تفسير ابن كثير | سورة المائدة

تفسير ابن كثير | شرح الشيخ عبد الرحمن العجلان | 9- سورة المائدة من الآية (7) إلى الآية (8).

عبدالرحمن العجلان

والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به اذ قلتم سمعنا واطعنا - 00:00:00ضَ

واتقوا الله ان الله عليم بذات الصدور يا ايها الذين امنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ان لا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى واتقوا الله - 00:00:26ضَ

ان الله خبير بما تعملون. حسبك هاتان الايتان الكريمتان من سورة المائدة جاءتا بعد قوله جل وعلا يا ايها الذين امنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق - 00:00:55ضَ

الاية والايتان هما السابعة والثامنة من سورة المائدة يقول جل وعلا واذكروا نعمة الله عليكم الله جل وعلا انعم على عباده في نعم عظيمة لا حصر لها ولا عد استوجب - 00:01:25ضَ

من العباد الشكر لله تعالى ويجب عليهم القيام بحقها والله جل وعلا يقول واذ تأذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم ان عذابي لشديد واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به - 00:02:02ضَ

اذ قلتم سمعنا واطعنا وميثاقه ما المراد بهذا الميثاق هو ما اخذه النبي صلى الله عليه وسلم على كل مسلم عند البيعة عند البيعة على الاسلام على السمع والطاعة بالعسر واليسر - 00:02:45ضَ

والمنشط والمكره والا ينازع الامر احلى اخذ النبي صلى الله عليه وسلم هذا العهد وهذا الميثاق اول ما اخذه على اهل بيعة العقبة الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم عند العقبة - 00:03:27ضَ

وبناء عليه بعد هذه البيعة هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة الى المدينة هذا قول جمهور المفسرين وميثاقه الذي واثقكم به نعمة الله وميثاقه نعم الميثاق اخذه النبي صلى الله عليه وسلم على المسلمين - 00:03:56ضَ

بامر الله جل وعلا ان الذين يبايعونك يد الله فوق ايديهم فمن نكث فانما ينكث على نفسه وميثاقه الذي واثقكم به قول اخر ان المراد في هذا الميثاق ما اخذه - 00:04:32ضَ

انبياء بني اسرائيل على بني اسرائيل ان يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم اذا بعث ويناصروه ويتابعوه المراد بهم حينئذ اليهود وقيل المراد بهذا الميثاق وما اخذه الله جل وعلا - 00:05:03ضَ

على ذرية ادم حين نثرهم من صلبه واذ اخذ الله واذ اخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم هذا العهد الذي اخذه الله على ذرية ادم على اقوال - 00:05:41ضَ

للمفسرين في هذا الموضوع رحمة الله عليهم اذا وهذا العهد والميثاق هو ما اخذه النبي صلى الله عليه وسلم على المسلمين عند البيعة او المراد ما اخذته انبياء بني اسرائيل على بني اسرائيل - 00:06:43ضَ

ان يؤمنوا بمحمد اذا فالمراد بهم اليهود وقيل ما اخذ على ذرية ادم وميثاقه الذي واثقكم به اذ قلتم سمعنا واطعنا واتقوا الله يوصي الله جل وعلا عباده بتقواه وتفسيرها - 00:07:07ضَ

كما فسرها بعض العلماء رحمهم الله والعمل بطاعة الله على نور من الله رجاء ثواب الله والحذر من معصية الله على نور من الله خوفا من عقاب الله وذلك ان يجعل العبد - 00:07:41ضَ

بينه وبين معصية الله وقاية وحاجز يحجزه عن المعصية واتقوا الله ان الله عليم بذات الصدور يحذر عباده جل وعلا من ان يظهروا امرا ويخفوا سواه فهو جل وعلا يعلم خائنة الاعين - 00:08:10ضَ

وما تخفي الصدور والمراد بذات الصدور يعني السر الذي يكون في الصدر لا يعلم عنه احد المرء يضمر في نفسه شيئا ما يطلع عليه احد ويظن انه يخفى فهو وان خفي على الناس - 00:08:47ضَ

فلا يخفى على الله جل وعلا واتقوا الله ان الله عليم بذات الصدور في هذه الجزء من الاية وحث على الطاعة وتخويف وتحذير من المعصية فمن كان قلبه حسن ويضمر الخير - 00:09:11ضَ

وان ظن به الناس سوى ذلك فالله جل وعلا يعلم ما في نيته ويثيبه على ما في قلبه ومن اظهر الحسن واضمر سواه وظن الناس به خيرا وهو بخلاف ذلك. فالله جل وعلا يعلم ما في نيته وفي - 00:09:49ضَ

ضميره ويعاقبه على ذلك اذا شاء واتقوا الله ان الله عليم بذات الصدور تنشيط للمؤمن وتخويف للفاجر ثم خاطب جل وعلا عباده المؤمنين بقوله يا ايها الذين امنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط - 00:10:14ضَ

قوامين صيغة مبالغة وكثير القوامة لله جل وعلا والمراد بالقسط بالعدل والحق اشهدوا بالعدل والحق ولا تخون ولا تكذب ولا تشهدوا بالجور ولا تشهدوا بالزور شهداء بالقسط ولا يجرمنكم لا يحملنكم - 00:10:48ضَ

