تفسير ابن كثير | سورة الأنبياء

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبدالرحمن العجلان | 11- سورة الأنبياء | من الأية 57 إلى 63

عبدالرحمن العجلان

الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم وتالله لاكيدن اصنامكم بعد ان تولوا مدبرين فجعلهم جذاذا الا كبيرا لهم لعلهم اليه راجعون - 00:00:00ضَ

قالوا من فعل هذا بالهتنا انه لمن الظالمين قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له ابراهيم قالوا فاتوا به على اعين الناس لعلهم يشهدون قالوا انت فعلت هذا بالهتنا يا ابراهيم - 00:00:42ضَ

قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم ان كانوا ينطقون تقدم لنا اول المحاجة والمجادلة بين ابراهيم على نبينا وعليه افضل الصلاة والسلام وبين قومه وانه قال لهم لقد كنتم انتم واباؤكم في ظلال مبين - 00:01:13ضَ

قالوا اجئتنا بالحق ام انت من اللاعبين قال بل ربكم رب السماوات والارض الذي فطرهن وانا على ذلكم من الشاهدين تغير المنكر الذي هم فيه بالقول رضي عليه الصلاة والسلام - 00:01:55ضَ

ثم انتقل من هذا التغيير القول الى التغيير باليد وذلك ان تغيير المنكر على ثلاث مراكب باليد فان لم يستطع فباللسان فان لم يستطع فبالقلب وذلك اظعف الايمان وانتقل من البيان بقوله عليه الصلاة والسلام - 00:02:22ضَ

الى البيان بفعله وتغييره المنكر لقوله جل وعلا عن ابراهيم عليه السلام وتالله لاكيدن اصنامكم بعد ان تولوا مدبرين وتالله هنا قسم لان التاء من حروف القسم الواو والباء والله - 00:03:03ضَ

وبالله وتالله وهنا قال وتالله لاكيدن اصنامكم والكيد المكر في ايصال الظرر اليها بقدر الاستطاعة بعد ان تولوا مدبرين بعد ان تنقلبوا عنها ولا يكون عندها احد حينئذ اكيدوا لها - 00:03:40ضَ

اعمل ما استطيع نحوها مما يضرها ويروى انه كان لهم عيد في السنة يخرجون اليه وطلبوا من ابراهيم عليه السلام ان يخرج معهم الى عيدهم وخرج فلما كان في اثناء الطريق - 00:04:24ضَ

تظاهر عليه الصلاة والسلام بالسقم والمرض ثم رجع الى الالهة وصنع بها ما صنع بعد ان تولوا تنصرفوا وتذهبوا مدبرين تاركينها خلف ادباركم يقول الله جل وعلا فجعلهم الا كبيرا لهم - 00:05:04ضَ

او فجعلهم جذاذا بكسر الجيم قراءة ثانية الا كبيرا لهم وهما سبعيتان وقراءة ثالثة وجعلهم جذاذا والمراد انه جعلها كسرا كسرها واتلفها لانها كانت اصنام كثيرة تزيد عن السبعين مصفوفة - 00:05:37ضَ

اولها اكبرها ثم يليه اصغر منه وهكذا بالتدريج حتى ينتهي العدد كل واحد اصغر من الذي قبله فجاء عليه الصلاة والسلام بالفأس وكسرها كلها الا الكبير واحد منها الذي هو اكبرها - 00:06:20ضَ

بغرض صحيح تركه عليه الصلاة والسلام فجعلهم اي هذه الالهة والاصنام المعبود من دون الله التماثيل جعلهم جذاذا كسرا وقطعا الا كبيرا لهم كبيرا لهذه الاصنام لعلهم اليه يرجعون لعلهم اليه - 00:06:54ضَ

الى ابراهيم عليه السلام او جعل لعلهم اليه الى هذا الصنم المتروك وفي قول ثالث ضعيف والله اعلم لعلهم اليه اي الى الله يرجعون لعلهم اليه الى ابراهيم يرجعون يسألونه - 00:07:29ضَ

لم فعلت لما حصل ما حصل فحينئذ يبين ما عنده عليه الصلاة والسلام من فساد عبادة هذه الاصنام وان الحق هو الله جل وعلا المعبود وحده دون ما سواه او لعلهم اليه الى هذا الصنم الاكبر - 00:08:03ضَ

