تفسير ابن كثير | سورة الدخان

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبدالرحمن العجلان | 3- سورة الدخان | من الأية 17 إلى 29

عبدالرحمن العجلان

رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد الحمد لله اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم رسول امين والا تعلوا على الله اني اتيكم بسلطان مبين - 00:00:00ضَ

وان لم تؤمنوا لي فاعتزلون ودعا ربه ان هؤلاء قوم مجرمون واسرد عبادي ليلا انكم متبعون واترك البحر رهوا انهم جند مغرقون من تركوا من جنات وعيوب وزروع ومقام كريم - 00:00:40ضَ

ونعمة كانوا فيها فاكهين كذلك واورثناها قوما اخرين فما بكت عليهم السماء والارض وما كانوا منظرين. بركة هذه الايات الكريمة من سورة الدخان جاءت بعد قوله جل وعلا وارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين - 00:01:20ضَ

يا شماس هذا عذاب اليم ربنا اكشف عنا العذاب انا مؤمنون انى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون. انا كاشف العذاب قليلا انكم عائدون - 00:01:58ضَ

يوم نبطش البطشة الكبرى انا منتقبون ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم. الايات ذكر جل وعلا في الايات السابقة قريش واعراضهم عن دعوة محمد صلى الله عليه وسلم - 00:02:22ضَ

مع معرفتهم به وادراكهم لامانته والصدقة وشهادتهم بذلك فلم يقبلوا ما جاء به فتوعدهم الله جل وعلا في قوله انا كاشف العذاب قليلا انكم عائدون يوم يوم نبطش البطشة الكبرى - 00:02:54ضَ

انا منتقمون توعدهم بالانتقام جل وعلا في البطشة الكبرى ثم بين لهم امثالهم لان لا يستبعدوا ذلك اعاد في نفوسهم ما حصل من فرعون وقومه مع موسى عليه الصلاة والسلام - 00:03:27ضَ

وانهم هم مع محمد صلى الله عليه وسلم مثل ما صار مع ما صار لفرعون بتكذيبه لموسى عليه الصلاة والسلام مقارنة محسوسة يدركونها انتبهوا ان لم تؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم - 00:04:01ضَ

فسيكون امركم مثل من سبقكم سواء بسواء ولا تستبعدوا هذا لضعف محمد صلى الله عليه وسلم او لان من امن به الفقراء فمثلكم مثل السابقين كان بنو اسرائيل خدم لفرعون - 00:04:34ضَ

وقومه وكان فرعون يسومهم سوء العذاب فانتقم الله جل وعلا من فرعون واهلكه واورث بني اسرائيل كلما كان في هذه فرعون وقومه فاهلكهم بانفسهم وابقى ما اعطاهم الله جل وعلا - 00:05:00ضَ

المشابهة بين مثيلين موسى عليه الصلاة والسلام الرحمن واحد اولي العزم من الرسل ومحمد صلى الله عليه وسلم خليل الرحمن وهو افضل الرسل صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين وفرعون وقومه كان عندهم من القوة - 00:05:33ضَ

والمناعة ومتاع الدنيا وكثرة العدد وكثرة الاموال الشيء الكثير وبنو اسرائيل مستضعفون مهانون محتقرون وكفار قريش عندهم ما عندهم من القوة والمنعة والمال والجاه والمؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم كانوا جلهم واكثرهم من الضعفاء - 00:06:04ضَ

فالشبه قوي بين الرسولين واممهم من المؤمنين والمكذبين وقد يتوقع كفار قريش انه في حكم المستحيل ان يتولى محمد ومن معه من المستضعفين على ما بايدي كفار قريش كانوا يستبعدون ذلك - 00:06:37ضَ

ويرون انه شبيه بالمستحيل فلذا لما ذكر الله جل وعلا حال من سبق اكدها بالقسم حتى لا يستبعدوا ذلك وقال جل وعلا ولقد فتنا الفتنة الابتلاء والامتحان والاختبار وقد تكون الفتنة - 00:07:13ضَ

باشياء يحبها الانسان المال والولد والجاه وقد تكون الفتنة بشيء لا يحبه الانسان الفقر والمرظ والحاجة وانما يختبر بهذا الشيء اختبار ولقد فتنا قبلهم من هم؟ قبل كفار قريش قوم فرعون - 00:07:46ضَ

