التفريغ
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد. فكما يتعاقب الليل والنهار على مدى الايام وكما تمضي الكواكب والنجوم في افلاكها بدقة وانتظام. وكما تحيا الارض بتنزل الماء على الدوام - 00:00:00ضَ
كذلك نصر الله للمؤمنين. وعد لا يتخلف. قضاه ذو الجلال والاكرام الذي يوقظ القلوب بجلاله ثم يكرم بعطائه وجماله. حقيقة كبيرة ومع ذلك فقد عصفت بها ريح الشك في قلوب - 00:00:20ضَ
كثيرة فمن نصره الله ايها المسلمون فلن يهزم ابدا. ولو اجتمع عليه من باقفار الارض ومن خذله الله جل وعلا فلن ينصر ابدا ولو امتلك عدة وعدد اهل الارض. كما قال جل وعلا. وما النصر الا من عند الله. ان الله - 00:00:40ضَ
عزيز حكيم وقال جل وعلا ان ينصركم الله فلا غالب لكم. وان يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده؟ وعلى الله فليتوكل المؤمنون وقال جل وعلا الا تنصروه فقد نصره الله. وقال سبحانه قل من ذا الذي يعصمكم من الله ان اراد بكم - 00:01:00ضَ
سوءا او اراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا. وكما قال الصادق صلى الله عليه وسلم في اولئك المرابطين على الارض المباركة المقدسة ارض الرباط لا يضرهم من خذلهم او خالفهم حتى يأتي امر الله وهم ظاهرون على الناس. فالذي يدبر - 00:01:20ضَ
امر الكون والذي يحكم الكون هو الله. لا تتوهم ان قوة في الشرق او الغرب هي التي تدبر امر الكون. وهي التي تحكم الكون بل يحكم الكون ويدبر الامر القاهر فوق عباده. قال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث ابي موسى الاشعري - 00:01:40ضَ
ان الله لا ينام ولا ينبغي له ان ينام. يخفض القسط ويرفعه. يرفع اليه عمل الليل قبل عمل النهار. وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور لو كشفه لاحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه. وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه ان حبرا من - 00:02:00ضَ
احبار اليهود اتى النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال يا محمد انا نجد مكتوبا عندنا في التوراة ان الله يجعل السماوات على اصبع والارضين على اصبع والماء والثرى على اصبع وسائر الخلائق على اصبع ثم يهزهن ويقول انا الملك. فضحك النبي صلى - 00:02:20ضَ
الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا منه لقول الحبر اليهودي وقرأ قول الرب العلي وما قدروا الله حق قدره الارض جميعا قبضته يوم القيامة. والسماوات مطويات بيمينه. سبحانه وتعالى عما يشركون. فالنصر - 00:02:40ضَ
اخواني ويا اخواتي لا يأتي من الاوروبيين ولا من الامريكيين. فضلا عن ان ياتي من الخونة والمنافقين والمخذلين بل لقد جعل رب العالمين للنصر في قرآنه شروطا واضحة ومعالم بينة محددة. اولا تحقيق الايمان - 00:03:00ضَ
به سبحانه. قال جل جلاله وكان حقا علينا نصر المؤمنين. لكن اعلموا ان الايمان ليس مجرد كلمة ترددها الالسنة فحسب ولكن الايمان حقيقة كبيرة ذات تكاليف وامانة ثقيلة ذات اعباء له اركانه ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه - 00:03:20ضَ
واليوم الاخر والقدر خيره وشره. له طعمه ذاق طعم الايمان من رضي بالله ربا وبالاسلام دينا. وبمحمد صلى الله عليه وسلم ورسولا له حلاوة ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الايمان. ان يكون الله ورسوله احب اليه ممن سواهما. وان يحب المرء - 00:03:40ضَ
يحبه الا لله وان يكره ان يعود في الكفر بعد اذ انقذه الله منه كما يكره ان يقذف في النار. والايمان كذلك له نور يشرق القلوب ما من القلوب قلب الا وله سحابة كسحابة القمر فبين القمر مضيء اذ علته سحابة فاظلم فاذا تجلت - 00:04:00ضَ
عنه اضاء فلابد من تحقيق الايمان لنكون اهلا لنصرة الله سبحانه. وكان حقا علينا نصر المؤمنين. ثانيا ان ننصر الله جل وعلا لنكون اهلا لنصرته لنا. قال تعالى يا ايها الذين امنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم. قال جل وعلا - 00:04:20ضَ
ولينصرن الله من ينصره. ان الله لقوي عزيز. والسؤال كيف ننصر الله جل وعلا؟ والجواب بامتثال امره واجتناب نهيه الوقوف عند حدوده بطاعته ونحن في غاية الحب له الرضا عنه. قال تعالى الذين ان مكناهم في الارض اقاموا الصلاة واتوا الزكاة وامروا - 00:04:40ضَ
معروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الامور. ثالثا الثبات والذكر والطاعة لله ولرسوله وعدم التنازع والصبر كل هذه المقومات والعوامل في اية فذة فريدة جامعة من ايات سورة الانفال. قال - 00:05:00ضَ
وعلا يا ايها الذين امنوا اذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون. واطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا وتذهب ريحكم واصبروا ان الله مع الصابرين. هذه عوامل النصر في القرآن الكريم. فالثبات عند لقاء العدو هو الخطوة الاولى على طريق - 00:05:20ضَ
النصر باذن الله جل وعلا. ولا يكون الثبات ولا تحقق الا بذكر الله كثيرا. بل وبالمداومة على الذكر لتحيا القلوب. مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت. كما قال الصادق صلى الله عليه وسلم فذكر الله صلة حقيقية بالله جل وعلا. صلة - 00:05:40ضَ
حقيقية بالذي لا يموت. بالحي الذي لا يموت. بالقيوم الذي لا ينام. بالعزيز الذي لا يغلب. بالقوي الذي لا يقهر. اما طاعة الله النصرة الحقيقية لله الذي يستحق المؤمنون بها النصر من الله. قال جل علاه وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا - 00:06:00ضَ
يكون لهم الخيارة من امرهم. ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا. قال جل وعلا انما كان قول المؤمنين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بين ان يقولوا سمعنا واطعنا واولئك هم المفلحون. ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقي فاولئك هم الفائزون. فشعار المؤمنين - 00:06:20ضَ
مع امر ربهم ونهيه وحجه سمعنا واطعنا غفرانك ربنا واليك المصير. ولا يحدث التنازع ولا يقع الفشل الا بالوقوع في معصية الله الا بالوقوع في معصية رسول الله صلى الله عليه وسلم. رابعا اعداد القوة على قدر المستطاع. قال جل وعلا - 00:06:40ضَ
واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم واخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوفى اليكم وانتم لا تظلمون. نعم اعدوا اعدادا ايمانيا اعدادا علميا تربويا سياسيا امنيا - 00:07:00ضَ
عسكريا اقتصاديا ثقافيا روحيا تعليميا تربويا لابد من الاعداد بكل ما تحمله الكلمة من معنى وما الله جل وعلا الا ان نعد في حدود قدراتنا واستطاعتنا وامكانياتنا. خامسا ترك الذنوب والمعاصي. وتجديد - 00:07:20ضَ
التوبة الى الله جل وعلا. فورب الكعبة ما هزمت الامة بعدو اخطر من الذنب والمعصية. قال سبحانه ظهر الفساد في البر البحر بما كسبت ايدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون. قال جل وعلا فاخذهم الله بذنوبهم. قال جل وعلا وما اصابكم - 00:07:40ضَ
من مصيبة فبما كسبت ايديكم ويعفو عن كثير. والايات كثيرة. وفي الحديث الذي رواه الامام احمد وابو داوود وغيرهما من حديث عبدالله ابن عمر بسند حسن لغيره ومن اهل العلم من ضعف سنده. انه صلى الله عليه وسلم قال اذا تبايعتم بالعينة ورضيتم بالزرع وتبعتم اذناب البقر - 00:08:00ضَ
وتركتم الجهاد في سبيل الله. سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا الى دينكم. وفي الحديث الذي رواه ابو نعيم بسند صحيح بشواهده من حديث ابي امامة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان روح القدس نفث في روعي ان نفسا لن تموت حتى - 00:08:20ضَ
تستكمل رزقها واجلها فاتقوا الله واجملوا في الطلب. فلا يمنع الرزق الا بالمعصية. والنصر رزق من اعظم ارزاق الله تبارك وتعالى. وفي الحديث الذي رواه الحاكم والطبراني وغيرهما بسند صحيح من حديث عبدالله بن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يا معشر - 00:08:40ضَ
مهاجرين خصال خمس ان ابتليتم بهن واعوذ بالله ان تدركوهن لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها الا فشافيهم والاسقام التي لم تكن في اسلافهم. ولم ينقصوا المكيال والميزان الا اخذوا بالسنين. وشدة المؤونة وجبر السلطان. ولم يمنعوا زكاة - 00:09:00ضَ
