التفريغ
ابصرة في المنهج ان عودتي الى القرآن مدارسة وتدبرا كشفت لي انني كنت امر على كثير من الايات دون ان ابصرها نعم لقد قادني التدبر للقرآن العظيم الى ان اكتشف ان النظر لا يغني عن الابصار - 00:00:00ضَ
هامش لابد من الاعتراف لاهل الفضل بفضلهم. فقد كان لاستاذي العالم المربي الدكتور الشاهد البوشيخي حفظه الله وسلمه الاثار في اثارة انتباهي الى الاسرار الدعوية للقرآن العظيم. وما ينطوي عليه من كنوز ومفاتيح لكثير مما يختلف فيه الناس اليوم - 00:00:20ضَ
من قضايا تجديد الدين وذلك من خلال ما تلقيناه عنه من دروس علمية وتربوية في وقت كان الالتفات الى هذا نادرا فله من الله الجزاء الاوفى على ما علم وربه. ثم لابد بعد ذلك من ذكر ما كان لرسائل بديع الزمان سعيد النورسي رحمه الله من اثر كبير في تجلية - 00:00:42ضَ
هذا المعنى في قلبي. ذلك انه انما كان يتعامل مع القرآن بمنهج ابصاري فقد كان مبدأه في ذلك قوله كن من شئت وابصر وافتح عينيك فحسب وشاهد الحقيقة وانقذ ايمانك الذي هو مفتاح - 00:01:04ضَ
السعادة الابدية فمثلا في سياق تفسير قوله تعالى يا معشر الجن والانس ان استطعتم ان تنفذوا من اقطار السماوات والارض فانفذوا لا تنفذوا الا بسلطان. فباي الاء ربكما تكذبان. يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران - 00:01:21ضَ
قال ابصر وشاهد معنى الاية الكريمة في نور اعجازها الواضح وضوح النهار. وخذ نجم حقيقة واحدة من سماء تلك الاية الكريمة واقذف بها الشيطان القابع في ذهنك وارجمه بها. ونحن كذلك نفعل هذا - 00:01:44ضَ
وقال لما زادت الغفلة ابصرت نور الحق عيانا وطالما كان يقول في رسائله هكذا شاهدت كما انه لا بد من التنويه بما كان لاخينا الدكتور احمد العبادي من اثر في تحقيق مناطق هذا المفهوم في نفسي. وذلك من خلال مذاكرات - 00:02:01ضَ
ثنائية لا تنسى. فجزاه الله الجزاء الاوفى نهاية الهامش فالمرض اذا نظر بلا ابصار. قال عز وجل وتراهم ينظرون اليك وهم لا يبصرون. وقال سبحانه من اية في السماوات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون - 00:02:20ضَ
والقرآن العظيم مجموع كلي من الايات الدالة على الطريق. ايات هي في حاجة فقط الى من يبصرها. ومن هنا وصف القرآن كله بانه بصائر. قال سبحانه هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون - 00:02:42ضَ
والبصائر جمع بصيرة. وهي الاية التي تبصر الناس حقائق الوجود. وتدلهم على الطريق السالكة الى الله عند تعدد للطرق السالكة الى غيره. وتسمى بصيرة من حيث هي مشعة بالنور. الذي يكون سببا في تبصير الاعين الواقعة - 00:03:02ضَ
عليها ولذلك وصف الله الايات في سياق اخر بانها مبصرة على صيغة اسم الفاعل. فنسب الابصار اليها من حيث هي سبب فيه كما في قوله تعالى وجعلنا اية النهار مبصرة اي مضيئة للاشياء ومسببة بذلك - 00:03:22ضَ
الاعين في الابصار الا ان الموضوع المقصود عندنا ها هنا هو الابصار النفسي او الابصار القلبي لا ابصار الجوارح. فالنفس الانسانية جسم كن روحاني سوي له جوارحه النفسانية المفارقة للبدن وانما البدن لباسها الخارجي. قال تعالى - 00:03:42ضَ
وما سواها ابصار النفس او ابصار القلب هو الذي يصاب بالعمى عن الغفلة. ويعالج بالتذكر. قال عز وجل ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون - 00:04:04ضَ
وقال سبحانه فانها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور وعليه يحمل معنى قوله تعالى فلما جاءتهم اياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين وقوله عز وجل واتينا ثمود الناقة مبصرة - 00:04:21ضَ
