تفسير ابن كثير | سورة الصافات

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبدالرحمن العجلان | 12- سورة الصافات | من الأية 114 إلى 122

عبدالرحمن العجلان

والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ولقد منن على موسى وهارون ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم فكانوا هم الغالبين واتيناهما الكتاب المستبين. وهديناهما الصراط المستقيم. وتركنا - 00:00:01ضَ

عليهما في الاخرين سلام على موسى وهارون انا كذلك نجزي المحسنين. انهما من عباد هذه الايات الكريمة من سورة الصافات يبين الله جل وعلا ما من به على موسى وهارون - 00:00:41ضَ

وان جاءه لهما ولقومهما المؤمنين بهما من عذاب فرعون وادائه وما تكرم به جل وعلا عليهما بان اوحى الى موسى التوراة الكتاب البين الواضح يذكر تعالى ما انعم به على موسى وهارون من النبوة والنجاة بمن امن معهما من قهر فرعون وقومه وما - 00:01:19ضَ

كان يعتمد في حقهم من الاساءة العظيمة من قتل الابناء واستحياء النساء واستعمالهم في اخس الاشياء ثم بعد هذا كله نصرهم عليهم واقر اعينهم منهم فغلبوهم واخذوا ارضهم واموالهم وما كانوا - 00:02:02ضَ

جمعوه طول حياتهم ثم انزل الله عز وجل على قوله تعالى ولقد مننا على موسى وهارون من عليهما جل وعلا بالنبوة والرسالة التي هي افضل وظيفة يقوم بها مخلوق انه - 00:02:21ضَ

يبلغ عن الله جل وعلا ما اوحاه اليه ونجيناهما اي موسى وهارون وقومهما المؤمنين بهما من الكرب العظيم يعني العذاب الاليم والشدة المؤلمة والقسوة التي يقابل يلقونها من فرعون وقومه - 00:02:48ضَ

فكان اذاهم للرجال وللنساء وللابناء والاولاد من بنين وبنات كانوا يقتلون الابناء اذا ولد لبني اسرائيل ذكر قتلوه سارعوا اليه وقتلوه حتى ان امهاتهم لا تستطيع اخفاءهم ويتابعونها منذ حملها - 00:03:25ضَ

حتى يطلعوا على ماذا تلد؟ ان ولدت ذكرا قتلوه وان ولدت انثى استبقوها للخدمة وكانوا يكلفون الرجال بالاعمال الشاقة والاعمال الدنيئة الحرف الدنيئة لبني اسرائيل والاعمال الكريمة العزيزة للقبط واتباعهم - 00:04:05ضَ

وكانوا يغتصبون النساء ويستخدمونهن وكان لا قبل لبني اسرائيل في حربهم ولا بقتالهم ثم ان الله جل وعلا هو الضعيف الذين هم بنو اسرائيل واذل وخذل القوي فاهلك الفراعنة واتباعهم - 00:04:44ضَ

في مرأى من بني اسرائيل في وقت واحد في ساعة واحدة نجى الله موسى ومن معه من المؤمنين من بني اسرائيل واهلك فرعون ومن معه من القبط وقر الله جل وعلا اعين بني اسرائيل - 00:05:17ضَ

بهلاك فرعون ومن معه وهم يشاهدون ولم يكفي الهلاك بل اورث لبني اسرائيل كل ممتلكات القبط وكلما جمعوا وكلما بينوه وشيدوه من مصانع ومزارع وغيرها ملكها الله جل وعلا لبني اسرائيل - 00:05:47ضَ

فهذه هي المنة العظيمة ونجيناهما موسى وهارون وقومهما من الكرب العظيم ونصرناهم نصرهم الله جل وعلا على الفراعنة ونجيناهما وقومهما ونصرناهم ضمير قال بعض المفسرين يعود الى موسى وهارون ويصح - 00:06:21ضَ

ان يؤتى بضمير الجمع للمفرد والمثنى من باب التعظيم ويصح ان يكون المراد نجيناه ونصرناهم يعني ناصرنا موسى وهارون ومن امن بهم فيكونون جمع وهذا هو الاقرب لانه قال قبل ذلك ونجيناه - 00:07:00ضَ

هما وقومهما من الكرم العظيم ونصرناهم. يعني نصرناهم مسارنا موسى وهارون وقومهم ثم انزل الله عز وجل على موسى الكتاب العظيم الواضح الجليل المستبين وهو التوراة كما قال تعالى ولقد - 00:07:32ضَ

اتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وقال عز وجل ها هنا واتيناهما الكتاب المستبين وهديناهما الصراط المستقيم اي في الاقوال والافعال واتيناهما الكتاب المراد بالكتاب التوراة التي انزل الله جل وعلا على موسى - 00:07:58ضَ

وحكم بها صلى الله عليه وسلم وحكم بها انبياء بني اسرائيل فمن بعث الله من نبي بعد موسى كان حكمه بالتوراة حتى نسخ الله جل وعلا بعض ما فيها بالانجيل - 00:08:26ضَ

وبقي شيء لم ينسخ ثم نسخ الله جل وعلا التوراة والانجيل بالقرآن العظيم فالكتب المنزلة من الله جل وعلا كثيرة وبين لنا جل وعلا من الكتب ثلاثة قبل القرآن وهي التوراة - 00:08:52ضَ

على موسى والانجيل على عيسى والزبور على داوود غير الصحف التي انزل الله جل وعلا على ابراهيم وموسى عليهم الصلاة والسلام وهذه الكتب العظيمة كلها كلام الله جل وعلا تكلم الله بها - 00:09:19ضَ

تحية منزلة من الله جل وعلا غير مخلوقة سلام الله جل وعلا حقا تكلم بها جل وعلا وسمعت الملائكة من الله جل وعلا وبلغتها لرسل الله صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين - 00:09:51ضَ

وهو كلام الله جل وعلا حقيقة منزل غير مخلوق والقرآن المهيمن على هذه الكتب الخاتم لها الناسخ لها تكلم الله جل وعلا بها به كلاما حقيقيا فهو بدأ من الله جل وعلا - 00:10:19ضَ

اليه يعود واتيناهما الكتاب المستبين. يعني البين الواضح الجلي فاحكامه واضحة بينة حكم بها موسى عليه الصلاة والسلام ومعه اخوه هارون وحكم بها الانبياء من بعد بعدهما وكانوا وكان من جاء بعد موسى يحكم بالتوراة - 00:10:45ضَ

حتى امتدت ايدي اليهود اليها التغيير والزيادة والنقص والتحريف ونسخ الله جل وعلا والله جل وعلا انزل من الكتب ما تكفل بحفظه فلن تمتد اليه يد بتبديل ولا زيادة ولا نقص - 00:11:20ضَ

كما انزل من الكتب ما تكفل بحفظه وقتا ثم وكل حفظها لبني اسرائيل لليهود والنصارى فلم يقوموا بما استحفظوا من كتاب الله فاولئك لم يقوموا بما استحفظوا من كتاب الله - 00:11:52ضَ

فبدلوا وزادوا ونقصوا وحرفوا فنسخها الله جل وعلا كلها بالقرآن العظيم الذي تكفل الله جل وعلا بحفظه فهو لله الحمد والمنة بايدينا الان كما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم - 00:12:20ضَ

يقول الله جل وعلا انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون حفظه الله جل وعلا فلم تستطع يد ظالم ولا جائر من ان تمتد اليه بزيادة او نقص او تبديل او تحريف - 00:12:46ضَ

وهديناهما الصراط المستقيم هداهم الله جل وعلا الى الصراط الذي هو الطريق المستقيم الموصل الى رضوان الله او يقال الموصل الى الجنة او يقال الموصل الى الحق والطريق قد يكون - 00:13:14ضَ

مستقيما وقد يكون معوجا والطريق المستقيم واحد اتى به جل وعلا في القرآن بلفظة الواحد الصراط والطريق بخلاف الطرق الضالة فهي كثيرة والحكمة والله اعلم من افراد الطريق المستقيم وجمع الطرق المعوجة - 00:13:41ضَ

بان الطريق المستقيم طريق اهل السنة والجماعة واحد تشعب فيه ولا اختلاف وما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام والطرق المعوجة كثيرة ولا تتبعوا السبل جمع سبل يعني طرق كثيرة - 00:14:20ضَ

طرق الرواية متعددة لان طريق الغواية ليس واحد طريق الشرك طريق الكفر طريق البدعة طريق الشبهة طريق الشك طريق الريب طرق الضلال متعددة وعلى كل طريق وسبيل منها داع يدعو اليها - 00:14:53ضَ

