معارج | وجدان العلي

بين العطر والخمر | معارج | ح14 | أ.وجدان العلي

وجدان العلي

عمر محدود في دروب الكون. يخطو بين الظلال والاضواء. والظلمة تتناثر بين يديه شعل المعاصي. واضواء الاياب الى ربه. لكن ربه رحيم. تنهض الروح الهامدة الى بوابة الفجر استقبلوا انفاس الحياة. تحلق طيرا الى افاق السمو. ارتفاعا عن صخب امواج الدنيا - 00:00:01ضَ

الى سكينة حقول السماء تبتسم الحياة في عينيه يفتح الابواب وينفض عن روحه غبار الذنوب ويعلو هنالك في معارج لا تنتهي الا عند سدرة المنتهى سمعه شيخه وهو يكلم صاحبا له - 00:00:36ضَ

على بعض الاعمال الصالحة انه سيصوم الاثنين والخميس وقد عزم على ذلك وثلاثة ايام من كل شهر وانه ايضا سيقرأ كذا وكذا من القرآن وجعل يعدد كثيرا من الصالحات التي قد عزم واخبر صاحبه بها - 00:01:04ضَ

على فعله لكي يتعاقدا عليها اختلى به شيخه وجعل ينصحه قائلا يا بني لقد كان السلف يستحبون ان يكون للرجل خبيئة من عمل صالح لا يعلم بها احد فان هذه الخبيئة - 00:01:21ضَ

عنوان اخلاصه لله عز وجل وحبه لله عز وجل قد كان السلف من اجل هذا المعنى يقولون لا يقوم الليل منافق لان الليلة عندما يلف الكون بعباءة الظلام لا يبصر احد احدا - 00:01:43ضَ

سيقوم هذا المحب الى ربه عز وجل لا يقصد الا عين ربه سبحانه وتعالى تراه ولا يقصد الا وجه ربه سبحانه وتعالى. فيقوم اليه على قدم الحب ويعلن عن حبه بتلاوة ايات ربه سبحانه وتعالى والسجود والتضرع والنفحات - 00:02:04ضَ

ولا يقوم الليل منافق. وكذا الانسان لابد ان يكون شحيحا ضنينا بعمله ان العمل اذا ما خرج من ديوان السر الى ديوان العلانية ووضع في شارع الناس وبين اعينهم اسرعت اليه الافات. بينما اذا ما كان - 00:02:28ضَ

مختبئا في حبة القلب وكان في ضمير الانسان كان هذا اقرب لصلاحه ولقبوله واما اذا ما استعلن الانسان به فان ذلك يعرض العمل للهلكة والتلف بامراض العجب والرياء والسمعة والصيت وطلب المدح من الناس والثناء عليهم. بل ان بعض السلف كان يقول - 00:02:50ضَ

كل ما ظهر من عملي لا ابالي به كل ما ظهر من عملي لا ابالي به حتى ان بعض السلف ايضا كان يقول كانوا يكتمون حسناتهم ويسترونها كما تسترون سيئاتكم وعوراتكم - 00:03:18ضَ

كانوا يكتمون هذه الحسنات فان الاستعلان بالحسنة لا يصلح الا لمستقيم السر وقد كانوا على رجفة الخوف من قبول اعمالهم اما الذي يظهر عمله فكأنما ضمن قبوله وهذا يحيط العمل بالهلكة - 00:03:38ضَ

والاحباط بينما العبد الخفي التقي يكون منكسرا لا يلقي بالا الى عمله ولا يرائي به الناس. وانما يسعى الاخلاص وهذه النية البيضاء هي التي تحمله في سيره الى الله عز وجل. وتحدوه في دربه الى العرش. فاذا ما كانت النية مختلطة - 00:04:02ضَ

او كانت والعياذ بالله بعيدة اصلا عن قصد الله عز وجل سرعان ما يقعد العمل بصاحبه. فتجد له كبير عمل ولا تجد لهذه الاعمال اصدائها في سلوكه وفي وجهه وفي قلبه وعلى لسانه - 00:04:26ضَ

ان هذه الاعمال لم تختبئ ولم تدفن ان البذرة اذا ما اردت ان تكون شجرة ثابتة الاصول في الارض لابد ان تدفن لطفا هذه البذرة في حقلها فاذا ما اطلت دفنها - 00:04:45ضَ

تنفست بالحياة فقامت ناضرة مشرقة البزرة لو جئت فالقيتها بعيدا ولم تأخز حظها من الدفن وتقاذفتها الرياح وكذا العمل. وكذا العمل خبيئة السر هي الشيء الذي يحرص عليه الانسان. حتى ان الصالح كان من السلف ينام بجوار زوجه - 00:05:08ضَ

وعينه تدمع خشية من الله عز وجل. ولا تعلم زوجه بذلك. ويخادعها كما يخادع الرجل او الام الصبي الصغيرة اذا نام ويتسلل من جوارها ليقف بين يدي ربه عز وجل - 00:05:40ضَ

يكتم حسناته وهنالك يا بني قصة تدلك على هذا كان محمد بن المنكدر رحمة الله عليه ورضوانه ذلك الامام الولي الصالح يحكي انه كان جالسا في مسجد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم. فقد قحط اهل المدينة - 00:06:00ضَ

