التفريغ
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد. سم الله اعوذ بالله من الشيطان الرجيم كالذين امنوا وعملوا الصالحات الذين امنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون - 00:00:01ضَ
وخلق الله السماوات والارض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون افرأيت من اتخذ الهه هواه واضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة - 00:00:43ضَ
هذه الايات الكريمة من سورة الجاثية يقول الله جل وعلا حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم كالذين امنوا وعملوا الصالحات سواء احياهم سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون. الايات وجاء - 00:01:09ضَ
قبلها قوله جل وعلا ثم جعلناك على شريعة من الامر فاتبعها ولا تتبع اهواء الذين لا يعلمون انهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وان الظالمين بعظهم اولياء بعظ والله ولي المتقين - 00:01:47ضَ
هذا للناس وهدى وموعظة هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون قال جل وعلا في الايات قبلها وان الظالمين بعضهم اولياء بعض والله ولي المتقين وبين في هذه الاية جل وعلا - 00:02:14ضَ
الذين اجترحوا السيئات مع الذين امنوا وعملوا الصالحات بين جل وعلا مآل الظالمين ومآل المؤمنين المتقين ثم بين جل وعلا حال العاملين بالسيئات مع حامل حال العاملين بالاعمال الصالحات وام هنا ام حسب - 00:02:51ضَ
هذه بمعنى بل والهمزة ام حسب الذين اجترحوا اذ ترى يعني اكتسبوا السيئات قيل المراد بها الشرك وقيل المراد بها الاعمال السيئة ايا كان نوعها هذه الاية نزلت في قوم - 00:03:31ضَ
من الكفار قالوا لقوم من المؤمنين لان بعثنا كما زعمتم لانهم ينكرون البعث لئن بعثنا كما زعمتم لنكونن افضل منكم لاننا فضلنا عليكم في الدنيا فان كان بعث فسنفضل عليكم في الاخرة - 00:04:07ضَ
وقيل نزلت في ثلاثة من المؤمنين وثلاثة من المشركين تبارزوا بعضهم لبعض يوم بدر وهم من الكفار عتبة وشيبة ابن ربيعة والوليد ابن عتبة ثلاثة من الكفار وعلي وحمزة وعبيدة بن الحارث رضي الله عنهم وارضاهم - 00:04:39ضَ
فقتل علي وحمزة وعبيدة من خرجوا لهم وهم عتبة وشيبة والوليد ابن عتبة فانزل الله جل وعلا ام حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم كالذين امنوا وعملوا الصالحات قال العلماء - 00:05:19ضَ
العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب يعني هذه عامة اللفظ عام وان كان سبب النزول خاص في ثلاثة من المشركين مع ثلاثة من المؤمنين او في قوم من المشركين مع المؤمنين - 00:05:51ضَ
فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب والله جل وعلا ينكر على المشركين هذا الظن وهذا الحسبان هم يحسبون انهم يكونون سواء وليس كذلك ام حسب استفهام معطوف يراد به الانكار - 00:06:15ضَ
فمعناه انه معطوف على ما قبله وفيه اظمار اي كما تقدم والله ولي المتقين افيعلم المشركون ذلك ام حسبوا انا نسوي بينهم وقراءة الجمهور ام حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم - 00:06:51ضَ
كالذين امنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم شاء ما يحكمون وقراءة اخرى لجمع من القرى من السبعة ام حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم كالذين امنوا وعملوا الصالحات سواء ان محياهم بنصب سواء - 00:07:23ضَ
سواء محياهم ومماتهم ومنها قراءتنا قراءة حفص عن عاصم رحمهم الله سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون. يعني ساء هذا الحكم حكمهم والظمير في محياهم ومماتهم يعود الى الكفار اي ان - 00:07:58ضَ
