تفسير ابن كثير | سورة الحج

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبدالرحمن العجلان | 17- سورة الحج | الأية 36

عبدالرحمن العجلان

الرجيم والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير. فاذكروا اسم الله والله عليها صواف فاذا وجبت جنوبها فاذا وجبت جنوبها فكلوا منها واطعموا القانع والمعتر. كذلك سخر ما هالكم لعلكم تشكرون - 00:00:00ضَ

يقول الله جل وعلا ممتنا على عباده بما تفضل عليهم به من النعم والبدن جعلناها لكم من شعائر الله البدن جمع بدنة والبدنة قيل المراد بها البعير وقيل البعير والبقر - 00:00:32ضَ

شرعا تطلق على الابل والبقر. لان البعير عن سبعة والبقرة كذلك عن سبعة. فهي شرعا تطلق على الاثنين الابل والبقر ولغة قال بعضهم تطلق على الابل فقط وقال بعضهم تطلق على الابل - 00:01:19ضَ

والبقر واما الغنم فلا تسمى والغنم من بهيمة الانعام واذا قيل بهيمة الانعام شمل الابل والبقر والغنم واذا قيل البدل فالمراد بها شرعا الابل والبقر ولغة يرى بعضهم انها للابل خاصة - 00:01:54ضَ

ويرى بعضهم انها للابل والبقر عامة والبدن فيها قراءتان بضم الباء واسكان الدال البدن وقراءة اخرى لغة ثانية بضم الباء والدال. البدن والبدن وسميت بدنة بكبرها وبدانة جسمها قال ابن كثير رحمه الله - 00:02:31ضَ

واختلفوا في صحة اطلاق البدنة على البقرة على قولين اصحهما انه يطلق عليها ذلك شرعا. كما صح في الحديث قال ابن عمر لا نعلم البدن الا من الابل والبقر وقال ايضا البدن ذات الجوف. جعلناها لكم من شعائر الله - 00:03:19ضَ

جعلناها خلقناها ويسرناها لذلك تحيا من شعائر الله والشعائر جمع شعيرة وهي العلامة. يعني هي من اعلام الشريعة التي شرعها الله جل وعلا واضافها جل وعلا الى اسمه تعظيما لها. شعائر الله - 00:03:53ضَ

تعظيما لها كما يقال بيت الله وناقة الله تعظيما للمضاف الى اسم الله جل وعلا والا فكل مخلوق ملك لله جل وعلا. وقيل سميت الشعائر لانها تشعر يوضع عليها علامة فيعرفها - 00:04:34ضَ

كل من رآها بانها مهداة للبيت. وذلك بان تطعن بحديدة في سنامها فمن رآها عرف انها مهداة لبيت الله جل وعلا وكانوا يشعرون الهدي يعني يبينونه ويوضع فيه علامة لكم فيها خير - 00:05:21ضَ

لكم فيها اي في البدن خير وعمم جل وعلا الخير خير دنيوي وخير اخروي فالخير الاخروي الاجر والثواب الجزيل ورضوان الله جل وعلا بتعظيم شعائره وتعظيم التقرب اليه وكلما اختار الانسان الاجود - 00:06:03ضَ

من الهدي وهذا دليل على ما في قلبه من التقوى وتعظيم امر الله جل وعلا والخير الدنيوي ما يصيبه الانسان من منفعة الاكل من لحمها وتعميم نفعها للفقراء والمحتاجين لان فيها من اللحم - 00:06:45ضَ

ما ليس في غيرها من الغنم. ويصح ان تكون الجملة لكم فيها خير حالية الجار والمجرور خبر مقدم وخير مبتدا مؤخر وسوغ الابتداء بالنكرة تقدم الخبر والجملة في محل نصب - 00:07:23ضَ

حال فاذكروا اسم الله عليها وتقدم لنا ان اهم ما شرع الهدي من اجله هو ذكر الله جل وعلا وذكر الله جل وعلا من اعظم الاعمال اجرا ومن احبها الى الله جل وعلا - 00:07:57ضَ

