تأملات في سورة الحجرات

تأملات في سورة الحجرات | الدرس الثاني | الشيخ د. مصطفى مخدوم

مصطفى مخدوم

يا ايها الذين امنوا فاسقون فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على واعلموا ان فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الامر لعلكم ولكن اليكم الايمان ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم - 00:00:10ضَ

ادى اليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق واول الصيام اولئك هم الراشدون فضلا من الله ونعمة والله عليم فإن فأصلحوا بينهما بالعدل وابسطوا ان الله يحب المقسطين - 00:01:13ضَ

انما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين اقواريكم واتقوا الله لعلكم ترحمون بارك الله فيك. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على رسوله الامين وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:02:32ضَ

اللهم ات نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها اما بعد ايها الاحبة ما زلنا في التأملات في هذه السورة المباركة سورة الحجرات التي تمثل كما ذكرت سابقا دستورا اخلاقيا ينظم علاقات الانسان - 00:03:00ضَ

الله ورسوله وعلاقته بالمؤمنين والناس بعد ذلك وهذا هو النداء الثالث في هذه السورة بهذا الوصف وهو وصف الايمان يا ايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا هذه الاية الكريمة - 00:03:27ضَ

تحدد لنا مبدأا اخلاقيا سلوكيا مهما نحتاج اليه في كل عصر ولا سيما في هذا العصر عصر الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وسرعة انتشار الاخبار وهذا المبدأ هو التثبت في نقل الاخبار - 00:03:55ضَ

وبيان خطورتها واثارها في المجتمع فالله تعالى ينادينا باحب الاوصاف وهي صفة الايمان يا ايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق الفاسق هذا من الاوصاف الشرعية التي كان العرب في الجاهلية يستعملونها في المعنى اللغوي العام - 00:04:19ضَ

كما يقولون فسقت الرطبة اذا خرجت عن قشرها فيستخدمونها في الخروج المكروه غير المحمود ومنه سميت الفأر فويسق لانها تخرج من جحرها للافساد ولكن جاء الشرع ليطلق هذا اللفظ على الخروج عن الحق - 00:04:49ضَ

والخروج عن طاعة الله سواء هذا الخروج اخرجه عن دائرة الاسلام والايمان مثل الكفر ام خروجا نسبيا اخرجه عن الطاعة ولكن لم يخرجه عن دائرة الاسلام ولهذا كان لفظ الفسق اعم اللفظ الكفر - 00:05:15ضَ

والفاسق اعم من الكافر قد يستعمل بمعنى الكافر كما في قول الله تبارك وتعالى افمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا فالفاسق هنا بمعنى الكافر بدليل المقابلة لانه قابل الفاسق بالمؤمن - 00:05:41ضَ

فدل على ان المقصود بالفسق هنا هو الكفر الخروج عن الاسلام واحيانا يأتي بمعنى المعصية التي لا تخرج الانسان من دائرة من دائرة الاسلام كما قال النبي صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق - 00:06:06ضَ

وقتاله كفر فقابل الفسق هنا بالكفر فدل على ان المراد به المعصية والخروج عن الطاعة الذي لا يقتضي خروج الشخص من دائرة الاسلام وهذا هو يعني مبدأ القرآن بتقسيم الناس - 00:06:28ضَ

فانه يقسمهم على الاساس الديني والشرعي فقسم الناس الى مؤمن وكافر وقسم المؤمن الى فاسق وطائع وبنى على هذا التقسيم احكاما شرعية كثيرة الكفار لهم احكام خاصة والمسلمون لهم احكام - 00:06:53ضَ

ثم احكام المسلمين تختلف باختلاف الطاعة والفسق والفاسق له احكام تختلف عن احكام المسلم الطائع مثل باب الرواية وباب الشهادة وباب الفتيا وهكذا كل ما فيه اثبات لشرع او اخبار عن حق - 00:07:18ضَ

فانه يشترط فيه العدالة وبالتالي لا تقبل رواية الفاسق. ولا شهادته ولا فتياه ايضا عند جمهور الفقهاء فبنى على هذه الاوصاف احكاما شرعية كثيرة بناء على هذا الاساس وهو الاساس الديني والشرعي - 00:07:45ضَ

في اه التعامل مع الناس وبناء الاحكام عليه فالله سبحانه وتعالى هنا في هذه الاية اوجب على هذه الامة انه اذا جاءهم فاسق واخبرهم بخبر فالواجب عليهم ان يتثبتوا وفي القراءة الاخرى فتبينوا - 00:08:08ضَ

وهما بمعنى واحد وهذا يدلنا على ان قبول الخبر يختلف باختلاف صفة المخبر فان كان المخبر فاسقا فلا يجوز قبول خبره بمنطوق الاية الكريمة ولكن مفهومها مفهوم المخالف للاية انه اذا كان عدلا ثقة - 00:08:35ضَ

فانه لا يلزمكم ان تتوقفوا في خبره ومن هنا اخذ العلماء حجية خبر الواحد وان خبر الواحد اذا صح اسناده فانه يكون دليلا صحيحا يصح ان يعتمد عليه في اثبات الاحكام الشرعية - 00:09:06ضَ

وبقيت صورة ثالثة وهي صورة مجهول الحال كما يقال يعني الذي لم نعرفه بالطاعة ولم نعرفه بالفسق ايضا فاذا اخبرنا بخبر فهل يقبل خبره كالعدل ثقة او لا يقبل خبره كالفاسق - 00:09:26ضَ

فجمهور العلماء من باب الاحتياط للروايات قالوا نعامله معاملة الفاسق فلا نقبل خبره لانه يحتمل ان يكون فاسقا والاحتياط للروايات والاحكام الشرعية واجب وبعض العلماء كالحنفية اعطوه حكم العدل الثقة - 00:09:48ضَ

قالوا لان الاصل في المسلمين العدالة والله تعالى انما امرنا ان نتحقق في خبر الفاسق وهذا لم يثبت انه فاسق فنجريه على حكم الاصل ونقبل منه الرواية ولكن جمهور الفقهاء انما لاحظوا - 00:10:15ضَ

معنى الاحتياط للروايات لان مسألة الروايات ستنبني عليها احكام شرعية كثيرة فغلبوا جانب الاحتياط ولم يقبلوا خبر مجهول الحال وتلاحظون ان حكم الله في الاية جاء عاما لانه قال ان جاءكم فاسق بنبأ - 00:10:36ضَ