لا نجعلهم الشاوة وهذه الاية يسمى العابدين العابدين ان تميم الداري رضي الله عنه قرأ بهذه الاية في اول الليل فاخذ يكررها في كل ركعة يركع ويسجد ويعيدها حتى اصبح او قرب من الصباح - 00:08:29ضَ
وقال بشير ابن وقال بشير بت عند الربيع بن خيثم ذات ليلة فقام يصلي فمر بهذه الاية فمكث ليله حتى اصبح لم يعدها ببكاء شديد وقال ابراهيم بن الاشعث كثيرا ما رأيت الفضيل بن عياض يردد من اول الليل الى اخره هذه الاية - 00:09:12ضَ
ثم يقول ليت شعري من اي الفريقين انت ولذا سميت هذه الاية عند السلف اية مبكى العابدين. كان العباد رحمة الله عليهم اذا مروا بها ما استطاعوا مجاوزتها فكانوا يكررونها ليلتهم - 00:09:52ضَ
فالله جل وعلا لا يجعل حال هؤلاء مثل حال هؤلاء وللعلماء رحمهم الله في معناها منهم من قال ان نجعلهم كالذين امنوا وعملوا الصالحات في حال الحياة وفي حال الممات يختلفون - 00:10:21ضَ
لان المؤمن في حال الحياة في حال اطمئنان ورضا وسرور وان كان في ضيق من العيش وان كان في فقر وان كان في مرض فانه راض بما قسم الله له ومحتسب الثواب عند الله جل وعلا. فلذا قلبه مطمئن - 00:10:50ضَ
مطمئن راض مرتاح والفاجر والكافر والعياذ بالله يصحبه ذل المعصية وقلبه موحش وحاله سيئة عند اتفه الاسباب يضيق ذرعا ويتفجر ويعترض على الله جل وعلا في قضائه وقدره حتى وان كان في رغد من العيش - 00:11:15ضَ
وهم في حال الاخرة اكبر فرقا واعظم فالمؤمنون في جنة عرضها السماوات والارض اعدت للمتقين. والكفار والفجار والعياذ الله في نار وقودها الناس والحجارة ومن المفسرين رحمهم الله من قال في معناها - 00:11:49ضَ
لا يظن هؤلاء اننا نجعل حال المؤمنين في الدار الاخرة كحال الفجار والعصاة فلا يقيس على امر الدنيا لان امر الدنيا شأنه هين عند الله جل وعلا ولو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء - 00:12:17ضَ
فلا يظن هؤلاء انهم حينما فضلوا عليهم او ساووهم في الدنيا انهم يكونون مثلهم في الدار الاخرة لا فرق بعيد فحال الاخرة لا تقاس بحال الدنيا ام حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم كالذين امنوا وعملوا الصالحات سواء - 00:12:52ضَ
احياهم ومماتهم شاء لا يكونون سواء. بل هناك فرق عظيم فعند الممات الملائكة ملائكة الرحمة تتنزل على المؤمنين وتبشرهم وتؤنسهم وتطمئنهم لما امامهم وتهون عليهم وتسهل عليهم ما تركوه كما قال الله جل وعلا ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا - 00:13:25ضَ
تخاف مما امامكم ولا تحزنوا على ما خلفتم الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون هذه حال المؤمن عند الموت. يبشر بالجنة واما اولئك والعياذ بالله فالملائكة تضرب وجوههم وادبارهم - 00:14:11ضَ
وتنتزع ارواحهم من اجسادهم كما ينتزع السفود من الصوف المبلول بشدة وقسوة والمؤمن تخرج روحه من جسده كما تسيل القطرة من في السقاء. من فم السقاء تخرج بسهولة ويسر فشتان بينهم - 00:14:39ضَ
وعند القيام من القبور المؤمنون تتلقاهم الملائكة وتبشرهم وتؤمنهم والكفار والفجار تتلقاهم ملائكة العذاب وتسوقهم الى نار جهنم سوقا والعياذ بالله فلا يستوي الفريقان يقول تعالى لا يستوي المؤمن والكافر - 00:15:05ضَ
كما قال لا يستوي اصحاب النار واصحاب الجنة اصحاب الجنة هم الفائزون وقال ها هنا ام حسب الذين اجترحوا السيئات ان عملوها وكسبوها ان نجعلهم كالذين امنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم - 00:15:34ضَ
