ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له - 00:00:00
واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد فلا زال الحديث ايها الاحبة عن المثل المضروب في قوله تبارك وتعالى ومثل الذين ينفقون اموالهم - 00:00:20
ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من انفسهم كمثل جنة بربوة اصابها وابل فاتت اكلها فين؟ فان لم يصبها وابل فقل. والله بما تعملون بصير وقد تحدثت في الليلة الماضية عن بعض ما يتصل بهذا المثل - 00:00:40
من جهة ارتباطه بالمثل المضروب قبله. وهكذا ايضا عن بعض ما يتصل بهذا المثل من المعاني الاولية التي يحتاج الى معرفتها ليتضح المراد وتحدثت عن المراد بقوله تبارك وتعالى وتثبيتا من انفسهم. وما يحتمله ذلك من المعاني - 00:01:03
ذلك واصلوا هذا الحديث ايها الاحبة فاقول الله جل جلاله يقول كمثل جنة بربوة. والجنة هي البستان الذي فيه الشجر وقيل له ذلك لانه يجن ان يغطي ويستر. من بداخله باشجاره الكثيفة. ولا يقال - 00:01:30
جنة للحائط من النخيل. لكن ان كان معه شجر كالعنب ونحوه. فان ذلك يصح ان يقال عنه جنة كما سيأتي في المثل بعده. وكما ذكر الله تبارك وتعالى في سورة الكهف - 00:01:55
رجل الذي جعل الله عز وجل له جنتين وذكر النخيل والاعناب. وعلى كل حال هذا المراد بالجنة واما المراد بالربوة فهي المكان المرتفع دون الجبل. واذا قاله وزاد ابن عباس والضحاك تجري فيها الانهار - 00:02:15
والله تبارك وتعالى لم يذكر ذلك وكانهم قالوه تتميما وتكميلا لبيان حال هذه الربوة. لان المكان المرتفع من الارض مظنة لقلة المياه ولكن الله تبارك وتعالى ذكر انه اصابها وابل. فالمطر يكفيه - 00:02:41
عن جري الانهار على كل حال خصصت الجنة بالربوة لان ذلك اجدى وانفع واطيب لثمرها واكلها وذلك انها اذا كانت مرتفعة فان الشمس تصيبها في اول النهار ووسطه واخره وذلك - 00:03:04
اطيب للثمر وانفع للشجر كما ان الرياح ايضا تصيبها في هبوبها من جميع الجهات. فهذا يكون مزية فتكون تلك الجنة احسن منظرا وازكى ثمرا اصابها وابل والوابل قلنا هو المطر الغزير الكثير - 00:03:30
فاتت اكلها ضعفين. والاكل هو ما يؤكل. ويقال غالبا في عرف الاستعمال على الثمر والله تبارك وتعالى قال في قصة سبأ قال جنتين ذواتي اكل خمط فهذا هو الثمر وكذلك في قوله تبارك وتعالى تؤتي اكلها كل حين اي ثمرتها. تؤتي ثمرتها وما يؤكل - 00:03:53
منها وهنا قال الله تبارك وتعالى اصابها وابل فاتت اكلها ضعفين والضعفان من اهل العلم من قل هما المثلان ويطلق. يقولون لان ضعف الشيء هو مثله زائدا عليه. وضعفاه مثلاه زائدا عليه - 00:04:23
يعني اذا كان عندك مئة فحصل لك الضعف في الربح فصارت مئة زائدة والمئة الاولى التي هي رأس المال. فاذا قيل ربح ضعفين فتكون المئة رأس المال زائد مئتين. فهنا راعوا لفظ التثنية. وفرقوا بينه وبين المفرد. ضعف - 00:04:45
ضعفان هكذا قال بعض اهل العلم وعزاه الماوردي للجمهور وهو اختيار الزجاج وطائفة. فهذا معنى لكنه ليس محل اتفاق. وقد ذكر الحافظ ابن القيم رحمه الله هذا القول قال على سبيل تعداد الاقوال ضعف الشيء مثله. زائدا عليه وضعفه مثله - 00:05:10
وقيل ضعفه مفلاه وضعفاه ثلاثة امثاله وثلاثة اضعافه يعني اربعة امثاله. فكلما زاد ظعف زاد مثل ثم ناقش هذا القول وضعفه وبين وجه الغلط الذي حصل لصاحبه او لقائله ثم - 00:05:37
