الأطعمة

الدرس (121) من شرح كتاب منهج السالكين- كتاب الأطعمة

خالد المصلح

بسم الله الرحمن الرحيم قال المصنف غفر الله له ولشيخنا وللحاضرين والمسلمين في كتاب الاطعمة وهي نوعان حيوان وغيره فاما غير الحيوان من الحبوب والثمار وغيرها فكله مباح الا ما فيه مضرة كالسم ونحوه - 00:00:00ضَ

والاشربة كلها مباحة الا ما اسكر فانه يحرم كثيره وقليله لحديث كل مسكر حرام وما اسكر منه فرقوا فملؤ الكف منه حرام وان انقلبت الخمر خلا حلت والحيوان قسمان بحري فيحل كل ما في البحر حيا وميتا - 00:00:22ضَ

قال الله تعالى احل لكم صيد البحر وطعامه. واما البري فالاصل فيه الحل الا ما نص عليه الشارع فمنها اه ما في حديث ابن عباس كل ذي ناب من السباع فاكله حرام - 00:00:47ضَ

ونهى عن كل ذي مخلب من الطير رواه مسلم ونهى عن لحوم الحمر الاهلية متفق عليه ونهى عن قتل اربع من الدواب النملة والنحلة والهدهد والسرد. رواه احمد وابو داوود. وجميع الخبائث محرمة كالحشرات ونحوها - 00:01:03ضَ

ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجلالة والبانها حتى تحبس وتطعم الطاهرة ثلاثا الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على البشير النذير السراج المنير نبينا محمد وعلى اله واصحابه - 00:01:23ضَ

ومن اتبع سنته فاثره باحسان الى يوم الدين. اما بعد اه هذا الكتاب كتاب الاطعمة وهو من مهمات الكتب من مهمات ما يعتني آآ الفقيه بدراسته وبيانه لتعلقه امر اه مهم وهو - 00:01:42ضَ

اه المطاعم وهو ما يدخل الجوف ما يدخل الجوف من المأكولات والمشروبات له تأثير بالغ على طلح الانسان واستقامته وقد لا يظهر هذا عند كثير من الناس فيتوهم انه لا صلة - 00:02:09ضَ

بين صلاح الانسان وبين ما يطعمه وما يأكله واذا تأملت ما جاءت به النصوص مما يتعلق المآكل والمشارب وجدت ان الشريعة تربط بين المطاعم والمشارب وبينما يتعلق العمل الصالح ووذلك ان - 00:02:42ضَ

المطاعم والمشارب لها تأثير على سلوك الانسان فليست المطاعم والمشارب بعيدة عن التأثير على مسلك الانسان وخلقه وعمله بل هي قريبة التأثير ولهذا يقول الله تعالى يا ايها الذين امنوا كلوا من الطيبات - 00:03:17ضَ

واعملوا صالحا فقرن الله جل وعلا بين هذين الامرين الاكل من الطيبات والعمل الصالح فالاكل الطيب يعين الانسان على الطاعة والاحسان. كما ان الاكل الخبيث مما يوقع الانسان في الرديء - 00:03:40ضَ

من الاعمال ولهذا امر الله تعالى بالاكل من الطيب وعطف عليه في كثير من المواضع العمل الصالح ففي سورة البقرة خاطب الله تعالى الناس فقال يا ايها الناس كلوا من طيبات ما رزقناكم - 00:04:07ضَ

ثم قال واشكروا لله ان كنتم اياه تعبدون. والشكر هنا هو القيام بما امر الله تعالى من حقه بعبادته وحده لا شريك له ويقول جل وعلا في الاكل المحرم يقول ولا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل - 00:04:27ضَ

وتدلوا بها الى الحكام لتأكلوا فريقا من اموال الناس بالاثم وانتم تعلمون فنهى عن اكل المال بالباطل و ذكر معه السيء من العمل وهو الاعتداء على الناس في اموالهم وقال تعالى يا ايها الذين امنوا لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل ولا تقتلوا انفسكم - 00:04:54ضَ

الاكل من الطيب يحمل على العمل الصالح والاكل من الرديء يحمل على العمل الرديء ولذلك يقول الله جل وعلا ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وانه لفسق وان الشياطين ليوحون الى اوليائهم ليجادلوكم - 00:05:20ضَ

