تفسير ابن كثير | سورة الجاثية

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبدالرحمن العجلان | 2- سورة الجاثية | من الأية 7 إلى 11

عبدالرحمن العجلان

والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويل لكل افاك اثيم يسمع ايات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كان لم يسمعها فبشره بعذاب اليم - 00:00:01ضَ

واذا علم من اياتنا شيئا اتخذها هزوا اولئك لهم عذاب مهين ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئا ولا ما اتخذوا من دون الله اولياء ولهم عذاب هذا هدى والذين كفروا بايات ربهم لهم عذاب من رجز اليم - 00:00:30ضَ

هذه الايات الكريمة من سورة الجاثية يقول الله جل وعلا ويل لكل اثيم يسمع ايات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كان لم يسمعها ابشره بعذاب اليم. واذا علم من اياتنا شيئا اتخذها هزوا - 00:01:10ضَ

اولئك لهم عذاب مهين. الايات بعد ان بين جل وعلا دلائل ربوبيته ووحدانيته وبين كمال قدرته سبحانه وتعالى وانه المستحق للعبادة وحده لا شريك له قال تلك ايات الله نتلوها عليك بالحق - 00:01:40ضَ

فبأي حديث بعد الله واياته يؤمنون ويل لكل افاك اثيم ويل بوعيد شديد لمن كفر بالله جل وعلا او ويل واد في جهنم لو سيرت فيه جبال الدنيا لذابت من شدة حره - 00:02:15ضَ

او ويل في واد في جهنم يقذف فيه الفاجر ويمكث سبعين خريفا لا يصل الى قعره توعد الله جل وعلا من كل افاك اثيم يسمع ايات الله تتلى عليه. ثم يصر مستكبرا - 00:02:52ضَ

وصفه جل وعلا بثلاث صفات كذب في اللسان ووقوع في الاثم بالجوارح وكفر واعراض في القلب منتهى الظلال والعياذ بالله باللسان والجوارح والقلب ويل لكل افاك الافك هو اشد انواع الكذب - 00:03:26ضَ

كما قال الله جل وعلا ان الذين جاءوا بالافك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الاثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم - 00:04:00ضَ

كذبوا على عائشة رضي الله عنها وارضاها الصديقة بنت الصديق المفظلة على النساء كفضل السرير على سائر الطعام الطاهرة المطهرة فراش المصطفى صلى الله عليه وسلم كذبوا عليها واتهموها بما هي منه بريئة - 00:04:19ضَ

برأها الله جل وعلا في كتابه العزيز بقرآن يتلى الى قيام الساعة الافك اشد انواع الكذب لان كذبا على عائشة رضي الله عنها على فراش النبي صلى الله عليه وسلم - 00:04:48ضَ

ليس ككذب على غيرها فلذا قال جل وعلا ويل لكل افاك كثير الكذب شديد الكذب يكذب الكذب العظيم هاشم يعني واقع في الاثم واقع في الفجور واقع في عبادة غير الله جل وعلا - 00:05:11ضَ

يسمع ايات الله القرآن تتلى عليه ثم يصر مستكبرا يسمع ايات الله القرآن يسمعها من النبي صلى الله عليه وسلم ومن الصحابة ثم يعرض ويكفر بها ثم يصر والاصرار من - 00:05:41ضَ

قول المرء سررت الصرة يعني احكمت تجويدها وسرها يصر يعني يمنع نفسه منعا كاملا عن الاستجابة لتعاظمه وتكبره عن اجتماع الحق قال اهل اللغة والاصرار مأخوذ من اصرار الحمار على العانة - 00:06:15ضَ

حمار الوحش وهو يحني ينحني عليها سارا اذنيه شبه بهذا التشبيه الشنيع القبيح بمثابة حمار الوحش اذا نزع على اتانه انحنى عليها وصف اذنيه اعلى وكأنه بما هو مشغول فيه - 00:06:52ضَ

