السَّلام عليكم ورحمة الله - 00:00:00
عندما نقول للأنثى: لا تهربي من إصلاح ذاتكِ - 00:00:01
وتزكية نفسكِ إلى البحث عنها في أجواء الدِّراسة الجامعيّة والعمل، - 00:00:05
فإنَّ الَّذي يتبادر إلى ذهنها أننا نقول لها: يا أختي، تزوَّجي واقْعُدي في البيت! - 00:00:10
ركِّزي اهتمامَكِ على زوجكِ وأولادكِ وكفاك الله!. - 00:00:16
لا ثم لا! - 00:00:18
بل كَمَا أننا لم نَنصحْك بالهروب من مواجهة نفسكِ وإصلاحِها إلى الجامعة والعمل، - 00:00:19
فنحن أيضًا لا ننصحُك بالهروب منها إلى الزَّواج. - 00:00:25
الَّتي تزوجت أعطيناها -وسنعطيها- مفاتيحَ لنجاحها زوجةً ومربيةً -بإذن الله، - 00:00:29
أما التي لم تتزوج بعد - 00:00:34
والَّتي لم تحقق النَّجاح في المستوى الأول الأساسي - 00:00:36
-الَّذي تكلمنا عنه في علاقتها مع الله وعلاقتها مع نفسها- - 00:00:39
فكثيرًا ما يكون زواجها هُروبًا وإِخلالًا بالأولويات - 00:00:43
وبحثًا عن الذَّات بطريقةٍ خاطئةٍ أيضًا، - 00:00:47
كَمَا قلنا عن الخروج للدِّراسة والعمل المهنيِّ دون تحقيق النَّجاح في الأساسيّات. - 00:00:51
وبالمناسبة، فمفهوم العلاقة مع النَّفس مشحونٌ بمعانٍ كبيرةٍ - 00:00:57
لا يدرك السَّامع أبعادها وأهميتها عادةً، مع أنَّها الأخطر والأهم؛ - 00:01:01
لذا -وحتى لا يبقى الكلام عامًّا- سنوصيكم في ختام هذه الحلقة - 00:01:06
بخارطة طريق التزكية للنَّفس عبر قراءاتٍ ومقاطع نافعةٍ -بإذن الله. - 00:01:11
الأنثى المهْمِلة لتزكية نفسِها، - 00:01:16
والَّتي نجحت المنظومة العولمية في شحنها عاطفيًا بخيالاتِ الرُّومانسيَّة الهوليوديَّة، - 00:01:19
والَّتي أُقنعت أنَّها يجب أن تكون غير مطمئنةٍ ولا سعيدةٍ ما لم تلبِّ هذه الشُّحنة العاطفيَّة؛ - 00:01:25
لأنها لا تأنس بنفسها ولا بعلاقتها بربها، - 00:01:32
فإنَّها في أحسن أحوالها ستنظر للزواج على أنَّه المُتَنفَّسُ الشَّرعي لشحنتها العاطفيَّة، - 00:01:37
وأنَّها ستحقِّق بهذا الزَّواج سعادتها، - 00:01:43
فتَدخل على الزَّواج بهذه النَّفسية - 00:01:46
وبهذه التَّوقُّعات العالية المُضخَّمة غير الواقعية، - 00:01:49
وتنتظر من شريكِ حياتها أن يَملأ فراغ نفسها بمثلِ ما رأَتْه من الرَّومانسيات التَّمثيليّة، - 00:01:53
وأن يستمرَّ الحالُ على ذلك. - 00:02:00
والحقيقة أن الزَّواج ليس كذلك، حتى إن كان سويًا ناجحًا، - 00:02:02
وحتى إن بدأ بفترةٍ من متعة العلاقة الجديدة، فإنَّه لا بدَّ بعد ذلك من الاعتياد - 00:02:06
والدُّخول في عجلة الحياة الأسرية ومتطلَّباتها ومسئولياتها، - 00:02:13
فما بالكم بمجتمعاتنا الَّتي تعيش واقعًا سياسيًّا واقتصاديًّا صعبًا - 00:02:18
لا يستطيع الزَّوج أن ينفكَّ عنه بالكلِّية؟ - 00:02:24
لكن تبقى في الزَّواج النَّاجحِ علاقةُ المودَّة والرَّحمة. - 00:02:26
لكن الأنثى الَّتي لم تنجح في الأساسيات تدخل بفراغٍ نفسي وتوقعاتٍ عاليةٍ غير واقعية، - 00:02:30