بعظكم لقوم الا تعدلوا في حقهم ادي له في حق القريب والبعيد والولي والعدو والمؤمن والكافر كن مع العدل اينما كان ومع الحق ولا يحملك حبك لهذا او رحمتك له - 00:11:28ضَ

او خوفك عليه من ان تجور في الشهادة او لا تشهد بالحق او العدل وان كانت الشهادة لك او لاحد والديك مشهد بالعدل ولا يجرمنكم لا يحملنكم شنآن قوم بغضكم لقوم - 00:12:04ضَ

اليهود او لغيرهم لا تجوروا لما ذهب الصحابي رضي الله عنه ليخرص تمرة خيبر على العاملين فيها ارادوا ان يرشوه لعله لا يكثر الخرس وهو مصير بالتقدير رضي الله عنه - 00:12:32ضَ

وقال لهم يا اخوان القردة اخوان القردة والخنازير اليهود والله لقد جئتكم من عند احب الناس الي وانكم والله لابغض الناس الي وان هذا لن يحملني على ان اظلمكم بتمرة او حبة - 00:13:06ضَ

او كما قال رضي الله عنه ما يمكن ان احملكم شيئا لا تتحملونه من اجل محبتي للرسول صلى الله عليه وسلم وبغظي لكم بل العدل حتم علي ساعدل فيكم وهكذا ينبغي للحاكم - 00:13:37ضَ

ولمن ولي من امر المسلمين شيئا ان يكون عدل ولا يشهد بالجور ولا يحكم به ولا يقبله النبي صلى الله عليه وسلم كما حدث النعمان ابن بشير رضي الله عنه - 00:14:04ضَ

قال نحلني ابني نحلة فقالت امي لا ارضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب الى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له يا رسول الله اني نحلت ابني هذا كذا - 00:14:25ضَ

وقال اكل ولدك نحلتهم مثله؟ قال لا قال فلا اذا لا تشهدني على جور اشهد على هذا غيري اتقوا الله واعدلوا بين اولادكم يقولن عمان فرد ابي تلك النحلة الرسول صلى الله عليه وسلم - 00:14:55ضَ

يعلم الامة بان لا يشهد الشاهد الا بالحق ولا يقبل ان يشهد على جور او ظلم سواء كان عند وصية او عند عطية او عند حكم حاكم او غير ذلك - 00:15:24ضَ

ولا يجرمنكم شنآن قوم على الا تعدلوا اعدلوا هو اي العدل المفهوم من فعل الامر اعدلوا اعدلوا هو اي العدل اقرب للتقوى اقرب هنا جاءت افعل تفضيل يعبر عنه العلماء يقول على غير بابها لانه اذا ما كان في المقابل مثله - 00:15:47ضَ

اذا قيل هذا احسن او هذا احسن من كذا او الجنة خير من النار معناه ان افعل التفظيل على غير بابه لان ليس في النار خير حتى يفظل بين هذا او هذا - 00:16:26ضَ

وحينما قال ان بعض الصحابيات لعمر رضي الله عنه انت افض واغلظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس المراد ان كل واحد منهما فيه فظ وغلظة لكن عمر اكثر ما في المقابل شيء فليس في الرسول صلى الله عليه وسلم فظاظة ولا غلظة عليه الصلاة والسلام - 00:16:46ضَ

اعدلو هو اقرب للتقوى. يعني هو سبب التقى وهو التقوى لله جل وعلا. العدل واتقوا الله يكرر جل وعلا الامر بالتقوى لاهميتها لتكون التقوى نصب عيني الانسان دائما وابدا في صلاته - 00:17:16ضَ

وزكاته وصيامه وحجة وبيعه وشرائه وعهده وميثاقه وتعامله مع اخوانه مع والديه مع اولاده مع اقاربه مع جيرانه مع زملائه مع اخوانه المسلمين مع الكفار مع كل احد يجعل تقوى الله جل وعلا نصب عينيه - 00:17:48ضَ

والله جل وعلا سيعامله على ما في قلبه لانه يعلم ما في نفس العبد تبارك وتعالى واتقوا الله ان الله خبير بما تعملون. كالاية السابقة فيها ترغيب وترهيب فيها رجا - 00:18:26ضَ

وتخويف فيها حث على الخير وزجر عن الشر ان الله خبير بما تعملون مطلع على اعمالكم الحسنة لا يفوت عليكم منها شيء. يثيبكم عليها. فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يرى - 00:18:52ضَ

ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. ومطلع على اعمالكم السيئة لا يفوته شيء اذا خفيت على الناس لا تظن انك خفيت على الله تبارك وتعالى. فهو يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور. ولقد خلقنا الانسان - 00:19:17ضَ

ونعلم ما توسوس به نفسه. ونحن اقرب اليه من حبل الوريد يقول تعالى مذكرا عباده المؤمنين نعمته عليهم في شرعه لهذا الدين العظيم وارساله اليهم الله جل وعلا الا لهم هذا الدين العظيم الذي هو دين الاسلام - 00:19:43ضَ