قرر رحمه الله ان المثل له اعتباران. ان اعتبر وحده فهو ضعف وان اعتبر مع نظيره فهما ضعفان. وهذا القول اعدل والله تعالى اعلم. بمعنى تقول عندي ظعف او ربحت الضعف يعني المثل. عندك مئة ربحت مئة هذا ضعف - 00:06:05
فاذا اعتبرت القدر الزائد فقط الربح تقول عندي ظعف واذا اعتبرته مع الاصل رأس المال المئة الاولى قلت ضعفان فاتت اكلها ضعفين. يعني مضاعفا. بمعنى ان ما تنتجه عادة مع مثله - 00:06:28
يعني تضاعف انتاجها عما كانت عليه او كما يقول بعضهم تضاعف انتاجها عما ينتج غيرها. فانتجت في سنة ما ينتجه غيرها في عامين اتت اكلها ضعفين هذا معنى الضعف والله تبارك وتعالى اعلم. قال الله فان لم يصبها وابل فطل - 00:06:50
الطل ما هو بعضهم قال هو المطر القليل وقريب منه قول بعضهم هو المطر الخفيف او الرذاذ. كل هذا يقال له طل وبعضهم يقول هو الندى بمعنى انك لا ترى شيئا ينزل لكنك اذا نظرت الى الاوراق اوراق الشجر والاشجار او الاشياء التي سطوح السيارات - 00:07:18
او نحو هذا في الصباح الباكر تجد انها مبتلة وما نزل مطر فهذا البلل يقال له طل ولا زال العامة الى اليوم يعبرون عن الرطوبة التي نعيشها في مثل هذه الايام - 00:07:47
ماذا يقولون يقولون طلوله وهو معنى صحيح. اصله يرجع الى ما ذكرت. قل بمعنى انه لا ينزل مطر ولكنك ترى الاشياء مبتلة الله تبارك وتعالى يقول فان لم يصبها وابل فطل - 00:08:03
والعرب تقول اطل احد المطرين. ولكن ثمرته اقل من المطر. واضعف ما المعنى ان لم يصيبها وابل فطل؟ بعضهم يقول ان لم يصبها مطر غزير كفاها مطر قليل. فاتت اكلها ضعفين. انها لا تتأثر - 00:08:21
لطيب منبتها تؤتي الضعفين. على كل الحالات وهذا قاله صاحب التحرير والتنوير كتفسير. والمعنى ان الانفاق لابتغاء مرضاة الله له ثواب عظيم وهو مع ذلك متفاوت على مقدار تفاوت الاخلاص - 00:08:38
في الابتغاء والتثبيت كما تتفاوت احوال الجنات في مقدار زكائها ولكنها لا تخيب صاحبها وعلى كل حال هذا معنى. والمعنى الثاني ان كثير البر اللي ينفق بكثرة يكون العائد من - 00:09:01
مثل ما يحصل من كثير المطر. اتت اكلها ضعفا يكون جزاؤه واجره اوفى واعظم وقليل البر مثل زرع الطل. يكون اقل ثمرة وعائلة. لكن كما قيل لا تدع البر اذا لم تفعل كثيره - 00:09:21
كما لا تدع زرع الطل اذا لم تقدر على زرع المطر وعبارة ابن كثير رحمه الله جاءت دقيقة معبرة فهو يقول هذه الجنة بهذه الربوة لا تمحل ابدا لانها ان لم يصبها وابل فطل. وايا ما كان فهو كفايتها. وكذلك عمل المؤمن لا يبور - 00:09:43
ابدا بل يتقبله الله ويكفره وينميه كل عامل بحسبه. ولهذا قال الله والله بما تعملون بصير يعني لا يخفى عليه من اعمال عباده شيء. فهو عالم بكميات النفقات وكيفياتها ومحالها التي تصرف وتوجه اليها. وما يقوم بقلب العبد عند النفقة - 00:10:08
من تثبيت او تردد او فرح واستبشار وطيب نفس او انقباض وكراهية واستثقال. كل ذلك كيعلمه تبارك وتعالى وهو مجاز على هذا العمل ان خيرا فخير وان شرا فشر بعد ذلك ما وجه الشبه بين النفقة هذه الموصوفة والجنة التي بربه. الجامع المشترك هو الهيئة الحاصلة - 00:10:36
من مجموع اشياء تكامل بها تضعيف المنفعة. فالنفقة التي احتف بها طلب ما عند الله زائد التثبيت صارت بهذا مضاعفة اضعافا كثيرة فان نقص من ذلك شيء نقص اثرها كتلك الجنة الطيبة في تلك الربوة - 00:11:06