توقعاتٍ شحنتها بها الصورة الإعلامية الكاذبة المخادعة للعلاقات غير الشرعية، - 00:02:37
وقد أريناكم واقع هذه العلاقات في الغرب في حلقة: (البوكس الرُّومانسي). - 00:02:44
فلا تجد الأنثى ما توقعته من الزَّواج، - 00:02:49
بل وتجد فيه مسئولياتٍ لم تُوطِّن نفسها على تحَمُّلها، - 00:02:51
فيصبح الزَّواج نكْسةً لها وعبئًا، وتبحث عن مهرب، - 00:02:56
مهربٍ إلى ساحة تحقيق الذَّات بالطَّريقة الرَّأسمالية والعولمية - 00:03:01
أو إلى مواقع التَّواصل الاجتماعي، - 00:03:06
فتبحثُ عن ذاتها الضَّائعة مع الجماهير وتعليقاتهم وإعجاباتهم، - 00:03:08
وتنتظر منهم مديحًا وثناءً يلامس شيئًا من عاطفتِها - 00:03:13
الَّتي لم تجد إشباعها في الزَّواج، - 00:03:17
ولربَّما -إن قلَّ ورعها أكثر من ذلك- - 00:03:20
تبحث عن ذاتها الضَّائعة عند المدير في العمل، أو زميل العمل أو الدَّراسة. - 00:03:23
فهربت من نفسها إلى الزَّواج، - 00:03:28
ثمَّ ها هيَ تهرب من نفسها وزواجها إلى إكمال الدَّراسة أو المهنة، - 00:03:30
أو وسائل التَّواصل، أو العلاقات غير المنضبطة، - 00:03:36
وإذا أنجبت أنجبت أبناءً متضعضعين نفسيًا ضائعين مثلَها. - 00:03:40
الزَّواج -يا كرام- استجابةٌ لدوافع فطريَّةٍ غريزيَّةٍ أوجدها الله لاستمرار الحياة، - 00:03:45
لكن هذه الدوافع تمَّ تأجيجها بطريقةٍ مشوهةٍ لدى الشباب والفتيات، - 00:03:51
فوَلَّدت لديهم مشكلاتٍ نفسيةً وتَوَتُّرًا، - 00:03:57
حتى أصبحت الدّوافع الغريزيَّة في نظرهم مشكلةً حلَُها في الزَّواج، - 00:04:00
فيتوقَّعان أن تَحصُل معجزةٌ بالزَّواج، وتُحلَّ مُشكِلاتُهما هذه، - 00:04:06
حتى أصبحت هذه ثقافةً مجتمعيةً كما نسمع من الآباء والأمهات - 00:04:10
الَّذين يعوَّلون على أن ينصلح ابنهم بعد الزَّواج تحت شعار: (حينما يتزوج سيعقل) - 00:04:14
لكن الَّذي يحصل عادةً هو أن كلًّا من الطرفين غيرِ المُؤهَّل نفسيًا يُعوّق الآخر - 00:04:20
وهو يتوقَّع منه أن يُحيِِيَه. - 00:04:27
الزَّواج ليس مهربًا مقبولًا من إصلاح الذَّات، ولا مصحّةً نفسيةً، ولا تفريغًا لشحنةٍ مشوَّهةٍ، - 00:04:30
ولا حلًا لمشكلةٍ مصطنعةٍ، ولا تحقيقًا لرومانسياتٍ واهمةٍ؛ - 00:04:36
الزَّواج نعمةٌ -يَمتَنُّ الله بها علينا- - 00:04:41
وسكينةٌ ومودةٌ ورحمةٌ ونواةٌ الأسرة الَّتي هي الحصن الأساس للأمة أمام أعدائها. - 00:04:44
لكن حتى يكون الزَّواج كذلك، - 00:04:53
نحتاج أن نُطيع ربَّنا في الإقبال على هذا الزَّواج والاستعداد له، - 00:04:55
لكن كثيرٌ من شبابنا وفتياتنا يهملون ذلك كلَّه، - 00:04:59
بل وتبلغ غفلتهم عن الله ذروتها ليلة حفل الزَّواج - 00:05:04
بما يمارسونه من ممارساتٍ هي بمنزلة الإعلان - 00:05:08
عن دخول الزواج مع الفشل في الأساسيات من حسن العلاقة مع الله، - 00:05:12
