التفريغ
لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله واصحابه اجمعين اما بعد فينعقد هذا المجلس في الثاني عشر من شهر رجب من سنة اربع واربعين واربعمئة والف - 00:00:00ضَ
من الهجرة النبوية الشريفة على صاحبها رسول الله الصلاة والسلام في المسجد النبوي الشريف باش سيدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وهذا المجلس ينعقد بقراءة كتاب الله والقول فيما يفتح الله سبحانه وتعالى بعد ذلك - 00:00:19ضَ
من القول في معانيه وبيانه الذي جعله الله سبحانه وتعالى مردا لاهل العلم ومرجعا لهم في علوم الشريعة وبيانها وحكمتها وكنا ابتدأنا في المجلس الذي سلف باول هذا الكتاب المبين بالسورة العظيمة وهي اعظم سورة في كتاب الله - 00:00:47ضَ
وهي سورة الفاتحة وهي السبع المثاني وهي القرآن العظيم الذي اوتيه نبينا صلى الله عليه واله وسلم نعم اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين - 00:01:14ضَ
الرحمن الرحيم اياك نعبد واياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين قوله جل وعلا بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين سبق ما اشير به الى ان الحمد هنا - 00:01:43ضَ
والكمال المطلق لله سبحانه وتعالى وهو حق الله جل وعلا ولا يكون هذا الحمد الا لله وحده لا شريك له وهو مختص به لا يشاركه فيه غيره وهذا الحمد الذي اختص به الرب سبحانه وتعالى - 00:02:34ضَ
كما ترى في هذه الاية قال الله فيه الحمد لله رب العالمين فذكر حقه العظيم وهو الحمد واظافه بعد ذلك الى جهة الربوبية والالوهية. واضافه الى اسمه جل وعلا الحمد لله رب العالمين - 00:02:55ضَ
فعلم بذكر هذا الاسم ان الله سبحانه وتعالى له الحمد المطلق في الوهيته وربوبيته سبحانه وتعالى وهو حقه الاعظم ولهذا لما صار هذا هو الجامع لكمال الله وحقه وهو حمده سبحانه وتعالى - 00:03:18ضَ
بما هو عليه جل وعلا من الالوهية والربوبية صار اشرف مقامات العابدين واصدق مقامات السائرين والعارفين هو الاشتغال بهذا المقام فانه اعلى المقامات لما يوجبه من التسليم والعلم والايمان واليقين والمعرفة بالله والاقبال الى طاعته واخلاص الدين - 00:03:42ضَ
له جل وعلا قال الله سبحانه وتعالى لله والله اسم لله جل وعلا من اسمائه الحسنى. وهو معظم في فبالله جل وعلا في سائر موارده ولهذا تضمنت كلمة التوحيد في دين الانبياء عليهم الصلاة والسلام وفي دين نبينا صلى الله عليه واله - 00:04:09ضَ
وسلم والله هو المعبود وحده لا شريك له وهو الذي خلق وقدر وهدى وهو مالك يوم الدين سبحانه ومن قصر تفسير هذا الاسم على الخلق والتدبير ونحو ذلك. فهذا القصر باطل مخالف لطريقة السلف الاول - 00:04:35ضَ
بل هذا دال على حق الرب سبحانه وتعالى وعبادته واخلاص الدين له وحده لا شريك له وعلى كمال الرب جل وعلا في ملكه وصفاته واسمائه قال الله سبحانه وتعالى الحمد لله رب العالمين - 00:04:56ضَ
الرب يقع في اللغة على اوجه واضافة يقع في اللغة اي في لغة العرب على اوجه واضافة ومن معانيه في لغة العرب ان الرب هو المدبر للشيء وان الرب هو المالك للشيء فان العرب في كلامها تسمي من اختص بملك ربا له اي لهذا الملك المختص - 00:05:15ضَ
ولمن دبر عمرا وصار له تدبيره تسميه ربا ولكن ذلك انما يكون في الشأن. ولكن ذلك انما يكون في الشأن وهذا من التنبيه في فقه كلام العرب او في فقه العربية - 00:05:41ضَ
فانهم ان استعملوا الرب في الملك واستعملوه في التدبير وصار من له تدبير او من له ملك يقولون هو رب هذا باعتبار تدبيره او باعتبار ملكه فانه يشار بحسب كلام العرب - 00:06:01ضَ
انهم لا يمضون ذلك في يسير الامور وتافهه فان من ملك يسيرا او تافها او دبر يسيرا او تافها لا تسمي العرب في كلامها هذا ربا في هذا التدبير التافه اليسير - 00:06:19ضَ
وانما هو في الشأن ولهذا من تحرى فقه العربية على الاسماء الشرعية وجب عليه ان يلتفت الى هذا التحقق من جهة ورود الاسماء فان الاسم قد يورد في العربية على معنى - 00:06:36ضَ
فيحكى اطلاقه في العربية ويكون عند التحقيق ليس على الاطلاق كتسمية بعض الفقهاء ان الحج في اللغة هو القصد وهو بالعربية ليس على هذا الاطلاق فان العرب لا تسمي القصد الى يسير الشأن والامر لا تسميه حجاء. وانما تجعل - 00:06:52ضَ
قالوا الحجة اذا كان الامر ذا شأن وعلو ومثله هنا اذا قالوا ان رب في العربية هو المدبر للشيء او انه هو المالك له فان هذا لا يمظونه في لسانهم - 00:07:15ضَ
على ادنى التدبير وعلى ولا على ادنى الملك واما ما اضيف الى رب العالمين سبحانه وتعالى فان ربنا جل ذكره هو رب العالمين اي هو المالك المدبر وكل ما دل عليه هذا الكمال من جهة الاظافة فانه متظمن في هذا - 00:07:30ضَ
السياق الذي ذكره الله سبحانه وتعالى فانه رب العالمين فهو المالك والمدبر وهو الخالق غير ذلك من الدلالات كما مضى بذلك بيان الصحابة رضي الله تعالى عنهم فيما ذكره ائمة التفسير عن اصحاب - 00:07:52ضَ
