السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين واصحابه الغر الميامين وازواجه امهات المؤمنين وصلى علينا يا رب معهم بمنك وكرمك ورحمتك - 00:00:00
وانت ارحم الراحمين وبعد فنحن الليلة بحول الله على موعد مع اللقاء الرابع والستين بعد المائتين من لقاءات التفسير وهو اللقاء التاسع عشر من لقاءات تفسير سورة ال عمران وبعد هذا النداء العام - 00:00:22
الذي ذكرناه في اللقاء الماضي لاهل الكتاب بافراد الله جل وعلا وحده بالعبادة يوجه الحق تبارك وتعالى النداء الثاني لاهل الكتاب ينهاهم فيه عن الجدال بالباطل في شأن ابراهيم عليه السلام - 00:00:43
يقول سبحانه يا اهل الكتاب لما تحاجون في ابراهيم وما انزلت التوراة والانجيل الا من بعده. افلا تعقلون رقم خمسة وستين قال ابن عباس رضي الله عنهما اجتمعت نصارى نجران - 00:01:06
واحبار يهود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تتنازع عنده وقالت الاحبار ما كان ابراهيم الا يهوديا وقالت النصارى ما كان ابراهيم الا نصرانيا فانزل الله جل وعلا فيهم هذه الاية - 00:01:25
يا اهل الكتاب لم تحاجون في ابراهيم اي لا يسوغ ولا يعقل ان تجادلوا في دين ابراهيم وشريعته وان يدعي كل فريق منكم انه كان على دينه. مع ان التوراة المنزلة على موسى - 00:01:48
على نبينا عليه الصلاة والسلام والانجيل المنزل على عيسى على نبينا عليه الصلاة والسلام. ما نزل الا من بعد ابراهيم بازمنة متطاولة فكيف يكون ابراهيم يهوديا يدين بالتوراة التي لم تنزل الا من بعده - 00:02:06
وكيف يكون نصرانيا يدين بالنصرانية وبالانجيل مع انه لم ينزل الا من بعده بسنوات طويلة هذه محجة ظاهرها البطلان والفساد بل ومخالفة المعقول والبرهان العقلي يرد هذه الدعوة لذا ختم الله جل وعلا الاية بقوله افلا تعقلون - 00:02:27
ان كنتم جادلتم فيما لكم به علم بما وجدتموه في كتبكم في شأن موسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام فكيف تبيحون لانفسكم ان تجادلوا في امر ليس لكم به علم ووجد لكم في ابراهيم وشريعته - 00:02:55
ويقول جل جلاله ها انتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم كلمة تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وانتم لا تعلمون الاية رقم ستة وستين ها انتم ها - 00:03:18
للتنبيه وانتم مبتدأ وهؤلاء خبر مبتدأ ها انتم هؤلاء حاججتم جملة مستأنفة مبينة للجملة الاولى بمعنى انتم هؤلاء الاشخاص جادلتم فيما لكم به علم من شأن عيسى وموسى عليهما الصلاة والسلام. وربما من شأن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم - 00:03:38
وهم يعرفون او كما يعرفون ابناءهم فكيف تحاشون فيما لا علم لكم به؟ وهو ادعائكم ان ابراهيم عليه الصلاة والسلام كان يهوديا او نصرانيا لو ان شريعته كانت مخالفة لشريعة محمد - 00:04:10
صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين ثم اكد الحق تبارك وتعالى ذلك بقوله والله يعلم وانتم لا تعلمون الله جل وعلا هو المحيط بكل شيء يعلم شأن ابراهيم وموسى وعيسى ومحمد - 00:04:29
صلوات الله عليهم اجمعين وانتم لا تعلمون بل يبين الحق جل جلاله حال ابراهيم وبراءته من كل دين نخالف دين الاسلام ويقول سبحانه ما كان ابراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما - 00:04:47
وما كان من المشركين يا لها من شهادة انها شهادة رب العالمين لابراهيم والحنيف هو المائل عن الشرك الى التوحيد والمائل عن الباطل الى الحق والمائل عن الضلال الى الهدى - 00:05:08
ابراهيم عليه الصلاة والسلام امام التوحيد والحق والهدى الذي جمع بين البراءة من الشرك براءة كاملة وبين تحقيق الاسلام تحقيقا كاملا ولذا قال ربنا جل وعلا في حقه ولكن كان حنيفا مسلما. وما كان من المشركين - 00:05:31
نعم كان مسلما لله ظاهرا وباطنا كان منقادا لله جل وعلا بقلبه ولسانه وجميع جوارحه مخلصا لله مطهرا من كل سورة من صور الشرك الجلي والخفي وبعد ان نفى سبحانه وتعالى - 00:05:52
عن ابراهيم عليه الصلاة والسلام كل زيغ وباطل وافتراء يبين الحق جل جلاله ان اولى الناس بابراهيم هم من اتبعوه في اصل الدين الذي جاء به من عند الله وهو التوحيد الخالص - 00:06:15
وقال سبحانه ان اولى الناس بابراهيم للذين اتبعوه. وهذا النبي والذين امنوا والله ولي المؤمنين اي اولى الناس واقربهم الى ابراهيم واخصهم واحقهم بالانتساب اليه ثلاثة اصناف الاول هم الذين اتبعوا ابراهيم في حياته وامنوا بما جاء به من عند الله جل وعلا من التوحيد الخالص - 00:06:32
الصنف الثاني هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم الداعي الى التوحيد الخالص الذي دعا اليه امام الموحدين وقدوة سيد المرسلين خليل الله ابراهيم وهذه الجملة الكريمة وهذا النبي من باب عطف الخاص على العام لمزيد الانتباه اليه والاهتمام به وبيان شرف ومقداره - 00:07:10
اما الصنف الثالث ممن هم اولى الناس بابراهيم هم الموحدون من امة سيد النبيين محمد صلى الله عليه وسلم الذين امنوا بالله وامنوا بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - 00:07:41
