تفسير ابن كثير | سورة الجاثية

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبدالرحمن العجلان | 8- سورة الجاثية | من الأية 30 إلى 32

عبدالرحمن العجلان

العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد الحمد لله اعوذ بالله من الشيطان الرجيم فاما الذين امنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين - 00:00:00ضَ

واما الذين كفروا افلم تكن اياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين واذا قيل ان وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة هذه الايات من سورة الجاثية - 00:00:31ضَ

يقول الله جل وعلا تأمل الذين امنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين وهذه جاءت بعد قوله جل وعلا وترى كل امة جاثية كل امة تدعى الى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون - 00:01:08ضَ

هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق انا كنا ما كنتم تعملون. فاما الذين امنوا وعملوا الصالحات هذا تفصيل لما تقدم في قوله جل وعلا وترى كل امة جاثية كل امة تدعى الى - 00:01:41ضَ

اليوم تجزون ما كنتم تعملون ما هذا الجزاء؟ قال جل وعلا فاما الذين امنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين واما الذين كفروا افلم تكن اياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما - 00:02:17ضَ

مجرمين واذا قيل ان وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة وما نحن بمستيقنين يقول جل وعلا فاما الذين امنوا وعملوا الصالحات الايمان عمل القلوب - 00:02:49ضَ

وعمل الصالحات عمل الجوارح والايمان يعرفه اهل السنة والجماعة بانه قول وعمل واعتقاد قول باللسان وعمل بالاركان الجوارح واعتقاد بالجنان. اي بالقلب فان تخلف واحد من هذه الثلاثة ما صح الايمان - 00:03:18ضَ

والايمان والاسلام اذا اجتمعا افترقا واذا افترقا اتفقا اذا ذكر الاسلام وحده شمل الاسلام والايمان واذا ذكر الايمان وحده معنى الاسلام والايمان واذا ذكر الاسلام والايمان فالمراد بالاسلام عمل الجوارح - 00:03:56ضَ

والمراد بالايمان عمل القلب وهذا معنى قول بعض العلماء اذا ذكرا معا افترقا اختلف واذا افترقا يعني ذكر احدهما اتفقا يعني شمل الاخر الاسلام العمل الظاهر والايمان عمل القلب فاذا ذكرا معا فهكذا - 00:04:43ضَ

واذا ذكر الاسلام فلابد ان يكون معه ايمان بدون ايمان لا فائدة فيه عمل المنافقين واذا ذكر الايمان وحده فلا بد ان يكون معه عمل الجوارح الاسلام واذا لم يكن معه عمل الجوارح فهو كذب - 00:05:24ضَ

ما يصح ايمان بدون عمل ابدا الا لمن لم يمهله لم يمهل ليعمل امن شهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. ثم تقدم للمعركة فاستشهد في سبيل الله - 00:05:48ضَ

ومن لم يسجد لله سجدة فهذا مسلم مؤمن فاما الذين امنوا وعملوا الصالحات امنوا وعملوا لابد لانه قول بعض الناس مثلا الايمان ها هنا نقول صح الايمان ها هنا لكن لابد معه من عمل - 00:06:08ضَ

ان جاء معه العمل فالادعاء الايمان في القلب ربما يكون صحيحا واما اذا لم يكن معه عمل فهو ادعاء وكذب ان الذين فاما الذين امنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته - 00:06:40ضَ

في قوله جل وعلا ربهم دلالة على انه جل وعلا هو المتفضل عليهم وهو الذي رباهم بالنعم ولم يقل فيدخلهم الله قال ربهم الذي تولاهم ورباهم منذ ان كانوا نطفا - 00:07:04ضَ

الى ان ينتهوا من هذه الدنيا فينتقلون الى الدار الاخرة فيدخلهم ربهم في رحمته رحمته فسرها كثير من المفسرين بقوله جنته ايدخلهم في رحمته في جنته قد يظن ظان ان هذا من التعويل او من تأويل الصفات وليس كذلك - 00:07:26ضَ

لان رحمة الله جل وعلا فيه رحمة مخلوقة ورحمة صفة لله جل وعلا الرحمة المخلوقة كالجنة انت رحمتي ارحم بك من اشاءوا من عبادي وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي - 00:07:59ضَ

