تفسير ابن كثير | سور غافر

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبدالرحمن العجلان | 20- سورة غافر | من الأية 77 إلى 78

عبدالرحمن العجلان

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم فاصبر ان وعد الله حق فاما نرينك بعض الذي نعدهم او نتوفينك فالينا يرجعون - 00:00:01ضَ

ولقد ارسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك وما كان لرسول الله ان يأتي باية الا باذن الله فاذا جاء امر الله قضي بالحق - 00:00:31ضَ

وخسر هنالك المبطلون هذه الايات الكريمة من سورة غافر يقول الله جل وعلا لعبده ورسوله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم واصبر ان وعد الله حق فاما نرينك بعض الذين عندهم - 00:00:55ضَ

او نتوفينك فالينا يرجعون الايات فيها تسلية وبشارة النبي صلى الله عليه وسلم وحث له على الصبر وتحمل هذا قومه وبشارة له لان الله جل وعلا منجز له ما وعده به من النصر - 00:01:25ضَ

ولن يخلف الله وعده والله جل وعلا يمهل ولا يهمل والله جل وعلا لا يستعجل على الخلق لان الاستعجال من صفة بني ادم فهو يستعجل خوف الفوات يخاف ان يفوت عليه الشيء - 00:01:59ضَ

والله جل وعلا الخلق في قبضته وبين يديه لا يفوت عليه شيء ولا يعجزه شيء جل وعلا ولذا قال الله جل وعلا لمحمد صلى الله عليه وسلم فاصبر على اذى قومك - 00:02:32ضَ

ان وعد الله حق ما وعدك به من النصر والتمكين وما وعدك به من عقوبة من خالفك فواعده جل وعلا حق فاما نريينك بعض الذين عندهم او نتوفينك فالينا يرجعون - 00:03:01ضَ

فاما نرينك بعض الذين عدهم تأمل من هذه الشرطية ما مؤكدة نريينك فعل الشرط والاصل فيه الجزم لان ان اذا دخلت على الفعل لزمته الشرقية ولكن ابطل جزمها الظاهر نون التوكيد في اخر الفعل - 00:03:33ضَ

اذا دخلت نون التوكيد على الفعل بني على الفتح قال العلماء ما هذه الاولى تدخل على اول الفعل للتأكيد ونون التوكيد تدخل على اخر الفعل للتوكيد فوجد في هذا الفعل - 00:04:18ضَ

مؤكدان ما والنون نور يان نرينك الكافر الخطاب وعين الشرقية مدغمة في ماء فاما اصلها فان ما نرينك بعض الذين عندهم او نتوفينك يقول الله جل وعلا له وعد الله لك - 00:04:45ضَ

ولامتك بالنصر والتمكين وعقوبة من عاداك حق لا محالة ولكن لا يخلو اما ان يعجل الله جل وعلا لك شيئا مما وعدهم به من العذاب في حال حياتك واما ان يتوفاك الله جل وعلا قبل - 00:05:23ضَ

ان ترى عذابهم فيجمع لهم بالدار الاخرة فاما نرينك بعض الذين قال بعض ولم يقل كل لان الله جل وعلا وعدهم عذاب الدنيا وعذاب الاخرة فاما ان يريه شيئا من العذاب الذي هو عذاب الدنيا - 00:05:58ضَ

واما ان يتوفى الله رسوله صلى الله عليه وسلم ويؤخر عذابهم الى الدار الاخرة. او يحصل بعد وفاته صلى الله عليه وسلم. لان الامر لله جل وعلا ليس لك يا محمد من الامر شيء - 00:06:26ضَ

لكن نصرك وتأييدك وعقوبة من خالفك هذا شيء محقق لا كلام فيه لكن قد يعجله الله جل وعلا لحكمة وقد يؤخره فيكون كله في الدار الاخرة او يؤخره في الدنيا - 00:06:49ضَ

بعد وفاتك والفعل الاول نورينك مؤكد بمؤكدين ما الداخلة على اول الفعل والنون قانون التوكيد الداخلي على اخر الفعل او نتوفينك مؤكد مؤكد واحد وهو نون التوكيد وقد فر الله - 00:07:13ضَ

عين رسوله صلى الله عليه وسلم فاراه ما وعد من خالفه من العذاب اراه جل وعلا ما وعد به المخالفين عجل الله شيئا من العذاب لكفار قريش متى في يوم - 00:07:46ضَ

