تفسير ابن كثير | سورة الروم

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبد الرحمن العجلان | 12- سورة الروم من الآية (42) إلى الآية (45).

عبدالرحمن العجلان

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس بما كسبت ايدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يراجعون - 00:00:00ضَ

سيروا في الارض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان اكثرهم مشركين وجهك للدين القيم من قبل ان يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ من كفر فعليه كفره - 00:00:36ضَ

ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون ليجزي الذين امنوا وعملوا الصالحات من فظله انه لا يحب الكافرين في هذه الايات الكريمة من سورة الروم وهي مكية نزلت بمكة يبين جل وعلا للعباد - 00:01:06ضَ

ان ما حصل من نقص وفساد وامراض وعداوة وحروب في البر والبحر كله بما كسبت عيد العباد يقول جل وعلا ظهر الفساد في البر والبحر المراد بالبر الارض اليابسة والبحر - 00:01:50ضَ

الماء من حلو ومالح قيل هذا وقيل المراد في البر والبحر البر ما كان بعيدا عن سواحل البحار والبحر المدن والقرى التي على ساحل البحر ظهر الفساد ظهر بمعنى وجد وكثر - 00:02:39ضَ

وعما والفساد ضد الصلاح وخصصه بعض المفسرين رحمهم الله بنوع من انواع الفساد الشحنة بين العباد وقطيعة الرحم او فساد الزروع والثمار او فساد الارض بعدم الانبات بالقحط والجذب او الفساد بقلة الارزاق - 00:03:22ضَ

او الفساد بانتشار الامراض وكثرة الغرق والحرق وما يضر الناس قال بعض المفسرين الاولى تعميم الاية تعميم الفساد سواء كان من قبل الناس الشحن والبغظ والحروب وقطيعة الرحم او كان من قبل الله جل وعلا بما كسبت ايدي العباد - 00:04:16ضَ

من قلة الثمار وعدم خصوبة الارظ وكشاد الاسواق وغير ذلك من مصالح العباد ظهر الفساد في البر والبحر اوه يا عم مجاهد وعكرمة رحمهم الله قالوا فساد البر قتل ابن ادم اخاه - 00:05:01ضَ

يعني قتل قابيل لهابيل وفساد البحر الملك الذي يأخذ كل سفينة غصبا ولعل مرادهما رحمهم الله الامثلة المثال لذلك المثال لما حصل من الفساد في البر وما حصل من الفساد في البحر - 00:05:49ضَ

ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت بما كسبت ايدي الناس الباء سببية وما موصولة اسم موصول او مصدرية وما بعدها يشبكان بمصدر بالذي كسبت موصولة او لكسب ايد الناس - 00:06:25ضَ

مصدرية بما كسبت ايدي الناس بما جنته من المعاصي والذنوب واعظمها الشرك بالله جل وعلا وما دونه من كبائر الذنوب وصغائرها اذا عمت وكثرت جاءت حال الناس واذا استقام الناس على دين الله جل وعلا - 00:07:11ضَ

واطاعوه وابتعدوا عن مخالفته حسنت حالهم الله جل وعلا يقول ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس اذا ما الذي يصلح احوال الناس في البر والبحر والطاعة والامتثال لاوامر الله جل وعلا - 00:07:58ضَ

وتستقيم حالهم ويكون في رغد من العيش وامن واستقرار بطاعة الله جل وعلا وكلما كثرت المعاصي جاءت احوال الناس ليليقهم بعض الذي عملوا ظهر الفساد ووجد بسبب كسب الناس الاعمال السيئة - 00:08:32ضَ

ليذيقهم الله بعض الذي عملوا هذا تعجيل لبعض العقوبة المرء يعصي الله جل وعلا وقد يعجل الله له بعض العقوبة لعله يرجع الى الله لعله يتوب الى الله جل وعلا - 00:09:10ضَ

يريه جل وعلا انه قادر على الانتقام منه وتعذيبه وتأديبه يريه بعض الشيء لعله يرجع العاقل اذا اصيب بمصيبة نظر في امره وفتش في حاله ماذا عنده من التفريط؟ فيستدرك - 00:09:39ضَ

لانه اصيب بهذه المصيبة تأديبا له ولفت نظر له لينتبه لنفسه وليحاسب نفسه وليرجع والعاقل الموفق يحاسب نفسه في الدنيا فيرجع الى الله جل وعلا والجاهل تأتيه المصائب فلا يرعوي ولا ينتبه - 00:10:08ضَ

