تفسير ابن كثير | سورة الشورى

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبدالرحمن العجلان | 2- سورة الشورى | من الأية 7 إلى 8

عبدالرحمن العجلان

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم وكذلك اوحينا اليك قرآنا عربيا قرآنا عربيا لتنذر ام القرى ومن حولها - 00:00:00ضَ

وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير ولو شاء الله لجعلهم امة واحدة ولكن يدخل من يشاء في رحمته والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير - 00:00:32ضَ

هاتان الايتان الكريمتان من سورة الشورى يقول الله جل وعلا وكذلك اوحينا اليك وكذلك الايحاء البديع المبين الواضح اوحينا اليك اي انزلنا عليك قرآنا عربيا قرآنا مقروء يتلى عربيا بلغة قومك - 00:01:03ضَ

يعرفون معناه ويدركونه ويعرفون علو منزلته في الكلام وقد جاء بلغتهم التي يعرفونها كما ان الرسل كذلك بلغة قومها لغرض النذارة لتنذر ثم القرى ثم القرى هي مكة شرفها الله - 00:01:47ضَ

وهي افضل البقاع واحب البقاع الى الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج مهاجرا التفت الى مكة وقال والله انك لافضل البقاع واحب البقاع الى الله ولولا اني اخرجت منك - 00:02:30ضَ

ما خرجت وصلى الله عليه وسلم يحب البقاء في مكة بفضلها ولكنه عليه الصلاة والسلام خرج لاعلاء كلمة الله وللدعوة الى توحيد الله وللجهاد في سبيل الله فيؤخذ من هذا - 00:03:00ضَ

ان المرء اذا خرج من بلاده بما فيها من الكفر او الضلال او الفسق او الفتور مرارا بدينه ان له في ذلك اسوة وهو المصطفى صلى الله عليه وسلم لتنذر ام القرى ومن حولها - 00:03:32ضَ

جميع العالم من حولها يمين شمال امام خلف لتنذر ام القرى والمراد اهلها اهل مكة لتنذر اهلا ام القرى تنذر تنصب مفعولين المفعول الاول ام القرى والمفعول الثاني محذوف دل عليه السياق - 00:04:00ضَ

ولفظ مذارة ان النذارة التخويف من العذاب لتنذر ام القرى العذاب ومن حولها معطوف على ام القرى وتنذر يوم الجمع يخوف الناس في يوم الجمع والمراد به يوم القيامة وسمي بهذا الاسم - 00:04:41ضَ

يوم الجمع لان الله جل وعلا يجمع فيه الاولين والاخرين وقيل سمي يوم الجمع لان الله جل وعلا يجمع فيه بين الارواح والأجساد وقيل سمي بهذا الاسم لان الله يجمع به فيه بين العامل وعمله - 00:05:17ضَ

وقيل سمي بهذا الاسم لان الله يجمع فيه بين الظالم والمظلوم ويقتص للمظلوم من الظالم ولا منافاة بين هذه الاقوال والله جل وعلا يجمع الاولين والاخرين ويجمع الارواح والاجساد ويجمع بين العامل وعمله - 00:05:51ضَ

ويجمع بين الظالم والمظلوم لا ريب فيه يعني لا شك ولا مرية فانه واقع لا محالة يقول الله جل وعلا زعم الذين كفروا ان لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير - 00:06:23ضَ

وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه يخوف الناس يوم القيامة الذي يجمع الله فيه الاولين والاخرين ويجمع بين العامل وعمله ان كان عمله خيرا وجد الثواب من الله وان كان بخلاف ذلك - 00:06:55ضَ

وجد العقاب والفلى ولا يلوم الا نفسه لا ريب فيه. لا شك في ذلك اليوم فهو واقع لا محالة فريق في الجنة وفريق في السعير فريق باسم من الناس الجنة - 00:07:24ضَ

في جنة عرضها السماوات والارض اعدت للمتقين لمن اتقى الله وفريق في السعير في النار التي وقودها الناس والحجارة اعدت للكافرين ولا منزلة غيرهما لا دار غير هاتين الدارين الجنة او النار - 00:07:51ضَ

طريق في الجنة منعم لقاء ما عمل من الاعمال الصالحة من الايمان بالله ورسوله واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم والبعد عن معصية الله وفريق في السعير بسبب عمله السيء - 00:08:22ضَ

فريق مبتدأ وخبره في الجنة وفريق مبتدأ وخبره في السعير قد يقول قائل فريق نكرة وقد قال ابن مالك رحمه الله ولا يجوز الابتداء من نكرة ما لم تفد كعند زيد النمرة - 00:08:53ضَ

كيف ابتدي بالنكرة ساغ هذا لان المقام مقام تفصيل مقام التفصيل مسوغ للابتداء بالنكرة وقيل ان فريق شوق الابتداء بالنكرة تأويل الخبر تقديره قبل منهم فريق في الجنة فسوغ الابتداء بالنكرة - 00:09:18ضَ