والنكرة في سياق الشرط كما يقول العلماء يفيد العموم فكأن الله تعالى يقول ان جاءكم اي فاسق باي نبأ فتثبتوا وهي قاعدة عامة في كل الاخبار يجب على الانسان ان يتثبت وان يتبين فيها - 00:11:02ضَ

وبناء على هذا الاصل نشأ عندنا نحن المسلمين علم جليل لا يوجد في الامم الاخرى وهو علم الجرح والتعديل بناء على هذه الاية الكريمة والتفريق بين خبر الطائع وخبر الفاسق - 00:11:26ضَ

فنشأ هذا العلم الجليل الذي خضع كل رواة الاخبار والاحاديث بميزان النقد والجرح والتعديل وتحرى العلماء والرواة عن هؤلاء الرجال ومدى انطباق العدالة والثقة في حقهم او عدم انطباقهم كل هذا بني على هذه الاية الكريمة الجليلة - 00:11:44ضَ

يا ايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا وسبب ورود هذه الاية ما رواه الامام احمد ان الوليد بن عقبة بن ابي معيط بعثه النبي صلى الله عليه وسلم لاخذ الزكاة من بني المصطلق - 00:12:13ضَ

وقد سمعوا بقدومه فخرجوا اليه جماعة هكذا فلما دنا منهم ورأى هذه الجماعة وهذا التجمع دخله الخوف والقى الشيطان في نفسه انه يريدون قتله والرجل كانت بينه وبينه مشكلة من ايام الجاهلية - 00:12:36ضَ

فنكص على عقبيه ورجع الى المدينة وكان للنبي صلى الله عليه وسلم ان هؤلاء ارادوا قتلي ومنعوا الزكاة النبي صلى الله عليه وسلم غضب من هذا وارسل سرية اليهم فجاءت السرية - 00:13:03ضَ

ولقيت رئيسهم وزعيمهم الحارث ابن ضرار وهو والد جويرية ام المؤمنين رضي الله عنها فاخبروه الخبر فقال والذي بعث محمدا بالحق ما اتانا ولا رأينا فانزل الله تعالى هذه الاية الكريمة - 00:13:23ضَ

وهذا يفيدنا ان بعض الناس قد يتوهم في احكامه وينسب الى الناس ما لم يقولوه وما لم يفعلوه بناء على وضعه النفسي وبناء على كما يقال خلفياته الثقافية وبناء على مشاعره تجاه هؤلاء القوم - 00:13:48ضَ

فان كان يحبهم حملا تصرفاتهم على المحمل الحسن وان كان يبغضهم في السره بتفسيرات اخرى كما فعل الوليد بن عقبة فهم تجمعوا لاستقباله لكنه فسر هذه الواقعة بانه تجمع لقتله - 00:14:11ضَ

وتجمع لرفض اداء الزكاة والسبب في هذا ما كان يحمله في نفسه عن هؤلاء الناس من ايام الجاهلية وهذا يدفعنا الى ان يتحرى الانسان دائما في نسبة الاقوال والافعال الى الناس - 00:14:33ضَ

ولا يتسرع في هذا ولا يتأثر برؤيته الشخصية والنفسية وينسب الى الناس ما لم يقولوه وانا امثل لهذا بمسألة لان الزمخشرية التي اشتهرت عند النحات وقالوا بان الزمخشري يقول بان لن تفيد التأبيد - 00:14:52ضَ

تفيد تأبيد النفي والواقع ان الزمخشري ما نص على هذا ولا ذكر هذا لا في تفسيره ولا في كتبه النحوية ولكن بعض العلماء الذين قرأوا كلامه ولا سيما في قوله تعالى لن تراني - 00:15:18ضَ

وهو يستشعر انه يقرأ كلام امام من ائمة المعتزلة. الذين لا يقولون برؤية الله تعالى يوم القيامة فهذه النظرة وتصنيف المتكلم بهذا الوصف دفعهم الى ان ينسبوا الى الزمخشري ما لم يقل ما لم يقله من ان لن هديت - 00:15:39ضَ

في ايد التأبيد فهكذا نستفيد من هذه الواقعة ان الانسان يجب ان يكون متجردا في الحكم على الناس. وفي تفسير الاحداث وفي تفسير وقائع فلا يفسرها بناء على وضعه النفسي وتصوراته الخاصة - 00:16:04ضَ

وانما يكون منصفا في التعامل مع الناس ثم بين الله سبحانه وتعالى الحكمة من هذا التوجيه وقال عز وجل ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ان تصيبوا قوما بجهالة - 00:16:25ضَ

الاصابة في لغة العرب احيانا تأتي في الشر واحيانا تأتي في الخير احيانا تأتي في الحسنة واحيانا تأتي في السيئة لكن الغالب انها تأتي بالسيئة كما في هذه الاية ان تصيبوا قوما بجهالة يعني تصيبوهم بشر وسوء - 00:16:45ضَ

وان كان يأتي في في الخير والحسنة ما اصابك من حسنة فمن الله وما اصابك من سيئة فمن نفسك ولكن المقصود هنا الاصابة بالشر والسوء ان تصيبوا قوما بجهالة يعني بغير علم بغير قصد - 00:17:11ضَ

وهذا في الحقيقة اشارة الى الوضع الطبيعي في المؤمن ان الانسان المؤمن لا يلحق الشر والسوء بالابرياء من الناس الا خطأ وبدون قصد المؤمن لا يلحق السوء بالابرياء من الناس - 00:17:36ضَ

عمدا وعدوانا. ليس هذا من شأنه وليس هذا من طبعه ولهذا قال ان تصيبوا قوما بجهالة هذه تزكية لهم. تزكية لاهل الايمان بانهم لا يسيئون الى الناس الا بالجهالة والخطأ - 00:17:58ضَ

مثل ما قال النملة في قصة سليمان يا ايها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون فكانت نملة عارفة خبيرة يعني تعرف اخلاق جنود سليمان عليه السلام وانهم لا يظلمون - 00:18:18ضَ