بخلاف الطريق المستقيم فهو واحد هو الموصل الى رضوان الله والى جنته وهو طريق اهل السنة والجماعة ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام وكما قال صلى الله عليه وسلم وستفترق هذه الامة - 00:15:31ضَ

بعدما ذكر تفرق اهل الكتابين قال وستفترق هذه الامة على ثلاث سبعين فرقة كلها في النار الا واحدة. قالوا من هي يا رسول الله؟ قال من كان على مثل ما انا عليه واصحابي - 00:16:03ضَ

نعم وتركنا عليهما في الاخرين اي اي ابقينا لهما من بعدهما ذكرا جميلا وثناء حسنا ثم يذكران به موسى وهارون نبيان رسولان يذكران ويصلى ويسلم عليهما ويذكران بخير من رحمة الله جل وعلا بالعبد - 00:16:25ضَ

ان يجعل له الذكر الحسن بعد مماته كما طلب ابراهيم من ربه جل وعلا حيث قال واجعل لي لسان صدق في الاخرين فاستجاب الله جل وعلا له وجعل كل طائفة من طوائف اهل الارض - 00:16:59ضَ

كلها تنتسب الى ابراهيم وتزعم انها من ذريته وتزعم انها على سبيله وعلى نهجه. وان ابراهيم وقالت اليهود ابراهيم يهوديا وقالت النصارى ابراهيم نصرانيا وقال المشركون مشرك العرب نحن على ملة ابراهيم نحن الحنفاء - 00:17:24ضَ

ورد الله جل وعلا عليهم بقوله ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين. لان المشركين تزعم انها على طريقته وانها على مذهبه. وما كان من المشركين. وقال جل وعلا ان - 00:17:54ضَ

اولى الناس بابراهيم من الذين اتبعوه امنوا به وهذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم ان اولى الناس بابراهيمنا الذين اتبعوه هذا النبي والذين امنوا. والله ولي المتقين والله جل وعلا - 00:18:14ضَ

ترك لموسى وهارون الذكر الحسن والسلام عليهما من الله جل وعلا ومن عباد الله الصالحين الى ان يرث الله الارض ومن عليها ثم فسره بقوله تعالى سلام على موسى وهارون انا كذلك نجزي المحسنين انهما من عبادنا المؤمنين - 00:18:37ضَ

اي ابقينا لهما الذكر الحسن والسلام من الله جل وعلا والسلام من عباد الله الصالحين يذكرانهما فيصليان ويسلمان عليهما انا كذلك نجزي المحسنين. يقول الله جل وعلا هذه سنتنا وهذه طريقتنا اكرام من احسن - 00:19:06ضَ

الله جل وعلا لا يضيع اجر من احسن عملا ثم من احسن ان كان اراد الله جل وعلا والدار الاخرة فالله جل وعلا يحسن له في الدنيا والاخرة وان كان اراد الدنيا فقط - 00:19:34ضَ

والله جل وعلا يثيبه على احسانه في الدنيا فمثلا الكافر غير المسلم قد يكون له احسان يحسن الى عباد الله يعطي يشفع يساعد يستجيب يعمل خير في الدنيا فلا يضيع اجره عند الله جل وعلا - 00:19:56ضَ

ولا يبقي له الله جل وعلا في الدار الاخرة ثواب بل يعجل الله جل وعلا له جزاءه في الدنيا واما المؤمن فيعطيه الله جل وعلا في الدنيا والاخرة كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم - 00:20:22ضَ

حيث طبق ما قال الله جل وعلا له بان امره به بان يقول ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار يقول انس رضي الله عنه اذا دعا النبي صلى الله عليه وسلم بدعوة دعا بهذه - 00:20:45ضَ

ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار واذا دعا بدعاء اتى بها فيه. يعني لا يتركها هذه اللفظة العظيمة لانها شملت سؤال خيري الدنيا والاخرة واذا دعا بدعاء يعني كثير - 00:21:09ضَ

دعا بها فيه المؤمن يعطيه الله جل وعلا في الدنيا والاخرة والكافر والمنافق اذا عمل خيرا في الدنيا اعطاه الله جل وعلا ثوابه في الدنيا فقط انا كذلك نجزي المحسنين. فلا يظيع اجر الاحسان عند الله جل وعلا. والاحسان - 00:21:32ضَ