الايات مبصرة بمعنى مبصرة. فهي لذلك بصيرة. والبصيرة هي الثقب الذي يجعل في باب الدار من اجل معرفة الطارق وهي اليوم العدسات المجهرية التي تثبت على ابواب المنازل. فمن خلالها يطلع الانسان على الحقيقة ويكتشف طبيعته - 00:04:41ضَ
ومن هنا كانت ايات القرآن مبصرة او بصائر فاذا نصب المولى الكريم الاية بصائر للناس فانهم ان لم يبصروا لا لوم ان اذ الا على انفسهم وهو قوله تعالى وارد على اشد ما تكون النذارة - 00:05:01ضَ
قد جاءكم بصائر من ربكم فمن ابصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما انا عليكم بحفيظ ان هذه الاية ام من امهات الكتاب. فاعد قراءتها وتدبر ثم ابصر ثم ابصر. لان الابصار نتيجة طبيعية للتدبر. ولذا كانت الايات صارمة في وجوب التدبر على ما سيأتي - 00:05:20ضَ
في تفصيله وبيانه بحول الله ومن اجل هذا كله خاطب الله جل جلاله الناس ذوي الابصار. كما في قوله تعالى ان في ذلك لعبرة لاولي الابصار. وقوله ايضا فاعتبروا يا اولي الابصار - 00:05:47ضَ
ان القرآن العظيم نسق كلي من الايات. والايات والاي جمع اية وهي العلامة المنصوبة للدلالة على معلومة يسترشد بها في امر ما. ومن هنا كانت الاية بمعنى الحجة والبرهان والحياة الدنيا بلا دين ظلمات متضاربة كامواج البحر البهيم. والناس راحلون الى ربهم من خلال ما حد لهم من اعمار - 00:06:04ضَ
انها رحلة شاقة مضنية. قال عز وجل يا ايها الانسان انك كادح الى ربك كدحا فملاقيه وهو لذلك في حاجة ماسة الى الايات. عسى ان يسهل عليه امر العبور وتتضح له معالم الطريق. ويسلك له - 00:06:31ضَ
تماما كما لا تسلك الطريق لسائق السيارة الا بنصب علامات على كل مراحلها وانما العلامات الايات كما ما في كل معاجم اللغة هذا شيء مهم جدا. لكن ما فائدة الايات بدون ابصار - 00:06:52ضَ
ودعني اقصص عليك ها هنا قصة التاجر والاجير تبصرة خرج يوما احد التجار الاغنياء ممن يحسبون من اهل الدين والصلاح يقصد عالم المدينة فسأله في ضائقة نزلت يريد من خلالها التوسل الى الاقتراض الربوي من الابناك. بناء على ما ظهر له فيها من الضرورة مما لم يره العالم - 00:07:10ضَ
على ما يعرفه منه ومن حاله. اذ كان يمكنه بيع شيء من ممتلكاته. وعنده منها ما يزيد على حاجته الحقيقية لكن العالم لاحظ من خلال الحاحه واعادة عرضه مشكلته ان عينيه تتشوقان الى الحصول على رخصة - 00:07:37ضَ
ثم حدث ان جاء الى العالم نفسه بعد ذلك رجل فقير يشتغل اجيرا مقابل ما لا يسد حاجته فشك فوق ذلك ضائقة شديدة المت به. فانزلت به وباهله ضررا في الاموال والابدان - 00:07:58ضَ
فكان نظر العالم على ما يعرفه منه ومن حاله. بعد استنفاذ كل ابواب الحلال ان رأى له رخصة المضطر حقيقة توازى ارتكاب اخف الضررين اتقاء لاشدهما. وذلك بالاقتراض الربوي في حدوده المقدرة بقدرها. من بعد من سدت - 00:08:15ضَ
السبل كلها في وجهه ثم غاب عنه اياما حتى ظن انه قد اتم امره ثم لقيه بعد ذلك فوجده ما يزال يعاني من مشكلته تلك والخناق لا يزداد الا اشتدادا عليه - 00:08:35ضَ
من سأله عما فعل في مسألة الاقتراض فزفر زفرة كادت تمزق قلبه فقال اني ما تجرأت على الاقتراب منه. اني لم استطع اني اسأل الله ان يجعل لي مخرجا غيره - 00:08:51ضَ
وعجب العالم من الفرق بين صاحبيه. الاول وهو التاجر الذي كان يعيش حياة اقرب الى الترف منها الى الاعتدال. يمنع من الربا لكنه يطمع. والثاني الاجير الذي كان يعيش واسرته في كثير من احواله. على ما لا يسد الحاجة يفتيه - 00:09:06ضَ
