تفسير ابن كثير

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبدالرحمن العجلان | 4- سورة الإنشقاق| من الأية 20 إلى 25

عبدالرحمن العجلان

والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد. سم بالله اعوذ بالله من الشيطان الرجيم فما لهم لا يؤمنون واذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون بل الذين كفروا يكذبون - 00:00:00ضَ

والله اعلم بما يوعون فبشرهم بعذاب اليم الا الذين امنوا وعملوا الصالحات لهم اجر غير ممنون هذه الايات الكريمة خاتمة سورة الانشقاق جاءت بعد قوله جل وعلا فلا اقسم بالشفق - 00:00:32ضَ

والليل وما وسق والقمر اذا اتسق لا تركبن طبقا عن طبق فما لهم لا يؤمنون. الايات الاستفهام هنا في قوله جل وعلا فما لهم لا يؤمنون اي شيء منعهم من الايمان - 00:01:04ضَ

استفهام انكار يعني منكرا عليهم جل وعلا عدم ايمانهم مع قيام الحجة ووضوح الادلة الامر جلي وواضح وهم يعرفون صدق محمد صلى الله عليه وسلم وهم يعرفون حسنا هذا الكلام الذي اتى به - 00:01:31ضَ

ومعجزته صلى الله عليه وسلم من جنس ما برع به قومه وما بعث الله نبيا الا وجعل معجزته من جنس ما برع به قومه وقريش والعرب ملوك الفصاحة والبلاغة وحسن التصرف - 00:02:07ضَ

في الكلام جاءت معجزة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اعظمها القرآن والقرآن تحداهم مع فصاحتهم وبلاغتهم ان يأتوا بمثله فلم يستطيعوا ان يأتوا بعشر سور مثله ما استطاعوا ان يأتوا بسورة واحدة مثله ما استطاعوا - 00:02:37ضَ

فما لهم لا يؤمنون لما لا يؤمنون والامر الجلي وواضح وبين لم يأتهم رجل اجنبي ما يعرفون صدقه من كذبة ما جاءهم بكلام لا يعرفونه ولا يدركونه بل كلام واضح وبين - 00:03:07ضَ

ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ميسر ومسهل والحمد لله فما لهم لا يؤمنون جاءهم بشيء ما يدركونه جاءهم بكلام غير عربي جاءهم بمعجزة ما تدركها عقولهم لا الامر واضح - 00:03:31ضَ

كانوا يعرفون صدقه وامانته ويلقبونه بالصادق الامين قبل ان يأتي بهذا القرآن وهو شاب صغير عليه الصلاة والسلام ما كان يعرف الكذب ولا الخيانة ولا الغش انصح الخلق للخلق صلوات الله وسلامه عليه - 00:03:59ضَ

ومنهم ومن اوسط نسبهم ليس متطرفا فيهم يقولون نتبعه وهو ملصق فينا او تابع لنا جده عبد المطلب سيدهم فما لهم لا يؤمنون ليس لهم عذر في عدم الايمان الرسول يخاطبهم بما يفهمون ويدركون - 00:04:21ضَ

واذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون القرآن تتطلب من من سمعه ان يخضع له ويلين وينقاد لانه يتملك الالباب والعقول كانوا يحبون ان يستمعوا له بدون ان يعلم عنهم احد - 00:04:48ضَ

يتلذذون بسماعهم للقرآن وهم كفار لانهم يدركون معنى الكلام الجيد الفصيح ويتلذذون بسماعهم للقرآن من قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في سواد الليل اين لا يسمعهم احد ولا يراهم احد - 00:05:19ضَ

معي يستطيعون من من الحسد والبغي والكبر ان يأتوا ويستمعوا في النهار. يقال هذا فلان يستمع لقراءة محمد يتكبرون عن هذا فيأتون يتلصصون في الليل يجلسون في الاماكن القريبة من - 00:05:41ضَ

هو صلى الله عليه وسلم حتى يسمعوا قراءته واذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون اذا قرئ عليهم القرآن لا يسكتون يعني لا يخضعون او لا يسجدون لا يصلون لان من اهم اعمال الصلاة السجود اقرب ما يكون العبد من ربه - 00:05:59ضَ

وهو ساجد واذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون اي سجود التلاوة سجود التلاوة مستحب وليس بواجب وهذه من الايات التي فيها سجود التلاوة يقول الراوي صليت مع ابي هريرة رضي الله عنه صلاة العشاء - 00:06:26ضَ