راجعون ويسألونه من كسر الالهة وتركت فلا يجدون عنده جوابا وتلزمهم الحجة بان هذه كلها لا تنفع ولا تضر ولا تدافعوا عن نفسها ولا تجيبوا من سألها لعلهم اليه يرجعون - 00:08:43ضَ

قالوا لما جاءوا الى هذه الاصنام بعد عيدهم وكان من عادتهم بعد العيد ان يأتوا الى هذه الاصنام فيظهروا لها شيئا من العبادة ثم ينصرفون الى اهليهم قالوا من فعل هذا لما دخلوا على هذه المعبودات من دون الله هذه الاصنام - 00:09:23ضَ

وجدوا شيئا فظيعا ما كانوا يتصورون ان احدا تمتد يده الى هذه الاوثان فيعمل نحوها هذا العمل قالوا من فعل هذا بالهتنا ثم حكموا على هذا الفاعل لانه من الظالمين - 00:09:55ضَ

قالوا انه لمن الظالمين من هذه اسم استفهام ذلك ولعل هذا اقرب والله اعلم لانه جاءهم الجواب بعد ذلك قالوا سمعنا فتى يذكرهم وقيل من هنا اسم موصول وفي محل رفع مبتدع - 00:10:28ضَ

الذي فعل هذا بالهتنا انه لمن الظالمين استنكروا هذا الفعل استنكارا عظيما لان هذه الهة عندهم معبودة معظمة ثم تكسر بهذا الشكل فتحسسوا من يضمر لها العدا وقال من سمع مقالة ابراهيم عليه السلام في قوله تالله وتالله لاكيدن اصنامكم - 00:10:59ضَ

قال اولئك الذين سمعوا ابراهيم قالوا سمعنا فتى جهاد الكورة وهم يقال له ابراهيم قالوا الذين اجابوا عن السؤال السابق قالوا سمعنا يعني كأنهم قالوا قد سمعنا من قبل شخصا - 00:11:43ضَ

يذكرهم بالعدا سمعنا فتى يذكرهم وقد تقدم لنا كلمة الذكر وذكر الناس وذكر كذا انه من كلمات من الكلمات التي تأتي على الظدين فيقال فلان يذكر الناس في مجلسه بمعنى يسبهم ويتعرض لهم - 00:12:15ضَ

ويقال فلان يذكر الله يثني عليه جل وعلا ويبين المراد سياق الكلام ان كان سياق الكلام جيء به في معرض السب فمعناه انه يذكرهم بالسوء وان كان سياق الكلام جيء به على سبيل المدح - 00:12:52ضَ

معناه انه يذكرهم الخير سمعنا فتى يذكرهم والفتى هو الشاب من الرجال ويقال للانثى فتاة يقال له ابراهيم يعني يسمى وينادى ابراهيم يقال له ابراهيم مرفوعة على انها نايف فاعل - 00:13:27ضَ

بالفعل يقال الذي لم يسمى فاعله يعني يسمى ابراهيم او على انه علم مفرد منادى محذوف حرف النداء يقال له يا ابراهيم المنادى اذا كان علم مفرد فانه يكون مبني - 00:14:10ضَ

يقال له ابراهيم هؤلاء ارشدوا الى من سبق ان سمعوه يسب الالهة ويذكرها السوق على نظرهم فانتشر الخبر وقال خبرائهم ورؤساؤهم فاتوا به على اعين الناس لعلهم يشهدون فاتوا به على اعين الناس - 00:14:42ضَ

احضروه في مجمع من مجامع الناس وعلى ملأ منهم لعل واحدا منهم او جماعة يشهدون عليه يقولون نعم هذا الذي قال هذه المقالة او لعل واحدا منهم او جماعة يشهدون بانهم رأوه - 00:15:33ضَ

يكسر الاصنام هذا اذا كان المراد الشهادة على ما حصل من ابراهيم وقيل المراد الشهادة على عذاب ابراهيم والانتقام منه لانهم صمموا على الانتقام من ابراهيم لكن لم يريدوا ان ينتقموا منه في حال الخفاء عن الناس - 00:16:02ضَ

