تفسير ابن كثير | سور غافر

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبدالرحمن العجلان | 6- سورة غافر | من الأية 18 إلى 22

عبدالرحمن العجلان

الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد. سم الله اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور - 00:00:00ضَ

والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء ان الله هو السميع البصير اولم يسيروا في الارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم اشد منهم قوة واثارا في الارض - 00:00:38ضَ

فاخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله مواقع ذلك بانهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا فاخذهم الله انه قوي شديد العقاب هذه الايات الكريمة من سورة غافر يقول الله جل وعلا - 00:01:07ضَ

وانذرهم يوم الازفة اذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور. الايات بعدما بين جل وعلا وخوفهم في ايات سابقة - 00:01:40ضَ

اليوم الاخر يوم القيامة في قوله جل وعلا لينذر يوم التلاق يومهم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار اليوم تجزى كل نفس بما كسبت - 00:02:13ضَ

لا ظلم اليوم ان الله سريع الحساب لان قائلا يقول متى هذا اليوم هذا يوم بعيد كما قال الكفار عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب وقال الله جل وعلا جوابا - 00:02:39ضَ

وانذرهم يوم الازفة وانذرهم يوم الازفة العازفة يقول الله ازفت الازفة يعني قربت ووصلت ويقول الشاعر عزف الترحل غير ان رحالنا لما تزل برحالنا وكأن قد حزف الترحل غير ان ركابنا - 00:03:05ضَ

لما تزل برحالنا وكان قد يعني قرب يوم الازفة اليوم القريب والله جل وعلا يقول اقتربت الساعة وانشق القبر ويقول جل وعلا اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ويقول جل وعلا اتى امر الله فلا تستعجلوه - 00:03:41ضَ

ويقول جل وعلا فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون فهذا اليوم قريب وليس ببعيد وكل ات غريب وهو ات لا محالة وما بين المرء وبين القيامة الا ان يقال - 00:04:17ضَ

مات فلان من مات فقد قامت قيامته وليس ببعيد بل هو قريب وانذرهم يوم الازفة العازفة اسم من اسماء يوم القيامة وانذرهم يوم الازفة اذا القلوب لدى الحناجر كاظمين القلوب - 00:04:45ضَ

في ذلك اليوم من شدة الهول والخوف والفزع ترتفع عن مكانها وتكون في الحناجر تشد عليهم الحناجر القلوب ندى الحناجر كاظمين في موطن مكان ضيق لا تنزل الى اماكنها ويتنفس - 00:05:25ضَ

ولا تخرج مع الفم ويستريح بالموت لا اموات ولا احياء اذا القلوب لدى الحناجر والحنجرة معروفة هي بالحلق كاظمين الكظم السكوت والغم والضيق والامتلاء غيظ يقال كظم غيظه بمعنى حبسة - 00:06:03ضَ

اذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ممتلئين غما وحزنا وغيظا وكاظمين حال القلوب لدى الحناجر كاظمين وقال كاظمين انزلها منزلة الذي هي القلوب منزلة اصحابها وجمعها جمع المذكر السالم وهي في محل منصوبة - 00:06:46ضَ

حال وقد اسند اليها ما اسند الى العقلاء ولهذا جمعت جمع المذكر السالم لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع هو في اشد الظيق والهم والغم لكن احيانا اذا كان المرء في هذه الحال - 00:07:31ضَ

وله قريب يعتمد عليه من اب او ابن يستشعر بانه سيساعده او يخفف عنه ما هو فيه واخبر جل وعلا انه لا حميم والحميم هو القريب ما للظالمين من حميم - 00:08:10ضَ

ليس لهم قريب ليس من القريب قد لا ييأس من الشفيع. يقول لا قرابة لي لدى هذا لكن امل ان يشفع يشفع لي فقال الله جل وعلا لا شفيع يا حميمة ولا شفيع - 00:08:40ضَ

وعلى فرض فرض المحال لو وجد الشفيع او توهمه توهما فانه لن يطاع لان الشفيع الذي يطاع هو الذي يجعل كأن نفسه فوق من امره بكذا لان الامر غالبا يكون اعلى من المأمور - 00:09:05ضَ