وخرجوا جميعا وفيهم الصالحون وفيهم الربانيون ليستسقوا فلم يسقوا قال فجلست بعد العشاء الاخرة ولم يكن في المساجد سروج واتكأ على اسطوانة معتمدا عليها. فجاء رجل يقول رسوا الهيئة رجل - 00:06:26ضَ

الهيئة يلبس ثيابا لا تملأ العين. لا ترد العين توقف وبسط يديه وقال اللهم انا اهل مدينة نبيك صلى الله عليه وسلم قد قحطوا واستسقوك فاقسمت عليك الا اسقيتهم الان - 00:06:48ضَ

قال فما انزل يديه حتى وجدت المطر نازلا سبحان الله ثم لما نزل المطر اجرى على نفسه وهو لا يعلم مكان محمد بن المنكدر فجعل يقول من انا وما انا انما هو فضلك ورحمتك ثم صف قدميه يصلي حتى اذا ما شعر بدنو الفجر - 00:07:10ضَ

اظهر كانما يقوم ليتوضأ ليدخل مع الناس كانه ما دخل المسجد الا الساعة. وكل ذلك بمرأى ومشهد محمد ابن المنكدر قال فتبعته فمنعني المطر ومعنى ذلك ان المطر كان شديدا. سبحان الله - 00:07:37ضَ

سبحان الله رب اشعث اغبر ذي قمرين اقسم على الله لابره سبحان الله رب العالمين هذه القلوب البارة عندما تقسم يبرها الله رب العالمين. وهؤلاء هم قناديل الحياة وهم عطرها الذي يجعل لها القا وعبقا هؤلاء الصالحون الخافتون - 00:07:58ضَ

الذين يسيرون في هامش الدنيا ولا يحس بهم احد انما يراؤون باعمالهم ربهم وحسبه كما قال مالك بن دينار لمصانعة وجه واحد يعني رب العالمين يكفيك كل الوجوه مصانعة وجه واحد تكفيك كل الوجوه - 00:08:23ضَ

اذا اقبلت عليه اقبل بالقلوب عليك. واذا عملت للناس وكما قال بعضهم ان ثناء الناس فضلا عن ذمهم لا يطعم من جوعه ولا يشبع من جوع ولا يروي من ظمأ - 00:08:46ضَ

ان ثنائهم ينحل في النهاية الى لا شيء. فعلام يرائي الترابي ابناء الغبار انت شأنك ان تكون مذكورا في الملأ الاعلى. وان تصحب اعمالك الى ربك عز وجل منكسرا ذليلا خائفا ان يردها - 00:09:01ضَ

فلم تبعه محمد بن المنكدر فحيل بينه وبينه قال لابد ان هذه عادته فانتزر في اليوم الثاني وجاء هذا الرجل وصدق ظن محمد بن المنكدر وجاء الرجل فقام فصلى حتى اذا ما شعر بدنو الفجر اظهر كأنما ادخل المسجد مع الناس كأنه لم يدخل المسجد الا - 00:09:20ضَ

للساعة قال فتبعته فعلمته على المكان الذي دخله فلما زرته بعد الضحى وجدته اسكافيا وجده رجلا يصلح الاحذية فقال لست صاحبي البارحة فتغير وجه الرجل لم يفرح ولم يطرب لا لا تقل هذا لا تخجل تواضعنا الحمد لله هذا ستر الله - 00:09:44ضَ

الذي يرائي بذم نفسه بين يدي الناس لكي يتنادى الناس بالثناء عليه هذا الرياء الخفي بل غضب الرجل وقال ما لي ومالك يا ابن المنكدر؟ ما لي ومالك فلما رآه ابن المنكدر قد غضب وتوهج بالغيظ تركه وانصرف - 00:10:12ضَ

فلما عاد اليه بعد ذلك قال الجيران لقد غادر المكان بعدما زرته الله بيننا وبين ابن المنكدر حرمنا جيرة الرجل الصالح عرف عمله فابطل معرفة الناس به لا ان يكون يقف بين يدي الناس على جدر المواقع يكتب من يريد ان اصوم له من يريد ان آآ - 00:10:35ضَ

ادعو له عند الصوم من كذا ومن كذا كل هذه الاعمال ان صحت النية فهذا ليس حسنا وهي مهلكة للانسان فضلا عن ان ذلك يجرك الى معنى التسميع والمراءة. ومن سمع سمع الله به والنبي صلى الله عليه وعلى اله وصحبه - 00:11:07ضَ

وسلم جعل نبراس الحياة كلها في ان هنالك نية يعلمها الرب. واعلم ان امر النية لا يعلمه حتى صاحبه ان ما يجتهد في تصحيح نيته وحسب واما ان يعلم ان نيته خالصة تامة الخلاص فهذا ليس الا لله عز وجل. الاخلاص سر في القلب - 00:11:28ضَ

لا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل وانما يعلمه الرب عز وجل. الذي يطلع على قلب عبده رضي الله عن ما لك بن دينار عندما قال تلك الكلمة الكاشفة التي تجعل - 00:11:55ضَ