وقرأ سورة الانشقاق فسجد فلما انصرف قلت ما هذا يعني كانه يعيب عليه انه زاد في الصلاة سجدة وقال رضي الله عنه سجدتها مع ابي القاسم صلى الله عليه وسلم - 00:06:50ضَ

فلا ازال اسجد فيها حتى القاه يعني اسجد كل ما قرأت واسجد فيها حتى اموت والقى النبي صلى الله عليه وسلم واذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون وكان الاولى والاجدر بهم لو انصفوا لسجدوا لتلاوة القرآن - 00:07:08ضَ

لانهم يدركون انه يستحق ذلك ثم قال جل وعلا بل الذين كفروا يكذبون بل هم يعني ما منعهم من السجود ومنعهم من الايمان الا التكذيب ويكذبون بالشيء الصدق الحقيقي يعني ما كانوا يجهلون الامر - 00:07:31ضَ

وانما يكذبون انكارهم هذا لانهم يكذبون بما سمعوه بل الذين كفروا يكذبون والله اعلم بما يوعون. وعيد شديد الله اعلم بما جمعوه في قلوبهم ما كان في قلوبهم من الكفر - 00:07:58ضَ

والتكبر على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى القرآن الله عالم به يجازيهم عليه هذا فيه وعيد تحذير لهم ان العقاب محقق يستحقون لان الله جل وعلا يعلم ما في قلوبهم - 00:08:28ضَ

المخلوق بين يدي المخلوق قد يمكر به ويلعب به ولا يمتثل امره لكن اذا جاءه بدأ يتملقه ويمدحه ويثني عليه وكذا وكذا فيظن انه صادق فيصطفيه وهو غاش له في الحقيقة - 00:08:55ضَ

اما الله جل وعلا فهو عالم بما في قلوبهم. يعلم ما عندهم من الكذب ومن المكابرة ومن التغاطرس على النبي صلى الله عليه وسلم والتكبر عليه وما في قلوبهم من الاستهزاء والسخرية بالمؤمنين - 00:09:20ضَ

والله اعلم بما يوعون بما يوعون يعني يجعلونه في قلوبهم او بما واعون له معتبرون به كما في قوله تعالى اذن واعية يعني منتبهة لما اسمع او بما يوعون يسرونه يجعلونه كانه في وعاء مغلق عليه - 00:09:41ضَ

يظنون انه لا يدرى عنه والله جل وعلا عالم به وما كان في وعاء محكم يعني يكون مخفى ما يدرى وش اللي في هالوعاء هذا فهو سر يجهله من رأى ما يدري ما في هذا الكيس - 00:10:15ضَ

والله جل وعلا يعلم ما في اوعيتهم هذه وان اخفوها يقول تعالى فما لهم لا يؤمنون واذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون كيف ماذا يمنعهم من الايمان بالله ورسوله واليوم الاخر - 00:10:33ضَ

وما لهم اذا قرأت عليهم ايات الله وكلامه وهو هذا القرآن لا يسجدون اعظاما واكراما واحتراما بل الذين كفروا يكذبون اي من سجيتهم الكذب والعناد والمخالفة للحق والله اعلم بما يوعون - 00:10:57ضَ

قال مجاهد وقتادة يكتمون في صدورهم فبشرهم بعذاب اليم. فبشرهم بعذاب اليم قد يقول قائل العذاب يبشر به نقول نعم لان البشارة الاخبار في الخبر الذي يظهر اثرته اثره على البشرة - 00:11:25ضَ

المرء اذا اخبر بخبر سار ظهر اثر هذا على بشرة وجهه بدأت اسارير وجهه تضحك والنبي صلى الله عليه وسلم اذا سر صار وجهه كأنه قطعة قمر عليه الصلاة والسلام - 00:11:55ضَ

يتهلل واذا اخبر الانسان بخبر سيء ظهر اثره على بشرته على وجهه ظهر اثر الكآبة والحزن على الوجه لانه اخبر بخبر سيء وغلب استعمال البشارة بالخير غلب هذا والا فالخبر الذي له اثر سواء كان حسنا او سيئ يسمى بشارة - 00:12:17ضَ

وقيل هو في الخير وجيء به هنا على سبيل التهكم بهم بشرهم يعني تهكم بهم بان مآلهم ومصيرهم الى العذاب ولم يقل توعدهم وانما قال بشرهم تهكما بهم فبشرهم بعذاب اليم. يعني مؤلم - 00:12:54ضَ