اي نساويهم بهم في الدنيا والاخرة يا اما يحكمون ليس اما ظنوا بنا وبعدلنا ان نساوي بين الابرار والفجار في الدار الاخرة وفي هذه الدار وخلق الله السماوات والارض بالحق - 00:15:58ضَ
ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون الله جل وعلا ما خلق الخلق عبثا بل خلق الخلق من السماوات والارض ومن فيهما ومن وما بينهما كله بالحق عادل فلو جعل الاتقياء - 00:16:20ضَ
والاشقياء في حال واحدة لكان ذلك جور وظلم. والله جل وعلا منزه عن الظلم وخلق الله السماوات والارض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت عام فيها بشارة للمؤمنين وفيها تخويف - 00:16:47ضَ
والزاجر للظالمين الكافرين كل سيجزى بما عمل كما قال الله جل وعلا في الحديث القدسي يا عبادي انما هي اعمالكم احصيها لكم ثم اوفيكم اياه فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه - 00:17:13ضَ
ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون وما ربك بظلام للعبيد؟ الله جل وعلا لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس انفسهم يظلمون الله جل وعلا منزه عن الظلم. والظلم في مثل هذا ان يزاد في السيئات. والله جل وعلا لا يزيد في - 00:17:40ضَ
او ينقص من الحسنات. والله جل وعلا لا ينقص من الحسنات. بل هو جل وعلا يزيد في الحسنات ويعفو عن كثير من السيئات فالمرء اذا عمل لنفسه ما قدمه من خير وجده - 00:18:06ضَ
وما قدمه من شر والعياذ بالله وجده ان لم يعفو الله جل وعلا عنه وقد روى الطبراني من حديث شعبة عن مسروق الن تميم الداري قام ليلة حتى اصبح يردد هذه الاية - 00:18:29ضَ
ام حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم كالذين امنوا وعملوا الصالحات ولهذا قال تعالى يا اما يحكمون وقال وخلق الله السماوات والارض بالحق بالعدل ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون - 00:18:47ضَ
ثم قال تعالى افرأيت من اتخذ الهه هواه واظله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله افلا تذكرون افرأيت تجيب من حال هذا المرء - 00:19:10ضَ
الذي اتخذ الهه هواه يعني جعل الهه ما يهوى ما املت عليه نفسه اتخذه دينا وما لم ترده نفسه لا يميل اليها عبد هواه اطاع هواه في معصية الله جل وعلا - 00:19:41ضَ
افرأيت يعني هل رأيت اضل ممن هذه صفته هل احد يستطيع ان يهديه هل احد يستطيع ان يقومه على الصراط المستقيم افرأيت من اتخذ الهه هواه واضله الله على علم - 00:20:12ضَ
اظله الله على علم على علم علم يصح كما قال كثير من المفسرين على علم من الله جل وعلا بانه يضل ولا يسلك الصراط المستقيم او على علم منه هو - 00:20:41ضَ
ظل وهو يعلم والعياذ بالله انه على الظلال يعلم انه ظل وانه منحرف عن الصراط المستقيم وفعل هذا عنادا كابي جهل مثلا ابي جهل لما سمع شيئا من القرآن قال له الوليد ابن المغيرة ما تقول في هذا - 00:21:06ضَ
وقال في القرآن قولا حسنا وقال لما لم لا تتبع محمد اتعتقد انه ضال قال لا والله كنا نناديه في حال صباه بالصادق الامين فلما بان منه الشيب جهلناه وظللناه - 00:21:38ضَ
لا والله ولكن لا نتبع يتيم ابي طالب وتتحدث بنا بنات مكة لاننا اتبعناه نريد مما في يده والله لا نؤمن به والله لا نؤمن به وحلف ايمانا كثيرة فهو يعلم - 00:22:03ضَ
حقيقة انه على الضلال ويعلم حقيقة ان محمدا صلى الله عليه وسلم على الهدى وكذلك اليهود يعرفون ان محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله وانه صادق فيما اتى به - 00:22:32ضَ
فكفروا به عنادا واستكبارا والعياذ بالله وهم يعلمون انهم على الظلال ومع ذلك تمسكوا به قال علماء السلف هذه الاية فيها رد على القدرية يعني نفاة القدر الذين قالوا ان العبد - 00:22:57ضَ
