تفسير ابن كثير | سورة المائدة

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبد الرحمن العجلان | 30- سورة المائدة من الآية (46) إلى الآية (47).

عبدالرحمن العجلان

وعلى نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد. سم بالله. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم وقفينا على اثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة - 00:00:00ضَ

اتيناه الانجيل فيه هدى ونور ومصدق ومصدقا لما بين يديه من التوراة ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الفاسقون هاتان الايتان الكريمتان من سورة المائدة جاءتا بعد قوله جل وعلا - 00:00:24ضَ

انا انزلنا التوراة فيها هدى ونور. يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا والربانيون والاحبار بما استحفظوا من كتاب الله. الايات بعدما ذكر جل وعلا ما فرضه على بني اسرائيل - 00:01:08ضَ

بالتوراة ذكر بعد هذا ما يتعلق بالانجيل وقال جل وعلا وقفينا على اثارهم. من هم قوله جل وعلا يحكم بها النبيون الذين اسلموا انا انزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين اسلموا - 00:01:41ضَ

وقفينا على اثارهم اثار النبيين المتقدم ذكرهم كفينا اتبعنا وجاء بعدهم وهو اخر انبياء بني اسرائيل عيسى ابن مريم على نبينا وعليه افضل الصلاة والسلام وقفينا على اثارهم على اثار النبيين - 00:02:16ضَ

قال بعض المفسرين ويجوز ان يكون انا انزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا وقفينا على اولئك الذين يحكم عليهم ولهم بالتوراة بعيسى ابن مريم - 00:02:46ضَ

لما بين يديه من التوراة. والاول او لا قفينا على اثارهم بالنبيين الذين اسلموا بعيسى ابن مريم عيسى واخر انبياء بني اسرائيل وبعده محمد صلى الله عليه وسلم من ولدي اسماعيل ابن ابراهيم الخليل عليهم الصلاة والسلام - 00:03:12ضَ

فجميع الانبياء بعد إبراهيم من ذريته وكلهم من ذرية اسحاق الا محمد صلى الله عليه وسلم اخرهم وافضلهم فهو من ذرية اسماعيل واسماعيل اكبر من اسحاق وقفينا على اثارهم بعيسى ابن مريم. عيسى ابن مريم جعله الله جل وعلا اية - 00:03:50ضَ

على كمال قدرته وهو جل وعلا خلق ادم بلا اب ولا ام وخلق حواء من رجل بلا انثى وخلق عيسى من انثى بلا ذكر وخلق سائر الخلق من ذكر وانثى - 00:04:31ضَ

مصدقا لما بين يديه من التوراة فعيسى عليه السلام اوحى الله جل وعلا اليه بالانجيل مصدقا للتوراة. لان دين الانبياء من حيث الاصل واحد دينهم كلهم من ادم الى ان ختمهم بمحمد صلى الله عليه وسلم هو الا يعبد - 00:05:02ضَ

الا الله فدينهم واحد. وان اختلفت شرائعهم هذا حلال في هذه الشريعة وهذا حرام هذا كثير وهذا قليل هذا موجود في هذه الشريعة وهذا غير موجود في فروعها واما اصل - 00:05:36ضَ

شريعة وهو توحيد الله. والا يعبد الا الله. فكل الانبياء دينهم واحد كما قال عليه الصلاة والسلام نحن معاشر الانبياء اولاد علات يعني جارات ابونا واحد ديننا واحد. والامهات شتى. متفاوتة - 00:06:01ضَ

فيه بعض الامور محرمة في بعض الشرائع ومخففة في بعض الشرائع وديانة موسى عليه السلام فيها الشدة المناسبة لليهود وشدتهم وشريعة عيسى عليه السلام فيها التخفيف من شريعة اليهود ولاحل لكم بعض الذي - 00:06:31ضَ