اخبرهم يا محمد لانهم ان لم يؤمنوا العذاب بانتظارهم العذاب لهم وليس بعذاب سهل بل هو عذاب اليم مؤلم فبشرهم بعذاب اليم ثم استثنى الله جل وعلا المؤمنين الخلص ومن امن من هؤلاء الكفار - 00:13:22ضَ

حين نزول الاية امن بعدها اناس كانوا كفار فامنوا فاستثنوا من هذا بقوله الا الذين امنوا وعملوا الصالحات لهم اجر غير ممنون بشر الكافرين بعذاب اليم الا الذين امنوا وعملوا الصالحات - 00:13:52ضَ

الايمان عمل القلب وعمل الصالحات عمل الجوارح الصلاة والصيام والزكاة والحج وبر الوالدين وصلة الارحام والاحسان الى الفقراء والمساكين والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعليم العلم والارشاد الضال ونصح الجاهل وهكذا - 00:14:22ضَ

هذه الاعمال الصالحة التي يحبها الله جل وعلا الا الذين امنوا بقلوبهم وصدقوا ايمانهم هذا بالعمل الصالح وان الايمان لابد فيه من قول وعمل واعتقاد الايمان قول وعمل واعتقاد اعتقاد القلب - 00:14:50ضَ

وقول اللسان شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وقراءة القرآن والذكر. كل هذا من الايمان والعمل الصالح بالجوارح الصلاة والصيام والزكاة والحج. وسائر القرب التي تعمل بالبدن - 00:15:17ضَ

ولا يتم ايمان المرء الا بهذه الثلاثة. الا من امن لتوه ولم يمكنه العمل حصل كثير ممن امن ثم مات او قتل ما امكنه ان يعمل فيكفيه الايمان هذا من الناس من يدخل الجنة وهو لم يسجد لله سجدة - 00:15:38ضَ

يؤمن وهو على فراش الموت او في معركة القتال فيقاتل في سبيل الله فيستشهد او يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وهو على فراش الموت قبل ان يعاين الملائكة فينفعه ايمانه ثم يموت - 00:16:09ضَ

ويتولاه المؤمنون لانه مؤمن ولم يسجد لله سجدة اما من يدعي الايمان وطهارة القلب وهو لا يعمل مع امكان العمل فهذا كذاب من الناس جهلا منهم من يقول انا قلبي نظيف قلبي مؤمن - 00:16:32ضَ

ما عندي غش لاحد ولا وكذا ولا كذا يمدح نفسه. وما يحتاج اني ارائي الناس بصلاتي او صيامي او اقول انا اصلي لا يكفي طهارة القلب. نقول كذبت لو كان قلبك لطاهر لاطاع الله ولا عمل الصالحات - 00:16:55ضَ

لكن يترك الاعمال الصالحة ويزعم طهارة القلب كذب والله جل وعلا رتب الايمان والفوز على ايمان القلب وعمل الجوارح ومن عمل الجوارح القول باللسان لانه عمل عمل اللسان النطق الا الذين امنوا وعملوا الصالحات - 00:17:15ضَ

لهم اجر مستمر غير ممنون غير مقطوع الاستثناء هنا هو منقطع لان المستثنى غير المستثنى منه الا الذين امنوا غير الكفار السابقين وبشرهم بعذاب اليم الا الذين امنوا قالوا الاستثناء هنا منقطع بمعنى لكن - 00:17:43ضَ

وبشرهم بعذاب اليم لكن الذين امنوا وعملوا الصالحات لهم اجر غير ممنون وقالوا مستثنى اللي بعد الا موقع غير ما كان قبلها فيسمى منقطع وقيل الاستثناء متصل لان من الذين امنوا وعملوا الصالحات هؤلاء الذين امنوا وعملوا الصالحات كانوا من الكفار فيما فيما قبل - 00:18:17ضَ

امنوا امنوا بعد كفرهم فيكون الاستثناء حينئذ متصل لان المستثنى نوع من المستثنى منه تعريف الاستثناء وتمييزه الاستثناء المتصل والمنفصل. اذا كان ما بعد الا من من جنس ما قبلها يقال متصل - 00:18:50ضَ