التي جاءها وابل فزكى ثمرها وتزايدت فكملت ثمارها او اصابها طل فكان دون ذلك هذي نفقة باخلاص وتصديق بوعد الله تبارك وتعالى واحتساب وثبات قلب اجتمعت هذه الامور فاتت اكلها ضعفين ضاعفها الله لصاحبها اضعافا. وليس المقصود هنا ان النفقة في سبيل الله تضاعف على ضعفه. لا الى سبع مئة ضعف الى اضعاف - 00:11:35
كثيرة وذلك كتلك الجنة التي تكون ليست جنة فقط بل بربوة. واصابها وابل فان لم يصبها وابل فتكاملت لها اسباب النماء والزكاء فاخرجت ثمارها اليانعة. وحصل مقصود الزارع منها هذا وجه الشبه وجه - 00:12:05
الارتباط والتشبيه في قوله تبارك وتعالى كمثل جنة بربوة كالتشبيه في قوله تبارك وتعالى في المثل الاول في انفاق كمثل حبة انبتت سبع سنابل. وهناك قلنا يحتمل ثلاثة معاني. كمثله - 00:12:31
جنة بربوة. هنا قال كمثل حبة انبتت سبع سنابل. فالمنفق كالحبة التي انبتت او النفقة كالحبة التي انبتت. او المنفق ونفقته كالحبة التي انبتت سبعا سنابل ثلاثة اقوال ذكرناها هناك. ويمكن ان تراجع - 00:12:52
مثل نفقتهم كمثل محبة مثل المنفقين كمثل غارس حبة يكون في تقدير محذوف مثل المنفقين ونفقتهم كمثل حبة وغارسها هذه المعاني بعد ما اتضحت يمكن ان اذكر معنى المثل بعد ذلك - 00:13:19
اجمالا ما معنى المثل الله تبارك وتعالى يقول مثل الذين ينفقون اموالهم هذا تمثيل للمنفقين باخلاص مع ثبات قلب واحتساب وتصديق بوعد الله تبارك وتعالى فهؤلاء حالهم ونفقتهم كجنة بستان - 00:13:45
في مكان مرتفع نزل عليه مطر كثير فاخرج الاشجار والثمار فكانت ثمرته مضاعفة فتى فان لم يقع عليه مطر كثير فطل يكفيه او يكفيه طل. قدر هذا او هذا طل يكفيه لاخراج الثمرة. لكن هذا بمعنى ان عمل المؤمن ونفقة المؤمن اذا - 00:14:13
فصدرت من نفس رظية مطمئنة فان الله يتقبلها من هذا المنفق باخلاص واحتساب فينميها ويثمرها له. ان كانت كثيرة كان عائدها اكثر وان كانت قليلة كان عائدها دون الاول وهكذا ايضا يتفاوت عائدها بحسب ما يقوم بقلب صاحبها - 00:14:46
من الاخلاص والتثبيت واليقين والاحتساب. كل هذه المعاني التي ذكروها لا اشكال فيها لا اشكال فيها لان بعضهم يقول اصابها وابل فاتت اكلها ضعفين فان لم يصبها وابل فطل. بعضهم يقول لا تتفاوت. عمل المؤمن لا يبور. هذا المقصود - 00:15:12
فالله يجزيه عليه ويضاعف له. وبعضهم يقول لا هذا ذكر للتفاوت لبيان التفاوت. لكنه في النهاية لا يدور. فان كان كثيرا كان الجزاء عليه كثيرا. وان كان قليلا كان الجزاء عليه بحسبه. وابل وطل بحسب كثرة النفق - 00:15:31
وقلتها وبعضهم يقول بحسب ما يقوم بقلبه من كمال الاخلاص واليقين والاحتساب والتصديق بوعد الله تبارك وتعالى. فالناس يتفاوتون بذلك. فتكون هذه النفقة بهذا اعتبار متفاوتة في الجزاء. فان لم يصبها وابل فطل. ضعف يقينه - 00:15:51
يضعف الجزاء. لان النفقة والعمل الصالح كما سبق تعظم بحسب ما يحتف بها وبحسب متعلقها. فما يقوم بقلب العبد له اثر في تعظيم العمل او في تقليله وتصغيره وتحجيمه هذا هو معنى المثل. والله تعالى اعلم. والحافظ ابن القيم رحمه الله تكلم - 00:16:17
على هذا المثل بكلام جيد في كتابه طريق الهجرتين وهكذا ايضا في كتابه اعلام الموقعين. اكتفي هنا بكلامه في طريق الهجرتين. يقول هذا مثل الذي مصدر نفقته عن الاخلاص والصدق. فان ابتغاء - 00:16:47
