تفسير ابن كثير | سورة الأنبياء

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبدالرحمن العجلان | 10- سورة الأنبياء | من الأية 48 إلى 56

عبدالرحمن العجلان

نذكر المؤمنين بمآلهم الى الله جل وعلا يذكر المؤمنين بما اعد الله جل وعلا لهم في الدار الاخرة وينذر الناس بما في الاخرة من العذاب الاليم فهو ذكرى وموعظة لكن لمن - 00:00:00ضَ

للناس كلهم لا ذكرى وموعظة لمن اراد الله جل وعلا هدايته واستقامته واما من لم يرد الله هدايته واستقامته فليس بذكرى له ولا موعظة. وانما هو حجة حجة الله على خلقه الكتب المنزلة - 00:00:34ضَ

والرسل المرسلة حجة الله على خلقه وذكرى للمتقين المتقين الذين اتقوا الله جل وعلا بفعل الاوامر وترك النواهي وتقوى الله جل وعلا فسرت اقوام كثيرة للعلماء رحمهم الله من اجمعها - 00:01:05ضَ

ما قاله بعضهم تقوى الله بان تعمل بطاعة الله على نور من الله رجاء ثواب الله وان تترك معصية الله على نور من الله خوفا من عقاب الله كعمل الطاعة - 00:01:42ضَ

لانها طاعة ولان الله يحبها وانت ترجو ثوابها وتترك المعصية لانها معصية ولان الله يبغضها وانت تخاف عقاب الله جل وعلا وذكرى للمتقين من هم الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون - 00:02:15ضَ

يخشون ربهم بالغيب يخشون عذاب الله وهم لم يروه وهو غائب عنهم لم يشاهدوه او وهم مغيب عنه الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون. الساعة القيامة ومشفقون بمعنى خائفون وجلون - 00:02:53ضَ

يحذرون عقاب الله جل وعلا فيها فهم يخشون عقاب الله جل وعلا والمرء كلما كان بالله اعرف فهو منه اخوف اذا عرف ربه حقيقة خاف منه ولهذا من اشد العالم خوفا - 00:03:44ضَ

الملائكة عليهم الصلاة والسلام والرسل عليهم الصلاة والسلام لانهم عرفوا ربهم حقيقة ثم يليهم العلماء المحققون العلماء العاملون بعلمهم كما قال الله جل وعلا انما يخشى الله من عباده العلماء - 00:04:19ضَ

العالم الذي عرف حق الله جل وعلا يخشاه ويخافه اكثر من غيره الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون خائفون من عذاب الساعة خائفون لا يدرون الى اين يصيرون - 00:04:56ضَ

بعد قيام الساعة الى الجنة او النار وبعد ذكره جل وعلا لموسى وهارون على نبينا وعليهم الصلاة والسلام وذكر التوراة الكتاب المنزل من الله جل وعلا على موسى عليه الصلاة والسلام - 00:05:27ضَ

ذكر بعد ذلك القرآن الذي جحده وانكره كفار قريش وهم يرجعون الى اليهود فيما يشكل عليهم لان عندهم التوراة وقال الله جل وعلا وهذا ذكر مبارك اي هذا القرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم - 00:05:57ضَ

ذكر مبارك على غرار التوراة التي انتم يسألون اهلها عما يشكل عليكم مع ان التوراة في وقت نزول القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم كانت محرفة دخلها التحريف والقرآن - 00:06:32ضَ

نزل من عند الله جل وعلا لم يدخله تحريف ولا زيادة ولا نقص وحفظه الله جل وعلا الى ان يرفعه اليه في اخر الزمان قال جل وعلا وهذا اي القرآن ذكر مبارك - 00:07:02ضَ

افانتم له منكرون الاستفهام للانكار والتوبيخ كيف تنكرونه وقد نزل من عند الله جل وعلا كما نزلت التوراة على موسى ولا يليق ان تنكروه بل لو عقلتم لكنتم احق واولى بالايمان به - 00:07:36ضَ

من الرجوع الى اليهود لان هذا الذكر المبارك نزل من عند الله ونزل على افضل رسل الله ونزل على من تعرفون نسبه وخلقه وامانته فهو معروف لديكم للامانة والصدق وحسن الخلق - 00:08:12ضَ

وكيف تنكرونه وهو نزل على رجل منكم فلو عقلتم لسارعتم للايمان به لان شرف هذا الرجل شرف لكم وهذا القرآن ذكر وشرف لكم نزل بلغتكم وعلى رجل منكم وهذا ذكر مبارك - 00:08:41ضَ

والقرآن ذكر لانه يذكر بالله جل وعلا وبما اعد الله لاولياءه وبما اعد الله لاعدائه وكما قال الله جل وعلا انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون وهذا ذكر مبارك كثير البركة - 00:09:15ضَ

كثير البركة فيه الخير الكثير لمن اخذ به وامن به يستفيد منه المرء في امور دنياه يستفيد منه في امور اخرته يستفيد منه في معاملته مع ربه ومع الخلق مع القريب والبعيد مع المؤمن والكافر - 00:09:51ضَ