بالنبي وعن ائمة التابعين رضي الله تعالى عنهم وبعضهم جعل الرب هو المعبود وبعضهم جعل الرب في هذه الاية وقال رب الحمدلله رب العالمين. وقال المعبود وحده لا شريك له - 00:08:12ضَ
وكون هذا داخلا في عبادة الله او مقتضيا لعبادة الله سبحانه فان هذا دخول صحيح فان هذا دخول صحيح فان الرب من له الطاعة والاستجابة في اللغة فان من له الطاعة والاستجابة في اللغة يسمى ربا. فاذا قيل المعبود والمالك والمدبر فكل هذا من المعاني - 00:08:31ضَ
الصحيحة وبعضها لا ينازع بعضا بل هذه المعاني يصدق بعضها بعضا وانما ينبه الى ذلك لان لا يتوهم ان قول من قال بان الرب في هذه الاية هو المعبود ان قوله يكون - 00:08:57ضَ
فان هذا ليس من الخطأ بل هذا معنى صحيح واللغة تشهد به وهو لا ينازع ثبوت المعاني الاولى وهو انه المالك المدبر والخالق والرازق وغير ذلك من معاني ربوبيته سبحانه وتعالى - 00:09:14ضَ
وتعلم ان كونه معبودا هو من اصول واقتضاء ربوبيته. كما انه حقه كما ان هذا هو حق الله في عبادته ايه سبحانه وتعالى والهيته فان هذه المعاني والاوصاف التي هي حق الله يصدق بعضها بعضا وحق الله في الشريعة ودين الانبياء - 00:09:32ضَ
وحق الله في الشريعة ودين الانبياء واحد. وهو معرفته سبحانه وتعالى واخلاص الدين له ومن قسمه باتيان بعضه وترك بعضه فهذا هو المخالف لدين الانبياء. وانما دين الانبياء وهديهم وهو الدين الذي رضيه - 00:09:55ضَ
بقوله ان الدين عند الله الاسلام فان دين الاسلام هو معرفة الله سبحانه جل وعلا وهو عبادته واخلاصه الدين له وهما اصلان متفقان في دين الانبياء وفي الكتب المنزلة عليهم. قال الله سبحانه وتعالى الحمد لله - 00:10:16ضَ
لله رب العالمين العالمون هم كل ما سوى الله وهم الخلق فانه ليس ثمة في الشريعة ولا في الفطرة ولا في مدارك العقول الا الخالق والمخلوق فكل ما سوى الله وهو المخلوق - 00:10:36ضَ
وانه هو المقصود بقوله العالمين. الحمد لله رب العالمين. وعن هذا عبر من عبر من ائمة الصحابة وغيرهم بمثل هذه الدلالة فانه يعلم في الشرع والعقل والفطرة انه ليس ثمة الا الخالق سبحانه وتعالى وحده لا شريك له وما سواه مخلوق - 00:10:53ضَ
كن فالعالمون هم المخلوق اي كل مخلوق فهو داخل في هذا الاسم والعالمون من حيث العربية الاصل فيه انه ملحق بجمع المذكر السالم. ولا يقع على قاعدة جمع المذكر السالم التي صنعها او قررها علماء النحو في - 00:11:17ضَ
النحو واصطلاحه ولكنهم لما استقرأوا العربية وجدوا انه ملحق به من جهة اعرابه ولذلك فانه من جهة الاعراب يرفع بالواو وينصب ويجر بالياء كحكم جمع المذكر السالم. وهذا ما اشار له الامام ابن مالك رحمه الله في الفيته - 00:11:38ضَ
عند هذا الباب فانه يقول وارفع بواو وبيجرو روان سي بي سالم جمع عامر ومذنب وشبه ديني وبه عشرون وبابه الحق والاهلون قولوا عالمون عليون وارضونا الشد والسنون وبابه ومثل حين قد يرد الباب وهو عند قوم يضطرد - 00:12:01ضَ
فاذا كان كذلك فانك تقول انه ملحق بجمع المذكر السالم ورب العالمين سبحانه وتعالى هو رب لكل شيء ودلت هذه الاية لما قال الله فيها رب الحمد لله رب العالمين قوله رب العالمين دل على ان الخلق اجمعين - 00:12:27ضَ
فقراء الى الله سبحانه وتعالى وانه لا بد لهم من عبادته ومعرفته واخلاص الدين له والاشتغال بمقام حمده الذي شرعه ولا هم لانهم فقراء الى الله سبحانه فهو مالكهم. وهو ربهم وهو معبودهم وحده لا شريك له. وكل - 00:12:48ضَ
ما سوى الله فهو داخل في هذا النقص وهو داخل في هذا الافتقار وهو انه عالم بين يدي الله سبحانه وتعالى فانه عالم والله هو ما وهو ربه وهو مدبره - 00:13:12ضَ
فتضمنت هذه الاية بيان حق الله سبحانه وتعالى وحمده وفضله على عباده ان جعلهم من خلقه. وان اقام الدين لهم بما جعله للمكلفين من الديانة التي فضلهم الله بها على سائر من خلق فان الخلق لم يكونوا مكلفين على ما كلف به - 00:13:29ضَ
ادم بل جعل الله لبني ادم وللملائكة من خصائص التكليف ما لم يقع ذلك خلق الله مما خلق الله مما علم الناس وما لا يعلمون من خلقه ولا يعلم خلق الله اجمع الا هو سبحانه وتعالى. قال الله سبحانه الحمد - 00:13:54ضَ
لله رب العالمين ثم قال بعد ذلك الرحمن الرحيم وهذان الاسمان اسمان من اسماء ربنا جل وعلا وهي من اسماء الله الحسنى التي قال الله فيها ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها وكل اسم ورد في كتاب الله - 00:14:14ضَ
او سنة نبيه صلى الله عليه وسلم من طريق محفوظ صحيح الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من اسماء الله الحسنى نعم. ولكن يتحرى في الرواية ان يكون ذلك من الصحيح المحفوظ عند ائمة الحديث - 00:14:37ضَ
واسماء الله الحسنى لا تعد بعدد مقصور لا تعد بعدد مقصور وان كان قد جاء في الحديث كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ان لله تسعا تسعين اسما من احصاها دخل الجنة وفي رواية في الصحيح من حفظها دخل الجنة. فهذا حديث ثابت في الصحيح وغيره - 00:14:55ضَ
ولكنه لا يدل على انها مقصورة على ذلك وانما قال الله جل وعلا ولله الاسماء الحسنى. والمؤمن يعلم هذه الاسماء ويأخذها من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم - 00:15:19ضَ