سبحانه هو الاخلاص والتثبيت من النفس هو الصدق في البذل. فان المنفق يعترضه عند انفاقه افتان. ان نجا منهما انا مثله ما ذكره الله في هذه الاية احداهما طلبه بنفقته محمدة او ثناء او غرضا من اغراض الدنيا. هذه الافة الاولى - 00:17:07
تعترض المنفق ينوه بك تذكر وهذا حال اكثر المنفقين كما قال ابن القيم والافة الثانية هي ضعف نفسه وتقاعسها وترددها هل يفعل ام لا؟ فالافة الاولى تزول بابتغاء مرضات الله - 00:17:35
الاخلاص لا يطلب من المخلوقين نحمده ولا يلتفت اليهم والافة الثانية تزول بالتثبيت. تردد يزول التثبيت. فان تثبيت النفس تشجيعها وتقويتها والاقدام بها على البذل. وهذا هو صدقها. وطلب مرضات الله - 00:17:53
ارادة وجهه وحده وهذا اخلاصها. فاذا كان مصدر الانفاق عن ذلك كان مثله كجنة وهي البستان الاشجار فهو مجتن بها اي مستتر. ليس قاعا فارغا. والجنة بربوة وهو المكان المرتفع. فانها - 00:18:15
من الجنة التي بالوهاد والحضيض. لانها اذا ارتفعت كانت بدرجة الاهوية والرياح وكانت ضاحية للشمس وقت طلوعها واستوائها وغروبها. فكانت انضج ثمرا واطيبه واحسنه واكثره اهو فان الثمار تزداد طيبا وذكاء بالرياح والشمس. بخلاف الثمار التي تنشأ في الظلال. واذا كانت الجنة - 00:18:35
بمكان مرتفع لم يخشى عليها الا من قلة الماء والشراب. فقال تعالى اصابها وابل وهو المطر الشديد عظيم القدر فادت ثمرتها واعطت بركتها فاخرجت ضعفي ما يثمر غيرها او ضعفي ما كانت تثمر - 00:19:02
بسبب ذلك الوابل لاحظوا ما ذكر بعده قال فهذا حال السابقين المقربين فان لم يصبها وابل فطل. فهو دون الوابل فهو يكفيها لكرم منبتها وطيب مغرسها فتكتفي في اخراج بركتها بالطلق. وهذا حال الابرار المقتصدين. في النفقة. وهم درجات عند الله - 00:19:22
يعني ان ابن القيم رحمه الله يرى ان هذا التفاوت اولئك الذين ينفقون كثيرا هم السابقون وابل فاتت اكلها ضعفين الطلب هذا الذين نفقتهم قليلة لكن باخلاص وتصديق بوعد الله تبارك وتعالى. يقول فاصحاب الوابل اعلاهم درجة وهم الذين ينفقون اموالهم بالليل والنهار - 00:19:50
سرا وعلانية ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة واصحاب الطل مقتصدوهم فمثل حال القسمين واعمالهم بالجنة على الربوة. ونفقتهم الكثيرة بالوابل والطل. وكما ان كل واحد من المطرين يوجب زكاء ثمر الجنة بالاضعاف فكذلك نفقتهم كثيرة كانت او قليلة بعد ان صدرت عن ابتغاء مرضات الله - 00:20:17
والتثبيت من نفوسهم فهي زاكية عند الله نامية مضاعفة يعني ما يضيع شيء لا تضيع تلك النفقات قلت او كثرت وان تفاوتت في الكثرة وان تفاوت ما يقوم بقلب صاحبها طالما انه مخلص لله تبارك وتعالى ولكن الاخلاص ايضا والتثبيت - 00:20:45
واليقين والتصديق بوعد الله تبارك وتعالى كل ذلك يتفاوت في نفوس الناس فمن الناس من يكون اخلاصه عظيما. ومنهم من يكون مخلصا ولكنه دون الاول لكنه لا يلتفت الى غير الله تبارك وتعالى. وهكذا اليقين والتثبيت - 00:21:11
فتكون النتائج والثمار بناء على هذا التفاوت في النفقات وما يقوم بقلوب المنفقين فهذا معنى هذا المثل واسأل الله عز وجل ان يجعلنا واياكم من السابقين بالخيرات وان يتقبل منا ومنكم اجمعين. وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه - 00:21:34