الانسان ينظر في نفسه عندما جاءه رجل فقال ما اعظم ما يحب الرب من العبد وصمت مالك وبكى ثم قال ان يطلع الى قلب عبده فلا يرى فيه غيره للناس - 00:12:13ضَ

ولا بهرج الدنيا ولا زخرفها ولا ذلك الحصى البشري وانما تقصد وجه ربك عز وجل. وتلك الخبيئة تنكشف ولابد عند لحظة الاحتضار عند لحظة الحقيقة الكبرى يوم تبلى السرائر ستكون خبيئة العبد الصالح - 00:12:36ضَ

قارورة العطر يمسكها مختبئا بها بعيدا عن الاعين حتى اذا ما غشيته غشية الموت فتهاوت قواه سقطت زجاجة العطر ففاح عبيرها على السنة الناس دعاء وثناء وترحما عليه وخبيئة الشارد المطرود بعيدا الذي رضي لنفسه ان يكون مقطوع الصلة بالله. والذي يقضي ما يسميه - 00:13:00ضَ

حياة بعيدا عن الله عز وجل وليست بحياة فرضي بمطعم وملبس ومشرب وليس هنالك من عبادة ولا قصد لله عز عز وجل فلا معنى لتلك الحياة. فتكون خبيئته كزجاجة الخمر التي اختبأ بها بعيدا عن الاعين. حتى اذا ما جاءته غش - 00:13:31ضَ

خشية الموت تهاوت قواه فسقطت تلك الزجاجة ففاح قدرها ونتنها ورائحتها الخبيثة على السنة الناس دعاء عليه ونفورا منه وبغضا له والعياذ بالله هذه هي الخبيئة التي عند الانسان. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم في اولئك الذين يستترون - 00:13:51ضَ

بخبيث العمل لاعلمن اقواما من امتي يأتون يوم القيامة بحسنات امثال جبال تهامة بيضاء اه فيجعلها الله هباء منثورا والعياذ بالله هؤلاء الذين يبنون قلاع الحسنات بين يدي الناس. ويلتمسون الثناء دائرا على افواه الناس. هؤلاء يبنون هذه القلاع - 00:14:17ضَ

الرملية الهوائية التي تسقط بنفخة من في طفل صغير فازا ما جاءت يوم القيامة جاءت الاعمال بحقائقها وقدمنا الى ما عملوا من عمل عملوا وتعبوا وجدوا ونصبوا. ولكن لغيرهم الله عز وجل - 00:14:42ضَ

وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا. انظر الى هذه الصورة المتلاشية بين يديك قالوا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الذين يأتون بجبال حسنات صفهم لنا حلهم لنا اذكر لنا صفاتهم. قال اما انهم منكم. يعني - 00:15:03ضَ

في ظاهر الامر ولهم من الليل مثل ما لكم من الليل. يعني في سورة العمل الاعمال تتفاضل بحقائقها لا بصورها خبيئات السر في خزائن القلب بالظاهر المنصوب فكل الناس يحسن هذا الظاهر - 00:15:24ضَ

اما الذي اقبل بروحه وسجد بقلبه بين يدي ربه فهذا بمرأى من ربه عز وجل اما انهم منكم ولهم من الليل مثل ما لكم من الليل. في صورة الامر ولكنهم قوم اذا خلوا بمحارم الله انتهكوها - 00:15:46ضَ

ينتظر ابتعاد الاعين ومفارقة الناس لكي يخلو بذنبه لا حياء من الناس ولكن خبثا من النفس يعقد العزم انه اذا ما خلي والحرام هجم الى الحرام. وركب الحرام وسارع الى الحرام - 00:16:06ضَ

قام وقعد الحرام بجدره وجدرانه في قلبه فهذا هو الذي والعياذ بالله. تبلى اعماله وتنهدم قصوره الوهمية يوم القيامة وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا اقصد بعملك وجه ربك - 00:16:30ضَ

وانت تصانع ربك وحدك. والمحب يحب الخلوة بحبيبه ويحب ان يكون عمله خالصا لحبيبه لا يمر عبر اعين الناس. واذانهم والسنتهم فان هذا ان لم يخدش العمل او يهدمه شوش النية وجعل الطريق ضبابيا. ينبغي ان يكون طريقك ومعراجك منيرا - 00:16:52ضَ

دي مشكاة الاخلاص وقنديل الاختباء عن الناس عمر محدود في دروب الكون. يخطو بين الظلال والاضواء والظلمة والنور تتناثر بين يديه شعل المعاصي. واضواء الاياب الى ربه. لكن ربه رحيم - 00:17:20ضَ

تنهض الروح الهامدة الى بوابة الفجر. تستقبل انفاس الحياة. تحلق طيرا الى افاق الشموس ارتفاعا عن صخب امواج الدنيا الى سكينة حقول السماء. تبتسم الحياة في يفتح الابواب وينفض عن روحه وقلبه غبار الذنوب. ويعلو هنالك في معارك - 00:17:50ضَ

رجالات تنتهي الا عند سدرة المنتهى - 00:18:20ضَ