رخصة فيمتنع. قلت ان الفرق بينهما لو تدبرتا وهو الفرق بين الاعمى والبصير. وبيان ذلك كما يلي فاما الاجير فقد ابصر الايات الذين ياكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس - 00:09:26ضَ
ذلك بانهم قالوا انما البيع مثل الربا. واحل الله البيع وحرم الربا. فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وامره الى الله. ومن عاد فاولئك اصحاب النار هم فيها خالدون. الى قوله - 00:09:48ضَ
يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا ان كنتم مؤمنين. فان لم تفعلوا فاذنوا بحرب من الله ورسوله وان تبتم فلكم رؤوس اموالكم لا تظلمون ولا تظلمون - 00:10:07ضَ
لقد رأى الاجير المال الحرام فابصره جمرا مشتعلا. وابصر اكلته صرعا يتخبطون في نار جهنم. الاخذ والمعطين فيه سواء ابصرهم يتداولون نقودا مشتعلة كأن معدنها قد سك من مارج نار وابصر لهيب - 00:10:23ضَ
بها يتطاول الى دار الدنيا فيحرق عشه ويخرب بيته ويهلك بدنه وماله ويلتهم من حياته ما ظن انه ويعمره لقد ابصر حقا. ابصر ذلك كله فانكمشت يده خوفا مما رأى. واما التاجر فانما سمع - 00:10:43ضَ
ليس من رأى كمن سمع وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبصر اصحابه صورة المال الحرام ففي الصحيحين من حديث ام سلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه سمع خصومة بباب حجرته فخرج اليهم فقال - 00:11:03ضَ
انما انا بشر وانكم تختصمون الي. فلعل بعضكم ان يكون الحن بحجته من بعض. فاقضي له على نحو ما اسمع فمن قضيت له بحق مسلم فانما هي قطعة من النار فليأخذها او ليتركها - 00:11:22ضَ
وروي الحديث بطرق اخرى في الزيادة. قال فانما اقطع له قطعة من النار ياتي بها اصطاما في عنقه يوم القيامة والاشطام الحديدة التي تسعر بها النار فبكى الرجلان وقال كل واحد منهما حقي لاخي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اما اذا قلتما فاذهبا - 00:11:40ضَ
فاقتسم ثم توخيا الحق ثم استهما ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه وعلى هذا المنهج التربوي يفهم حديث حنظلة الاسيدي رضي الله عنه. لما ابصر الاعياد وقال لقيني ابو بكر فقال كيف انت يا حنظلة؟ قال - 00:12:05ضَ
تنافق حنظلة قال سبحان الله ما تقول؟ قال قلت نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالنار والجنة حتى كأن رأي عين. فاذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الازواج والاولاد والضيعات. فنسينا - 00:12:25ضَ
قال ابو بكر فوالله انا لنلقى مثل هذا فانطلقت انا وابو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت ما فق حنظلة يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ذاك؟ قلت يا رسول الله اكون - 00:12:47ضَ
عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأن رأي عين. فاذا خرجنا من عندك عافسنا الازواج والاولاد والضيعات نسينا كثيرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ان لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم - 00:13:07ضَ
ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ثلاث مرات وكذلك كان منهج الصحابة من بعده صلى الله عليه وسلم في التبصير بالايات كلما ادلهمت المشكلات ومن ذلك ما ربته عائشة رضي الله عنها من قصة موت النبي صلى الله عليه وسلم - 00:13:31ضَ
حيث فزع عمر رضي الله عنه للخبر وكأنه لم يصدقه. فقام يقول والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمر والله ما كان يقع في نفسي الا ذاك - 00:13:52ضَ
وليبعثنه الله فليقطعن ايدي رجال وارجلهم فجاء ابو بكر فكشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله قال بابي انت وامي طبت حيا وميتا اهذي نفسي بيده لا يذيقك الله موتتين ابدا - 00:14:07ضَ