التفريغ
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له - 00:00:00
واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد فلا زال الحديث ايها الاحبة عن المثل المضروب في قوله تبارك وتعالى ومثل الذين ينفقون اموالهم - 00:00:20
ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من انفسهم كمثل جنة بربوة اصابها وابل فاتت اكلها فين؟ فان لم يصبها وابل فقل. والله بما تعملون بصير وقد تحدثت في الليلة الماضية عن بعض ما يتصل بهذا المثل - 00:00:40
من جهة ارتباطه بالمثل المضروب قبله. وهكذا ايضا عن بعض ما يتصل بهذا المثل من المعاني الاولية التي يحتاج الى معرفتها ليتضح المراد وتحدثت عن المراد بقوله تبارك وتعالى وتثبيتا من انفسهم. وما يحتمله ذلك من المعاني - 00:01:03
ذلك واصلوا هذا الحديث ايها الاحبة فاقول الله جل جلاله يقول كمثل جنة بربوة. والجنة هي البستان الذي فيه الشجر وقيل له ذلك لانه يجن ان يغطي ويستر. من بداخله باشجاره الكثيفة. ولا يقال - 00:01:30
جنة للحائط من النخيل. لكن ان كان معه شجر كالعنب ونحوه. فان ذلك يصح ان يقال عنه جنة كما سيأتي في المثل بعده. وكما ذكر الله تبارك وتعالى في سورة الكهف - 00:01:55
رجل الذي جعل الله عز وجل له جنتين وذكر النخيل والاعناب. وعلى كل حال هذا المراد بالجنة واما المراد بالربوة فهي المكان المرتفع دون الجبل. واذا قاله وزاد ابن عباس والضحاك تجري فيها الانهار - 00:02:15
والله تبارك وتعالى لم يذكر ذلك وكانهم قالوه تتميما وتكميلا لبيان حال هذه الربوة. لان المكان المرتفع من الارض مظنة لقلة المياه ولكن الله تبارك وتعالى ذكر انه اصابها وابل. فالمطر يكفيه - 00:02:41
عن جري الانهار على كل حال خصصت الجنة بالربوة لان ذلك اجدى وانفع واطيب لثمرها واكلها وذلك انها اذا كانت مرتفعة فان الشمس تصيبها في اول النهار ووسطه واخره وذلك - 00:03:04
اطيب للثمر وانفع للشجر كما ان الرياح ايضا تصيبها في هبوبها من جميع الجهات. فهذا يكون مزية فتكون تلك الجنة احسن منظرا وازكى ثمرا اصابها وابل والوابل قلنا هو المطر الغزير الكثير - 00:03:30
فاتت اكلها ضعفين. والاكل هو ما يؤكل. ويقال غالبا في عرف الاستعمال على الثمر والله تبارك وتعالى قال في قصة سبأ قال جنتين ذواتي اكل خمط فهذا هو الثمر وكذلك في قوله تبارك وتعالى تؤتي اكلها كل حين اي ثمرتها. تؤتي ثمرتها وما يؤكل - 00:03:53
منها وهنا قال الله تبارك وتعالى اصابها وابل فاتت اكلها ضعفين والضعفان من اهل العلم من قل هما المثلان ويطلق. يقولون لان ضعف الشيء هو مثله زائدا عليه. وضعفاه مثلاه زائدا عليه - 00:04:23
يعني اذا كان عندك مئة فحصل لك الضعف في الربح فصارت مئة زائدة والمئة الاولى التي هي رأس المال. فاذا قيل ربح ضعفين فتكون المئة رأس المال زائد مئتين. فهنا راعوا لفظ التثنية. وفرقوا بينه وبين المفرد. ضعف - 00:04:45
ضعفان هكذا قال بعض اهل العلم وعزاه الماوردي للجمهور وهو اختيار الزجاج وطائفة. فهذا معنى لكنه ليس محل اتفاق. وقد ذكر الحافظ ابن القيم رحمه الله هذا القول قال على سبيل تعداد الاقوال ضعف الشيء مثله. زائدا عليه وضعفه مثله - 00:05:10
وقيل ضعفه مفلاه وضعفاه ثلاثة امثاله وثلاثة اضعافه يعني اربعة امثاله. فكلما زاد ظعف زاد مثل ثم ناقش هذا القول وضعفه وبين وجه الغلط الذي حصل لصاحبه او لقائله ثم - 00:05:37