واتبعوه وحققوا التوحيد الذي جاء به من عند الله وامنوا بابراهيم بل وبموسى وعيسى وجميع النبيين والمرسلين لا نفرق بين احد منهم ونحن لهم مسلمون اي في اصل الايمان بهم جميعا - 00:08:02
هذا هو الصنف الثالث ممن هم اولى الناس بابراهيم ولذا ختم الله جل وعلا الاية بهذه البشارة العظيمة منه لاهل الايمان وقال سبحانه والله ولي المؤمنين والله ولي المؤمنين بشارة منه جل جلاله - 00:08:22
للمؤمنين بانه سبحانه وليهم وناصرهم وهو الذي يتولى شؤونهم ويدبر امورهم هذه الولاية الخاصة وكل من كان اكمل ايمانا وقربا من الله جل وعلا وولاية الله الخاصة له اكمل واتم - 00:08:43
قال الحسن كل مؤمن ولي ابراهيم ممن مضى ممن بقي من اهل التوحيد والايمان الولاية نعان ولاية عامة لكل الخلق وولاية خاصة لاهل التوحيد والايمان وهي ولاية المدد والنصر والنصرة - 00:09:03
والتوفيق والتسديد والرضا ثم بين الحق تبارك وتعالى ان طائفة اي جماعة من اهل الكتاب يودون بكل سبيل ان يضلوا المؤمنين عن الحق والهدى. الذي هداهم الله جل وعلا اليه - 00:09:24
تدبروا هذه الاية تدبروا القرآن فوالله ما احوج الامة الان الى القرآن قال تعالى ود طائفة من اهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون الا انفسهم وما يشعرون رقم تسعة وستين من ايات سورة ال عمران - 00:09:44
قال بعض اهل التفسير نزلت في معاذ بن جبل حذيفة ابن اليمان وعمار ابن ياسر رضي الله عنهم جميعا حين دعاهم اليهود الى دينهم فنزلت الاية تمنت جماعة من اهل الكتاب لو يضلونكم ويصدونكم عن الاسلام والحق - 00:10:05
الذي هداكم الله جل وعلا اليه وهم في الحقيقة ما يضلون الا انفسهم وهم الذين نقضوا الميثاق الذي اخذه الله جل وعلا عليهم في كتابهم في شأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم - 00:10:31
وتصديقه والاقرار بنبوته وما يشعرون اي وما يفطنون انهم لا يضلون الا انفسهم ولن يصلوا الى اضلال المؤمنين الصادقين عن الحق بل ليضلون الا انفسهم بما سولت لهم انفسهم من الاصرار على الباطل والضلال وعدم الايمان والاقرار بنبوة النبي محمد - 00:10:49
عليه الصلاة والسلام مع تمكنهم من اتباع الهدى لوضوح ادلته سطوع براهينه كما قال ربنا جل وتعالى الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم وان فريقا منهم لا يكتمون الحق - 00:11:20
وهم يعلمون وبعد هذا النداء الثاني يأتي نداء ثالث لاهل الكتاب فيقول جل وعلا يا اهل الكتاب لم تكفرون بايات الله وانتم تشهدون؟ الاية رقم سبعين لما تكفرون بما يتلى عليكم من ايات القرآن الكريم الذي نزله الله على قلب محمد صلى الله عليه وسلم. وانتم تعلمون ان - 00:11:43
انها الحق ومن اهل التفسير من قال بل المراد يا اهل الكتاب لم تكفرون بما في كتبكم المنزلة من عند الله جل وعلا بالايات الدالة على نبوة رسول محمد صلى الله عليه وسلم. وانتم تشهدون وتعرفون الحجج على صحة ذلك وعلى صدق محمد عليه الصلاة والسلام - 00:12:16
معنى جميل اخر وقال بعض اهل التفسير في قول ثالث بل المراد يا اهل الكتاب لم تكفرون بما في كتبكم من ان الدين عند الله هو الاسلام. وهو دين جميع الانبياء - 00:12:44
والمرسلين ان الدين عند الله الاسلام. وفي هذا النداء اشارة واضحة الى ان ما عندهم من علم كان يقتضي منهم ان يسارعوا الى الايمان بمحمد عليه الصلاة والسلام لا ان يكفروا بهذه البراهين الساطعة والادلة القاطعة والايات الواضحة الدالة على صدق رسول الله - 00:13:04
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ثم يأتي النداء الرابع نداءات متتالية لاهل الكتاب في قول الحق جل وعلا الاية رقم واحد وسبعين يا اهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وانتم تعلمون - 00:13:35
يا الله اي انسان يسعى في اي زمان وفي اي مكان لاخفاء الحق لا سبيل له لتحقيق ذلك الا من طريق من هذين الطريقين الاول القاء الشبهات التي اؤصل للباطل - 00:13:59
للباطل وتدل على الباطل وتزينه والطريق الثاني اخفاء وكتمان الحق سبيلان لا ثالث لهما لبس للحق بالباطل وكتمان للحق يعني ايه اللبس اللبس بفتح اللام هو الخلط ومن الفعل لبس - 00:14:24
يقال لبست عليه الامر اذا خلطت حقه بباطله واذا خلطت واضحه بمشكله ومنه قوله جل وعلا ولا لبسنا عليهم ما يلبسون ويقال في الامر لبسة بضم اللام اي اشتباه او شبهة - 00:14:52
اما الحق والامر الثابت من حق اذا ثبت ووجب وهو ما تقر به وتعترف به سائر النفوس وترضاه وتحبه بل وفطرت على ذلك النفوس السوية اما الباطل فهو ضد الحق - 00:15:18
وهو الامر الزائل الضائع يقال بطل يبطل بطلا وبطلانا اذا ذهب ضياعا وخسرا يقال ذهب ماله بطلا ضاع ما له هدرا قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى ولا تلبسوا الحق بالباطل - 00:15:42
اي لا تخلطوا الصدق بالكذب. معنى جميل اي لا تخلطوا الصدق بالكذب وقال ابو العالية اي لا تلبسوا الحق بالباطل لا تخلطوا الحق بالباطل وادوا النصيحة لعباد الله في امر محمد عليه الصلاة والسلام - 00:16:08
