تفسير ابن كثير | سورة فصلت

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبد الرحمن العجلان | 14- سورة فصلت من الآية (52) إلى الآية (54).

عبدالرحمن العجلان

الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم قل ارأيتم ان كان من عند الله ثم كفرتم به من اضل ممن هو في شقاق بعيد - 00:00:00ضَ

سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم حتى يتبين له حتى يتبين لهم انه الحق اولم يكفي بربك انه على كل شيء شهيد الا انهم في مرية من لقاء ربهم - 00:00:31ضَ

الا انه بكل شيء محيط هذه الايات الكريمة خاتمة سورة فصلت جاءت بعد قوله جل وعلا واذا انعمنا على الانسان اعرض ونأى بجانبه واذا مسه الشر دعاء عريظ قل ارأيتم ان كان من عند الله ثم كفرتم به - 00:01:00ضَ

يقول الله جل وعلا محمد صلى الله عليه وسلم قل لهؤلاء المكذبين المنكرين المعاندين ارأيتم اخبروني عن حالكم عن حالكم العجيبة الغريبة هذا الشيء من الله جل وعلا وتكفرون به وتنكرونه - 00:01:44ضَ

ماذا سيكون مصيركم انتم مردكم الى الله وكذبتم رسول الله ولم تقبلوا ما جاء به من الهدى فماذا سيكون مصيركم لان المرء اذا عاند من سيرد اليه ما هذا الا لجهل منه - 00:02:24ضَ

وضلال والا المرء قد يعاند من يظن انه يفلت من يده ويسلم منه المرء من الناس قد يعاند اخر او يعارضه لانه يظن انه يسلم منه او يهرب منه او لا يقدر عليه - 00:03:02ضَ

اما هؤلاء فيقول لهم النبي صلى الله عليه وسلم اخبروني عن حالكم ماذا ستكون رددتم ولم تقبلوا ما جاء من الله ومردكم الى الله جل وعلا ارأيتم ان كان القرآن - 00:03:34ضَ

من عند الله جل وعلا وهو من عند الله بلا شك الرسول جاء من عند الله جل وعلا مرسل من ربه الاسلام جاء من الله جل وعلا ان كان من عند الله ثم كفرتم - 00:04:06ضَ

قال بعض العلماء ان كان اي القرآن وبعضهم قال الرسول وبعضهم قال الاسلام ولا منافاة لدينا هذه الاقوال الثلاثة سواء كان القرآن او الاسلام او الرسول فكلها تدعو الى شيء واحد وهو الايمان بالله جل وعلا - 00:04:28ضَ

وطاعة رسله ان كان من عند الله ثم كفرتم به لم تقبلوه وردتموه كحال كفار قريش من اضل من اضل النفي والانكار يعني لا احد اضل ممن هو في شقاق - 00:04:53ضَ

الشقاق والبعد والعصيان يقال بينهما شقاق تباعد وتباين منفصل عن الشق الاخر من اضلوا يعني لا احد اضل ممن هو في شقاق في خلاف ومعاندة ومعارضة للرسول صلى الله عليه وسلم - 00:05:33ضَ

قول القرآن الكريم الاسلام ارأيتم هذه تحتاج الى مفعولين المفعول الاول تقديره ارأيتم انفسكم والثاني قال العلماء هو الجملة الاستفهامية يعني من اضل ممن هو في شقاق بعيد ارأيتم حالكم - 00:06:08ضَ

قال لا احد اضل منكم والجملة الشرقية ان كان من عند الله اعترظت بين المفعولين وجواب الشرط محذوف تقديره فانتم اضل من غيركم قل ارأيتم ان كان من عند الله - 00:06:51ضَ

فانتم اضل من غيركم في ردكم اياه ثم قال جل وعلا سنريهم اياتنا الدالة الا وحدانية الله جل وعلا سنريهم اياتنا العلامات الواضحة على قدرة الله جل وعلا وعلى وحدانيته - 00:07:24ضَ

وعلى استحقاقه للعبادة سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم العلماء رحمهم الله المراد بالافاق وفي الانفس اقوال منهم من قال سنريهم اياتنا في الافاق فيما حول مكة من نصر الله جل وعلا وتأييده - 00:08:18ضَ

لرسوله صلى الله عليه وسلم ولخلفائه من بعده الاستيلاء على الممالك والاقطار بيسر وسهولة وفي وقت يسير وفي سيطرتهم على من هو اكثر منهم عددا واقوى عدة ولكن الله جل وعلا ينصرهم - 00:08:53ضَ

مع قلة العدد وقلة العدة في الافاق فيما قرب وحول مكة من اقطار العالم وفي انفسهم قال في مكة فتح مكة وفي انفسهم موقعة بدر نصر الله جل وعلا بعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم - 00:09:29ضَ

ولمن معه من المؤمنين مع قلة العدد وكثرة العدو وكان عددهم ثلاثمائة وبضعة عشر والثلاثة والاربعة يعتقدون البعير الواحد وعدوهم الف ومعهم الخيل والابل والعتاد والقوة فلم تغني عنهم قوتهم شيئا - 00:10:03ضَ