حرم عليكم الانجيل نسخ الله جل وعلا به بعض احكام التوراة بعض الاحكام الفرعية بخلاف الاصل فالاصل واحد ما يختلف. وشريعة محمد صلى الله عليه وسلم هي الشريعة السمحة هي التي ليس فيها حرج ولا اغلال ولا صعوبة بل فيها اليسر والسهولة والحمد لله - 00:07:00ضَ

وقفينا على اثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة مصدقا لها يعني جاء بتصديقها وبتصديق ما فيها من الدعوة الى توحيد الله جل على واتيناه اوحى الله جل وعلا به - 00:07:38ضَ

بالانجيل اليه عليه الصلاة والسلام. واتيناه الانجيل والانجيل كتاب الله وكلام الله تكلم الله جل وعلا به وسمعه جبريل عليه السلام من ربنا تبارك تعالى والقاه جبريل بامر الله جل وعلا الى عيسى ابن مريم - 00:08:07ضَ

فعيسى ابن مريم اتى بالانجيل من عند الله تبارك وتعالى. وموسى اتى بالتوراة من عند الله تبارك وتعالى. ونسخ الله جل وعلا التوراة والانجيل والزبور بال قرآن الذي اوحاه الله الى محمد صلى الله عليه وسلم بدين الاسلام فقال تعالى - 00:08:38ضَ

ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين ويقول صلى الله عليه وسلم والله لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي الا - 00:09:12ضَ

اكان من اهل النار ونسخ الله جل وعلا شرائعهم بالقرآن العظيم واتيناه الانجيل فيه هدى ونور. فالانجيل فيه هدى دلالة وارشاد وبيان للحق ونور يبصر به الحق من الباطل. اميز الحق من الضلال. ومصدقا لما بين يديهم - 00:09:31ضَ

من التوراة قد يقول قائل هذه مكررة مع ما قبلها. نقول لا لا تكرير هنا وقفينا على اثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة. هذا عيسى واتيناه الانجيل في هدى ونور. ومصدقا لما بين يديه من التوراة هذا الانجيل. والكلام الاول - 00:10:07ضَ

في مصدقا لما بين يديه من التوراة في شأن عيسى عليه السلام. الاخير ومصدقا لما بين يديه من التوراة في شأن الانجيل. يعني ان الانجيل مصدق للكتاب الذي سبقه. بتوحيد - 00:10:34ضَ

الله جل وعلا ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة هدى دلالة وارشاد الى الحق وبيان له وموعظة وموعظة للمتقين. يتعظ به المتقي المتقون اليس هو عظة لغيرهم؟ لا غيرهم ما يستفيد منه. وهو وهم موعودون به - 00:10:54ضَ

ومذكرون به لكنهم لا يستجيبون. وانما هو موعظة وذكرى وفائدة لمن استجاب بدعوة الله جل وعلا. اما من لم يستجب فهو لا يتعظ لكن تقوم عليه الحجة وموعظة للمتقين الذين اتقوا الله جل وعلا واجتنبوا الشرك - 00:11:29ضَ

ثم قال جل وعلا وليحكم اهل الانجيل بما انزل الله وليحكم للعلماء رحمهم الله فيها قراءتان واللي يحكم بالتسكين بالجذب اللام هذه لام الامر ليقم زيد مثلا الامر وليحكم اهل الانجيل بما انزل الله فيه. اللام هذه لام - 00:11:58ضَ

لتعقبها كي التي هي مصدرية مضمر بعدها ان المصدرية لان يحكم اهل الانجيل اهل الانجيل بما انزل الله. فالله جل وعلا امرهم واوجب عليهم بان يحكموا بالانجيل قبل نزول القرآن - 00:12:43ضَ

وكما قال وليحكم اهل التوراة قال هنا وليحكم اهل الانجيل واهل التوراة مأمورون بالحكم بالتوراة قبل نزول القرآن. واهل الانجيل مأمورون بالحكم بالانجيل قبل نزول القرآن بما انزل الله فيه ومن لم يحكم بما انزل الله - 00:13:19ضَ

