التفريغ
اله وصحبه اجمعين وبعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم فاذا يوم يفر المرء من اخيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه وجوه يومئذ مسفرة ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة - 00:00:00ضَ
اولئك هم الكفرة الفجرة هذه الايات الكريمة من سورة عبس جاءت بعد قوله جل وعلا فلينظر الانسان الى طعامه ان صببنا الماء صبا ثم شققنا الارض شقا فانبتنا فيها حبا وعنبا وقظبا - 00:00:56ضَ
وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا متاعا لكم ولانعامكم فاذا جاءت الصاخة يوم يفر المرء من اخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه الايات بعدما لفت جل وعلا نظر عباده الى مبدأ خلقهم قتل الانسان ما اكفره - 00:01:29ضَ
من اي شيء خلقه من نطفة خلقه فقدره ثم بين مبدأ ما اوجده جل وعلا لعباده طعاما لهم ومتاعا لهم ولانعامهم فلينظر الانسان الى طعامه انا صببنا الماء صبا الايات - 00:02:11ضَ
متاعا لكم ولانعامكم بين جل وعلا امر المعاد وما بعد الموت ليكون المرء على بصيرة من امره وانه ما خلق عبثا ولم يترك سدى وانما خلق لامر عظيم وهو عبادة الله وحده - 00:02:43ضَ
فمن اطاع الله فله الجنة ومن عصى الله فله النار والعاصي لا يلوم الا نفسه لان الله جل وعلا اقام عليه الحجة فارسل الرسل وانزل الكتب ووهب العقل يدرك المرء به - 00:03:17ضَ
فلا حجة للخلق على الله والله جل وعلا اعذر وانذر وبين وهدى هداية الدلالة والارشاد للكل واختص جل وعلا بهداية التوفيق من شاء من عباده تفضلا منه واحسانا وليس للعاصي على الله حجة - 00:03:51ضَ
لان الله انذره وبين له وارشده هداية الدلالة والارشاد والايضاح والبيان فمن اطاع فبتوفيق الله ومن عصى فلا يلوم الا نفسه وبين الله جل وعلا امر الاخرة وجعله واضحا جليا لعباده - 00:04:31ضَ
وقال تعالى فاذا جاءت الصاخة يوم يفر المرء من اخيه واذا جاءت الصاخة الصاخة المراد بها الساعة والقيامة والنفخ في الصور صاخة تصخ الاذان يعني تصم الاذان صوت قوي عظيم - 00:05:02ضَ
يجعل الاذان تصم فلا تسمع. من شدة ما ينتابها من هذا الصوت او الصاخة التي يصيخ لها الانسان يعني ينصت الى هذا وقيل بهذا وكلا المعنيين صحيح وقيل الصاخة بمعنى الصاكة - 00:05:40ضَ
بمعنى صكه اذا صفعه على اذنه صفعة شديدة يقال صكة وعتات صاخة يقول اصل الكلمة في اللغة مأخوذ من الصك الشديد يقال صخه الحجر اذا صكه به وقال ابن عباس رضي الله عنهما الصاخة من اسماء يوم القيامة - 00:06:07ضَ
لها اسماء عديدة كلها تدل على التهويل والشدة وفظاعة الامر وصعوبته فاذا جاءت الصاخة الفاء للدلالة على ترتيب ما بعدها على ما قبلها يعني ان الامور الاولى تحصل اولا ثم تأتي ما بعد الفاء - 00:06:38ضَ
فاذا جاءت الصاخة اذا تحتاج جواب دل عليه قوله لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه اي انشغل كل انسان بنفسه واذا جاءت الصاخة فعل الشرط جاءت وجواب الشرط مقدر دل عليه لكل امرئ منهم يومئذ شأنه يغنيه اي اشتغل كل انسان - 00:07:11ضَ
في نفسه ما ينظر الى الاخرين يوم يفر المرء من اخيه الفرار معروف يفر منه فلا يريد ان يقف معه ولا يقابله ولا يكلمه لكن لم لم يفر المرء من اخيه - 00:07:51ضَ
لان كل انسان مشغول بنفسه ما ينظر الى صغير ولا كبير ولا الى اب ولا الى ام ولا الى زوجة ولا الى ولد ولا والد كل مشغول بنفسه وقيل يفر منه خشية ان يطالبه بشيء - 00:08:17ضَ
وقيل يفر منه لما يشعر به هو من الهول وفظاعة الامر وشدة الكرب ما يحب ان يعلم عنه بما هو فيه لا قريب ولا بعيد لان الانسان اذا ابتلي بمصيبة - 00:08:39ضَ
يحب ان يخفيها ولا يحب ان يطلع عليها الاخرون اقوال يفر المرء من اخيه وامه وابيه يفر ابراهيم قيل من ابويه ويفر محمد منامه ويفر نوح من ابنه ويفر لوط من امرأته - 00:09:02ضَ
وكل بنفسه وهؤلاء هم اقرب الناس اليه واذا فر من هؤلاء فمن باب اولى يفر من غيرهم والمراد بالصاحبة الزوجة فكل انسان في ذلك اليوم في مبدأ الامر مشغول بنفسه لا ينظر الى غيره - 00:09:29ضَ
