التفريغ
الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد بالله اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ولقد اتينا داوود منا فضلا يا جبال اوبي ما هو الطيب انعم السابغات واعملوا صالحا - 00:00:00ضَ
هاتان الايتان الكريمتان من سورة سبأ كمثال لقوله جل وعلا الايات السابقة ان في ذلك لاية لكل عبد منيب ان في ذلك لاية لكل عبد منيب فمسل الله جل وعلا - 00:00:40ضَ
لعبدين ورسولين ونبيين من انبيائه ورسله منيبين اليه وذلك في قوله جل وعلا بالنسبة لداوود فاستغفر ربه وخر راكعا واناب وقال عن سليمان عليه السلام في الايات الاتية ان شاء الله - 00:01:18ضَ
والقينا على كرسيه جسدا ثم اناب والله جل وعلا في هاتين الايتين وما بعدهما تمثيل لمن اناب اليه من عباده الصالحين يقول الله جل وعلا ولقد اتينا داوود منا فضلا - 00:01:52ضَ
اختلف في هذا الفضل ما المراد به وذلك ان الله جل وعلا انعم على داوود بنعم عظيمة وكان من عباد الله الشاكرين ممن قام بما اوجب الله جل وعلا عليه - 00:02:20ضَ
وشكر ربه على هذه النعمة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم افضل الصيام بعد رمضان صيام داوود صيام يوم وفطر يوم وافضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل وافضل قيام الليل - 00:02:45ضَ
صلاة داوود عليه السلام كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه على نبينا وعليه افضل الصلاة والسلام والله جل وعلا يذكر بانه ات داود منه فظلا ما المراد بهذا الفضل - 00:03:10ضَ
على اقوال المفسرين رحمهم الله قال بعض العلماء النبوة وقال بعضهم المراد الزبور الله جل وعلا يقول واتينا داود قرآنا يتلى من كلام الله جل وعلا وقيل العلم وقيل القوة كما في قوله تعالى - 00:03:40ضَ
واذكر عبدنا داود ذا الايدي يعني القوة وقيل تسخير الجبال كما في قوله تعالى يا جبال اوبي معه وقيل الحكم بالعدل كما في قوله تعالى يا داوود انا جعلنا يا داوود انا جعلناك خليفة - 00:04:17ضَ
في الارض احكم بين الناس بالحق وقيل هو الانة الحديد كما في قوله تعالى والنا له الحديد وقيل حسن الصوت القرآن بالزبور اذا كان يقرأ القرآن تجمعت حوله الوحوش والطير - 00:04:41ضَ
تتلذذ بحسن قراءته عليه الصلاة والسلام والنبي صلى الله عليه وسلم لما سمع قراءة ابي موسى الاشعري وقف يستمع لقراءته وقال عليه الصلاة والسلام لقد اوتي هذا مزمارا من مزامير ال داوود - 00:05:09ضَ
يعني في حسن الصوت وكان ابو موسى الاشعري رضي الله عنه حسن الصوت بالقرآن الله جل وعلا اعطى داوود عليه السلام فضائل كثيرة منها هذه التي ذكرنا ومنها غير ذلك - 00:05:33ضَ
ولقد اتينا داود منا فظلا وفضل النكرة ليعم اعطاه الله جل وعلا فضائل كثيرة يا جبال اوبين معه يا جبال معه قيل بمعنى سبحي وكما قال ابو ميسرة هو التسبيح بلسان الحبشة - 00:05:59ضَ
اي سبحي كما قال الله جل وعلا ان سخرنا الجبال معه يسبحن العشي والاشراق والله جل وعلا على كل شيء قدير اذا سمعت الجبال تسبيح داوود يجعل الله جل وعلا فيها القدرة - 00:06:37ضَ
على التسبيح فتسبح معه وقيل معنى او بي معه اي سيري معه. والتعويب كما يقال في اللغة السير بالنهار كله يقال اوب فلان اذا سار في النهار من اوله الى اخره - 00:07:09ضَ