وان اطعتموهم انكم مشركون الايات في هذا واضحة لمن تأمل ان الاكل من الطيب يحمل على الصالح من العمل والاكل من الرديء يحمل على السيء من العمل وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله امر المؤمنين بما امر به - 00:05:41ضَ

المرسلين. فقال يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا. وقال يا ايها الذين امنوا كلوا من الطيبات ما رزقناكم واشكروا الله ان كنتم اياه تعبدون. فامر الله تعالى الرسل بالاكل من الطيبات - 00:06:06ضَ

والعمل الصالح فقال يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا اني بما تعملون عليم وقال في اهل الايمان يا ايها الذين امنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا الله ان كنتم اياه - 00:06:19ضَ

تعبده هذا تنبيه مهم في مبدأ بحث الاطعمة لاجل ان يعرف المؤمن الارتباط بينما امر الله تعالى به من الاكل من الطيبات وما نهى عنه من الاكل من من غير الطيب - 00:06:34ضَ

لان ذلك مما يحصل به التأثير على الانسان في سلوكه وفي عمله وفي طاعته وفي عبادته فكان الاولى بالمؤمن ان يعتني بهذا الامر غاية العناية يتوقع ما يمكن ان يكون سببا لفساد عمله - 00:06:57ضَ

ووقوعه في الرديء من العمل بما يتصل بالاطعمة الاطعمة يطلقها الفقهاء ويبحثون فيها ما يتصل بالمطعوم والمشروب ولكن يطلقون الطعام على الجميع لاجل الاشتراك في المعنى فان الطعام اسم لكل ما يلج الى الجوف - 00:07:18ضَ

وكل ما يلج الجوف يسمى طعاما سواء كان مما يمضى ويولاك ب الفم او مما يشرب ويدخل الى الجوف مرورا بالفم من السوائل والمشروبات الاطعمة جمع طعام والطعام يطلق على المشروب - 00:07:53ضَ

كما يطلق على المأكول ومن ذلك قوله تعالى في قصة طالوت مع قومه لما مر بالنهر قال ان الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فانه مني فسمى - 00:08:19ضَ

آآ تناوله تناوله بالشرب طعاما فاطعم يطلق على هذا وذاك على المأكول وعلى المشروب وبعض الفقهاء ينصون على المشروف يقولون آآ كتاب الاطعمة والاشربة وهذا غالب في صنيع المحدثين بتراجمهم - 00:08:39ضَ

ليه ما يترجمون به من احاديث الاطعمة والاشربة على كل حال كتاب الاطعمة تناول فيه الفقهاء ما يتصل بالمأكول والمشروب بيانا لما يحل منه وبيانا لما يحرم منه وما يتصل بهذين من الاحكام - 00:09:03ضَ

وهو بيان لما يحل وما يحرم من المأكول والمشروب وما يتعلق بذلك من الاحكام المصنف رحمه الله قال فيما يتعلق بالاطعمة قال وهي نوعان حيوان وغيره اي ما يؤكل نوعان - 00:09:29ضَ

اما حيوان واما غير حيوان وهذا التقسيم تقسيم استقرائي لما يأكله الناس فكل ما يأكله الناس يرجع الى واحد من هذين اما ان يكون حيوانيا اي اصله من الحيوان واما ان يكون - 00:09:50ضَ

من غير الحيوان وغير الحيوان يشمل كل ما يؤكل من النبات وغيره من المأكولات فقوله رحمه الله وهي نوعان حيوان وغيره هذا بناء على الاستقراء وهو تقسيم تقريبي لبيان التفصيل في هذا وذاك - 00:10:12ضَ

قبل حديث في ما يتصل هذين النوعين وتفاصيل احكامهما ينبغي ان يعلم ان الاصل في الاطعمة الحل الاصل في الاطعمة الحل والاباحة فلا يحرم منها الا ما حرمه الله تعالى - 00:10:34ضَ

ورسوله. ومن سكت النص عنه فهو عفو فالاطعمة اما ان يأتي النص باباحتها واما ان يأتي النص بتحريمها واما ان يسكت عنها فهذا يندرج في الاباحة دليل هذا قول الله جل وعلا قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده - 00:10:56ضَ

قال والطيبات من الرزق فانكر الله تعالى على من حرم منها ما لم يحرمه و دليل الاباحة ايضا وان الاصل في الاطعمة الحل قول الله تعالى هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا - 00:11:24ضَ