قرر رحمه الله ان المثل له اعتباران. ان اعتبر وحده فهو ضعف وان اعتبر مع نظيره فهما ضعفان. وهذا القول اعدل والله تعالى اعلم. بمعنى تقول عندي ظعف او ربحت الضعف يعني المثل. عندك مئة ربحت مئة هذا ضعف - 00:06:05
فاذا اعتبرت القدر الزائد فقط الربح تقول عندي ظعف واذا اعتبرته مع الاصل رأس المال المئة الاولى قلت ضعفان فاتت اكلها ضعفين. يعني مضاعفا. بمعنى ان ما تنتجه عادة مع مثله - 00:06:28
يعني تضاعف انتاجها عما كانت عليه او كما يقول بعضهم تضاعف انتاجها عما ينتج غيرها. فانتجت في سنة ما ينتجه غيرها في عامين اتت اكلها ضعفين هذا معنى الضعف والله تبارك وتعالى اعلم. قال الله فان لم يصبها وابل فطل - 00:06:50
الطل ما هو بعضهم قال هو المطر القليل وقريب منه قول بعضهم هو المطر الخفيف او الرذاذ. كل هذا يقال له طل وبعضهم يقول هو الندى بمعنى انك لا ترى شيئا ينزل لكنك اذا نظرت الى الاوراق اوراق الشجر والاشجار او الاشياء التي سطوح السيارات - 00:07:18
او نحو هذا في الصباح الباكر تجد انها مبتلة وما نزل مطر فهذا البلل يقال له طل ولا زال العامة الى اليوم يعبرون عن الرطوبة التي نعيشها في مثل هذه الايام - 00:07:47
ماذا يقولون يقولون طلوله وهو معنى صحيح. اصله يرجع الى ما ذكرت. قل بمعنى انه لا ينزل مطر ولكنك ترى الاشياء مبتلة الله تبارك وتعالى يقول فان لم يصبها وابل فطل - 00:08:03
والعرب تقول اطل احد المطرين. ولكن ثمرته اقل من المطر. واضعف ما المعنى ان لم يصيبها وابل فطل؟ بعضهم يقول ان لم يصبها مطر غزير كفاها مطر قليل. فاتت اكلها ضعفين. انها لا تتأثر - 00:08:21
لطيب منبتها تؤتي الضعفين. على كل الحالات وهذا قاله صاحب التحرير والتنوير كتفسير. والمعنى ان الانفاق لابتغاء مرضاة الله له ثواب عظيم وهو مع ذلك متفاوت على مقدار تفاوت الاخلاص - 00:08:38
في الابتغاء والتثبيت كما تتفاوت احوال الجنات في مقدار زكائها ولكنها لا تخيب صاحبها وعلى كل حال هذا معنى. والمعنى الثاني ان كثير البر اللي ينفق بكثرة يكون العائد من - 00:09:01
مثل ما يحصل من كثير المطر. اتت اكلها ضعفا يكون جزاؤه واجره اوفى واعظم وقليل البر مثل زرع الطل. يكون اقل ثمرة وعائلة. لكن كما قيل لا تدع البر اذا لم تفعل كثيره - 00:09:21
كما لا تدع زرع الطل اذا لم تقدر على زرع المطر وعبارة ابن كثير رحمه الله جاءت دقيقة معبرة فهو يقول هذه الجنة بهذه الربوة لا تمحل ابدا لانها ان لم يصبها وابل فطل. وايا ما كان فهو كفايتها. وكذلك عمل المؤمن لا يبور - 00:09:43
ابدا بل يتقبله الله ويكفره وينميه كل عامل بحسبه. ولهذا قال الله والله بما تعملون بصير يعني لا يخفى عليه من اعمال عباده شيء. فهو عالم بكميات النفقات وكيفياتها ومحالها التي تصرف وتوجه اليها. وما يقوم بقلب العبد عند النفقة - 00:10:08
من تثبيت او تردد او فرح واستبشار وطيب نفس او انقباض وكراهية واستثقال. كل ذلك كيعلمه تبارك وتعالى وهو مجاز على هذا العمل ان خيرا فخير وان شرا فشر بعد ذلك ما وجه الشبه بين النفقة هذه الموصوفة والجنة التي بربه. الجامع المشترك هو الهيئة الحاصلة - 00:10:36
من مجموع اشياء تكامل بها تضعيف المنفعة. فالنفقة التي احتف بها طلب ما عند الله زائد التثبيت صارت بهذا مضاعفة اضعافا كثيرة فان نقص من ذلك شيء نقص اثرها كتلك الجنة الطيبة في تلك الربوة - 00:11:06
