تفسير ابن كثير | سورة الصافات

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبدالرحمن العجلان | 9- سورة الصافات | من الأية 88 إلى 98

عبدالرحمن العجلان

والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد بالله اعوذ بالله من الشيطان الرجيم فنظر نظرة في النجوم فقال اني سقيم تتولوا عنه مدبرين فراغ الى الهتهم فقال الا تأكلون - 00:00:00ضَ

ما لكم لا تنطقون. فراغ عليهم ضربا باليمين. فاقبلوا اليه يزفون قال اتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون قالوا ابنوا له بنيانا فالقوه في الجحيم. فارادوا به كيدا فاجعل - 00:00:41ضَ

هذه الايات الكريمة من سورة الصافات جاءت بعد قوله جل وعلا وان من شيعته لابراهيم اذ جاء ربه بقلب سليم اذ قال لابيه وقومه ماذا تعبدون الهة دون الله تريدون - 00:01:13ضَ

فما ظنكم برب العالمين فنظر نظرة في النجوم فقال اني سقيم اخبرنا جل وعلا عن ابراهيم عليه السلام وقال وان من شيعته يعني من شيعة نوح وتقدم لنا انه بينه وبينه - 00:01:50ضَ

عدد من الانبياء ولكنه على دينه وعلى عقيدته ودين الانبياء واحد ودعوتهم لاممهم بان يعبدوا الله وحده لا شريك له وبين جل وعلا ابراهيم لابيه وقومه قائلا لهم ماذا تعبدون - 00:02:21ضَ

الهة دون الله تريدون فما ظنكم برب العالمين والكلام على هذه الايات قد سبق قوله جل وعلا فنظر نظرة في النجوم وقال اني سقيم كان لقوم ابراهيم عيد يخرجون اليه - 00:02:54ضَ

وكان من عادتهم اذا خرجوا الى عيدهم وضعوا عند الهتهم طعاما من اجل البركة يعتقدون ان وجود الطعام عند الالهة تبارك فيه الالهة فاذا رجعوا من عيدهم اكلوا هذا الطعام - 00:03:30ضَ

او انهم يتقربون الى الهتهم في وضع هذا الطعام من اجل ان تأكله سدنة هذه الاصنام وكان لهم بيت يقال له بيت الالهة فيه الاصنام فيه اثنان وستون صنما وهي منوعة - 00:04:07ضَ

منها ما هو من حجر ومنها ما هو من خشب ومنها ما هو من ذهب ومنها ما هو من فضة وهكذا واكبرها هو اولها ثم تبدأ في الصغر حتى تنتهي - 00:04:40ضَ

وكان قوم ابراهيم يتعاطون علم النجوم ويقولون به فطلبوا من ابراهيم عليه السلام ان يخرج معهم الى عيدهم واراد عليه السلام ان ينفرد بهذه الالهة ليعمل فيها ما يطيب خاطره - 00:05:03ضَ

ويرضي ربه ولا يتسنى له ذلك الا اذا انفرد بها وقال لهم اني سقيم ورد انه استلقى على ظهره ونظر في السماء وفي النجوم يريهم كأنه على طريقتهم وعلى اعتقادهم في النجوم - 00:05:36ضَ

وقال اني سقيم يعني اذا خرجت معكم ما استطعت المواصلة لانه سيحصل لي مرض او انه قال اني سقيم مصاب بمرض الطاعون وهم ينفرون من الطاعون ويتشائمون به ويخافون منه العدوى - 00:06:08ضَ

وقال اني سقيم بهذا المرض لينفروا منه فلا يجادلوه ولا يخاصموه ولا يؤكدوا عليه بطلب الخروج معهم خشية ان يصيبهم بمرضه ويتأثرون منه بالعدوى فقال اني سقيم وورد انه صلى الله عليه وسلم قال عن ابراهيم - 00:06:40ضَ

انه ما كذب الا ثلاث اثنتان في ذات الله حينما قال لهم اني سقيم وحينما قال عن سارة انها اختي وهي زوجته قال اختي اي اختي في الدين او فنظر نظرة في النجوم - 00:07:14ضَ

كان عند من سبق ان من نظر في الرأي وتورى فيه وتفرس فيه واعمل فكره ورأيه يقال نظر في النجوم وان لم ينظر في النجوم ولم يعتقد ذلك ان ينظر - 00:07:44ضَ