وهذان الاسمان تضمنا صفة الرحمة. فان ربنا سبحانه وتعالى من صفاته وافعاله الرحمة فان الله موصوف بذلك. وكل صفة وصف الله بها في كتابه او جاء بها كلام رسوله صلى الله عليه واله وسلم فانها مبنية على العلو والكمال مصونة عن التشبيه والتعطيل والتمثيل - 00:15:38ضَ
فان الله جل ذكره يقول ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. وقوله سبحان الرحمن الرحيم هذا الاسمان كما ترى من جهة الصيغة في العربية دالان على السعة. وبعض اهل العلم يقول دل على الكثرة. فالمقصود في - 00:16:06ضَ
ذلك من جهة المعنى واحد ولكن من جهة اللفظ نقول دل على السعة. وهذا هو المذكور في قول الله ورحمتي وسعت كل شيء فدل على سعة رحمة الله من جهة الصيغة المحضة في العربية - 00:16:26ضَ
فلما دل على السعة من جهة آآ من جهة ماهيتهما اي من جهة ما دل عليه من الرحمة واقتضى او من صفة الله سبحانه وتعالى صار بعض اهل العلم وهو المشهور عن اكثر المتقدمين من سلف هذه الامة فيما روي عنهم من تفسير هذه الاية - 00:16:42ضَ
انهم يقولون ان الرحمن تتعلق او يتعلق هذا الاسم بسائر الخلق وان الاسم الاخر وهو الرحيم انما يضاف الى رحمته بعباده المؤمنين ويأخذون ذلك من مثل قوله سبحانه وكان بالمؤمنين رحيما. واذا نظرت الى دلالة اللغة - 00:17:05ضَ
فانك تقول بان اللغة لا توجب ذلك بان اللغة من جهة الافراد اي من جهة احد الاسماء اذا انفردت لا توجب ذلك فان اللغة من جهة احد الاسماء لا توجب ذلك اي ان اسم الرحمن او ان اسم الرحيم في اللغة لا يوجب - 00:17:32ضَ
قال لك فان قيل فكيف يعرف ذلك من جهة العربية وهذا حكم من احكام وهذا حكم من الاحكام الالهية فان قيل كيف يعرف ذلك من جهة العربية وهذا حكم من الاحكام الالهية الربوبية. قيل المقصود انه لم يقع ان العرب في كلامها لا تذكروا الرحيل - 00:17:54ضَ
الا في سياق من له محبة وقربة. لا يوجد في كلام العرب هذا الاختصاص. ومن هنا قيل ان اللغة لا توجبه لكن اللغة لكن اللغة لا تمنع ذلك لكن اللغة لا تمنع ذلك ولا نقطع هذا الوجه. فينتهي فما وجه هذا التحصيل؟ قيل من حصله من اهل العلم - 00:18:18ضَ
انما اخذوه من استقراء الشريعة فان الله قال في كتابه وكان بالمؤمنين رحيما. وجاء الرحيم مضافا الى النبي صلى الله عليه وسلم. كما في قول الله لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم. فلما توارد - 00:18:44ضَ
مورد القرآن على ان رحيم انما تكون على هذه آآ على هذا الاختصاص وعلى هذه الاضافة صار كثير من سلف في هذه الامة من الصحابة والتابعين ومن تقلد هذه الطريقة من فضلاء اهل العلم يقولون بان قوله سبحانه وتعالى - 00:19:08ضَ
الرحمان هذا عام في الخلق والرحيم انما هو بالمؤمنين ويمكن ان يقال مع ذلك من جهة التحصيل بانه لما ورد الاسمان بانه لما ورد الاسمان في هذه الاية وكان كل واحد منهما وكان كل واحد منهما دالا على السعة او كما يعبر بعضهم على الكثرة من جهات الصيام - 00:19:28ضَ
رضا اتجه هنا ان يقال ان الامتياز بينهما انما هو من جهة المتعلق. فانهما من جهة السعة والكثرة كما يعبر به من يعبر كلاهما دال على السعة فلما تواطأ في الدلالة على السعة - 00:19:56ضَ
اتجه ان يكون هذا مختلفا من وجه من جهة المتعلق وهذا يتفق مع مورد الشريعة من ان رحمة الله سبحانه وتعالى بالمؤمنين ليست كرحمته سبحانه تعالى بعموم الخلق فان المؤمنين بالله سبحانه وتعالى جعل الله لهم من الرحمة في امره وقضاء - 00:20:20ضَ
وقدره ما ليس لمن عصاه ونازع امره والا فان رحمة الله قد جللت الخلق اجمع واحاطت بالخلق اجمع ولهذا قال الله سبحانه وتعالى في بيان مقام الاختصاص وهو يصدق هذا التحصيل في فقه القرآن. قال الله جل ذكره ورحمتي وسعت كل شيء - 00:20:47ضَ
فلما ذكرها الله في اوسع مقاماتها وقيدت باهل الايمان والطاعة من جهة سعة متعلقها. فقال ورحمتي ابتعد كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم باياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول - 00:21:11ضَ
النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم. فالذين امنوا به وعزروه ونصروه - 00:21:31ضَ
واولئك هم المفلحون. فهذه الاية من الدليل على هذا الامتياز الذي ذكره من ذكره من سلف هذه ما هو الا فليس في النصوص التصريح بمثل هذا الاظافة والتخصيص. وكأنها اجود من كلمة التفريق بين - 00:21:51ضَ
بناء الاسمين. فان الاسمين ليسا من المختلفين وانما هما متواطئان في الدلالة على رحمة الله سبحانه تعالى ولكن الشريعة دالة دلالة محكمة على ان رحمة الله بعباده المؤمنين ليست كرحمته بغير - 00:22:11ضَ
ولذلك وصف الله سبحانه وتعالى من وافاه بالشرك والكفر بانهم قد يئسوا من رحمة الله كما في قوله لاولئك يئسوا من رحمتي. نعم ثم قال الله سبحانه وتعالى الرحمن الرحيم مالك يوم الدين. الله هو المالك - 00:22:31ضَ
