تفسير ابن كثير | سورة يس

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبدالرحمن العجلان | 17- سورة يس | من الأية 63 إلى 67

عبدالرحمن العجلان

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد بالله اعوذ بالله من الشيطان الرجيم هذه جهنم التي كنتم توعدون اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون - 00:00:00ضَ

اليوم نختم على افواههم وتكلمنا ايديهم وتشهد ارجلهم بما كانوا يكسبون ولو نشاء لطمسنا على اعينهم فاستبقوا الصراط فانى يبصرون ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم هذه الايات الكريمة من سورة ياسين - 00:00:37ضَ

جاءت بعد قوله تعالى عن اصحاب الجحيم يمتاز اليوم ايها المجرمون اليكم يا بني ادم الا تعبدوا الشيطان انه لكم عدو مبين وان اعبدوني هذا صراط مستقيم ولقد اضل منكم جبلا كثيرا افلم تكونوا تعقلون - 00:01:25ضَ

هذه جهنم التي كنتم توعدون بعد لومهم وتوبيخهم وامرهم بان ينحاز ويتميز عن المؤمنين قالت لهم الملائكة هذه جهنم التي كنتم توعدون اين وعدوا بها اعيدوا بها في الدنيا هذا الكلام يكون لهم متى - 00:01:58ضَ

يوم القيامة يقال لهم هذه جهنم التي كنتم توعدون يعني وعدتم بها في الدنيا. قيل لكم في الدنيا ان لم تؤمنوا فلكم النار فهم وعدوا بالنار ويقال لهم هذه جهنم التي كنتم توعدون - 00:02:36ضَ

اسلوها وهذا لا اختيار لهم فيه وانما هذا الامر يسميه العلماء امر تبكيت واهانة يعني يؤمرون بهذا وهم يقذفون فيها ما ينتظر منهم حتى يمتثل الامر وانما هذا الامر امر تبكيت - 00:03:06ضَ

واهانة واستخفافا بحقهم على حد قوله تعالى انك انت العزيز الكريم يعني يؤمر بهذا الامر وهذا امر اهانة وتبكيت اصلوها ايدخلوها وقاسوا حرها اليوم ادخلوها اليوم بما كنتم تعملون البا هنا - 00:03:38ضَ

شبابية بالذي كنتم تعملون او بعملكم وما هذه يصح ان تكون مصدرية وان تكون موصولة موصولة بالذي كنتم تعملون مصدرية بعملكم بما عملتموه من السيئات والكبائر وبطاعتكم للشيطان واعراضكم عن طاعة الرسل - 00:04:16ضَ

اليوم نختم على افواههم وتكلمنا ايديهم وتشهد ارجلهم بما كانوا يكسبون اليوم اي ذلك اليوم يوم القيامة يقول الله نختم على افواههم اي يختم على فيه فلا يستطيع ان يتكلم - 00:04:50ضَ

يتكلم في اول الامر فينكر يقال له اشركت بالله فيقول لا هل عصيت الرسل؟ فيقول لا. ما عصيت الرسل وما اشركت بالله ويختم الله على فيه وتتكلم يده وتشهد رجله - 00:05:19ضَ

تشهد جوارحه تشهد اعضاءه عليه. لانها ملازمة له مطلعة على عمله قال المفسرون انهم ينكرون الشرك وينكرون تكذيب الرسل كما في قول الله جل وعلا عنهم والله ربنا ما كنا مشركين - 00:05:44ضَ

يجحدون ويختم الله على افواههم ختما لا يقدرون معه على الكلام وفي هذا التفات من الخطاب الى الغيبة اول كان الخطاب اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون ثم قال اليوم نختم على افواههم غائب - 00:06:11ضَ

قالوا للايذان بان افعالهم القبيحة مستدعية للاعراض عن خطابهم كأنهم خوطبوا ثم تبين انهم لا يصلحون للخطاب لا يتجاوزون ولا يعطون الكلام حقيقته ولا يعترفون بالواقع فتبين انهم لا يصلحون للخطاب فعند ذلك يختم الله على افواههم يعبر الله جل وعلا - 00:06:42ضَ

