تفسير ابن كثير | سورة السجدة

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبد الرحمن العجلان | 6- سورة السجدة من الآية (18) إلى الآية (21).

عبدالرحمن العجلان

الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم افمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون اما الذين امنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون - 00:00:00ضَ

واما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما ارادوا ان يخرجوا منها اعيدوا فيها اعيد فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون ولنذيقنهم من العذاب الادنى دون العذاب الاكبر لعلهم يرجعون - 00:00:35ضَ

في هذه الايات الكريمة من سورة السجدة يبين جل وعلا الفرق العظيم بين المؤمن الذي اطاع الله جل وعلا واتبع رسوله صلى الله عليه وسلم وعمل بالطاعات واجتنب المحرمات وبين الفاسق الفاجر الذي خرج عن طاعة الله - 00:01:09ضَ

وعصى رسوله صلى الله عليه وسلم وانهمك في الفجور والطغيان وقال تعالى افى من كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون الاستفهام هنا انكاري اي لا تستوي حال المؤمن وحال الفاجر الكافر الفاسق - 00:01:51ضَ

لا يستوون عند الله كما قال جل وعلا افنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون وقال جل وعلا ام حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم كالذين امنوا ان نجعلهم كالذين امنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم - 00:02:32ضَ

شاء ما يحكمون والله جل وعلا يقول لا يستوي المؤمن والكافر لا يستوي المؤمن والفاسق عند الله جل وعلا وصف يتصف به المرء قد يكون رزقه مكفر يعني بهذا الفسق كافر - 00:03:03ضَ

وقد يكون رزقه مخرجه عن الايمان الكامل وليس بكافر ويطلق على الكافر وعلى ما دون الكفر فمثلا الزاني يقال له فاسق لكن لا يقال له كافر شارب الخمر فاسق لكن لا يقال له كافر - 00:03:46ضَ

تارك الصلاة يقال له فاسق ويقال له كافر عابد الوثن يقال له فاسق ويقال له كافر والمراد هنا والله اعلم الفسق الذي هو الكفر لان الله جل وعلا قال في الاية التي بعد هذه واما الذين فسقوا - 00:04:25ضَ

فمأواهم النار كلما ارادوا ان يخرجوا منها اعيدوا فيها اي هم ماكثون في النار والفسق الذي هو بارتكاب كبيرة من كبائر الذنوب وليس بكفر لا يخلد صاحبه في النار افمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا - 00:05:02ضَ

وقد فسر ابن عباس رضي الله عنه في قوله ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الفاسقون قال فسق دون فسق يعني ليس بمخرج من الملة روي ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا قرأها هذه الاية - 00:05:35ضَ

تعمد الوقوف على قوله كمن كان فاسقا ثم ابتدأ فقال لا يستوون ثم بين جل وعلا حالة كل فريق وفي قوله جل وعلا لا يستوون مراعاة لمعنى من ان من في قول افا من كان مؤمنا كمن كان فاسقا - 00:05:59ضَ

لفظها لفظ الافراد ومعناها الجمع فمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا مراعاة لللفظ لا يستوون مراعاة للمعنى لانه ليس المراد مؤمن واحد وفاسق واحد ويقال لا يستويان وانما المراد فريق المؤمنين وفريق الفساق - 00:06:35ضَ

لهؤلاء لا يستوون فعاد الضمير الى من بلفظ الجمع مراعاة بمعناها ثم بين جل وعلا حال كل فريق في الدار الاخرة قال اما الذين امنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى - 00:07:03ضَ

والمأوى هو الذي يأوون اليه واضاف الجنات اليه لكونه المأوى الحقيقي الثابت المستقر الذي لا رحيل من وقيل المأوى اسم لواحدة من الجنات فلهم جنات المأوى نزلا اي معدة لنزولهم - 00:07:32ضَ