وهذا يذكر في حق الله اسما ويذكر مضافا والله سبحانه وتعالى هو المالك وهو سبحانه وتعالى هو مالك يوم الدين. هو مالك ليوم الدين فهذا يخبر به عن الله سبحانه وتعالى - 00:22:53ضَ
واذا ذكر اسما في حق الله فهو الملك واذا ذكر اسما في حق الله وقد جاء في القرآن الاسم هنا على صيغة معروفة في كتاب الله وهي المذكورة بقوله هو الله الذي لا اله الا هو الملك. وفي مقام الخبر الذي ذكره الله في هذه السورة قال مالك يوم الدين - 00:23:12ضَ
فهو مالكه وهو مدبره والخلق يصيرون اليه. قال الله سبحانه وتعالى ما لك يوم الدين يوم الدين الدين في كلام العرب يأتي على معاني ومن معناه في كلام العرب الملك - 00:23:36ضَ
ومن معناه في كلام العرب التدبير. ومن معناه في كلام العرب العادة فان العرب تسمي العادة المطردة دينا وتسمي الملك دينا وتسمي وتسمي تدبير الملك دينا فيقال اجرى الامر في دينه اي في - 00:23:57ضَ
تدبير ملكه المقصود بهذه الاية في قول الله سبحانه مالك يوم الدين هو يوم الجزاء وهو ما يدان الناس بهم ما يدان الناس فيه ويجازون. وهو يوم الحساب وهو يوم القيامة الذي ذكره الله في كتابه - 00:24:19ضَ
والله هو المالك له. المالك له بحكمه والمالك له بعلمه اي انه لا يعلم هذا اليوم الا الله ولا مدبر له الا الله. ولهذا جاهل الناس جاهل الناس موعد الساعة - 00:24:42ضَ
يسألك الناس عن الساعة قل انما علمها عند الله. فالله وحده لا شريك له. وهذا من مقامات ربوبيته انه وحده لا شريك له هو مالك يوم الدين فلما كان سبحانه وتعالى له الحمد - 00:24:59ضَ
ولما كان سبحانه وتعالى هو الاله الحق وما سواه باطل ولما كان سبحانه وتعالى هو رب العالمين وانه ما لك يوم الدين وجب معرفته وعبادته واخلاص الدين له وحده لا شريك له - 00:25:17ضَ
فان هذه الاصول المذكورة في هذه الاية هي اصول معرفته وهي اصول توحيده وعبادته وحده لا شريك له. فان ان دين الانبياء هو معرفة الله واخلاص الدين له جل وعلا. وعبادته وحده لا شريك له - 00:25:35ضَ
وهذه الاصول من دين الانبياء عمادها مذكور وجامعها مذكور في هذه الايات من سورة الفاتحة ولهذا سميت في كتاب الله بالقرآن العظيم لانها جمعت مقام الايمان والتوحيد ومقام العبودية والفعل ومقام العدل والصراط. فلما اجتمع فيها هذه الاصول سميت بهذه الاسماء العظيمة بكلام الله - 00:25:54ضَ
ورسوله صلى الله عليه وسلم. الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم. مالك يوم الدين فلما ابانا الله في هذه الايات الجامعة فضله سبحانه وتعالى ومقامه وحقه على عباده جل وعلا وما يتصف به من الكمال والالهي - 00:26:23ضَ
والربوبية والعبادة التي لا تصح الا له وبين سعة رحمته بخلقه جل وعلا. بين الله بعد ذلك مقام العبد مع ربه سبحانه وتعالى وهو قوله جل وعلا اياك نعبد واياك نستعين. اي ان المؤمنين به سبحانه - 00:26:47ضَ
وان العابدين له سبحانه وتعالى. وان العارفين به جل وعلا. وان المخلصين له الدين انما يقولون هنا اياك نعبد واياك نستعين. فهذا هو كلام العبد اي هذا ما يجب على العبد ان يقوله - 00:27:11ضَ
فان الله شرع لعباده ذلك ان يقول العبد اياك نعبد واياك نستعين. ولهذا جاء في الصحيح وغيره عن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال قال الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل - 00:27:32ضَ
فلما جاء ذكر هذا قال الله جل وعلا هذا لعبدي ولعبدي ما سأل فاذا قال العبد اياك نعبد فهذا اقرار من العبد بعبوديته وكونه عبدا وكونه موحدا وكونه مخلصا دينه لله جل وعلا وهذا اصل دين الانبياء - 00:27:52ضَ
وهو عبادة الله واخلاص الدين له اياك نعبد وهذا الاثبات العظيم على هذه الصيغة من العربية دال على بطلان عبودية غير الله جل وعلا. فعبادة غير الله لا تقع صحيحة - 00:28:17ضَ
لان العباد يمتنع ان تكون الا لرب العالمين. سبحانه وتعالى. وعلى هذا دل العقل والفطرة والشرائع كلها وها دلالة معلومة من دين الانبياء بالضرورة وعبادة غير الله لا تأتي على شبهة من دليل العقل ولا مناط من الفطرة ولا توهما في ادلة الشريعة فان - 00:28:33ضَ
او قد يتوهم من يتوهم في ادلة الشريعة فيقع في بعض الاخطاء في احكامها في فروعها. ولكن في باب اصول الدين في باب عبادة الله واخلاص الدين له فانه يعلم بالاضطرار عند جميع المسلمين ان عبادة الله - 00:28:58ضَ
اخلاص الدين له وحده لا شريك له ومحض حقه جل وعلا وعبادة غير الله لا تقع الا عبادة باطلة. وهي الشرك الذي قال الله فيه انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه - 00:29:18ضَ
الجنة ومأواه النار وما للظالمين من انصار وهو الذي قال الله فيه ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء والشرك بالله وصرف عبادة وحق من حق الله لغيره. ايا كان هذا الغير سواء كان هذا الغير ملكا مقربا - 00:29:34ضَ
او نبيا مرسلا او رجلا صالحا حيا او ميتا او كان صنما او كان معبودا متوهما او كان فلكا او كان غير ذلك فكل هذا من الشرك الاكبر في دين جميع الانبياء - 00:29:57ضَ