اولئك هم الفاسقون. من لم يحكم بحكم الله جل وعلا فهو فاسق. والفسق هو الخروج عن الطاعة والوقوع في المعصية. يقال للفأرة فويسقة لانها محبة للاذى والتسلط فهي خارجة عن الطاعة. بخلاف بعض الدواب فانها غير مؤذية. لكن الفارة - 00:13:46ضَ

مؤذية فسميت فويسقة. ومن يخرج عن طاعة الله جل وعلا يسمى فاسق. والفسق مراتب ليس على مرتبة واحدة ليس على مرتبة واحدة. فسق يكون كفر والعياذ بالله وخروج من ملة الاسلام. وفسق دون ذلك - 00:14:14ضَ

هكذا فالواقع في معصية من المعاصي يقول له يقال له فاسق. والواقع في الكفر والشرك يقال له لان الفسق هو الخروج عن طاعة الله بشيء عظيم او بما هو دون ذلك - 00:14:39ضَ

ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الفاسقون. وهذه في حق التوراة والعبرة في حق الانجيل في حق النصارى. والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. فهذه الامة مأمورة حكم بما انزل الله في القرآن. واولئك مأمورون قبل نزول القرآن بالحكم - 00:14:59ضَ

في كتبهم وبنزول القرآن نسخت كتبهم فهم مأمورون بالحكم بكتاب الله الذي هو فالقرآن فمن لم يؤمن منهم بالقرآن فقد كفر بالتوراة والانجيل. لان التوراة يأمران اتباعهم بالايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن - 00:15:29ضَ

فاذا اقال اليهودي انا مؤمن بعيسى نقول لو امنت بعيسى حقا لامنت بمحمد لان عيسى عليه السلام النصراني لو قال انا مؤمن بعيسى فقط نقول لو امنت بعيسى حقا لامنت بمحمد - 00:15:59ضَ

صلى الله عليهم وسلم لان لان عيسى امر اتباعه بالايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم كما قال الله جل وعلا عنه ومبشرا برسول يأتي من بعد اسمه احمد واذا قال اليهودي انا مؤمن بالتوراة ولا اؤمن بالقرآن ولا الانجيل نقول لو امنت حقا - 00:16:19ضَ

لاتبعت محمدا صلى الله عليه وسلم. لان الله اخذ على الانبياء كلهم ان ينذروا قومهم انما انه ان بعث محمد وهم احياء انهم يجب عليهم ان يؤمنوا به هنا الان وان زعموا انهم على التوراة فهم كافرون بها - 00:16:49ضَ

والنصارى وان زعموا انهم مؤمنون بالانجيل فهم كافرون به. لانهم لو امنوا بالانجيل حقا لامنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم. ولو امن اليهود بالتوراة حقا لامنوا بمحمد صلى الله الله عليه وسلم. فكل الانبياء يأخذون على اممهم بان يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم - 00:17:17ضَ

اليهودي له ان يستمر على يهوديته بعد بعثة عيسى لكن ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم ما يسوغ ليهودي ولا لنصراني ولا لاي مخلوق كلف ان يستمر على ما كان عليه. بل يجب عليه ان يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم - 00:17:47ضَ

والدين الخالد الباقي هو دين الاسلام ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين. ومن لم يحكم بما ما انزل الله فاولئك هم الفاسقون الخارجون عن طاعة الله. فمن لم فلو حكموا حقا لو - 00:18:17ضَ

حكم النصارى حقا الان بالانجيل لاتبعوا محمد صلى الله عليه وسلم لان الانجيل يأمرهم باتباع محمد اذا حكم النصارى بالانجيل وقالوا نحن على الانجيل ونحن معنا الانجيل ونحن متبعون لعيسى نقول لو - 00:18:42ضَ

عيسى حقا لامنتم بمحمد. لان عيسى عليه السلام امركم وامر من بان يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم اذا بعث يقول تعالى وقفينا اي اتبعنا على اثارهم يعني انبياء بني اسرائيل بعيسى ابن مريم - 00:19:02ضَ