اموالهم الا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله الا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فاخذ بعض ما في ايديهم وما لم تحكم ائمتهم بكتاب الله الا جعل الله بأسهم بينهم. الا تصلي على الصادق الذي لا - 00:09:20ضَ
عن الهوى وقد تحقق هذا الذي ذكره ونعيشه هذه الايام. كذلك من اعظم الاسباب الدعاء. الدعاء. قال جل وعلا وكاين من نبي قاتل معه ربيون كثير. فما وهنوا لما اصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا. والله يحب الصابرين. وما كان قوله - 00:09:40ضَ
الا ان قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في امرنا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فاتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب والله يحب المحسنين. لا تستهينوا بالدعاء. اخلصوا التذلل والتضرع لملك الارض والسماء. واعلموا بان الله جل وعلا - 00:10:00ضَ
اجيب دعاء المظلومين المقهورين المغلوبين الذين لا يجدون عونا لهم على اولئك الظالمين المتغطرسين المتجبرين المتكبرين الا الله. الدعاء قم بالليل واطرح قلبك بحب وافتقار وذل وانكسار بين يدي العزيز الغفار والواحد القهار. وسل الله - 00:10:20ضَ
جل وعلا ان ينصر اخوانك اولئك المستضعفين. من الصابرين ومن الابطال الصامدين. سل الله ان يؤيدهم بتأييده. وان يمدهم بمدد من عنده وان ينزل عليهم جندا من جند السماء وان ينزل على قلوبهم برد السكينة والثبات والرضا. لا تيأسوا ابدا. فان هبت ريح اليأس - 00:10:40ضَ
والقنوط تموت القلوب وتجف الارواح وتسقط النفوس وتقع الهزيمة. فلا تظنن بربك ظن سوء فان الله اولى بالجميل وقد تخرج المنح من طيات المحن ويخرج الخير من باطن الشر. وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم - 00:11:00ضَ
والله يعلم وانتم لا تعلمون. قد ينعم الله بالبلوى وان عظمت. ويبتلي الله بعض القوم بالنعم. وها هو رسول الله صلى الله عليه في اوقات الازمات وساعات الكربات يبشر بالنصر بل بفتح رب الارض والسماوات في بدر وفي احد بل وفي الاحزاب حيث - 00:11:20ضَ
والحصار والخوف ومع ذلك يبشر بالنصر ويغرس الامل بصدق التوكل على الله وحسن العمل. ففي الحديث الذي رواه الامام احمد والبيهقي بسند حسن من حديث البراء ابن عازب قال لما امرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق في غزوة الاحزاب قال - 00:11:40ضَ
فرضت لنا صخرة عظيمة شديدة لا تأخذ فيها المعاول. فشكونا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء بابي وامي وقلبي وروحي فاخذ المعول وقال بسم الله وضرب ضربة فكسر ثلثها. فقال عليه الصلاة والسلام في هذا الحصار والجوع والخوف والقلق حتى قال المنافقون - 00:12:00ضَ
ما وعدنا الله ورسوله الا غرورا. قال في هذه الازمة الله اكبر اعطيت مفاتيح الشام. والله اني لابصر قصورها حمر من مقامي هذا ثم ضرب الصخرة ضربة ثانية وقال الله اكبر لقد اعطيت مفاتيح فارس والله اني لابصر قصرا - 00:12:20ضَ
الكائن الابيض من مقامي هذا ثم ضرب الثالثة فقال بسم الله فتفتت بقية الحجر او تفتت الصخرة فقال الله اكبر اعطيت مفاتيح اليمن والله اني لابصر ابواب صنعاء من مكاني هذا. الله اكبر. رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر يا اخواني بالنصر والفتح - 00:12:40ضَ
في اصعب الاوقات وفي اشد المحن والازمات. بل واقسم وهو الصادق الذي لا يحتاج ورب الكعبة الى قسم. قال والله ان من الله هذا الامر حتى لا يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت لا يخاف الا الله والذئب على غنمه ولكن كنت - 00:13:00ضَ
تستعجلون وعد الله لا يتخلف ولا يتأخر فابشروا يا معشر المسلمين فبعد العسر يسر وبعد الخوف وبعد الكرب فرج وبعد البلاء عافية. وبعد الهزيمة نصر وابطالنا. بفضل ربنا يصنعون النصر على الارض ويغرسون التفاؤل في القلوب بصدق التوكل على علام الغيوب وحسن العمل. نسأل الله جل وعلا - 00:13:20ضَ
في هذه الاوقات ان يسدد رميهم وان يربط على قلوبهم وان يمكن لهم وان يقذف الرعب والفرقة والخوف في قلوب عدوهم. واسأل الله جل وعلا ان يتقبل موتاهم عنده في الشهداء. وان يداوي جرحاهم. واسأله سبحانه ان يقر - 00:13:50ضَ
جميعا بنصرة الاسلام وعز الموحدين انه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته - 00:14:10ضَ