ويتشخط كما تقدم في الايات السابقة يتسخط من قضاء الله وقدره تحصل المصيبة ويحرم الاجر ولا ينتبه لحاله ليذيقهم بعض الذي عملوا بعض والله جل وعلا قد يعجل بعض العقوبة للعبد في الدنيا - 00:10:42ضَ

وعقوبة عمله عظيمة وشديدة وهي النار المحرقة في الدار الاخرة ان لم يتب بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون يذيقهم الله جل وعلا عقوبة او بعض عقوبة ما عمل لعله يرجع - 00:11:16ضَ

لعله ينتبه لعله يتوب الى الله جل وعلا ويعترف على نفسه فيما بينه وبين الله جل وعلا ويعاهد ربه بان لا يقدم على المعصية وان تاب وانا استفاد بهذه المصيبة فائدة عظيمة - 00:11:47ضَ

وان لم يتب والعياذ بالله وهذا الذي اصابه مقدمة لعذاب الاخرة المستمر السرمدي الدائم ابد الاباد لعلهم يرجعون ثم قال جل وعلا قل سيروا في الارض. قل يا محمد لمن حولك - 00:12:18ضَ

سيروا في الارض فانظروا سيروا فانظروا وانظر لماذا عاقب الله جل وعلا الامم السابقة تجد ديارهم واماكنهم خاوية واسأل ماذا حصل عليهم تخبر؟ قل لهم سيروا في العرب انظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل - 00:12:51ضَ

انظر في بصرك او ببصيرتك ولعل المراد الثاني بالبصيرة انظر بقلبك ما الذي حصل لهم وبماذا حصل هل تنتظر حتى تكون مثلهم وترجع الى الله جل وعلا قل سيروا في الارض فانظروا ببصائركم - 00:13:32ضَ

كيف كان عاقبة الذين من قبل ما هي عاقبتهم وما الذي حصل عليهم ما سبب ما حصل عليهم الله جل وعلا لا يظلم العباد ولكن العباد يظلمون انفسهم يقول جل وعلا كان اكثرهم مشركين - 00:14:09ضَ

الذي حصل عليهم بسبب ان اكثرهم مشركين. الكثير على الشرك وقليل منهم واقع في المعاصي دون الشرك الكثير الشرك واستمروا عليه فعجل الله جل وعلا لهم شيئا من العقوبة وادخر - 00:14:47ضَ

معظمها في الدار الاخرة كان اكثرهم مشركين والشرك لا يغفره الله جل وعلا اذا مات عليه العبد اما اذا تاب الى الله جل وعلا قبل ان يموت فالله جل وعلا يقبل توبة العبد ما - 00:15:18ضَ

لم يغرغر واذا حضرته ملائكة الرحمة او ملائكة العذاب حينئذ لا تنفع التوبة من الذنب واللم ان كان الشرك الله جل وعلا اخبر بانه لا يغفره ولا يؤمل للمشرك رحمة - 00:15:45ضَ

في الدار الاخرة ولم يسلم من النار ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فمن سلم من الشرك وهو داخل تحت مشيئة الله جل وعلا ان شاء - 00:16:18ضَ

غفر له ذنوبه وان شاء عذبه ثم ادخله الجنة واما المشرك الله جل وعلا لا يغفر له ابدا ولا يدخل الجنة ابدا كان اكثرهم مشركين ما حصل لهم من العقوبة في الدنيا - 00:16:41ضَ

لان اكثرهم مشركين لان اكثرهم مشركون وبهذا عذبوا في الدنيا وعذاب الاخرة اشد وافظى ثم امر الله جل وعلا عبده ورسوله نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم وامته تبعا له في ذلك - 00:17:08ضَ

بقوله فاقموا وجهك للدين القيم وجهك اثبت مستمر على ما انت عليه على الدين الحق الذي انزل الله اليك ولا تنظر الى من هلك كيف هلك وجهك اجعل همك واتجاهك - 00:17:47ضَ

ونظرك التمسك بالدين القيم وهو التوحيد واخلاص العبادة لله جل وعلا الدين المستقيم من قبل ان يأتي يوم لا مرد له من الله اثبت على هذا الدين انت ومن معك - 00:18:17ضَ

