الأربعون النووية

الدرس (40) من الأربعين النووية الحديث (24) يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي

خالد المصلح

الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولشيخنا ولأهل العلم والمسلمين قال المؤلف رحمه الله تعالى الحديث الرابع والعشرون عن ابي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل انه - 00:00:00ضَ

قال يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا يا عبادي كلكم ضال كلكم ضال الا من هديته فاستهدوني اهدكم. يا عبادي كلكم جائع الا من اطعمته فاستطعموني اطعمكم - 00:00:22ضَ

يا عبادي كلكم عار الا من كسوته فاستكسوني اكسكم. يا عبادي انكم تخطئون بالليل والنهار وانا اغفر الذنوب جميعا فاستغفروني اغفر لكم يا عبادي انكم لن تبلغوا فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني - 00:00:38ضَ

يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا. يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم كانوا على افجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا. يا عبادي لو ان اولكم - 00:00:57ضَ

واخركم وانسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فاعطيت كل انسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي الا كما ينقص المخيط اذا تخيل البحر عبادي انما هي اعمالكم احصيها لكم ثم اوفيكم اياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه رواه - 00:01:17ضَ

الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فهذا الحديث حديث عظيم الشأن شريف المقام انفرد بروايته الامام مسلم رحمه الله طريق سعيد ابن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد - 00:01:38ضَ

عن ابي عن ابي ادريس الخولاني عن ابي ذر الغفاري رضي الله عنه وهو من الاحاديث التي تفرد بروايتها اهل الشام. ولذلك عده الامام احمد رحمه الله اشرف حديث لاهل الشام فكان يقول هذا اشرف حديث - 00:02:02ضَ

لاهل الشام يعني اشرف ما انفرد بروايته اهل الشام لعظيم ما فيه من المعاني وجزيل ما فيه من البيان كنب تدريس الخولاني راوي الحديث عن ابي ذر رضي الله عنه - 00:02:25ضَ

اذا حدث بهذا الحديث جثا على ركبتيه لعظيم ما تظمنه من قواعد الدين ومن خطاب رب العالمين للعالمين فانه خطاب الله تعالى لجميع عباده من اهل التكليف قوله فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى هذا يبين ان الحديث - 00:02:44ضَ

حديث قدسي او حديث الهي والحديث الالهي القدسي هو الذي يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه وسمي قدسيا لان المبلغ به او المبلغ له جبريل واضيف الى رح القدس - 00:03:12ضَ

فسمي قدسيا ويسمى حديثا الاهيا لانه مضاف الى الله تعالى فهو الذي تكلم به جل وعلا و قد اختلف العلماء رحمهم الله بضابط الحديث الالهي القدسي واغرب ما يقال هو ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه - 00:03:36ضَ

رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه بهذا يتبين ان الحديث الالهي هو حكاية النبي صلى الله عليه وسلم هو نقل النبي صلى الله عليه وسلم ما سمعه او ما بلغه من كلام الله جل وعلا - 00:04:04ضَ

وهذا الاصل فيه انه نقل باللفظ والمعنى فمن اهل العلم من يقول ان الحديث الالهي معناه من الله ولفظه من النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من يقول ان معناه ولفظه من النبي من الله عز وجل وهذا هو الصحيح - 00:04:27ضَ

خلافا لما عليه كثير من المصنفين في اه مصطلح الحديث من ان الحديث القدسي هو ما رواه النبي عن ربه بمعناه دون لفظه لكن الذي يميز الحديث الالهي عن القرآن ان لفظه ليس معجزا - 00:04:50ضَ

ليس معجزا وانه لا يتعبد بقراءته كما يتعبد بتلاوة القرآن وما اشبه ذلك من الفروقات التي ذكرها العلماء رحمهم الله هذا الحديث كما ذكرت خطاب الله تعالى لعباده ولذلك جاء فيه نداء الله تعالى لعباده فقال يا عبادي وقد تكرر هذا النداء في الحديث عشر مرات - 00:05:12ضَ

يا عبادي يا عبادي في عشرة مواضع والمراد بالعباد هنا هل المراد به عموم العباد ام اهل الايمان فهل هو المراد العبودية العامة؟ وصف العبودية العامة او العبودية الخاصة التي - 00:05:41ضَ