ولا يؤذون الابرياء من من الحشرات فضلا عن البشر والناس ولهذا كانت النملة هذه منصفة فقالت وهم لا يشعرون لانها تعرف انه لا يفعلون هذا عمدا وعدوانا فهذه الاية تشير الى ان الشأن في المؤمنين انهم لا يلحقون الاذى بالابرياء الا خطأ - 00:18:43ضَ

وجهلا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين فيندم الانسان لماذا؟ لان الانسان يستطيع ان يمنع وقوع المفسدة قبل الفعل ولكن اذا فعل الشيء او قال الكلمة انتهت خرجت - 00:19:13ضَ

خرج الامر من يديه وخرج الشأن من عنده كما قال ذاك الشاعر فداويته بالحلم والمرء قادر على سهمه ما دام في يده السهم ما دام في يده السهم. وسام ما دامت في يدك - 00:19:37ضَ

ما دام في يدك فانت تملكه. لكن اذا انطلق السهم وخرج فانك لا تستطيع ان ترده كما قال بعض السلف الصالح اذا اردت امرا فتدبر عواقبه فان كان خيرا فامضه. وان كان شرا فاتركه - 00:19:57ضَ

وهذه الاية تؤكد لنا القاعدة اصولية التي سماها ابو اسحاق الشاطبي بقاعدة اعتبار المآلات قاعدة اعتبار المآلات بمعنى اننا في تصرفات والافعال يجب ان ننظر الى النتائج والاثار المترتبة على هذا الفعل - 00:20:22ضَ

فاذا كان الفعل تترتب عليه مصالح راجحة فالفعل المطلوب المباشر واذا كان يؤدي الى مصالح الى مفاسد راجحة فالمطلوب من المكلف الترك وبناء على هذا جاءت عندنا قاعدة فتح الذرائع وسد الذرائع - 00:20:48ضَ

بمعنى ان الفعل الجائز اذا كان يؤدي الى مفسدة راجحة فيمنع منه سدا للذريعة. واذا كان الفعل الجائز في ذاته يؤدي الى مصلحة راجحة فانه يكون مطلوبا شرعا. ان يباشر وان يفعل - 00:21:12ضَ

فهذه الاية الكريمة تربينا على هذا المبدأ على مبدأ النظر في العواقب والنظر في المآلات والنظر فيما ينشأ عن الافعال من المصالح والمفاسد وكما قالوا في في الحكمة من من تدبر العاقبة امن الندامة - 00:21:32ضَ

من تدبر العاقبة امن الندامة كثير من الناس لا يتدبرون في النتائج فيتصرف التصرف او يقول الكلمة ولكنه بعد ذلك يندم ندمت ندامة الكسعي لما غدت مني مطلقة نواب القى تلك الكلمة - 00:21:57ضَ

من الطلاق تهورا ثم بعد ذلك لما ذهب غضبه ندم على ما فعل. وهذا كثير في في الناس اليوم ولا سيما في العلاقات الزوجية قد يطلق الرجل في لحظة غضب ولا يتدبر العواقب. ولا ينظر في مسألة الاولاد والاطفال وما يترتب على الطلاق من المفاسد - 00:22:20ضَ

فيتعجل فالطلاق وصارت كلمة الطلاق سهلة عنده ولكن بعد ان تذهب السكرة وتأتي الفكرة يندم الانسان على وربما لا يجد له مخرجا. يأتي وقد طلقها طلاقا ثالثا ويجري عند المفتي يدور له على رخصة - 00:22:44ضَ

احد يرجع له هذه الزوجة ويتحملها المفتي يوم القيامة ويقول من قلد عالما لقي الله سالما فهذا كله بسبب اغفال هذا المبدأ الذي اشار اليه القرآن الكريم ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين - 00:23:09ضَ

تصبحوا يعني تصيروا فمعناها الصيرورة لان اصبح في اصل لغة العرب معناه دخل في الصباح فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون او تقول اصبحنا واصبح الملك لله. اي دخلنا في الصباح - 00:23:31ضَ

لكن هنا ليست بهذا المعنى هنا بمعنى الصيرورة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين. يعني فتصيروا نادمين على ما فعلتم ثم قالوا واعلموا ان فيكم رسول الله صلى الله عليه وسلم - 00:23:50ضَ

هذا من باب الامتنان والامتنان هذا اسلوب من اساليب التربية امتنان هو التذكير بالاحسان ان تذكر الطرف الاخر بالنعم وباحسانك وهذا حسن من الله تعالى لانه هو المنعم حقيقة على الخلق - 00:24:09ضَ

كل كل نعمة راجعة اليه سبحانه فالامتنان من الله حسن في كل الاحوال ولكنه قبيح من الخلق في اكثر الاحوال ولهذا قال الله تعالى لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى يعطي الفقير ثم يمن عليه. وكل ما جاءت فرصة يذكره باحسانه - 00:24:32ضَ

وبصداقته وزكاته وهذا لا شك انه سيبطل العمل وكما قيل المن يهدم الصنيعة المن يعني الامتنان يهدم الصنيع. يعني يفسد الاحسان اما في حالة واحدة وهي اذا ما وقع النكران - 00:25:01ضَ

اذا اذا انكر المنعم عليه النعمة فان المن يكون حسنا بهذه الحالة لانه يكون من باب تذكير بالحق ومن باب الاعتراف لاهل الفضل بفضله ولهذا قالوا اذا كفرت النعمة حسنت المنة - 00:25:25ضَ

اذا كفرت النعمة يعني جحدها الجاحد المنعم عليه. حسنت المنة في هذه الحالة لانك ترده الى الصواب وما يجب عليه من الاعتراف بالفضل لاهله فالله تعالى يربينا بالتذكير بهذه النعم - 00:25:49ضَ

ومن اجلها هذه النعمة واعلموا ان فيكم رسول الله هذه النعمة يعرفها اهل المدينة بالذات دون غيرهم من الخلق ليش لان هذه النعمة اختصوا بها من بين الخلق فالرسول صلى الله عليه وسلم فيهم حيا وميت - 00:26:11ضَ

كان يعيش في هذه البقعة في حياته وهو بعد وفاته مدفون في هذه البقعة المباركة فهذه منة يتذوقها اهل المدينة اكثر من غيره وكان الصحابة يفتخرون بهذه النعم عبد الله بن رواحة في قصيدته المشهورة يقول وفينا رسول الله يتلو كتابه اذا انشق معروف من الفجر ساطع - 00:26:35ضَ

