التفريغ
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه والتابعين. ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين حياكم الله معاشر الاخوة الاحبة والاخوات الفضليات واسأل الله عز وجل لي ولكم - 00:00:01ضَ
علما نافعا وعملا صالحا تحيتي للمشايخ الفضلاء الذين شرفوني بان اكون في زمرتهم في هذا اللقاء الطيب الذي اسأل الله عز وجل ان يبارك فيه ويجعله نافعا لمن شارك فيه او كان من المستمعين - 00:00:22ضَ
هذا الطوفان الذي بدأ منذ عام اظهر اشياء كثيرة كانت مستورة ومن ضمن ذلك مفاهيم كثيرة دخل عليها الغبش في اذهان الناس بشدة بعدهم عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعن تدبر - 00:00:47ضَ
سيرته عليه الصلاة والسلام وتأمل السنن الكونية المطردة لاجل ذلك كله دخل الغبش والغموض على كثير من هذه المفاهيم ومنها مفهوم النصر والهزيمة وطالعنا اقوام كثيرون يحشرون النصر في الظفر المادي - 00:01:12ضَ
ويربطون الهزيمة بالخسائر المادية وجميع ذلك بمنأى عن شرع الله وكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بل هو بعيد عن حقائق الامور التي اتفق عليها البشر منذ ازمنة بعيدة ولكن كثير من الناس - 00:01:35ضَ
دخل عليهم الداخل من كثرة نظرهم في الاعلام الغربي وتأثرهم بهذه القوة الناعمة التي يتحكم الغربيون بها في وعينا يقول الله سبحانه وتعالى انا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا - 00:02:00ضَ
ويوم يقوم الاشهاد وهذا كلام ساقه الله عز وجل لتسلية رسوله صلى الله عليه وسلم ووعده بحسن العاقبة ولتسلية المؤمنين ووعدهم بالظفر والنصر وحسن العاقبة في الدنيا وفي الاخرة ومعنى ذلك ان الشأن المستمر - 00:02:21ضَ
اننا اي ان الله عز وجل ينصر رسله واتباعهم في الحياة الدنيا بالحجة وبالانتقام لهم من الكفرة بالاستئصال والقتل وغير ذلك من الوان العقوبات ولا يقدح في ذلك كما ذكره المفسرون - 00:02:47ضَ
ما قد يقع للكفرة من صور الغلبة اذ يكون ذلك امتحانا للمسلمين وابتلاء لهم والعبرة انما هي بالعاقبة وبغالب الامر لا بما يحدث في اثناء الطريق وقريب من هذا المعنى قول الله عز وجل وكان حقا علينا نصر المؤمنين - 00:03:09ضَ
والله عز وجل وعد المؤمنين بانه ناصرهم على من ظلمهم من اهل الكفر والعدوان في هذه الحياة الدنيا ثم يكون النصر كذلك الاشد والاهم والاعظم اثرا يكون في الحياة الاخرى - 00:03:40ضَ
ونحن اذا تأملنا واقع السيرة النبوية فاننا لا نجد ان سيد الخلق صلى الله عليه وسلم كان مع اصحابه رضوان الله عليهم وهم سادات هذه الامة كانوا في نصر دائم دون ابتلاء - 00:04:02ضَ
ولا قتل ولا جرح ولا عذاب ما كان هذا بل وجدنا كرا وفرا وكذلك بعد زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ازمنة الفتوح خلال الخلافة الراشدة كثير من الناس للاسف صاروا يتأثرون - 00:04:21ضَ
بخطاب الوعظ الذي يظهر بعض الاشياء ولا يظهر احداثا اخرى اكثرنا يذكر معركة القادسية مثلا ولكن قل من يذكر معركة الجسر التي قتل فيها ابو عبيد وخلق من الامراء ومن - 00:04:47ضَ
خيرة المسلمين الى ان اخذ الراية المثنى ابن حارثة ومثلا يذكرون او نذكر اجمعين استعادة القدس على يد صلاح الدين ولكن لا نذكر سقوطها وما كان فيه من الاهوال على المسلمين وعلى المسجد الاقصى - 00:05:08ضَ
