تفسير ابن كثير | سورة الأنعام

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبد الرحمن العجلان | 72- سورة الأنعام من الآية (134) إلى الآية (135).

عبدالرحمن العجلان

والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد. سم الله اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم انما توعدون لات وما انتم بمعجزين قل يا قوم اعملوا على مكانتكم مني عامل فسوف تعلمون من تكون له عافية - 00:00:00ضَ

انه لا يفلح الظالمون هاتان الايتان الكريمتان من سورة الانعام جاءت بعد قوله جل وعلا وربك الغني ذو الرحمة ان يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما انشأكم من ذرية قوم اخرين - 00:00:39ضَ

انما توعدون لآت وما انتم بمعجزين الاية يقول جل وعلا انما توعدون لآثم وما انتم بمعجزين في هذه الاية وعيد شديد لمن خالف امر الله وعصا رسوله صلى الله عليه وسلم - 00:01:17ضَ

بان ما وعدكم الله به رسوله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من البعث حق وانه اثم لا محالة وكل ات قريب ما يستبطئ الانسان ما هو اثم فانه لابد وان يقع كما وعد الله جل وعلا - 00:01:56ضَ

والله جل وعلا وعد الخلق على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وكما جاء في كتابه العزيز البعث والحساب والجنة لمن اطاع الله ورسوله والنار لمن عصى الله ورسوله - 00:02:34ضَ

وهذا واقع لا محالة لان كثيرا من المشركين يستبطئ ذلك ويستبعده ويتوقع عدم وقوعه وينكر البعث والحساب فيقول الله جل وعلا انما توعدون لا بد وان يأتي وان طال الزمن لا بد وان يأتي - 00:03:02ضَ

ثم ان المرء اذا توعد بشيء مستقبل يستبطئ البعيد ويستبعده ويقول في نفسه ان وقع فساستطيع الافلات يتوقع لانه ان وقع البعث فانه يستطيع الافلات فسد الله جل وعلا عليهم هذا الطريق - 00:03:38ضَ

وقال وما انتم بمعجزين. لا تفوتونا ولا تفلتون من قبضة الله جل وعلا ولا تستطيعون ان تعجزوا الله جل وعلا. لانكم اما في الارض او في السماء والكل في قبضة الله - 00:04:10ضَ

ما احد يفلت عن الله جل وعلا. في الدنيا قد يتوعد المرء من قبل ظالم فيقول اما اموت قبل ان يدركني او يموت هو قبل ان يدركني. او افلت من يده او اتغيب عنه او اختفى - 00:04:36ضَ

في عنه في سرداب من الارض او نحو ذلك لكن في قبضة الله جل وعلا ما حدا يستطيع ان يفلت من الله قال جل وعلا وما انتم بمعجزين لا تعجزون الله جل وعلا اذا ارادكم - 00:04:58ضَ

فانتم في قبضته وفي سيطرته وفي يده سبحانه وفي هذا وعيد شديد ويتضمن البشارة لمن امن بالله ورسوله انتم ايها المؤمنون الى الله اعملوا الاعمال الصالحة وستجدونها ان شاء الله بين ايديكم. تجدونها امامكم - 00:05:19ضَ

لا يفوت عليكم منها شيء ثم امر الله جل وعلا رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم ان يقول لكفار قريش من باب الوعيد والتهديد قل يا قومي اعملوا على مكانتكم اني عامل - 00:05:54ضَ

اعملوا على ما انتم عليه استمروا على ما انتم عليه من الشرك قد يقول قائل اليس في هذا حث لهم وتحريظ على الاقامة على الشرك؟ نقول لا في هذا في هذا وعيد شديد - 00:06:23ضَ

كما في قوله تعالى اعملوا ما شئتم. انه بما تعملون بصير ما تفوتونا من يد الله جل وعلا وهذا وعيد جديد كما تقول لولدك اذا بدأ يتهرب عنك مثلا يعمل ما شئت انا ورائك - 00:06:45ضَ

تتوعد وانت تقول له اعمل ما شئت تحبه على المخالفة؟ لا قل يا قومي اعملوا على مكانتكم على طريقتكم وعلى ما انتم عليه اني عامل على ما انا عليه ومستمر - 00:07:13ضَ

ومقتنع من طريقة التي انا عليها انا ساعمل على ما اقول لكم وانتم شأنكم اني عامل فسوف تعلمون ان تكون له عاقبة الدار كل الناس يغدو فبائع نفسه او موبقها - 00:07:37ضَ

الانسان يعمل ويجتهد لكن واحد يعمل في الخير ينجي نفسه ويعمل بما فيه سعادة نفسه في الدنيا والاخرة يعمل بطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وفعل الخير فالله يثيبه - 00:08:10ضَ

او يعمل بخلاف ذلك. والله جل وعلا محيط به وقادر عليه فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار سوف يظهر لكم الصادق منا والكاذب سوف يظهر لكم من له السعادة او من له الشقاوة - 00:08:33ضَ