من الفعلة لا يلتفت لما حوله والاصرار مأخوذ من اصرار الحمار يعني حمار الوحش على العانة التي هي انثاه. اذا نزل عليها وهو ينحني عليها سارا اذنيه وقال بعض اهل اللغة من من سر الصرة - 00:07:29ضَ

اذا احكم اغلاقها اي فهو بعيد كل البعد عن الاستجابة لما يسمع يسمع ايات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا متماديا في تكبره وعنادة واعراضه عن القبول لم يسمعها اي انه يسمع لكنه - 00:07:56ضَ

بمثابة من لم يسمع شيئا يعني ما التفت لها ولا رعاها اي اهتمام او مبالاة او تأمل معرض كل الاعراض كانه لم يسمع شيئا كأن لم يسمعها كأن النون هنا ام المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن محذوف اي - 00:08:33ضَ

انه لم يسمعها فبشره في عذاب اليم البشارة في الغالب تطلق على ما يسر وقيل فقيل له فبشره بعذاب اليم على سبيل التهكم به والسخرية وقيل البشارة تطلق على كل خبر - 00:09:05ضَ

يظهر اثره على بشرة الوجه من سرور او حزن يعني اخبره خبرا سيئا يظهر اثره على بشرته البشارة في الخبر السار فقط والبشارة بالعذاب على سبيل التهكم والسخرية به او ان البشارة - 00:09:45ضَ

القاء الخبر الذي له اثر على البشرة في سرور وانبساط او حزن فبشره بعذاب اليم اي مؤلم ينتظره في الدار الاخرة الى هذه الاية نزلت في النظر ابن الحارث وكان يشتري من احاديث العجم - 00:10:20ضَ

وقصصهم يشغل الناس بها ويقول هذا مثل الذي يأتي به محمد واذا علم من اياتنا شيئا علم فيها قرائتان علم او علم هنا للمعلوم والبنا للمجهول البناء للمعلوم علم البناء للمجهول علم - 00:10:50ضَ

واذا علم من اياتنا شيئا يعني عرف او سمعها باذنيه من المؤمنين او سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم بدأ يستهزئ بها ما يكفي ان يعرض عنها ولا يقبلها - 00:11:24ضَ

بل يستهزئ بها كما قال ابو جهل تعالوا تزقموا هذا الزقوم الذي يعدكم محمد في النار التمر والزبد تعالوا تزقموا وكقوله ان محمد يذكر ان خزنة النار تسعة عشر كما قال الله جل وعلا عليها - 00:11:48ضَ

قال الا تكفوني اثنين واكفيكم البقية قالوا بلى اذا كفيتنا اثنين كفيناك الباقي. يقول لكفار قريش بهذا ويسخر منه والملائكة وخزنة النار كما وصفهم الله جل وعلا غراب شداد لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون - 00:12:24ضَ

حبب اليهم تعذيب الكفار من بني ادم كما حبب الى بني ادم الاكل والشرب وملائكة الله جل وعلا اقوياء اشداء ما تقاس بهم قوة المخلوق مها الادمي مهما اعطي من قوة - 00:12:57ضَ

وقد رفع جبريل عليه السلام قرى قوم لوط وهي سبع بطرف جناحه ورفعها الى السماء حتى سمع الملائكة في السماء صياح ديكتهم ونباح كلابهم ثم قلبها وقوة الملائكة لا تقاس بغيرها - 00:13:20ضَ

واذا علم من اياتنا شيئا اتخذها هزوا يعني يستهزئ بها ويسخر ويقول عن القرآن هذا سحر وهذا شعر وهذا كنهانة وهذا اقاصيص الاولين وحكاياتهم اولئك لهم عذاب مهين اولئك اي كل متصف بهذه الصفات - 00:13:44ضَ

متوعدون العذاب الاليم لهم عذاب مهين والعذاب قد يكون شاق لكنه شريف فيه نوع من العزة فليس العذاب كذلك بل وصفه الله جل وعلا بانه مهين يعني يسقون عصارة اهل النار - 00:14:19ضَ