وفينا رسول الله يعني يفتخر بهذه النعمة فاهل المدينة كذلك حق لهم ان يفتخروا بهذا وفينا رسول الله واعلموا ان فيكم رسول الله وهذه نعمة نعمة من وجوه كثيرة اولا ان وجود رسول الله صلى الله عليه وسلم امان من العذاب - 00:27:05ضَ

كما قال الله تعالى في كتابه وما كان الله ليعذبهم وانت فيهم فوجوده بين هؤلاء امان من العذاب العام وهو نعمة من جهات اخرى فهم يتعلمون منه صلى الله عليه وسلم - 00:27:28ضَ

ويتأسون به ويرونه يفعل الافعال فيكتسبون من هديه واخلاقه صلى الله عليه وسلم ويحصل لهم من البركة والعلم ما لا لغيره كما حظي بهذا اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - 00:27:47ضَ

فهذه نعمة يمتن الله تبارك وتعالى بها على اهل الايمان واعلموا ان فيكم رسول الله ثم قال لو يطيعكم في كثير من الامر لعنتم لاحظوا التعبير لو يطيعكم ما قال لو اطاعكم بالماضي - 00:28:08ضَ

جاء بالمضارع الذي يفيد الاستمرار للاشارة الى ان الصحابة كانوا يرغبون في ان يستمر طاعة النبي صلى الله عليه وسلم لهم وتلبية رغباتهم وامنياتهم وهم يرغبون في ان يستمر هذا من رسول الله - 00:28:28ضَ

تعبير بالمضارع يكشف عن هذه الرغبة الجامحة في نفوس الصحابة ان النبي صلى الله عليه وسلم يلبي لهم كل ما يشتهون ويرون لكن الله تعالى قال لو يطيعكم في كثير من الامر لعنتم - 00:28:49ضَ

يعني لو وقعتم في العنت وهو المشقة الزائدة لماذا؟ لان منهجه صلى الله عليه وسلم لم يكن قائما على العنت وانما كان منهجه في الحياة كان قائما على التيسير ثم قالت السيدة عائشة رضي الله عنها ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين امرين الا اختار ايسرهما ما لم يكن اثما - 00:29:08ضَ

وهذا من رحمته صلى الله عليه وسلم وشفقته لا يريد ان يشق على الناس وكان يترك العمل الذي يحبه خشية ان يفرض على الناس ولولا ان اشق على امتي لامرتهم بالسواك - 00:29:38ضَ

ولولا كذا وكذا لما تركت سرية الا خرجت فيها كل هذا من رحمته وراثته صلى الله عليه وسلم بامته لو يطيعكم في كثير من الامر لعدمتم مثل الاية الاخرى ولو اتبع الحق اهواءهم لفسدت السماوات - 00:29:52ضَ

ولكنه صلى الله عليه وسلم كان يراعي المصلحة ويراعي التيسير على الناس يرحمك الله يراعي التيسير والمصلحة على الناس وهذا يدلنا على ان الاصل في القائد والاصل في الامام والاصل في الرئيس انه لا يتبع رغبات الشعوب - 00:30:12ضَ

كل ما طلبوا شيء يفعله لهم لمجرد انهم يطلبون هذا وانما واجب النصيحة للامة ان يتحرى المصلحة في هذه الاشياء وان يزن رغبات الشعوب ورغبات الناس بميزان الشرع والمصلحة. ويجتهد في هذا ويتحرى ويأخذ بما يراه حقا - 00:30:35ضَ

وصوابا ويتحمل هو مسؤولية هذا امام الله سبحانه وتعالى وتتبعه الامة في هذا لانه لو كان العكس لانقلب الامر لصار الرئيس مرؤوسا والمرؤوس رئيس والنبي صلى الله عليه وسلم انما جاء اماما وهاديا - 00:30:58ضَ

فلو اتبعهم في رغباتهم لكان هو التابع بينما الواجب عليهم هم ان يتبعوه صلى الله عليه وسلم وان يسيروا في طريقه وان يتبعوا خطاه عليه الصلاة والسلام واعلموا ان فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الامر لعنتم - 00:31:19ضَ

ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان فسوق العصيان المقصود بالفسوق مخالفة النهي والعصيان مخالفة الامر لان الفسوق من من حيث الاستعمال الشرعي في الغالب انما يستخدم في مخالفة النهي - 00:31:42ضَ

في مخالفة النهي كما قال تعالى ولا يضار كاتب ولا شهيد وان تفعلوا فانه فسوق بكم يعني خالفتم هذا النهي فهذا فسوق بعكس المعصية فالغالب انها تستخدم في مخالفة الامر - 00:32:18ضَ

وليس النهي. كما قال تعالى افعصيت امري وقال لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون ولكن هذا على الغالب ليس مضطردا والا فالله تعالى سمى مخالفة ادم عليه السلام - 00:32:36ضَ

سماه معصية فعصى ادم ربه وعصى ادم ربه فغوى وادم انما خالف ايش النهي وليس الامر انه نهاه عن اكل الشجرة وابليس امره الله بالسجود فخالف الامر فسمى الله مخالفته معصية - 00:32:56ضَ

الا ابليس كان من الجن وسماه فسوقا الا ابليس كان من الجن ففسق عن حمر ربي لكن هذا على القليل النادر ولا الغالب هو الاول ويكون محتما عندما يجتمع اللفظان في اية واحدة. كما في هذه الاية الكريمة - 00:33:23ضَ

اكره اليكم الكفر معروف الشرك والخروج من الدين والفسوق وهو مخالفة النهي والعصيان مخالفة الامر هذا ايضا من باب الامتنان بعد ان امتن عليهم بوجود رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه - 00:33:45ضَ

وما جبله عليه من التيسير والبعد عن ايقاع المشقة في الناس او ايقاع الناس في المشقة جاء ليمتن عليهم بهذه النعمة الاعظم وهي نعمة الايمان والهداية ويقول لهم لا تحسبوا ان ما انتم عليه من الخير والايمان والهدى والرشاد والبعد عن الفسوق والعصيان ان هذا - 00:34:09ضَ