فارادوا ان يكون هذا الانتقام تأديبا له وردعا لمن تسول له له نفسه القيام بمثل ما قام به ابراهيم ليكون في ذلك نكال ان العذاب والعقوبة اذا كانت في محضر ملأ كانت ادعى للانزجار عنها - 00:16:31ضَ

كما قال الله جل وعلا وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين في الزاني والزانية لانه اكثر ردعا اذا اظهر العذاب وبين قالوا فاتوا به على اعين الناس يعني على مرأى ومسمع من الناس في مجامعهم - 00:16:56ضَ

وابراهيم عليه السلام يتمنى ذلك وهو لا يحب عليه الصلاة والسلام ان يجادل الرؤساء والكبرا فقط او يجادل والده ومجموعة معه وانما اراد ان يظهر ذلك على ملأ من الناس - 00:17:22ضَ

لاقامة الحجة على الجميع والدعوة الى الله جل وعلا بمرأى ومسمع من الجميع كما ورد في الحديث الغلام الذي اراد الظالم قتله فلم يستطع قتله فقال له الغلام انا ارشدك - 00:17:49ضَ

الى طريقة ينفذ قتلك في وقد كان هذا الغلام دعاهم الى عبادة الله وحده وان الاله الحق هو الله وحده لا شريك له انك لا تستطيع قتلي قال حتى تأخذ السهم - 00:18:17ضَ

من كنانتي وترمي به وتقول باسم رب الغلام يعني نفسه ففعل ذلك فضج الناس جميعا امنا برب الغلام. فكان هذا الغلام اراد ان يقدم نفسه رخيصة في سبيلي اظهار كلمة التوحيد والاعتراف لله جل وعلا بالربوبية وحده لا شريك له - 00:18:41ضَ

وهكذا اراد ابراهيم عليه السلام احب ان يكون محاجته لقومه ومجادلته اياهم ان تكون بمرأى ومسمع من الناس عامة قالوا فاتوا به على اعين الناس لعلهم يشهدون. فجاءوا به واحضروه امام الناس مجتمعين - 00:19:18ضَ

قالوا اانت فعلت هذا بالهتنا يا ابراهيم اانت الذي كسرت هذه الالهة لانه قد سمع منك سابقا انك ذكرتها بسوء وارادوا منه ان يعترف بذلك ليوقعوا به العقوبة قال عليه الصلاة والسلام - 00:19:46ضَ

قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم ان كانوا ينطقون قال بل فعله كبيرهم ظاهره كأنه اراد نسبة الفعل الى كبير الاصنام المتروك الذي لم يكسر ولعله عليه الصلاة والسلام ترك هذا الكبير من اجل ان يكون مجال - 00:20:15ضَ

للاخذ والرد والنقاش والرجوع اليه ونحو ذلك لانه لو كسرها كلها لمن يرجعون وابقى لهم هذا لاجل ان يقيم عليهم الحجة يقول ارجعوا الى كبيرهم قال بل فعله كبيرهم هذا - 00:20:50ضَ

قال العلماء هذا ليس من الكذب لان ابراهيم عليه الصلاة والسلام لم يكذب وهذا وانما هذا من المعاريض الذي جاء على صورة الكذب كما ورد في الحديث ان ابراهيم لم يكذب الا ثلاث - 00:21:15ضَ

اثنتان منها في ذات الله عز وجل واحدة منها هذه يعني صورتها صورة الكذب وليست كذبا بل هي من المعاريظ قال العلماء اذا زار الاتهام بين قادر وعاجز عاجز مستحيل ان يحصل منه الفعل - 00:21:34ضَ

ثم نسب الفعل اليه فهذا على سبيل التحكم لا على سبيل الحقيقة انه فاعل كان يحصل فعل ما مثلا من شخص ما وهو قادر على التصرف وحوله شخص اخر ميت - 00:22:10ضَ

فيقال له اانت فعلت هذا الفعل ام هذا الميت بجوارك فقال لا الفاعل هو الميت الفاعل هو الميت هذا ومن المعلوم عقلا ان هذا الميت لا يعمل شيئا فمعناه كانه يتهكم بهم - 00:22:36ضَ