والقراءة المشهورة قراءة الجمهور معه وقرأ اوبي معه بمعنى ارجعي امر فقط امر بالرجوع من اباء اذا رجع يقال ابى اوبي بمعنى ارجعي يا جبال اوبي معه والطير والطير قراءة الجمهور النصب - 00:07:34ضَ
بفتح الراء وقرأ والطير النصب على وسخرنا الطير او انها معطوفة على محل الجبال يا جبال مرفوعة لكن محلها النصب لانه منادى وقراءة الرفع على لفظ الجبال يا جبال اوبي معه والطير - 00:08:13ضَ
وكانت الطير يسبح معه اذا سبح الله جل وعلا سبحت الطير والنا له الحديث هذا من الفضل الذي اعطاه الله جل وعلا لان الله الان له الحديد وكان الحديد في يده - 00:08:46ضَ
كالشمع او كالطين او كالعجين كما قال المفسرون رحمهم الله يعني يتصرف فيه كما يتصرف المرء بالقطعة من العجين في يده لا يحتاج الى نار ولا يحتاج الى مطرقة ولا يحتاج الى مقص - 00:09:11ضَ
وانما يعمله بيده هكذا مثل العجين بيد المرء هذه من ايات الله جل وعلا. ومن المعجزات التي اجراها الله جل وعلا على يد داود عليه السلام ويروى ان داوود عليه السلام - 00:09:36ضَ
كان يتلمس ويتحرى العيوب التي فيه ليستدركها فكان عليه الصلاة والسلام اذا رأى الرجل الغريب تنكر له وقال ما تقول في داوود ويثنى عليه خير والحمدلله ثم ان الله جل وعلا ارسل ملكا - 00:09:58ضَ
في سورة انسان اعترض له داود عليه السلام قائلا ما تقول في داوود قال نعم الرجل الا انه يأكل من بيت المال يأكل هو واهله من بيت المال فتضرع الى الله جل وعلا وصلى - 00:10:27ضَ
وجاء الى الله بان يجعل له رزقا من غير بيت مال المسلمين سألنا الله جل وعلا له الحديد وكان عليه الصلاة والسلام يصنع الدروع بيده وكان الناس قبل داوود في مجال الحرب - 00:10:52ضَ
يستعملون الصفائح لتقي السلاح ثم ان الله جل وعلا الهم داوود بان يعمل الدروع من الحديد تقي السلاح وتلبس كما يلبس الثوب وكان عليه الصلاة والسلام يخرج في كل يوم درعا - 00:11:17ضَ
يبيعه قيل في ستة الاف ستة الاف ينفق على نفسه واهله الفين ويتصدق باربعة الاف ولذا ورد في الحديث ان داوود عليه السلام كان يأكل من عمل يده وافضل كسب - 00:11:44ضَ
يكسبه الانسان ويأكل منه ان يأكل من عمل يده انه لا شبهة فيه اذا اخلص في عمله الموكول اليه واكل من عمل يده فذلك افضل كسب وهو عليه الصلاة والسلام - 00:12:08ضَ
ملك ونبي ورسول وبين يديه الخزائن فسأل الله ان يغنيه من الاكل مما يخص المسلمين عموما فاجرى الله له هذا الرزق الذي هو من عمل يده عمل الدروع وعلى النا له الحديد هذه نعمة من الله جل وعلا امتن بها على داوود من الفضل الذي اعطاه الله - 00:12:28ضَ
مما لم يعطي غيره من المرسلين انعم السابغات اما الان الله جل وعلا له الحديد وجه يعمل ويستفيد مما اعطاه الله جل وعلا من القدرة قال له الله جل وعلا - 00:13:00ضَ
انعمل سابغات هيعمل دروعا صابغات والسابق هو الراهي المغطي لما يراد تغطيته مع زيادة مع وفاء يعني لا يكون مغطيا للجسم فقط وانما في زيادة فيقال مثلا هذا ثوب سابغ. يعني يغطي القدمين - 00:13:28ضَ
واستدل بهذا على انه يجوز حذف الموصوف وذكر الصفة بدله كما يجوز ذكرى الموصوف وحذف الصفة المرادة حذف الموصوف وذكر الصفة كما في قوله جل وعلا ان اعمل سابغات يعني اعمل دروعا صابغات - 00:14:00ضَ
وحذف الصفة المرادة مع ذكر الموصوف كما في قوله جل وعلا وكان ورائهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا يعني كل سفينة صالحة لان السفن كثير منها تمر عليه فلا يأخذها. لا يأخذ الا السفن السليمة مئة في المئة - 00:14:31ضَ