كون الخبر مقدم محذوف منهم فريق في الجنة ومنهم فريق في السعير وقيل فريق خبر لمبتدأ محذوف فلا يرد عليه لما ابتدي بالنكرة يقال فريق خبر واين المبتدأ؟ محذوف تقديره هم - 00:09:57ضَ

فريق في الجنة وفريق في السعير هم يعني اهل الجمع واهل الموقف والله جل وعلا قسم العباد ازلا منهم المطيع ومنهم العاصي منهم اهل الجنة ومنهم اهل النار وكل ميسر لما خلق له - 00:10:28ضَ

وقد اخرج الترمذي وصححه واحمد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردوي عن عبد الله ابن عمر ابن العاص رضي الله عنهما قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم - 00:10:56ضَ

وفي يده كتابان فقال اتدرون ما هذان الكتابان قلنا لا الا ان تخبرنا يا رسول الله قال للذي في يده اليمنى هذا كتاب من رب العالمين. باسماء اهل الجنة واسماء ابائهم. وقبائلهم - 00:11:14ضَ

ثم اجمل على اخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم ثم قال للذي في شماله هذا كتاب من رب العالمين باسماء اهل النار واسماء اباء وقبائلهم ثم اجمل على اخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص ولا ينقص منهم ابدا - 00:11:41ضَ

وقال اصحابه رضي الله عنهم ففيم العمل يا رسول الله؟ ان كان امر قد فرغ منه وقال سددوا وقاربوا فان صاحب الجنة يختم له بعمل اهل الجنة وان عمل اي عمل - 00:12:09ضَ

وان صاحب النار يختم له بعمل اهل النار وان عمل اي عمل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه فنبذهما ثم قال فرغ ربكم من العباد فريق في الجنة وفريق في السعير - 00:12:33ضَ

وهذا الحديث يجعل المؤمن على خوف وعلى وجل من سوء الخاتمة فيتضرع الى الله جل وعلا دائما وابدا ان يوفقه لحسن الختام وكما ورد في الحديث ان الرجل ليعمل بعمل اهل الجنة - 00:12:58ضَ

حتى ما يكون بينه وبينها الا ذراع ويسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل النار فيدخلها وان الرجل ليعمل بعمل اهل النار حتى ما يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب - 00:13:23ضَ

فيعمل بعمل اهل الجنة فيدخلها فالمؤمن يسأل ربه جل وعلا دائما وابدا حسن الختام وقد كان اكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك - 00:13:44ضَ

وقد عرفنا واطلعنا على كثير ممن نشأ كافرا واستمر على كفره حتى اخر حياته فختم له بعمل حسن فدخل الجنة كسحرة ال فرعون السحرة نشأوا في السحر وخدمة فرعون وعبادته من دون الله - 00:14:11ضَ

وطاعته في معصية الله فلما اراد الله جل وعلا لهم الخير امنوا بموسى وهارون عليهما الصلاة والسلام وختم لهم بذلك فكانوا من اهل الجنة كما ورد في الحديث في الصباح يحلفون بعزة فرعون - 00:14:42ضَ

انا لنحن الغالبون وفي المساء يتقلبون في انهار الجنة وكثير ممن امن بالرسول صلى الله عليه وسلم وقت المعركة شهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. ثم تقدم للقتال في سبيل الله فقتل فمات شهيدا - 00:15:07ضَ

حي يرزق في الجنة ومن الناس والعياذ بالله من ينشأ بعمل اهل الجنة الا انه في اخر حياته يختم له بعمل سيء فيكون من اهل النار والعياذ بالله وكما ورد ان الرجل ليعمل بطاعة الله كذا وكذا - 00:15:31ضَ

فاذا كان في اخر حياته في الوصية فختم له بسيئ عمله فكان من اهل النار الجور في الوصية ظلم وكبيرة من كبائر الذنوب المؤمن يحرص على ان يكون كل عمله وفق كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم - 00:15:57ضَ

والله جل وعلا لما ذكر الميراث قال من بعد وصية يوصي بها او دين من بعد وصية يوصى بها او دين غير مضار وصية من الله الاضرار في الوصية كبيرة من كبائر الذنوب - 00:16:24ضَ

وكما ورد في اخر الزمان تكثر الفتن يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض قليل من الدنيا الفتن في اخر الزمان تكثر المؤمن يسأل الله جل وعلا السلامة من الفتن ومن مظلات الفتن - 00:16:46ضَ

فريق في الجنة وفريق في السعير كل ميسر لما خلق له والمؤمن يجأر الى الله جل وعلا ويسأله الثبات يثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة - 00:17:14ضَ

ثم قال جل وعلا ولو شاء الله لجعلهم امة واحدة ولكن ولكن يدخل من يشاء في رحمته. والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير ولو شاء الله ولو اراد الله لجعل الناس كلهم امة واحدة - 00:17:34ضَ

لو شاء لجعلهم امة واحدة على الهدى ولو شاء جل وعلا لجعلهم امة واحدة على الظلال العباد لا يخرجون عما شاءه الله جل وعلا قال الظحاك على دين واحد اما على هدى واما على ظلال - 00:18:00ضَ