وقد امتن الله تعالى على عباده ما خلق لهم في السماوات والارض فدل ذلك على اباحته و يدل له ايضا ان الله تعالى بين المحرم على وجه التفصيل فقال تعالى وقد فسر لكم ما حرم عليكم الا ما اضطريتم اليه - 00:11:42ضَ

فما لم يذكر في الكتاب والسنة تحريمه فهو حلال مباح وقد ذكر الله تعالى اباحة الطيبات وتحريم الخبائث فقال جل وعلا الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل - 00:12:06ضَ

يأمرهم بالمعروف وانهاهم عن المنكر ثم قال ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث قوله تعالى ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث اشارة الى المعنى الكلي في المباحات والمعنى الكلي في المحرمات - 00:12:29ضَ

فالمعنى الكلي في كل ما حرمه الله اي الحكمة والعلة في كل ما حرمه الله تعالى من المطعومات هو ما فيها من الخبث وما فيها من الضرر وليعلم ان الخبث هنا - 00:12:52ضَ

يرجع الى ذات الشيء والى اثاره فلا يلزم ان يكون الخبث في ذات الشيء بعينه بل قد يكون الخبث في اثاره وما ينجم عنه فالخبث اما ان يكون في ذاته واما ان يكون في اثاره ولذلك يقول العلماء في الخبث - 00:13:08ضَ

انه قد يكون الخبث متعلقا بالقلب من حيث تأثيره قد يكون الخبز متعلقا بالبدن قد يكون الخبث متعلق بامر ديني قد يكون الخبث متعلق بامر دنيوي وهي لا تخرج في - 00:13:27ضَ

اه انواعها وافرادها عن هذه الابواب الاربع فيما يتعلق بالخبث اما ان يكون خبثا يعود تأثيره الى القلب بالفساد او الى البدن بالظرر واما ان يكون مما يعود قبثه على الانسان في دينه واما ان يكون مما يعود خبثه على الانسان في دنياه - 00:13:46ضَ

ولهذا من اكبر نعم الله تعالى على عباده ان حرم عليهم ما حرم من الخبائث في الاطعمة فان ذلك نعمة تستوجب شكرا وانقيادا لا كما يتوهم الجاهلون من ان التحريم - 00:14:15ضَ

هو للمنع ولاجل حرمان الانسان من تلك الملذات فلو بصر اصحاب العقول هذا المعنى لكان انكفافهم عن الاطعمة المحرمة من قبل انفسهم ولو لم تأتي به الشريعة لانه لم يحرم الله تعالى من الاطعمة شيئا وهو الذي جل في علاه تفضل على العباد - 00:14:34ضَ

بان سخر لهم ما في السماوات وما في الارض لم يحرم عليهم ذلك لا بخلا ولا عزفا انما حرمه عليهم لما فيه من الخبث كما قال تعالى ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث - 00:15:05ضَ

ولذلك لما جاء السؤال عن ما احل لهم قال يسألونك ماذا احل لهم؟ قل احل لكم الطيبات وهي كل ما فيه نفع وفائدة وكل ما فيه لذة لا لا تعقب حسرة ولا - 00:15:26ضَ

مضرة سواء كان ذلك الضرر في البدن او كان ذلك الضرر في في العقل فدخل فيه كل ما لم ياتي الشرع بتحريمه ولهذا الاصل في الاطعمة الحل سواء كان حيوانيا او كان - 00:15:46ضَ

غير حيواني اما على وجه التفصيل في هذين البابين يقول فاما غير الحيوان من الحبوب والثمار وغيرها فكله مباح هذا هو القسم الاول من اقسام الاطعمة وهو ما كان من غير الحيوان - 00:16:09ضَ

من الحبوب والثمار وغيرها مما يؤكل فهذا كله مباح لاندراجه في الاصل المتقدم الذي قال فيه جل وعلا قل احل لكم الطيبات وما تقدم من الادلة الدالة على الاباحة ثم قال رحمه الله الا - 00:16:29ضَ

ما فيه مضرة استثناء وهذا بيان للمعنى الذي من اجله جاء التحريم في المأكولات وهو حصول الظرر والمضرة قد تكون عائدة الى البدن قد تكون عائدة الى العقل وقد تكون عائدة الى القلب - 00:16:49ضَ