تكون لاولياء الله تعالى وعباده الصالحين وكلاهما جاء في القرآن كما قال تعالى ان كل ما في السماوات والارض الا اتي الرحمن عبدا فهذه العبودية العامة التي تشمل المسلم والكافر والبر والفاجر لا يخرج عنها احد - 00:06:03ضَ

من الناس من الخلق وهناك عبودية خاصة وهي التي يصطفي الله تعالى لها من يشاء من عباده وهم معنيون بقوله ان عبادي ليس لك عليهم سلطان الا من اتبعك من الغاوين - 00:06:23ضَ

فالعبودية هنا العبودية الخاصة فقوله يا عبادي هل هو خطاب لعموم العباد ام لاهل الايمان من العباد الذي يظهر والله اعلم انه خطاب للعموم وهو خطاب من الله تعالى لعموم العباد - 00:06:45ضَ

مسلمهم وكافرهم برهم وفاجرهم وذاك لما فيه من دلالات على العموم في مثل قولي كلكم ضال الا من هديته. هم جاعل الا ما اطعمته كلكم عار الا من كسوته فهذه العمومات وغيرها في الحديث - 00:07:09ضَ

ترجح ان العبودية هنا المقصود بها العبودية العامة التي تشمل كل احد من مسلم او كافر بر او فاجر فكل من بلغه هذا الخطاب من الناس فانه يتوجه اليه نداء الله عز وجل - 00:07:26ضَ

لا يختص هذا فئة من الناس ابتدأ النبي صلى الله عليه وسلم في نقل هذا الحديث بذكر صفة مهمة من الصفات التي تنشرح الصدور بالعلم بها وتطمئن النفوس بمعرفتها حيث قال الله تعالى يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما - 00:07:46ضَ

اي يا عبادي اني منعت الظلم على نفسي والظلم في اللغة وضع الشيء في غير موضعه هكذا عرفه كثير من اهل العلم وضع الشيء في غير موضعه يعد ظلما سواء في الاقوال او في الاعمال او في الاعتقادات - 00:08:15ضَ

وعرفه بعضهم بانه تصرف الانسان في في ملك غيره او فيما لا يملك التصرف فيه والذي يظهر ان هذا تعريف للظلم ببعض صوره والا فالظلم هو وضع الشيء في غير موضعه وهو اجود ما قيل في تعريف الظلم - 00:08:44ضَ

وقد حرم الله تعالى الظلم على نفسه واخبر بذلك والله يقضي ما يشاء فيوجب على نفسه ما يشاء ويحرم على نفسه ما يشاء فهو الذي يفعل ما يشاء كما قال الله تعالى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون - 00:09:12ضَ

وكما قال فعال لما يريد ثم قال وجعلته بينكم محرما اي جعلت الظلم بينكم ممنوعا فحرم الله تعالى على نفسه الظلم سواء كان ذلك في احكامه القدرية او في احكامه - 00:09:36ضَ

الشرعية او في احكامه الجزائية في الدنيا وفي الاخرة فتحيم الظلم شامل لكل صوره لا يقتصر على صورة منه فقول يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي يشمل كل هذه الانواع ظلم - 00:10:07ضَ

المتعلق بالاحكام القدرية بالاحكام الشرعية بالاحكام الجزائية في الدنيا وفي الاخرة وقد نفى الله تعالى الظلم عن نفسه في كتابه في مواضع عديدة فقال وما ربك بظلام للعبيد وقال جل وعلا ان الله لا يظلم الناس شيئا - 00:10:29ضَ

ونفى ذلك تطمينا لعباده ثم بعد ذلك انتقل الى وهذا الذي يعتقده اهل السنة والجماعة في في الله عز وجل كما سيأتي في الفوائد ان شاء الله ان الظلم حرام على الله بتحريم بتحريمه عليه جل وعلا - 00:10:56ضَ

وقوله وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا اخبرك على بعد بيان ما حكم به على نفسه سبحانه وبحمده ما حكم به على عباده فالخبر الاول افاد اعتقادا والخبر الثاني افاد حكم العمل يا - 00:11:20ضَ

ولا لا يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي فهذا اعتقاد نفي الظلم عن الله عز وجل وقوله وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا هذا افاد حكما تكليفيا للناس ان يمتنعوا عن الظلم - 00:11:42ضَ