كما يعد لنزول الضيف منزلا نزلا اعده الله جل وعلا لهم ينزلون فيه بما كانوا يعملون الباء سببية بما كانوا يعملون يعني بسبب اعمالهم وتقدم لنا انه لن يدخل احد الجنة بعمله - 00:08:14ضَ

وانما يدخلها بفظل الله ورحمته. ثم ينزل في درجات الجنة بحسب عمله كما ورد ان الله جل وعلا يقول ادخلوا الجنة برحمتي واقتسموها باعمالكم وكل من كان عمله اضبط واتقن واخشى لله - 00:08:44ضَ

كانت منزلته في الجنة اعلى اما الذين امنوا وعملوا الصالحات والعمل الصالح له دخل عظيم وهو الذي ينال به المرء الدرجات العلى من الجنة اما الذين امنوا وعملوا الصالحات اضافوا الى اين الى ايمانهم بالله وبرسوله الاعمال الصالحة - 00:09:11ضَ

والاعمال الصالحة كلما حسنت وزانت زادت في الايمان وكلما قلت وضعفت نقصت في الايمان لان الايمان على مذهب اهل السنة والجماعة يزيد بالطاعة وينقص في المعصية وكلما اجتهد المرء بالاعمال الصالحة زاد ايمانه - 00:09:43ضَ

وكلما ضعف عن الاعمال الصالحة وقع في المحرمات او في المكروهات نقص ايمانه ولهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون بسبب اعمالهم الصالحة نالوا هذه المراتب العلا من الجنة واما الذين فسقوا فمأواهم النار - 00:10:12ضَ

المراد بالفسق هنا ما يخرج من الملة الذي يوقع في الكفر ولهذا قال واما الذين فسقوا فمأواهم النار ولم يقل فسقوا وعملوا السيئات لان الفسق وحده يكفي والكفر وحده يكفي في دخول الجنة في دخول النار والعياذ بالله - 00:10:46ضَ

الفسق كافي لانه لو قال جل وعلا واما الذين فسقوا وعملوا السيئات لظن ان عمل السيئات هو السبب في دخولهم النار بدون الفسق وان الفسق وحده لا يكفي بل ان الفسق والكفر يكفي لدخول النار وصاحبه خالد مخلد في النار - 00:11:14ضَ

ما دام كافرا واما الذين فسقوا والفسق اصلا يستعمل في الخروج عن الطاعة الخروج عن الطاعة وقيل الفقرة فويسقة لانها تؤذي وتخرج عن المألوف وعن ما ينبغي ان يفعل بخلاف بعض الدواب والحشرات فهي مألوفة ولا تضر - 00:11:42ضَ

واما الفأرة فهي تحاول الافساد تحاول الظرر فلذا سميت فويسقة واما الذين فسخوا فمأواهم يعني مأواهم مردهم ومنزلهم النار كلما ارادوا ان يخرجوا منها اعيدوا فيها ترفعهم بلهبها والعياذ بالله - 00:12:19ضَ

فيستشرفون للخروج من النار. يصلون الى اعلاها ويتوقعون ان لهبها يقذفهم وراء النار وليس كذلك بل كلما قاربوا الخروج ردو الى قعرها والعياذ بالله يعني يرون انهم كادوا ان يخرجوا - 00:12:53ضَ

يظن انهم سيخرجون منها. فاذا بهم يردون الى قعرها وهذا زيادة في التعذيب لان المرء اذا عد بما هو فيه ولن ينتقل منه استوطن بخلاف ما اذا كان في عذاب ووري له انه سيخرج - 00:13:20ضَ

يخرج من النار يشرئب يسر نوعا ما بانه سينتهي من هذا العذاب فاذا به يرد الى قعرها والعياذ بالله وذلك زيادة في تعذيبهم فمأواهم النار كلما ارادوا ان يخرجوا منها - 00:13:44ضَ

اعيد فيها. ردوا اليها واعيد الى قعرها وهم فيها لا يخرجون وقيل لهم من باب التبكيت والتوبيخ واللوم على ما قدموا من الاعمال السيئة عذاب النار هذه النار التي كنتم تكذبون بها في الدنيا - 00:14:11ضَ