معنى جميل فلبس الحق بالباطل ترويج الباطل واظهاره في صورة الحق واكثر انواع الضلال الذي ادخل على الاسلام هو من قبيل لبس الحق بالباطل اما كتمان الحق ففيه تضليل وتحريف - 00:16:26
وطمس الحق الذي جاء به الاسلام للناس اجمعين وهذا شاق وعسير وصعب قد ينطلي على البعض لكن لا ينطلي على الكل وعلى الجميع وقل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا - 00:16:52
الحق ابلج والباطل لجلج اما قوله جل وعلا وانتم تعلمون فهي جملة حالية فيها دليل على ان لبسهم الحق بالباطل وعلى ان كتمانهم الحق لم يكن عن جهل هذه الخطورة - 00:17:15
بل كان عن كبر وعناد لانهم يعلمون الحق واعلمون ان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حق وان ما جاء به من عند الله جل وعلا حق قال صاحب البحر المحيط - 00:17:39
وهذه الحال وان كان ظاهرها انها قيد في النهي عن اللبس والكتم الا انها لا تدل بمفهومها على جواز اللبس والكتم حالة الجهل كلام رائع جدا وهذه الحال وان كان ظاهرها - 00:18:02
انها قيد في النهي عن اللبس والكتم الا انها لا تدل بمفهومها على جواز اللبس والكتم حالة الجهل اذ الجاهل بحال الشيء لا ادري كونه حقا او باطلا وانما فائدتها - 00:18:28
بيان ان الاقدام على الاشياء القبيحة مع العلم بها افحش من الاقدام عليها في حالة الجهل وبعد هذه النداءات القرآنية البليغة لاهل الكتاب وبعد هذه الادلة القاطعة والبراهين الساطعة والقواطع الباهرة - 00:18:51
على صحة هذا الدين وعلى صدق سيد النبيين وامام المرسلين وعلى زيغهم عن الحق وصدهم عنه يذكر الحق تبارك وتعالى بعض السبل الخبيثة وبعض الطرق المخادعة اللئيمة التي سلكها اليهود لكيد الاسلام والمسلمين - 00:19:20
لزلزلة قواعده وزعزعة الانتماء اليه في قلوب اصحابه وادخالهم في حالة من الشك والريبة وقال سبحانه تدبر الاية تدبر القرآن وقالت طائفة من اهل الكتاب امنوا بالذي انزل على الذين امنوا وجه النهار. واكفروا اخره - 00:19:46
لعلهم يرجعون قال الحسن وقتادة وغيرهم تواطأ اثنى عشر رجلا من احبار يهود خيبر وقرى عرينة وقال بعضهم لبعض ادخلوا في دين محمد اول النهار باللسان فقط دون الاعتقاد واكفروا اخر النهار - 00:20:12
اعلنوا ايمانكم بدين محمد اول النهار ثم في نفس اليوم في اخره اعلنوا كفركم بدين محمد وقولوا انا نظرنا في كتبنا وشاورنا علماءنا فوجدنا محمدا ليس بذاك وظهر لنا كذبه - 00:20:41
وظهر لنا بطلان دينه اذا فعلتم ذلك شك اصحابه في دينهم وقالوا انهم اهل الكتاب وهم اعلم به ويرجعون عن دينهم الى دينكم وفضح الله امره واطلع نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه - 00:20:59
على تدبير القوم ومكرهم ومكيدتهم وحيلتهم ثم ذكر الحق تبارك وتعالى نوعا اخر من عصبيتهم المقيتة البغيضة وقال سبحانه ولا تؤمنوا الا لمن تبع دينكم ان الهدى هدى الله ان يؤتى احد مثل ما اوتيتم او يحاجوكم عند ربكم - 00:21:28
قل ان الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم اختلف اهل التفسير هذا الكلام لمن لاي طائفة ولا تؤمنوا الا لمن تبع دينكم هل هو امر من الله جل وعلا لاهل التوحيد والايمان من امة النبي صلى الله عليه وسلم - 00:21:58
الا يؤمنوا الا لمن تبع دينهم على التوحيد والايمان والحق والهدى هذا قول وقال فريق اخر بل هذا من كلام الطائفة التي قالت امنوا بالذي انزل على الذين امنوا وجه النهار واكفروا اخره - 00:22:28
لعلهم يرجعون قال الحافظ ابن كثير اوصى بعضهم بعضا اي لا تطمئن وتظهروا سركم وما عندكم الا لمن تبع دينكم ولا تظهروا ما بايديكم وما في كتبكم الى المسلمين يؤمن به - 00:22:51
لا اله الا الله ويحتج به عليكم وقال الله تعالى قل ان الهدى هدى الله اي هو الذي يهدي قلوب المؤمنين الى اتم الايمان به سبحانه وتعالى والى اتم الايمان بما ينزله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم - 00:23:14
من الايات البينات والدلائل القاطعات والحجج الواضحات وان كتم ايها اليهود ما بايديكم من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتبكم التي نقلتموها عن الانبياء الاقدمين كان اولى وافضل - 00:23:36
ان يؤتى احد مثل ما اوتيتم او يحاجوكم به عند ربكم اي لا تظهروا ما عندكم من العلم للمسلمين تعلموه منكم ويساوكم فيه ويمتاز به عليكم لشدة الايمان به. او يحاجوكم بهذا العلم عند الله - 00:24:02
يتخذوه حجة عليكم وتقوم به عليكم الدلالة والحجة في الدنيا والاخرة وقال الله تعالى قل ان الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم الامور كلها تحت تصريفه وهو المعطي المانع - 00:24:23
يمن على من يشاء بالعلم والايمان والهدى والتوفيق ويضل من يشاء ويعمي بصره بل وبصيرته ويختم على سمعه وقلبه ويجعل على بصري غشاوة سبحانه وتعالى له الحجة البالغة والحكمة التامة الكاملة - 00:24:50
والله واسع عليم اختص برحمتي من يشاء والله ذو الفضل العظيم اختص اهل الايمان من الفضل والقدر والخير بما لا يحد بما لا يوصف وذلك بما شرف به نبيكم محمدا صلى الله عليه وسلم - 00:25:25