وان كان من نسب وجعل معبودا من الصالحين او الانبياء او الملائكة فانهم برءاء من هذه العبادة والا فان من عبد من نبي او ملك او صالح فانهم برآه من هذه العبادة لان اولئك الانبياء والملائكة - 00:30:13ضَ
ما امروا احدا بعبادتهم ولا يأمروا بعبادته الا طاغوت يدعو الى عبادة نفسه ولهذا قال الله سبحانه وتعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت والطاغوت من يدعو - 00:30:33ضَ
الى عبادة نفسه والى ان يكون كالخالق في عبادته يتقرب اليه بالطاعات وانواع القربات وسؤال قضاء الحاجات وتفريج الكربات فهذا كله لله جل وعلا وانت تعلم ان ابراهيم عليه الصلاة والسلام لما عرض لهما عرض من بعض الاحوال - 00:30:51ضَ
ادمية اليسيرة. قال كما اخبر الله في كتابه الذي خلقني فهو يهدين. والذي هو يطعمني ويسقين واذا مرضت فهو يشفين فان كل الاحوال مردها الى الله سبحانه وتعالى. وانما الخلق اسباب وهذه الاسباب لا - 00:31:13ضَ
تجعل اسبابا في مقام الشريعة الا فيما شرع الله من الاسباب الشرعية الصحيحة. واما من نصب اسبابا باطلة فان هذا النصب يكون من الاحداث في الدين والبدع والضلال في الدين الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم من عمل - 00:31:33ضَ
ملل ليس عليه امرنا فهو رد كما جاء في ذلك فيما روت عائشة من رواية الامام مسلم عنها رضي الله عنها في الصحيحين من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد - 00:31:53ضَ
وكان النبي صلى الله عليه واله وسلم يقول اما بعد فان خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وهدي محمد هو طاعة الله وعبادته واخلاص الدين له. والعمل بشرع الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم - 00:32:09ضَ
والبعد عن المحدثات والبدع والضلالات والخرافات في الدين. فان دين الاسلام علم فان دين الاسلام علم وعمل كما قال الله جل وعلا اعملوا على داوود شكرا. وكما قال الله جل وعلا فاعلم انه لا اله الا الله. تدين - 00:32:29ضَ
اسلامه علم وعمل ولهذا صار الايمان الذي بعث به انبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام صار قولا وعملا كما هو معروف عند سلف هذه الامة وائمتها قال الله سبحانه وتعالى اياك نعبد - 00:32:49ضَ
وهو اخلاص العبادة لله وحده واختصاصها بالله جل وعلا. قال واياك نستعين. والاستعانة هي استعانة الخلق والعباد بربهم سبحانه وتعالى واستعانة العبد بربه لا تختص بمقام التكوين. بل تقع في مقام التكوين ومقام التشريع - 00:33:09ضَ
فان العباد مفتقرون الى الله سبحانه وتعالى في ربوبيته وهم مفتقرون اليه في طاعته وعبادته والا فانه يقع لبعض بني ادم التوهم ان الافتقار انما يكون فيما يعجز عنه وهذا ليس كذلك - 00:33:34ضَ
فانه ما من شيء قدرة الانسان عليه لازمة ما من شيء قدرة الانسان عليه لازمة وهذا في الحسيات والعلميات او في الامور العلمية والامور العملية. ولهذا قوله سبحانه ايها الناس انتم الفقراء الى الله. فان الناس فقراء الى ربهم. فقراء الى ربهم وهذا الفقر والافتقار - 00:33:56ضَ
الى الله جل وعلا هو في المقامين. هم فقراء الى الله في ربوبيته. وفقراء الى الله في الوهيته. فانهم لا اعبدونه حق عبادته الا اذا استعانوا به ولا يعرفونه حق معرفته الا اذا استعانوا به. لانه جل وعلا هو الذي هداهم. كما قال الله سبحانه - 00:34:24ضَ
بعد ذلك اهدنا الصراط المستقيم. فهذا من استعانتهم ومن عبادتهم لربهم سبحانه وتعالى والمقصود ان الخلق فقراء الى الله. وان الناس والمكلفين فقراء الى الله. سبحانه وتعالى وافتقارهم الى الله - 00:34:49ضَ
ليس في مقام حقه من جهة الربوبية بل وفي حقه من جهة العبادة فانه هو الذي هداهم وهو الذي يثبتهم على ايمانهم. كما قال الله جل وعلا فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام. ومن يرد - 00:35:08ضَ
ليضله يجعل صدره ضيقا حرجا فان الهداية والضلال بامر الله وقضائه وقدره سبحانه كما ان الهداية تكون بفضله ورحمته لعباده المؤمنين. وعن هذا قال الله جل وعلا يثبت الله الذين امنوا بالقول - 00:35:28ضَ
الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة. ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء وجمع الله المقامين لان تحقيق العبودية لله ولان تحقيق التوحيد لا يكون الا به ماء تحقيق التوحيد لا يكون الا بهما. وهو الجمع بين مقام الاقبال والعبادة. ومقام الاستعانة - 00:35:48ضَ
وهذان المقامان كما ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وذكر ذلك غيره كابي حامد وذكر ذلك هؤلاء ذكروا ان الناس في هذا المقام على اربع رتب فمنهم من يغلب عليه مقام العبادة. ولكنه لا يشهد مقام الاستعانة الا على قدر فيه تقصير بين - 00:36:14ضَ
ويكثر اشتغاله بالعبادة وتتعلق قدرة نفسه وبلاغة نفسه وبلاغة كفاءته بذلك فيشهد من نفسه القوة والقدرة والعزيمة ويمتدح نفسه فيما بينه وبينها. وان لم يمتدحها فيما بينه وبين الناس فان بعض الناظرين والسالكين في الاحوال يتوهم ان الاخذ والمؤاخذة بالشريعة انما تكون - 00:36:40ضَ