لذلك فنحن نحتاج الى اعادة صقل بمفهوم النصر والهزيمة لكي لا يتزعزع ايمان اقوام لم يحسنوا قراءة القرآن ولا تدبر سنن الله في الكون لذلك حين رأوا طوفان السابع من اكتوبر - 00:05:31ضَ
قبل سنة ظنوا ان الامر سيكون نزهة على آآ طريقة ما يرونه في افلام السينما في افلام الابطال الخارقين ونحو ذلك ومتى كان الجهاد في تاريخ هذه الامة دون دماء واشلاء وتضحيات - 00:05:49ضَ
واذا كان القتل قد لحق سادات هذه الامة من امثال حمزة ومصعب بن عمير وغيرهما رضوان الله عليهم فكيف نظن اننا سنحرر ارضنا ونعيد مجد امتنا ونرفع راية جيلنا ونحن على ارائكنا الوزيرة - 00:06:10ضَ
لا يصيبنا نصب ولا تعب ولا مشقة ولا لأ و ولا دماء هذا كله من سوء فهم هذه المعاني ويكون نظرنا الى هذا المفهوم مفهوم النصر والهزيمة باعتبارات متعددة اول ذلك باعتبار العزة والذلة - 00:06:31ضَ
عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول اذا تبايعتم بالعينة واخذتم اذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا. لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا الى دينكم - 00:06:51ضَ
ولم يقل سلط الله عليكم هزيمة لان الهزيمة العسكرية المادية واردة ولكن غير الوارد هو الذل الذل لا يجتمع مع الايمان. ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين والمؤمن ولو كان مهزوما بالمعيار المادي - 00:07:13ضَ
يبقى عزيزا فيكون ذلك له نصرا اذ العزة تجتمع مع النصر ونتأمل من تاريخ امتنا قصة عبدالله بن حذافة السهمي حين اسره الروم فقال له ملكهم هل لك الى ان تتنصر واعطيك نصف ملكي؟ قال لو اعطيتني جميع ما تملك - 00:07:34ضَ
وجميع ملك العرب ما رجعت عن دين رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفة عين قال اذا اقتلك قال انت وذاك فامر به وصلب وقال للرماة ان يرموه قريبا من بدنه وهو يعرض عليه التنصر فيابى - 00:07:54ضَ
انظر الى هذا الاباء والى هذه العزة والحال انك اذا تأملت ذلك بمقياس المادة تجد هذا شخص ضعيفا انسان ضعيفا وقد قبض عليه هذا الملك وهو بين حاشيته وعساكره وجنوده. فبمقياس المادة وحدها - 00:08:13ضَ
هذا منهزم وذاك منتصر ولكن بمقياس العزة والذلة اراهم عبدالله بن حذافة من نفسه جلدا وعزة واباء نفس ما قبل منهم شيئا مما دعوه اليه ودعا الملك بقدر فصب فيها ماء حتى - 00:08:33ضَ
احترقت ودعا باسيرين من المسلمين فامر باحدهما فالقي في ذلك الماء وهو في اثناء ذلك يعرض على عبد الله ابن حذافة النصرانية فيأبى ثم بكى وظن الملك انه قد جزع فقال ما ابكاك - 00:08:56ضَ
قال بكيت لانها نفس واحدة تلقى ربها الان فتذهب فكنت اشتهي ان يكون بعدد شعري انفس تلقى في النار الله عز وجل فكان من تمام القصة ان قال له الطاغية الرومي هل لك ان تقبل رأسي واخلي عنك - 00:09:15ضَ
وقال له اما هذه فنعم ولكن تخلي جميع الاسرى. قال نعم فقبل رأسه وقدم بالاسرى كلهم على عمر ابن الخطاب فاخبره خبره فقال عمر حق على كل مسلم ان يقبل رأس ابن حذافة - 00:09:36ضَ
الشاهد عندي من هذه القصة وامثالها اكثر من ان يحصر في تاريخ الامة في زمن عزتها ان العبرة عند الكلام على النصر والهزيمة انما هو من العزيز ومن الذليل والاعتبار الثاني في هذا المفهوم - 00:09:53ضَ
اعتبار فرض الارادة على الاخر ومقدار الثبات على المبادئ للنظر الى الخسارة المادية من قتل ونحو ذلك. وقد روى مسلم في صحيحه قصة الغلام وهي مشهورة اه وهي طويلة لكن الشاهد عندي - 00:10:14ضَ