ما اظله الله لان الله جل وعلا لا يخلق الشر وانما يخلق الخير فقط وعلى السنة والجماعة يقولون لا يكون في الوجود شيء الا الله خالقه فلا خالق الا هو - 00:23:24ضَ
وهو جل وعلا يخلق الخير ويخلق الشر لحكمة وهو اعلم باحوال عباده جل وعلا فحكم على هذا بالظلال لانه يعلم جل وعلا انه يضل ولا يسلك الصراط المستقيم وحكم لهذا بالهداية والتوفيق لانه جل وعلا يعلم ان هذا يسلك الصراط المستقيم ويرضى - 00:23:43ضَ
ويأخذ به واظله الله على علم من الله جل وعلا بانه يضل ويجوز ان يكون المراد واضله الله على علم منه هو اي المخلوق انه على الظلال وانما تمسك بما هو عليه وهو على الظلال - 00:24:11ضَ
اتخذ الهه هواه. يعني ما يقوده اليه هواه. وقد ورد في القرآن والسنة التحذير من اتباع الهوى ان الهوى يعمي ويعصم والهوى يوصل المرء الى الهوان الى النار والعياذ بالله - 00:24:34ضَ
يقول الاصمعي سمعت رجلا يقول ان الهوان هو الهوى قلب اسمه فاذا هويت فقد لقيت هوانا وسئل ابن المقفع عن الهوى فقال هوان سرقت نونه واصله هوان الهوى هوان لكن سرقت نونه فصار هوى - 00:25:00ضَ
هوان سرقت نونه فنظمه الشاعر بقوله نون الهوان من الهوى مسروقة فاذا هويت فقد لقيت هوانا يعني اذا ملت الى الهوى فانك ملت الى الهوان حينئذ والله جل وعلا يقول واما من خاف مقام ربه - 00:25:30ضَ
ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى واظله الله على علم وختم على سمعه وقلبه ختم الله على سمعه فلا يسمع الحق ولا يقبل وختم على قلبه فلا يميل الى الحق والصدق والصواب - 00:26:00ضَ
وانما يميل الى الضلالة وجعل على بصره غشاوة ظلمة لا يبصر وان كان بصير العينين لكنه اعمى البصيرة والعياذ بالله وقرأ غشاوة وغشوة وغشوة بظم الغين قراءات من اتصف بهذه الصفة فمن يهديه من بعد الله يعني لا احد يستطيع - 00:26:27ضَ
ان يهديه الى الصواب لانه منكوس والعياذ بالله مقلوب الى الضلالة ولم يرد الحق اطلاقا افلا تذكرون اي تتعظون وتطلبون الهداية من الله جل وعلا وترجعون ايها الكفار عن غيكم بالتوبة الى الله جل وعلا - 00:27:04ضَ
فمهما رآه حسنا فعله ومهما رآه قبيحا تركه وهذا قد يستدل به على المعتزلة في قولهم بالتحسين والتقبيح العقليين وعن مالك فيما روى عنه في التفسير لا يهوي شيئا الا عبده - 00:27:38ضَ
وقوله واضله الله على علم يحتمل قولين احدها واظله الله لعلمه انه يستحق ذلك ان يعلم الله جل وعلا ازلا انه يظل ولا يقبل الحق اطلاقا والاخر واظله الله بعد بلوغ العلم اليه - 00:27:58ضَ
وقيام الحجة عليه على علم منه اي العبد يعلم انه ضال لكن عنادا والعياذ بالله الى هذه الاية نزلت في الحارث ابن نوفل ابن عبد مناف وقال مقاتل نزلت في ابي جهل - 00:28:25ضَ
وذلك انه طاف بالبيت ذات ليلة ومعه الوليد بن المغيرة وتحدث في شأن النبي صلى الله عليه وسلم فقال ابو جهل والله اني لاعلم انه لصادق فقال لهما وما وما دلك على ذلك - 00:28:46ضَ
قال يا ابا عبد شمس كنا نسميه في صباه الصادق الامين فلما تم عقله وكمل رشده نسميه الكاذب الخائن. والله اني لاعلم انه لصادق قال فما يمنعك ان تصدقه وتؤمن به - 00:29:09ضَ
قال تتحدث عني بنات قريش اني قد اتبعت يتيم ابي طالب من اجل كسرى واللاتي والعزى ان اتبعته ابدا. يعني ما اتبعه ابدا والثاني يستلزم الاول ولا ينعكس وختم على سمعه وقلبه - 00:29:29ضَ
وجعل على بصره غشاوة فلا يسمع ما ينفعه ولا يعي شيئا يهتدي به ولا يرى حجة يستضيء بها ولهذا قال فمن يهديه من بعد الله افلا تذكرون والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه - 00:29:56ضَ