على سائر الانبياء وهداكم به صلى الله عليه وسلم لاحمد الشرائع هذا من الامور الواضحة التي لا تحتاج الى تأكيد الفضل والرحمة والهداية ملك لله وحده هو الذي يتفضل بهذا كله على من يشاء من عباده - 00:25:57
وهي ليست امرا مقصورا على قوم دون قوم واذا كان ربنا جل وعلا قد تفضل بالنبوة على بني اسرائيل مدة من الزمن وهو وحده القادر على ان يجعلها في العرب - 00:26:25
وان يختار لها افضل رسله كما قال ربنا جل وعلا الله اعلم حيث يجعل رسالته وجل جلاله واسع عليم واسع الرحمة واسع الفضل عليم بمن يستحق ذلك وبمن لا يستحقه - 00:26:42
والله ذو الفضل العظيم والجود العميم والكرم الوافر يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم لا يصفه الواصفون ولا يعرف قدره ورحمته العارفون بل لقد وصل فضله واحسانه الى ما وصل اليه علمه - 00:27:06
قال تعالى ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما وبعد ان بين الحق تبارك وتعالى حالة اهل الكتاب في الدين وكتمهم للحق يخبر عن حالهم في التعامل بالاموال من وفاء وخيانة - 00:27:31
فيقول سبحانه في اية فيها من العدل والانصاف ما فيها فيها من الدلائل ما يؤكد ان هذا القرآن انما هو من عند الله وان المبلغ انما هو الصادق رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى - 00:27:59
قمة العدل قمة الانصاف يقول سبحانه ومن اهل الكتاب من ان تأمنه بقنطار يؤده اليك ومنهم من ان تأمنه بدينار لا يؤده اليك الا ما دمت عليه قائما ذلك بانه قالوا ليس علينا في الاميين سبيل - 00:28:22
ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون. الاية رقم خمسة وسبعين ابن عباس رضي الله عنهما يذكر في سبب نزول الاية ان رجلا اودع عند عبد الله ابن سلام وهو حبر اليهود الاعظم - 00:28:45
الذي اسلم اودع رجل عند عبدالله بن سلام الفا ومئتي اوقية من ذهب فلما ذهب الرجل ليطلبها اداها اليه فورا واودع رجل اخر عند فنحاص بن عازوراء وهو يهودي ايضا - 00:29:00
اودع رجل عنده دينارا فلما ذهب ليطلبه انكره عليه وخانه فيه فنزلت الاية ومن اهل الكتاب من ان تأمنه بقنطار يؤده اليك ومنهم من ان تأمنه بدينار لا يؤده اليك الا ما دمت عليه قائما - 00:29:22
والمراد ان من اهل الكتاب فريقا ان تأتمنه على الكثير والغالي والنفيس من الاموال يؤده اليك عند طلبه كامل غير منقوص العدل ومنهم من ان تأت منه على القليل والرديء والحقير من المال - 00:29:44
يستحلوا ولا يؤديه اليك الا بالمداومة والالحاح في طلبه وما حملهم على جحود الحق وخيانة الامانة. الا انهم قالوا ليس علينا في الاميين سبيل. اي ليس علينا في ديننا حرج في اكل اموال الاميين وهم العرب - 00:30:03
ان الله تعالى قد احلها لهم هكذا يزعمون ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون اخرجوا اخرج ابن جرير عن ابن جريج قال بايع اليهود رجالا من المسلمين في الجاهلية فلما اسلموا - 00:30:23
فقاضوهم عن بيوعهم فقالوا ليس علينا امانة ولا قضاء ولا قضاء لكم عندنا ليس علينا امانة ولا قضاء لكم عندنا. لانكم تركتم دينكم الذي كنتم عليه وادعوا انهم وجدوا ذلك في كتابهم - 00:30:44
فرد الله عز وجل عليه مكذبا لهم بقوله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون اي يعلمون انهم كاذبون ويعلمون ان الخيانة في دينهم وكتابهم محرمة ويعلمون ان الكذب من اعظم القبائح ولا يجترئ على الكذب رجل - 00:31:04
فضلا عن رجل عاقل فضلا عن عالم فضلا عن النبي فكيف ان كان الكذب على الرب العلي جل جلاله ذاته قال سبحانه بلى من اوفى بعهده واتقى فان الله يحب المتقين. بلى. جواب - 00:31:21
لقولهم السابق ليس علينا في الاميين سبيل وايجاب لما نفوه والمعنى بلى عليهم في الاميين سبيل ان الله جل وعلا يبغض الخائن ويبغض الكاذب ويحب اهل التقوى واهل الوفاء بالعهود - 00:31:39
وقال سبحانه ومن اوفى بعهده اي في امور الدين والدنيا واتقى ان الله يحب المتقين فمن اوفى بعهده الذي عاهدكم الله عليه واتقى محارم الله وجعل بينهم وبين سخط الله وغضبه وعذابه وقاية. بامتثال اوامره واجتناب نواهيه واتباع طاعته والتزام شريعته - 00:31:58
هو اهل لان يحبه الله. فان الله يحب المتقين ثم توعد الله جل جلاله اولئك الذين يخونون العهود ويحلفون كذبا ويحرفون الكلمة عن مواضعه بهذا الوعيد الشديد وقال سبحانه ان الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا اولئك لا خلاق لهم في الاخرة. ولا - 00:32:23
يكلمهم الله ولا ينظر اليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم. الاية رقم سبعة وسبعين نتوقف عند هذه الاية العظيمة لنكمل اللقاء المقبل ان قدر الله البقاء واللقاء وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد - 00:32:57
وعلى اله واصحابه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته خير المجالس مجلس يبين حكمة الرحمن يسمو بارواح العباد الى العلا. ويفسر القرآن بالقلم يا طالب التفسير هذا الكوثر فانهل لترويض - 00:33:23
هدي الكتاب مع الحبيب المصطفى نور على - 00:33:59