ثمَّ ينتظرون بعد ذلك حياةً سعيدةً، بل وبالغة السَّعادة والرَّومانسية. - 00:05:17
نعم، هنالك حالاتٌ انصلح فيها حال الأزواج، - 00:05:23
وحُلَّتْ مشكلاتٌ لديهم مع أنَّهم دخلوا الزَّواج غير مؤهّلين بالتأهيل الَّذي ذكرناه، - 00:05:26
لكن هذا ليس الأكثرَ ولا الأعَمَّ، - 00:05:32
ولا الثقافةَ التي ينبغي أن تُكرَّس في المجتمع عن مؤسسة الأسرة، - 00:05:36
ولا المبرِّرَ للإقبال على الزَّواج مع إهمال النَّفس وتزكيتها. - 00:05:41
قبل الزَّواج، تحتاجين أن تزكّي نفسك، وتَطلبي العِلْم النَّافع، - 00:05:45
وتَصِلِي إلى حدٍّ من الطُّمأنينة، وإصلاح العلاقة مع النَّفس ومع الله، - 00:05:49
ووضوحِ الأهداف وترتيبِ الأولويات الَّتي ذكرناها في الحلقات السّابقة، - 00:05:54
تحتاجين هذه النَّفس المرتاحة المطمئنة لتكوني راضيةً مستقلّةً نفسيًا وعاطفيًا - 00:05:59
حتى وإن لم يُقَدَّر لكِ أن تتزوجي، - 00:06:05
وتحتاجين هذه النَّفس إذا تزوجتِ؛ لترجعي إليها وتُعَبِّئي وقودًا، - 00:06:08
وتَعودي لتُنْفِقي منه على الزَّوج والأولاد. - 00:06:14
وكذلك الزَّوج يحتاج أن يعمل على هذا كلِّه، - 00:06:17
بحيث يكون الزَّواج جزءًا من تحقيق الأهداف الصَّحيحة - 00:06:21
الَّتي حددتماها ضمن طريق العبودية لله -تعالى- بمفهومها الشَّامل. - 00:06:25
وحينئذ، إذا نجحت في هذا المستوى الأساسي من تزكية النَّفس، - 00:06:30
فسواءٌ تزوجتِ أم لم تتزوجي، أو كنتِ مطلقةً أو أرملةً، - 00:06:35
أو زوجُك بعيد عنك لأسباب، أو لا يؤدي دوره النَّفسيَّ والعاطفيَّ تجاهكِ، - 00:06:39
إذا عملْتِ على تزكية نفسكِ، فلذَّةُ الكفايةِ النَّفسية - 00:06:45
ولذَّة نجاحكِ في الأساسيات -الَّتي تحققينها واقعًا- - 00:06:49
ستكون أعظم من الأحلام المبالغ فيها والَّتي تبحثين عنها في السَّراب - 00:06:54
أعظمَ طمأنينةً وتحقيقًا للرضى في الدَّنيا ﴿فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ [القرآن 16: 97] - 00:06:59
ثمَّ في الآخرة حيث السَّعادة الأبدية. - 00:07:05
نحن لا نُصَعِّب الزَّواج -يا كرام- بل نسعى لإنجاحه، - 00:07:08
ولا نطالب قبل الإقدام عليه بإيمانٍ كإيمان عليٍ وفاطمة -رضي الله عنهما، - 00:07:11
ونعلمُ أنَّ النَّفس البشرية يُعاودُها الضَّعف والتَّقصير، - 00:07:17
لكن يحتاج شبابُنا وفتياتُنا إلى الحدِّ الأدنى مما ذَكرْنا، - 00:07:21
وإلى تربيةِ النَّفس عليهِ قبلَ الزَّواج، - 00:07:26
لا أن نقولَ: (الزَّواجُ سنةٌ) ونهملَ كلَّ ما قبله من الفروض والسُّنن - 00:07:29
المتعلقةِ بإنشاءٍ ناجحٍ لمؤسسة الأسرة. - 00:07:33
التَّزكية هي طريق حياة، - 00:07:37
وليس من الصَّواب أن نشترطَ مستوًى مِثاليًا من التَّزكية والصَّحة النَّفسية قبل الزَّواج وإلا فلا، - 00:07:39
ونوقفَ عجلة الحياة حتى ذلك الحين، - 00:07:44
بل نحن -إخواني- تعرَّضنا لتجهيلٍ ممنهجٍ، وأزمةُ التَّربية والتَّزكية والصَّحةِ النَّفسية - 00:07:48