سيظهر لكم في القريب العاجل من له الجنة او له النار سيظهر لكم من يؤيده الله جل وعلا وينصره ويخذل عدوه ممن يخذل ويؤخر ويعاقب. كل هذا سيظهر ولا يخفى على على العباد منه شيء - 00:09:01ضَ

سواء في الدنيا او في الاخرة لان بعض الظلمة مثلا يمهل في الدنيا ويبقى على ما كان عليه من العز لكن الويل له في الدار الاخرة حينما تبلى السرائر وسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار. العاقبة الحسنة - 00:09:29ضَ

هاني الثواب في الدنيا او في الاخرة او الثواب في الدنيا والاخرة من تكون له عاقبة الدار. ثم اكد جل وعلا بقوله انه لا يفلح الظالمون. الظالم لا يفلح حتى وان نال ما نال من الدنيا - 00:09:57ضَ

وان اعطي ما يتمناه في الدنيا لان الله جل وعلا يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين والعلم الا من احبه سبحانه ولو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء - 00:10:22ضَ

انه لا يفلح الظالمون تأكيد مواعيدي الشديد لمن اقترف الظلم فانه لن يفلح في الدنيا والاخرة او في الاخرة فقط لانه قد يمهل للظالم ويستمر على ما كان عليه من العز - 00:10:51ضَ

والمكانة حتى يموت على ذلك. فهذا لا يدل على الرضا. لان الله جل وعلا يعطي الدنيا الحبيب اليه والبغيظة اليه يعطيها من يحبه ومن لا يحبه سبحانه انه لا يفلح الظالمون - 00:11:12ضَ

فلا يغتر المرء يعطى مع معصية الله او مع مخالفة امر الله فقد يكون استدراج والعياذ بالله يكون مكر يمكر جل وعلا لمن يقترف المعاصي ويقع فيها ولا يبالي ولا يستحي من الله ولا يستحي من الناس فيعطيه ما يحب مع المعاصي - 00:11:31ضَ

يعطيه المال يعطيه الولد يعطيه الجاه يعطيه ما يتمنى في الدنيا والله جل وعلا اعد له العذاب الاليم في دار الاخرة قوله تعالى انما توعدون لآت وما انتم بمعجزين اي اخبار اي اخبرهم يا محمد. ان الذي يوعدون به من امر الميعاد - 00:12:00ضَ

كائن لا محالة وما انتم بمعجزين. اي ولا تعجزون الله بل هو قادر على اعادتكم وان سرتم ترابا وعظاما هو قادر لا يعجزه شيء وقال ابن ابي حاتم في تفسيرها عن ابي سعيد الخدري ان النبي صلى الله عليه وسلم انه قال يا بني ادم ان كنتم - 00:12:30ضَ

ان كنتم تعقلون فعدوا انفسكم من الموتى والذي نفسي بيده انما توعدون لاتي وما انتم بمعجزين وقوله تعالى قل يا قومي اعملوا على مكانتكم اني عامل فسوف تعلمون. هذا تهديد شديد ووعيد اكيد. ان - 00:12:53ضَ

على طريقتكم وناحيتكم ان كنتم تظنون انكم تعالى قل يا قومي في الدعوة الى الله حتى من الكافر ما تقول له يا فاجر يا كافر يا شقي يقول جل وعلا لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم قل يا قومي - 00:13:13ضَ

يا قومي بالدعوة الى الله جل وعلا حتى مع الاشقياء الفجرة يخاطبهم بما يلين ويلين قلوبهم لعلهم يستجيبون له. كما قال الله جل وعلا لموسى وهارون حينما ارسلهما الى فرعون فقولا له قولا لينا لعله - 00:13:38ضَ

يتذكر او يخشى وهذا تعليم من الله جل وعلا لعباده والا فالله جل وعلا يعلم اجلا ان فرعون لا يتذكر ولا يخشى وانه يموت كافرا لكنه يعلم عباده ورسله بالرفق واللين. كما قال جل وعلا لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه - 00:14:06ضَ

وسلم ادعوا الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم التي هي احسن ترفق بهم وهو يخاطبهم عليه الصلاة والسلام يا ابا فلان يا ابا الحكم يا كذا يا كذا برفق ولين لعل - 00:14:33ضَ

الله ان يهديهم للايمان ما كان يخاطبهم بشدة وقسوة وانما يخاطبهم بالليل يا ابا امية يا ابا الحكم يا ابا كذا من صناديق قريش واشقياء قريش وكفار قريش باحب الاسماء اليهم لعلهم يستجيبون له صلى الله عليه وسلم - 00:15:01ضَ

اي استمروا على طريقتكم وناحيتكم ان كنتم تظنون انكم على هدى فانا مستمر على طريقي على طريقتي ومنهجي كقوله وقل للذين لا يؤمنون وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم انا عاملون. وانتظروا انا منتظرون - 00:15:26ضَ