وهو معهم اختبرنا قوم فرعون وكفار قريش يدركون ويعرفون ما حصل موسى عليه الصلاة والسلام ومن معه من النصر والتأييد وما حصل فرعون من الخذلان والانتقام والعذاب يدركون ذلك وعرفوا - 00:08:17ضَ

اليهود في المدينة الذين هم يزعمون انهم اهل التوراة وهم اهل التوراة لكن حرفوها وبدلوها وغيروها وكان كفار قريش يرجعون فيما يشكل عليهم الى اليهود بان اليهود اهل علم عندهم التوراة - 00:08:48ضَ

وكفار قريش جاهلية جهلاء وكانوا يعرفونهم فظرب الله جل وعلا المثل لكفار قريش بمن حولهم واكد ذلك بقوله ولقد فتنا الواو حرف قسم وقد واللام لام القسم موطئة للقسم فقد حرف تحقيق - 00:09:12ضَ

كانه يقول والله اعلم والله لقد حصل هذا ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون قد يقول قائل قوله جل وعلا فتنا بمعنى اختبرنا والاختبار لماذا يؤتى به ليظهر الامر لمن يجهله - 00:09:40ضَ

والله جل وعلا لا يجهل هذا ولا يخفى عليه المدارس والمعاهد والجامعات يختبرون الطلاب ليظهر المدرك الحافظ الفاهم لدروسه من الغافل عنها المعرض الذي لا يدرك منها شيء لان المختبر لا يميز بين هذا وهذا الا بنتيجة الامتحان - 00:10:14ضَ

والله جل وعلا لا تخفى عليه خافية كلمة قال جل وعلا فتنا اختبرنا وهل يخفى على الله؟ تعالى الله لا يخفى عليه شيء جل وعلا ويعلم ما العباد عاملون قبل ان يخلقهم - 00:10:46ضَ

اذا نقول هذا الاختبار ليترتب عليه الثواب والعقاب يختبرون ليترتب عليه الثواب والعقاب لان الله جل وعلا لا يعاقب العباد بما لم يعملوا والا فهو يعلم جل وعلا ما يستحقونه - 00:11:07ضَ

لكنه يختبرهم ليظهر لهم من يستحق الثواب ومن يستحق العقاب والعمل الذي يصدر منهم يكافؤون عليه والله جل وعلا عالم بما هم عاملون قبل ان يخلقهم ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون - 00:11:32ضَ

وجاءهم رسول كريم جاءهم رسول كريم كريم على الله جل وعلا كريم ذو خلق عظيم كريم كريم من اسرة عريقة لان الله جل وعلا لا يبعث الرسل الا من سراة القوم - 00:11:59ضَ

من خيار القوم مما يعزز الرسالة ان يكون المرسل من الخيار كما يرسل جل وعلا من لم يعرف بالفضل فهو يرسل جل وعلا من يحمل الرسالة ممن يكون له فظل - 00:12:26ضَ

وتمييز وكما يقول العامة الرسول يمثل المرسل اذا كان الرسول فاضل دل على ان المرسل افضل فالله جل وعلا لا يرسل الرسل الا من سراة يعني من فضلاء القوم من خيار القوم - 00:13:00ضَ

محمد صلى الله عليه وسلم افضل الخلق وهو افضل شخص في قريش وقريش افضل العرب والعرب افضل من العجم على العموم وجاءهم رسول كريم يعني كريم على الله قيل كريم يعني ذو خلق عظيم - 00:13:28ضَ

وقيل كريم بمعنى انه من سراة القوم يعني من خيار القوم. من زعماء القوم ان ادوا الي عباد الله يقص الله جل وعلا علينا ما قاله موسى عليه الصلاة والسلام - 00:13:52ضَ

ارسل اليه وهو فرعون وقومه ان ادوا الي عباد الله الي عباد الله ان هذه يعبر عنها العلماء بانها ان تفسيرية يعني تفسر ما ابهي سابقا والكلام هنا كانه متضمن لمعنى القول - 00:14:17ضَ

