تفسير ابن كثير | سورة سبأ

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبدالرحمن العجلان | 11- سورة سبأ | من الأية 31 إلى 33

عبدالرحمن العجلان

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه - 00:00:00ضَ

ولو ترى اذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم الى بعض القول الى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا انتم لكنا مؤمنين قال الذين استكبروا للذين استضعفوا انحنوا انحن صددناكم عن الهدى بعد اذ جاءكم - 00:00:29ضَ

بل كنتم مجرمين وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار اذ تأمروننا ان نكفر بالله واسر الندى مثلا ما رأوا العذاب وجعلنا الاغلال في اعناق الذين كفروا هل يجزون الا الا ما كانوا يعملون - 00:01:00ضَ

هذه الايات الكريمة من سورة سبأ يبين الله جل وعلا معايب من عيوب الكفار اضافة الى ما تقدم في قوله جل وعلا عنهم ويقولون متى هذا الوعد ان كنتم صادقين - 00:01:37ضَ

اجاب الله وامر رسوله صلى الله عليه وسلم ان يجيب بقوله لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون ثم بين جل وعلا عيبا من عيوبهم وقال الذين كفروا - 00:02:08ضَ

لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه يقال ان الكفار يسألون اليهود اهل الكتاب عن صفة محمد صلى الله عليه وسلم وقال اليهود نعم مذكورة التوراة والانجيل وقال الكفار عند ذلك - 00:02:33ضَ

لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه الذي نزل قبله التوراة والانجيل وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن يعني لن نصدق به ولن نؤمن بما جاء به ولا بالكتب التي قبله - 00:03:15ضَ

التوراة والانجيل حتى وان كان محمد ذكرت صفته التوراة والانجيل فلن نؤمن بما جاء به الذي هو القرآن وقيل المراد بالذي بين يديه الذي سيأتي الذي هو القيامة والبعث والحساب - 00:03:46ضَ

والجنة والنار وقيل المراد الذي بين يديه الكتب السابقة التوراة والانجيل وقيل المراد الذي بين يديه القيامة والبعث والجنة والنار ثم بين جل وعلا حال الكفار يوم القيامة لينذرهم المصطفى صلى الله عليه وسلم - 00:04:19ضَ

وليبين لهم على ماذا يكونون يوم القيامة وقال تعالى ولو ترى يا محمد ولو ترى يا من تتأتى منه الرؤية من كل عاقل ولو ترى اذ الظالمون موقوفون عند ربهم - 00:05:00ضَ

محبوسون في عرصات القيامة يتخاصمون ويتجادلون وكل يرمي باللوم والتوبيخ على صاحبه كما قال الله جل وعلا الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين وقال جل وعلا وبرزوا لله جميعا - 00:05:31ضَ

وقال الضعفاء للذين استكبروا انا كنا لكم تبعا فهل انتم مغنون من عنا من عذاب الله من شيء قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا اجزعنا ام صبرنا ما لنا من محيص - 00:06:11ضَ

وقال تعالى في هذه الاية ولو ترى اذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم الى بعض القول اين جواب لو محذوف دل عليه السياق لو ترى المجرمون موقوفون عند ربهم - 00:06:35ضَ

لرأيت امرا فظيعا يرجع بعضهم الى بعض القول يعني يتجادلون يترادون يتلاعنون وكانوا اصفياء في الدنيا يقول الذين استضعفوا يقول التابعون للمتبوعين يقول الضعفاء الرؤساء والكبرا حيث اتبعوهم على الضلال - 00:07:02ضَ

يقول الذين استضعفوا لمن للذين استكبروا لولا انتم لكنا مؤمنين لولا انتم صرفتمونا عن الايمان وعن اتباع الرسل لاتبعنا الرسل التي ارسلت الينا لكن انتم الذين صرفتمونا عن اتباعهم رد عليهم الرؤساء والكبراء والعظماء والقادة في الظلال - 00:07:49ضَ

قال الذين استكبروا للذين استضعفوا فنحن صددناكم عن الهدى استفهام انكار ينكرون عليهم هذا القول لسنا نحن الذين رددناكم عن الهدى بعد اذ جاءكم بل كنتم مجرمين الحقيقة انكم انتم كنتم كفار - 00:08:28ضَ