ما ينجم عن هذا الامر وما يترتب عليه فاخترع ورأى ان يتعلل بالمرض من اجل ان يترك ولا يخرج معهم فنظر نظرة في النجوم فقال اني سقيم فتولوا عنه يعني ذهبوا وتركوه - 00:08:08ضَ

مدبرين اعطوه الدبر وذهبوا مسرعين وهذا يقوي قول من قال انه مصاب انه ادعى الاصابة بالطاعون ليهربوا عنه لانهم يخافون من الطاعون خوفا شديدا فتولوا عنه مدبرين يعني ذهبوا لحاجتهم ولعيدهم وتركوا ابراهيم عليه السلام في - 00:08:35ضَ

الالهة في بيت الاصنام فلما تركوه كذلك سنةحت له الفرصة وهيئ له الامر باذن الله فراغ الى الهتهم يروه روغا وروغانا مصدر اذا مال الى الشيء مسرعا بخفية واختطاف لهذا الشيء - 00:09:07ضَ

كما يقال فراغ الثعلب وهذا مثل روغان الثعلب يعني اللف والاسراع في الشيء بسرعة فراغ الى الهتهم. اقبل عليها مسرعا لانها سنحت الفرصة ولا ينبغي ان يفوتها هلا بالالهة التي تعبد من دون الله - 00:09:43ضَ

فراغ الى الهتهم يعني التفت اليها ومال اليها واقبل اليها فقال الا تأكلون من يخاطب الالهة يقول هذا الطعام بين ايديكم الا تأكلون قدم لكم هذا الطعام فكلوه وهو يعلم عليه الصلاة والسلام - 00:10:14ضَ

انها شجر او حجر او ذهب او فضة لا يأكل ولكن للتهكم والسخرية منهم الا تأكلون ما لكم لا تنطقون لم لا تجيبون انا اخاطبكم لماذا لا تردون علي جعلهم كأنهم عقلاء لانهم يعبدون من دون الله - 00:10:43ضَ

ولا يصح ان يعبد جماد فلم يجيبوا ولم ينطقوا ولم يتكلموا فراغ عليهم ضربا باليمين. اقبل اليهم مسرعا يخشى ان تفوته الفرصة اقبل عليهم ضربا باليمين ضربا باليمين يعني باليد اليمنى - 00:11:15ضَ

لانها اقوى ضربا من اليد اليسرى او ضربا باليمين بالقوة لانها لان اليمين اليد اليمين واليمين يطلق عليها قوة والشمال يطلق عليها الظعف يعني اقبل عليهم ضربا بقوة لانها اعداء الله - 00:11:48ضَ

وتهيأت له الفرصة في الانتقام من هذه الالهة فاقبل علي فراغ عليهم باليمين او فراغ عليهم ينفذ ما حلف عليه يمينا لانه حلف يمينا بالله وتالله لاكيدن اصنامكم بعد ان تولوا مدبرين - 00:12:20ضَ

فراغ عليهم ضربا ليحقق ما حلف عليه يمينا فراغ عليهم ظربا باليمين يعني موفيا بيمينه او باليمين بالعدل لان اليمين تطلق على العدل والشمال تطلق على جور والظلم وظرب هذه الالهة - 00:12:55ضَ

عادل وحق لانها معبودة من دون الله او مع الله وهي لا تستحق ذلك وضربها عدل واعزازها وتكريمها دور وظلم فاقبلوا اليه يجفون اقبل اليه عبدة تلك الاصنام جاؤوا فرأوها فرأوها مكسرة - 00:13:30ضَ

كما هو موضح في ايات كثيرة ومن اكثرها تفصيلا الايات التي في سورة الانبياء واستغربوا ذلك انهم يعبدونها ويكرمونها ويتقربون اليها وابراهيم يكسرها فاقبلوا اليه يزفون. الحال انهم يزفون وقرأها الجمهور - 00:14:08ضَ

جمهور القراء يزفون وقرأ يزفون بظم الياء يعني مسرعين يلهثون متحمسين من اجل الانتقام من إبراهيم عليه السلام قال الزجاج الزفيف اول عدو النعام وقال قتادة والسدي معنى يزفون يمشون - 00:14:44ضَ

وقال الضحاك يسعون يعني ايه هي في التوجه اليه وقال يحيى بن سلام يرعدون غضبا وقال الامام مجاهد يختالون ان يمشون مشي الخللاء يعني كل هذا رغبة منهم في الاسراع في الانتقام من ابراهيم عليه السلام - 00:15:19ضَ