من قبل ان يأتي يوم والمراد بهذا اليوم يوم القيامة ونكر للتعظيم والتهويل وهو يوم عظيم يتميز فيه الخلق ويتفرقون طريق في الجنة وفريق في السعير وليس هناك دار ثالثة - 00:18:47ضَ

طير الجنة والنار من قبل ان يأتي يوم لا مرد له من الله لا احد يستطيع ان يرده لابد وان يأتي لا احد يستطيع من الخلق ان يهرب عنه او ان يرد ذلك اليوم - 00:19:13ضَ

بل هو واقع لا محالة ولا مرد له من الله لا يرده الله جل وعلا لان الله جل وعلا اراد وقوعه لا محالة ما هو لا يرده تعالى ولا يستطيع الخلق رده - 00:19:38ضَ

وجهك للدين القيم من قبل ان يأتي هذا اليوم يعني اثبت على الدين الحق قبل ان يأتي ذلك اليوم وانت على خلاف الدين الحق لا مرد له من الله لا احد يرد ذلك اليوم او ان الله جل وعلا - 00:20:02ضَ

حكم ازلا بانه لا يرده بانه واقع لا محالة لا مرد له من الله يومئذ يومئذ التنوين في اذن عوض عن جملة يومئذ يأتي ذلك اليوم يومئذ يأتي ذلك اليوم - 00:20:25ضَ

يومئذ يصدعون اصلها يتصدعون والتصدع التفرق يقال تصدع القوم بمعنى تفرقوا وفي المصباح باللغة خداعته صدعا من باب نفع يعني شققته فانصدع وصدعت القوم صدعا فتصدعوا اي فرقتهم فتفرقوا والله جل وعلا يقول - 00:20:52ضَ

اصدع بما تؤمر يعني جماعتهم المشركة شقهم بالتوحيد يصدع بالتوحيد وفرقهم بذلك او فرق بين الحق والباطل اظهر الحق يتبين الحق من الباطل يومئذ يصدعون ومعنى يصدعوني يتصدعون اي يتفرقون وكيف يتفرقون؟ يتفرقون - 00:21:40ضَ

فريق في الجنة وفريق في الشعير ثم قال جل وعلا تسلية لرسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وان المؤمن لا يتضرر كفر الكافر وان كان قريبا لا يضيع وانما كفر الكافر - 00:22:24ضَ

على نفسه ولا يظير غيره وانت يا محمد لا تتأثر بكفرهم ولا تنزعج وقد اديت ما عليك ومن كفر فعليه كفره من كفر فعليه كفره الجزاء كفره عليه ولا يظير غيره - 00:22:56ضَ

لا تلحق العقوبة القريب لكون قريبه كفر او اسى لا بل الكافر والمذنب عقوبة كفره وذنبه عليه وحده من كفر فعليه كفره وبال كفره عليه وحده ومن عمل صالحا فلانفسهم يمهدون - 00:23:24ضَ

من وفق الاعمال الصالحة فعملها هل هو يعمل هذا لغيره الله جل وعلا غني عن الطاعة كما انه جل وعلا لا تضره المعصية فانت ايها العبد اذا عملت الصالحات لنفسك - 00:23:57ضَ

تعمل لصالحك واذا قصرت وتركت قصرت على نفسك انت لا تعمل هذا العمل في احد وانما تعمل لنفسك من عمل صالحا فلأنفسهم ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون اذا وفقت للعمل الصالح - 00:24:23ضَ

فانت تعمل لنفسك اي يوطئون لانفسهم منازل في الجنة انت تعمل الصالحات تبني وتفرش ماذا منزلك في الجنة فاقلل او اكثر انت في هذه الاعمال التي تقدمها نقدمها لنفسك مؤونة - 00:24:56ضَ

كأنها مؤونة لاناس يبنون لك في الجنة اذا ارسلت وعملت الاعمال الصالحة فلنفسك وان بخلت بالاعمال الصالحة فعلى نفسك ولانفسهم يمهدون والمهاد ما هو؟ الفراش يقال مهدت الفراش مهدا اذا بسطته - 00:25:30ضَ

اذا بسطته ووطأته اذا كان انت القائد فجعل جل وعلا الاعمال الصالحة التي هي سبب لدخول الجنة لبناء المنازل في الجنة وفرشها هي انت تعمل تصلي لله ركعتين مؤونة ترسلها - 00:26:09ضَ