واقر الله جل وعلا عين رسوله صلى الله عليه وسلم بفتح مكة في حياته عليه الصلاة والسلام فعجل الله جل وعلا نصر رسوله وخذلان اعدائه فاطلع الله جل وعلا رسوله صلى الله عليه وسلم على ذلك قبل ان - 00:08:15ضَ

يتوفى فاما نرينك بعض الذين عندهم من العذاب وقد قتل من صناديد قريش الذين اذوا النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر سبعون. كلهم من صناديدهم ومن كبرائهم واسر بالحديد والقيد شبعون - 00:08:45ضَ

منهم من قتله النبي صلى الله عليه وسلم صبرا لانه لا يستحق ان يعفى عنه ومنهم من قبل منه النبي صلى الله عليه وسلم الفدا ومنهم من اطلق سراحه صلى الله عليه وسلم - 00:09:14ضَ

كرما منه واحسانا بدون فدا فاما نرينك بعض الذين عدهم او لتوفينك قوله جل وعلا او نتوفينك يفهم منه جواب الشرط وان لم يكن هو جواب الشرط فاما نرينك بعض الذين عدهم - 00:09:31ضَ

او نؤخره ونتوفينك قبل ذلك فالمرجع الينا لن يسلموا ولن يفلتوا لان مردهم من الله جل وعلا ابن ادم يخاف الفوات اذا ظفر بعدوه او ظفر بمن يريد الانتقام منه - 00:09:57ضَ

يخاف ان يفوت عليه يبادر لكن الله جل وعلا لا يفوت عليه شيء فهو قدم او اخر الخلق في قبضته فاما نرينك بعض الذين عدهم او نتوفينك فالينا يرجعون وفي قراءة فالينا يرجعون - 00:10:26ضَ

المرجع الى الله جل وعلا وجواب الشرط هنا قلنا محذوف دل عليه قوله جل وعلا او نتوفينك فالينا يرجعون قلنا فعل الشرط نرينك مبني على الفتح الفعل في محل جزم فعل الشرط - 00:10:58ضَ

الينا يرجعون متى يوم القيامة وينالون اشد العذاب بسم الله الرحمن الرحيم يقول تعالى امرا رسوله صلوات الله وسلامه عليه بالصبر على تكريم من كذبه من قومه فان الله سيجزيك ما وعدك - 00:11:20ضَ

من النصر والظهر على قومك وجعل العاقبة لك ولمن اتبعك في الدنيا والاخرة فاما نرينك بعض الذين نعدهم اي في الدنيا وكذلك وقع فان الله اقر اعينهم من كبائرهم وعظمائهم ابيدوا في يوم بدر - 00:11:43ضَ

ثم فتح الله عليه مكة وسائر جزيرة العرب في ايام حياته صلى الله عليه وسلم وقوله ولقد ارسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك - 00:12:06ضَ

وما كان لرسول ان يأتي باية الا باذن الله فاذا جاء امر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون يقول الله جل وعلا لست يا محمد وحدك او اول رسول ولقد ارسلنا - 00:12:28ضَ

اللام هنا موطئة للقسم وقد حرف تحقيق وخبر الله جل وعلا صدق وان لم يقترن بالقسم ولقد ارسلنا رسلا وانبياء الله جل وعلا ارسل الرسل واوحى الى الانبياء والانبياء اكثر من الرسل - 00:12:52ضَ

وكل رسول النبي وليس كل نبي رسول ان النبي يقول نبي وليس برسول واما الرسول فهو نبي نبي الرسول رسلا من قبلك ارسلهم الله جل وعلا الى اممهم واول الرسل نوح عليه الصلاة والسلام - 00:13:18ضَ

واخرهم محمد صلى الله عليه وسلم واول الانبياء ادم عليه السلام واخر الانبياء محمد صلى الله عليه وسلم ومحمد عليه الصلاة والسلام رسول النبي. ختم الله به الانبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين - 00:13:46ضَ

منهم من قصصنا عليك في القرآن خمسة وعشرون نبيا كما قال ابن جرير رحمه الله خمسة وعشرون نبيا رسولا في القرآن منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك - 00:14:11ضَ

اختلف في عدد الانبياء والرسل روي عن انس وعن سلمان رضي الله عنهما ان الانبياء والرسل ثمانية الاف اربعة الاف من بني اسرائيل وروى الامام احمد رحمه الله ان الرسل - 00:14:30ضَ

