تفسير سورة الجمعة

تفسير سورة الجمعة ٢ - فضيلة الشيخ خالد إسماعيل

خالد اسماعيل

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد اشهد ان محمدا عبده ورسوله. ايها الاخوة والاخوات نواصل تدبرنا لكلام ربنا جل وعلا. ونسأل الله تعالى بمنه وكرمه - 00:00:02ضَ

ان يرزقنا بشرى نبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم. حيث قالوا ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم. الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة. وحفتهم الملائكة - 00:00:22ضَ

وذكرهم الله فيمن عنده. نسأل الله تعالى من فضله. وصلنا في سورة الجمعة عند قول الله تعالى مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل اسفارا. بئس مثل القوم الذين كذبوا بايات الله - 00:00:42ضَ

والله لا يهدي القوم الظالمين. تأملوا في مناسبة هذه الاية لما تقدم. لما اثنى الله تعالى على الامة المحمدية المختارة هذه الامة التي اصطفاها الله تعالى لرسالته الخالدة. قال الله تعالى - 00:01:02ضَ

هذا هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة. وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين واخرين منهم لما يلحق بهم وهو العزيز الحكيم. عرفنا انه يدخل في هؤلاء كل من اسلم من بعد الصحابة رضي الله عنهم. قال ذلك - 00:01:22ضَ

فضل الله يؤتيه من يشاء. ان بعث في الاميين نبينا ورسولنا محمدا صلى الله عليه وسلم. وان اختار هذه لهذا الشرف العظيم ان تحمل رسالة الله تعالى للعالمين. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. والله ذو الفضل العظيم - 00:01:42ضَ

ثم الله تعالى حذرنا من ان آآ لا نقوم كتاب ربنا جل وعلا الذي انزله علينا وضرب لنا مثلا في ذلك اليهود الذين تخلفوا عن حمل التوراة والقيام بها. فقال الله تعالى مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها - 00:02:02ضَ

كمثل الحمار يحمل اسفارا. انظر الى ذلك المدح لامة محمد وهذا الذم مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها حملوا التوراة بان امرهم الله تعالى ان يحفظوها وان يعملوا بما فيها - 00:02:38ضَ

لكنهم لم يحملوها. بل حرفوا التوراة ولم يعملوا بها. وجحدوا ما فيها من البينات والحق. جحدوا صفة نبينا محمد صلى الله عليه عليه وسلم وانكروا نبوته لما بعث فتأمل كيف يضرب الله تعالى مثلا لهؤلاء بالحمار - 00:03:03ضَ

كمثل الحمار يحمل اسفارا. والحمار يضرب به المثل في الغباوة والبلادة كما هو معروف عند العرب كمثل الحمار ثم قال يحمل اسفارا تخيل حمار تضع على ظهره اسفارا يعني كتبا عظيمة بينة - 00:03:31ضَ

واضحة فيها الهدى والنور. لكن الحمار ما ادراه ما الذي فوق ظهره من هذه الكتب ولا ينتفع بها فهذا مثل هؤلاء الذين حملوا التوراة ثم لم يعملوا بها ولم ينتفعوا بها - 00:03:54ضَ

قال بئس مثل القوم الذين كذبوا بايات الله والله لا يهدي القوم الظالمين هم الذين ظلموا انفسهم فلم يعملوا بما في كتاب ربهم ولذلك هذا فيه تحذير لمن يتعلم العلم ولا يعمل به - 00:04:15ضَ

يقرأ القرآن ولا يعمل به وهذا المثل في غاية المناسبة لسورة الجمعة لان فيه تحذير للمسلم الذي يحضر خطبة الجمعة ويسمع الموعظة والتذكير ثم يخرج من المسجد وكأنه لم يسمع شيئا - 00:04:37ضَ

فيكون له نصيب من هذا المثل كمثل الحمار يحمل اسفارا والله لو ان الواحد منا وهو يسمع الخطيب يقول مثلا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم - 00:04:59ضَ

المسلمون تؤثر هذه الاية في قلبه ويستقيم لربه ويستعد للقائه ويسمع احاديث النبي صلى الله عليه وسلم يسمع كلام الايمان والوعظ فينبغي للمسلم ان يقبل العلم ويعمل به والله تعالى انزل علينا اعظم كتبه القرآن الكريم - 00:05:16ضَ

فكيف نعرض عن هذا القرآن ولا نعمل بما فيه فيكون لنا نصيب من هذا المثل القبيح كمثل الحمار يحمل اسفارا ولهذا الذي يريد نجاة نفسه حقا هو الذي يعمل بالعلم - 00:05:42ضَ