التفريغ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين واصحابه الغر الميامين وازواجه امهات المؤمنين وصلى علينا يا رب معهم بمنك وكرمك ورحمتك - 00:00:00
وانت ارحم الراحمين وبعد فنحن الليلة بحول الله على موعد مع اللقاء الرابع والستين بعد المائتين من لقاءات التفسير وهو اللقاء التاسع عشر من لقاءات تفسير سورة ال عمران وبعد هذا النداء العام - 00:00:22
الذي ذكرناه في اللقاء الماضي لاهل الكتاب بافراد الله جل وعلا وحده بالعبادة يوجه الحق تبارك وتعالى النداء الثاني لاهل الكتاب ينهاهم فيه عن الجدال بالباطل في شأن ابراهيم عليه السلام - 00:00:43
يقول سبحانه يا اهل الكتاب لما تحاجون في ابراهيم وما انزلت التوراة والانجيل الا من بعده. افلا تعقلون رقم خمسة وستين قال ابن عباس رضي الله عنهما اجتمعت نصارى نجران - 00:01:06
واحبار يهود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تتنازع عنده وقالت الاحبار ما كان ابراهيم الا يهوديا وقالت النصارى ما كان ابراهيم الا نصرانيا فانزل الله جل وعلا فيهم هذه الاية - 00:01:25
يا اهل الكتاب لم تحاجون في ابراهيم اي لا يسوغ ولا يعقل ان تجادلوا في دين ابراهيم وشريعته وان يدعي كل فريق منكم انه كان على دينه. مع ان التوراة المنزلة على موسى - 00:01:48
على نبينا عليه الصلاة والسلام والانجيل المنزل على عيسى على نبينا عليه الصلاة والسلام. ما نزل الا من بعد ابراهيم بازمنة متطاولة فكيف يكون ابراهيم يهوديا يدين بالتوراة التي لم تنزل الا من بعده - 00:02:06
وكيف يكون نصرانيا يدين بالنصرانية وبالانجيل مع انه لم ينزل الا من بعده بسنوات طويلة هذه محجة ظاهرها البطلان والفساد بل ومخالفة المعقول والبرهان العقلي يرد هذه الدعوة لذا ختم الله جل وعلا الاية بقوله افلا تعقلون - 00:02:27
ان كنتم جادلتم فيما لكم به علم بما وجدتموه في كتبكم في شأن موسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام فكيف تبيحون لانفسكم ان تجادلوا في امر ليس لكم به علم ووجد لكم في ابراهيم وشريعته - 00:02:55
ويقول جل جلاله ها انتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم كلمة تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وانتم لا تعلمون الاية رقم ستة وستين ها انتم ها - 00:03:18
للتنبيه وانتم مبتدأ وهؤلاء خبر مبتدأ ها انتم هؤلاء حاججتم جملة مستأنفة مبينة للجملة الاولى بمعنى انتم هؤلاء الاشخاص جادلتم فيما لكم به علم من شأن عيسى وموسى عليهما الصلاة والسلام. وربما من شأن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم - 00:03:38
وهم يعرفون او كما يعرفون ابناءهم فكيف تحاشون فيما لا علم لكم به؟ وهو ادعائكم ان ابراهيم عليه الصلاة والسلام كان يهوديا او نصرانيا لو ان شريعته كانت مخالفة لشريعة محمد - 00:04:10
صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين ثم اكد الحق تبارك وتعالى ذلك بقوله والله يعلم وانتم لا تعلمون الله جل وعلا هو المحيط بكل شيء يعلم شأن ابراهيم وموسى وعيسى ومحمد - 00:04:29
صلوات الله عليهم اجمعين وانتم لا تعلمون بل يبين الحق جل جلاله حال ابراهيم وبراءته من كل دين نخالف دين الاسلام ويقول سبحانه ما كان ابراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما - 00:04:47
وما كان من المشركين يا لها من شهادة انها شهادة رب العالمين لابراهيم والحنيف هو المائل عن الشرك الى التوحيد والمائل عن الباطل الى الحق والمائل عن الضلال الى الهدى - 00:05:08
ابراهيم عليه الصلاة والسلام امام التوحيد والحق والهدى الذي جمع بين البراءة من الشرك براءة كاملة وبين تحقيق الاسلام تحقيقا كاملا ولذا قال ربنا جل وعلا في حقه ولكن كان حنيفا مسلما. وما كان من المشركين - 00:05:31
نعم كان مسلما لله ظاهرا وباطنا كان منقادا لله جل وعلا بقلبه ولسانه وجميع جوارحه مخلصا لله مطهرا من كل سورة من صور الشرك الجلي والخفي وبعد ان نفى سبحانه وتعالى - 00:05:52
عن ابراهيم عليه الصلاة والسلام كل زيغ وباطل وافتراء يبين الحق جل جلاله ان اولى الناس بابراهيم هم من اتبعوه في اصل الدين الذي جاء به من عند الله وهو التوحيد الخالص - 00:06:15
وقال سبحانه ان اولى الناس بابراهيم للذين اتبعوه. وهذا النبي والذين امنوا والله ولي المؤمنين اي اولى الناس واقربهم الى ابراهيم واخصهم واحقهم بالانتساب اليه ثلاثة اصناف الاول هم الذين اتبعوا ابراهيم في حياته وامنوا بما جاء به من عند الله جل وعلا من التوحيد الخالص - 00:06:32
الصنف الثاني هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم الداعي الى التوحيد الخالص الذي دعا اليه امام الموحدين وقدوة سيد المرسلين خليل الله ابراهيم وهذه الجملة الكريمة وهذا النبي من باب عطف الخاص على العام لمزيد الانتباه اليه والاهتمام به وبيان شرف ومقداره - 00:07:10
اما الصنف الثالث ممن هم اولى الناس بابراهيم هم الموحدون من امة سيد النبيين محمد صلى الله عليه وسلم الذين امنوا بالله وامنوا بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - 00:07:41