هي أزمة مجتمعٍ بأكمله، ولن تُحلَّ باستنفارٍ مؤقت. - 00:07:54
لن نقول: أوقفوا الزَّواج إلى أن نُحَصِّل كلّ ما ذكرنا، وينصلح حال شبابنا وفتياتنا تمامًا! - 00:07:58
بل طريق الإصلاح طويلٌ، - 00:08:05
لكن نريد أن تتوجه الأنظار وبقوة إلى تزكية النَّفس، - 00:08:08
بفهمها ومعرفة نقاط ضعفها وأمراضها القلبية، وأسباب توترها وشقائها، - 00:08:12
ثمَّ حَمْلِها على الخير، والتَّخلُّصِ ممَّا يؤذيها من الطَّبائع السَّلبية، - 00:08:18
أن يبدأ طريق هذه التَّزكية قبل الزَّواج، - 00:08:23
وأن يكون الحدَُ الأدنى منها مُتطَلَّبًا لا يقل أهميةً عن وجود عملٍ للشاب المتقدِّم. - 00:08:26
الشَّابُّ والفتاة -عادةً- لا يُقْدِمَان على خُطوَةِ الزَّواج - 00:08:33
قبل أن يكون هناك مسكنٌ ولو صغير، - 00:08:37
وحدٌّ أدنى من الأثاث ومتطلباتِ الحياة الماديّة في المنزل، - 00:08:39
وقد يتركون بعض الأشياء للأمام. - 00:08:43
مَا نَقوله: فليكن عندكما الحدُّ الأدنى من التَّزكية والنَّضج النَّفسي - 00:08:46
الَّذي لا تقوم الحياة السَّوية إلا به، - 00:08:52
ثمَّ تستكملان الطريق وتتعاونان على السير فيه بعد الزَّواج، - 00:08:54
لكن تكونان قد وضعتما أرجلكما على الطَّريق الصَّحيح قبل الزَّواج، - 00:08:59
ولكما هدفٌ مشتركٌ واضحٌ تسيران نحوه، - 00:09:04
وقِيَمٌ مشتركةٌ تحتكمان إليها، وأولوياتٌ تتفقان عليها. - 00:09:08
أمَّا التَّعويل على أننا سنضع أرجلنا على الطَّريق الصَّحيح بعد الزَّواج - 00:09:13
فهذا هو الذي نحذِّر منه قبل وقوعه، ومع ذلك، فمن وقع في ذلك نقول له: - 00:09:18
إصلاح وضعك ووضع أسرتك توبةٌ، وباب التوبة مفتوح. - 00:09:25
حسنًا، من أين أبدأ في هذا الطريق، طريق تزكية النَّفس الَّذي نحتاجه جميعًا؟ - 00:09:30
من تزوَّج منَّا ومن لم يتزوَّج بعد، ذكورًا وإناثًا، - 00:09:35
ننصحكم في ذلك -يا كرام- بقراءاتٍ ومقاطع ودوَراتٍ - 00:09:40
منها: (دليل مع نفسي) لأخينا الطبيب النّفسي الدكتور (عبد الرحمن ذاكر)، - 00:09:44
وهي ثريَّةٌ مُنوَّعةٌ، وسنضع لكم رابطها في التعليقات، - 00:09:49
كذلك قناة (مركز النفس المطمئنة) - 00:09:53
للأخ (أنس شيخ كريِّم) على تيليغرام "Telegram" - 00:09:55
-وهو صاحب تخصُّصين في أصول الدّين وعلم النَّفس التَّربوي، - 00:09:58
وقد ساعدني كثيرًا في إنضاج مادة هذه الحلقات، - 00:10:01
وننصح بدوراته الَّتي سنضع لكم معلوماتها في التعليقات بإذن الله. - 00:10:04
ختامًا، سيقول بعض الأخوات: أنا لا أبحث عن ذات ضائعة ولا شيء، - 00:10:09
لكنني -بصراحة وبساطة- لا أجد نفسي مع زوج وأولاد، - 00:10:13
وإنما أجد نفسي في العمل التّطوعي أو التثقيفي أو حتى الدَّعَوي، - 00:10:17
أليست هذه أهدافًا ساميةً؟ - 00:10:21
سنجيب عن هذا السُّؤال في الحلقة القادمة -بإذن الله. - 00:10:23
والسَّلام عليكم ورحمة الله. - 00:10:27