ولا اعلى من الله جل وعلا ولا احد يأمر الله جل وعلا وتقدس الظالم ليس له من حميم قريب وليس له من شفيع ولو على فرض لو وجد والشفيع محال - 00:09:46ضَ

لو وجد ما يطاع لا طاعة له لان الله جل وعلا لا يأمره احد ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور عيش الظالم من القريب - 00:10:10ضَ

الذي ينفع وايس من الشفيع هذا لا ييأس من ناحية بان يكذب ويحلف يحلفون له كما يحلفون لكم يتصور انه اذا حلف واتى بحجة وبرهان في زعمة انه ينفعه ذلك - 00:10:40ضَ

وقال الله جل وعلا ردا لذلك يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور خائنة الاعين يعلم خائنة الاعين خبر خبر في قوله جل وعلا رفيع الدرجات ذو العرش يعلم خائنة الاعين - 00:11:13ضَ

خائنة الاعين مسارقة النظر كما فسر كثير من السلف قال ابن عباس رضي الله عنهما الرجل يكون مع القوم وتمر المرأة بين يديه ويغض بصره عنها ليريهم ثم اذا رآهم قد غفلوا - 00:11:45ضَ

رفع طرفه اليها. فاذا رآهم التفتوا اليه غض بصره الله جل وعلا يعلم ذلك ويطلع عليه وما تخفي الصدور ما يخفيه المرء في نفسه ما لا يطلع عليه احد هذا - 00:12:17ضَ

يعلم خائنة الاعين العين اذا خانت شيء يرى يعلمه الله جل وعلا ويراه لكن ما في الصدر لا يعلم عنه احد الا الله جل وعلا يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور - 00:12:43ضَ

ما يضمره المرء في صدره من وساوس وافكار حسنة او سيئة الشيء يكون في القلب لا يطلع عليه احد يعلم السر واخفى السر الذي يسر به المرء لشخص واحد واخفى ما هو اخفى من السر الذي لم يطلع عليه احد ولم يخبر به احد - 00:13:07ضَ

يعلم خائنة الاعين اي خيانة العين في النظر وقيل خائنة الاعين الهمس الاشارة بالعين لمن تخاطبه على سبيل التهكم او السخرية او تلفت نظر من تخاطبه الى من اقبل او نحو ذلك - 00:13:41ضَ

الهمس يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور والله يقضي بالحق الله جل وعلا قضاؤه حق لانه يعلم الحقيقة كما هي جل وعلا بخلاف المخلوق وقد يحرص على القضاء الحق لكن تخفى عليه الحقيقة - 00:14:16ضَ

وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم انما انا بشر ولعل بعظكم يكون الحن بحجته من بعظ فاحسب انه صادق وينزل عليه الوحي من السماء ومع ذلك يقول احسبوا انه صادق - 00:14:57ضَ

فاذا كان هذا في حق النبي صلى الله عليه وسلم ففي حق اوله او غيره اولى انه قد يجهل الحقيقة وقد يحكم بغير الحق وهو يريد الحق لكنه خفيت عليه الحقيقة. والله جل وعلا يقضي بالحق - 00:15:15ضَ

لا تخفى عليه خافية والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه من الالهة ايا كانوا ملائكة او رسل او صلح او اصنام او جن او شياطين لا يقضون بشيء وهم غالبا ما يعتمدون على الهتهم التي هي اصنام - 00:15:39ضَ

لا تعقل وهذه اذا نسب اليها عدم القضاء على سبيل التحكم والتهجم عليهم على سبيل التهجم عليهم والتوبيخ يقال حجرك هذا لا يقضي بالحق لوحك هذا لا يقضي بالحق اصلا لا يقضي. ولا يصلح ان يسند عليه اليه القضاء - 00:16:16ضَ

لانه حجر او نحوه ولكن على سبيل التهكم بهم والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء. ليس لهم من الامر شيء الا ما امرهم الله جل وعلا به لا يقضون بشيء - 00:16:48ضَ

ان الله هو السميع البصير السميع لكل ما يقال جل وعلا البصير بكل ما يبصر معناه انه لا يفوت عليه شيء جل وعلا ان كان من المرئيات فهو يرى حبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في ظلمة الليل - 00:17:10ضَ