الخذلهم الله ونصر رسوله صلى الله عليه وسلم ومن معه هذه اية من ايات الله سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم افاق في الاقطار وفي انفسهم في ما حولهم ذاتهم هم - 00:10:40ضَ

في نصر الله جل وعلا لمحمد صلى الله عليه وسلم في موقعة بدر الكبرى وهذا هو اولى التفاسير والله اعلم لان هذا شيء في المستقبل والله جل وعلا قال سنريهم - 00:11:05ضَ

نظهره ما ظهر بعد اظهره الله جل وعلا على يد رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ونريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم قال بعض المفسرين رحمهم الله الافاق الايات التي هي - 00:11:28ضَ

الشمس والقمر والكواكب يعني في السماء فيما ارتفع فيما هو فوق وفي انفسهم في الارض فيما حولهم من الايات الدالة على قدرة الله جل وعلا وقال بعض المفسرين الافاق فيما بعد عنهم وفي انفسهم - 00:11:55ضَ

في ذاتهم هم في خلقهم فيما ركب الله جل وعلا الناس عليه في اكلهم وشربهم وما يخرج منهم من بول وغائط وما هم عليه من صحة ومرض وكيف يأكلون الطعام - 00:12:30ضَ

وكيف يخرج الباقي والفاضل والمؤذي منه والمدخل واحد والمخارج متعددة وفيما ركب عليه المفاصل والايدي والارجل والحركة والتصرف هذه اية من ايات الله جل وعلا يدل على كمال قدرته وحسن تصرفه جل وعلا - 00:13:03ضَ

في انفسهم يعني في ذات المرء بنفسه لو تدبر وتأمل لوجد الادلة الواضحة على قدرة الله جل وعلا. كما قال الله جل وعلا وفي انفسكم افلا تبصرون وتتأملون وهذا حسن - 00:13:36ضَ

الا انه يتأتى عليه ان الله جل وعلا قال سنريهم يعني في المستقبل وهذا شيء موجود من قبل وما كان في السماء علامات وايات لم يكن ليظهر وانما هو ظاهر - 00:14:01ضَ

الاتيان بصيغة المستقبل تدل على انه شيء لم يأت بعد الله اعلم وفي انفسهم حتى يتبين لهم حتى يظهر ويتضح انه الحق يعني ان ما يدعو اليه محمد صلى الله عليه وسلم حق - 00:14:26ضَ

ولا محالة وهذا يتأتى اكثر على القول الاول مما ايد الله به محمدا صلى الله عليه وسلم وخلفاءه من بعده ظهر للناس انه الحق الواضح البين فدخل الناس بعد ذلك في دين الله افواجا - 00:14:50ضَ

حتى يتبين لهم انه الحق الذي لا منية فيه ولا شك فيه والضمير قيل راجع الى القرآن كالسابق وقيل راجع الى الرسول صلى الله عليه وسلم وقيل راجع الى الاسلام ولا منافاة بينهما - 00:15:23ضَ

بينها يقول تعالى قل يا محمد لهؤلاء المشركين المكذبين بالقرآن ارأيتم ان كان هذا القرآن من عند الله ثم كفرتم به كيف ترون كيف ترون حالكم عند الذي انزله على على رسوله - 00:15:45ضَ

ولهذا قال من اضل ممن هو في شقاق بعيد في كفر وعناد ومشاقة للحق ومسلك بعيد من الهدى ثم قال ونريهم سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم سنظهر لهم دلالاتنا وحججنا - 00:16:20ضَ

على كون القرآن حقا منزلا من عند الله عز وجل. على رسوله صلى الله عليه وسلم بدلائل خارجية الافاق من الفتوحات وظهور الاسلام على الاقاليم وسائر الاديان قال مجاهد والحسن والسدي - 00:16:47ضَ

ودلائل في انفسهم قالوا وقعة بدر وفتح مكة ونحو ذلك يعني ما كان حولهم وفيهم كوقعة بدر وفتح مكة من الوقائع التي حلت به التي حلت بهم نصر الله فيها محمدا وصحبه. وخذل فيها الباطل وحزبه - 00:17:08ضَ

ويحتمل ان يكون المراد من ذلك ما الانسان مركب منه وفيه وعليه من الماء من المواد والاخلاق والهيئات العجيبة كما هو مبسوط في عالم التشريح الدال على حكمة الصانع تبارك وتعالى - 00:17:34ضَ

وكذلك ما هو مجبول عليه من الاخلاق المتباينة من حسن وقبيح وبين ذلك وما هو متصرف فيه تحت الاقدار التي لا يقدر بحوله وقوته وحيلته وحذره ان ان يجوزها ولا يتعداها - 00:17:57ضَ