كما قال الله جل وعلا ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم وهذا ذكر مبارك انزلناه افانتم له منكرون لا يليق ان تنكروه وتجحدوه وترسلوا الى من بعد عنكم ممن كان معهم كتاب لكن حرف وزيد فيه ونقص - 00:10:22ضَ

ثم شرع جل وعلا في ذكر قصتي ابي الانبياء من بعده وهو ابراهيم الخليل الذي اتخذه الله جل وعلا خليلا وقال تعالى ولقد اتينا ابراهيم رشده من قبل اتيناه رشده - 00:10:59ضَ

من قبل من قبل نبوته في وقت صغره الهمه الله جل وعلا الرشد والاستقامة والتمييز بين الحق والباطل قبل ان يوحى اليه ورزقه الله جل وعلا التفكر في مخلوقات الله - 00:11:29ضَ

والتأمل في بديع صنع الله جل وعلا واستدل بالمخلوق على الخالق وبالمصنوع على الصانع جل وعلا والمبدع المعيت وقال تعالى ولقد اتينا ابراهيم رشده من قبل قال بعض المفسرين كلمة من قبل المراد من قبل موسى وهارون - 00:11:56ضَ

وهذا القول مرجوح والراجح الاول والله اعلم اي قبل ان ينبأ وهبه الله جل وعلا الرشد والتمييز قبل ان ينبأ كما قال الله جل وعلا عنه فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي لان قوم - 00:12:27ضَ

يعبدون الكواكب قال هذا ربي فلما افل غاب قال لا احب الافلين لا يصلح ان يكون ربا وقد غاب فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما افل قال لان لم يهدني ربي لاكونن من القوم الظالين - 00:12:50ضَ

فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا اكبر فلما افلت قال يا قومي اني بريء مما تشركون. اني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض ابو حنيفة وما انا من المشركين - 00:13:15ضَ

قال هذه المعبودات الكوكب والشم والقمر والشمس كلها لا تصلح للعبادة لانها تطلع ثم تغيب فهذه لها رب مثلي وهذا قبل ان ينبأ قص الله جل وعلا عنه ذلك قبل النبوة - 00:13:34ضَ

ولقد اتينا ابراهيم رشده. الرشد الادراك والتمييز بين الحق والباطل بحسب المقام بحسب الموصوف رشد الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين يختلف عن رشد الصبي الذي بلغ خمس عشرة سنة يقال رشد - 00:14:01ضَ

بلغ رشيدا لكن رشد الانبياء يختلف بحسب مقامهم عليهم الصلاة والسلام ولذا ميز بين الحق والباطل بيز بين من يصلح الها وبين من لا يصلح قبل ان يوحى اليه الهام من الله جل وعلا - 00:14:30ضَ

وكنا به عالمين اتيناه الرشدة عن علم منا بانه يصلح لذلك لان الله جل وعلا عالم باحوال عباده قد تقول لشخص ما خاب ظني فيك تأملت فيه الخير لكن ما صار عند املك - 00:14:57ضَ

لانك املت فيه الخير وانت لا تدرك حقيقته ولا تدري ما عنده من الغش والخيانة اما الله جل وعلا فهو عالم بعباده لا تخفى عليه خافية من احوالهم وقلنا به عالمين - 00:15:27ضَ

كنا عالمين انه صالح لهذا الشيء تماما اذ قال لابيه اذ ظرف والعامل فيه محذوف تقديره اذكر كما قدره كثير من المفسرين رحمهم الله اذ قال لابيه وقومه ما هذه التماثيل التي انتم لها عاكفون - 00:15:51ضَ

ما قال لهم ما هذه الالهة؟ لانها ليست بالهة في نظره ولم يقل ما هذه الاشياء قال هذه التماثيل والتمثال عادة هو المصور على شكل صورة غيره على شكل غيره - 00:16:30ضَ

هذا استنقاص لها يعني ليست اصول هذه وانما هي ممثلة باشياء اخرى على صورة انسان مثلا او على صورة حيوان او على صورة نجم او على صورة شمس ولهذا عبر عنها جل وعلا على لسان ابراهيم بانها تماثيل - 00:16:51ضَ

التمثال هو ما وضع على صورة اخرى مشابها لها التي انتم لها عاكفون العكوف والاقامة والاستمرار حولها على سبيل الخضوع والتذلل لها يسألهم في هذا السؤال استنقاصا لها بانها لا تصلح للعبادة - 00:17:23ضَ

لا يليق ان تعبد وهي تماثيل مخلوقة ممثلة على صور اخرى ماذا قالوا له حجة المفلس ودليل الخائب التقليد الاعمى ولا يليق بالعاقل ان يقلد من لا يصلح للتقليد العاقل يدرك - 00:17:55ضَ

فلا يقلد وكثيرا ما يضل المرء بسبب التقليد يقول الاباء اعلم انا اتبعهم او فلان اعلم مني فانا اتبعه اتبع الكتاب والسنة اتبع ما جاء عن الله او عن رسله - 00:18:28ضَ