وان كان على سبيل السمع فهو يسمع دبيب هذه النملة وما هو ادق منها يرى ويسمع دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في ظلمة الليل جل وعلا ان الله هو السميع - 00:17:48ضَ

البصير والله جل وعلا موصوف بصفات الكمال منزه عن صفات النقص والعيب ومذهب اهل السنة والجماعة اثبات صفات الباري جل وعلا على ما يليق بجلاله وعظمته وهم وسط بين طائفتين ضالتين - 00:18:13ضَ

طائفة شبهت الله جل وعلا بخلقه تعالى وتقدس وقالوا يسمع كسمعي ويبصر كبصري الله وطائفة عطلت الله جل وعلا من صفاته. نفت عنه الصفات خشية التشبيه والتمثيل واهل السنة والجماعة - 00:18:42ضَ

اثبتوا اثباتا بلا تشبيه ونزهوا تنزيها بلا تعطيل الطائفتان الظالتان طائفة غلت في الاثبات فشبهوا وطائفة غلت تزعم انها انها منزهة تعطلوا الله جل وعلا من صفاته واهل السنة والجماعة - 00:19:12ضَ

اثبتوا ما اثبته الله جل وعلا لنفسه او اثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل على حد قوله جل وعلا ليس كمثله شيء - 00:19:48ضَ

وهو السميع البصير ونثبت الصفات لربنا جل وعلا وننزه ربنا عن التشبيه لا نشبهه والله جل وعلا قد يسمى بعض خلقه في بعض اسمائه وصفاته جل وعلا لكن صفة المخلوق على قدره - 00:20:18ضَ

وصفة الله جل وعلا تليق بجلاله وعظمته كما قال الله جل وعلا في قصة يوسف عليه السلام في سورة يوسف وقالت امرأة العزيز والله جل وعلا هو العزيز لكن عز هذا الرجل - 00:20:48ضَ

ليس كعز الله جل وعلا اعز الله جل وعلا ليس كعز هذا الرجل وانما هذا الرجل عزيز في بلاده في مملكته في ولايته في قومه فقط والله جل وعلا له العز المطلق - 00:21:12ضَ

بالكامل وقال الله جل وعلا عن يوسف عليه السلام اجعلني على خزائن الارظ اني حفيظ والله جل وعلا حفيظ عليم لكن حفظ يوسف ليس كحفظ الله جل وعلا فحفظ يوسف على قدره - 00:21:34ضَ

حفيظ بالنسبة للمخلوق يحفظ ما يوكل اليه عليم بتصريف الامور صرف اموره وامور من حوله لكن لا يصرف امور العباد فلا يقال ننفي هذه الصفة عن الله لانه وصف بها المخلوق - 00:22:00ضَ

ولا نقول لا يصح ان نصف المخلوق بالعلم او بالقدرة او بالحفظ او حكمة او نحو ذلك. لان الله جل وعلا موصوف بذلك الله جل وعلا موصوف بصفات الكمال والمخلوق قد يسمى ويوصف بالصفات التي تليق به - 00:22:24ضَ

وموقف اهل السنة والجماعة من صفات الباري جل وعلا الاثبات بلا تشبيه ولا تمثيل والتنزيه بلا تعطيل ولا تحريف ولا تأويل وعد الله جل وعلا العباد وذكرهم بيوم القيامة وبين لهم انه قريب - 00:22:49ضَ

فلما لم يفد هذا في كفار قريش ونحوهم الى الكفار قال الله جل وعلا مذكرا لهم باحوال الدنيا التي ادركوها وشاهدوها وقال جل وعلا او لم يسيروا في الارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم - 00:23:23ضَ

كانوا هم اشد منهم قوة واثارا في الارض فاخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق اولا يسيروا في الارض فينظروا الهمزة للاستفهام والواو عاطفة على ما دخل عليه الاستفهام - 00:23:56ضَ

ولم يسيروا في الارض وينظر بقلوبهم وينظروا بابصارهم ما حل بالامم السابقة قبلهم لمن عصى امر الله جل وعلا وما حصل بهم من النكال لا لضعف فيهم وانما لقوة الله جل وعلا - 00:24:28ضَ