الا عنهم بالغيبة ثم قال جل وعلا وتكلمنا ايديهم وتشهد ارجلهم يكلمنا ايديهم اليد تتكلم تقول عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا تقول سرقت مشاشتو اخذت نتكلم عما فعلت من القبائح - 00:07:17ضَ

وتشهد ارجلهم الرجل تشهد والفخذ يشهد قال بعض المفسرين ما الحكمة في كون اليد تتكلم والرجل تشهد قالوا من يتكلم عن نفسه يسمى اقرار وكلام عن نفسه ومن يتكلم عن غيره يكون شهادة - 00:07:49ضَ

اليد تتكلم عن نفسها اقرار تقر بما فعلت والرجل حاضرة لان اليد لا تفعل شيئا الا والرجل معها فتشهد الرجل على ما صدر وما حصل تكلمت ايديهم بما كانوا يفعلونه - 00:08:18ضَ

وشهدت ارجلهم بما كانوا يكسبون باختيارها بعد اقدار الله جل وعلا لها على الكلام. الله جل وعلا ينطقهم ينطق الجوارح ينطق الجلود ينطق الايدي ينطق الارجل تتكلم بكلام بين ليكون - 00:08:44ضَ

كلام الاعضاء ادل على صدور الذنب منهم مع شهادة الملائكة عليهم الملائكة الكرام الكاتبون يشهدون بما فعل ابن ادم ويسجلون ذلك فالملائكة تشهد والجوارح تنطق وتفيد بما عملت وقيل في سبب الختم على الافواه - 00:09:11ضَ

ليعرفهم اهل الموقف يفتضحوا لا يستطيعون ان يتكلموا. الناس يتكلمون وهؤلاء المجرمون لا يستطيعون ان يتكلموا يصبح وقيل ختم على افواههم من اجل ان تتكلم جوارحهم فلا تتكلم الافواه بتكذيب الجوارح - 00:09:43ضَ

وانما يختم على الفم ثم الجوارح تنطق بما حصل منها بامر الله جل وعلا لها لان شهادة المرء على نفسه ابلغ وشهادة بعظه على بعظ ابلغ اليد تنطق فعلت وفعلت والرجل تشهد شاهدت وحظرت - 00:10:13ضَ

وقد اخرج الامام احمد ومسلم والنسائي والبزار وغيرهم رحمهم الله عن انس ابن مالك رضي الله عنه في الاية قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجذه - 00:10:43ضَ

لان النبي صلى الله عليه وسلم كان ضحكه تبسما. واكثر ما يكون تبدو نواجذه صلى الله عليه وسلم فلا يضحك قهقهة عليه الصلاة والسلام قال اتدرون مما ضحكت قلنا لا يا رسول الله - 00:11:04ضَ

قال من مخاطبة العبد ربه يقول يا ربي الم تجرني من الظلم ويقول بلى فيقول اني لا اجيز علي الا شاهدا مني اقول لا اقبل شهادة احد علي الا شاهد من نفسي - 00:11:27ضَ

وانت يا ربي اجرتني من الظلم ووعدت بانك لا تظلمني وانا اطالب بالا تقبل الشهادة الا من نفسي على نفسي فيقول كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا. كما قال الله جل وعلا اقرأ كتابك - 00:11:53ضَ

كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا وبالكرام الكاتبين شهودا كرام كاتبون ملائكة اخيار لا يظلمونك ولا يكتبون عليك الا ما جنت يمينك ان ما فعلت لانهم منزهون عن الظلم وعن ان يكتبوا عليك ما لم تفعل - 00:12:18ضَ

وهم ثقات مقبولة شهادتهم وبالكرام الكاتبين شهودا فيختم على فيه يعني على فمه ويقال لاركانهم طقي فتنطق باعماله ثم يخلى بينه وبين الكلام. يعني يفسح له في الكلام بلسانه ويقول بعدا لكن وسحقا. يدعو على اعضائه وعلى جوارحه - 00:12:50ضَ