وان لم ينطق بالقول لفظا ان ادوا الي عباد الله ويصح ان تكون مصدرية يعني ويصح ان تكون حذف حرف الجر في ان ادوا الي عباد الله ادوا الي عباد الله ادوا اعطوا - 00:14:50ضَ

وادفعوا واقبلوا مني ادوا ما اطلب منكم عباد الله للمفسرين فيها عباد الله يصح ان تكون مفعولا به يعني ادوا الي عباد الله اعطوني عباد الله صلوا بيني وبين عباد الله الذين هم بنوا - 00:15:24ضَ

اسرائيل الي عباد الله اعطوني عباد الله ولا تشغلوهم في خدمتكم وتعذيبكم اياهم عن طاعة الله الي عباد الله اعطوني اياهم. خلوا بيني وبينهم ويصح ان يكون عباد الله منادى - 00:16:03ضَ

في حلفي حرف النداء الي يا عباد الله ما اطلب منكم وهو الايمان بالله ان ادوا الي عباد الله اني لكم رسول امين اني لكم رسول امين. كالتعليل للطلب السابق - 00:16:33ضَ

اعطوني ما اطلب منكم وهو الايمان بالله او اعطوني ما اطلب منكم وهم عباد الله اعطوني اياهم لم لاني لكم رسول امين مرسل من الله جل وعلا بهذا الشيء وانا امين على ما ابلغكم به - 00:17:09ضَ

انا رسول امين. مؤتمن على هذا الشيء ائتمنني الله عليه فلا يحتمل الخيانة ولا يحتمل الكذب ولا يحتمل التزوير لانه احيانا يأتي الرسول غير ثقة ويحتمل انه صادق ويحتمل انه كاذب - 00:17:36ضَ

لكن موسى عليه الصلاة والسلام صادق فيما يقول من رسالة ربه اني لكم رسول امين والا تعلوا على الله لا تعلوا لا تتجبروا ولا تتكبروا ولا تتعاظموا عن عبادة الله جل وعلا - 00:17:58ضَ

لان كفار قريش الكثير منهم تعاظم وتكبر عن ان يتبع محمدا صلى الله عليه وسلم وان يقبل ما جاء به وان موسى عليه الصلاة والسلام قال والا تعلوا على الله لا تتكبروا عن عبادة الله جل وعلا - 00:18:34ضَ

اني اتيكم يعني اتيتكم بسلطان مبين. السلطان الحجة اتيتكم بحجة ان كلمة سلطان تأتي بمعنى الحجة وتأتي بمعنى القوة والولاية وتأتي بمعنى الامر الناهي وهنا المراد والله اعلم اني اتيكم بسلطان يعني بحجة بينة - 00:18:57ضَ

في اية واضحة تدل على صدق وان لا تعلوا على الله اني اتيكم بسلطان مبين يقول تعالى ولقد اختبرنا قبل هؤلاء المشركين قوم فرعون وهم قبط مصر وجاءهم رسول كريم - 00:19:30ضَ

يعني موسى كليمه عليه الصلاة والسلام ان ادوا الي عباد الله في قوله وارسل معنا بني اسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك يا عباد الله على معنى فارسل معنا بني اسرائيل ولا تعذبهم - 00:19:57ضَ

عدوا الي عباد الله على ان عباد الله مفعول به. يعني اعطوني وخلوا بيني وبين عباد الله اعطوني عباد الله ادوا الي عباد الله الذين هم بنوا اسرائيل. نعم قد جئناك باية من ربك - 00:20:19ضَ

والسلام على من اتبع الهدى وقوله اني لكم رسول امين اي مأمون على ما ابلغتكموه والا تعلوا على الله اي لا تستكبروا على اتباع اياته والانقياد لحججه والايمان ببراهينه قوله - 00:20:37ضَ

ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين اني اتيكم بسلطان مبين اي بحججه بحجج ظاهرة واضحة وهي ما ارسله الله به من الايات البينات والادلة القاطعات واني عدت بربي وربكم ان ترجمون - 00:21:00ضَ

كانهم توعدوه قالوا ان لم تترك ما تدعو اليه وقد توعده فرعون بالحبس والسجن في ايات من كتاب الله وهنا قال واني عدت يعني استعيذ بالله والتجئ الى الله منكم - 00:21:30ضَ