قد يقول قائل الم يقل الله جل وعلا واما من اوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرأوا كتابي اني ظننت اني ملاق حسابية يري الناس نقول نعم لان يوم القيامة مواقف - 00:10:01ضَ
ومشاهد متعددة في موقف يفر المرء من اخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه وفي موقف يسأل بعضهم عن بعض وفي موقف يريهم البشارة ويريهم ما في كتابه من الحسنات ولم يسجل فيه سيئات - 00:10:22ضَ
هاءوا اقرؤوا كتابية اني ظننت اني ملاق حسابية فيوم القيامة يوم عظيم وهو وفيه مشاهد متعددة يختلف بعضها عن بعض بحسب حال المرء لكل امرئ منهم في ذلك اليوم شأن يغنيه يعني يكفيه يغتنمه ولا يلتفت الى غيره - 00:10:51ضَ
وفي قراءة يعني لكل امرئ منهم شأن يعنيه يعني له شأن يهتم به فقط ولا يلتفت الى غيره على غرار قوله صلى الله عليه وسلم من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه. الذي لا يعنيك لا تهتم له - 00:11:24ضَ
وهؤلاء لكل امرئ منهم شأن يعنيه يعني يكفيه ويشتغل به ولا يلتفت الى غيره قال ابن عباس رضي الله عنهما الساق اسم من اسماء يوم القيامة عظمه الله وحذره عباده - 00:11:51ضَ
وقال ابن جرير رحمه الله لعل لعله اسم للنفخة في السور وقال البغوي الساخه يعني صيحة يوم القيامة سميت بذلك لانها تسخ الاسماع اي تبالغ في اسماعها حتى تكاد تسمها - 00:12:11ضَ
يوم يفر المرء من اخيه وامه وابيه. وصاحبته وبنيه لن يراهم ويفر منهم ويبتعد منهم لان الهول عظيم والخطب دليل قال عكرمة رحمه الله يلقى الرجل زوجته فيقول لها يا هذه اي بعل كنت لك - 00:12:33ضَ
وتقول نعم البعل كنت وتثني بخير ما استطاعت فيقول لها فاني اطلب اليك اليوم حسنة واحدة تهبنها لي لعلي انجو مما ترين ستقول له مع ايسر ما طلبت ولكني لا اطيق - 00:12:56ضَ
انا اعطيك شيئا اتخوف مثل مثل الذي تخاف قال وان الرجل ليلقى ابنه فيتعلق به فيقول يا بني اي والد كنت لك فيثني بخير فيقول اقول له يا بني اني احتجت الى مثقال ذرة من حسناتك - 00:13:17ضَ
لعلي انجو بها مما ترى فيقول ولده يا ابتي ما ايسر ما طلبت ولكني اتخوف مثل الذي تتخوف. فلا استطيع ان اعطيك شيئا يقول الله تعالى يوم يفر المرء من اخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه - 00:13:38ضَ
وفي الحديث الصحيح في امر الشفاعة انه اذا طلب الى كل من اولي العزم ان يشفع عند الله في الخلائق يقول نفسي في نفسي لا اسألك اليوم الا نفسي حتى ان عيسى ابن مريم عليه السلام يقول لا اسأله اليوم الا نفسي - 00:14:01ضَ
فاسأله مريم التي ولدتني ولهذا قال تعالى يوم يفر المرء من اخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه ان الملائكة الانبياء عليهم الصلاة والسلام اولو العزم من الرسل يطلب اليهم ان يطلبوا ان يشفعوا الى الله ليخلص الناس من الموقف - 00:14:21ضَ
فيصيبهم الخوف ولا يدرون بماذا يجاب فيعتذروا وكل واحد منهم يذكر اساءة فيعتذر لذلك وعيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام جاء انه لم يذكر اساءة وانما اعتذر. وقال لا اسأل ربي مريم - 00:14:48ضَ
فكيف اسأل ربي للناس عامة ومحمد صلى الله عليه وسلم هو الشافع المشفع في المحشر صلوات الله وسلامه عليه وهو صاحب المقام محمود وهو صاحب الشفاعة العظمى. وان شاركه غيره في بعض الشفاعات. لكن الشفاعة - 00:15:18ضَ
العظمى يعتذر عنها اولو العزم من الرسل ويقوم بها صلوات الله وسلامه عليه وقوله تعالى لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه اي هو في شغل شاغل عن غيره قال ابن ابي حاتم - 00:15:42ضَ
في الحديث الذي اخرجه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم شارون حفاة عراة مشاة غلا قال وقالت زوجته رضي الله عنها يا رسول الله ننظر او يرى بعضنا عورة بعض - 00:16:06ضَ
قال لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه. يعني ما احد ينظر الى احد وانما كل واحد مشغول بنفسه ولا يلتفت للنظر ولا يدري ما امامه. وانما هو مشغول بنفسه لا يدري. يؤمر به الى الجنة. او يؤمر به الى النار - 00:16:27ضَ