ويسقون القيح والصديد ويسقون الماء الخارج من فروج المومسات الزانيات والعياذ بالله فهو عذاب مؤلم ومع ذلك فيه مهانة وحقارة وذلة وخسة لانهم تكبروا وتعاظموا عن الاستجابة لدعوة الله جل وعلا - 00:14:49ضَ

تعاملهم الله جل وعلا بما يستحقونه من الاهانة والاحتقار كما ورد في الحديث ان المتكبرين في الدنيا يحشرون يوم القيامة امثال الذر يلا قطعهم الناس باقدامهم مقابل ما تكبروا احتقرهم الله جل وعلا وجعل الناس يمشون عليهم والعياذ بالله - 00:15:25ضَ

كما ان العمل الصالح تقربا الى الله جل وعلا يرفع الله جل وعلا بها به عبده فمن توضأ تواضع لله رفعه المتواضع طاعة لله ولعباد الله المؤمنين يتواضع لهم ويتذلل لهم - 00:15:58ضَ

يكافئه الله جل وعلا بان الله يرفع شأنه ويعلي مكانه من تواضع لله رفعه والله جل وعلا وصف المؤمنين بانهم اذلة على المؤمنين يعني متواضعين اعزة على الكافرين يعني عندهم العزة والقوة والغلظة في حق بجانب الكفار - 00:16:23ضَ

اولئك لهم عذاب مهين. حقير خسيس يقول تعالى ويل لكل افاك اثم اي اخاك في قوله كذاب في فعله وقوله كافر باياته وقوله يعني فعله اثيم. وقوله افاك يعني كذاب - 00:16:52ضَ

وقلبه يسمع ايات الله تتلى عليه ثم يصر يعرض. نعم كافر بايات الله ولهذا قال يسمع ايات الله تتلى عليه اي تقرأ عليه ثم يصير اي على كفره وجحوده استكبارا وعنادا - 00:17:21ضَ

فان لم يسمعها اي كأنه ما سمعها فبشره بعذاب اليم فاخبره ان له عند الله يوم القيامة عذابا اليما موجعا واذا علم من اياتنا شيئا اتخذها هزوا اي اذا حفظ من القرآن كفر به - 00:17:43ضَ

واتخذه سخريا وهزوا اولئك لهم عذاب مهين اي مقابلة اي مقابلة ما استهان بالقرآن واستهزأ به ولهذا روى مسلم في صحيحه عن ابن عمر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم - 00:18:04ضَ

ان يسافر بالقرآن الى ارض العدو مخافة ان يناله العدو لا يجوز السفر في القرآن الى بلاد الكفار اذا خشي المرء من تسلطهم عليه لانه قد يتسلطون عليه فيهنونه ويحتقرونه - 00:18:23ضَ

من ورائهم جهنم ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئا ولا ما اتخذوا من دون الله اولياء من ورائهم كلمة ورى يستعمل بمعنى الامام والخلف يقول مثلا انا وراك يعني طريقك علي - 00:18:45ضَ

وانت تمر علي وهنا يقول الله جل وعلا من ورائهم اي امامهم العذاب في الدار الاخرة وقال اهل اللغة كلمة ورى من الكلمات التي تستعمل في الظدين للامام والخلف قالوا - 00:19:16ضَ

يستعمل في الابيض والاسود يقال هذا جون يعني ابيظ وهذا جون اي اسود وكقول الشاعر العربي اليس ورائي ان تراخت منيتي النسر اليس ورائي يعني امامي يعني يقول ان تراخت منيتي ان طال عمري ما هو النتيجة؟ ما هو المآل - 00:19:47ضَ

اصير ادب دبيبا وازحفوا زحفا ورائي بمعنى امامي وقيل المراد انها تأتيهم النار من الخلف ويقذفون فيها من خلفهم احتقارا لهم ومهانة ثم فسر العذاب الحاصل له يوم ميعاده فقال من ورائهم جهنم - 00:20:21ضَ

اي كلما اتصف بذلك اولى اولادهم كما في قوله تعالى من ورائه جهنم ويسقى من ماء وردت في القرآن اكثر من مرة وراء بمعنى امان ينتظره وقيل الورى اسم للجهة - 00:20:50ضَ