واتبعوه وحققوا التوحيد الذي جاء به من عند الله وامنوا بابراهيم بل وبموسى وعيسى وجميع النبيين والمرسلين لا نفرق بين احد منهم ونحن لهم مسلمون اي في اصل الايمان بهم جميعا - 00:08:02
هذا هو الصنف الثالث ممن هم اولى الناس بابراهيم ولذا ختم الله جل وعلا الاية بهذه البشارة العظيمة منه لاهل الايمان وقال سبحانه والله ولي المؤمنين والله ولي المؤمنين بشارة منه جل جلاله - 00:08:22
للمؤمنين بانه سبحانه وليهم وناصرهم وهو الذي يتولى شؤونهم ويدبر امورهم هذه الولاية الخاصة وكل من كان اكمل ايمانا وقربا من الله جل وعلا وولاية الله الخاصة له اكمل واتم - 00:08:43
قال الحسن كل مؤمن ولي ابراهيم ممن مضى ممن بقي من اهل التوحيد والايمان الولاية نعان ولاية عامة لكل الخلق وولاية خاصة لاهل التوحيد والايمان وهي ولاية المدد والنصر والنصرة - 00:09:03
والتوفيق والتسديد والرضا ثم بين الحق تبارك وتعالى ان طائفة اي جماعة من اهل الكتاب يودون بكل سبيل ان يضلوا المؤمنين عن الحق والهدى. الذي هداهم الله جل وعلا اليه - 00:09:24
تدبروا هذه الاية تدبروا القرآن فوالله ما احوج الامة الان الى القرآن قال تعالى ود طائفة من اهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون الا انفسهم وما يشعرون رقم تسعة وستين من ايات سورة ال عمران - 00:09:44
قال بعض اهل التفسير نزلت في معاذ بن جبل حذيفة ابن اليمان وعمار ابن ياسر رضي الله عنهم جميعا حين دعاهم اليهود الى دينهم فنزلت الاية تمنت جماعة من اهل الكتاب لو يضلونكم ويصدونكم عن الاسلام والحق - 00:10:05
الذي هداكم الله جل وعلا اليه وهم في الحقيقة ما يضلون الا انفسهم وهم الذين نقضوا الميثاق الذي اخذه الله جل وعلا عليهم في كتابهم في شأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم - 00:10:31
وتصديقه والاقرار بنبوته وما يشعرون اي وما يفطنون انهم لا يضلون الا انفسهم ولن يصلوا الى اضلال المؤمنين الصادقين عن الحق بل ليضلون الا انفسهم بما سولت لهم انفسهم من الاصرار على الباطل والضلال وعدم الايمان والاقرار بنبوة النبي محمد - 00:10:49
عليه الصلاة والسلام مع تمكنهم من اتباع الهدى لوضوح ادلته سطوع براهينه كما قال ربنا جل وتعالى الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم وان فريقا منهم لا يكتمون الحق - 00:11:20
وهم يعلمون وبعد هذا النداء الثاني يأتي نداء ثالث لاهل الكتاب فيقول جل وعلا يا اهل الكتاب لم تكفرون بايات الله وانتم تشهدون؟ الاية رقم سبعين لما تكفرون بما يتلى عليكم من ايات القرآن الكريم الذي نزله الله على قلب محمد صلى الله عليه وسلم. وانتم تعلمون ان - 00:11:43
انها الحق ومن اهل التفسير من قال بل المراد يا اهل الكتاب لم تكفرون بما في كتبكم المنزلة من عند الله جل وعلا بالايات الدالة على نبوة رسول محمد صلى الله عليه وسلم. وانتم تشهدون وتعرفون الحجج على صحة ذلك وعلى صدق محمد عليه الصلاة والسلام - 00:12:16
معنى جميل اخر وقال بعض اهل التفسير في قول ثالث بل المراد يا اهل الكتاب لم تكفرون بما في كتبكم من ان الدين عند الله هو الاسلام. وهو دين جميع الانبياء - 00:12:44
والمرسلين ان الدين عند الله الاسلام. وفي هذا النداء اشارة واضحة الى ان ما عندهم من علم كان يقتضي منهم ان يسارعوا الى الايمان بمحمد عليه الصلاة والسلام لا ان يكفروا بهذه البراهين الساطعة والادلة القاطعة والايات الواضحة الدالة على صدق رسول الله - 00:13:04
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ثم يأتي النداء الرابع نداءات متتالية لاهل الكتاب في قول الحق جل وعلا الاية رقم واحد وسبعين يا اهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وانتم تعلمون - 00:13:35
يا الله اي انسان يسعى في اي زمان وفي اي مكان لاخفاء الحق لا سبيل له لتحقيق ذلك الا من طريق من هذين الطريقين الاول القاء الشبهات التي اؤصل للباطل - 00:13:59
للباطل وتدل على الباطل وتزينه والطريق الثاني اخفاء وكتمان الحق سبيلان لا ثالث لهما لبس للحق بالباطل وكتمان للحق يعني ايه اللبس اللبس بفتح اللام هو الخلط ومن الفعل لبس - 00:14:24
يقال لبست عليه الامر اذا خلطت حقه بباطله واذا خلطت واضحه بمشكله ومنه قوله جل وعلا ولا لبسنا عليهم ما يلبسون ويقال في الامر لبسة بضم اللام اي اشتباه او شبهة - 00:14:52
اما الحق والامر الثابت من حق اذا ثبت ووجب وهو ما تقر به وتعترف به سائر النفوس وترضاه وتحبه بل وفطرت على ذلك النفوس السوية اما الباطل فهو ضد الحق - 00:15:18
وهو الامر الزائل الضائع يقال بطل يبطل بطلا وبطلانا اذا ذهب ضياعا وخسرا يقال ذهب ماله بطلا ضاع ما له هدرا قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى ولا تلبسوا الحق بالباطل - 00:15:42
اي لا تخلطوا الصدق بالكذب. معنى جميل اي لا تخلطوا الصدق بالكذب وقال ابو العالية اي لا تلبسوا الحق بالباطل لا تخلطوا الحق بالباطل وادوا النصيحة لعباد الله في امر محمد عليه الصلاة والسلام - 00:16:08