فلما اقبلوا اليه يريدون الانتقام منه توجه رظي عليه السلام في الى عتابهم والى توبيخهم وعدم المبالاة بهم وبالهتهم ليس خائفا ولا وجلا مع حرصهم ورغبتهم الشديدة في الانتقام منه - 00:15:51ضَ

وهم جمع وهو واحد لكنه متوكل على الله جل وعلا قال لهم اتعبدون ما تنحتون كأنه لم ينكر انه كسرها لانه شوهد على ذلك ولكن اراد ان يبكتهم ويوبخهم لعبادة شيء يصنعونه هم بانفسهم - 00:16:19ضَ

اتعبدون ما تنحتون يعني شيئا انتم تصنعونه تعبدونه ومعناه ان اصلها غير معبود متى صارت معبودة بسبب صنيعكم يعني اصلها قد يكون خشبة او حديدة او ذهب او فضة مادة من هذه المواد - 00:16:52ضَ

التي لا تستحق شيئا من التكريم ثم لما هيئت وخففت واخذ من بعض جهاتها صارت معبودة فهل يليق بكم ان تعبدوا شيئا انتم صنعتموه المعبود هو الخالق هو الصانع هو الموجد - 00:17:26ضَ

اما شيء انتم اوجدتموه فلا يستحق شيئا من العبادة اتعبدون ما تنحتون اتعبدون ما تنحتون؟ الشيء الذي تصنعونه والنحت معلوم من نوع البري والتهيئة للشيء يكون خشبة كبيرة خام فيستخرج منها - 00:18:00ضَ

جزء يحسن دخل فيه تحسينات ويؤخذ من اطرافه فيكون على نظرهم مهيأ لان يعبد والله خلقكم وما تعملون ما الذي صرف عقولكم وما الذي اعمى بصائركم تنصرفون عن عبادة الله الذي خلقكم - 00:18:34ضَ

واوجدكم وخلق اعمالكم وافعالكم الى ان تعبدوا شيئا انتم اوجدتموه انتم صنعتموه والله خلقكم اوجدكم من العدم الى الوجود وما تعملون ما هذه يصح ان تكون موصولة. بمعنى والذي تعملون - 00:19:06ضَ

ويصح ان تكون مصدرية والله خلقكم وعملكم وما تعملون وعملكم ويصح ان تكون موصوفة والله خلقكم والشيء الذي صنعتموه واوجدتموه او عملتموه ويصح ان تكون نافية والله خلقكم وما نافية ما تعملون انتم ما تعملون شيئا - 00:19:40ضَ

فهو عليه السلام مكتهم ووبخهم ولامهم على ذلك فلا حجة لهم ولا يستطيع ان يردوا عليه لجأوا الى ما يلجأ فيه الظلمة والفراعنة من العذاب والتوعد والمفروض المجادلة والمخاصمة ان كلا - 00:20:21ضَ

يبين ما عنده ويبين حجته فاذا ظهر غلبة حجة على حجة اخذ بها لكن سبيل الظلمة ليس كذلك فهم اذا لم يكن لهم حجة توعدوا بالانتقام كما فعل فرعون اللعين - 00:20:58ضَ

مع موسى عليه السلام في قوله لاجعلنك من المسجونين قالوا ابنوا له بنيانا فالقوه في الجحيم قالوا لا يصلح ان نتركه بيننا ولا يصلح ان نقتله وانما لابد ان نعمل به عملا - 00:21:23ضَ

ينكل ويشتهر ويظهر للناس حتى لا يقوم احد بمثل ما قام به لابد ان يكون عذابنا له مرعب ومخوف وزاجر عن صنيعة بتعرضه لالهتنا قالوا ابنوا له بنيانا فالقوه في الجحيم - 00:21:54ضَ

وتواطؤوا على ذلك وصار من اراد ان يتقرب الى الهتهم يجمع حطبا فلما اجتمع الحطب خافوا من ان يوقدوا النار وتنتشر وتنتقل اليهم والى دورهم فبنوا بنيانا عظيما احاطوه بالنار - 00:22:30ضَ

ورد ارتفاعه ثلاثون ذراعا واكثروا فيه الحطب ثم اججوا فيها النار وصار جحيم يقال للنار اذا كانت طبقات بعضها فوق بعض ومؤججة وشديدة يقال لها جحيم واما النار البسيطة التي يطبخ عليها الطعام ونحو ذلك فلا يصح ان يقال لها جحيم - 00:22:59ضَ