لما بين يديه من التوراة اي مؤمنا بها حاكما بما فيها. واتيناه الانجيل فيه هدى ونور. اي ان عيسى عليه السلام يقفوا اثر هؤلاء الانبياء. الانبياء بين عيسى وموسى بالتوراة فقط - 00:19:37ضَ

مكلفون بالتوراة. ثم اتبعها الله جل وعلا الانبياء. الذين بين موسى وعيسى اتبعهم بعيسى عليه الصلاة والسلام بالانجيل فيه شيء مما في التوراة وفي فيه غير ذلك. وقد نسخ الله جل وعلا بعضا من احكام التوراة بالانجيل - 00:19:58ضَ

نعم واتيناه الانجيل في هدى ونور. اي هدى الى الحق ونور يستضاء به في ازالة الشبهات وحل المشكلات ومصدقا لما بين يديه من التوراة. اي متبعا لها غير مخالف لما فيها الا في القليل مما بين لبني اسرائيل. بعض ما - 00:20:28ضَ

كانوا يختلفون فيه. كما قال تعالى اخبارا عن المسيح انه قال لبني اسرائيل ولاحل لكم بعض الذي حرم عليكم ولهذا كان المشهور وكان اشياء محرمة في التوراة خفف الله جل وعلا عن بني اسرائيل بها فاحلها - 00:20:48ضَ

على لسان عيسى ابن مريم. نعم. ولهذا كان المشهور من قولي العلماء ان الانجيل نسخ بعض احكام وقوله بعض احكام التوراة وليس كل احكامها. نعم. فقوله تعالى فهدى وموعظة للمتقين. اي وجعلنا - 00:21:07ضَ

الانجيل هدى يهتدى به. وموعظة اي زاجرا عن ارتكاب المحارم والمآثم للمتقين. اي لمن اتقى الله وخاف واعده وعقابه وقوله تعالى وليحكم اهل الانجيل بما انزل الله قرأ وليحكم اهل الانجيل بالنص قري بالنصب وليحكم يعني انه منصوب - 00:21:29ضَ

وقرأ وليحكم بالجزم قراءتان سبعيتان. نعم بالنصب على ان اللام لا م كي. اي واتيناه الانجيل ليحكم اهل ملته به في زمانهم. وقرأ وليحكم قم بالجزم على ان لا ملام الامر اي ليؤمنوا بجميع ما فيه - 00:21:54ضَ

وليقوموا وليقيموا ما امروا به. وبما فيه وبما فيه البشارة ببعثة ببعثة محمد والامر باتباعه وتصديقه اذا وجد. كما قال تعالى قل يا اهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والانجيل وما انزل - 00:22:22ضَ

اليكم من ربكم الاية لا لستم على شيء حتى تبقيم التوراة والانجيل وما انزل اليكم من رب بكم الذي هو القرآن واقامتهم للتوراة لو اقاموا التوراة حقا لامنوا بمحمد ولو اقاموا الانجيل حقا - 00:22:43ضَ

لا امنوا بمحمد لان التوراة والانجيل تأمرانهم اتباع محمد صلى الله عليه وسلم. نعم وقال تعالى الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة. الى قوله المفلحون - 00:23:03ضَ

ولهذا قالها هنا ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الفاسقون. اي الخارجون عن طاعة ربهم المائلون الى التاركون للحق. وقد تقدم ان هذه الاية نزلت في النصارى وهو ظاهر من السياق - 00:23:24ضَ

والعبرة بعموم اللفظ ليست بخصوص السبب فالنصارى واليهود والمسلمون مأمورون بالحكم بما انزل الله. النصارى اليهود مأمورون بالحكم بالتوراة ومن الحكم بالتوراة اتباع محمد والنصارى مأمورون بالحكم بالانجيل ومن ما جاء به الانجيل الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم - 00:23:43ضَ

ولان مسلمون مأمورون بالحكم بالقرآن المهيمن على الكتب كلها كما سيأتينا ان شاء الله في الدرس القادم. والله اعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد. وعلى آله وصحبه اجمعين - 00:24:15ضَ

- 00:24:39ضَ