معنى جميل فلبس الحق بالباطل ترويج الباطل واظهاره في صورة الحق واكثر انواع الضلال الذي ادخل على الاسلام هو من قبيل لبس الحق بالباطل اما كتمان الحق ففيه تضليل وتحريف - 00:16:26
وطمس الحق الذي جاء به الاسلام للناس اجمعين وهذا شاق وعسير وصعب قد ينطلي على البعض لكن لا ينطلي على الكل وعلى الجميع وقل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا - 00:16:52
الحق ابلج والباطل لجلج اما قوله جل وعلا وانتم تعلمون فهي جملة حالية فيها دليل على ان لبسهم الحق بالباطل وعلى ان كتمانهم الحق لم يكن عن جهل هذه الخطورة - 00:17:15
بل كان عن كبر وعناد لانهم يعلمون الحق واعلمون ان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حق وان ما جاء به من عند الله جل وعلا حق قال صاحب البحر المحيط - 00:17:39
وهذه الحال وان كان ظاهرها انها قيد في النهي عن اللبس والكتم الا انها لا تدل بمفهومها على جواز اللبس والكتم حالة الجهل كلام رائع جدا وهذه الحال وان كان ظاهرها - 00:18:02
انها قيد في النهي عن اللبس والكتم الا انها لا تدل بمفهومها على جواز اللبس والكتم حالة الجهل اذ الجاهل بحال الشيء لا ادري كونه حقا او باطلا وانما فائدتها - 00:18:28
بيان ان الاقدام على الاشياء القبيحة مع العلم بها افحش من الاقدام عليها في حالة الجهل وبعد هذه النداءات القرآنية البليغة لاهل الكتاب وبعد هذه الادلة القاطعة والبراهين الساطعة والقواطع الباهرة - 00:18:51
على صحة هذا الدين وعلى صدق سيد النبيين وامام المرسلين وعلى زيغهم عن الحق وصدهم عنه يذكر الحق تبارك وتعالى بعض السبل الخبيثة وبعض الطرق المخادعة اللئيمة التي سلكها اليهود لكيد الاسلام والمسلمين - 00:19:20
لزلزلة قواعده وزعزعة الانتماء اليه في قلوب اصحابه وادخالهم في حالة من الشك والريبة وقال سبحانه تدبر الاية تدبر القرآن وقالت طائفة من اهل الكتاب امنوا بالذي انزل على الذين امنوا وجه النهار. واكفروا اخره - 00:19:46
لعلهم يرجعون قال الحسن وقتادة وغيرهم تواطأ اثنى عشر رجلا من احبار يهود خيبر وقرى عرينة وقال بعضهم لبعض ادخلوا في دين محمد اول النهار باللسان فقط دون الاعتقاد واكفروا اخر النهار - 00:20:12
اعلنوا ايمانكم بدين محمد اول النهار ثم في نفس اليوم في اخره اعلنوا كفركم بدين محمد وقولوا انا نظرنا في كتبنا وشاورنا علماءنا فوجدنا محمدا ليس بذاك وظهر لنا كذبه - 00:20:41
وظهر لنا بطلان دينه اذا فعلتم ذلك شك اصحابه في دينهم وقالوا انهم اهل الكتاب وهم اعلم به ويرجعون عن دينهم الى دينكم وفضح الله امره واطلع نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه - 00:20:59
على تدبير القوم ومكرهم ومكيدتهم وحيلتهم ثم ذكر الحق تبارك وتعالى نوعا اخر من عصبيتهم المقيتة البغيضة وقال سبحانه ولا تؤمنوا الا لمن تبع دينكم ان الهدى هدى الله ان يؤتى احد مثل ما اوتيتم او يحاجوكم عند ربكم - 00:21:28
قل ان الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم اختلف اهل التفسير هذا الكلام لمن لاي طائفة ولا تؤمنوا الا لمن تبع دينكم هل هو امر من الله جل وعلا لاهل التوحيد والايمان من امة النبي صلى الله عليه وسلم - 00:21:58
الا يؤمنوا الا لمن تبع دينهم على التوحيد والايمان والحق والهدى هذا قول وقال فريق اخر بل هذا من كلام الطائفة التي قالت امنوا بالذي انزل على الذين امنوا وجه النهار واكفروا اخره - 00:22:28
لعلهم يرجعون قال الحافظ ابن كثير اوصى بعضهم بعضا اي لا تطمئن وتظهروا سركم وما عندكم الا لمن تبع دينكم ولا تظهروا ما بايديكم وما في كتبكم الى المسلمين يؤمن به - 00:22:51
لا اله الا الله ويحتج به عليكم وقال الله تعالى قل ان الهدى هدى الله اي هو الذي يهدي قلوب المؤمنين الى اتم الايمان به سبحانه وتعالى والى اتم الايمان بما ينزله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم - 00:23:14
من الايات البينات والدلائل القاطعات والحجج الواضحات وان كتم ايها اليهود ما بايديكم من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتبكم التي نقلتموها عن الانبياء الاقدمين كان اولى وافضل - 00:23:36
ان يؤتى احد مثل ما اوتيتم او يحاجوكم به عند ربكم اي لا تظهروا ما عندكم من العلم للمسلمين تعلموه منكم ويساوكم فيه ويمتاز به عليكم لشدة الايمان به. او يحاجوكم بهذا العلم عند الله - 00:24:02
يتخذوه حجة عليكم وتقوم به عليكم الدلالة والحجة في الدنيا والاخرة وقال الله تعالى قل ان الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم الامور كلها تحت تصريفه وهو المعطي المانع - 00:24:23
يمن على من يشاء بالعلم والايمان والهدى والتوفيق ويضل من يشاء ويعمي بصره بل وبصيرته ويختم على سمعه وقلبه ويجعل على بصري غشاوة سبحانه وتعالى له الحجة البالغة والحكمة التامة الكاملة - 00:24:50
والله واسع عليم اختص برحمتي من يشاء والله ذو الفضل العظيم اختص اهل الايمان من الفضل والقدر والخير بما لا يحد بما لا يوصف وذلك بما شرف به نبيكم محمدا صلى الله عليه وسلم - 00:25:25