ولكنهم افترقوا على اديان مختلفة بالمشيئة الازلية شاء الله جل وعلا ازلا ان يكونوا مختلفين ولكن يدخل من يشاء في رحمته. من رحمه الله جل وعلا ادخله في دينه واحياه على الاستقامة والهدى - 00:18:23ضَ

كما قال الله جل وعلا ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين ولو شئنا لاتينا كل نفس هداها فمشيئة الله جل وعلا غالبة ولله جل وعلا وهو جل وعلا - 00:18:49ضَ

ما شاءه الله كان وما لم يشأه لم يكن والله جل وعلا اراد الكفر من الكافر ولا يحبه واراد الايمان من المؤمن واحبه جل وعلا وقد اقام الله جل وعلا الحجة على الخلق - 00:19:13ضَ

فلا حجة لهم على الله لان الله جل وعلا وهب العقول وارسل الرسل وانزل الكتب وهذا من وفق ومن شاء من عباده للهداية وترك من شاء على الغواية والظلالة ولا حجة - 00:19:41ضَ

للخلق على الله جل وعلا لانه اقام عليهم الحجة المهتدي اهتدى بفعله وبتوفيق الله جل وعلا والظال ظل بفعله لانه رفظ الهدى رفظ الحق رفض الدين رفض الطاعة والله جل وعلا - 00:20:08ضَ

لم يحرمه العقل ولم يأخذه على غرة بل ارسل اليه الرسل وانزل الكتب واقام الحجة على الخلق وهذا الامر واضح فمثلا حينما تأتي الى اثنين فايقظتهما وقلت للاول هيا الى الصلاة - 00:20:35ضَ

فقال احسنت اثابك الله وقام معك وذهب الى المسجد وادى فريضة الله الم يقم هذا باختياره ورغبته واستجابته لداعي الحق والله جل وعلا اراد له ذلك ازلا وهداه والاخر حينما استيقظ - 00:21:05ضَ

تكلم عليك ووبخك ورد عليك ردا شنيعا وابى ان يقوم هل هذا مجبر على هذا الرد هذا رد الرد الشنيع باختياره وبعقله وادراكه ورفض باختياره ان يقوم لطاعة الله والله جل وعلا لم يظلمه - 00:21:31ضَ

ان الله جل وعلا يعلم من الاول اجلا انه يطيع. وهيأه لذلك ويعلم جل وعلا ازلا من الثاني انه يعصي. وهيأه لذلك تعالى وتقدس المطيع فاطاع برغبته واختياره والعاصي عصى برغبته واختياره وهو لم يجبر - 00:21:58ضَ

وانا شاء الله لجعلهم امة واحدة. ولكن يدخل من يشاء في رحمته قسمهم الى فريقين فريق ادخلهم برحمته وهداهم ووفقهم فاطاعوا باختيارهم ومن تلقاء انفسهم من دون جبر ولا اكراه - 00:22:27ضَ

والظالمون الذين رفضوا الطاعة وابوا والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير وهذا اشد وابلغ لو قال جل وعلا والظالمون يدخلهم في غظبه وعذابه اخبر بانهم ليس لهم من ولي - 00:22:52ضَ

لا احد يتولى امرهم في الدار الاخرة ولا يدافع عنهم ولا يجادل عنهم ولا احد ينصرهم ينقذهم من عذاب الله لان كل احد يقول نفسي نفسي والمؤمنون يأذن الله جل وعلا للشفعاء لهم - 00:23:20ضَ

ويشفعون لهم والكفار ما لهم من ولي ولا نصير ولا نصيب لهم في الشفاعة ولا حظ لهم فيها لان الشفع لا يشفعون الا بعد اذن الله ولا يشفعون الا لمن رضي الله قوله وعمله - 00:23:46ضَ

واما الظالمون فلا احد ينصرهم ولا احد يدافع عنهم ولا احد يحميهم من عذاب الله جل وعلا وفي هاتين الايتين تخويف ونذارة للعباد لان الواجب على المرء العاقل الذي يريد نجاة نفسه ان يتقي الله جل وعلا ويعمل بطاعته ليسعد في - 00:24:11ضَ

والاخرة ومن اعرض عن طاعة الله فلا يلومن الا نفسه ولا حجة له على الله. لان الله اقام الحجة على العباد فلا يعتذر بعدم العقل ولا يعتذر بعدم البلاغ والرسل عليهم الصلاة والسلام بلغوا والله جل وعلا وهب العقل - 00:24:42ضَ

والادراك وميز وجعل العبد يميز ويفرق كما قال الله جل وعلا وهديناه النجدين يعني طريق الخير وطريق الشر فديناه بمعنى دللناه وبينا له الطريقين. فسلك المؤمن طريق الخير باختياره وسلك الفاجر - 00:25:10ضَ

والكافر طريق الشر باختياره المؤمن يكون في هذا على حذر وابتعاد عن معصية الله خشية ان يختم له بسيء عمله فيكون من اهل النار والعياذ بالله والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:25:37ضَ