فهو افضل الاديان وهو ملة ابراهيم حنيفا على نبينا وعليه افضل الصلاة والسلام ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما. ومن يبتغي غير اسلامي دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين - 00:20:14ضَ

والله لا يسمع بي يهودي ولا نصراني. ثم لا يؤمن بي الا كان من اهل النار. يقول عليه الصلاة والسلام وهو الدين الحق وهو الذي ارتضاه جل وعلا لعباده. ولا يقبل من احد سواه بعد بعثته صلى الله عليه وسلم - 00:20:39ضَ

وارساله اليهم هذا الرسول الكريم وما اخذ عليهم من العهد والميثاقات فهو افضل الرسل صلوات الله وسلامه عليه وهو عليه الصلاة والسلام يقول انا ولد ادم ولا فخر. فهو لا يفخر لكن يخبر بنعمة الله عليه. لانه لو لم - 00:21:01ضَ

يخبرنا ما علمنا عن ذلك فهو المخبر عن ربه تبارك وتعالى عليه الصلاة والسلام وما اخذ عليهم من العهد والميثاق في مبايعته على متابعته ومناصرته ومؤازرته والقيام بدينه وابلاغه عنه وقبوله منه - 00:21:25ضَ

وقال تعالى واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به. اذ قلتم سمعنا واطعنا اذكروا النعمة واذكروا الميثاق. لا تنسوه وتهمل القيام بحقه وهذه هي البيعة التي كانوا يبايعون عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم عند اسلامهم - 00:21:48ضَ

كما قالوا بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا واثره علينا. واثرات علينا كما قالوا بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة. في منشطنا ومكرهنا واثرة علينا - 00:22:15ضَ

الا ننازع الامر اهله وقال الله تعالى وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد اخذ ميثاقكم ان كنتم مؤمنين وقبل هذا وقيل هذا تذكار لليهود بما اخذ عليهم بما اخذ عليهم من المواثيق والعهود في متابعة محمد صلى الله - 00:22:38ضَ

عليه وسلم والانقياد لشرعه وقيله وقيل هو تذكار بما اخذت تعالى من العهد على ذرية ادم حين استخرجهم من صلبه واشهدهم على انفسهم الست بربكم؟ قالوا بلى شهدنا قاله مجاهد والقول الاول اظهر وهو المحكي عن ابن عباس والسدي واختاره ابن جرير - 00:23:00ضَ

ثم قال تعالى واتقوا الله يعني قول الاول الذي هو ما اخذه النبي صلى الله عليه وسلم على المسلمين عند البيعة انهم يبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره وفي - 00:23:24ضَ

وعلى الاثرة والا ينازعوا الامر اهله ثم قال تعالى واتقوا الله تأكيد وتحريظ على مواظبة التقوى في كل حال. ثم اعلمهم انه يعلم ما يختلج في الظمائر من الاسرار والخواطر - 00:23:45ضَ

وقال تعالى ان الله عليم بذات الصدور. وقوله تعالى يا ايها الذين امنوا كونوا قوامين لله اي كونوا بالحق لله عز وجل لا لاجل الناس والسمعة وكونوا شهداء بالقسط اي بالعدل لا بالجور. وقد ثبت في الصحيحين يعني النعمان ابن بشير انه قال نحلني ابي نحلا - 00:24:05ضَ

وقالت امي عمرة بنت رواحة لا ارضى حتى تشهد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه ليشهده على صدقته فقال اكل ولدك نحلت مثله قال لا. فقال اتقوا الله واعدلوا واعدلوا في اولادكم. وقال اني لا اشهد على جور. قال فرجع ابي فرد تلك الصلاة - 00:24:30ضَ

وقوله تعالى ولا يجرمنكم شنآن قوم على الا تعدلوا اي ليحملنكم بغض قوم على ترك العدل فيهم بل استعملوا العدل في كل احد صديقا كان او عدوا ولهذا قال اعدلوا هو اقرب للتقوى. اي عدلكم اقرب الى التقوى من تركه. ودل الفعل على المصدر الذي عاد الضمير عليه - 00:24:56ضَ

كما في قوله وان قيل لكم ارجعوا فرجعوه وازكى لكم. هو اي الرجوع لانه تقدم ارجعوا هو اي الرجوع اذكى لكم وقوله هو اقرب للتقوى من باب استعمال افعل التفظيل في المحل الذي ليس في الجانب الاخر منه شيء - 00:25:20ضَ

كما في قوله تعالى اصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا واحسن مقيلا. يعني ليس عند اولئك خير مطلقا اصحاب الجنة خير واولئك ليس عندهم خير. فخير افعل تفضيل قد يستشعر المرء عندما يسمع كذا ان في هذا خير وفي هذا خير لكن الجنة خير - 00:25:42ضَ

وليس كذلك. نعم وكقول بعض الصحابيات لعمر انت افظ واغلظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال تعالى واتقوا الله ان الله خبير بما تعملون. اي وسيجزيكم على ما علم من افعالكم التي عملتموها - 00:26:06ضَ

ان خيرا فخير وان شرا فشر. والله اعلم والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:26:28ضَ