هل يصح ان يصدر هذا الفعل من هذا؟ بل هو مني فابراهيم عليه السلام قال بل فعله كبيرهم هذا ولم يسكت على هذه بل قال فاسألوهم ان كانوا ينطقون لانه يقول - 00:22:59ضَ

هذا لا يستطيع ان يفعل شيئا ولا يعقل ان يصدر منه هذا الفعل وانما انا الذي فعلت واراد عليه الصلاة والسلام اقامة الحجة عليهم قال ارجعوا الى معبودكم ارجعوا الى الاله الاكبر عندكم - 00:23:25ضَ

هل يفيدكم فهذه الالهة لم تدفع عن نفسها ولا تستطيع الاخبار. وهذا الاله الباقي مع الفئة التالفة كلها سواء ساقول لكم ارجعوا الى التالفة فاسألوها من فعل بها ذلك ارجعوا الى السليم هذا السالم الذي لم يمسه شيء - 00:23:49ضَ

فاسألوا فانظروا فالزمهم الحجة بان هذه الالهة التي اتخذوها من دون الله لا تنفع غيرها ولا تستطيع ان تضر غيرها. بل لا تستطيع ان تدفع عن نفسها اي شيء فلا تنطق ولا تسمع ولا تبصر ولا تعقل - 00:24:14ضَ

فما الفائدة من عبادتها قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم ان كانوا ينطقون ان كانوا ينطقون هذه من الشرقية وفعل الشرط واين الجواب تقدم وهو قوله فاسألوهم ان كانوا ينطقون فاسألوهم - 00:24:42ضَ

وان كنتم تعرفون انهم لا ينطقون فلا فائدة في السؤال حينئذ ولا في الرجوع اليه وهذه محاجة قولية بعد ان تقدمها الانتقام الفعلي من إبراهيم عليه السلام في هذه الالهة - 00:25:12ضَ

وقد قال عليه الصلاة والسلام لم يكذب ابراهيم في شيء قط الا في ثلاث كلهن في الله قوله اني سقيم ولم يكن سقيما وقوله لسارة اختي وقوله بل فعله كبيرهم هذا - 00:25:34ضَ

ونحو هذا الحديث روي في الصحيحين قال اني سقيم اي مريض وليس بمريض وانما اراد الرجوع الى هذه الالهة ليحطمها وفيها ظالم عنيد قوي فجيء اليه فقيل انه دخل في بلادك امرأة من احسن النساء - 00:26:00ضَ

لم يرى مثلها وانها مع رجل غريب. فدعي ابراهيم عليه السلام فسأل عنها وقال انها اختي لانه عرف عليه الصلاة والسلام انه لو قال انها زوجتي لقتلوه ولكن لما قال اختي فالاخت ممكن ان - 00:26:25ضَ

ليزوجها غيره طلبت وارسل فارسل بها ابراهيم عليه السلام وقال انه سألني عنك فقلت اختي فلا تكذبيني عنده وانك اختي في الله وفي الاسلام لا يوجد مسلم في الارض وسواكي - 00:26:52ضَ

وادخلت على هذا الظالم العميد ومكث إبراهيم عليه السلام يصلي ويتضرع إلى الله جل وعلا فمد هذا الظالم يده الى سارة ورجف به فقال لها ادعي الله لي واطلق سراحتي - 00:27:18ضَ

فدعت الله له فاطلق لما كان يجد ثم مد يده ثانية وحصل له مثل ما حصل في الاولى او اشد ثم مدها ثالثة وحصل لها مثل ما حصل في الاولى او اشد ثم دعا احد حجابه وقال اخرجوها عني ما جئتوني بانسان انما - 00:27:40ضَ

بشيطان واخدمها هاجر ام اسماعيل عليهم السلام فذهبت سارة الى ابراهيم عليه السلام وقالت كفاني الله شره اخدمني هذه اي هاجر فهذه الكذبات التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم وهي ظاهرها - 00:28:04ضَ

ظاهرها الكذب يعني وليست كذبا حقيقيا وانما قالها في الظاهر كذبا لمصلحة مصلحة الدعوة الى الله جل وعلا والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:28:33ضَ