فانكن كنت اناضل يقول انا كذبت وانكرت لاجلكن لاجل الا اوقعكن في النار وانتن تشهدن علي واخرج مسلم والترمذي وابن المردوي والبيهقي رحمهم الله عن ابي سعيد وابي هريرة رضي الله عنهما - 00:13:27ضَ

قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقى العبد ربه فيقول الله له الم اكرمك واسودك يعني اجعلك سيد وازوجك واسخر لك الخيل والابل ويقول بلى اي ربي يعني كل ذلك حصل اعطيتني اياه - 00:13:58ضَ

فيقول افظننت انك ملاقيا هل وقع في نفسك انك تلقاني ويقول لا فيقول اني انساك كما نسيتني ثم يلقى الثاني فيقول مثل ذلك. ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك فيقول اي الثالث - 00:14:32ضَ

امنت بك وبكتابك وبرسولك وصليت وصمت وتصدقت ويثني بخير ما استطاع. يعني يثني على نفسه يمدح نفسه فيقول الله الا نبعث شاهدنا عليك فيفكر في نفسه من الذي يشهد علي - 00:15:02ضَ

يعني يعلم يعرف عن نفسه انه عمل اعمالا ما اطلع عليها احد من سيشهد ويختم على فيه ويقال لفخذهم طقي. فتنطق فخذه وفمه وعظامه بعمله ما كان وذلك ليعذر من نفسه - 00:15:32ضَ

وذلك المنافق وذلك الذي يسخط عليه يعني المنافق الذي يسخط الله جل وعلا عليه ذاك في حق الكافر يعترف بالنعم ويسأله هل كنت تظن لقياي؟ فيقول لا لكن المنافق ينكر. يقول صليت وهو صحيح صلى. وصمت - 00:15:58ضَ

وزكيت وحججت وعملت وعملت اعمالا تمدح نفسه لكنه في الحقيقة لم يعملها لله فلم تنفعه وتنطق جوارحه بخيانته وباعماله ولو نشاء لطمسنا على اعينهم يتوعدهم الله جل وعلا وهل هذا الطمس - 00:16:27ضَ

يوم القيامة كم في الدنيا قولان للعلماء قال بعضهم يتوعدهم الله جل وعلا لما لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم بان يقول لهم لو نشاؤا لطمسنا على اعينهم لو نشاءوا لاعميناهم - 00:17:00ضَ

ابصارهم وعيونهم كما اعمينا بصائرهم وكما قال الله جل وعلا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وابصارهم وصاروا عميا لا يدركون ولا يرون ولا ينظرون لو اراد الله ذلك جل وعلا ولكنه لم يرده - 00:17:25ضَ

وقيل ذلك يوم القيامة لو شاء الله لذهب بابصارهم فلا يستطيعون المضي في عرصات القيامة ولا يبصرون طريقهم وفي هذا وعيد لهم والمعنى كما قال الحسن والسدي لو تركناهم عميا يترددون لا يبصرون طريق الهدى. يعني لو شئنا لفعلنا بهم ذلك - 00:17:50ضَ

واختار هذا ابن جرير رحمه الله وقال ابن عباس في الاية اعميناهم واضللناهم عن الهدى وقال عطاء مقاتل وقتادة المعنى لو نشاءوا لفقأن اعينهم واعميناهم عن غيهم وحولنا ابصارهم من الضلالة الى الهدى فابصروا رشدهم واهتدوا. يقول الله جل وعلا بانه لو شاء هدايتهم - 00:18:21ضَ

لهداهم لكنه جل وعلا علم انهم لا يصلحون للهداية فاضلهم واعمى ابصارهم فاستبقوا الصراط معطوف على لطمسنا. ولو نشاؤوا لطمسنا اعينهم فاستبقوا الصراط اي تبادروا الى الطريق ليجوزوه ويمضوا فيه - 00:18:51ضَ