التي يواريها الشخص من خلف او قدام يعني التي لا يراها الشخص وراء قدامه متوارية عنه او خلفه متوارية عنه ولا يغني عنهم ما كسبوا ما ينفع ما اكتسبوه في الدنيا - 00:21:17ضَ

من مال وولد وجاه كل هذا لا يفيدهم في الدار الاخرة والله جل وعلا يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ومن اعطاه الدنيا وهو لا يحبه فلا ينتفع بها في الدار الاخرة - 00:21:48ضَ

ايحسبون ان ما نمدهم من مال وبنين. نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ابتلاء وامتحان يبتلى الماء المرء بالمال والولد فيبتلى به المرء فينجح في هذا الامتحان او يخفق - 00:22:13ضَ

من ينجح اعطي المال والولد فاستعان به على طاعة الله وصرف المال في طاعة الله ووجه الولد في طاعة الله جل وعلا فينجح في هذا الامتحان ويكون ماله وولده عونا له على طاعة الله - 00:22:37ضَ

ومن الناس والعياذ بالله من يعطى المال والولد فيستعين بماله على معصية الله ويربي ولده على معصية الله فيبعده هذا المال وهذا الولد عن الله. ويكون زيادة في عقوبته وهلاكه في الدار الاخرة - 00:22:59ضَ

وكما قال الله جل وعلا انما اموالكم واولادكم فتنة. ابتلاء وامتحان وهنا يقول جل وعلا ولا يغني عنهم اي لا يدفع عنهم ما عنده من مال وولد وحشم وخدم لا يغنون عنه شيئا في الدار الاخرة - 00:23:24ضَ

ولا ما اتخذوا من دون الله اولياء كذلك الاولياء التي اتخذوها الهة من دون الله لا تنفعهم ويظنون انهم يستفيدون منها كما قال الله جل وعلا عنهم يقولون ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى - 00:23:50ضَ

واذا التفتوا الى الهتهم لتنفعهم في ذلك الموقف ما نفعت وهي لا يخلو اما ان تكون جمادات لا قيمة لها اشجار واحجار او صلح من الملائكة والانبياء والرسل يكفرون بشركهم وينكرونه ويبغضونهم لانهم اشركوهم بالله - 00:24:19ضَ

او كفار واياهم في نار جهنم كما قال الله جل وعلا انكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم انتم لها واردون ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئا ولا ما اتخذوا من دون الله اولياء - 00:24:53ضَ

اولئك ولا ما اتخذوا من دون الله اولياء ولهم عذاب عظيم عذاب شديد فظيع ثم فسر العذاب الحاصل له يوم ميعاده فقال من ورائهم جهنم اي كل من اتصف بذلك - 00:25:17ضَ

سيصيرون الى جهنم يوم القيامة ولا يغني عنهم ما كسبوا. اي لا تنفعهم اموالهم ولا اولادهم ولا ما اتخذوا من دون الله اولياء اي ولا تغني عنهم الالهة التي عبدوها من دون الله شيئا - 00:25:39ضَ

ولهم عذاب عظيم هذا هدى. هذا اي القرآن هدى للمهتدين به والذين كفروا بايات ربهم القرآن لهم عذاب من رجز اليم لهم عذاب من رجس والرجس اشد انواع العذاب او هو اخسه - 00:25:57ضَ

لهم عذاب من رجس اليم والله جل وعلا يبين انه انزل القرآن للهداية والدلالة والارشاد فمن اهتدى به واستدل وهو المؤمن المتقي الفائز في الدنيا والاخرة ومن اعرض عنه ولم يرفع به رأسا فقد توعده الله جل وعلا - 00:26:28ضَ

في هذا العذاب الخسيس الشديد الفظاعة يوم القيامة هذا هدى يعني القرآن والذين كفروا بايات ربهم لهم عذاب من رجز اليم وهو المؤلم الموجع - 00:26:59ضَ