لانها بسيطة بالنسبة للنار الشديدة وهم لم يريدوا مطلق نار وانما ارادوا جحيم قالوا ابنوا له بنيانا فالقوه في الجحيم فلما بنوا البنيان واججوا فيه النار وارادوا قذفه ما استطاعوا - 00:23:33ضَ

من يستطيع ان يقرب من النار وتورطوا في هذا ماذا يعملون وكانت هذه النار يتساقط فيها الطير الذي يمر من اعلاها من شدة حرارتها وقوتها فجاءهم ابليس اللعين اخترع لهم المنجنيق - 00:23:59ضَ

الذي حيث يوضع ابراهيم في فم المنجنيق ايا ثم يرمى به من بعد في النار ففعلوا ذلك وورد كما تقدم في تفسير الايات السابقة من السور السابقة ان الملائكة الى ربها - 00:24:25ضَ

وابراهيم يرمى به المنجنيق الى النار والله جل وعلا احكم الحاكمين والطف بعباده من الوالدة بولدها ومن الوالد بولده ولهذا وصى الله جل وعلا الوالدين الاولاد في قوله تعالى يوصيكم الله في اولادكم - 00:24:56ضَ

ووصى الاولاد بالوالدين. فقال وبالوالدين احسانا قال الله جل وعلا للملائكة ومنهم جبريل ان طلب منكم الاغاثة فاغيثوه ما طلب منكم شيئا فساعدوه وجبريل عليه السلام كما قال الله جل وعلا ذي القوة المتين - 00:25:27ضَ

قادر على ان يأخذ إبراهيم ويضعه في مكان بعيد عن النار ويلقي في القوم كلهم بطرف جناحه في وسط النار كما اقتلع قرى قوم لوط سبع قرى بطرف جناحه عليه الصلاة والسلام - 00:25:57ضَ

ورفعها الى السماء حتى سمعت الملائكة نباح كلابهم وصياح ديكتهم. ثم قذفها بطرف جناحه سبع قرى وهو كما قال الله جل وعلا ذو القوة المتين اعترض له جبريل عليه السلام - 00:26:18ضَ

ابراهيم وهو في الهوى بين النار وقبل ان يصل اليها قال الك حاجة قال اما اليك فلا الواحد منا يلتمس اصغر الخلق اصغر الناس اصغر مسؤول يطلب منه ان يعينه ويشفع له ويساعده الى اخره - 00:26:39ضَ

وهذا جبريل عليه السلام يعترض لابراهيم عليه السلام فيقول الك حاجة فيقول اما اليك فلا واما الى الله فبلى ففي حاجة الى الله لا غنى بي عنه واما اليك يا جبريل فلا - 00:27:03ضَ

لا اريد منك شيئا. الله اكبر قوة الايمان ربه جل وعلا اعلم به اصطفاه واختاره اعلم بما في قلبه فعند ذلك جاء المدد من الله جل وعلا ما احتاج الى واسطة - 00:27:23ضَ

وما احتاج الى جبريل ولا الى غيره من الخلق في قوله جل وعلا يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم كما قال الله جل وعلا هنا فارادوا به كيدا. يعني ارادوا ان يكيدوا له كيد - 00:27:43ضَ

ارادوا ان يهلكوه ارادوا ان يقضوا عليه وان يخوف الناس ويرعب الاخرين من يتجرأ يقوم مقام إبراهيم ما دام هذا عذابه من قومه ومن اقرب الناس اليه الذي هو ابوه - 00:28:04ضَ

راض بهذا الفعل وارادوا به كيدا. فماذا كانت النتيجة كانت الخسارة عليهم وكان في هذا اظهار الحجة لابراهيم والله غلبة والخزي والندامة والفظيحة لهم فجعلناهم الاسفلين وجعلناهم الخاسرين جعلناهم المغلوبين - 00:28:24ضَ

ايش المراد والله اعلم انهم كانوا تحته لا النار في مكانها وابراهيم يتفكه في وسط النار ما مسته بشيء سوى الذي هو مقيد به احرقته النار واطلقت صراحة في وسط النار يتفكه - 00:28:58ضَ

فجعلناهم الاسفلين يعني هم عملوا هذا الفعل لاظهار غلبتهم وقوتهم ولينتقموا من ابراهيم وكان هذا وبالا عليهم خزي غلبة هزيمة هم المهزومون هم الخاسرون وجعلناهم الاسفلين وسيأتي الكلام على بقية الايات ان شاء الله غدا - 00:29:24ضَ

والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:29:56ضَ