التفريغ
السَّلام عليكم ورحمة الله - 00:00:00
عندما نقول للأنثى: لا تهربي من إصلاح ذاتكِ - 00:00:01
وتزكية نفسكِ إلى البحث عنها في أجواء الدِّراسة الجامعيّة والعمل، - 00:00:05
فإنَّ الَّذي يتبادر إلى ذهنها أننا نقول لها: يا أختي، تزوَّجي واقْعُدي في البيت! - 00:00:10
ركِّزي اهتمامَكِ على زوجكِ وأولادكِ وكفاك الله!. - 00:00:16
لا ثم لا! - 00:00:18
بل كَمَا أننا لم نَنصحْك بالهروب من مواجهة نفسكِ وإصلاحِها إلى الجامعة والعمل، - 00:00:19
فنحن أيضًا لا ننصحُك بالهروب منها إلى الزَّواج. - 00:00:25
الَّتي تزوجت أعطيناها -وسنعطيها- مفاتيحَ لنجاحها زوجةً ومربيةً -بإذن الله، - 00:00:29
أما التي لم تتزوج بعد - 00:00:34
والَّتي لم تحقق النَّجاح في المستوى الأول الأساسي - 00:00:36
-الَّذي تكلمنا عنه في علاقتها مع الله وعلاقتها مع نفسها- - 00:00:39
فكثيرًا ما يكون زواجها هُروبًا وإِخلالًا بالأولويات - 00:00:43
وبحثًا عن الذَّات بطريقةٍ خاطئةٍ أيضًا، - 00:00:47
كَمَا قلنا عن الخروج للدِّراسة والعمل المهنيِّ دون تحقيق النَّجاح في الأساسيّات. - 00:00:51
وبالمناسبة، فمفهوم العلاقة مع النَّفس مشحونٌ بمعانٍ كبيرةٍ - 00:00:57
لا يدرك السَّامع أبعادها وأهميتها عادةً، مع أنَّها الأخطر والأهم؛ - 00:01:01
لذا -وحتى لا يبقى الكلام عامًّا- سنوصيكم في ختام هذه الحلقة - 00:01:06
بخارطة طريق التزكية للنَّفس عبر قراءاتٍ ومقاطع نافعةٍ -بإذن الله. - 00:01:11
الأنثى المهْمِلة لتزكية نفسِها، - 00:01:16
والَّتي نجحت المنظومة العولمية في شحنها عاطفيًا بخيالاتِ الرُّومانسيَّة الهوليوديَّة، - 00:01:19
والَّتي أُقنعت أنَّها يجب أن تكون غير مطمئنةٍ ولا سعيدةٍ ما لم تلبِّ هذه الشُّحنة العاطفيَّة؛ - 00:01:25
لأنها لا تأنس بنفسها ولا بعلاقتها بربها، - 00:01:32
فإنَّها في أحسن أحوالها ستنظر للزواج على أنَّه المُتَنفَّسُ الشَّرعي لشحنتها العاطفيَّة، - 00:01:37
وأنَّها ستحقِّق بهذا الزَّواج سعادتها، - 00:01:43
فتَدخل على الزَّواج بهذه النَّفسية - 00:01:46
وبهذه التَّوقُّعات العالية المُضخَّمة غير الواقعية، - 00:01:49
وتنتظر من شريكِ حياتها أن يَملأ فراغ نفسها بمثلِ ما رأَتْه من الرَّومانسيات التَّمثيليّة، - 00:01:53
وأن يستمرَّ الحالُ على ذلك. - 00:02:00
والحقيقة أن الزَّواج ليس كذلك، حتى إن كان سويًا ناجحًا، - 00:02:02
وحتى إن بدأ بفترةٍ من متعة العلاقة الجديدة، فإنَّه لا بدَّ بعد ذلك من الاعتياد - 00:02:06
والدُّخول في عجلة الحياة الأسرية ومتطلَّباتها ومسئولياتها، - 00:02:13
فما بالكم بمجتمعاتنا الَّتي تعيش واقعًا سياسيًّا واقتصاديًّا صعبًا - 00:02:18
لا يستطيع الزَّوج أن ينفكَّ عنه بالكلِّية؟ - 00:02:24
لكن تبقى في الزَّواج النَّاجحِ علاقةُ المودَّة والرَّحمة. - 00:02:26
لكن الأنثى الَّتي لم تنجح في الأساسيات تدخل بفراغٍ نفسي وتوقعاتٍ عاليةٍ غير واقعية، - 00:02:30