ان ترجمون وما المراد بهذا الراجم قيل الرجم بالكلام الشتم والسب لانهم قالوا عنه ساحر وقالوا كاهن قالوا كذاب واتهموه اشياء هو بريء منها صلوات الله وسلامه عليه والقذف بالكلام السيء - 00:21:59ضَ

وقيل المراد انت رجمون يعني ترجمون بالحجارة او تقتلون واشر قتلة هي القتل بالحجارة. الرمي بالحجارة حتى الموت اني اعوذ بربي من ان يحصل لي هذا الشيء منكم وان لم تؤمنوا لي فاعتزلون - 00:22:29ضَ

ان لم تصدقوني وتقبلوا مني ما جئت به وتتبعوني فيما ادعوكم اليه فعلى الاقل اتركوني والناس يعتزلون لا تنفعني ولا تضروني لا تقاتلوني ولا تناصروني لا لي ولا علي وان لم تؤمنوا بي - 00:22:58ضَ

وان لم تؤمنوا لي فاعتزلوا واللام هنا بمعنى الباء كما قال الله جل وعلا فامن له لوط. فامن له بمعنى امن به وان لم تؤمنوني فاعتزلوني يعني اتركوني. لا تؤذوني - 00:23:29ضَ

كأنه يقول بين ايديكم ثلاثة امور اتركوا اسوأها فاما ان تؤمنوا بي وتتابعوني وتقبلوا مني ما جئتكم به. وهذا خير لكم وان لم يحصل هذا فعلى الاقل اتركوني وهم يريدون ان يفعلوا به الثالث - 00:23:52ضَ

لا يؤمن به ولا يتركوه وانما يقاتلوه او يتوعدوه بالقتل فلما توعدوه بالقتل ورأى انهم لن يؤمنوا دعا الله جل وعلا عليهم واني عذت بربي وربكم ان ترجمون قال ابن عباس - 00:24:25ضَ

هو الرجم باللسان وهو الشم عن ابن عباس رضي الله عنه الشتم اني عذت بربي وربكم ان ترجمون قال الرجم هنا الشتم يعني السب الكلام السيء ورؤي عنه القتل وقال قتادة هو الرجم بالحجارة - 00:24:55ضَ

اي اعوذ بالله الذي خلقني وخلقكم من ان تصلوا الي بسوء بسوء من قول او فعل وان لم تؤمنوا لي فاعتزلون كيف لا تعرضوا ولا تتعرضوا الي ودعوا الامر بيني وبينكم مسالمة الا ان يقضي الله الى ان يقضي الله بيننا - 00:25:19ضَ

فلما طال مقامه بين اظهرهم واقام حجج الله عليهم كل ذلك وما زادهم ذلك الا كفرا وعنادا ودعا ربه هؤلاء قوم مجرمون؟ او ان هؤلاء في كسر الهمزة وفتحها قراءتان سبعيتان - 00:25:45ضَ

فدعا ربه ان هؤلاء قوم او ان هؤلاء قوم مجرمون دعا ربه عليهم بسبب اجرامهم وكفرهم فاستجاب الله جل وعلا دعاءه فقال له فاسري بعبادي ليلا واسري اسري بعبادي ليلا قرأتان - 00:26:11ضَ

بهمزة القطع من الرباعي وبهمزة الوصل من الثلاثي اسرى رباعي فاسري بعبادي ليلا سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى اسرى تسري الهمزة همزة وصل وهي يؤتى بها - 00:26:43ضَ

للتوصل للنطق بالساكن لان السين ساكنة على الثلاثي مع الوصل لا ينطق بها مصري وهو حينئذ مع همزة الوصل يكون من الثلاثي من سرى شرع ثلاثي واسرى رباعي وهي قراءتان سبعيتان - 00:27:13ضَ

الثلاثي والرباعي فاسري حمزة همزة وصل والسري هو المشي ليلا والليل اذا يسر عند الصباح يحمد القوم السرى والسري هو المشي ليلا بشر بعبادي ليلا امره الله جل وعلا ان ينطلق ببني اسرائيل - 00:27:42ضَ