على سائر الانبياء وهداكم به صلى الله عليه وسلم لاحمد الشرائع هذا من الامور الواضحة التي لا تحتاج الى تأكيد الفضل والرحمة والهداية ملك لله وحده هو الذي يتفضل بهذا كله على من يشاء من عباده - 00:25:57
وهي ليست امرا مقصورا على قوم دون قوم واذا كان ربنا جل وعلا قد تفضل بالنبوة على بني اسرائيل مدة من الزمن وهو وحده القادر على ان يجعلها في العرب - 00:26:25
وان يختار لها افضل رسله كما قال ربنا جل وعلا الله اعلم حيث يجعل رسالته وجل جلاله واسع عليم واسع الرحمة واسع الفضل عليم بمن يستحق ذلك وبمن لا يستحقه - 00:26:42
والله ذو الفضل العظيم والجود العميم والكرم الوافر يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم لا يصفه الواصفون ولا يعرف قدره ورحمته العارفون بل لقد وصل فضله واحسانه الى ما وصل اليه علمه - 00:27:06
قال تعالى ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما وبعد ان بين الحق تبارك وتعالى حالة اهل الكتاب في الدين وكتمهم للحق يخبر عن حالهم في التعامل بالاموال من وفاء وخيانة - 00:27:31
فيقول سبحانه في اية فيها من العدل والانصاف ما فيها فيها من الدلائل ما يؤكد ان هذا القرآن انما هو من عند الله وان المبلغ انما هو الصادق رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى - 00:27:59
قمة العدل قمة الانصاف يقول سبحانه ومن اهل الكتاب من ان تأمنه بقنطار يؤده اليك ومنهم من ان تأمنه بدينار لا يؤده اليك الا ما دمت عليه قائما ذلك بانه قالوا ليس علينا في الاميين سبيل - 00:28:22
ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون. الاية رقم خمسة وسبعين ابن عباس رضي الله عنهما يذكر في سبب نزول الاية ان رجلا اودع عند عبد الله ابن سلام وهو حبر اليهود الاعظم - 00:28:45
الذي اسلم اودع رجل عند عبدالله بن سلام الفا ومئتي اوقية من ذهب فلما ذهب الرجل ليطلبها اداها اليه فورا واودع رجل اخر عند فنحاص بن عازوراء وهو يهودي ايضا - 00:29:00
اودع رجل عنده دينارا فلما ذهب ليطلبه انكره عليه وخانه فيه فنزلت الاية ومن اهل الكتاب من ان تأمنه بقنطار يؤده اليك ومنهم من ان تأمنه بدينار لا يؤده اليك الا ما دمت عليه قائما - 00:29:22
والمراد ان من اهل الكتاب فريقا ان تأتمنه على الكثير والغالي والنفيس من الاموال يؤده اليك عند طلبه كامل غير منقوص العدل ومنهم من ان تأت منه على القليل والرديء والحقير من المال - 00:29:44
يستحلوا ولا يؤديه اليك الا بالمداومة والالحاح في طلبه وما حملهم على جحود الحق وخيانة الامانة. الا انهم قالوا ليس علينا في الاميين سبيل. اي ليس علينا في ديننا حرج في اكل اموال الاميين وهم العرب - 00:30:03
ان الله تعالى قد احلها لهم هكذا يزعمون ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون اخرجوا اخرج ابن جرير عن ابن جريج قال بايع اليهود رجالا من المسلمين في الجاهلية فلما اسلموا - 00:30:23
فقاضوهم عن بيوعهم فقالوا ليس علينا امانة ولا قضاء ولا قضاء لكم عندنا ليس علينا امانة ولا قضاء لكم عندنا. لانكم تركتم دينكم الذي كنتم عليه وادعوا انهم وجدوا ذلك في كتابهم - 00:30:44
فرد الله عز وجل عليه مكذبا لهم بقوله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون اي يعلمون انهم كاذبون ويعلمون ان الخيانة في دينهم وكتابهم محرمة ويعلمون ان الكذب من اعظم القبائح ولا يجترئ على الكذب رجل - 00:31:04
فضلا عن رجل عاقل فضلا عن عالم فضلا عن النبي فكيف ان كان الكذب على الرب العلي جل جلاله ذاته قال سبحانه بلى من اوفى بعهده واتقى فان الله يحب المتقين. بلى. جواب - 00:31:21
لقولهم السابق ليس علينا في الاميين سبيل وايجاب لما نفوه والمعنى بلى عليهم في الاميين سبيل ان الله جل وعلا يبغض الخائن ويبغض الكاذب ويحب اهل التقوى واهل الوفاء بالعهود - 00:31:39
وقال سبحانه ومن اوفى بعهده اي في امور الدين والدنيا واتقى ان الله يحب المتقين فمن اوفى بعهده الذي عاهدكم الله عليه واتقى محارم الله وجعل بينهم وبين سخط الله وغضبه وعذابه وقاية. بامتثال اوامره واجتناب نواهيه واتباع طاعته والتزام شريعته - 00:31:58
هو اهل لان يحبه الله. فان الله يحب المتقين ثم توعد الله جل جلاله اولئك الذين يخونون العهود ويحلفون كذبا ويحرفون الكلمة عن مواضعه بهذا الوعيد الشديد وقال سبحانه ان الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا اولئك لا خلاق لهم في الاخرة. ولا - 00:32:23
يكلمهم الله ولا ينظر اليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم. الاية رقم سبعة وسبعين نتوقف عند هذه الاية العظيمة لنكمل اللقاء المقبل ان قدر الله البقاء واللقاء وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد - 00:32:57
وعلى اله واصحابه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته خير المجالس مجلس يبين حكمة الرحمن يسمو بارواح العباد الى العلا. ويفسر القرآن بالقلم يا طالب التفسير هذا الكوثر فانهل لترويض - 00:33:23
هدي الكتاب مع الحبيب المصطفى نور على - 00:33:59