رحمته بين يدي رحمته ما هي المطر الرياح يأتي مقدمة قبل المطر والمطر رحمة من الله جل وعلا وهو رحمة مخلوقة والجنة رحمة مخلوقة انزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوجع هذا من الدعاء النبوي - 00:08:32ضَ

انزل رحمة من رحمتك هذه رحمة مخلوقة يرحم الله بها هذا المريض فيشفى باذن الله استغيث برحمتك هذه صفة من صفات الله جل وعلا ورحمتي وسعت كل شيء. هذه صفة من صفات الله جل وعلا - 00:09:03ضَ

اذا نقول الرحمة المضافة الى الله تعالى نوعان احدهما مضافة من اضافة المفعول الى فاعله ومنه الحديث انما انت رحمتي ارحم بك من اشاء. فهذه مخلوقة لانها الجنة مضافة اليه اضافة المخلوق - 00:09:30ضَ

الرحمة الى خالقه وسماها رحمة لانها خلقت بالرحمة وخص بها اهل الرحمة وهم اهل الجنة لان من يدخلها الرحماء ومن هذا خلق الله الرحمة يوم خلقها مئة رحمة كل رحمة طباق ما بين السماء والارض - 00:10:10ضَ

هذه كلها في الرحمة المخلوقة التي هي خلقها الله جل وعلا رحمة للعباد ومنه قوله جل وعلا وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته الذي هو المطر والنوع الثاني - 00:10:48ضَ

مضاف اليه تعالى اضافة صفة الى موصوف وذلك مثل قوله جل وعلا ورحمتي وسعت كل شيء هذه صفة من صفات الباري جل وعلا وقوله جل وعلا ان رحمة الله قريب من المحسنين - 00:11:12ضَ

تمثلت بالمثالين لان الاولى التي هي ورحمتي وسعت كل شيء. هذه عامة عمت البر والفاجر المؤمن والكافر وبرحمة الله جل وعلا للكافر اطعمه وسقاه وعافاه واصح واغناه وتفظل عليه بنعم كثيرة كما قال الله جل وعلا ولقد كرمنا بني ادم - 00:11:44ضَ

هذا للبر والفاجر ورحمتي وسعت كل شيء حتى الحيوانات حتى السباع المتوحشة ترفع رجلها وحافرها عن ولدي الصغير وتخاطر بنفسها في الدفاع عن اولادها الصغار. الوحوش المتوحشة اعطاها الله جل وعلا من هذه الرحمة - 00:12:18ضَ

وفي قوله جل وعلا ان رحمة الله قريب من المحسنين. هذه رحمة الله جل وعلا صفة من صفاته الخاصة بعباده المؤمنين الرسل والانبيا الصلحاء والاتقياء وغيرهم من عباد الله الصالحين - 00:12:50ضَ

الاولى عامة يعني رحمة الله جل وعلا عامة للبر والفاجر ورحمتي وسعت كل شيء والثانية خاصة ومثل هذا قوله عليه الصلاة والسلام برحمتك استغيث. هذه برحمة الله التي يصفها من صفاته جل وعلا - 00:13:16ضَ

اذا نميز بين رحمة الله المخلوقة التي هي مخلوقة وليست صفة لله جل وعلا انت رحمتي الجنة والجنة مخلوقة والمطر رحمة وهو مخلوق ويدخلهم ربهم في رحمته يعني جنته ذلك اي الادخال الذي تفضل الله جل وعلا به على العباد - 00:13:42ضَ

هو الفوز المبين. هو الفوز السعادة الابدية التي لا يعدلها شيء لان سعادة الدنيا مهما بلغت فانها منتهية وحظوظ الدنيا يشترك فيها البر والفاجر وتنتهي اما تنزع من الانسان قبل موته او يموت ويتركها - 00:14:17ضَ

وانما الفوز الحقيقي هو الفوز بالجنة الفوز برحمة الله جل وعلا الجنة هذا هو الفوز العظيم الفوز المبين البين الواضح لانه خالص من جميع الشوائب اما رحمة الدنيا التي يرحم الله جل وعلا بها العباد - 00:14:47ضَ

من الصحة والعافية والمال والجاه والقبول وسائر الامور منتهية ولا تخلص من الشوائب ابدا. ما تخلص وانما الذي يخلص من الشوائب هو نعيم الجنة وسعادة الجنة. جعلنا الله واياكم من اهلها - 00:15:16ضَ