في اثناء الليل يخرج بهم من لحكمة يريدها الله جل وعلا فاسري بعبادي ليلا ثم بين له حتى لا ينتابه الخوف وقال انكم سيتبعونكم ولهذا من ليس عنده علم موسى - 00:28:21ضَ

عليه الصلاة والسلام من قومه قالوا ماذا فعلت بنا يا موسى في البلد ونواحيها نستطيع ان نتهرب من فرعون وقومه وفرعون خلفنا وفي نظري عامة الناس انهم وقعوا وهلكوا ولا محيص لهم - 00:28:53ضَ

ان البحر لا يستطيعون ان يخوضوه وفرعون احاط بهم من الخلف وكأنهم تجمعوا له ليفتك بهم ويقضي عليهم وقال موسى عليه الصلاة والسلام كما في الايات الاخر كلا ان معي ربي سيهدين - 00:29:24ضَ

من الله جل وعلا والله جل وعلا بين له قال فاسري بعبادي ليلا انكم متبعون سيتبعونكم فلا تخف ولا تجزع ولا تقل هلكنا لا هم سيتبعونكم والله جل وعلا مطلع على الجميع - 00:29:45ضَ

فدعا ربه عليهم دعوة نفدت فيهم كما قال تعالى وقال موسى ربنا انك اتيت فرعون وملأه زينة واموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على اموالهم واشدد على قلوبهم - 00:30:15ضَ

فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الاليم قال قد اجيبت دعوتكما فاستقيما وهكذا قال ها هنا فدعا ربه ان هؤلاء قوم مجرمون فعند ذلك امره الله تعالى ان يخرج ببني اسرائيل من بين اظهرهم من غير امر فرعون ومشاورته - 00:30:36ضَ

ولهذا قال فاسري بعبادي ليلا انكم متبعون كما قال ولقد اوحينا الى موسى ان يسرب عبادي واضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى واترك البحر رهوا - 00:31:03ضَ

اترك البحر اذا سلكت البحر وكان كالطود العظيم بامر الله جل وعلا وبظرب موسى بالعصا ودخلت انت ومن معك وعبرتم ولا تتعرض للبحر اتركه على حاله رهوا قال ساكنا رهوا ساكنا - 00:31:27ضَ

على حالته قالوا ان موسى عليه الصلاة والسلام لما عبر البحر وهو يرى ان فرعون خلفه وانتهى من عبور البحر التفت ليضرب البحر بعصاه ليعود كما كان حتى لا يدخل فيه فرعون ومن معه - 00:31:56ضَ

وقال الله جل وعلا له واترك البحر رهوا. اتركه على حالته وكل هذه الافعال في فكر الخلق والناس تزيد في الخوف خروج موسى عليه الصلاة والسلام وتبع فرعون اياه ثم وقوف موسى عليه الصلاة والسلام على البحر وفرعون خلفه - 00:32:24ضَ

ثم دخول موسى عليه الصلاة والسلام في البحر وعبوره ودخول فرعون كان في فكر المفكر ان انه يود ان يعود البحر كما كان حتى لا يدخل فرعون ويرجع لكن الله جل وعلا يريد ما هو اعلى من ذلك واسرع - 00:32:59ضَ

فرجا لبني اسرائيل ولو اجتمع رأي الناس التشاور في هذا لاشار الكل بان يغلق موسى البحر حتى لا يتبعهم فرعون كالحاجز بينهم وبينه لكن الله جل وعلا قال لا واترك البحر رهوا - 00:33:24ضَ

كما قال الله جل وعلا في حق موسى فاذا خفت عليه فالقيه في اليوم خوف شديد على الولد امر الله امه بان ترميه في البحر. هذا هلاك محقق في رأي العين - 00:33:52ضَ

الخوف من فرعون وقومه على موسى وهو وليد الان نزل من بطن امه تستطيع ان تخفيه يمينا او شمالا وربما سلم لكن قذفها اياه في البحر هذا هو الهلاك بعينه - 00:34:15ضَ

لولا ارادة الله جل وعلا وحكمته وكذلك هنا قال الله جل وعلا واترك البحر رهوا. اتركه مفتوح يدخله فرعون وقومه واترك البحر رهوا انهم مغرقون رهوا ساكنا ويقال رهوا مستقرا - 00:34:37ضَ