ان رأى في عمله وهذا كذلك ولكن من اعجب في نفسه مع نفسه وخاطب نفسه على هذا قصاص والكمال الذي يشهده من خاصة فعله ونفسه. فقد اتى بابا من ابواب الضلال عن الهدى - 00:37:09ضَ
فقد اتى بابا من ابواب الضلال عن الهدى وعن هذا كان رسول الله يقول صلى الله عليه واله وسلم لن يدخل جنة احد لن يدخل الجنة احدا عمله. قالوا ولا انت يا رسول الله؟ قال ولا انا الا ان يتغمدني الله برحمة منه - 00:37:29ضَ
وعن هذا قال صلى الله عليه وسلم افلا اكون عبدا شكورا لما قيل له يا رسول الله وقد قام حتى تفطرت اتكلف هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخرت قال افلا اكون عبدا شكورا. ولهذا - 00:37:49ضَ
صار مقام الشكر من اخص مقامات عبادة الله لانه يقطع مقام الشهود لانه يقطع مقام شهود العبد لقوة نفسه وعزيمتها. سواء كان ذلك في الامور الحسية او في الامور وعن هذا قال الله جل وعلا واتقوا الله ويعلمكم الله وعن هذا قال الله جل وعلا ففهمناها سليمان وكلنا اتينا - 00:38:09ضَ
ما حكما وعلما؟ فان الله جل وعلا هو المتفضل على خلقه. فانه ما من نعمة يصيبها الناس الا وهي من فضل الله اليهم ادركوها او لم يدركوها احصوها او لم يحصوها - 00:38:36ضَ
قال الله سبحانه وتعالى اياك نعبد واياك نستعين نعود الى ما ذكره شيخ الاسلام وغيره من اهل العلم في احوال بني ادم مع هذه الاصول الشرعية فمنهم من غلب عليه مقام العبادة - 00:38:52ضَ
وقصر في شهود المقام الثاني ومنهم من يكون على عكس ذلك يغلب عليه قدر من التوكل والاستعانة ويفرط في كثير من الامر والنهي ومنهم من يحسن التقرب الى الله سبحانه وتعالى - 00:39:11ضَ
والقصد الى ابتغائهما لوجه الله جل وعلا وهذا هو مقام اتباع الانبياء العارفين بهديهم عليهم الصلاة والسلام ومنهم من يكون ذا تفريط في المقامين تفريطا بينا. فهذه الدرجات الاربع ينبغي للمؤمن ان يهتدي فيها - 00:39:28ضَ
بهدي القرآن وهدي القرآن هو الجمع بين المقامين الذين قال الله فيهما اياك نعبد واياك نستعين. ثم قال الله بعد اهدنا الصراط المستقيم هذا الطلب والسؤال هذا الطلب والسؤال قوله جل وعلا اياك نعبد واياك نستعين. هذا جاء على صيغة الخبر - 00:39:51ضَ
والاقرار التام ثم جاء بعده على سبيل الطلب. وعلى سبيل الرغبة الى الله جل وعلا وهو دعاؤه سبحانه وتعالى بقول المؤمنين فيما ذكر الله في كتابه اهدنا الصراط المستقيم والهداية هي الدلالة الصحيحة - 00:40:16ضَ
والهداية في كلام العرب هي الدلالة الصحيحة. وليس مطلق الدلالة فان العرب لا تسمي الدلالة هداية الا اذا كانت دلالة صحيحة وكذلك فيما يظهر والله اعلم. اما الاول فمتحقق في العربية انها الدلالة الصحيحة. ولا يقال عن الدلالة - 00:40:37ضَ
بانها هداية وكذلك يظهر في كلام العرب ان الهداية انما هي الدلالة الصحيحة في ذي شأن انما هي الدلالة الصحيحة في ذي شأن وليس في عارض او يسير من الامر. ومن هنا ذكرت في مقام - 00:41:00ضَ
العبد لربه وان الله سبحانه وتعالى هو الذي هدى فيما اخبر الله به سبحانه وتعالى لان هذا انما يكون في المقام الارفع انما يقوم انما يكون في المقام الارفع. فعلم من قوله سبحانه اهدنا ان الدلالة الصحيحة الى - 00:41:22ضَ
مقام الارفع الذي يختص الله به وحده لا شريك له فان الهداية باستطراء كلام الله جل وعلا في كتابه. وفيما جاء في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم تقع على وجهه - 00:41:45ضَ
الوجه الاول يراد بها البيان والعلم. الوجه الاول يراد بها البيان والعلم والوجه الثاني يراد بها التوفيق يراد بها التوفيق وكلاهما من حق الله سبحانه وتعالى فان الله هو المتفضل في هذا وهذا - 00:42:00ضَ
وان كان البيان وان كان البيان والعلم يقع من فعل الادمي كدعوة الانبياء. فان الانبياء دعاة وهداة وكذلك العلماء فانهم دعاة وهداة فهذا من العلم الذي علمهم الله سبحانه وانزله على الرسل فاخذوه وبلغوه واخذوه عنهم من اخذهم - 00:42:23ضَ
ولذلك فان هذه الهداية وهي هداية البيان والعلم وان اشتغل بها الخلق وهم الرسل والانبياء والصالحون والعلماء وغير ذلك وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام بلغوا عني ولو اية. فهذا شأن لعموم المسلمين بحمد الله - 00:42:49ضَ
ولا ينقطع ذلك بين عامة المسلمين فضلا عن خاصتهم. فان هذه الهداية التي يبينون بها انما هي من فضل الله وبما علمهم الله سبحانه وتعالى. فهي منه من جهة اختصاص العلم به وحده لا شريك له. وان - 00:43:11ضَ
كان الانبياء واتباعهم يفعلونها. واما التوفيق فهو بيد الله وحده لا شريك له. لا يستطيعه احد من الخلق لا يستطيعه احد من الخلق. وعن هذا قال الله لنبيه انك لا تهدي من احببت. فان هذا هو هداية - 00:43:31ضَ
التوفيق التي هي محض حق الله جل وعلا ولا يستطيع ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا صالح لا حيا ولا ميتا ان يوفق الى شيء من امر بني ادم وانما التوفيق والسداد امره الى الله - 00:43:52ضَ