وقوله تعالى حتى يتبين لهم انه الحق اولم يكفي بربك انه على كل شيء شهيد يقول الله جل وعلا اولم يكفي بربك انه على كل شيء شهيد الجملة مستأنفة لتوبيخهم وتقريعهم - 00:18:25ضَ

والله جل وعلا مطلع على كل شيء الم يع كفار قريش الم يعلموا ان الله مطلع على احوالهم فكيف يعصونه كيف هي يعارضون ويعاندون رسوله صلى الله عليه وسلم كيف يردون القرآن الذي جاء من عنده - 00:18:49ضَ

كما في قوله جل وعلا قل اي شيء اكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم واوحي الي هذا القرآن لانذركم به ومن بلغ وشهادة الله جل وعلا واطلاعه كافية لانه لو كان - 00:19:20ضَ

ما اقره الله جل وعلا ولا تركه يتكلم بهذا الكلام ويدعو هذه الدعوة والله جل وعلا مطلع عليه ويقره على ذلك لولا انه حق ما اقره الله جل وعلا فلو تقول علينا الاقاويل - 00:19:44ضَ

اخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين. يعني ان الله جل وعلا مطلع على حال النبي صلى الله عليه وسلم فلو لم يكن على حق ما اقره الله جل وعلا - 00:20:06ضَ

اولم يكفي بربك انه على كل شيء شهيد وشهادته جل وعلا واطلاعه فيها تزكية للنبي صلى الله عليه وسلم وتوعد للكفار بان الله مطلع على حالهم وسيعاقبهم عليها حتى يتبين لهم انه الحق - 00:20:22ضَ

اولم يكفي بربك انه على كل شيء شهيد كفى بالله شهيدا على افعال عباده واقوالهم وهو يشهد ان محمدا صادقا فيما اخبر به عنه. كما قال يشهد على صدق محمد ويشهد على كذب - 00:20:51ضَ

وعنادهم. نعم كما قال تعالى لكن الله يشهد بما انزل اليك انزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا وقوله الا انهم في مرية من لقاء ربهم الا انهم الا اداة استفتاح - 00:21:10ضَ

الا انهم في مرية يعني في شك يعني ما حملهم على هذا الا شكهم في البعث يعني غير مؤمنين بالبعث وغير مصدقين ولو صدقوا بالبعث لاستعدوا له لكنهم كفار بلقاء الله جل وعلا لا يؤمنون بالبعث - 00:21:36ضَ

وحقيقة الايمان بالبعث الاستعداد له من امن بالبعث استعد له ومن انكره غفل عنه وتشاغل عنه ولم يهتم له الله جل وعلا يخبر عن حالهم بقوله الا انهم في مرية - 00:22:01ضَ

يعني في شك للقاء ربهم ثم توعدهم جل وعلا فقال الا انه بكل شيء محيط لا يخفى عليه شيء من احوال عباده. مطلع على الصغائر والكبائر. مطلع على ما في القلوب قبل ان - 00:22:21ضَ

به الالسنة يعلم السر واخفى يعلم ما توسوس به نفس الانسان قبل ان يتكلم به وجل وعلا محيط بهم وهم في قبضته. ولن يفلتوا منه هذا فيه وعيد شديد لمن عصى الله جل وعلا بان الله جل وعلا مطلع عليه - 00:22:44ضَ

الا انهم في مرية من لقاء ربهم في شك من قيام الساعة ولهذا لا يتفكرون فيه ولا يعملون له ولا يحذرون منه بل هو عندهم هدر لا يعبؤون به. وهو واقع لا ريب فيه. وكائن لا محالة - 00:23:14ضَ

قال ابن ابي الدنيا حدثنا احمد ابن ابراهيم ان عمر ابن ان عمر ابن عبد العزيز وهذا المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال اما بعد ايها الناس فاني لم اجمعكم لامر احدثه في احدثه فيكم - 00:23:37ضَ

ولكن فكرت في هذا الأمر الذي انتم اليه صائرون فعلمت ان المصدق بهذا الامر المصدق بهذا الامر احمق والمكذب به هالك ثم نزل ومعنى قوله رضي الله عنه ان المصدق به احمق - 00:23:58ضَ

لانه لا يعمل له عمل مثله. ولا يحذر منه ولا يخاف من هوله. وهو مع ذلك مصدق به بالبعث ولا يعملون له هؤلاء فيهم شيء من الحمق والا لو كان تصديقهم حقيقة لا - 00:24:18ضَ

عملوا له موقن بوقوعه وهو مع ذلك يتمادى في لعبه وغفلته وشهواته وذنوبه فهو احمق بهذا الاعتبار والاحمق في اللغة ضعيف العقل وقوله والمكذب به هالك هذا واضح والله اعلم. المكذب به هالك يعني المكذب بالبعث - 00:24:41ضَ

لا شك انه خاسر في الدنيا والاخرة ومآله الى النار لكنه يتعجب رحمه الله ممن هو مصدق بالبعث ولا يعمل له ما هو حال كثير من الناس والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد - 00:25:08ضَ

وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:25:31ضَ