الامتناع عن الظلم واجب وهذا عليه بناء الشريعة الشرائع كلها جاءت لتحقيق العدل كل الشرائع جاءت لتحقيق العدل هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ودين الحق - 00:12:02ضَ

لا يقوم الا على العدل قوله صلى الله عليه وسلم فلا تظالموا نهي عن الظلم في كل صوره. سواء كان الظلم في الخصومات او في غيرها لا يقتصر هذا على صورة بل كل وضع للشيء في غير موضعه فانه ينهى عنه لانه ظلم - 00:12:23ضَ

سواء كان في معاملة الانسان لربه في معاملة الانسان لنفسه بمعاملة الانسان لغيره من قريب او بعيد والتخلص من الظلم لا يتحقق الا باتباع الشريعة فلا يمكن ان يسأل الانسان من الظلم الا باتباع الشريعة - 00:12:54ضَ

والا فاذا ترك الشريعة فقد تورط في الظلم. والانسان مجبول على الظلم كما قال الله تعالى وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا فهذا هو الاصل فيه فاذا اراد ان يتخلص - 00:13:19ضَ

من هذه الصفة الظلم والجهل بل فعليه بالعلم والعمل به فبهذين يسلم الانسان من الظلم والعلم والعمل به وما قوام الشريعة وقوله يا عبادي كلكم ضال الا من هديته فاستهدوني اهدكم - 00:13:37ضَ

هذي جملة هذا نداء ثاني ثاني نداء ذكره الله ذكره الله عز وجل في هذا الحديث الالهي يا عبادي كلكم ضال الا من هديته اي كلكم ظائع عن الحق خارجا عن الصراط المستقيم - 00:13:58ضَ

لا يصيب صوابا في عمل او قول او اعتقاد الا بهداية الله تعالى الا من هديته استثناء والهداية هنا في قول الا من هديت وتشمل كل انواع الهدايات بداية الفطرة - 00:14:17ضَ

التي فطن الله تعالى الناس عليها وهداية الايات التي اقامها الله تعالى في الافاق وفي الانفس الدالة عليه وهداية الشرائع التي جاءت الرسل بها وهذه الهداية كلها هذه كلها هدايات - 00:14:38ضَ

ارشاد ودلالة ترشد وتدل على الحق وتهدي اليه وهذا النوع الاول في قوله الا من هديته والنوع الثاني من الهداية هي هداية التوفيق الى العمل الصالح بداية التوفيق الى العمل الصالح - 00:15:05ضَ

وهي هداية العمل والالهام والرشد وهذي ايضا لا تكون الا من الله عز وجل وقد امر الله تعالى بسؤاله الهداية بجميع انواعها فقال فاستهدوني اهدكم ايطلبوا مني الهداية سواء هداية التوفيق - 00:15:30ضَ

او هداية البيان والارشاد او هداية التوفيق والعمل وقوله فاستهدوني امر وهذا الامر يفيد الوجوب ويفيد عظيم الاضطرار الى الله تعالى في تحصيل الهداية وانه لا هداية الا من قبله فانه قد قال كلكم ضال الا من هديته - 00:16:00ضَ

ثم قال فاستهدوني والفاه هنا مرتبة على المتقدم اذا كان الامر كذلك لا هداية الا من الله فانها لا تطلب الا منه ولا تحصل الا به جل وعلا ولهذا جعل الله تعالى هذا الدعاء الدعاء الله عز وجل بالهداية فرضا على كل مسلم - 00:16:23ضَ

في كل صلاة فكل مسلم في كل صلاة اما ان يقول اهدنا الصراط المستقيم واما ان يؤمن على ذلك ثم قال بعد ذلك يا عبادي هذا النداء الثالث كلكم جائع الا من اطعمته - 00:16:48ضَ

فاستطعموني اطعمكم بعد ان ذكر حياة القلوب بالهداية انتقل الى ذكر حياة الابدان بما جعله الله تعالى مقيما لها من الاطعمة فقال يا عبادي كلكم جائع الجوع ظد الشبع اي كلكم محتاج الى ما يسد جوعه - 00:17:16ضَ

من الطعام والشراب الا من اطعمته استثناء الا من اطعمته اي الا من يسرت له طعاما يسد حاجته وشرابا يغنيه وقول الا من اطعمته اي يسرت له الطعام سواء كان ذلك بتيسير اسبابه - 00:17:44ضَ