والله جل وعلا يقول ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الى قوله تعالى والذاكرين الله كثيرا والذاكرات اعد الله لهم مغفرة اجرا عظيما وقال جل وعلا فاذكروني اذكركم وقال النبي صلى الله عليه وسلم - 00:08:36ضَ

الصحابي الذي طلب منه الوصية ووصية النبي صلى الله عليه وسلم لفرد من افراد الصحابة رضي الله عنهم اجمعين وصية للامة قال عليه الصلاة والسلام لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله - 00:09:13ضَ

وفي الحديث من اشتغل بذكري عن مسألتي اعطيته افضل ما اعطي السائلين وشرع الله جل وعلا ذكره في كل حالة من حالات العبد وفي كل انتقال وفي كل عمل وعند تغير الاحوال - 00:09:41ضَ

عند الدخول وعند الخروج المسجد او البيت او مكان قضاء الحاجة وعند ابتداء الصلاة وفي اثنائها وعند الاكل وعند النوم وعند الاستيقاظ وعند القراءة وعند الكتابة وعند البدء في كل امر - 00:10:14ضَ

جبال وقيمة وعند الطواف وافضل ما يقال يوم عرفة ذكر الله لا اله الا الله فالله جل وعلا اوصى وامر بذكره في جميع الاحوال فاذكروا اسم الله عند ذبحها عند الذبح - 00:10:56ضَ

لا تحل الذبيحة الا اذا ذكر اسم الله عليها بسم الله والله اكبر قال بعض العلماء الاصل في الذبائح الحرمة ولا يحلها الا ذكر الله جل وعلا وكذا اذا ارسل الكلب او الطير للصيد - 00:11:34ضَ

فصاحبهما يذكر اسم الله جل وعلا على ارسالهما فاذكروا اسم الله عليها اي على الذبيحة على المزكاة المنحورة قائلا بسم الله والله اكبر وان قال اللهم هذا منك ولك فحسن بانه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم - 00:12:06ضَ

صواف اي انها قائمة صفت قوائمها وعقلت يدها اليسرى طواف وورد صوافنا من قوله جل وعلا الصافنات الجياد الخيل وقرأ صوافي اي خالصة لله جل وعلا صواف جمع صافة وصوافها جمع صافية. بمعنى خالصة - 00:12:40ضَ

يعني خالصة لله جل وعلا قال ابن عباس رضي الله عنهما اذا اردت ان تنحر البدنة فاقمها على ثلاث ثلاث قوائم معقولة ثم قل بسم الله والله اكبر وحينما رأى - 00:13:39ضَ

رجلا قد اناخ بدنته وهو ينحرها قال ابعثها قياما مقيدة سنة محمد صلى الله عليه وسلم وهذا هو السنة ولو نحرها باركة او على جنب جاز ذلك لكن الافضل ان تنحر قائمة معقولة احدى يديها - 00:14:07ضَ

فاذا وجبت جنوبها وجبت بمعنى سقطت يقال وجبت الشمس بمعنى سقطت في مغيبها والوجوب السقوط فاذا وجبت سقطت يعني اذا ماتت تسقط على الارض فكلوا منها اباح جل وعلا الاكل - 00:14:51ضَ

بعد سقوطها على الارض يعني بعد خروج روحها ولا يجوز ان يؤخذ منها شيء او يقطع منها وصلة قبل خروج الروح لان ما ابين من حي فهو كميتته. فلو قطع من الشاة - 00:15:36ضَ

او من البقرة او من البعير وصلة قبل خروج روحها ما حلت وصارت حرام ما ادين من حي فهو كميتته ميتة البقرة والشاة والبعير لا تحل فكذلك ما ادين منها يعني ما قطع منها وفيها حياة - 00:16:05ضَ

فلا تحل فلا يجوز الاستعجال في تقطيعها قبل خروج روحها فكلوا منها. فاذا وجبت جنوبها يعني سقطت على جنبها لخروج روحها فكلوا منها فكلوا منها الامر هنا للندب الاباحة ورجح كثير من العلماء - 00:16:38ضَ

ان الامر للندب بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وحرصه على ان يأكل منها كلها وهي مئة من الابل التي اهداها عليه الصلاة والسلام وقد اهدى كما تقدم مائة من الابل - 00:17:22ضَ