ونعم السابغات وقدر في الشرط الشرد نشجوا الدروع ويقال الشرب والجرد الزين بالزاي والراء والشين والراء يعني ابدال السين زاي الشرد والجرد ويقال الشراد والزراد الذي هو لصانع الدروع الذي يعمل الدروع - 00:14:58ضَ
والشرد ايضا كذلك يقال للخرس الخراج يقال له سراد ويقال سرد النعل اذا خرزه يعني كأنه يكون مثل متوالية متتابعة والشرد كذلك موالاة الكلام بعضه مع بعض استمرار متتابع وقد قالت عائشة رضي الله عنها لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يسرد الحديث كسردكم - 00:15:41ضَ
لم يكن عليه الصلاة والسلام يأتي بالحديث بسرعة بالكلام وانما يأتي به كلمة كلمة حتى يؤخذ عنه على الصلاة والسلام ويفهم فايضاح الكلام مطلوب لاجل ان لا يشتبه على السامع - 00:16:24ضَ
وكما قيل كان عمر رضي الله عنه اذا مشى اسرع واذا قال اسمع واذا ضرب اوجع والمراد بسرد الدرع وسرد الدروع احكامها قدر في السرد يعني احكم الدرع وان تكون متناسقة - 00:16:46ضَ
تجمع بين القوة والمناعة والخفة في الحمل لانه يلبسها المحارب فاذا كانت مثلا ثقيلة ما استطاع الحركة والكر والفر واذا كانت خفيفة ما وقت من ضربات السيوف والرصاص وغيرها والرماح - 00:17:17ضَ
بل تكون محكمة جامعة بين الخفة والمناعة قال قتادة رحمه الله كانت الدروع قبل داوود ثقالا يعني ثقيلة وهي الصفايح من حديد صفايح ما كانت على شكل دروع اول من صنعت دروع كما ورد داوود عليه السلام - 00:17:45ضَ
شكلها حلق اي لتكن الحلقة والمسمار الذي يربط بها متناسبان فاذا كان المسمار صغيرا ما مسك واذا كان المسمار في الحلقة متينا قويا رسم الحلقة فليكن متناسب مساميره مع الحلق متناسبة - 00:18:11ضَ
وكذلك تربيت الحلق بعضها ببعض متناسبة متناسقة قال والتقدير اي لا تجعل مسمار الدرع دقيقا فيقلق ولا غليظا فيفصل الحلقة وجهه الله جل وعلا بهذا التوجيه الحكيم فكان انتاجه بيده في اليوم او جزءا من اليوم درع - 00:18:46ضَ
ويصرف جل الوقت في العبادة عليه الصلاة والسلام وكان كما تقدم كثير الصيام كثير قيام الليل صلوات الله وسلامه عليه وقدر في السرد واعملوا صالحا واعملوا صالحا هذه النعمة التي اعطاك الله - 00:19:23ضَ
ولين لهك الحديد وجعلك تستغل منها ربحا جيدا لا تصرف جل همك لها انتبه لما ينفعك مستقبلا فبعض التجار مثلا اذا كان لسلعته رواجا ترك كثيرا من نوافل العبادة لاجل ان يربح في التجارة هذه - 00:19:56ضَ
وهذا خلاف الاولى بل يجعل للعمل الصالح حظ وفي يكسب به درجات الاخرة ولا يجعل جل همه الكسب الدنيوي فهذا داوود عليه السلام يصنع الدرع في جزء من اليوم ويبيعه كما ورد بستة الاف - 00:20:25ضَ
ويقول الله جل وعلا واعملوا صالحا الكسب اجعل منه شيء لك ينفعك عند الله وداوود يجعل لنفسه الفين ولي عمل الخير والصدقة اربعة الاف. هذا من العمل الصالح ولا ينفق جل وقته في عمل الدروع حتى وان كان يصرفها في طاعة الله. لا - 00:20:57ضَ
يجعل لبدنه حظ من العبادة والتقرب الى الله جل وعلا واعملوا صالحا. يعني انت واهلك وجه اهلك ومن تحت يدك بالعمل الصالح واعملوا صالحا كما قال الله جل وعلا وكما سيأتي اعملوا ال داوود شكرا وقليل من - 00:21:30ضَ