ان الغلام حين اراد ان يقتله ذلك الملك ما استطاع الى ذلك سبيلا فقال له للملك انك لست بقاتلي حتى اجمع الناس في صعيد واحد وتأخذ سهما من كنانتي ثم - 00:10:33ضَ
ترمي السهم وتقول بسم الله رب الغلام فانك ان فعلت ذلك قتلتني سمع رأى الناس ذلك وفعلا قتل الغلام قال الناس امنا برب الغلام وامر بالاخدود وخد واضرمت فيه النيران وقال من لم يرجع عن دينه - 00:10:48ضَ
والقوه في النار فحتى يعني فبدأ يلقى هؤلاء اصحاب الاخدود حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست ان تقع فيها فقال لها الغلام انطقه الله عز وجل وقال يا امه اصبري - 00:11:12ضَ
فانك على الحق. وفي ذلك قول الله عز وجل قتل اصحاب الاخدود النار ذات الوقود اذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود. وما نقموا منهم الا ان يؤمنوا بالله العزيز الحميد - 00:11:28ضَ
هؤلاء قتلوا وما رأوا في الدنيا نصرا. فهل يجرؤ مسلم ان يقول قد كانت تلك هزيمة لا يجرؤ على ذلك مسلم. بل هو نصر واي نصر وربنا سبحانه وتعالى يقول ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا - 00:11:43ضَ
ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر واولئك حبطت اعمالهم في الدنيا والاخرة. واولئك اصحاب النار هم فيها خالدون الشأن كله ليس في الهزيمة الدنيوية وانما في مقدار الثبات على الدين - 00:12:06ضَ
وهم يسعون الى ان يردونا عن ديننا ان استطاعوا والله عز وجل يقول ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فاولئك حبطت اعمالهم في الدنيا والاخرة اولئك هم المهزومون - 00:12:27ضَ
والا فما دمت ثابتا على دينك فانت منتصر بل ما دام الانسان ثابتا على مبادئه لهذه المبادئ على غيره فهو المنتصر. ولذلك لو تأملت الحرب العالمية الثانية لوجدت ان الحلفاء الذين يقال انهم منتصرون وباجماع المؤرخين هم المنتصرون تجد ان خسائرهم المادية اكبر - 00:12:43ضَ
من خسائر هؤلاء المهزومين. لكن لما سموا منتصرين؟ لانهم فرضوا ارادتهم وما مبادئهم. وكذلك جميع الحركات التحررية حتى من ليسوا من المسلمين لابد ان تخسر الكثير ولكنها تفرض تحررها على المغتصب المعتدي فتكون بذلك منتصرة غير غير مهزومة - 00:13:09ضَ
والاعتبار الثالث اعتبار العاقبة في الدنيا انظر مثلا تأمل معي هذا المعنى لو اننا اوقفنا الزمن في اخر غزوة احد كيف ستكون نظرتنا المادية؟ الخالصة للمسلمين والمشركين من جهة النصر والهزيمة - 00:13:33ضَ
ستتأمل فتجد ان المسلمين قد قتل منهم العدد الغفير من اكابرهم وساداتهم وان سيد الخلق صلى الله عليه وسلم قد جرح وشج في وجهه يعني ابتلاء شديد على المسلمين وهؤلاء - 00:13:59ضَ
الكفار المشركون متجبرون. فلو انك وقفت هنا ولم تنظر الى ما يأتي بعد ذلك من احداث في السيرة النبوية بان المسلمين هم المهزومون وهذا كله نظر لا يتأمل في عواقب الامور - 00:14:20ضَ
وهنالك شيء من سنن الله في الكون اسمه سنة التداول كما يقول الله عز وجل يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله. وتلك الايام نداولها بين الناس. وليعلم الله الذين امنوا ويتخذ منكم شهداء والله - 00:14:40ضَ
لا يحب الظالمين وليمحص الله الذين امنوا ويمحق الكافرين ومن عظيم فقه الامام الشافعي رحمه الله انه قيل له ايما افضل للمسلم ان يمكن او ان يبتلى قال لن تمكن حتى تبتلى - 00:14:58ضَ