حولكم وقوتكم لو ان هذا انما هي نتيجة لازمة للاسباب لا انما هو فضل من الله ومنة هو الذي حبب اليكم الايمان لو ما حبب الى قلوبكم الايمان لكنتم مثل - 00:34:37ضَ

الكفار الجاهلين وهو الذي كره اليكم الكفر والفسوق والعصيان وهذا يدلك على ان اصل الاستقامة يبدأ من القلب انما يحب الانسان الطاعة يذهب اليها وعندما يبغض المعصية ينفر منه فاصل الاستقامة والطاعة مبدأه من القلب. ازرع - 00:34:54ضَ

الايمان في القلب تنقاد الجوارح بعد ذلك لطاعة الله سبحانه وتعالى والعكس بالعكس اذا الزمت الجوارح بالطاعة واغفلت القلب ويوشك ان يرجع الرجل الى جاهليته في اول امتحان. وفي اقرب فرصة - 00:35:25ضَ

الاوان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله الا وهي القلب فذكرهم بهذه النعمة حتى لا يقع في غرور التدين آآ مرض يصيب اهل الدين والاستقامة - 00:35:47ضَ

يستقيمون على الطاعة وفي غفلة من مراقبة القلب يقعون في هذا المرض وهو مرض الغرور بالنفس والعجب بها وكان هذه الطاعات هو الذي اوجبها لنفسه وان هذه الهداية هو الذي حققها لنفسه - 00:36:11ضَ

وانما الذي يهدي ويوفق الانسان للطاعة هو الله سبحانه وتعالى كفى من جزاءه اياك على الطاعة ان رضيك لها اهلا كفى من جزائه اياك على الطاعة ان رضيك لها اهلا. ان تحمد الله انه هو اصطفاك وجعلك من اهل الطاعة. هذي اكبر جزاء - 00:36:36ضَ

انه جعلك اهلا لان تقف بين يديه وتناجيه وتسبحه وتستغفره وتقبل اليه وتقف في هذه المقامات الشريفة بين يدي الله سبحانه وتعالى ليس هذا بحول منك ولا قوة لكنها توفيق - 00:37:01ضَ

وهداية من الله سبحانه وتعالى فضلا من الله ونعمة فالانسان يستشعر هذا وكما قال بعض الصالحين انكسار العاصي خير من صولة المطيع انكسار العاصي يعني الانسان العاصي يكون منكسرا وخائفا من الله وينظر الى نفسه بعين يعني الازدراء - 00:37:19ضَ

هذا احب الى الله من الطائع الذي ينظر الى الناس من علم ويعجب بنفسه ويظن ان هذه الطاعة والهداية والرشد الذي هو عليه هو بحوله وقوته كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم - 00:37:48ضَ

فهي عبارة عن منة من الله سبحانه وتعالى فهذه تربية لنا من خلال هذه الاية الا نعجب بانفسنا ولا نتعلق بالاسباب والاعمال نعم نباشرها لان الله امرنا بها ولكن في طاعاتنا نقول يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك - 00:38:12ضَ

فان الانسان لا يأمن على نفسه الفتن ولهذا كان من اكثر دعائه صلى الله عليه وسلم في سجوده هذا الدعاء اللهم يا مقلب القلوب تنبت قلبي على دينك فهذه الاية تأتي لتربينا على هذا المعنى - 00:38:36ضَ

فضلا من الله ونعمة ثم بعد ذلك تنتقل هذه الايات الى قضية اخرى مهمة وهي منهج التعامل مع الازمات الداخلية للامة كيف نتعامل او كيف نعالج الصراعات الداخلية والفتن الداخلية بين الامة - 00:38:57ضَ

ويقول سبحانه وتعالى وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهم وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ما قال اقتتلتا بالتثنية لان طائفتين وان كانا مثنى من حيث اللفظ لكنه جمع من حيث المعنى - 00:39:25ضَ

لان الطائفة هي الجماعة من الناس ولهذا جاء بصيغة الجمع ثم قال من المؤمنين وهذا يدلنا على ان هذه الامة المرحومة ليست معصومة من الخلاف وانها امة يمكن ان تختلف كما يختلف البشر - 00:39:47ضَ

بل ان خلافها قد يصل الى حد القتال والحرب وسفك الدماء وكما تذكرون النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه الى الله طلب الضمانة لهذه الامة الا تنزلق في مسألة في مسألة الاقتتال الداخلي فيما بينهم - 00:40:07ضَ

تبقى جالس في صحيح مسلم النبي صلى الله عليه وسلم قال سألت ربي ثلاثا فاعطاني اثنتين ومنعني واحدة سألته الا يهلك هذه الامة بسنة عامة فاعطانيها. وسألته الا يهلك امتي بغرق عام - 00:40:32ضَ

واعطانيها وفي رواية بدل الغرق الا يسلط عليها عدوا من سوى انفسها فاعطانيها وسألته الا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها ما اعطاني بل قال في الحديث الاخر اذا وقع السيف في امتي فانه لا يرفع الى يوم القيامة - 00:40:51ضَ

فهذه الامة رغم شرفها ورغم فضلها وميزتها ليست معصومة من الوقوع في هذه الفتنة فتنة الاقتتال والصراع الداخلي هذا ولكن الله سبحانه وتعالى لا يترك هذه الامة لهذه المقادير والاحداث ولكن يعطيها المنهج لمعالجة هذه الازمات - 00:41:17ضَ

الدموية هذه ويقول وان طائفتان من المؤمنين ويشير الى ان هذا القتال وهذه الازمة الحادة حتى ان وصلت الى استباحة الدماء فان هذا الفعل لا يخرجهم عن دائرة الايمان ولهذا قال من المؤمنين وان طائفتان من المؤمنين - 00:41:45ضَ

ووصفهم بالايمان مع انهم يقتتلون مع بعضهم بل ان فيهم فئة باغية على الفئة الاخرى ومعانا وصفهم بالايمان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حفيده الحسن ان نبني هذا سيد ولعل الله يصلح به بين فئتين من مين - 00:42:07ضَ

من المسلمين ووصفهم جميعا بانهم من المسلمين لماذا؟ لانهم تحاربوا فيما بينهم اجتهادا وكل كان يظن ان الحق في جانبه تأتي هذه الاية لتبين لنا المنهج وان منهج التعامل مع هذه الصراعات الدموية - 00:42:32ضَ