ثم خرج فقال ايها الحالف على رسلك. فلما تكلم ابو بكر جلس عمر فحمد الله ابو بكر واثنى عليه. وقال قال الا من كان يعبد محمدا صلى الله عليه وسلم؟ فان محمدا قد مات. ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت - 00:14:27ضَ
وقال انك ميت وانهم ميتون وقال وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل. افإن مات او قتل انقلبتم على اعقابكم. ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا. وسيجزي الله الشاكرين. فنجج الناس يبكون. قالت عائشة رضي الله عنها لقد - 00:14:47ضَ
بصر ابو بكر الناس الهدى وعرفهم الحق الذي عليهم وخرجوا به ياكلون وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل الى الشاكرين وفي رواية اخرى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال والله لكأن الناس لم يكونوا يعلمون ان الله انزلها حتى تلاها ابو بكر - 00:15:11ضَ
رضي الله عنه فتلقاها منه الناس فما يسمع بشر الا يتلوها ان هذه النصوص تدل بشكل واضح على المنهج التبصيري. الذي كان يعتمده رسول الله صلى الله عليه وسلم مع اصحابه. كما - 00:15:35ضَ
تدل على مدى الابصار الذي كانوا يتمتعون به في تلقي الايات عن رسول الله ولهذا سماها الله جل جلاله بصائر. كما في الاية التي اتخذناها شعارا لهذا المعنى. قد جاءكم بصائر من ربكم - 00:15:52ضَ
فمن ابصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما انا عليكم بحفيظ تبصرة ان نجاح المشروع الدعوي ليس رهينا بعدد المتبعين. بقدر ما هو رهين بعدد المبصرين. والمبصرين ان هذه الورقات محاولة لوضع اسس لمشروع اصلاحي. يخاطب الوجدان الديني الفردي والجماعي - 00:16:08ضَ
التفت فيه الى البديهيات الدينية الاعتقادية والعملية. التي تبين لي ان كثيرا من البلاء المتسلط على البلاد العباد انما مصدره ما وقع من حيث ندري او لا ندري. بسبب اهمال تلك البديهيات ونسيانها - 00:16:38ضَ
واني لاعتقد جازما ان ظهر الحركة الاسلامية اليوم عار تماما من كل حماية. فهي تقف كذلك على خط المواجهة محمية الظهر فتصاب من خلفها كما تصاب من امامها. واحسب ان الرجوع الى الاصول البديهيات في الدين - 00:16:57ضَ
انما هو رجوع الى اعتلاء جبل الرماد. الذي كان اخلائه سبب هزيمة المسلمين في معركة احد. واني لارجو ان تكون هذه فاتحة خير ان شاء الله. لنفسي اولا ولمن شرح الله صدره لبلاغات القرآن. عسى ان نعود الى التمسيك بالاصول - 00:17:16ضَ
التي بها نكون صالحين لميراث محمد صلى الله عليه وسلم او لا نكون ذلك هو المنهج الرباني الذي عليه وقع البلاغ بصريح نص القرآن العظيم. فاقرأ قول الله جل جلاله وتدبر - 00:17:36ضَ
ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ان الارض يرثها عبادي الصالحون. ان في هذا لبلاغا لقوم عابدين عبادي الصالحون وصف وشرط فيمن تجرد لطلب الارث الرباني. فعبثا تحاول نفسك الثقيلة - 00:17:53ضَ
طول المشروط دون تحقيق الشرط. ذلك حق يقين يعلنه الله على العالمين جزما قاطعا. ان في هذا لبلاغ لقوم عابدين فيا ايها الحليم الحيران السالك مسالك الحياة الدنيا. تبحث مثلي عبر ليلها المظلم عن باب للخروج من الفتن - 00:18:13ضَ
هذا باب النور فاقرأ وتدبر قوله تعالى والذين يمسكون بالكتاب واقاموا الصلاة فانا لا نضيع المصلحين اقرأ وتدبر ثم ابصر - 00:18:35ضَ
بلاغ الرسالة القرآنية: من أجل إبصار لآيات الطريق
بلاغ الرسالة القرآنية: من أجل إبصار لآيات الطريق| فريد الأنصاري| كتاب مسموع 02