لان الكافر يكذب بعذاب النار في في حال الدنيا ولو انه مصدق في الجنة والنار لما كفر لكنه منكر ومكذب لما تقوله الرسل لان الدار الاخرة فيها داران لا ثالث لهما - 00:14:38ضَ

جنة عرضها السماوات والارض اعدت للمتقين. ونار وقودها الناس والحجارة والعياذ بالله اعدت للكافرين عذاب النار الذي كنتم به تكذبون. انتم في حال الدنيا في الدنيا كنتم تكذبون بعذاب النار فهذا هو - 00:15:03ضَ

وهذا لوم وتوبيخ زيادة في التعذيب والعياذ بالله لانهم يستحقون ذلك. ومن وقائل قيل الملائكة خزنة النار وكما قال الله جل وعلا عنهم عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما - 00:15:31ضَ

لا يؤمرون حبب اليهم تعذيب بني العصاة والفجار من بني ادم. كما حبب لبني ادم الاكل والشرب عذاب النار الذي كنتم به تكذبون اي العذاب كنتم تكذبون بعذاب النار فذوقوه الان - 00:15:58ضَ

ولنذيقنهم من العذاب الادنى يقول الله جل وعلا نعجل لهم شيئا من العذاب في الدنيا القتل كما حصل لبعضهم في موقعة بدر الكبرى قيل ما من بيت في مكة الكفار الا واصيب بمصيبة - 00:16:29ضَ

اما قتل قريب او غرامة مالية يدفعونها عن الاسرى انه قتل سبعون واسر سبعون فعم هؤلاء على بيوت مكة ما من بيت من بيوت مكة الكفار الا واصيب بمصيبة يوم بدر - 00:17:04ضَ

ولنذيقنهم من العذاب الادنى وقيل العذاب الادنى هو ما ينالون من الحدود التعذيب في الدنيا وما يصابون به في انفسهم وفي اموالهم وفي اهليهم من المصائب لعلهم يرجعون ولنذيقنهم من العذاب الادنى دون العذاب الاكبر - 00:17:27ضَ

العذاب الاكبر عذاب يوم القيامة الذي يدخلون فيه النار والعياذ بالله يعني قبل العذاب الاكبر نذيقهم من العذاب الادنى قال بعض المفسرين المراد بالعذاب الادنى عذاب القبر ورد هذا القول بان هذا لا يتأتى مع قوله جل وعلا لعلهم يرجعون. لانهم اذا الوا - 00:18:03ضَ

الى عذاب القبر لا يمكن ان يرجعوا عما هم عليه لانه يكون انتهى امرهم ومآلهم الى النار بخلاف ما يصيبهم من العذاب في الدنيا فيقول الله جل وعلا لعلهم يرجعون. لعل هذا التعذيب يكون فيه موعظة - 00:18:34ضَ

فيه ذكرى فيه زجر لهم لعلهم يرجعوا الى الله جل وعلا ولنذيقنهم من العذاب الادنى ما يحصل لهم من في الدنيا دون العذاب الاكبر قبل العذاب الاكبر الذي هو عذاب يوم القيامة. لعلهم يرجعون الى الله - 00:18:55ضَ

علهم يتوبون الى الله لعلهم يصدقون رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقوم عليهم الحجة بذلك ويستحقون العذاب الاكبر اذا لم يرجعوا والله جل وعلا يبين في هذه الايات مآل كل فريق من المؤمنين والفجار - 00:19:21ضَ

يكون في ذلك عظة وعبرة ويكون في ذلك حفز لهم المؤمنين وتنشيط لهم على الطاعة بان هذا مآلهم في الدار الاخرة اذا استمروا على طاعة الله ويكون في هذا نذارة وتخويف للكفار لعلهم يرجعون فان لم يرجعوا فقد قامت - 00:19:53ضَ

عليهم الحجة ومآلهم الى النار يوم القيامة ولابد والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:20:23ضَ