سبحانه وتعالى فانه هو الذي يوفق من شاء من خلقه لما يريده جل وعلا على حكمته ومشيئته ورحمته وفضله عليهم قال الله سبحانه اهدنا الصراط المستقيم. والصراط في كلام العرب هو الجادة المستقيمة - 00:44:12ضَ
الجادة المستقيمة وكل امر استتم وانتظم فانه في كلام العرب يكون صراطا كل امر استتم وانتظم فانه يكون صراطا. فاذا استتم الامر لهم في خطة في حربهم او نحو ذلك سموا - 00:44:35ضَ
الطريقة سموها كما يسمونها خطة فانهم يسمونها صراطا فان الصراط كل ما انتظم واستتم وعن هذا سمي الطريق اذا استقام سمي صراطا على هذا المعنى من جهة انه لا يعوج ولا يدخل - 00:44:54ضَ
له كدر والصراط المستقيم وصفه بذلك على جهة ان الشريعة بينة لا تضارب فيها ولذلك في الاديان والفلسفات الاخرى يقع في ذلك اعوجاج كثير ويقع انغلاق كثير بخلاف هذه الشريعة وهذه الملة التي بعث بها رسول الله عليه الصلاة والسلام فانها - 00:45:13ضَ
بيضاء فانها بيضاء نقية ولهذا جعلها الله سبحانه وتعالى محجة واضحة لعباده يفقهها ويعرفها احد المسلمين. من جهة اصول احكامها. وان كان يتفاضل في ذلك علمهم لكن دين الاسلام دين بين ظاهر. لا غلو فيه ولا تشدد فيه ولا افراط فيه ولا تفريط - 00:45:41ضَ
وانما هو عدل وعلم ورحمة وبرهان وسداد عبادة لله واخلاص له جل وعلا بما شرعه وعدل بين الخلق واعداء للامانات وصلة للارحام وحسن عهد مع المسلمين وحسن عمل مع غير المسلمين الى غير ذلك من الاصول الشرعية في امور العبادة والديانة - 00:46:11ضَ
وفي حق الناس مع بعضهم ليقوم الناس بالقسط فان قيام الناس فيما بينهم بالقسط من اعظم الاصول الشرعية وهي التي ذكرها الله جل وعلا في كتابه. ولهذا توعد من توعد من الامم. وعذب من عذب من الامم بما - 00:46:41ضَ
عليه من ترك الاصل الاول وهو التوحيد كقوم شعيب ولكن ذكر في قيام هذا السبب من جهة قيام العذاب عليه ايضا ما انتظم مع ترك التوحيد من امر ظلمهم في ميزانهم وقسطهم - 00:47:01ضَ
والا فان الله ما عذب امة من الامم التي ذكرت في القرآن الا بتركهم للتوحيد. ولم تعذب امة في القرآن بكبيرة من كبائر مع ايمانها وتوحيدها واخلاصها الدين لله جل وعلا. وانما ذكرت هذه الكبائر متصلة - 00:47:19ضَ
الاعظم وهو الشرك الذي كان في قوم لوط وقوم شعيب وغير ذلك فهذا هو الصراط المستقيم ثم اذا نظرت في كلام السلف الصالحين رحمهم الله فيه فمنهم من يقول انه دين الاسلام - 00:47:41ضَ
ومنهم من يقول انه هدي رسول الله. ومنهم من يقول انه القرآن. ومنهم من يقول انه آآ سنة النبي صلى الله عليه وسلم. ومنهم من يقول هذه السورة الى غير ذلك وكل هذه المقالات هي مقالة - 00:47:59ضَ
صادقة صحيحة يواطئ بعضها بعضا ويصدق بعضها بعضا. وكل خلاف بين السلف في بيان المراد بالصراط المستقيم فهو دائر بين الخلاف اللفظي وخلاف التنوع وليس فيه من جهة نقله عن - 00:48:17ضَ
ما يكون من خلاف التضاد بل عند التحقيق لم يعلم ان احدا من اهل العلم والفقه والتفسير قال فيه قوله لن يوجب هذا التضاد في المقصود بالصراط المستقيم. قال الله فيه اهدنا الصراط المستقيم. نعم. كم بقيت - 00:48:37ضَ
ثم قال الله جل وعلا صراط الذين انعمت عليهم الذين انعم الله عليهم هم الانبياء والرسل. كما قال الله جل وعلا واولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا - 00:49:01ضَ
فالذين انعم الله عليهم هم الرسل والانبياء واتباعهم. كما وصفوا في كتاب الله جل وعلا. فمن هداه الله الصراط مستقيم فقد هدي الى دين الانبياء عليهم الصلاة والسلام ثم قال الله جل وعلا بعد ذلك - 00:49:28ضَ
صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين توارد المنقول عن اكثر المتقدمين ان هذا في كفرة اهل الكتاب ان هذا في كفرة اهل الكتاب والمقصود بهذا السياق من كلام الله جل وعلا - 00:49:47ضَ
هو البيان لما كان عليه بنو ادم من الايمان والكفر. فان من كان على الصراط المستقيم فهم المؤمنون المصدقون بدين الانبياء والرسل المتبعون لانبياء الله ورسله واما المغضوب عليهم والضالون فهم من كفر بالله وكذب المرسلين. ولكن لما كان - 00:50:09ضَ
ادين الانبياء واحدا جعله الله من جهة الوصف واحدا. وهو الصراط المستقيم ولما كان الكفر متنوعا وكانت اسبابه ومباعثه او بعوثه وكذلك احواله متنوعة في بني ادم ذكرت احوال الكفار - 00:50:36ضَ
على هذين الوجهين من الاوصاف التي ذكرها الله بان منهم من غضب الله عليه وان منهم من ضل فقال الله جل وعلا غير المغضوب عليهم. وهذا لا يدل على ان هؤلاء مختصون بغضب الله عن غيرهم - 00:50:59ضَ
من الكفار فان كل من كفر بالله فقد غضب الله عليه وكذلك قوله سبحانه ولا الضالين اذا قيل ان هذا في عباد كفرة اهل الكتاب وغيرهم من الملل. فان ذلك لا يختص اي الضلال بانه ان - 00:51:19ضَ
ما يكون في هؤلاء بل كذلك من ظل من اهل المعرفة فانه يكون من الظالين ولو كان عارفا. فعلم بذلك ان هذا وهذا ليس على سبيل القصر والاختصاص وانما هو تضمن اشارة الى ان ملل الكفر المخالفة لدين الانبياء والرسل بتكليب الله ورسله - 00:51:37ضَ