فالمحرم هو ما كان فيه ضرر ومثله بشيء بين ظاهر قال كالسم وهذا ظرره على البدن وهذا اصل ذكره الفقهاء وبنوا عليه وقالوا يباح كل طعام طاهر لا مضرة فيه - 00:17:18ضَ

يباح كل طعام طاهر لا مضرة فيه فدخل فيه انواع الحبوب والثمار وهي اوسع الاصناف حلا اوسع اصناف حلا هذا فيما يتعلق غير الحيوان ومما يندرج في الاطعمة او في هذا القسم من الاطعمة وهو ما كان من غير الحيوان الاشربة - 00:17:36ضَ

ولذلك قال المصنف رحمه الله والاشربة كلها مباحة والاشربة كلها الاشربة جمع شراب وهو ما يوصل الى الجوف من السوائل وقوله كلها اي دون استثناء مباحة اي حلال وذلك بناء على ما تقدم من اصل - 00:18:02ضَ

يحل ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث وانه لا يحرم شيء من ذلك وقد خلقه الله تعالى للخلق الا الا بدليل والمحرم من الاشربة يرجع الى واحد من ثلاثة امور - 00:18:27ضَ

اما ان يكون نجسا فيحرم لنجاسته المحرم للاشربة اما ان يكون نجسا فيكون تحريمه لنجاسته واما ان يكون خبيثا يحرم لخبثه كالاشربة الفاسدة التي تظر البدن وكالسموم ونحو ذلك مما يلحق البدن مضرة - 00:18:51ضَ

ومنه الخبيث طبعا النجاسات من البول ونحوها تتقدم هي نجسة وخبيثة القسم الثالث مما يرجع اليه التحريم في الاشربة الخمر الخمر والنص عليها مع كون بعضهم يدهرجها في النجس لانه قد جاء بها النص وتواترت فيها الادلة - 00:19:22ضَ

بتعلق النفوس بها فكانت اصلا مستقلا ولا هي عند بعض العلماء نجس واما الخبيث فهي خبيثة بالتأكيد لو لم تكن خبيثة ما حرمت وانما جاء النص عليها استقلالا لاجل ان النصوص وردت بتحريمها - 00:19:54ضَ

ذكر تحريمها من الامور الظاهرة في الشريعة ولهذا قال الفقهاء رحمهم الله المحرم من الاشربة ثلاثة ما كان نجسا الثاني ما كان خبيثا الثالث ما كان خمرا. الخمر هي صورة منصور اما النجس واما - 00:20:12ضَ

الخبيث والخمر هو ما يزيل العقل على وجهه نشوة والطرب وقد ذكره رحمه الله في الاستثناء من العموم في قوله كلها مباحة قال الا ما اسكر يعني الا الذي اسكر - 00:20:31ضَ

وقوله لما اسكر اي الا ما غطى العقل على وجه اللذة والطرب هذا هو المسكر ما يغطي العقل اي يستره ويغيبه على وجه اللذة والطرب اي الاستمتاع قال رحمه الله - 00:20:54ضَ

فانه يحرم كثيره وقليله اي ما اسكر وهو معه يزيل العقل بالسكر والنشوة التي تترتب عليه يحرم كثيره وقليله والعلة في التحريم ما فيه من الضرر وما يترتب عليه من الفساد - 00:21:14ضَ

كما قال تعالى يا ايها الذين امنوا انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون فاظافه الى الشيطان والى عمله وعمله يصد عن سبيل الله ويوقع في - 00:21:36ضَ

ما فيه الهلاك ثم جاء تفصيل بعض اظراره قال انما يريد الشيطان ان يوقع ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل انتم - 00:21:55ضَ

منتهون و هذا البيان التفصيلي هو ذكر لبعض ما في الخمر من مضار ومفاسد والا فقد اجمل الله تعالى مفاسدها شرها في قوله تعالى يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير - 00:22:07ضَ

ومنافع للناس واثمهما اكبر من نفعهما وقول اثم كبير بيان عظيم الخطر المرتب على شرب ذلك. ثم ذكر المصنف رحمه الله الدليل على التحريم قال لحديث كل ما الى اخره نتكلم عنه غدا ان شاء الله تعالى وفي الدرس القادم - 00:22:32ضَ