تفسير سورة الجن

تفسير سورة الجن ٣ - فضيلة الشيخ خالد إسماعيل

خالد اسماعيل

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اما بعد واصلوا ايها الاخوة والاخوات تدبرنا لكلام ربنا جل وعلا. ونسأل الله تعالى بمنه وكرمه ان يرزقنا بشرى نبينا محمد صلى الله عليه واله - 00:00:00ضَ

وسلم حيث قال وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده. نسأل الله تعالى من فظله - 00:00:21ضَ

لا نزال مع اخواننا الجن الذين سمعوا كلام الله جل وعلا فقالوا انا سمعنا قرآنا عجبا ولما ذكروا حالهم قبل الهدى كما قال الله تعالى عنهم آآ وانهم ظنوا كما ظننتم ان لا يبعث الله احدا وانا لمسنا السماء الى اخر الايات - 00:00:39ضَ

في هذا ذكروا بعد ذلك حالهم بعد الهدى ذكروا انهم تفرقوا منهم من امن ومنهم من كفر قال الله تعالى عنهم وانا منا الصالحون هؤلاء الجن المؤمنون المتقون. وان منا الصالحون فمن الجن جن مؤمنون صالحون - 00:01:01ضَ

ومنا دون ذلك. ومنا يعني قوم دون ذلك الصلاح ادنى مرتبة من الصلاح قال مجاهد رحمه الله مسلمين وكافرين وكذلك آآ ادنى درجة من الصلاح يعني منهم الكافر منهم المبتدع منهم العاصي الفاجر - 00:01:24ضَ

ومنا دون ذلك. ولهذا قالوا كنا طرائق قددا. كنا طرائق ايه ده ده ده يعني مذاهب متفرقة مختلفة قد شيء يعني قطعه ويعني الشق طولا هو القد وقدت قميصه من دبر شقته طولا - 00:01:47ضَ

والقديد هو اللحم المقطع المجفف فهذا يدل على شدة التفرق وان هذه المذاهب والفرق كانها قد تقطعت وانشقت قال كنا طرائق قددا يعني منهم اه الذين ينكرون صفات الله تعالى - 00:02:12ضَ

آآ منهم من الجن من يسب الصحابة رضي الله عنهم. من الجن من عنده فكر الخروج والتكفير كنا طرائق قددا مثل الفرق الموجودة عند الانس هذه الفرق موجودة عند الجن بدليل هذه الاية كنا طرائق قددا - 00:02:34ضَ

وهنا اه يقول قتادة رحمه الله كان القوم على اهواء شتى. وروى ابن كثير رحمه الله تعالى بسند صحيح الى الاعمش رحمه الله قال تروح الينا جني فقلت له ما احب الطعام اليكم؟ فقال الارز - 00:02:52ضَ

قال فاتيناهم به فجعلت ارى اللقم ترفع ولا ارى احدا سبحان الله فقلت فيكم من هذه الاهواء التي فينا قال نعم فقلت فما الرافضة فيكم قال شرنا يعني الذين يسبون اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الجن هؤلاء هم شر الجن - 00:03:11ضَ

كما اه قال هؤلاء الجن المؤمنون اه يقول ابن كثير رحمه الله عرضت هذا الاسناد على شيخنا الحافظ ابي الحجاج المزي. فقال هذا اسناد صحيح وايضا ذكر ابن كثير رحمه الله تعالى - 00:03:34ضَ

اه في ترجمة اه او يعني نقل عن ابن عساكر اه في ترجمة العباس ابن احمد الدمشقي رحمه الله تعالى في تاريخ دمشق قال سمعت بعض الجن وانا في منزل لي بالليل ينشد - 00:03:52ضَ

قلوب براها الحب حتى تعلقت. مذاهبها في كل غرب وشارق تهيم بحب الله والله ربها. معلقة بالله دون الخلائق. طبعا لو قال بدل يقول تهيم بحب الله لو قال مثلا اه تفيض بحب الله او اي كلمة اخرى لان الهيام - 00:04:07ضَ

يعني هذه كلمة لا تستعمل اه مع الله تعالى. فالشاهد ان هذه الابيات تدل على انه من الجن جن مؤمنون بل محبون لله يشتاقون للقاء الله منهم قد من قد وصل - 00:04:32ضَ

الى اعلى درجات الصلاح والمحبة لله جل وعلا فالجن اه طرائق قددا مثل الانس. منهم الصالحون الذين وصلوا الى اعلى الدرجات في الصلاح والايمان وقيام الليل اه ذكر والله تعالى وتلاوة كلامه هذا موجود عند الجن. لا تظن ان الجن اه كلهم متمردون - 00:04:51ضَ

