17:27ضَ

جل وعلا خالق العباد وافعالهم ولا يخلق جل وعلا الا لحكمة قال النووي رحمه الله ان مذهب اهل الحق اثبات القدر ومعناه ان الله تعالى قدر الاشياء في القدم وعلم سبحانه انها ستقع - 00:17:58ضَ

في اوقات معلومة عنده سبحانه على صفات مخصوصة فهي تقع على حسب ما قدرها الله وانكرت القدرية هذا وزعمت انه سبحانه لم يقدرها ولم يتقدم علمه بها وانها مستأنفة العلم اي انها - 00:18:24ضَ

انا لا يعني جديدة يحدثها العباد اي انما يعلمها سبحانه بعد وقوعها وكذبوا على الله سبحانه وتعالى تعالى وتقدس عن اقوالهم الباطلة علوا كبيرا. انتهى كلام النووي رحمه الله وقد تظاهرت الادلة القطعية من الكتاب والسنة واجماع الصحابة واهل العقد والحل من السلف والخلف على - 00:18:48ضَ

قدر الله جل وعلا وقد قرر ذلك ائمة السنة احسن تقرير بدلائله القطعية السمعية والعقلية فعلى العبد ان يؤمن لان الله جل وعلا قدر الامور قبل ان يخلق الخلق وعليه ان يؤمن ان ما اصابه لم يكن ليخطئه - 00:19:18ضَ

وما اخطأه لم يكن لوصيبه والايمان بالقدر احد اركان الايمان الستة التي وردت في حديث جبريل الصحيح حينما جاء يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الاسلام والايمان والاحسان وقال الايمان ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر الذي هو البعث - 00:19:52ضَ

وبالقدر خيره وشره ولا يذوق عبد حلاوة الايمان حتى يعلم ان ما اصابه لم يكن ليخطئه. وما اخطأه لم يكن ليصيبه لان كل شيء بقدر الله جل وعلا قدره ازلا لابد ان يقع مهما فر عنه - 00:20:25ضَ

والشيء الذي لم يقدر له مهما طلبه العبد لا يحصل له ودل عليه قوله صلى الله عليه وسلم واعلم ان الامة لو اجتمعوا على ان ينفعوك بشيء لم ينفعوك الا بشيء قد قدره - 00:20:52ضَ

الله لك كتبه الله لك ولن يضروك بشيء الا بشيء قد كتبه الله عليك. رفعت الاقلام وجفت الصحف او كما قال صلى الله عليه وسلم ان كل شيء خلقناه بقدر - 00:21:11ضَ

كقوله وخلق كل شيء كل هذه منصوبة على اشتغال يعني بفعل مقدر انا خلقنا كل شيء وخلقناه بقدر يفسر المحذوف نعم وخلق كل شيء فقدره تقديرا قوله اسم ربك الاعلى - 00:21:30ضَ

الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى اي قدر قدرا وهدى الخلائق اليه ولهذا يستدل بهذه الاية الكريمة ائمة السنة على اثبات قدر الله السابق لخلقه وهو علمه الاشياء قبل كونها - 00:21:56ضَ

وكتابته لها قبل برئها وردوا بهذه الاية وبما شاكلها من الايات وما ورد في معناها من الاحاديث الثابتة الثابتة على الفرقة القدرية الذين نبغوا في اخر عصر الصحابة وقد تكلمنا عن هذا المقام مفصلا - 00:22:17ضَ

وما ورد فيه من الاحاديث في شرح كتاب الايمان من صحيح البخاري رحمه الله ولنذكر ها هنا الاحاديث المتعلقة بهذه الاية الكريمة قوله تعالى وما امرنا وما امرنا الا واحدة كلمح بالبصر - 00:22:40ضَ

اي ان الله جل وعلا اذا اراد شيئا امر به تمرة واحدة يعني ما يحتاج الى تكرير ولا يحتاج الى تأكيد وانما يأمر به جل وعلا فيكون كما قدره الله جل وعلا - 00:23:04ضَ

لمح بالبصر. لمح البصر الارماش بالعين يعني انه بمقدار هذه او اقل منها يكون ما اراده الله جل وعلا وامر به ثم توعد جل وعلا الكفار عموما فقال ولقد اهلكنا اشياءكم اي اشباهكم - 00:23:29ضَ

ورائكم من الامم السابقة فان لم تؤمنوا فمآلكم كما الهم سواء بسواء وقيل المراد باشياعكم ولقد اهلكنا اشيائكم المراد باشياعكم اتباعكم الذين هم اتباع لكم واعوان لكم. الذين انتم تعتمدون عليهم اهلكهم الله جل وعلا - 00:23:58ضَ

فهل من مدكر؟ هل من متعظ هل من متعظ بهذه المواعظ ومنزجر عن معصية الله جل وعلا وعامة بطاعته ثم قال جل وعلا وكل شيء فعلوه في الزبر كل شيء فعلوه في الزبر - 00:24:33ضَ

المراد بالزمر هنا اللوح المحفوظ وقيل المراد بالزبر الكتب وهي صحائف الملائكة. التي تكتب الاعمال فيكون على الاول كل شيء فعلوه في الزمر يعني هو مقدر عليهم في اللوح المحفوظ مكتوب - 00:25:04ضَ

وعلى القول الثاني كل شيء فعلوه في الزبر جميع اعمالهم مسطرة عليهم تسطرها الملائكة تكتبها وتحفظها ثم يثابون على الحسن ويعاقبون على القبيح وكل شيء فعلوه في الزمر وكل صغير وكبير مستطر - 00:25:28ضَ

كل شيء مكتوب ما قدموه من الاعمال صغيرها وكبيرها كلها مكتوبة ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره يعني كل شيء مسطر ومحفوظ عليهم ولا يظن العبد ان هناك شيء يخفى على الله جل وعلا او ان هناك - 00:25:56ضَ

كشيء لا يستحق الذكر فالحسنة مهما قلت فهي محفوظة للعبد والسيئة مهما قلت فهي مسجلة عليها ثم امره الى الله جل وعلا ان شاء جل وعلا عاقبه عليها وان شاء عفا عنها - 00:26:26ضَ

ثم ختم هذه السورة الكريمة ما اعده الله جل وعلا للمتقين بقوله ان المتقين في جنات ونهر جنات بساتين دائمة الخضرة وسميت جنة لانها تستر ما تحتها بالتفاف ونهر انهار - 00:26:48ضَ

تجري فيها الاربعة الانهار انهار من ماء غير اص وانهار من لبن لم يتغير طعمه وانهار من من خمر لذة للشاربين وانهار من عسل مصفى في مقعد صدق مقعد كرامة - 00:27:18ضَ

وعناية وحفظ من الله جل وعلا في مجلس حق في مكان مرضي في مقعد صدق لا اثم فيه ولا تأثيم عند مليك ملك قادر قاهر جل وعلا مقتدر على ما يريد - 00:27:42ضَ

والله جل وعلا يكرمهم وهو قادر على ما اراده لهم بخلاف بعض المكرمين فهو يحب ان يكرم من عنده لكن لا يستطيع لا يتمكن من ذلك فالله جل وعلا ما لك الملك مقتدر على ما اراده سبحانه وتعالى - 00:28:06ضَ

وفي هذا ترغيب وحث للمؤمنين في الزيادة من الطاعة والاعمال الصالحة وفيه تشويق للكفار لمن له قلب بان يرجع الى الله جل وعلا ويتوب اليه ليكون من المؤمنين. والله اعلم وصلى الله وسلم - 00:28:37ضَ

تبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:29:04ضَ