ولا تتبع غيرهما فتضل اذا اتبعت ما خالف الكتاب والسنة ضللت وابعدت قالوا وجدنا اباءنا لها عابدين وجدنا الاباء يعبدونها فعبدناها وبهذا ضل كثير من الناس التقليد خذ من الاصل - 00:18:56ضَ

ورد انه قيل لعمرو بن العاص رضي الله عنه لانه تأخر اسلامه اسلم قبيل فتح مكة وكان من الاذكياء يدرك بعقله رضي الله عنه قيل له ما الذي ابطأ بك وانت ذو عقل - 00:19:35ضَ

ابطأ بك عن الاسلام تأخرت قال كان لنا اشياخ قلدناهم فلما ولوا وصار الامر الينا نظرنا فادركنا يقول كنت وان كان معي عقل في الاول الا انني مقلد لمن هو اكبر مني - 00:20:04ضَ

وهذا ظرر اراد الله له خيرا والا لو مات على تقليده فلما ولوا ذهبوا وانقرضوا وصار الامر الينا نظرنا فادركنا. ادركنا الحق قالوا وجدنا اباءنا لها عابدين. يعني قلدنا الاباء في عبادتهم لهذه الاصنام - 00:20:34ضَ

من دون نظر ولا تفكر ولا تأمل منا قال عليه الصلاة والسلام لقد كنتم انتم واباؤكم في ضلال مبين انتم واباؤكم الذين قلدتموهم على ضلال فانتم شركا في الظلال لا يحملون - 00:21:05ضَ

عنكم العذاب بل انتم واياهم في ضلال مبين بين واضح ظاهر لا خفاء فيه استغربوا ما قال لهم هذا الفتى عليه الصلاة والسلام قالوا اجئتنا بالحق ام انت من اللاعبين - 00:21:35ضَ

هذا كلام جديد على اسماعهم ما كانوا يتوقعون ان يصدر من واحد منهم ومن فتيانهم هذا القول استغربوه استغرابا شديدا قالوا اتقول على سبيل الصدق كم انت يقول ذلك على سبيل - 00:22:00ضَ

اللاعب والمزاح ونحو ذلك اجئتنا بالحق؟ اقولك هذا صابر عن قناعة منك وكأنهم يقولون ان كان عن قناعة منك ففي عقلك شيء وان كنت مازحا فالامر سهل قالوا اجئتنا بالحق ام انت من اللاعبين - 00:22:29ضَ

النازحين لان المرأة اذا سمع كلاما يستغربه يقول لصاحبه اانت جاد في هذا القول لا يدري عنه ربما يكون مازح مهوب عن قناعة انت جاد في هذا القول وهكذا قال هؤلاء القوم - 00:22:59ضَ

لابراهيم عليه السلام جئتنا بالحق ام انت من اللاعبين اعرض عليه الصلاة والسلام عن هذا السؤال واراد ان يقرر الاله الذي يستحق العبودية وحده لا شريك له قال بل ربكم - 00:23:24ضَ

رب السماوات والارض الذي فطرهن ربكم رب السماوات والارض رب السماء ورب الارض ورب النجوم ورب القمر ورب الشمس الذي فطرهن خلقهن على غير مثال سابق ابتداء اوجدهن من العدم - 00:23:48ضَ

وانا على ذلكم من الشاهدين اشهد انه لا اله الا هو وانه الذي خلق السماوات والارض وانه المستحق للعبادة وان اصنامكم هذه لا تستحق شيئا وانها ضعيفة يتصرف فيها الطفل الصغير - 00:24:27ضَ

كيفما يشاء لا تنفع نفسها ولا تنفع غيرها لا تحمي نفسها ولا تحمي غيرها وربكم حقيقة من هو هو رب السماوات والارض رب الكون رب المخلوقات كلها هو رب العالمين جل وعلا - 00:24:59ضَ

قال بل ربكم رب السماوات والارض الذي فطرهن وانا على ذلكم الذي اقوله لكم من الشاهدين الموقنين بذلك الشاهد يشهد على شيء يتيقنه وقد قال عليه الصلاة والسلام للشاهد على مثل هذا فاشهد اودع واشار الى الشمس - 00:25:28ضَ

والشاهد لا يشهد الا بما تيقنه حقيقة وهنا ابراهيم عليه السلام يقول وانا على ما اقول لكم لان ربكم هو رب السماوات والارض فانا شاهد بذلك موقن لا شك عندي في ذلك - 00:26:01ضَ

وهو عليه الصلاة والسلام يقرر لهم لان ربهم والههم هو الله الاله الحق الذي لا اله الا هو. وان الهتهم هذه تماثيل لا تنفع ولا تضر ولا تنقذ نفسها ممن ارادها بتلف او هلاك - 00:26:23ضَ

وسيأتي ما قص الله جل وعلا عنه مع قومه نحو هذه الالهة في قوله تعالى وتالله لاكيدن اصنامكم بعد ان تولوا مدبرين والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد - 00:26:48ضَ

وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:27:10ضَ