هو اعلى صفة يتصف بها المسلم ان درجات الدرجات التي يتصف بها المرء المؤمن التقي الاسلام ثم الايمان ثم الاحسان فاعلاها الاحسان وصفة الاحسان كما بينها النبي صلى الله عليه وسلم - 00:21:58ضَ

ومعناه ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك ان تعبد الله عبادة من يشاهد معبوده ومن المعلوم ان المرء لا يرى الله جل وعلا في الدنيا - 00:22:24ضَ

ومن قال انه يرى الله في الدنيا وقد كذب غير النبي صلى الله عليه وسلم فعلماء السلف رحمهم الله اختلفوا هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه او لم يراه حينما عرج به الى السماوات العلى - 00:22:50ضَ

واما من عاداه فلم يره موسى عليه الصلاة والسلام سأل الله رؤيته فلم يستطع ذلك حيث قال جل وعلا لن تراني ولكن انظر الى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني - 00:23:09ضَ

فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا. وخر موسى صعقا. قال سبحانك تبت اليك فالمؤمن لا يرى الله جل وعلا في الدنيا وانما يراه في الاخرة ويعبد الله كأنه يراه ولله المثل الاعلى - 00:23:28ضَ

المرء اذا كان يعمل عملا لشخص واقف على رأسه مثلا هل يكون عمله له مثل لو عمل له وهو غائب عنه يختلف لكان رب العمل واقف تجد العامل ينصح ويجتهد - 00:23:51ضَ

ويتقن عمله لان رب العمل واقف عليه. فالمؤمن يعمل العمل لله معتقد ان الله يراه يعتقد ان الله يراه لان الله جل وعلا لا تخفى عليه خافية المحسن هو من يعمل العمل كانه يرى الله - 00:24:16ضَ

واذا لم يكن يرى الله فان الله جل وعلا يراه انهما من عبادنا المؤمنين وصفهما الله جل وعلا بالاحسان اولا ثم وصفهما بالايمان ثانيا قد يقول قائل النبوة اعلى من درجة الاحسان - 00:24:44ضَ

والاحسان اعلى من درجة الايمان فكيف قال جل وعلا انهما من عبادنا المؤمنين نقول نعم وصفهما بالايمان فيه رافع لشأن المؤمن بالله جل وعلا من عباد الله الصالحين الذي لم يصل الى درجة الانبياء - 00:25:16ضَ

يقال له انظر انت في صفة ينبغي ان تعظ عليها بالنواجذ صفة الايمان. احرص عليها لان الله جل وعلا وصف انبيائه ورسله بانهم من ظمن عباده المؤمنين وفي هذا حفز - 00:25:41ضَ

للمؤمن بان يتمسك بصفة الايمان ويعض عليها بالنواجذ ويبتعد كل البعد عما يؤثر عليها او ينقصها لان المؤمن اذا وقع في المعصية ضعف ايمانه وقد يوم حل ما يبقى معه الا وصف الاسلام - 00:26:04ضَ

ثم قد يابا محل شيئا فشيئا الايمان له زيادة وله نقص. كما قرر ذلك اهل السنة والجماعة بانه يزيد في الطاعة كلما اجتهد المسلم بطاعة الله جل وعلا ساد ايمانه وارتفع - 00:26:32ضَ

وكلما قلل عمل الطاعة ووقع في المعصية ضعف ايمانه يزيد بالطاعة وينقص بماذا؟ بالمعصية بحري بالمؤمن ان يتمسك بايمانه وان يعض عليه بالنواجذ وان يعمل على زيادته يعمل على زيادته لا ينقص - 00:26:52ضَ

لانه هو في درجة لا يبقى عليها يحاول ان يزيد يزيد في الايمان بماذا؟ بالاعمال الصالحة وقد يتلاعب به الشيطان احيانا وتقل درجة ايمانه اذا وقع في المعصية وقال جل وعلا انهما اي موسى وهارون - 00:27:21ضَ

من عبادنا المؤمنين المتصفين بصفة الايمان. وهو الصدق والاخلاص لله جل وعلا وصفهما بالاحسان بقوله انا كذلك نجزي المحسنين. يعني جزيناهما لانهما كانا من المحسنين وهذا جزاؤنا لكل من احسن. والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد - 00:27:47ضَ

محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:28:20ضَ