فمنهم الصالحون ومنهم دون ذلك كما قال الله تعالى عنهم ثم بعد ذلك بينوا عقيدتهم قال الله تعالى عنهم وان ظننا ان لن نعجز الله في الارض ولن نعجزه هربا. الله اكبر هذا كلام الجن - 00:05:12ضَ

يقولون وانا ظننا. وطبعا هنا الظن بمعنى اليقين ان تيقنا ويعبر عن اليقين بالظن في مثل هذه الايات. اه لان العاقل يكفيه الظن لو يكفي العاقل ان الله تعالى قادر عليه حتى لو يظن ظنا - 00:05:34ضَ

لو يظن العاقل ان الله تعالى قادر عليه حتى لو كان متشكك في قدرة الله او كافر. مجرد الظن هذا يجعله يرجع الى ربه ويخاف من الله تعالى فما ظنك باليقين - 00:05:55ضَ

وانا ظننا ان لن نعجز الله في الارض ان لن نعجز الله في الارض ان اراد بنا سوءا او امرا الا نعجز الله في الارض ولن نعجزه هربا يعني في السماء - 00:06:08ضَ

الا من خطب الخطف فاتبعه شهاب ثاقب كما قال الله تعالى فيعترفون بكمال قدرة الله وانهم في قبضة الله هذا كلام الجن وانه لا ملجأ ولا منجى من الله الا اليه - 00:06:25ضَ

وهذا يبطل تعلق الانس بالجن وخوف الانس من الجن الان بعض الناس يخاف من الجن واذا ابتلي بشيء من السحر او الحسد او ربما آآ يخيف هؤلاء الجن مثلا لبعد عن الله - 00:06:41ضَ

فربما يرى صورا او يسمع صوتا يدخل في قلبه خوف عظيم من الجن وهؤلاء الجن انفسهم يعترفون بانهم عاجزون بانهم في قبضة الله. وانا ظننا ان لن نعجز الله في الارض ولن نعجزه هربا. فمثل هذه الايات - 00:06:57ضَ

تجعل قلب المؤمن معلقا بالله ولا يخاف من الجن. لا يخاف الا من الله وحده جل وعلا. مهما بلغ السحرة في قوة سحرهم وفي تسليط الجان على هذا المسحور تتعلق بهؤلاء - 00:07:16ضَ

ولا تخف ولا تضعف امام كيد هؤلاء. هؤلاء لا يساوون شيئا عند الله جل وعلا. قدرة الله هي الغالبة مشيئته هي النافذة سبحانه جل وعلا وانا ظننا الا نعجز الله في الارض ولن نعجزه هربا - 00:07:33ضَ

ثم بناء على هذا الايمان بقدرة الله تعالى امنوا بالله وانا لما سمعنا الهدى يعني القرآن الكريم ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم وان لما سمعنا الهدى امنا به - 00:07:50ضَ

كما في اول السورة انا سمعنا قرآنا عجبا يهدي الى الرشد فامنا به. وانا لما سمعنا الهدى امنا به وهم يفتخرون بذلك وهو اه اعظم فخر وشرف ولهؤلاء الجن وانا لما سمعنا الهدى امنا به وهم ايضا يدعون قومهم بهذا الكلام - 00:08:04ضَ

كما قال الله تعالى واذ صرفنا اليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا انصتوا فلما قضي ولوا الى قومهم منذرين قالوا يا قومنا وسمعنا كتابا انزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي الى الحق والى طريق مستقيم. يا قومنا اجيبوا داعي الله وامنوا به يغفر لكم - 00:08:28ضَ

من ذنوبكم ويجركم من عذاب اليم. ومن لا يجيب داعي الله فليس بمعجز في الارض وليس له من دونه اولياء اولئك بضلال مبين. كما قالوا هنا وانا ظننا ان لن نعجز الله في الارض ولن نعجز هربا وانا لما سمعنا الهدى امنا به - 00:08:48ضَ

ثم يرغبون قومهم في الايمان فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا بخسا يعني نقصا النقص اذا كان بظلم يسمى بخسا ولا تبخس الناس اشياءهم يعني تنقص الناس اشياءهم من مال او رزق او متاع بظلم - 00:09:07ضَ

فلا يخاف بخسا ولا رهق والرهق هذه الكلمة تشعر فيها بالتعب والمشقة. لان كلمة رهقة تدل على غشيان الشيء ترهقهم ذلة اه كما قال الله تعالى فكذلك التعب يعني اذا اه اشتد على الانسان وعظمت عليه المشقة مثلا فيقال يعني اه اصيب بالرهق - 00:09:31ضَ