لمن يبني لك في الجنة واذا توقفت حرمت نفسك ولانفسهم يمهدون. وقيل معنى يمهدون يشفقون يعني هو يعمل الصالح شفقة على نفسه من ان يقع النار ولا منافاة تمهد بمعنى وطأ وفرش - 00:26:44ضَ

قال الامام مجاهد رحمه الله ولانفسهم يمهدون في القبر اي يوطئون المضاجع ويسوونها في القبور واذا سوى ووطأ الفراش في القبر فقد وطأ وسوء الفراش في الجنة لانه اذا كان في القبر في روضة من رياض الجنة فمعاله في الدار الاخرة الى الجنة - 00:27:16ضَ

وان كان والعياذ بالله في حفرة من حفر النار في القبر فمآله والعياذ بالله بعد ذلك الى النار ولانفسهم يمهدون يوطؤون ويفرشون ويبنون مساكنهم في الجنة او يمهدون لانفسهم المظالم - 00:27:51ضَ

في القبر ان الرجل الصالح والذي يعمل الصالحات اذا وضع في قبره وسع له في قبره مد البصر وفتح له باب الى الجنة ويأتيه من روحها ونعيمها. فهو في روضة من رياض الجنة - 00:28:13ضَ

قال الله جل وعلا ليجزي الذين امنوا وعملوا الصالحات من فضله ليجزيهم ليجزي من عمل الصالحات من فضله والكافرين الله جل وعلا يجزي من عمل الصالحات لا بعمله فقط بل يجزيه - 00:28:40ضَ

بفضله يزيده ويعامل جل وعلا ويجز الكافرين لانه لا يظلم الناس شيئا فعقوبة السيئة على قدرها والله جل وعلا توعد الكافرين بالنار وعقوبة الكفر النار والمعصية بحسبها ان لم يعفو الله عنها اذا كانت دون الشرك - 00:29:13ضَ

ليجزي الذين امنوا وعملوا الصالحات من فضله الجار والمجرور ليجزي لانها اللام لام التعليل اولام العاقبة وما بعدها مشبوك بمصدر متعلق يصدعون يعني يتفرقون ليجزي الذين امنوا تفرقون لماذا هذا التفرق - 00:29:49ضَ

ليجزي الذين امنوا فريق منهم يذهب الى الجنة وفريق يذهب الى النار يجزي الذين امنوا وعملوا الصالحات. وتقدم لنا انه اذا ذكر الايمان والعمل الصالح معا والمراد بالايمان عمل القلب - 00:30:34ضَ

الاخلاص لله جل وعلا والبر والصلة والاحسان واذا ذكر الايمان وحده كمل عمل القلب والجوارح وقول اللسان واذا ذكر العمل الصالح وحده الجميع عمر الجوارح واعتقاد القلب وقول اللسان ليجزي الذين امنوا وعملوا الصالحات من فضله - 00:31:12ضَ

انه لا يحب الكافرين ليجزي الذين امنوا وعملوا الصالحات من فضله. ولم يبين جل وعلا جزاء الكافرين. ومن كفر فعليه كفره ولكن دل عليه قوله تعالى انه لا يحب الكافرين - 00:34:56ضَ

وما دام انه جل وعلا لا يحب الكافرين فهو يبغضهم ويغضب عليهم وغضبه جل وعلا يتبعه العقوبة يعاقبهم ليجزي الذين امنوا وعملوا الصالحات من فضله ويعاقب الكافرين بعدله انه لا يزيد في عقوبتهم - 00:35:24ضَ

يزيد في الجزاء والثواب جل وعلا ولا يزيد في العقوبة انه لا يحب الكافرين وفيه اثبات المحبة لله جل وعلا وهو يحب الصادقين ويحب المؤمنين ويحب التوابين ويحب المتطهرين ولا يحب الظالمين ولا يحب الكافرين. اثبات المحبة لله جل وعلا على - 00:35:56ضَ

ويليق بجلاله وعظمته ولا تشبه محبة المخلوق للمخلوق والمحبة الله جل وعلا تليق به. ومحبة الخالق ومحبة المخلوق تليق به وعلى قدره والله جل وعلا موصوف بصفات الكمال منزه عن صفات النقص والعيب - 00:36:28ضَ

والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا وعلى اله وصحبه - 00:36:56ضَ