واخرج ابن ابي حاتم ايضا من حديث عائشة رضي الله عنها قالت سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله بابي انت وامي اني سائلتك عن حديث فتخبرني انت به - 00:16:52ضَ
قال ان كان عندي منه علم قالت يا نبي الله كيف يحشر الرجال؟ قال حفاة عراة ثم ثم انتظرت ساعة فقالت يا رسول الله كيف يحشر النساء؟ قال كذلك حفاة عراة - 00:17:12ضَ
قالت وسوء اتاه من يوم القيامة قال ومن اي ذلك تسألين؟ انه قد نزل علي اية لا يضرك كان عليك ثياب او لا يكون؟ قال اية اية هي يا نبي الله - 00:17:32ضَ
قال لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه كل مشغول بنفسه فلا ينظر ولا يلتفت الى عورة غيره وقوله تعالى وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة وجوه مبتدأ وكلمة وجوه نكرة والاصل انه لا يبتدى بالنكرة الا لمسوغ - 00:17:50ضَ
فما هو المسوغ هنا كونها في مجال التنويع والتقسيم وجوه كذا ووجوه كذا فهذا من مسوغات الابتداء بالنكرة وهو جل وعلا يقسم وجوه العباد في ذلك اليوم وجوه بهذه الصفة ووجوههم بهذه الصفة - 00:18:21ضَ
وجوه يومئذ مسفرة قالوا اسفر الصبح اذا طلع وبان وانور وجوه يومئذ مسفرة نيرة فظيعة مضيئة من اثر الصلاة مضيئة من اثر السجود مضيئة من اثر الغبار في سبيل الله - 00:18:47ضَ
مسفرة فرحة مسرورة بما نالت من الثواب العظيم عند الله جل وعلا بعد ما تبين الامر بان الناس في اول الامر كلهم في كرب وشدة ثم لما تبين الامر وظهر لهم - 00:19:17ضَ
استأنسوا وسروا وانبسطت وجوههم وظهرت اثر البشرى على وجوههم وجوه يومئذ مسفرة يعني مشرقة مضيئة ضاحكة مستبشرة ضاحكة عليها اثر السرور والانبساط والضحك مما نالت من فضل الله مستبشرة بذلك. نالت البشرى من الله جل وعلا - 00:19:39ضَ
والبشرى يكون يظهر اثرها على الوجه سرورا وانبساطا يظهر على البشرة فسميت بشرى والنبي صلى الله عليه وسلم وصفه ربه بانه بشير ونذير وهو مبشر للمؤمنين بالخير واذا اخبرهم بالفوز والسعادة - 00:20:15ضَ
ظهرت اثار هذا الخبر على وجوههم سرورا وانبساطا وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة وهي وجوه السعداء وجوه الاتقية الذين اطاعوا الله جل وعلا وجوه الذين وحدوا الله جل وعلا وحذروا من الشرك بالله - 00:20:42ضَ
ثم بين الفريق الاخر جل وعلا فقال ووجوه يومئذ يعني يوم القيامة عليها غبرة غبرة ترهقها قترة سواد وظلمة والعياذ بالله لانهم ايقنوا بانهم من اهل النار ايقنوا الهلاك اولئك يعني الموصوفون بهذه الصفات - 00:21:09ضَ
المتأخرة واتي باسم الاشارة الموضوع للشيء البعيد لبعد منزلتهم ثناءة وخسة وسفلى اولئك هم الكفرة. الذين كفروا بالله وبرسله الفجرة جمعوا بين الكفر والفسوق والعياذ بالله جمعوا بين المعتقد الخبيث - 00:21:37ضَ
والاعمال السيئة الفاجرة وفي هذه الايات ينذر الله جل وعلا عباده ويبين لهم المآل في الدار الاخرة وانه لا منزلة غير هاتين المنزلتين السعادة الابدية او العذاب الاليم والعياذ بالله - 00:22:09ضَ
وقوله تعالى وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ان يكون الناس هنالك فريقين وجوه مسفرة اي مستنيرة ضاحكة مستبشرة سرورة فرحة من السرور في قلوبهم قد ظهر البشر على وجوههم. وهؤلاء هم اهل الجنة - 00:22:35ضَ
ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة اي يعلوها ويغشاها قترة اي سواد قال ابن ابي حاتم من حديث عن عن جدي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يلجم الكافر العرق - 00:23:03ضَ
ثم تقع الغبرة على وجوههم قال وهو قوله تعالى ووجوه يومئذ عليها غبرة وقال ابن عباس رضي الله عنهما ترهقها قطرة ان يغشاها سواد الوجوه وقوله تعالى اولئك هم الكفرة الفجرة - 00:23:23ضَ
الكفرة قلوبهم الفجرة في اعمالهم وكما قال تعالى ولا يلدوا الا فاجرا كفارا والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:23:46ضَ