اه كأنه غشيه هذا التعب وغشيته المشقة من كل اه جانب قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الاية قال لا يخاف نقصا في حسناته يعني فلا يخاف بخسا يعني لا يخاف نقصا في حسناته ولا ولا رهق ولا زيادة في سيئاته - 00:10:00ضَ

فالله تعالى هو العدل ويحق مات على الحق ويجازي كلا بعمله تأمل هنا الله تعالى يقول فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا نقصا في حسناته ولا زيادة يعني في سيئاته اسأل الله تعالى يجازي المؤمن برحمته وفضله - 00:10:22ضَ

فيزيده من الحسنات يضاعف له الحسنات ويرفع له الدرجات ويكفر عنه السيئات ويغفر الذنوب ويغفر له الذنوب والخطايا. فالمؤمن في رحمة الله تعالى وكذلك نستفيد من هذه الاية فائدة عامة - 00:10:46ضَ

اه بالنظر الى اه عموم اللفظ فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا المؤمن في امان المؤمن لا يخاف من البخس حتى في الدنيا صحيح وان كانت هذه الاخرة آآ وان كانت هذه الاية آآ في آآ ظاهر السياق يعني تتعلق بالجزاء يوم القيامة لكن - 00:11:02ضَ

يمكن ان يكون هذا الجزاء عاما في الدنيا والاخرة حقا وهذا يعني آآ يدل عليه عموم لفظ الاية. فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا. فالمؤمن يعيش في امان - 00:11:27ضَ

يعيش في اه طمأنينة لا يخاف من النقص والبخس في حياته. ولا يخاف من الرهق والتعب في حياته نعم قد يقع للمؤمن حرمان ونقص من بعض اغراظ الدنيا لكن ليس هذا هو البخس - 00:11:43ضَ

لماذا؟ لان العوض من الله تعالى بسبب هذا الحرمان امر لا يخطر بالبال الله تعالى قد يبتليك بمرض تنقص عافيتك. ينقص مالك اه ينقص احبابك يموتون لكن هذا النقص لا يخاف منه المسلم لانه يتعلق بالدنيا ما يتعلق بدينه لا يتعلق باخرته فلا يخاف بخسا ليس هذا هو البخس الحقيقي - 00:12:05ضَ

البخس الحقيقي هو النقص في الحسنات النقص في الايمان في الدين اما البقص في الدنيا فامر هين ولا يخاف منه المؤمن لان العوض من الله اعظم واعظم يعني انظر انت الان قد تنقص عافيتك اياما في الدنيا. وفي النهاية تموت - 00:12:36ضَ

لكن يعوضك الله تعالى عيشة هنيئة في الجنة لا تسقم فيها ولا تبتأس ولا تحزن هذا البخس ما يساوي شيئا بالنسبة الى العظيم في الجنة. وكذلك الرهط قد يرهق المسلم في الدنيا اه امور ترهقه الديون ترهقه الامراض - 00:12:57ضَ

ترهقه المصائب لكن هذا الرهق لا يساوي شيئا لا عبرة به لانه يتعلق بالدنيا وهذه الدنيا دار ابتلاء الرهق الحقيقي هو الزيادة في السيئات في المعاصي في الذنوب هذه هذا الرهق الحقيقي هذا الذي يتعب المؤمن ويوقعه - 00:13:22ضَ

يعني في العذاب فالمؤمن ما دام انه بايمانه بعيد عن السيئات فمهما ارهقته المصائب بالاحزان المشاكل الهموم فقلبه مطمئن لانه مع الله ومن وجد الله فماذا فقد؟ فما يشعر بالرهق وان حصل له الرهق في جسده لكن قلبه مطمئن. بالله تعالى ومتوكل على الله. فيزول عنه التعب - 00:13:42ضَ

وغدا يغمس الانسان في الجنة فيقال له هل مر بك بؤس قط؟ هل مرت بك شدة قط؟ فيقول لا يا رب ذهب الرهى ذهب التعب وبقي النعيم العظيم عند الله تعالى. اذا فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا - 00:14:10ضَ

ويكمل الجن حديثهم عن الجزاء. جزاء المؤمنين وجزاء يعني المتمردين المجرمين لكن هذا لعله يأتي معنا في المجلس القادم نسأل الله تعالى ان يغفر لنا ويرحمنا نسأله تعالى ان يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور - 00:14:31ضَ

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين - 00:14:51ضَ