كما يقال عيش راهن يعني مستقر كافي مقنع مرضي من اجل ان يدخله فرعون بعدك فيكون هلاكهم حينئذ انهم جند مغرقون ان فرعون ومن معه مغرقون في البحر هذه بشارة - 00:35:13ضَ

لموسى عليه الصلاة والسلام في غرق فرعون ومن معه انهم جند مغرقون يغرقون في البحر هالكون فيه كم تركوا من جمات وعيون؟ انهم جند مغرقون فغرقوا كما قص الله جل وعلا علينا ذلك في ايات من كتابه - 00:35:45ضَ

لما استكمل موسى ومن معه الخروج من البحر ودخل فرعون ومن معه كان اولهم لم يخرج الى اليابس واخرهم قد دخل في البحر. يعني اجتمعوا كلهم في البحر من اولهم الى اخرهم. فامر الله جل وعلا البحر بان ينطبق عليهم - 00:36:16ضَ

فانطبق عليهم فلما عاين العذاب قال امنت انه لا اله الا الذي امنت به بنو اسرائيل وانا من المسلمين. قيل له آآ الان وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين فاليوم ننجيك ببدنك - 00:36:39ضَ

نجا بدنه وهو روحه للعذاب ونجا ليعتبر به الناس لانه كان يقول انا رب فكأنه يقال للناس انظروا الى هذا الذي تقولونه ويقول عن نفسه انه رب. ماذا فعل الله جل وعلا به - 00:37:00ضَ

عبرة للمعتبرين لانه كان يتصور ان فرعون لا يموت وان فرعون لا يغلبه احد وان فرعون يتصرف كيفما شاء وقد قال عن نفسه اللعين انا ربكم الاعلى وقال ما علمت لكم من اله غيري - 00:37:20ضَ

فاهلكه الله جل وعلا بمرأى من الناس انهم جند مغرقون كم تركوا من جنات وعيون كم هذه يسميها العلماء كم الخبرية بمعنى كثير بمعنى كثير ومحلها هنا النصب مفعول به - 00:37:42ضَ

الفعل فيها تركوا يعني تركوا كثيرا كراكو كثيرا من كل شيء ثم فصل جل وعلا بقوله من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة عمم بعد التخصيص تركوا اشياء كثيرة كان قائلا يقول ما هي ربي - 00:38:16ضَ

وقال جنات وعيون وزروع ومقام كريم واشياء كثيرة غير هذه ونعمة كانوا فيها فاكهين كم تركوا من جنات الجنات البساتين وكانت مشهورة مصر بكثرة بساتينها لتوفر المياه النهر نهر النيل - 00:38:51ضَ

وعيون عيون تجري من الارض غير ماء النهر وزروع بانواع الزروع والمحاصيل الزراعية ومقام كريم قصور ومجالس فخمة ومناظر جميلة ومقام كريم ونعمة نعمة يعني متاع عام خير كثير لان الله جل وعلا ابتلاهم - 00:39:28ضَ

في هذه النعم ونعمة كانوا فيها فاكهين او فاكهين وفاكه بمعنى صاحب فاكهة يعني عندهم فواكه كثيرة وتأتي بمعنى فاكهين يعني متفكهين متلذذين نفوسهم مطمئنة منشرحة مستأنسين منبسطين يمزحون يلعبون - 00:40:11ضَ

او فاكهين بمعنى اشرين باطرين متكبرين وهذه من فصاحة القرآن العظيم ان اللفظ يأتي واحد ويصدق على معان كثيرة ونعمة كانوا فيها فاكهين يعني متفكهين. عندهم من انواع الفواكه وهذا صحيح - 00:40:53ضَ

ونعمة كانوا فيها فاكهين يعني متفكهين متلذذين مستأنسين مستريحين منشرحة صدورهم يتخيرون ما شاءوا من الكلام او فاكهين بمعنى اشرين باطرين متكبرين بهذه النعمة وكل هذه تركوها اخذت من ايديهم - 00:41:20ضَ

اهلك وبقيت صافية والله جل وعلا قادر على ان ينزل عليهم العذاب وهم في مصر ربما اهلك واتلف كثيرا من الخيرات التي هم فيها فاختار الله جل وعلا ان يخرجهم من مصر - 00:41:55ضَ