التي جاءها وابل فزكى ثمرها وتزايدت فكملت ثمارها او اصابها طل فكان دون ذلك هذي نفقة باخلاص وتصديق بوعد الله تبارك وتعالى واحتساب وثبات قلب اجتمعت هذه الامور فاتت اكلها ضعفين ضاعفها الله لصاحبها اضعافا. وليس المقصود هنا ان النفقة في سبيل الله تضاعف على ضعفه. لا الى سبع مئة ضعف الى اضعاف - 00:11:35
كثيرة وذلك كتلك الجنة التي تكون ليست جنة فقط بل بربوة. واصابها وابل فان لم يصبها وابل فتكاملت لها اسباب النماء والزكاء فاخرجت ثمارها اليانعة. وحصل مقصود الزارع منها هذا وجه الشبه وجه - 00:12:05
الارتباط والتشبيه في قوله تبارك وتعالى كمثل جنة بربوة كالتشبيه في قوله تبارك وتعالى في المثل الاول في انفاق كمثل حبة انبتت سبع سنابل. وهناك قلنا يحتمل ثلاثة معاني. كمثله - 00:12:31
جنة بربوة. هنا قال كمثل حبة انبتت سبع سنابل. فالمنفق كالحبة التي انبتت او النفقة كالحبة التي انبتت. او المنفق ونفقته كالحبة التي انبتت سبعا سنابل ثلاثة اقوال ذكرناها هناك. ويمكن ان تراجع - 00:12:52
مثل نفقتهم كمثل محبة مثل المنفقين كمثل غارس حبة يكون في تقدير محذوف مثل المنفقين ونفقتهم كمثل حبة وغارسها هذه المعاني بعد ما اتضحت يمكن ان اذكر معنى المثل بعد ذلك - 00:13:19
اجمالا ما معنى المثل الله تبارك وتعالى يقول مثل الذين ينفقون اموالهم هذا تمثيل للمنفقين باخلاص مع ثبات قلب واحتساب وتصديق بوعد الله تبارك وتعالى فهؤلاء حالهم ونفقتهم كجنة بستان - 00:13:45
في مكان مرتفع نزل عليه مطر كثير فاخرج الاشجار والثمار فكانت ثمرته مضاعفة فتى فان لم يقع عليه مطر كثير فطل يكفيه او يكفيه طل. قدر هذا او هذا طل يكفيه لاخراج الثمرة. لكن هذا بمعنى ان عمل المؤمن ونفقة المؤمن اذا - 00:14:13
فصدرت من نفس رظية مطمئنة فان الله يتقبلها من هذا المنفق باخلاص واحتساب فينميها ويثمرها له. ان كانت كثيرة كان عائدها اكثر وان كانت قليلة كان عائدها دون الاول وهكذا ايضا يتفاوت عائدها بحسب ما يقوم بقلب صاحبها - 00:14:46
من الاخلاص والتثبيت واليقين والاحتساب. كل هذه المعاني التي ذكروها لا اشكال فيها لا اشكال فيها لان بعضهم يقول اصابها وابل فاتت اكلها ضعفين فان لم يصبها وابل فطل. بعضهم يقول لا تتفاوت. عمل المؤمن لا يبور. هذا المقصود - 00:15:12
فالله يجزيه عليه ويضاعف له. وبعضهم يقول لا هذا ذكر للتفاوت لبيان التفاوت. لكنه في النهاية لا يدور. فان كان كثيرا كان الجزاء عليه كثيرا. وان كان قليلا كان الجزاء عليه بحسبه. وابل وطل بحسب كثرة النفق - 00:15:31
وقلتها وبعضهم يقول بحسب ما يقوم بقلبه من كمال الاخلاص واليقين والاحتساب والتصديق بوعد الله تبارك وتعالى. فالناس يتفاوتون بذلك. فتكون هذه النفقة بهذا اعتبار متفاوتة في الجزاء. فان لم يصبها وابل فطل. ضعف يقينه - 00:15:51
يضعف الجزاء. لان النفقة والعمل الصالح كما سبق تعظم بحسب ما يحتف بها وبحسب متعلقها. فما يقوم بقلب العبد له اثر في تعظيم العمل او في تقليله وتصغيره وتحجيمه هذا هو معنى المثل. والله تعالى اعلم. والحافظ ابن القيم رحمه الله تكلم - 00:16:17
على هذا المثل بكلام جيد في كتابه طريق الهجرتين وهكذا ايضا في كتابه اعلام الموقعين. اكتفي هنا بكلامه في طريق الهجرتين. يقول هذا مثل الذي مصدر نفقته عن الاخلاص والصدق. فان ابتغاء - 00:16:47