توقعاتٍ شحنتها بها الصورة الإعلامية الكاذبة المخادعة للعلاقات غير الشرعية، - 00:02:37
وقد أريناكم واقع هذه العلاقات في الغرب في حلقة: (البوكس الرُّومانسي). - 00:02:44
فلا تجد الأنثى ما توقعته من الزَّواج، - 00:02:49
بل وتجد فيه مسئولياتٍ لم تُوطِّن نفسها على تحَمُّلها، - 00:02:51
فيصبح الزَّواج نكْسةً لها وعبئًا، وتبحث عن مهرب، - 00:02:56
مهربٍ إلى ساحة تحقيق الذَّات بالطَّريقة الرَّأسمالية والعولمية - 00:03:01
أو إلى مواقع التَّواصل الاجتماعي، - 00:03:06
فتبحثُ عن ذاتها الضَّائعة مع الجماهير وتعليقاتهم وإعجاباتهم، - 00:03:08
وتنتظر منهم مديحًا وثناءً يلامس شيئًا من عاطفتِها - 00:03:13
الَّتي لم تجد إشباعها في الزَّواج، - 00:03:17
ولربَّما -إن قلَّ ورعها أكثر من ذلك- - 00:03:20
تبحث عن ذاتها الضَّائعة عند المدير في العمل، أو زميل العمل أو الدَّراسة. - 00:03:23
فهربت من نفسها إلى الزَّواج، - 00:03:28
ثمَّ ها هيَ تهرب من نفسها وزواجها إلى إكمال الدَّراسة أو المهنة، - 00:03:30
أو وسائل التَّواصل، أو العلاقات غير المنضبطة، - 00:03:36
وإذا أنجبت أنجبت أبناءً متضعضعين نفسيًا ضائعين مثلَها. - 00:03:40
الزَّواج -يا كرام- استجابةٌ لدوافع فطريَّةٍ غريزيَّةٍ أوجدها الله لاستمرار الحياة، - 00:03:45
لكن هذه الدوافع تمَّ تأجيجها بطريقةٍ مشوهةٍ لدى الشباب والفتيات، - 00:03:51
فوَلَّدت لديهم مشكلاتٍ نفسيةً وتَوَتُّرًا، - 00:03:57
حتى أصبحت الدّوافع الغريزيَّة في نظرهم مشكلةً حلَُها في الزَّواج، - 00:04:00
فيتوقَّعان أن تَحصُل معجزةٌ بالزَّواج، وتُحلَّ مُشكِلاتُهما هذه، - 00:04:06
حتى أصبحت هذه ثقافةً مجتمعيةً كما نسمع من الآباء والأمهات - 00:04:10
الَّذين يعوَّلون على أن ينصلح ابنهم بعد الزَّواج تحت شعار: (حينما يتزوج سيعقل) - 00:04:14
لكن الَّذي يحصل عادةً هو أن كلًّا من الطرفين غيرِ المُؤهَّل نفسيًا يُعوّق الآخر - 00:04:20
وهو يتوقَّع منه أن يُحيِِيَه. - 00:04:27
الزَّواج ليس مهربًا مقبولًا من إصلاح الذَّات، ولا مصحّةً نفسيةً، ولا تفريغًا لشحنةٍ مشوَّهةٍ، - 00:04:30
ولا حلًا لمشكلةٍ مصطنعةٍ، ولا تحقيقًا لرومانسياتٍ واهمةٍ؛ - 00:04:36
الزَّواج نعمةٌ -يَمتَنُّ الله بها علينا- - 00:04:41
وسكينةٌ ومودةٌ ورحمةٌ ونواةٌ الأسرة الَّتي هي الحصن الأساس للأمة أمام أعدائها. - 00:04:44
لكن حتى يكون الزَّواج كذلك، - 00:04:53
نحتاج أن نُطيع ربَّنا في الإقبال على هذا الزَّواج والاستعداد له، - 00:04:55
لكن كثيرٌ من شبابنا وفتياتنا يهملون ذلك كلَّه، - 00:04:59
بل وتبلغ غفلتهم عن الله ذروتها ليلة حفل الزَّواج - 00:05:04
بما يمارسونه من ممارساتٍ هي بمنزلة الإعلان - 00:05:08
عن دخول الزواج مع الفشل في الأساسيات من حسن العلاقة مع الله، - 00:05:12