ان الانبياء والرسل مائة الف واربعة وعشرون الفا الرسل منهم ثلاثمئة وبضعة عشر الى الرسل بعدد اهل بدر يقول الله جل وعلا منهم من قصصنا عليك يعني اعطيناك خبرهم. واوحينا اليك باخبارهم وقصصهم مع مع اممهم - 00:14:54ضَ

وماذا قالوا لاممهم؟ وماذا اجابت به الامم وكيف كانت النتيجة وصى الله جل وعلا اخبار عدد من الرسل صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين ومنهم من لم نقصص عليك ما جاءك خبره - 00:15:25ضَ

وما اخبرناك عنه لانهم كثير بحكمة يريدها الله جل وعلا وعن ابي ذر رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله كم عدة الانبياء قال مائة الف واربعة وعشرون الفا - 00:15:45ضَ

الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جما غفيرا اخرجه احمد وما قيل انهم ثمانية الاف في رواية انس ابن مالك وسلمان الفارسي رضي الله عنهما وما كان لرسول ان يأتي باية - 00:16:06ضَ

هذا هو المراد ارسلنا قبلك يا محمد رسلا كثير منهم من خبرناك عنهم ومنهم من لم نخبرك عنهم وما كان لواحد من هؤلاء ان يأتي باية من عند نفسه ما يستطيع - 00:16:32ضَ

وان كان نبيا رسولا ما يستطيع ان يأتي باية معجزة تدل على صدقه من عند نفسه وانما يأتي بما اوحى الله جل وعلا اليه به فقومك طلبوا منك امورا كفار قريش - 00:16:58ضَ

قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم نريد منك ان تأتي بما نطلب منك حتى نتبعك فحرص النبي صلى الله عليه وسلم لعلهم يسلمون والا فهو واثق من صدقه ووعد ربه جل وعلا له - 00:17:23ضَ

لكنه حرص على الايات لعلهم يسلمون. حرصا ورغبة في اسلامهم صلوات الله وسلامه عليه. من شفقته عليهم الا يكون مصيرهم الى النار وحرص صلى الله عليه وسلم على ذلك وعلى الاتيان بالايات - 00:17:44ضَ

ومن ضمن ذلك انهم قالوا له ان اردت ان نصدقك فحول لنا جبل الصفا ذهب حتى نتشرف فيه وما قص الله جل وعلا عنهم في طلباتهم النبي صلى الله عليه وسلم في سورة الاسراء - 00:18:06ضَ

وفي غيرها من السور وفي سورة الفرقان وطلبوه من النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التعجيز والتحكم والله جل وعلا يقول له الايات من عند الله وما كان الرسل من قبلك - 00:18:28ضَ

يأتون بآيات من عند انفسهم وانت مثلهم لا تستطيع ان تأتي باية من نفسك. او على هواك او على ما تريد وانما الامر يرجع الى الله جل وعلا لان الله جل وعلا ان شاء - 00:18:49ضَ

اعطاهم الايات وعاجلهم بالعقوبة من لم يؤمن وان شاء جل وعلا اخر الاية اذا اعطيت للقوم بناء على طلبهم ثم لم يؤمنوا عجلوا في العقوبة ما يمهلون ولحكمة يريدها الله جل وعلا. لم يرد جل وعلا معاجلة هذه الامة بالعقوبة - 00:19:10ضَ

واستئصالها وانما اراد جل وعلا بقائها تعلم من عذب في الدنيا من الكفار ولم يعاجل الامة بالعقوبة العامة فاخبر رسوله صلى الله عليه وسلم بان الايات يعطيها الله جل وعلا من شاء من رسله - 00:19:42ضَ

حكمة والرسول عبد مربوط له رب يتشرف فيه ربه جل وعلا كيفما شاء الرسول لا يستطيع ان يأتي بشيء من نفسه او بقوته او بارادته وانما هو يرجع الى ما اراده الله جل وعلا - 00:20:08ضَ

وما كان اي ما صح وما استقام لرسول منهم ان يأتي باية معجزة دالة على نبوته وصدقه الا باذن الله. لا يأتي بالشيء من قبل نفسه وانما باذن الله جل وعلا - 00:20:36ضَ

والله جل وعلا اعطى رسوله صلى الله عليه وسلم المعجزة العظمى وهي هذا القرآن العظيم في هذه الفصاحة والبلاغة وتحداهم بان يأتوا بمثله فما استطاعوا وتحداهم ان يأتوا بعشر سور من مثله فما استطاعوا - 00:20:55ضَ