ذبح بيده الشريفة ثلاثا وستين بدنة واعطى علي ابن ابي طالب رضي الله عنه نيابة عنه نحر البقية من المئة ثم امر صلى الله عليه وسلم بان يؤخذ من كل - 00:17:52ضَ

بدنة بضعة يعني قطعة لحم صغيرة بقدر ما يمضغ الانسان ويدخل في فمه طبخت في قدر ثم اكل منها عليه الصلاة والسلام وشرب من مرقها قالوا فعله صلى الله عليه وسلم - 00:18:15ضَ

تفسيرا لقول الله تعالى فكلوا منها الاكل للاستحباب وقيل للاباحة واطعموا القانع والمعتر اطعموا القانع والمعتر الامر هنا قيل للاستحباب وقيل للوجوب قيل للاستحباب الاول وقيل للوجوب بانه يجب ان يطعم منها الفقراء - 00:18:44ضَ

قال بعضهم يأكل النصف ويطعم النصف وقال بعضهم يأكل الثلث ويطعم الثلثين لان الله جل وعلا قال فكلوا منها واطعموا قالوا نصفين وقال بعضهم اثلاثا لان الله جل وعلا قسمها بين الثلاثة قال كلوا منها واطعموا القانع - 00:19:28ضَ

والمعتر ثلاثة اختلف العلماء رحمهم الله في المراد بالقانع والمعتر من هو وقيل القانع هو الذي يقنع في بيته فلا يتعرض للسؤال ويقبل ما اعطي وقال بعضهم القانع هو من يكتفي بما عنده - 00:20:01ضَ

فيكون اعطاؤه من باب الهدية وقال بعضهم القانع هو السائل يسأل فيقنع بما اعطيته. قل او كثر والمعتر قيل هو الذي يسأل وقيل هو الذي يتعرض ولا يسأل يأتي الى الشخص - 00:20:44ضَ

يعرض نفسه ولا يسأل كانه يريد ان يفطن على نفسه ويستحيي من السؤال فبعضهم قال هو السائل وبعضهم قال هو الذي في حاجة ولكنه يستحيي من السؤال يبدي نفسه ويعرض نفسه ولا يسأل - 00:21:20ضَ

والله جل وعلا حث على التعفف من الفقير ورغب الغني في ان يتلمس حال المتعفف الذي لا يسأل وهم الذين لا يسألون الناس الحافا وهم الذين يحسبهم الجاهل اغنياء من التعفف - 00:21:51ضَ

ورغب جل وعلا في مواساتهم واعطائهم لانهم لا يتظاهرون بالفقر ولا يتعرضون للسؤال استحياء وهم في حاجة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان واللقمة واللقمتان. ولكن المسكين الذي - 00:22:25ضَ

لا يجد غنا يغنيه ولا يتفطن له فيتصدق عليه. ولا يقوم فيسأل الناس يظهر بمظهر حسن استحياء فيظنه الناس غنيا وهو في حاجة ماسة فرغب النبي صلى الله عليه وسلم في التفطن - 00:23:03ضَ

لمثل هذا ومواساته وتشجيعه على عدم السؤال لانه اذا جاءه الشيء بدون سؤال واذا لم يتفطن له في هذه الحال فربما حملته الحاجة الى السؤال المذموم وقال الله جل وعلا في ثنائه على عباده والذين في اموالهم حق معلوم - 00:23:34ضَ

للسائل والمحروم المحروم الذي لا يسأل ويحرم لظن الناس انه غني وقيل فيه غير ذلك وقيل القانع المسكين والمعتر الذي ليس بمسكين وقيل القانع الجار الجار القريب الذي يرى ما يدخل عليك - 00:24:08ضَ

فمثل هذا اولى بالمواساة. لانه يطلع على ما يدخل بيتك والمعتر الذي يعترف ببابك يعني يأتيك عند بابك ولا يسألك وفيه اقوال كثيرة وعلى كل فهم لهم حق في الهدي - 00:24:48ضَ

والصدقة وهو من كان محتاجا لذلك من فقير او مسكين او جار او قريب فكلوا منها واطعموا القانع والمعتر والله جل وعلا جعل في اموال الاغنياء حقا للفقراء واوصى بهم - 00:25:17ضَ