من زراعة او تجارة او غيرها ثم بتيسير تناوله ثم بتيسير تصريفه هو الذي يسر لك الكسب الذي تدرك به الطعام وهو الذي يسر لك ايصاله الى جوفك وهو الذي يسر لك تصريفه في بدنك - 00:18:09ضَ

فاذا دخل الطعام الى جوف الانسان من الذي يوزعه؟ حتى يغني البدن هل يتولى ذلك الانسان نفسه الجواب لا انما ذاك تيسير رب العالمين وهذا معنى قوله يا عبادي كلكم جائع الا من اطعمته - 00:18:35ضَ

ثم قال فاستطعموني اطعمكم ايطلب مني الطعام استطعموني اي اطلبوا مني الطعام اطعمكم ايسره لكم وهذا وعد بعد الامر كما في قوله فاستهدوا فاستهدوني اهدكم فكل من طلب الهداية صادقا وفق اليها - 00:18:55ضَ

وكل من طلب الكفاية كفاية بدنه صادقا يسر له ذلك وقوله فاستطعموني اطعمكم لا يقتصر فقط على جليل المطالب من الطعام بل الدقيق والجليل فان الله تعالى اذا لم ييسر الشيء لم يتيسر - 00:19:15ضَ

مهما كان في متناول الانسان ومهما كان قريبا منه بهذا النداء الرابع يا عبادي كلكم عار الا من كسوته ايا عبادي كلكم متجرد من اللباس. العري هنا التجرد عن اللباس - 00:19:41ضَ

والتجرد عن اللباس هنا يشمل النوعين اللباس الذي يواري العورات واللباس الذي يحصل به التجمل والتزين. كله مما امتن الله تعالى به على العباد كما قال تعالى يا بني ادم قد انزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم - 00:20:03ضَ

وريشة لواء هذا لباس يواري سوءاتكم هذا لباس الستر وريشها هذا لباس التجمل والزينة فقوله يا عبادي كلكم عار اي هذا الاصل وكلنا نخرج من بطون امهاتنا عراة ليس علينا شيء - 00:20:22ضَ

ثم ييسر الله تعالى لنا من الكسوة بستر العورات والكسوة في التجمل ما يغنينا به من فظله يا عبادي كلكم عار الا من كسوته اي الا من يسرت له كسوة يستر عورته عن اعين الناس - 00:20:47ضَ

وكسوة يتجمل بها في مجامعهم ومحافلهم ولذلك قال فاستكسوني الفاء هنا للتعقيب والترتيب على الخبر المتقدم اذا كان كذلك تطلب الكسوة مني هذا معنى استكسوني اي اطلبوا الكسوة مني اعطكم - 00:21:08ضَ

ما تستر به عوراتكم وما يحصل به الجمال وما يحصل به البهاء في المنظر بعد ان ذكر هداية القلوب وبه يجمل واطعام الابدان وبه يعيش ذكر ما تستقيم به الحياة - 00:21:27ضَ

على وجه لا خلل فيه من ستر العورات تلبية لفطرة الانسان والتزين بما يسره من اللباس والملحوظ في مظمون هذه النداءات الثلاث التي ابتدأها يا عبادي كلكم ضال وثانيها كلكم عار جائع وثالثها كلكم عار - 00:21:50ضَ

ان بها صلاح الناس هذا الجامع بين ثلاثة امور ان صلاح الناس يدور على هذه الامور على صلاح بواطنهم وظواهرهم اطرح قلوبهم وابدانهم بصلاح القلوب بالهداية وصلاح الابدان بالطعام والكسوة - 00:22:13ضَ

وصراحة الابدان بالطعام والكسوة وهو قد ذكرها متدرجة على حسب اهميتها فبدأ بصلاح القلوب الذي هو رأس كل فلاح ثم بعد ذلك ب اقامة الابدان بالطعام ثم بعد ذلك اصلاحها بالستر - 00:22:33ضَ

والصيانة. النداء الخامس يا عبادي انكم تخطئون بالليل والنهار وانا اغفر الذنوب جميعا فاستغفروني اغفر اغفر لكم بعد ان ذكر المنن المتقدمة العظيمة من الهداية والاطعام والكسوة ما تقوم به حياة الناس - 00:22:57ضَ

عاد الى ذكر طبيعة البشر جا وقت الصلاة طيب بارك الله فيكم - 00:23:21ضَ