هذه السنة المضطردة وفي حديث ابي سفيان انه رضي الله عنه آآ ان هرقل قال له في الحديث المشهور وكذلك الرسل تبتلى. ثم تكون لهم العاقبة العبرة ليست بابتلاء البدايات وانما بنصر النهايات ولكن اين الصابرون - 00:15:17ضَ
اين الصابرون الذين لا يهتمون للابتلاءات التي تكون في اوائل الامور. وانما يتوقعون وينتظرون امنونا فيما يكون من العاقبة في الدنيا. والاعتبار الاخير اعتبار العاقبة في الاخرة الله عز وجل يقول ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بان لهم الجنة - 00:15:40ضَ
مقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والانجيل والقرآن. ومن اوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتون به وذلك هو الفوز العظيم. انها تجارة مع الله عز وجل. فطوبى لمن باع نفسه لربه - 00:16:03ضَ
وتعالى. ومن اعظم حكم الجهاد في سبيل الله اتخاذ الشهداء قال ربنا سبحانه وتعالى وليعلم الله الذين امنوا ويتخذ منكم شهداء. والله لا يحب الظالمين. ومرتبة الشهادة مرتبة عظيمة هذه التي ينالها الكثيرون اليوم - 00:16:23ضَ
فيما نحسبهم والله حسيبهم هي مرتبة بلغ من فضلها ان تمناها رسول الله صلى الله عليه وسلم. كما قال في حديث ابي هريرة وهو ثابت في الصحيح. انتدب الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه الا ايمان بي. وتصديق برسلي ان ارجعه بما نال من - 00:16:45ضَ
او غنيمة او ان ادخله الجنة. ولولا هنا الشاهد ولولا ان اشق على امتي ما قعدت خلف سرية ولو وددت اني اقتل في سبيل الله ثم احيا ثم اقتل ثم احيا ثم اقتل - 00:17:05ضَ
والشهداء احياء عند ربهم. ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا. بل احياء عند ربهم يرزقون. فرحين بما اتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم الا خوف عليهم ولا هم يحزنون فما اعظم فضل الشهيد - 00:17:22ضَ
والشهداء والمسلمون ليس عندهم خيار بين نصر وهزيمة. وانما خيارهم بين الحسنيين النصر او الشهادة كما قال الله تعالى قل هل تربصون بنا الا احدى الحسنيين؟ ونحن نتربص بكم ان يصيبكم الله بعذاب من عنده - 00:17:42ضَ
او بايدينا فتربصوا انا معكم متربصون. ومعنى الاية انكم اه لا تنتظرون من حالنا الا احدى الحسنيين حسنة عاجلة وهي النصر او حسنة اجلة وهي الشهادة اما نحن فننتظر من حالكم ان يعذبكم الله عز وجل في الاخرة - 00:18:04ضَ
بعذابه عذاب النار والعياذ بالله تعالى او يعذبكم ايضا في الدنيا بان يكون هذا العذاب اما بايدينا بايدي المسلمين او على غير ايدينا اما بعذاب على غير ايدينا كما قد يقع على هؤلاء الكفار من الخوف كالذي - 00:18:28ضَ
نشاهدهم اليوم مرعوبون خائفون والعياذ بالله تعالى. او الجوع او غير ذلك. او ان يكون العذاب بايدي المجاهدين. وهو عذاب القتل آآ في الجهاد في سبيل الله. ففرق شاسع وبون عظيم بين الفريقين - 00:18:45ضَ
في عاقبة الحرب التي تكون بينهما. سواء اكان ذلك في حال الغلبة او في حال الهزيمة. المسلمون كما قلت واكرر ذلك ما عندهم اه نظر واختيار بين نصر وهزيمة. لا هزيمة في معاجم المجاهدين. وانما هو النصر فان - 00:19:03ضَ
لم يكن النصر في الدنيا فهي الشهادة واعظم بذلك نصرا. اسأل الله عز وجل ان ينصر المجاهدين في سبيله نصرا مؤزرا ان يهلك عدوهم وان يثبت اقدامهم. وان ينصرهم على عدوهم واقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم. والحمد لله رب العالمين - 00:19:27ضَ