قال ابن قال ابن عباس على مكانتكم ناحيتكم فسوف تعلمون فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار انه لا يفلح الظالمون اي اتكون لي او لكم وقد انجز الله موعده لرسوله صلوات الله عليه فانه تعالى مكنه في البلاد وحكمه في نواصي في - 00:15:50ضَ

كانوا يزهرونه ويحتقرونه عليه الصلاة والسلام ولا يبالون به ويتهجمون عليه. ويضعون سلا الجزور على ظهره عليه الصلاة والسلام وهو ساجد ويأتي احدهم ويفت العظم البالي ويقول تزعم ان هذا يبعث ثم ينفخه في وجه الرسول صلى الله - 00:16:15ضَ

عليه وسلم ويتحمل الاذى فيهم من اجل الله تبارك وتعالى. وفي النهاية تكون الغلبة له والتأييد من ربه يجب يجتمعون تحت قدميه ويقولون ويقول عليه الصلاة والسلام ما تظنون اني فاعل بكم - 00:16:40ضَ

حكمه جل وعلا في رقابهم بعدما نال منهم اشد الاذى كانوا بمثابة الارقة بين يديه ما تظنون اني فاعل بكم يعني تعرفون انتم ماذا قدمتم تعرفون ما فعلتم قريبا الحديبية كل يدخل مكة المسلم والكافر والفاجر والشقي. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمنع منها - 00:17:01ضَ

يعني عرفتم المساوي التي حصلت منكم ما تظنون اني فاعل بكم قالوا اخ كريم وابن اخ كريم معروف بالكرم الان قال عليه الصلاة والسلام اذهبوا فانتم الطلقاء اذهبوا فانتم الطلقاء اطلقهم. قادر له حق ان يقطع رقابهم. لانهم حاربوه اشد المحاربة والان - 00:17:32ضَ

وقعوا في يده عليه الصلاة والسلام لانه فتح مكة عنوة بقوة الله جل وعلا وقوة رسوله صلى الله عليه وسلم ما فتحوا له الباب صلحا وانما دخلها عدوة وقال لي - 00:18:03ضَ

لاصحابه اصحاب الرايات من اعترضكم فاحصدوه ادخلهم مع عدد من طرق مكة عليه الصلاة والسلام. وقال من اعترضكم فاحصدوه حتى تلقوني على الصفا ووعدهم صلى الله عليه وسلم وكانوا يجتمعون فيه وقال من اعترظكم فاحصدوه لا تمهلوه. ما دام يحارب احسدوه - 00:18:20ضَ

ومن دخل المسجد الحرام فهو امن. ومن دخل دار ابيه سفيان فهو امن. ومن اغلق عليه بابه فهو امن ما خرج لكن اذا خرج معه سلاحه لا تدعوه قال قولته المشهورة عليه الصلاة والسلام اذهبوا فانتم الطلقاء. اطلقهم واعتقهم عليه الصلاة والسلام. بعد - 00:18:47ضَ

ونال منهم اشد الاذى عليه الصلاة والسلام. وتجاوز عنهم وعفا عليه الصلاة والسلام قال اقول لكم كما قال يوسف لاخوته لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو ارحم الراحمين - 00:19:15ضَ

ولما جاءه الشخص الذي يريد ان صفوان ابن امية يعرف ما قدم وما قدم ابوه وما حصل منهم من العدا دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الاسلام قال امهل لي شهرين افكر - 00:19:36ضَ

هل ادخل في الاسلام ام لا؟ قال لك اربعة اشهر عليه الصلاة والسلام لك مهلة اربعة اشهر فكر ان تجد خيرا من الاسلام وهذا كما قال الله جل وعلا انا لننصر الرسلنا في الحياة الدنيا في انا لننصر رسلا - 00:19:53ضَ

بالحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد. فالله وعد من نصره ان ينصره وحكمه في نواصي مخالفيه من العباد. وفتح له مكة واظهره على من كذبه من قومه وعاداه ونواه واستقر امره على سائر جزيرة العرب - 00:20:21ضَ

وكل ذلك في حياته ثم فتحت الامصار والاقاليم بعد وفاته في ايام في ايام خلفائه رضي الله عنهم اجمعين. والله جل وعلا بشره سينال ملك آآ اتباعه وخلفائه عليه الصلاة والسلام - 00:20:50ضَ

بشره الله جل وعلا بان زواله الارض ورأى مشارقها ومغاربها واعلمه بما سيبلغ ملك عليه الصلاة والسلام. بشارة من الله له كما قال الله تعالى كتب الله لاغلبن انا ورسلي ان الله قوي عزيز - 00:21:10ضَ

وقال انا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار وقال تعالى ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ان الارض يرثها من عبادي الصالحون - 00:21:34ضَ

عبادي الصالحون وقال تعالى اخبار عن رسله فاوحى اليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الارض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيدي وقال تعالى وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما كما استخلف الذين من قبلهم - 00:21:53ضَ

الآية وقد فعل الله ذلك بهذه الامة المحمدية وله الحمد والمنة اولا واخرا وظاهرا وباطنا والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:22:18ضَ