هذا هو العالم حقا انما يخشى الله من عباده العلماء كما قال الله تعالى امن هو قانت اناء الليل ساجدا وقائما يحذر الاخرة ويرجو رحمة ربه. ثم قال قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون - 00:06:03ضَ

الذين يعلمون يقومون ويخشون الله قال والله لا يهدي القوم الظالمين ثم تأمل مع جهلهم واعراضهم عن العلم النافع اذا بهم يدعون اعلى المراتب عند الله من غرورهم وظلم لانفسهم - 00:06:25ضَ

قل يا ايها الذين هادوا ان زعمتم انكم اولياء لله من دون الناس فتمنوا الموتى ان كنتم صادقين. ولا يتمنونه ابدا بما قدمت ايديهم والله عليم بالظالمين اليهود معروف عنهم انهم يقولون نحن شعب الله المختار - 00:06:47ضَ

يزعمون انهم هم الذين سيدخلون الجنة فقط وكل البشرية لا تساوي شيئا عند الله هذا ليس بمنطق ما يقبل هذا الكلام عقل ولا تقبلوا فطره ولماذا خلق الله سائر البشر - 00:07:07ضَ

هم بشر مثلكم ولهذا بعض اليهود الحد وترك دينه بسبب هذه العقيدة. قال ليس معقولا ان يكون الجنس اليهودي فقط هو الجنس الفاضل عند الله. وكل البشر لا معنى لخلقهم - 00:07:26ضَ

ننظر الى دين الاسلام ان اكرمكم عند الله اتقاكم. لا فضل لعربي على عجمي ولا لابيظ على اسود الا بالتقوى ليس بين الله وبين خلقه نسب ولا سبب الا بالتقوى - 00:07:47ضَ

الله تعالى يقول لهم قل يا ايها الذين هادوا قل يا محمد هؤلاء يا ايها الذين هادوا يعني تابوا ورجعوا الى ربهم قالوا ان هدنا اليك يعني ذكرهم بهذه الصفة حتى - 00:08:04ضَ

اتركوا الغرور حتى يرجعوا الى ربهم قل يا ايها الذين هادوا ان زعمتم انكم اولياء لله من دون الناس قل نحن شعب الله المختار. وقالت اليهود والنصارى نحن ابناء الله واحباؤه - 00:08:24ضَ

ان زعمتم انكم اولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت ان كنتم صادقين ان كنتم تزعمون انكم اولياء لله من دون الناس وكما جاء في سورة البقرة قل ان كانت آآ قل ان كانت لكم الدار الاخرة - 00:08:40ضَ

عند الله خالصة من دون الناس. فتمنوا الموت ان كنتم صادقين ان كنتم على يقين وجزم انكم بمجرد الموت تدخلون الجنة. فلماذا تعيشون في تعب الدنيا واكدارها والامها؟ فتمنوا الموت ان كنتم صادقين - 00:08:58ضَ

لكن قال ولا يتمنونه ابدا. لماذا؟ بما قدمت ايديهم من الكفر والجحد و المعاصي ولا يتمنونه ابدا بما قدمت ايديهم لانهم يعلمون انهم في قرارة انفسهم يحاربون الله ويعصون الله ويكفرون به. والله عليم بالظالمين - 00:09:16ضَ

ستقول طيب المؤمن كذلك ما في واحد منا يتمنى الموت. تقول فرق بين الامرين هنا اليهودي لا يتمنى الموت ابدا بسبب ماذا؟ بسبب انه يعلم انه ظلم نفسه وانه اعرض عن الحق - 00:09:43ضَ

وانه جحد الحق يعلم انه اذا مات سيكون في الجحيم والعذاب بخلاف المؤمن. النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يتمنين احدكم الموت ان يكن محسنا فلعله يزداد. وان يكن مسيئا فلعله يستعتب - 00:10:04ضَ

المؤمن يعيش في هذه الدنيا بين الرجاء والخوف. ولا يجزم ابدا انه سيدخل الجنة لا يوجد واحد منا الان على ضمان انه بمجرد ان يموت سيدخل الجنة هذا يجعل المؤمن يستعد للقاء الله. ويتمنى ان يطيل الله تعالى له في عمره حتى يتوب الى الله ويسارع الى ربه بقدر - 00:10:26ضَ

المرحوم من رحم الله ثم ان المؤمن اذا جاءه الموت يحب لقاء الله لذلك عائشة رضي الله عنها لما قالت يا رسول الله وكلنا يكره الموت ما قال النبي صلى الله عليه وسلم من احب لقاء الله احب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه. قالت يا رسول الله كلنا يكره الموت قال ليس ذاك. ولكن المؤمن - 00:10:51ضَ