ثمَّ ينتظرون بعد ذلك حياةً سعيدةً، بل وبالغة السَّعادة والرَّومانسية. - 00:05:17
نعم، هنالك حالاتٌ انصلح فيها حال الأزواج، - 00:05:23
وحُلَّتْ مشكلاتٌ لديهم مع أنَّهم دخلوا الزَّواج غير مؤهّلين بالتأهيل الَّذي ذكرناه، - 00:05:26
لكن هذا ليس الأكثرَ ولا الأعَمَّ، - 00:05:32
ولا الثقافةَ التي ينبغي أن تُكرَّس في المجتمع عن مؤسسة الأسرة، - 00:05:36
ولا المبرِّرَ للإقبال على الزَّواج مع إهمال النَّفس وتزكيتها. - 00:05:41
قبل الزَّواج، تحتاجين أن تزكّي نفسك، وتَطلبي العِلْم النَّافع، - 00:05:45
وتَصِلِي إلى حدٍّ من الطُّمأنينة، وإصلاح العلاقة مع النَّفس ومع الله، - 00:05:49
ووضوحِ الأهداف وترتيبِ الأولويات الَّتي ذكرناها في الحلقات السّابقة، - 00:05:54
تحتاجين هذه النَّفس المرتاحة المطمئنة لتكوني راضيةً مستقلّةً نفسيًا وعاطفيًا - 00:05:59
حتى وإن لم يُقَدَّر لكِ أن تتزوجي، - 00:06:05
وتحتاجين هذه النَّفس إذا تزوجتِ؛ لترجعي إليها وتُعَبِّئي وقودًا، - 00:06:08
وتَعودي لتُنْفِقي منه على الزَّوج والأولاد. - 00:06:14
وكذلك الزَّوج يحتاج أن يعمل على هذا كلِّه، - 00:06:17
بحيث يكون الزَّواج جزءًا من تحقيق الأهداف الصَّحيحة - 00:06:21
الَّتي حددتماها ضمن طريق العبودية لله -تعالى- بمفهومها الشَّامل. - 00:06:25
وحينئذ، إذا نجحت في هذا المستوى الأساسي من تزكية النَّفس، - 00:06:30
فسواءٌ تزوجتِ أم لم تتزوجي، أو كنتِ مطلقةً أو أرملةً، - 00:06:35
أو زوجُك بعيد عنك لأسباب، أو لا يؤدي دوره النَّفسيَّ والعاطفيَّ تجاهكِ، - 00:06:39
إذا عملْتِ على تزكية نفسكِ، فلذَّةُ الكفايةِ النَّفسية - 00:06:45
ولذَّة نجاحكِ في الأساسيات -الَّتي تحققينها واقعًا- - 00:06:49
ستكون أعظم من الأحلام المبالغ فيها والَّتي تبحثين عنها في السَّراب - 00:06:54
أعظمَ طمأنينةً وتحقيقًا للرضى في الدَّنيا ﴿فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ [القرآن 16: 97] - 00:06:59
ثمَّ في الآخرة حيث السَّعادة الأبدية. - 00:07:05
نحن لا نُصَعِّب الزَّواج -يا كرام- بل نسعى لإنجاحه، - 00:07:08
ولا نطالب قبل الإقدام عليه بإيمانٍ كإيمان عليٍ وفاطمة -رضي الله عنهما، - 00:07:11
ونعلمُ أنَّ النَّفس البشرية يُعاودُها الضَّعف والتَّقصير، - 00:07:17
لكن يحتاج شبابُنا وفتياتُنا إلى الحدِّ الأدنى مما ذَكرْنا، - 00:07:21
وإلى تربيةِ النَّفس عليهِ قبلَ الزَّواج، - 00:07:26
لا أن نقولَ: (الزَّواجُ سنةٌ) ونهملَ كلَّ ما قبله من الفروض والسُّنن - 00:07:29
المتعلقةِ بإنشاءٍ ناجحٍ لمؤسسة الأسرة. - 00:07:33
التَّزكية هي طريق حياة، - 00:07:37
وليس من الصَّواب أن نشترطَ مستوًى مِثاليًا من التَّزكية والصَّحة النَّفسية قبل الزَّواج وإلا فلا، - 00:07:39
ونوقفَ عجلة الحياة حتى ذلك الحين، - 00:07:44
بل نحن -إخواني- تعرَّضنا لتجهيلٍ ممنهجٍ، وأزمةُ التَّربية والتَّزكية والصَّحةِ النَّفسية - 00:07:48