يتمثل في مرحلتين المرحلة الاولى هي مرحلة الاصلاح والمرحلة الثانية هي مرحلة الحزم فالمنهج اذا منهج يجمع بين الحكمة والحزم وبين الرفق والقوة في نفس الوقت بيستخدم الرفق والرحمة في - 00:42:58ضَ

في محلها ثم يستخدم القوة والحزم في محله ايضا فهو منهج في غاية الحكمة. وهذا اصل في معالجة كل المشكلات انك تبدأ بالاسلوب الارفق والالين ثم تترقي الى الاشد والاقوى - 00:43:24ضَ

كما في معالجة المرأة المتمردة تسمى بالناشز والله تعالى قال فعظوهن طيب بعدين واهجروهن في المضاجع. وبعدين؟ واضربوهن فترقى اخذ بالاسلوب الارفق وهو الموعظة ثم ترقى الى ما هو اشد ثم ترقى الى ما هو اشد - 00:43:48ضَ

فهذا منهج في معالجة المشكلات والازمات انك تبدأ بالاساليب الرفيقة التي تحقق المقصود دون ان توقعنا في مفاسد جانبية فالله تعالى شرع لنا هذا المنهج فقال اولا فاصلحوا بينهما وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهم - 00:44:11ضَ

فامر بالاصلاح ولاحظوا الاصلاح اكد عليه وكرره ثلاث مرات فاصلحوا بينهما ثم قال فاصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا ثم قال فاصلحوا بين اخويكم عشان يؤكد ان هذا هو الاصل ان الاصلاح بين الاطراف المتقاتلة هذا هو الاصل الذي تحرصون عليه وترجعون اليه - 00:44:38ضَ

لكن الفرق بين المواضع الثلاثة انه في الموضع الثاني قال واصلحوا بينهما بالعدل وقيد الاصلاح بان يكون قائما على العدل وهو اعطاء كل ذي حق حق لماذا قيده هنا وما قيده في - 00:45:05ضَ

في المواضيع الاخرى لان الاصلاح الثاني هذا امر به بعد القتال والقتال اذا وقع فان الاصلاح مظنة الظلم والحيف ليش لان النفوس مشحونة بسبب الدماء التي سالت والثارات التي ربما يفكر فيها البعض فيدفعه هذا الى ظلم الاخرين - 00:45:24ضَ

قال له لا انتبه الاصلاح يجب ان يكون قائما على العدل وكرر الاصلاح قبل القتال وبعد القتال ليعلمنا ان الاصلاح باب مفتوح في كل المراحل. ما هي مرحلة تيجي في الاول وخلاص نقفل الباب - 00:45:52ضَ

لا حتى لو دخلنا في المرحلة الثانية وحصل القتال ثم ارادوا ان يرجعوا الى الاصلاح ينبغي ان نحرص عليه والاصلاح هو الاساس فاصلحوا بينهما وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما. فان بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي - 00:46:16ضَ

وحتى تفيء الى امر الله هذه المرحلة الثانية. وهذه المرحلة الثانية هي مرحلة الحزم والوقوف مع المظلوم ضد الظالم ومع صاحب الحق ضد الباطل ولكن هذه المرحلة لا يجوز اللجوء اليها - 00:46:41ضَ

الا بعد استنفاذ كل الوسائل والطرق في المرحلة الاولى ووصلنا الى ما يشبه اليقين انه ما في فايدة من الاصلاح وانه المسألة معقدة والازمة مركبة وبعد ان نصحنا ووعظنا وبينا - 00:47:04ضَ

لم تتحقق هذه النتيجة وهنا ننتقل للمرحلة الثانية وننظر اين الظالم واين المظلوم اين الحق واين الباطل سنكون من جنود الحق ونكون من جنود المظلومين. ننصر المظلومين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم انصر اخاك ظالما او مظلوما. قال اانصره مظلوما؟ يعني واظح. فكيف انصره ظالما - 00:47:25ضَ

قال ان تمنعه من الظلم وهنا قال الله تعالى فان بغت احداهما والبغي هو الظلم والعدوان فان بغت احداهما على الاخرى اي على الطائفة الاخرى وقاتلوا التي تبغي فامر بالقتال - 00:47:52ضَ

والحزم وهذا القتال كما يقول العلماء هو قتال ضرورة وليس قتال اصل قتال ضرورة يعني ما نلجأ اليه الا في حالة الضرورة ونقتصر على قدر الضرورة. لان الضرورة تقدر بقدرها - 00:48:12ضَ

ولهذا لو القوا السلاح عففنا عن القتل كما قال علي للخوارج قال لا نقاتلهم حتى يقاتلونا لانه قتال ضرورة ولهذا لو القوا السلاح انتهت المعركة ولا يجوز ان يقتل الجريح - 00:48:33ضَ

ولا ان يطارد الهارب منه ولا ان يقتل الاسير منه ولا تقسم اموالهم ليش؟ لانه ضرورة قتال ضرورة والضرورة تقدر بقدرها وقد توقف القتال والله تعالى علل لانه قال فان بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي - 00:48:56ضَ

هنا عندنا حكم وعندنا علة اين الحكم فقاتلوا اين العلة تبغي البغي فليست العلة اختلاف الاراء. او حتى اختلاف العقائد يعني لو كانوا على عقيدة خارجة عن عقائد الصحابة الخوارج مثلا او المعتزلة - 00:49:24ضَ

لا يحاربون من اجل عقائدهم وانما يحاربون لبغيهم وظلمهم ولهذا لو كانوا على عقيدة فاسدة وكفوا عن القتال يكفوا عنه لان هذا قتال ضرورة من باب ارتكاب اخف الضررين لانه لو ترك لهذه الفئة الظالمة ان تظلم وان تفسد في الارض بدون ردع لانتشر الفساد - 00:49:49ضَ

الامة ولكن من باب ارتكاب اخف الضررين فتقاتل الفئة الباغية حتى تفيء الى امر الله. هذه غاية وهي قيد في الحكم ولا تقربوهن حتى يطهرن. هذه زيها. حتى تفي الى امر الله - 00:50:15ضَ

يعني فاذا فائت الى امر الله انتهت المعركة ووجب الكف عن القتال. لماذا؟ لان الاصل تحريم القتال بين المسلمين كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه فهذا هو الاصل القطعي الذي نرجع اليه - 00:50:38ضَ