اذا بشر بمغفرة الله ورضوانه فليس شيء احب اليه مما امامه في حب لقاء الله ويحب الله لقاءه فالمؤمن اذا جاءه الموت يحب لقاء الله بخلاف الكفار واليهود والنصارى. اذا جاءهم الموت ورأوا ملائكة العذاب لا يريدون - 00:11:20ضَ

يا الله ويكرهون لقاء الله فيكره الله لقاءهم فرق كبير بين الامرين قال ولا يتمنونه ابدا بما قدمت ايديهم. بل المؤمن في بعض الاحيان عندما اه يغلب عليه الشوق للقاء الله. وربما - 00:11:40ضَ

آآ ييأس من آآ هذه الدنيا وآآ يخاف ان يفتن في دينه. فهنا ربما يتمنى الموت ويشتاق للقاء ربه فكما آآ قال آآ البخاري رحمه الله تعالى مثلا اللهم اقبضني اليك وكما تمنى ذلك عمر رضي الله عنه لما رجع من الحج في اخر آآ حجة حجها اضطجع - 00:12:04ضَ

على التراب وقال اللهم كبرت سني واتسعت رعيتي. لا تفتني واقبضني اليك اكمل اشهر الا وقد استشهد رضي الله عنه قال والله عليم بالظالمين ثم قال الله تعالى يعني مهما كرهوا الموت وفروا من الموت فلا محيص منه قل ان الموت - 00:12:38ضَ

الذي تفرون منه فانه ملاقيكم سبحان الله انظر الى هذه الكلمة فانه ملاقيكم ما اقرب الموت من الانسان؟ كما انك تخرج تلقى فلانا وفلانا في يوم من الايام ستلقى الموت - 00:13:04ضَ

يأتيك الموت في اي حال وانت نائم. كم من انسان اوقظ من نومه واذا به ميت يأتيك الموت وانت تقود السيارة في حادث يأتيك الموت وانت بين اهلك ينتزعك من بين اهلك واولادك - 00:13:22ضَ

قل ان الموت الذي تفرون منه فانه ملاقيكم تزود من التقوى فانك لا تدري اذا جن ليل هل تعيش الى الفجر فكم من فتى يمسي ويصبح ضاحكا وقد نسجت اكفانه وهو لا يدري - 00:13:39ضَ

وكم من عروس جهزوها لزوجها وقد قبضت ارواحهم ليلة القدر وكم من صغار يرتجى طول عمرهم وقد ادخلت اجسادهم ظلمة القبر وكم من مريض عاش من غير قال وكم من صحيح مات من غير علة وكم من مريض عاش طولا من الدهر - 00:14:00ضَ

الموت لا يعرف صغيرا ولا كبيرا ولا مريضا ولا صحيحا، اينما تكون يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة فانه ملاقيكم ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وصانا قال اكثروا من ذكر هادم اللذات الموت لان الموت يجعل الانسان يقبل على ربه ويستعد لاخرته - 00:14:26ضَ

الموت يجعلك تتيقظ من غفلتك في الدنيا. تنقبض من شهوات الدنيا تسارع الى ربك بالطاعات اكثروا من ذكر هادم اللذات الموت. الموت يجعلك تتوب الى الله يجعلك تحسن الى اهلك وترحمهم. ربما يكون هذا الفراق - 00:14:49ضَ

بينك وبين اهلك ربما يكون هذا اليوم اخر يوم وهذه الليلة اخر ليلة تستعد للقاء الله تعالى دائما قال ثم تردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون. فاذا ما اقرب المصير الى الله. ولهذا قال - 00:15:10ضَ

النبي صلى الله عليه وسلم الجنة اقرب الى احدكم من شراك نعله. والنار مثل ذلك. الموت يأتي بغتة والحياة البرزخية كأنها رقدة. قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا. وهكذا وانت في قبرك تسمع الصاخة التي تصخ اذنك - 00:15:30ضَ

فتخرج من قبرك تنفض التراب من رأسك واذا بك ترى يوم القيامة امام عينيك ثم تردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون. نسأل الله تعالى ان يرحم في الدنيا غربتنا وان يرحم عند - 00:15:49ضَ

في مصرعنا وان يرحمنا يرحم وحشتنا في قبورنا وان يرحمنا يوم العرض عليه نسأل الله تعالى ان يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين مسلمات الاحياء منهم والاموات. اسأله تعالى يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا والحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد - 00:16:11ضَ

وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:16:31ضَ