هي أزمة مجتمعٍ بأكمله، ولن تُحلَّ باستنفارٍ مؤقت. - 00:07:54
لن نقول: أوقفوا الزَّواج إلى أن نُحَصِّل كلّ ما ذكرنا، وينصلح حال شبابنا وفتياتنا تمامًا! - 00:07:58
بل طريق الإصلاح طويلٌ، - 00:08:05
لكن نريد أن تتوجه الأنظار وبقوة إلى تزكية النَّفس، - 00:08:08
بفهمها ومعرفة نقاط ضعفها وأمراضها القلبية، وأسباب توترها وشقائها، - 00:08:12
ثمَّ حَمْلِها على الخير، والتَّخلُّصِ ممَّا يؤذيها من الطَّبائع السَّلبية، - 00:08:18
أن يبدأ طريق هذه التَّزكية قبل الزَّواج، - 00:08:23
وأن يكون الحدَُ الأدنى منها مُتطَلَّبًا لا يقل أهميةً عن وجود عملٍ للشاب المتقدِّم. - 00:08:26
الشَّابُّ والفتاة -عادةً- لا يُقْدِمَان على خُطوَةِ الزَّواج - 00:08:33
قبل أن يكون هناك مسكنٌ ولو صغير، - 00:08:37
وحدٌّ أدنى من الأثاث ومتطلباتِ الحياة الماديّة في المنزل، - 00:08:39
وقد يتركون بعض الأشياء للأمام. - 00:08:43
مَا نَقوله: فليكن عندكما الحدُّ الأدنى من التَّزكية والنَّضج النَّفسي - 00:08:46
الَّذي لا تقوم الحياة السَّوية إلا به، - 00:08:52
ثمَّ تستكملان الطريق وتتعاونان على السير فيه بعد الزَّواج، - 00:08:54
لكن تكونان قد وضعتما أرجلكما على الطَّريق الصَّحيح قبل الزَّواج، - 00:08:59
ولكما هدفٌ مشتركٌ واضحٌ تسيران نحوه، - 00:09:04
وقِيَمٌ مشتركةٌ تحتكمان إليها، وأولوياتٌ تتفقان عليها. - 00:09:08
أمَّا التَّعويل على أننا سنضع أرجلنا على الطَّريق الصَّحيح بعد الزَّواج - 00:09:13
فهذا هو الذي نحذِّر منه قبل وقوعه، ومع ذلك، فمن وقع في ذلك نقول له: - 00:09:18
إصلاح وضعك ووضع أسرتك توبةٌ، وباب التوبة مفتوح. - 00:09:25
حسنًا، من أين أبدأ في هذا الطريق، طريق تزكية النَّفس الَّذي نحتاجه جميعًا؟ - 00:09:30
من تزوَّج منَّا ومن لم يتزوَّج بعد، ذكورًا وإناثًا، - 00:09:35
ننصحكم في ذلك -يا كرام- بقراءاتٍ ومقاطع ودوَراتٍ - 00:09:40
منها: (دليل مع نفسي) لأخينا الطبيب النّفسي الدكتور (عبد الرحمن ذاكر)، - 00:09:44
وهي ثريَّةٌ مُنوَّعةٌ، وسنضع لكم رابطها في التعليقات، - 00:09:49
كذلك قناة (مركز النفس المطمئنة) - 00:09:53
للأخ (أنس شيخ كريِّم) على تيليغرام "Telegram" - 00:09:55
-وهو صاحب تخصُّصين في أصول الدّين وعلم النَّفس التَّربوي، - 00:09:58
وقد ساعدني كثيرًا في إنضاج مادة هذه الحلقات، - 00:10:01
وننصح بدوراته الَّتي سنضع لكم معلوماتها في التعليقات بإذن الله. - 00:10:04
ختامًا، سيقول بعض الأخوات: أنا لا أبحث عن ذات ضائعة ولا شيء، - 00:10:09
لكنني -بصراحة وبساطة- لا أجد نفسي مع زوج وأولاد، - 00:10:13
وإنما أجد نفسي في العمل التّطوعي أو التثقيفي أو حتى الدَّعَوي، - 00:10:17
أليست هذه أهدافًا ساميةً؟ - 00:10:21
سنجيب عن هذا السُّؤال في الحلقة القادمة -بإذن الله. - 00:10:23
والسَّلام عليكم ورحمة الله. - 00:10:27