بمجرد ارتفاع حالة الضرورة وان بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى امر الله وهو قتال ضروري وهو يعني من باب يعني ما ما قال الشاعر ومن يعصي اطراف الزجاج فانه يطيع العوالي - 00:51:02ضَ

ركبت كل لهدم العرب كانوا اذا قابلوا العدو كانوا يجعلون الطرف الاسفل للرمح للامام ليتفاوضوا معه. واذا تفاوضوا وتصالحوا رجعوا. اذا ما مشى الصلح قلبوا الرماح. وجعلوا رؤوسها الى الامام - 00:51:26ضَ

فلهذا قال آآ زهير بن ابي سلمة ومن يعصي اطراف الزجاج يعني اطرافه السفلى فانه يطيع العوام ركبت كل الاهداف وكما قيل من من عصى الصوت اطاع السيف صوتي عن الموعظة او السوط يصح ايضا - 00:51:48ضَ

يعني من عصى سوط اطاع السيف واللي ما يمشي بالمروءة يمشي بالقوة هذا هو من هذا الباب فهذا الموقف الحازم من هذا الباب ولكن لا يأتي هذا الموقف الحازم الا بعد استنفاذ كل الوسائل التي تؤدي الى الاصلاح - 00:52:14ضَ

راح وتأليف القلوب وكف آآ الدماء والاقتتال والسيوف بين المؤمنين فهذا هو الاصل ولا يخرج عنه الا للضرورة وبمجرد زوال الضرورة وتحقق المصلحة نرجع الى الاصل المتيقن وهو تحريم القتال والاقتتال بين المسلمين - 00:52:38ضَ

كما قال صلى الله عليه وسلم اذا التقى المسلمان بسيفيهما والقاتل والمقتول في النار القاتل والمقتول في النار ولكن اذا ابت هذه الطائفة وبغت احداها وظهر لنا الحق فيجب ان نقف مع الحق حتى لو ادى الى قتال الطائفة - 00:53:01ضَ

تنبغي وما جاء عن بعض آآ السلف الصالح من الكف في الاحداث التي وقعت مع الخوارج وغيرهم كمحمد بن مسلمة وسعد بن ابي وقاص وعبد الله بن عمر وابي ذر الغفاري. فهذا كما يقول العلماء محمول - 00:53:22ضَ

على صور غير هذه الصورة التي نص عليها القرآن محمولة على صورة عدم اتضاح الحق اذا لم يتضح الانسان الحق مع اي الطائفتين وجب عليه ان يعتزل كذلك اذا كان الاقتتال من اجل الدنيا وليس من اجل الدين - 00:53:45ضَ

من اجل السلطة كذلك يجب فعلى الانسان ان يعتزل هؤلاء ويوشك ان يكون خير غنم مال المسلم غنما يتبع به شعث الجبال ومواقع الطير وهنا تطيب العزلة لاهل الايمان ولكن عندما يكون الحق واضحا جليا فالواجب نصرة الحق - 00:54:07ضَ

والوقوف امام الباطل ثم قال الله سبحانه وتعالى فان فائت فاصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا ان الله يحب المقسطين يعني يحب العادلين اقسطها ومقصد بمعنى عدل بخلاف الثلاثي قصد فهو قاصد يعني جار وظلم - 00:54:31ضَ

والرباعي محمود والثلاثي مذموم واما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا الله تعالى في هذه الاية يؤكد على مسألة القسط والعدل حتى ولو وقعت الدماء وسالت وآآ تأثرت النفوس وامتلأت بالكراهية لا يخرجك عن العدل الواجب - 00:54:55ضَ

لان العدل واجب حتى مع الكفار المحاربين والله سبحانه وتعالى يقول واقسطوا يؤكد العدل ان الله يحب المقسطين هذه اول جائزة للعدل اول جائزة من جوائز العدل والقسط ان الله يحبك - 00:55:18ضَ

ماذا نريد اكثر منها ماذا يريد الانسان اكثر من هذا ان يكون محبوبا لرب العالمين سبحانه وتعالى هذه اعظم جائزة ويقصدوا ان الله يحب المقتسطين مع انه في جوائز اخرى كثيرة للناس المعروفين بالعدل والانصاف في احكامهم ومواقفهم وحياتهم - 00:55:40ضَ

كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم المقسطون يوم القيامة عند الله عز وجل على منابر من نور وفي رواية من لؤلؤ على منابر من نور عن يمين العرش - 00:56:01ضَ

تكريم حفل تكريمي هذا في المنصة يعني ما الذي اوصلهم الى هذا؟ العدل والايصاف العدل والانصاف ولهذا جاء في اخر الحديث الذين يعدلون في حكمهم ومع اهلهم وعلى ما ولوا - 00:56:20ضَ

وبالتالي تدخل كل الولايات في هذا ومن حرص على العدل والانصاف في احكامه فانه يكرم بهذا التكريم يوم القيامة ثم اكد الله تعالى هذه المعاني بالاشارة الى دوافع هذا المبدأ - 00:56:41ضَ

وهو اختيار الاصلاح اساسا لمعالجة هذه الازمات فيقول انما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين اخويكم الاصل كان يقول فاصلحوا بينهم لانه ذكرهم في انما المؤمنون فالاصل هو التعبير القرآني ان يقول بينهم - 00:57:00ضَ

فيأتي بالضمير لكن القرآن من بلاغته عدل عن الضمير الى الاسم الظاهر وقال بين اخويك للاشارة الى معنيين في تعبير واحد المعنى الاول هو ان مبدأ الاصلاح بين المختلفين والمتقاتلين ليس محصورا على القتال بين جماعة وجماعة وطائفة وطائفة او شعب وشعب - 00:57:24ضَ

وانما يقول القرآن حتى وان كان هذا الاقتتال بين اثنين بين شخصين فقط لان اقل ما يقع البغي والظلم بينهم اثنان فقال حتى لو وقع هذا البغي والظلم بين اثنين فقط فلا تستهينوا بهذا المبدأ - 00:57:53ضَ