يخبر تعالى عن رحمته يخبر تعالى عن حكمه في خلقه يوم القيامة فقال فاما الذين امنوا وعملوا الصالحات اي امنت قلوبهم وعملت جوارحهم بالاعمال الصالحة الاجتهاد في الاعمال الصالحة يزيد في الايمان ويقوي الايمان - 00:15:40ضَ

كما هو قول اهل السنة والجماعة الايمان قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص في المعصية والايمان يتفاوت خلافا لبعض الفرق الضالة الذين يقولون ان درجة الايمان درجة واحدة. يشترك فيها الخلق كلهم - 00:16:06ضَ

يعني عندهم ان ايمان محمد صلى الله عليه وسلم وجبريل وابي بكر وعمر وسائر الناس سواء وليس كذلك الايمان بادلة الكتاب والسنة يزيد بالطاعة وينقص في المعصية. كلما اجتهد المسلم في الاعمال الصالحة - 00:16:37ضَ

زاد ايمانه وقوي وزاد اقباله على الخير ونشط في الطاعة والاعمال الصالحة والاعمال الصالحة يقود بعضها الى بعض وكلما والعياذ بالله تكاسل المرء عن الاعمال الصالحة. واو وقع في معصية ظعف ايمانه وقل حتى تثقل عليه الصلاة - 00:17:01ضَ

وهي الخالصة الموافقة للشرع ويدخلهم ربهم في رحمته وهي الجنة كما ثبت في الصحيح ان الله قال للجنة انت رحمتي ارحم بك من اشاء ذلك هو الفوز المبين اي البين الواضح - 00:17:24ضَ

ثم قال افلم تكن اياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين الناس فريقان فاما الذين امنوا وعملوا الصالحات واما الذين كفروا واما الذين كفروا ما هو مآلهم؟ قال افلم تكن اياتي تتلى عليكم؟ يوبخون - 00:17:46ضَ

يعاتبون يلامون واما الذين كفروا افلم تكن ايات القرآن يتلى عليكم الاستفهام هذا لماذا؟ للتوبيخ لان رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم كانت تتلو ايات الكتاب المنزل عليهم على الامم وتبلغهم ذلك - 00:18:21ضَ

ويسمعونه ويستهزئون ويسخرون فاستكبرتم تعاظمتم كما تقدم لنا قول ابي جهل لا تتحدث عني فتيات قريش باني التبعة يتيم ابي طالب محمد صلى الله عليه وسلم وهو يعرف صدقه يقول هو - 00:18:54ضَ

الم نكن في ايام صباه يقول له الصادق الامين فلما كمل وكمل عقله قلنا مجنون جاهل كاذب لا والله قيل له لم لا تتبعه قال والله لا اترك نساء قريش - 00:19:24ضَ

تتحدث عني باني اتبعت يتيم ابي طالب. استكبار وعناد والعياذ بالله واستكبرتم تعاظمتم وتكبرتم عن الحق ورددتموه وكنتم قوما مجرمين تكتسبون الاجرام تكتسبون الاعمال السيئة تعملونها الاجرام العمل وخاص بالعمل السيء - 00:19:48ضَ

وقد يطلق في اللغة للعمل مطلقا كما نقل عن العرب انهم قالوا فلان جريمة اهله يعني عامل اهله هو الذي يعمل لهم فلان جريمة اهله يعني العامل ويطلق الاجرام على العمل ولكنه في الشرع اطلق على العمل السيء - 00:20:26ضَ

وكنتم قوما مجرمين اي من اهل الاجرام والاثام لا تقبلون الحق ولا تريدونه واما الذين كفروا افلم تكن اياته تتلى عليكم فاستكبرتم ان يقال لهم ذلك تقريعا وتوبيخا اما قرأت اما قرأت اما قرأت عليكم ايات الرحمن فاستكبرتم عن اتباعها واعرظتم - 00:20:57ضَ

واعرظتم عن سماعها وكنتم قوما مجرمين في افعالكم مع ما اشتملت عليه قلوبكم من التكذيب واذا قيل ان وعد الله حق اذا قيل لكم يعني وكنتم قوما مجرمين وكنتم اذا قيل - 00:21:28ضَ

ان وعد الله حق. اذا قالت لكم الرسل والدعاة الى الله ان وعد الله بالبعث والجزاء والحساب والجنة والنار حق ثابت لا محالة والساعة لا ريب فيها في قراءة سبعية والساعة - 00:21:54ضَ

لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة اذا قيل لكم هذا القول الحق المستقيم ما قبلتموه واذا قيل ان وعد الله حق ان الاصل فيها كسر الهمزة لانه كما قال ابن مالك في كسر الهمزة او حكيت بالقول او حلت محل - 00:22:24ضَ

حال كزرته واني ذو امل واذا قيل ان كسر الهمزة وفي قراءة اخرى ان على لغة سليم يجرون القول مجرى الظن واذا قيل ان وعد الله حق. لكن القراءة المشهورة - 00:22:55ضَ

واذا قيل ان وعد الله حق وهو المشهور في لغة العرب في كسر الهمزة همزة ان اذا كانت بعد القول واذا قيل ان وعد الله حق والساعة لا ريب فيها - 00:23:23ضَ

الساعة الرفع هذه قراءة الجمهور على الابتداء يعني والساعة مبتدأ. عطف جملة على جملة. الواو من عطف الجمل والساعة مبتدأ لا ريب فيها في جملة الخبر كائنة لا ريب فيها - 00:23:43ضَ

وفي قراءة سبعية والساعة لا ريب فيها ان وعد الله حق والساعة معطوف على اسم ان ان وعدا ان وعد الله حق وان الساعة الساعة معطوف على وعد الذي هو اسم ان منصوب - 00:24:09ضَ

وفي توجيه الرفع مع الابتداء كذلك العطف على محل اسم ان لان محل اسم انما هو الابتدأ يعني الرفع محل اسم النا اسم النا منصوب لكن محله في الاصل قبل ان تدخل عليه ان مرفوع الابتداء - 00:24:41ضَ

والساعة لا ريب فيها والساعة قراءتان سبعيتان لا ريب فيها لا شك والاميرية واقعة لا محالة قلتم على سبيل الاستغراب والانكار ما ندري ما الساعة لا نعرف الساعة ولا نؤمن بها - 00:25:04ضَ

ولا نقبلها قلتم ما ندري ما الساعة ان ظن الا ظنا. وما نحن في مستيقنين كيف هذا هذا فيه ظن الان يعني هنا عندهم ظن او شك في الساعة وقد تقدم لنا قريبا قولهم قول الله جل وعلا عنهم وقالوا ما هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحن - 00:25:34ضَ

وما يهلكنا الا الدهر ما التوجيه بين هذه وهذا؟ هؤلاء يظنون وفي الاية الاولى قالوا ما هي الا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين وقالوا ما هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا الا الدهر - 00:26:08ضَ

قال المفسرون نعم لانهم فرق وطوائف اولئك ينكرون البعث بالكلية ولا عندهم في انكاره ادنى شك اما هؤلاء في هذه الاية الاخرى تضاربت عندهم الامور جاءهم عن ابائهم انكار البعث - 00:26:30ضَ

وجاءتهم الرسل بالباعث وصار عندهم فيه شك والشك والظن غير اليقين الامور الاعتقادية مبطل لها اذا شك المرء بوحدانية الله جل وعلا كفر بالله اذا شك بالبعث كفر بالله اذا شك بالجنة والنار كفر وان عمل - 00:27:02ضَ

فلا بد من اليقين الشك والظن الامور الاعتقادية لا يصح ولا يبنى عليه ثواب ابدا قلتم ما ندري ما الساعة ان نظن الا ظنا ان هنا نافية. يعني ما نظن الا ظن - 00:27:37ضَ

عندنا فيه ظن وليس يقين وما نحن بمستيقنين. غير متأكدين لهذا الامر الذي تقولونه هم يردون على الرسل يقولون كانهم يقولون عندنا علم بالا بعث لكن لما ذكرتم انتم البعض صار عندنا شك - 00:27:58ضَ

جعلتمونا في شك. لكن ما نحن مستيقنين وهذا لا ينفع في الاعتقاد واذا قيل ان وعد الله حق والساعة لا ريب فيها اي اذا قال لكم المؤمنون ذلك قلتم ما ندري ما الساعة - 00:28:23ضَ

اي لا نعرفها ان ظنه الا ظن اين توهم وقوعها الا توهما مرجوحا ولهذا قال وما نحن بمستيقنين بمتحققين وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:28:44ضَ