وانتم اتبعتمونا باختياركم ولم نجبركم انتم اخترتم طريقنا طريق الغواية وطريق الظلالة اخترتموه انتم لانفسكم ما اجبرناكم بسيف ولا عصا بل كنتم مجرمين انتم كنتم الاجرام اخترتم طريق الغواية اخترتم - 00:08:56ضَ

الاخذ بشهوات الدنيا ولم اقبلوا ما جاءت به الرسل فلسنا نحن الذين اجبرناكم وانما انتم اخترتم هذا لانفسكم قال الذين استكبروا للذين استضعفوا انحن صددناكم عن الهدى بعد اذ جاءكم - 00:09:33ضَ

اضراب عن السابق بل كنتم مجرمين بل انتم كنتم في الاجرام والغواية والظلالة يحكي الله جل وعلا ويبين هذه المجادلة والمراد بينهم لينتبه من كان في قلبه حياة يستدرك قبل فوات الاوان - 00:10:00ضَ

قال الله جل وعلا وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا ما رضي الضعفاء بجواب المستكبرين العظماء ردوا عليهم وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار اذ تأمروننا ان نكفر بالله ونجعل له اندادا - 00:10:30ضَ

انتم الذين مكرتم بنا ذكرتم بنا وخدعتمونا وقلتم ان طريقتنا افضل من طريقة الرسل وغششتمونا وخدعتمونا فاتبعناكم انتم مكرتم بنا يريدون ان نطبل وان نسير وراءكم وان نمشي معكم على الضلال والمنكر - 00:11:02ضَ

فخدعتمونا فسلكنا طريقكم بل مكر الليل والنهار يعني مكركم بنا ليلا ونهارا اذ تأمروننا ان نكفر بالله يقولون لنا لا تصدقون الرسل لا تقبلون ما جاءوا به انتم غششتمونا اذ تأمروننا ان نكفر بالله - 00:11:38ضَ

الا نعبده وان نعبد غيره وان نقدم شهوات انفسنا على ما شرعه الله لنا تأمروننا ان نكفر بالله ونجعل له اندادا نجعل له يعني مثيل ونظير الند يقال فلان ند فلان يعني مثله - 00:12:13ضَ

انتم الذين تأمروننا ان نجعل لله نظراء نعبدهم مع الله نجعل لله مساويا يقولون لنا عبادة الاصنام حق واتبعناكم بذلك وعبدنا الاصنام مع الله يقولون لنا ان هذه الالهة تنفع - 00:12:45ضَ

اتخذناها وضرتنا واياكم اذ تأمروننا ان نكفر بالله ونجعل له اندادا كما قال بعض كفار قريش للضعفاء ما يأتيكم من العذاب نتحمله عنكم واتبعونا على ما نحن عليه ولا تتبعوا محمد - 00:13:13ضَ

واشر الندامة اشر بمعنى اخفوا السر الشيء الخفي حتى لا تكثر الشماتة كل واحد يخفي عن صاحبه ما هو فيه من الظيق والعذاب الشر اخفوا ويجوز ان تكون اشر بمعنى اظهر - 00:13:44ضَ

لان كلمة اسر قال العلماء من الاضداد يعني يصلح ان يعبر بها عن الخفي السر ويصلح ان يعبر بها عن الظاهر البين واشر بمعنى اظهروا الندامة واشروا بمعنى اخفوا الندامة. حتى لا يشمت بعضهم ببعض - 00:14:21ضَ

وقيل في معنى اشر يعني ظهرت اثار الندامة على اسارير وجوههم ظهرت الكآبة والحزن واثار الندامة ظهرت على وجوههم يقول اثر الشقاء ظاهر على وجهه وتقول اثر السرور ظاهر على وجهه - 00:14:57ضَ

الوجه ينم عن حال صاحبه من الشرور او الكآبة والحزن وكل هذه المعاني صحيحة اشروها بمعنى اخفوها حتى لا يشمت بعضهم ببعض اظهروها بينوها وهي ظاهرة واضحة اشروها بمعنى ظهرت اثارها على اسارير وجوههم - 00:15:32ضَ