سبحانه هو الاخلاص والتثبيت من النفس هو الصدق في البذل. فان المنفق يعترضه عند انفاقه افتان. ان نجا منهما انا مثله ما ذكره الله في هذه الاية احداهما طلبه بنفقته محمدة او ثناء او غرضا من اغراض الدنيا. هذه الافة الاولى - 00:17:07
تعترض المنفق ينوه بك تذكر وهذا حال اكثر المنفقين كما قال ابن القيم والافة الثانية هي ضعف نفسه وتقاعسها وترددها هل يفعل ام لا؟ فالافة الاولى تزول بابتغاء مرضات الله - 00:17:35
الاخلاص لا يطلب من المخلوقين نحمده ولا يلتفت اليهم والافة الثانية تزول بالتثبيت. تردد يزول التثبيت. فان تثبيت النفس تشجيعها وتقويتها والاقدام بها على البذل. وهذا هو صدقها. وطلب مرضات الله - 00:17:53
ارادة وجهه وحده وهذا اخلاصها. فاذا كان مصدر الانفاق عن ذلك كان مثله كجنة وهي البستان الاشجار فهو مجتن بها اي مستتر. ليس قاعا فارغا. والجنة بربوة وهو المكان المرتفع. فانها - 00:18:15
من الجنة التي بالوهاد والحضيض. لانها اذا ارتفعت كانت بدرجة الاهوية والرياح وكانت ضاحية للشمس وقت طلوعها واستوائها وغروبها. فكانت انضج ثمرا واطيبه واحسنه واكثره اهو فان الثمار تزداد طيبا وذكاء بالرياح والشمس. بخلاف الثمار التي تنشأ في الظلال. واذا كانت الجنة - 00:18:35
بمكان مرتفع لم يخشى عليها الا من قلة الماء والشراب. فقال تعالى اصابها وابل وهو المطر الشديد عظيم القدر فادت ثمرتها واعطت بركتها فاخرجت ضعفي ما يثمر غيرها او ضعفي ما كانت تثمر - 00:19:02
بسبب ذلك الوابل لاحظوا ما ذكر بعده قال فهذا حال السابقين المقربين فان لم يصبها وابل فطل. فهو دون الوابل فهو يكفيها لكرم منبتها وطيب مغرسها فتكتفي في اخراج بركتها بالطلق. وهذا حال الابرار المقتصدين. في النفقة. وهم درجات عند الله - 00:19:22
يعني ان ابن القيم رحمه الله يرى ان هذا التفاوت اولئك الذين ينفقون كثيرا هم السابقون وابل فاتت اكلها ضعفين الطلب هذا الذين نفقتهم قليلة لكن باخلاص وتصديق بوعد الله تبارك وتعالى. يقول فاصحاب الوابل اعلاهم درجة وهم الذين ينفقون اموالهم بالليل والنهار - 00:19:50
سرا وعلانية ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة واصحاب الطل مقتصدوهم فمثل حال القسمين واعمالهم بالجنة على الربوة. ونفقتهم الكثيرة بالوابل والطل. وكما ان كل واحد من المطرين يوجب زكاء ثمر الجنة بالاضعاف فكذلك نفقتهم كثيرة كانت او قليلة بعد ان صدرت عن ابتغاء مرضات الله - 00:20:17
والتثبيت من نفوسهم فهي زاكية عند الله نامية مضاعفة يعني ما يضيع شيء لا تضيع تلك النفقات قلت او كثرت وان تفاوتت في الكثرة وان تفاوت ما يقوم بقلب صاحبها طالما انه مخلص لله تبارك وتعالى ولكن الاخلاص ايضا والتثبيت - 00:20:45
واليقين والتصديق بوعد الله تبارك وتعالى كل ذلك يتفاوت في نفوس الناس فمن الناس من يكون اخلاصه عظيما. ومنهم من يكون مخلصا ولكنه دون الاول لكنه لا يلتفت الى غير الله تبارك وتعالى. وهكذا اليقين والتثبيت - 00:21:11
فتكون النتائج والثمار بناء على هذا التفاوت في النفقات وما يقوم بقلوب المنفقين فهذا معنى هذا المثل واسأل الله عز وجل ان يجعلنا واياكم من السابقين بالخيرات وان يتقبل منا ومنكم اجمعين. وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه - 00:21:34