انما هي ملل مضطربة متناقضة. وعن هذا فان اسباب الغضب والضلال التي تعلقت بهم تنوع مواردها في ذكر ذلك في القرآن. ولهذا وصفوا في القرآن تارة بالكفر وتارة بالفسق وتارة - 00:52:02ضَ
بالشرك وتارة بغير ذلك من الاسماء والاوصاف. لاختلاف مواد هذا الكفر وهذا الشرك فيما بين هؤلاء ولكن يجمع ذلك انه مخالف للصراط المستقيم واما ان هذه الاية اذا تبين ان قوله اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم الذين انعم الله عليهم - 00:52:22ضَ
هم الانبياء والرسل واتباعهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين هم الكفار واما من قال بان قوله غير المغضوب عليهم كما ان في الكفار يدخل في ذلك من عصى وهو عارف في الاول ومن عبد بجهل فاخطأ في الثاني وجعل هذا داخلا في هذه الاية من - 00:52:52ضَ
الموحدين فهذا بعيد في خطاب ودلالة الايات فيما يظهر والله اعلم. ثمة فرق بين ان تقول بان من آآ ترك الحق وهو يعرفه فعصى ربه من المسلمين ولكنه في عامة امره على صلاح وايمان او على اقل - 00:53:20ضَ
بما يكون من المقام معه اصل الايمان والتوحيد. هذا لا شك ان تركه للحق يكون باطلا. وهو محل مؤاخذة اما ان هذا يدخل في هذه الاية فان مقام الاية مقام عظيم شديد - 00:53:41ضَ
فان مقام الاية مقام عظيم شديد ولهذا ذكر الضالون والمغضوب عليهم على سبيل التعريف مما يدل على ان الغضب الذي تعلق بهؤلاء وان الضلال الذي تعلق بهؤلاء انما هو الاكبر - 00:53:58ضَ
انما هو الاكبر والا فان الغضب يقع على المعصية والكبيرة وهذا راجع الى امر الله وحكمته وتدبيره وعلمه ولكن اضافة العصاة من الموحدين في تفسير القرآن الى بعض المقامات التي وردت - 00:54:16ضَ
بحق المشركين او في حق الكفار ثم ادخال من يدخل في هذه الايات على وجه الاضافة والجزء فان هذه الطريقة لم تكن مألوفة عند سلف هذه الامة وانما تكلفها بعض المتأخرين وظن من ظن انها وجه من حسن الاستقراء والتحقيق وهي ليست كذلك - 00:54:38ضَ
بل الضالون هم كفرة الكفار كفرة اهل الكتاب. وكذلك من غضب الله عليه فالاية في الكفار ولك ان تقول ان هذه الايات هي في جماع بني ادم انما هي في جماع - 00:55:05ضَ
بني ادم من جهة المؤمنين والكافرين ولكنها ذكرت في حق الكافرين على هذين النحوين باختلاف احوال الكفار واوجه كفرهم وشركهم والاسباب التي نشأ عنها هذا الشرك تارة يقع عن استكبار مع المعرفة وتارة يقع عن الافراط في الجهل - 00:55:23ضَ
رافع الى غير ذلك. فالايات في هذه السورة انما هي في المؤمنين وليس شيء منها في العصاة الله تعالى اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم فاذا تبين سياق هذه الايات - 00:55:48ضَ
وقوله جل وعلا صراط الذين انعمت عليهم هذا فيه فضل اهل الايمان فان الله لما ذكر الصراط على سبيل البيان الثاني بينه جل وعلا بانه مضاف اليهم فانه ذكر المقام الاول وهو قوله جل وعلا الصراط المستقيم - 01:01:13ضَ
سم بين ذلك بانه هو صراط الذين انعم الله عليهم وهو وان اضيف اليهم اعني الذين انعم الله عليهم الا انه عليهم ولهم من الله فضل الا انه عليهم وله ولهم من الله فضل فانه المنعم بذلك - 01:01:37ضَ
ولهذا وصفوا بانهم انعم الله عليهم اشارة الى ان اصابتهم لهذا الصراط اشارة الى ان اصابتهم لهذا الصراط هو من نعم الله عليهم بل انه اشارة الى ان اصابتهم هذا الصراط هو اخص نعم الله عليهم. فانك تعلم ان الله - 01:02:00ضَ
انعم على جميع خلقه ولكن هذه النعمة وهي الهداية للصراط المستقيم الهداية اليه علما. والهداية اليه عملا واعتقادا والهداية اليه تثبيتا وسدادا. كل ذلك هو نعمة الله عليهم. فانت ترى ان الله وصفهم بمقام انهم منعم عليهم. ومن هو المنعم - 01:02:27ضَ
هو الله وحده لا شريك له وما بكم من نعمة فمن الله. فعلم ان اعظم نعم الله على الانبياء واتباع الانبياء هو نعمة الايمان ونعمة العلم والهداية التي بعث الله بها رسله - 01:02:58ضَ
وعليهم الصلاة والسلام. نسأل الله جل وعلا ان يهدينا الصراط المستقيم. صراط الذين انعم الله من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. اللهم انا نسألك رضاك والجنة ونعوذ بك من سخطك اللهم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار اللهم انا نسألك ان توفق ولي امرنا خادم - 01:03:18ضَ
الحرمين الشريفين وولي عهده لهداك اللهم يا ذا الجلال والاكرام وفقهما لهداك واجعل عملهما في رضاك اللهم سددهما في اقوالهما واعمالهما. اللهم اجعلهما نصرة لدينك وشرعك. اللهم انصر بهم دينك وشرعك يا ذا - 01:03:48ضَ
الجلال والاكرام اللهم امنا في اوطاننا. اللهم اجعل هذا البلد امنا وسائر بلاد المسلمين. اللهم يا ذا الجلال الكرام يا ارحم الراحمين ات نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها. اللهم احفظ على - 01:04:08ضَ
المسلمين في كل مكان دينهم واعراضهم ودماءهم واموالهم وارحم موتاهم يا ارحم الراحمين. سبحان ربك رب العزة عما ما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله. نبينا محمد - 01:04:28ضَ
اله وصحبه اجمعين - 01:04:48ضَ
الإشارات والبيان في تفسير القرآن | للشيخ يوسف الغفيص