والا فهم اقوياء الشدة لهم اثار في الارض قصور وحصون وبساتين ولديهم من الامكانيات والقدرة ما ليس لدى قومك يا محمد ومع ذلك لما عصوا امر الله جل وعلا وسلط الله عليهم - 00:25:05ضَ

ما نفعتهم قوتهم ولا بطشهم ولا اموالهم ولا اولادهم اولم يسيروا في الارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم وينظروا ما الذي حصل ويتعظ كيف هذه نقول عنها خبر كان - 00:25:33ضَ

مقدم وعاقبة باسمها كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم يعني من قبل كفار قريش الامم السابقة كانوا هم اشد منهم قوة كانوا نحتاج الى اسم وخبر ما اسمها الواو الظمير كانوا - 00:26:07ضَ

وخبرها اشد. ولذا جاء منصوب والظمير هم هذا يسمى ظمير فصل اشد منهم قوة واثارا في الارض قوتهم في ابدانهم اشد من كفار قريش لان الاوائل كانوا طوالا عراضا اجسامهم كبيرة - 00:26:40ضَ

وما زال الخلق ينقص كما ورد في الحديث حتى وصل الى ما كان عليه واثارا في الارض كان لهم اثر في الارض من الحصون والقصور والعدة والاثار الباقية من العيون التي اجروها - 00:27:13ضَ

والانهار والابار التي حفروها واثارا في الارض فاخذهم الله بذنوبهم اخذهم بمعنى اهلكهم الله ما نفعتهم قوتهم وما كان لهم من الله من واق ما كان لهم واق يقيهم عذاب الله - 00:27:44ضَ

ما احد ساعدهم او منع عنهم العذاب لما عصوا الله وعصوا رسله سلط الله عليهم ما شاء من خلقه قد يسلط الله جل وعلا الشيء الضعيف على الشيء القوي فيهلكه - 00:28:18ضَ

وهو اضعف منه كما سلط الله جل وعلا على النمرود بعوضة سلطها الله عليه حتى اهلكته بعوضة ويهلك من شاء جل وعلا بالماء ويهلك من شاء جل وعلا بالريح وما كان لهم من الله - 00:28:42ضَ

يعني من عذاب الله من واق ليس لهم واق يقيهم من عذاب الله بل اذا جاء امر الله فلا راد له كأن قائلا قال لم ذلك يا ربي قال جل وعلا ذلك بانهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا - 00:29:07ضَ

يعني مثل كفار قريش مثلكم ايها الكفار الذين قال الله جل وعلا عنهم او لم يسيروا في الارض فينظروا ذلك بانهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات الامم السابقة اهلكهم الله جل وعلا بسبب ان الرسل - 00:29:34ضَ

كانت تأتيهم بالبينات فلم يقبلوا فكفروا فاخذهم الله كرر جل وعلا اخذه اياهم تأكيد وتخويفا لكفار قريش واخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق قال فكفروا فاخذهم الله انه قوي. لا يعجزه شيء - 00:29:56ضَ

شديد العقاب. عقابه شديد اذا اراده جل وعلا اذا اراد ان يعذب عبدا فلن يسلم من العذاب ولن ينقذ نفسه ولا تنفعه الالهة ولا تنفعه الاعوان ولا الجنود ولا من حوله - 00:30:27ضَ

لان الله جل وعلا شديد المحال لا احد يقف دون عذاب الله جل وعلا وهذه الايات الكريمة فيها اخبار عن قرب يوم القيامة ووجوب الاستعداد له واخبار عن عظيم قدرة الله جل وعلا - 00:30:50ضَ

وسعة علمه وبصره جل وعلا وسمعه فلا تخفى عليه خافية وانه جل وعلا يقضي بالحق وان غيره لا يستطيع ان يقضي بشيء كائنا من كان وخاصة الالهة التي يعتمد عليها الكفار - 00:31:21ضَ

ثم وعظ العباد في السير والنظر في من حولهم اذا لم يتعظوا بتذكير يوم القيامة استبعادا له وعظهم في ايام الدنيا التي حصلت اولم يسيروا في الارض فينظروا ويتأمل ويسأل عن الامم السابقة ما الذي حصل لهم - 00:31:50ضَ

مع ما هم فيه من القوة والمناعة لم تنفعهم شيئا وذلك ان الله جل وعلا قوي شديد العقاب والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:32:18ضَ