عبادي الشكور واعملوا صالحا اني بما تعملون بصير فانا مطلع على عملكم اراكم وابصركم فاذا ايقن وامن صاحب العمل الذي يعمل لان من كلفه بالعمل عليه اجتهد في عمله ولله المثل الاعلى - 00:22:00ضَ
اذا المرء مثلا استأجر اجير ثم جاء صاحب العمل ووقف على الاجير وهو يشتغل تجد الاجير يبذل كلما يستطيع في اتقان العمل وانتظامه وضبطه لان صاحب العمل واقف عليه واذا غاب - 00:22:38ضَ
تساهل بعض التساهل الله جل وعلا يقول لداوود واهله واعملوا صالحا اني بما تعملون مطلع عليكم في كل اوقات وعملكم مطلع عليكم لا تقول غاب عنا او لا يرانا اجتهد - 00:22:59ضَ
والله جل وعلا يوصي عباده حتى المجتهدين في العبادة يوصيهم بالاجتهاد والاخلاص في العمل ومراقبة الله جل وعلا كما كان نبينا صلوات الله وسلامه يفعل يقوم عليه الصلاة والسلام حتى تفطرت قدماه - 00:23:25ضَ
وقالت له عائشة رضي الله عنها رفقا بحاله وشفقة عليه. يا رسول الله تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر يعني ماذا تطلب؟ تتعب نفسك والله جل وعلا غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر - 00:23:50ضَ
فقال عليه الصلاة والسلام يا عائشة افلا اكون عبدا شكورا ما دام الامر كذا فانا اشكر الله جل وعلا على ان غفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر فانا اجتهد في العبادة - 00:24:12ضَ
وهكذا والله جل وعلا هنا يقول لال داوود الذي هذا عمله واثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم بعمله عليه الصلاة والسلام وان صلاته افضل الصلاة وصيامه افضل الصيام عليه الصلاة والسلام - 00:24:26ضَ
يقول الله جل وعلا له واعملوا صالحا اني بما تعملون بصير. مطلع على عملكم وهكذا ينبغي للمؤمن ان يخلص في عمله وان يجتهد في مراقبة الله جل وعلا وهذه اعلى درجة ممكن ان يتصف بها المرء - 00:24:43ضَ
المؤمن درجة الاحسان وهي ان تعبد الله كأنك تراه. فان لم تكن تراه فانه يراك اعبد ربك كانك تشاهده وانت لا تشاهده الان لكن اجزم وايقن بان الله جل وعلا يراك - 00:25:09ضَ
انت اعمل العمل مخلصا لله جل وعلا معتقدا بانه مطلع عليك. لا تتساهل فيه والله جل وعلا اثنى على عبده ورسوله داود عليه الصلاة والسلام وذكر ما تفضل به عليه من الفضل العظيم - 00:25:35ضَ
من نشأته حينما قال الله جل وعلا وقتل داوود جالوت واتاه الله الملك والحكمة والله جل وعلا فضله بفظائل كثيرة واثنى عليه بعمله يقتدى به الرسل عليهم الصلاة والسلام اثنى الله عليهم باعمالهم الجليلة الذي وفقهم لها لاجل ان يقتدى - 00:26:04ضَ
بهم والله جل وعلا لما ذكر الرسل صلوات الله وسلامه عليه قال لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فبهداهم اقتدع فالمؤمن اذا سمع ما اثنى الله به على عبد من عباده لعمل عمله يحرص على ان يكون مثل ذلك - 00:26:33ضَ
احرص ان يؤدي مثل ذلك او يتشبه على الاقل او يتقرب بمثله الى الله جل وعلا وان كان لا يطيق ان يأتي بمثل ما اتى به المرسلون صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين - 00:26:59ضَ
لكن يحرص على ان يقتدي بهم من يعمل لانه يرظى الله اثنى الله جل وعلا على داوود بقيامه الليل يحرص على ان يقوم الليل وهكذا فالله جل وعلا يسوق قصص الاخيار ليقتدي بهم من وفقه الله جل وعلا للعمل الصالح - 00:27:14ضَ
والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه - 00:27:46ضَ