يكون الهلاك لهم بعيدا وتبقى ثروات مصر وما فيها من الخيرات يعطيها جل وعلا لبني انظروا هذه الخيرات التي كنتم لا يحصل لكم ولا نظرها ولا رؤياها محجوبون عنها مكلفون بالاعمال الشاقة في الشمس والحر - 00:42:12ضَ

والتعب الرجال يعملون الاعمال الشاقة والاولاد يقتلون والنساء يستخدمن كذلك الامر كذلك قال خبر مبتدا مقدر يعني الامر كذلك هذا الذي حصل واورثناها قوما اخرين اعطيناها وقال جل وعلا اورثناها - 00:42:40ضَ

والميراث يختلف عن العطاء شخص يعطي عطاء يقول في شيء من المنة او من المعروف او من الفضل بخلاف الميراث الميراث يأخذه الانسان لا منة فيه لاحد ولا معروف لاحد - 00:43:13ضَ

عطاء من الله جل وعلا وصاحبه مات. فانتقل الى وارثه اخذه لا يتمنن عليه به ولا يقول له صاحب اعطيتك واعطيتك. لا هذا عطاء لا منة فيه واورثناها قوما اخرين. قال جمهور المفسرين هم بنو اسرائيل. خرجوا من مصر ثم رجعوا اليها - 00:43:39ضَ

فاعطاهم الله جل وعلا ما كان في مصر من الخيرات قول اخر لبعض المفسرين قال لا. بنو اسرائيل ما رجعوا الى مصر. ذهبوا الى بيت المقدس الى الشام واورث الله جل وعلا ما في مصر لقوم اخرين غير هؤلاء - 00:44:07ضَ

والقول الاول هو المشهور وهو قول جمهور المفسرين بانهم رجعوا الى مصر واعطاهم الله جل وعلا مملكة فرعون واورثناها قوما اخرين كما بكت عليهم السماء والارض وما كانوا منظرين. ما بكت عليهم السماء - 00:44:27ضَ

ما بكت عليهم السماء لم لانها لم تفقد لهم عملا صالح ما بكت عليهم السماء لانه ما كانت تصعد لهم اعمال صالحة صلوات ولا زكوات ولا ذكر ولا عمل صالح ما كان يصعد لهم شيء - 00:44:53ضَ

فما تبكي عليهم والارض ما بكت عليهم لانها ما فقدتهم في مصلاهم ما فقدتهم لانه ورد ان الارض تبكي للعبد الصالح اذا مات اذا فقدته في الصلاة. كان يطيع الله جل وعلا فيها فتحبه الارض - 00:45:21ضَ

فاذا مات فقدت الاعمال الصالحة الصلوات التي كان يصلي عليها فتبكي عليه فهؤلاء لم تفقدهم السماء ولم تبكي عليهم لانه لا عمل خير يصعد لهم ولم تفقدهم الارض بل استراحت من شرهم لانهم لا يعملون عليها اعمالا صالحة - 00:45:46ضَ

والارض كما ورد في الحديث انها تشهد على من عمل عليها السوء وتشهد لمن عمل عليها الخير يومئذ تحدث اخبارها تخبر بما عمل عليها من شر او خير وقيل المعنى فما بكت عليهم السماء والارض يعني انهم لا خير فيهم - 00:46:14ضَ

وما فقدهم احد ولا قيمة لهم كما يقال مثلا عن الرجل الصالح الفاضل اذا مات يقال بكت عليه الديار وفقدته المدن وفقدته المحاريب وفقدته كذا تعظيما له وهنا يقال ما بكت عليهم السماء والارض يعني ما تأثرت لفقدهم وانما فرحت بزوالهم - 00:46:49ضَ

كما ورد في الاثر ان الارض اذا قبر فيها الرجل المؤمن. قالت لقد كنت من احب الناس الي وانت على ظهري والان وقد كنت في بطني فسترى ما اصنع لك. فتنفرج له ويفسح له في قبره - 00:47:22ضَ

واذا وضع فيها الرجل الفاجر والعياذ بالله قالت لقد كنت ابغض الناس وانت على ظهري فكيف وقد صرت في بطني فسترى ما اصنع لك؟ فتلتئم عليه حتى تختلف اضلاعه فما بكت عليهم السماء والارض وورد في الاثر ان الارض - 00:47:42ضَ