جاء الطلاب الا محمدا. محمد واحد من الطلاب ما جاء هذا يقال له متصل يقال المنقطع مثلا جاء الطلاب الا حمارا الحمار ما هو من جنس الطلاب يعني كأنه مقصود مجيء الحمار مثلا ليحمل او نحو ذلك فاستثني انه ما جاء الى الان ما وصل - 00:19:17ضَ

ويقال هذا استثناء منقطع لان ما بعد الا ليس من جنس ما قبلها الا الذين امنوا وعملوا الصالحات اشتراط العمل الصالح مع الايمان لهم اجر ثواب عند الله جل وعلا غير ممنون. ممنون - 00:19:47ضَ

يأتي بمعنى مقطوع ممنون غيروا ممنونا به عليهم لا منة فيه الله جل وعلا يتفضل عليهم بالثواب الجزيل بلا منة ولا يمن به عليهم واخذ من هذا ان من كان بالايمان والعمل الصالح - 00:20:13ضَ

هم توقف لمرض او كبر او تخريف وضعف عقل انهما ما يتوقف عمله ثوابه ما ينقطع ما دام حيا يجرى له ما كان يعمل في حال صحته بعض الناس يظن ان الشيخ الكبير مثلا اذا خرب في اخر حياته او فقد الوعي او صار في غيبوبة - 00:20:39ضَ

او نحو ذلك يظن انه انتهى لا يزاد في عمله ولا ينقص وليس كذلك. بل عمله الصالح يجرى له عمله الصالح يجرى له. بهذه الاية الا الذين امنوا وعملوا الصالحات لهم اجر غير ممنون - 00:21:10ضَ

وفي مثل قوله تعالى ثم رددناه اسفل سافلين الا الذين امنوا وعملوا الصالحات فلهم اجر غير ممنون فما يكذبون بعد بالدين الاية لهم اجر غير ممنون. والحديث قوله صلى الله عليه وسلم اذا مرض العبد او سافر كتب له ما كان يعمل - 00:21:30ضَ

صحيحا مقيما. فقد يكون في غيبوبة او يكون مخرف او يكون ما يدرك خمس سنوات عشر سنوات اقل اكثر عمله الصالح الذي كان يعمله في حال صحته باذن الله يجرى له - 00:21:56ضَ

ويستمر وينال به الثواب عند الله جل وعلا ما ينقطع عمله الا بالموت وهناك عمل لا ينقطع ولا بالموت كما قال عليه الصلاة والسلام اذا مات ابن ادم انقطع عمله الا من ثلاث صدقة جارية او علم ينتفع به او ولد صالح يدعو له - 00:22:14ضَ

صدقة جارية وقف يوقفه يا ابني مسجد او يوقف ارض مسجد او رباط او سكن للفقراء او مدرسة او مستشفى او ما ينفع المسلمين او بئر يحفرها او آآ كتب يشتريها ويوقفها - 00:22:38ضَ

او يطبعها او يعلم طلاب ونحو ذلك الا من ثلاث صدقة جارية او علم ينتفع به او ولد صالح يدعو له. فسلفنا الصالح رحمة الله عليهم اماؤنا ماتوا من مئات السنين وكأنهم بيننا الان في كتبهم - 00:22:58ضَ

اعمالهم الصالحة هذه تجرى لهم وان كانوا ماتوا من مئات السنين رحمة الله عليهم او ولد صالح يدعو له يجعل المرء يحرص على صلاح الولد حتى يستفيد منه بعد مماته. لان المرء اذا مات - 00:23:22ضَ

وله ولد صالح يصلي ويصوم ويدعو اللهم اغفر لي ولوالدي ووالديهم ويتصدق عن نفسه وعن والديه. ويذكر بالخير هو ووالداه وهكذا. فعمله الصالح عمل يستمر بوجود الولد الصالح الا الذين امنوا وعملوا الصالحات لهم اجر غير ممنون. غير مقطوع ولا منقوص او غير - 00:23:42ضَ

يعني لا يمن به عليهم فبشرهم بعذاب اليم كيف اخبرهم يا محمد بان الله عز وجل قد اعد لهم عذابا اليما الا الذين امنوا وعملوا الصالحات هذا استثناء منقطع يعني لكن الذين امنوا بقلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم - 00:24:15ضَ

لهم اجر اي في الدار الاخرة غير ممنون قال ابن عباس غير منقوص وقال مجاهد والضحاك غير محسوب وحاصل قولهما انه غير مقطوع كما قال تعالى عطاء غير مجذوذ. غير - 00:24:46ضَ

خذ يعني غير منقوص والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:25:08ضَ