لان القتال ابو اثنين ممكن يتحول الى قتال بين طائفتين بعد فترة وكل حروب الجاهلية تجدها هكذا. في البداية كانت بين بين اثنين ثم توسعت وصارت بين قبيلتين القرآن يقول حتى لو وقع هذا الاقتتال بين شخصين فقط فبادروا بالاصلاح - 00:58:14ضَ

ولا تهملوا هذا والفائدة الثانية هي الاشارة الى اهم دافع من دوافع الاصلاح وهو الاخوة الايمانية بين اخويكم وهو يشير الى ان هذا الذي تقاتله هو اخوك والانسان كيف يقاتل اخاه - 00:58:39ضَ

هذا الدافع الاول. الدافع الثاني هو الايمان. ولهذا قال انما المؤمنون اخوة فهناك دافعان يدفعانك الى الاصلاح والتنازل عن بعض الاشياء وهو رابطة الايمان ورابطة الاخوة ما دام مؤمنا مثلك وهو اخوك ايضا فالواجب عليك ان تسعى الى الاصلاح - 00:59:00ضَ

حتى وان تنازل الانسان عن شيء من حقه لان الاصلاح لا يتأتى الا بتنازل اصحاب الحقوق عن شيء من حقوقي كما تنازل الحسن ابن علي عن الخلاف نزعة نبوية تنازل عن الخلافة. الدنيا هينة عنده - 00:59:26ضَ

اخذه من جده رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ما كانت الدنيا تسوى عدوش نتنازل عن الخلافة وايش هي الخلاف؟ تسفك الدماء عشان سلطة تتنازل عنها واستحق بهذا ان يكون سيدا - 00:59:50ضَ

ان نبني هذا السيد في القرآن يشير الى دوافع هذا الاصلاح. وان الايمان اولا والاخوة ثانيا يقتضيان من الامة ان تحرص على مبدأ الاصلاح انما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين اخويكم - 01:00:07ضَ

ثم قال واتقوا الله لعلكم ترحمون طبعا الانسان قد يتساءل انه يعني الايات الاولى كانت في مسألة نقل الاخبار والتثبت في نقل الاخبار وفجأة رحنا الى عالم الخصومات وعالم الصراعات والقتال والحرب يعني ما العلاقة بين هذا وهذا - 01:00:29ضَ

بالمناسبة ظاهرة بينهما لان عدم التثبت في نقل الاخبار هو من اعظم اسباب الفتن بين المسلمين من اعظم اسباب الاقتتال والفتن بين المؤمنين هو تناقل الاخبار وينقل هذا خبرا عن الاخر - 01:00:52ضَ

فيغضب اناس لهذا الخبر ولا تزال الاخبار تروح وتجيء حتى تشحن هذه النفوس بالعداوة تجاه الفريق الاخر. ثم في النهاية تفرغ هذه الشحنات بالقتال والحرب وسفك الدماء كما قال الشاعر فان النار بالعودين تذكى وان الحرب اولها الكلام - 01:01:13ضَ

قالوا لاعرابي صف لنا الحرب بل الحرب اولها شكوى واوسطها نجوى واخرها بلوى تصيح عجيب ما شاء الله اولها شكوى يا هذا يشتكي من الاخر ولا الاخر يشتكي من الاول - 01:01:41ضَ

وفلان فاسد وفلان ضال وفلان كذا وكذا ويبدأ كل طرف يشتكي من الاخر ويتهمه بالظلم. ثم يتناقل الاخبار واوسطها نجوى والجماعة دول اجتمعوا هاي يا جماعة ايش نسوي الان فعلوا بنا كذا وكذا وقالوا فينا كذا وكذا والاخرون كذلك - 01:02:03ضَ

واخرها بلوى اذا وقعت الحرب بعد ذلك عجز الحكماء عن ايقافها وما الحرب الا ما علمتم وذقتم وما هو عنها وما هي عنها بالحديث المرجم فهذه المناسبة بان الله سبحانه وتعالى لما تكلم عن مبدأ التثبت في نقل الاخبار - 01:02:25ضَ

وعدم التعجل فيها اشار بعد ذلك الى مسألة الفتن الداخلية والصراعات الداخلية وكيف نعالجها؟ لان هذه من اعظم اسباب هذه ثم ختم هذا كله فقالوا اتقوا الله لعلكم ترحمون اتقوا الله - 01:02:49ضَ

لو اخذنا بمبدأ تقوى الله ما وقعت هذه النزاعات لو اتقينا الله في دماء الاخرين واعراضهم ما وقعت الفتن بين المسلمين لكن عندما نستهين باعراض الناس وحقوقهم واموالهم ودمائهم تسهل بعد ذلك - 01:03:10ضَ

فالله سبحانه وتعالى ختمها بهذه الخاتمة المناسبة واتقوا الله ثم قال لعلكم ترحمون ولعل هذه في لغة العرب للترجي والرغبة والطمع في حصول الشيء وهذا صحيح ولكن في حق بحق المخاطب وليس بحق المتكلم وهو رب العالمين - 01:03:32ضَ

فهو في حق المخاطب يولد في نفسه الرجاء واتقوا الله لعلكم ترحمون. يعني اذا اتقيتم الله فانتم ترجون رحمة الله اما في حق الخالق المتكلم سبحانه وتعالى والرحمة قد اوجبها لهذه الفئة - 01:03:57ضَ

فقال سبحانه وتعالى ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم باياتنا يؤمنون ولهذا قول العلماء بان لعل من الله واجب او عسى من الله واجب وهذا المقصود والمقصود بالنسبة للمخاطئ - 01:04:15ضَ

وليس بالنسبة للمتكلم فالله سبحانه وتعالى يقول واتقوا الله لعلكم ترحمون فاتى بهذه الصيغة حتى يولد في قلبك الرجاء في رحمة الله سبحانه وتعالى والا لو اتقيت الله حقا فان الله سبحانه وتعالى سيكرمك حتما بالرحمة - 01:04:37ضَ

كتب ربكم على نفسه الرحمة وساكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من المتقين وان يرحمنا برحمته انه ولي ذلك والقادر عليه. اللهم اصلح لنا نياتنا وذرياتنا - 01:05:00ضَ

واصلح امة محمد صلى الله عليه وسلم. والف بين قلوب المسلمين واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين وصلى الله وسلم على رسوله الامين وعلى اله وصحبه اجمعين - 01:05:18ضَ