والصراط منصوب هنا بنزع الخافض كيف استبقوا الاصل فاستبقوا الى الصراط فاستبقوا الى الصراط ونزع الجار فصار فاستبقوا الصراط وقرأ فاستبقوا على الامر امر لهم بان يستبقوا بان يذهبوا الى الصراط - 00:19:19ضَ

ويقال لهم استبقوا. وفي هذا تهديد لهم فانى يبصرون؟ اي فكيف يبصرون وقد وما شاء الله اعينهم يعني لو طمس الله اعينهم وقيل لهم اذهبوا الى الصراط وسيروا عليه ما استطاعوا - 00:19:49ضَ

لان الله طمس على اعينهم ومن طمس على عينه فلم يبصر فلا يستطيعوا ان يسيرا ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم يقول الله جل وعلا لو شئنا فعلنا بهم كذا ولو شئنا لفعلنا بهم كذا لان الله جل وعلا على كل شيء - 00:20:10ضَ

وهو قادر جل وعلا ولو شئنا لمسخناهم على مكانتهم يعني لمسخناهم في مكانهم الذي هم فيه لو شاء الله مسخهم وجعلهم احجارا لو شاء الله لمسخهم وجعلهم قردة وخنازير ولو شاء الله لمسخهم على ما يريد سبحانه وتعالى. فهو قادر على كل شيء - 00:20:37ضَ

والمشيخ هو تبديل الخلقة يعني يقلب من شيء الى شيء فمسحناهم على مكانتهم لو شئنا لجعلناهم احجارا لا تتحرك وجمادات ولو شئنا لجعلناهم بهائم على مكانتهم. يعني على مكانهم الذي هم فيه. على حالتهم التي هم عليها. في وقتهم الذي هم فيه وفي - 00:21:08ضَ

الذي هم فيه. لا يحتاج الى ان ننتظر حتى ينتقلوا من مكان الى مكان. او لا يتسلط عليهم امرنا الا في دون مكان بل الله جل وعلا قادر عليهم في اي مكان كانوا فيه - 00:21:39ضَ

فاذا مسخهم الله جل وعلا يقول فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون. لا يستطيعون ان يتقدموا ولا ان يتأخروا لا يستطيع ان يمضي فيسير لتلقاء وجهه ولا يستطيع ان يرجع وفي هذا وعيد لهم - 00:21:59ضَ

وتخويف لهم لانه من معصيتهم للنبي صلى الله عليه وسلم. معرضون انفسهم للخطر معرضون انفسهم لوعيد الدنيا وعذاب الدنيا كما هم معرضون انفسهم لعذاب الاخرة يوم القيامة فما استطاعوا مضيا بظم الميم - 00:22:19ضَ

وفتحها مضيا ومضيا وفيه كسر مضيا والمعنى لا يستطيعون رجوعا ولا مسيرا مضى يمضي اذا ذهب في الارض ورجع يرجع رجوعا اذا عاد من حيث جاء لا يستطيعون ان يمظوا - 00:22:43ضَ

في طريقهم ولا يستطيعون ان يرجعوا لو مسخهم الله جل وعلا في مكانهم لبقوا في مكانه عبرة للمعتبرين وفي هذا وعيد لهم بان الله جل وعلا قادر على ان يقلبهم - 00:23:10ضَ

حيوانات كما هو قادر على ان يقلبهم جمادات. ان يقلبهم احجار والله جل وعلا يبين حال الكفار في الدار الاخرة ويبين كمال قدرته جل وعلا عليهم في الدنيا كل هذا تخويف لهم - 00:23:27ضَ

وامر لهم بطاعة الله وطاعة رسله فمن انتفع بالنذارة واتقى الله جل وعلا. سعد سعادة لا يشقى بعدها ابدا. ومن لم تنفع فيه النذائل شقي شقاوة لا سعادة بعدها والعياذ بالله. والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا - 00:23:50ضَ

محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:24:16ضَ