وخاصة فقراء الحرم المجاورون في مكة جعل الله لهم ما لم يجعل لغيرهم لرغبتهم في جوار بيته فجعل الهدي كثير منه لهم خاصة وبعضه يشتركون فيه مع غيرهم فمثلا هذه الجبران - 00:25:52ضَ

ما كان عن ترك واجب او فعل محظور هذا خاص لفقراء الحرم دون غيرهم فلا يعطى للفقراء خارج مكة وان كانوا قريبين منها وهدي التمتع وهدي القران وهدي التطوع لهم ولغيرهم - 00:26:41ضَ

للمهدي ولمن يريد ان يهدي عليه المهدي المقدم للهدي ولذا قال بعض الفقهاء رحمهم الله كل هدي او اطعام فلمساكين الحرم والصيام لكونه لا يتعدى نفعه يصوم الانسان في اي مكان شاء - 00:27:18ضَ

يقول مثلا فعل محظورا من محظورات الاحرام ترك الاحرام من الميقات المعتبر له نقول عليك هدي يقول ما هو يقول ذبح شاة في مكة لفقراء الحرم فان قال لا استطيع ذلك - 00:27:59ضَ

نقول صم عشرة ايام في اي مكان شئت الصيام ما يلزم ان يكون في مكة. لانه لا يتعدى نفعه للغير. واما الهدي فلا تذبحه خارج جاء مكة فهذه ميزة ونعمة - 00:28:30ضَ

ميز الله بها فقراء الحرم المجاورين لبيته الحرام وذلك ان المجاورة والرغبة في ذلك غالبا ما تكون محبة لجوار بيت الله ورغبة في القرب منه فجعل الله جل وعلا لهم هذا الحق - 00:28:55ضَ

على الحجاج والمعتمرين شيئا يقدمونه لله جل وعلا يعطونه لفقراء الحرم كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون كذلك مثل ذلك سخرناها لكم. سخرها الله جل وعلا نعمة. ومنة للعباد الجمل الكبير العظيم - 00:29:29ضَ

يأخذه الطفل الصغير يمسك بزمامه ويركبه او يسوقه يتوجه به حيث شاء او يقدمه لذبحه ونحره نعمة من الله جل وعلا. والا فلو صان البعير ما قدر عليه الجمع من الناس - 00:30:17ضَ

ومع ذلك الشخص البشيط ربما يكون ضعيف الحال يستطيع ذبحه ونحره بتسخير من الله والطفل من ست سنوات او اكبر او اقل يأخذ بيد الجمل الكبير ويسوقه حيث شاء ومن تسخيرها ان الله جل وعلا سخرها للعباد - 00:30:53ضَ

ليحملوا عليها اثقالهم وتحمله فيأخذ الرجل بزمام البعير ويقوده او يسوقه من اجل ان يحمل عليه ويسير معه ثم ينيخه في المكان الذي يريد ثم يحمل عليه ما شاء من الحمل - 00:31:30ضَ

خفيفا او ثقيلا ولا يمتنع من ذلك ولا يشرد وذلك بتسخير من الله جل وعلا كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون اشكروا الله جل وعلا المسخر والمهيئ لكم هذه الامور كلها هيئت لراحتكم - 00:31:59ضَ

وخدمتكم وقضاء حوائجكم. تفضلا من الله واحسان المرء كلما تجددت له نعمة جدد لله جل وعلا شكرا فيكثر من شكر الله جل وعلا على نعمه المتوالية. التي لا تعد ولا تحصى. وان - 00:32:29ضَ

تعدوا نعمة الله لا تحصوها فيشكر العبد ربه دائما وابدا بلسانه وقلبه وجوارحه يشكر الله بقلبه اعترافا بفضله واحسانه. ويشكر الله بلسانه ويشكر الله بجوارحه بالاعمال الصالحة والتقرب الى الله جل وعلا بما يحب - 00:32:58ضَ

ارجو الله جل وعلا ان يمن علي وعليكم بالعلم النافع والعمل الصالح وان يرزقنا شكره وذكره وحسن عبادته. والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:33:37ضَ