وتحداهم ان يأتوا باية واحدة من مثله ما استطاعوا بسورة من مثله ما استطاعوا اقصر سوره ما استطاعوا ان يأتوا بسورة وهم الفصحاء البلغاء ملوك الفصاحة والبلاغة فاذا جاء امر الله - 00:21:20ضَ

اي الوقت المعين بعذابهم في الدنيا عذابهم في الاخرة بالحق يقضي الله جل وعلا بالحق والله جل وعلا قدر ما قدره ازلا لانه لا يستأصل هذه الامة وانما يأخذ من اراد - 00:21:42ضَ

منهم بالعذاب الدنيوي ومنهم من يؤخر عذابه للاخرة منهم من يعجل له شيء من العذاب في الدنيا مع ما يدخره له في في الاخرة ومنهم من يؤخر الله جل وعلا له ما اراده له من العذاب في الدار الاخرة - 00:22:09ضَ

فاذا جاء امر الله ما اراده الله جل وعلا وقضاه كما حصل يوم بدر النبي صلى الله عليه وسلم خرج من اجل العير تجارة جاءت من الشام الى مكة فاراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يعترض لها - 00:22:32ضَ

لانهم المسلمين اموالهم واراضيهم وبيوتهم النبي صلى الله عليه وسلم اراد ان يأخذ ما استطاع من اموالهم لان تجارة معها عمال ورعاة فقط اراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يعترضها في الطريق - 00:22:54ضَ

ولحكمة ارادها الله جل وعلا فاتت العير التي هي التجارة وعلم كفار قريش بخروج النبي صلى الله عليه وسلم الى تجارتهم فعزموا على الخروج لانقاذ تجارتهم فلما حاد ابو سفيان بالتجارة وتمايل بها الى غير طريق المعهود - 00:23:22ضَ

وفاتت وافلتت من يد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة ارسل ابو سفيان الى كفار قريش وقال ارجعوا انتم خرجتم من اجل عيركم وقد سلمت. فلا حاجة الى خروجكم حينئذ - 00:23:51ضَ

فقالوا لا والله لا نرجع حتى نريد بدر وننحر الجزر وتغني لدينا القيام وتتحدث العرب بخروجنا فلا يزالون يهابوننا بحكمة يريدها الله جل وعلا فخرجوا لحتفهم خرجوا لقتلهم والله جل وعلا اراد - 00:24:09ضَ

قريش ولم يرد العير ابعدت العير وتقدم وجاء كفار قريش وكبراؤهم ورؤساؤهم فكان حتفهم سبعون من كبرائهم قتلوا وسبعون هنا اسروا فاذا جاء امر الله قضي بالحق اذا جاء امر الله الوقت الذي حدده الله جل وعلا لعذابهم فانه لا يتقدم ولا يتأخر - 00:24:34ضَ

ولا يفلت من يده احد جل وعلا رضي بالحق وخسر هنالك في ذلك الوقت وهم خاسرون دائما وابدا خسروا بالقتل الدنيا والخزي والفضيحة لانهم كانوا يريدون الانتصار ويظنون انهم سينتصرون. فكان الخزي والفظيحة والدمار والهلاك عليهم والعياذ بالله - 00:25:05ضَ

وخسر هنالك في ذلك الوقت الذي اراده الله جل وعلا المبطلون المفترون الكذابون رضي بالحق اي ان الله جل وعلا يقضي بالحق واما الكفار فانهم مبطلون فجمع جل وعلا بين هاتين الصفتين - 00:25:35ضَ

في قوله قضي بالحق وخسر المبطلون ولم يقل خسر الكافرون. لان المقام مقام احقاق حق وهم مبطلون لا صلة لهم بالحق ولم يريدوه ثم قال مصليا له ولقد ارسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك - 00:25:59ضَ

ومنهم من لم نقصص عليه كما قال في سورة النساء اي منهم من اوحينا اليك وقصصهم مع قومهم. كيف كذبوهم؟ ثم كانت للرسل العاقبة والنصرة ومنهم من لم نقصص عليك - 00:26:25ضَ

وهم اكثر ممن ذكر في اضعاف اضعاف كما تقدم التنبيه على ذلك في سورة النساء ولله الحمد والمنة وما كان لرسول ان يأتي باية الا باذن الله اي ولم يكن لواحد من الرسل ان يأتي قومه بخارق للعادات - 00:26:45ضَ

الا ان يأذن الله له ويدل ذلك على صدقه فيما جاءهم به فاذا جاء امر الله وهو عذابه ونكاله المحيط بالكريم وخسر هنالك المبطلون الله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد - 00:27:09ضَ

وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:27:31ضَ