والسماء تبكيان على الرجل الصالح اذا مات اربعين سنة. اربعين يوما اربعين يوما وورد ان هذا من باب الاهانة والاحتقار لهؤلاء ان هؤلاء لم تفقدهم السماء ولم تفقدهم الارض فلا قيمة لهم ولم يبك - 00:48:04ضَ

احد وانما استراح الناس من شرهم واترك البحر رهوا انهم جند مغرقون وذلك ان موسى عليه السلام لما جاوز وباءه وبنو اسرائيل البحر اراد موسى ان يضرب بعصاه حتى يعود كما كان - 00:48:26ضَ

ليصير حائلا بينهم وبين فرعون فلا يصل اليهم فامره الله ان يتركه على حاله ساكنا وبشره بانهم جند مغرقون قال ابن عباس واترك البحر رهوا كهيئته وامضة وقال مجاهد رهوا طريقا يابسا كهيئته - 00:48:48ضَ

اتركه لا تتسمى في اغلاقه. بل اتركه طريقا على يبوسته ليسلكه فرعون وقومه. نعم. يقول لا تأمره فيرجع اتركه اتركه حتى يرجع اخرهم. وكذا قال والربيع بن انس ثم قال تعالى - 00:49:16ضَ

كم تركوا من جنات وهي البساتين وعيون وزروع والمراد بها الانهار والابار ومقام كريم فيها قراءتان بفتح الميم رأت الجمهور وبضمها مقام نعم ومقاء ومقام كريم ثم قال تعالى كم تركوا - 00:49:38ضَ

تركوا من جنات وعيون وهي المساكن الكريمة الانيقة والاماكن الحسنة ونعمة كانوا فيها ونعمة بفتح النون التنعم والنعمة بكسر النون المنة يعني العطية يعني النعمة التنعم العام في كل شيء - 00:50:10ضَ

هذه قراءة الجمهور ونعمة وقرأ ونعمة. يعني عطية نعم ونعمة كانوا فيها فاكهين اي عيشة كانوا يتفكحون فيها فيأكلون ما شاءوا ويلبسون ما احبوا مع الاموال والجاهات والحكم في البلاد - 00:50:38ضَ

فسلبوا ذلك جميعه في صبيحة واحدة وفارقوا الدنيا وصاروا الى جهنم وبئس المصير واستولوا على البلاد المصرية وتلك الحواصل الفرعونية والممالك القبطية بنو اسرائيل كما قال تعالى وذلك واورثناها بني اسرائيل - 00:51:01ضَ

وقال في موضع اخر واورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الارض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني اسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون - 00:51:26ضَ

وقالها هنا كذلك واورثناها قوما اخرين وهم بنو اسرائيل كما تقدم فما بكت عليهم السماء والارض ان الله جل وعلا قالوا اورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الارض ومغاربها التي باركنا فيها - 00:51:49ضَ

اورث الله جل وعلا هذه النعم القوم المستضعفين وهم بنو اسرائيل. نعم وما بكت عليهم السماء والارض اي لم تكن لهم اعمال صالحة تصعد في ابواب السماء فتبكي على فقدهم - 00:52:12ضَ

ولا لهم في الارض بقاع عبدوا الله فيها فتفقدهم. فلهذا استحقوا الا ينظروا الا ينظروا ولا يؤخر لكفرهم واجرامهم عن انس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - 00:52:32ضَ

ما من عبد الا وله بابان باب يصعد منه عمله وباب ينزل منه رزقه. فاذا مات فقد وبكى يا عليه وتلا هذه الاية فما بكت عليهم السماء والارض وذكر انهم كانوا - 00:52:53ضَ

انهم لم يكونوا يعملون على الارض عملا صالحا تبكي عليهم ولم يصعد لهم الى السماء من كلامهم ولا من عملهم كلام صالح فيفقدهم يفتقدهم فيبكي عليهم. اخرجه الترمذي وابن ابي الدنيا وابو يعلى وابن ابي حاتم وابن مردويه. وابو نعيم في الحلية - 00:53:18ضَ

الخطيب الله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:53:44ضَ