واسر الندامة لما رأوا العذاب. يعني حين رؤية العذاب عرفوا انه انهم معذبون لا محالة ثم بين جل وعلا حالهم ومآلهم بعد هذا الجدال وهذا الخصام الحاصل منهم قال وجعلنا الاغلال في اعناق الذين كفروا - 00:16:00ضَ

وجعلنا الاغلال الغل في العنق والقيد الرجل يغنون ويقيدون ويسلسلون بالسلاسل وجعلنا الاغلال في اعناقهم يعني تربط ايديهم الى اعناقهم في الاغلال والعياذ بالله في اعناق الذين كفروا هنا اظهر - 00:16:35ضَ

اسم الكفار مع انهم متكلم عنهم من قبل وجعلنا الاغلال في اعناقهم لكن الله جل وعلا اظهر صفتهم هذه ليسجل عليهم كفرهم التنويه وفضيحتهم بان سبب هذه الاغلال هو الكفر بالله جل وعلا - 00:17:09ضَ

وجعلنا الاغلال في اعناق الذين كفروا هل يجزون الا ما كانوا يعملون ما جزيناهم الا باعمالهم كل سيجازى بعمله على قدره الكافر الذي لم يضر غيره على قدره والكافر الذي يسعى في الارض فسادا - 00:17:40ضَ

على قدره من يصد عن سبيل الله ليس في العذاب كمن هو كافر في نفسه ولا يمنع غيره هل يجزون ما يجزون الا ما كانوا يعملون. ما يجزون الا في اعمالهم - 00:18:16ضَ

بما عملوه لان الله جل وعلا لا يظلم الناس شيئا. ولكن الناس انفسهم يظلمون وكل بعمله والنار دركات وبعضها اسفل من بعض وبعضها اشد من بعض وانواع العذاب فيها كثيرة - 00:18:41ضَ

فكل على قدر كفره وظلاله وصده عن سبيل الله هل يجزون الا ما كانوا يعملون هذا فيه توجيه لله جل وعلا بانه لا يظلم حتى الكفار لا يظلمهم جل وعلا - 00:19:08ضَ

وانما يجزيهم باعمالهم فهو يعامل المؤمنين برحمته واحسانه وتفضله يعطي المؤمنين اكثر ما ما يستحقون ويعامل الكفار بعدله جل وعلا تعاملهم بعدله فلا يزيد لهم في العذاب الذي لا يستحقونه - 00:19:32ضَ

وانما يعطي كلا على قدره. هل يجزون الا ما كانوا يعملون. اي باعمالهم التي عملوها وكما قال الله جل وعلا في الحديث القدسي الذي يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى - 00:20:05ضَ

انه يقول يا عبادي انما هي اعمالكم احصيها لكم فمن وجد خيرا فليحمد الله. الذي وفقه لعمل الخير ومن وجد غير ذلك الكفر والضلال والمعاصي فلا يلومن الا نفسه ما ظلمه الله جل وعلا - 00:20:28ضَ

وما زاد في سيئاته وما بخسه من حسناته والكافر يقدم في الاخرة لا حسنة له لان الله جل وعلا يجازيه ان كان له اعمال حسنة من احسان وصلة وفعل خير للناس يجازيه الله جل وعلا بها في الدنيا - 00:20:55ضَ

ولا يبقي له حسنة في الدار الاخرة. لان الاعمال لا تنفع في الاخرة الا مع توحيد الله مع افراد الله جل وعلا بالعبادة ومع الشرك لا ينفع العمل لا ينفع اي عمل حتى وان كان في احسان للغير - 00:21:20ضَ

وصلة رحم وبر والدين وصدقة وفعل معروف وغير ذلك كل هذه يجازى بها العبد الكافر اذا حصلت منه يجازى بها في الدنيا بالمال الصحة والعافية والجاه والولد وغير ذلك من متاع الدنيا - 00:21:42ضَ

فيقدم في الاخرة ولا حسنة له وسيئاته باقية عليه. والله جل وعلا لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس انفسهم يظلمون. والله اعلم صلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد - 00:22:08ضَ

وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:22:30ضَ